عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 32 الثلاثاء نوفمبر 20, 2012 5:47 am | |
| قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ
(32) {قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول} أَمَرَهم بالطاعةِ في جميعِ الأَوامِرِ والنواهي ويدخلُ في ذلك الأمرُ السابق دُخولاً أَوَليًّا، وهذا إلزام "كالأول، لكنه أعم، لأن طاعته أعمّ من اتباعه، إذ قد يكون الإنسانُ مطيعًا لِغيرِه، ثمَّ لا يكون متَّبِعًا له في أفعاله، وذكر هاهنا الرسولَ تنبيهًا أنَّ كلَّ مَن كان رَسولاً مِن جهةٍ فطاعتُه واجبةٌ، وإيثارُ الإظهار على الإضمار بطريق الالتفات لِتِعيينِ حَيْثِيَّةِ الإطاعةِ والإشعارِ بِعِلَّتِها، وفيه إشارةٌ إلى رَدِّ شُبْهَةِ المُنافِقِ كأنَّه يقول: إنَّما أَوْجَبَ اللهُ تعالى عليكم مُتابعتي لا لِما يَقولُ النَّصارى في عيسى بلْ لِكونِي رسولُ الله، ثم قال: {فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي أَعرَضوا أو تُعْرِضوا على تقدير تتولَّوا فتكونَ إحدى التاءيْن مَحذوفَةً، أي قَصَّرُوا في الطاعة بأن خالفوا ومَنْ تولّى فقد خرج عن التَحَبُّبِ إليه، ومَنْ لم يَتَحَبَّبْ إليه بطاعتِه فهو لا يُحِبُّه بإثابتِه، والكافرُ غيرُ مُتَحَبِّبٍ إليه بِتَولِّيه عنه، فمُحالٌ أنْ يُحِبَّه، فصارَ تقديرُه: إنَّكم إذا كَفَرْتُم بالإعراضِ عنه وعن رسولِه، فإنَّه لا يُحِبُّكم. وفي ذلك إبطالُ دَعواهُم، حيث قالوا: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ}، {فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ} ولم يَقُلْ العاصين، ودليلُ الخطابِ أنّه يُحِبُّ المؤمنين وإن كانوا عُصَاة. وفي تَركِ ذِكْرِ احتمالِ الإطاعةِ تلويحٌ إلى أنَّها غيرُ مُحتملةٍ منهم {فَإِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الكافرين} فلا يُقرِّبُهم ولا يرضى عنهم بل يُبعِدُهم عَن جِوارِ قُدْسِهِ وحَظائرِ عِزِّهِ وأُنْسِهِ ويَسْخَطُ عليهم يَومَ رِضاهُ عِن المؤمنين. والمراد بـ "الكافرين" مَنْ تولَّى ولمْ يُعبِّرْ بضميرهم كأن يقول "فإن تولوا فإن اللهَ لا يحبُّهم" أو "لا يحبكم" على تقدير تتولّوا، كما قال في الآية السابقة "يُحْبِبْكُم الله" للإيذان بأنّ التولّي عن الطاعة كُفر وبأنَّ محبتَه عَزَّ وَجَلَّ مخصوصةٌ بالمؤمنين لأنَّ نَفيَها عن هؤلاء الكفَّارِ المُستلْزِمَ لِنفيِها عن سائرهم لاشتراكِ العِلَّةِ يَقتضي الحَصْرَ في ضِدِّهم.قوله تعالى: {فإِن تَوَلَّوْاْ} هو أحدهما مضارعٌ والأصلُ: "تتولَّوا" فَحَذَفَ إحدى التاءين، وعلى هذا فالكلامُ جارٍ على نسقٍ واحدٍ وهو الخطاب. ويمكن أنْ يكون فعلًا ماضيًا مسندًا لِضميرِ غيب، فيجوزُ أن يكونَ من باب الالتفات، ويكونُ المرادُ بالغيب المخاطَبين في المعنى، وهو نظيرُ قولِهِ تعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم} يونس: 22 | |
|