عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 23 الأحد نوفمبر 11, 2012 2:31 pm | |
| أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) قال ابنُ عبّاسٍ: هذه الآيةُ نَزَلت بسببِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه و سلَّم دَخَلَ بيتَ المِدراسِ على جَماعة مِن يهودٍ فدعاهم إلى اللهِ فقال له نعيمُ بنُ عَمْرٍو والحارثُ بنُ زيدٍ: على أي دينٍ أنتَ يا محمَّدُ فقال النبي صلى الله عليه و سلم إنِّي على مِلَّةِ إبراهيمَ فقالا: فإنَّ إبراهيمَ كان يَهودِيًّا فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهَلِمُّوا إلى التوراةِ فهي بينَنا وبينَكم فأَبيا عليه فنَزَلت الآيةُ، وذَكَرَ النَّقاشُ أنَّها نَزَلتْ لأنَّ جماعةً من اليهودِ أنْكروا نبوَّةَ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. فقال لهم: ((هَلِمُّوا إلى التوراةِ ففيها صِفَتي فأبوا)) وقرأ الجمهور لِيَحكُم وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ليُحكم بضم الياء والقراءة الأولى أحسن لقوله تعالى: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق} وفي هذه الآية دليلٌ على وُجوبِ ارتفاعِ المَدعُو إلى الحاكم لأنَّه دُعي إلى كتابِ اللهِ فإنْ لم يفعلْ كان مُخْلِفًا يَتعيَّنُ عليه الزَّجرُ بالأَدَبِ على قدْر المُخالِف والمُخْلَفِ وهذا الحكمُ مُبيَّنٌ في التنزيل في سورةِ النور في قوله تعالى: وإذا دُعُوا إلى اللهِ ورسولِه لِيَحْكُمَ بينَهم إذا فريقٌ منهم مُعرِضون إلى قولِه: بل أُولئِكَ هُمُ الظالمون وأَسنَدَ الزُّهْريُّ عن الحَسَنِ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن دعاه خصمُه إلى حاكمٍ من حُكامِ المُسلمين فلم يُجِبْ فهو ظالمٌ ولا حقَّ له))، قال ابنُ العربي: وهذا حديثٌ باطلٌ أمّا قولُه: "فهو ظالم" فكلامٌ صحيح وأمَّا قولُه "فلا حقَّ لَه" فلا يَصح ويحتمل أنْ يُريدَ أنَّه على غير الحقِّ. وواجبٌ على كلِّ مَن دُعيَ إلى مجلسِ الحاكم أنْ يُجيب ما لم يُعلم أنَّ الحاكمَ فاسقٌ أو يُعلمْ عِداؤه مِن المدَّعي والمُدَّعى عليه. وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ شرائعَ مَن قبلَنا شريعةٌ لنا إلَّا ما علِمْنا نسخَه وأنَّه يَجب علينا الحكمُ بشرائِعِ الأنبياءِ قبلَنا على ما يأتي بيانُه وإنَّما لا نقرأ التوراة ولا نعملُ بما فيها لأنَّ مَن هي في يده غيرُ أمينٍ عليها وقد غيّرَها وبدَّلَها ولو علِمنا أنَّ شيئًا منها لم يَتغيَّرْ ولم يَتَبدَّل جاز لنا قراءتُه، ونحو ذلك روي عن عمر رضي الله عنه حيث قال لِكعْبٍ إنْ كنتَ تعلم أنَّها التوراةُ التي أَنزَلَها الله على موسى بن عمران فاقرأها وكان عليه السلام عالمًا بما لم يَغيّرْ منها لذلك دعاهمْ إليها وإلى الحكمِ بها وقد قيل: إنَّ هذه الآيةَ نَزَلَتْ في ذلك والله أعلم.قولُه تعالى: {ألم تر} أ: للاستفهام، و"لم: نافيةٌ جازمة، تَرَ: مجزوم بلم وعلامة جزمِه حذف علَّتِه، والآية حضٌّ على النظر. قوله: {نصيباً من الكتاب} نصيباً: مفعولٌ بهِ لـ "أوتوا" من: إما للتبعيضِ وإمّا للبَيان على معنى "نصيباً" هو الكتاب، أو "نصيباً" منه لأنَّ الوصولَ إلى كُنْهِ كلامِهِ تعالى مُتعذِّرٌ فإنْ جُعِلَ بياناً كان المُرادُ إنزالَ الكتابِ عليهم، وإنْ جُعِلَ تبعيضًا كان المُرادُ هِدايَتَهم إلى فهمِ ما فيه، وعلى التقديرين اللّامُ في "الكتاب" للعهد، والمراد به التوراة ـ وهو المَرْوِيُّ عن كَثيرٍ مِن السَلَفِ ـ والتنوينُ للتكثير، وجُوِّزَ أنْ يكونَ اللامُ في "الكتاب" للعهد والمُرادُ به اللَّوحُ، وأنْ يكونَ للجِنْسِ؛ وعليه ـ النصيب ـ التوراةُ، و"من" للابتداء في الأول: ويحتملها، والتبعيض في الثاني: والتنوين للتعظيم، ولك أن تجعلَه على الوجه السابق أيضاً كذلك، وجُوِّزَ على تقدير أن يراد ـ بالنصيب ـ ما حصل لهم من العلم أن يكون التنوين للتحقير، واعتُرضَ بأنَّه لا يُساعدُه مَقامُ المُبالغَةِ في تقبيح حالِهم. قولُه تعالى: {يُدْعَوْنَ} في محلِّ نصبٍ على الحالِ من {الذين أُوتوا}. وقولُه {ليحكُمَ} متعلِّقٌ بيُدْعَوْن. وقولُه: {ثم يَتَوَّلى} عطفٌ على "يُدْعَوْن" و{منهم} صفةٌ لفريق.وقولُه: {وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} يجوزُ أن تكونَ صفةً معطوفةً على الصفةِ قبلها فتكونُ الواوُ عاطفةً، وأن تكونَ في محلِّ نصبٍ على الحالِ من الضمير المستتر في "منهم" لوُقوعِهِ صفةً فتكونُ الواوُ للحالِ، ويجوزُ أَنْ تكونَ حالاً من "فريق" وجاز ذلك وإنْ كان نكرةً لتخصيصِه بالوصفِ قبلَه وإذا كانَتْ حالاً فيجوزُ أَنْ تكونَ مؤكدةً ، لأَنَّ التولَّيَ والإِعراضَ بمعنى، ويجوزُ أن تكونَ مبيِّنةً لاختلافِ متعلَّقِهما، قالوا: لأنَّ التولِّيَ عن الداعي، والإِعراضَ عَمَّا دُعِي إليه. وُيحْتمل أن تكونَ هذه الجملةُ مستأنفةً لا محلَّ لها أَخبْر عنهم بذلك.وقرأ الحسن وأبو جعفر والجحدري، "لِيُحْكَمَ" مبنيًّا للمفعول والقائمُ مقامَ الفاعلِ هو الظرفُ، أي: ليَقَعَ الحكمُ بينهم. | |
|