روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3 Jb12915568671



فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3   فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3 I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 31, 2012 1:51 pm

نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا
لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ



(3)


قولُه
تعالى: {
نَزَّلَ
عَلَيْكَ الْكِتَابَ
}
الكتاب: هو القرآن الكريم، وإنْ أَكثرَ السُّورَ التي تَبتدئ بتلك الحروفِ تقترنُ
فيها الحروفُ بالتنويهِ بِذِكْرِ القرآنِ، وإعلاءِ شأنِه، ممّا جَعلَ المُفسِّرين
يَعتبرون تلك الحروفَ أسماءً للسُّوَرِ، سمَّاها القرآنُ بها، وفواصلَ مُحْكَمَةً
بيْن سورةٍ وأُخْرى مِن سُورِ القرآنِ الكريمِ، وفي التعبيرِ عنه باسْمِ الجِنْسِ
إيذانٌ بتفوِّقِهِ على بَقِيَّةِ الأَفرادِ في الانطِواءِ على كَمالاتِ الجِنس كأنَّه
هو الحقيقُ بأنْ يُطلَق عليه اسمُ الكِتابِ دونَ ما عَداهُ، كما يلوح إليه التصريحُ
باسمِ "التوراة" و"الإنجيل"، وفي الإتيان بالظَرْفِ وتقديمِه
على المَفعولِ الصَّريحِ واختيارِ ضميرِ الخِطابِ، وإيثارِ "على" على "إلى"
ما لا يَخفى مِنْ تَعظيمِهِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّم ـ والتنويهِ برِفعَةِ شأنِه ـ
عليه الصلاةُ والسلام؛. وقد عبَّرَ ـ سبحانَه وتعالى ـ عن نُزولِ القُرآنِ الكريمِ
بـ "
نَزَّلَ" للإشارة إلى أنَّ النُّزولَ كان تَدريجيًّا، ولم
يَكنْ دفعة واحدةً، إذْ إنَّ التنزيلَ يدلُّ على التَدرجِ في النُزولِ، وكذلك كان
القرآنُ الكريمُ؛ فقد نَزَلَ مُنَجَّمًا يُنَزَّلُ في الوقائعِ، أو الأسئلةِ ليكونَ
السبب الذي اقترن بنزولِه معِينًا على فهمِه وإدراكِ بعضِ مَغازيه.



وقد
ذُكِرَ تَنزيلُ القرآنِ مُقتَرِنًا بأمريْنِ مُتَّصِلًا بهما: أوَّلُهُما: أنَّه حَقٌّ
في ذاتِه، ومُبيِّنٌ للحَقِّ مُشْتَمِلٌ عليه، وداعٍ إليه، فقال الله تعالى: "
بِالْحَقِّ" أي مُصاحِبًا له مُقتَرِنًا به مُلازِمًا له، فهو
حَقٌّ لأنَّه نَزَلَ مِنْ عندِ رَبِّ العالمين، واشْتَمَلَ على الحقِّ، فكُلُّ ما
فيه مِنْ قَصَصٍ وأَخبارٍ وشَرائعَ وأحكامٍ وعقائدِ حَقٍ لَا شَكَّ فيه، وهو يَدعو
إلى الحقِّ والعدلِ، فهو الحقُّ المُلازِمُ للحَقِّ، الناصِرِ للحَقِّ.



وثاني
الأمرين: أنَّه مُصدِّقٌ لِما بيْن يديْه؛ أي الشرائعِ الإلهيَّة التي سبقتْه؛ ولِذا
قال سبحانَه: "
مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ" فهو في لُبِّه ومعناه مُبيِّنٌ لكلِّ الشرائعِ مُصدِّقٌ
لِصِدْقِها؛ وهذا يدُلُّ على أنَّ الشرائعَ الإلهيَّةَ واحدةٌ في لُبِّها ومعناها
وأُصولِها؛ ولذا قال ـ سبحانه: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ
نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ
وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ). الشورى:
13.



فالإسلامُ
هو لُبُّ الأديان وغايتُها؛ ولذا قال ـ سبحانَه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ
الإِسْلامُ}. آل عمران: 19.



قولُهُ:
{
وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ
وَالإِنجِيلَ
} هذا تصريح ببعضِ ما تَضَمَّنَتْه
الجُملَةُ السامِيَةُ السابقةُ؛ إذْ قد تَضَمَّنَتْ الجُملَةُ السابقةُ أنَّ
القرآنَ يُصدِّقُ الثابتَ النازلَ مِن عندِ اللهِ
في الشَّرائعِ
السابِقةِ، وهي تتضمَّنُ أنَّها كانت هِدايةً للناسِ؛ وهذه الجُملةُ تُصَرِّحُ بأنَّ
التوراةَ أُنزِلتْ هي والإنجيلُ مِن عندِ اللهِ هِدايةً للذين أُنزِلتْ لهم. وفي
هذه الجُمْلَةِ إشارةٌ إلى مَعنًى آخرَ، وهو أنَّ لِكلِّ أُمَّةٍ كتابًا وهِدايةً
خاصَّة، وإنْ كانت في معناها مُشتَقَّةً مِن الهُدى الإلهيِّ العامِّ، حتّى إذا
كانتْ دعوةُ مُحمَّدٍ ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت هي الهُدى العامُّ الخالِدُ إلى
يومِ القِيامَة. و"
التَّوْرَاةَ"
اسمٌ للكتابِ الذي اشْتَمل على شريعةِ موسى عليه السلام، ونَزَل عليه مِن رَبِّ
العالمين، وليست هي التوراةُ التي يَتلوها اليَهودُ اليومَ؛ لأنَّ هذه التي تُسمّى
بهذا الاسمِ الآنَ تَشمَلُ ما نَزَلَ في عهدِ موسى، وتَشمَلُ ما جاء بعدَ ذلك في
عهدِ النبيّين الذين بُعثوا في بني إسرائيلَ كَداوودَ وسليمانَ وغيرِهما، وفوقَ
ذلك فإنَّ القرآنَ الكريمَ أَشارَ في عِدَّةِ مَواضِعَ إلى أنَّ أهلَ الكتابِ نَسوا
حظًا ممّا ذُكِّروا بِه، وحَرَّفوا الكَلِمَ عَن مَواضِعِه، وغيَّروا وبدَّلوا، ثمَّ
كانت التخريباتُ التي حلَّت بِأُورشَليمَ في عهدِ بُخْتَنَصَّرَ أوَّلًا، ثمَّ في
عهدِ الرومان ثانيًا سببًا في أنَّهم نَسُوا حظًا ممّا ذُكِّروا بِه، فليْستْ
التوراةُ المَذكورةُ في القرآنِ هي التوراةُ الشائعةُ الآنَ. "
وَالإِنجِيلَ" كلمة يونانية معناها البِشارة، والإنجيلُ هو
الكتابُ الذي نَزَلَ على عيسى، وليس هو هذه الأناجيلُ التي يَقرؤها المَسيحيّون
اليومَ، فإنَّ هذه مؤلَّفاتٌ أُلِفَتْ بعدَ السيِّدِ المسيحِ عيسى عليه السلامُ؛ نُسِبتْ
إلى بعضِ الحواريّين مِنْ أصحابِه؛ ولقدْ كان للمَسيحِ عليه السلامُ إنجيلٌ غيرُ
هذِه الأناجيل، وهو الذي ذَكرَه القرآنُ الكريمُ على أنَّه هِدايةٌ للنّاسِ. ولقدْ
قرَّرَ الأحرارُ مِنَ النَّصارى ذلك؛ فقد قال "أكهارن" (مِنْ مُؤلِّفِي
تاريخِ النَّصْرانيَّةِ): "إنَّه كان في ابْتِداءِ المَسيحيَّةِ رسالةٌ مُختَصَرَةٌ
يَجوزُ أنْ يُقالَ إنَّها هي الإنْجيلُ الأصْلِيُّ، والغالبُ أنَّ هذا الإنجيلَ
كان للمُريدين الذين لم يَسمَعوا أَقوالَ المَسيحِ بآذانِهم ولم يَرَوْا أحوالَهُ
بأَعْيُنِهم، وكان هذا الإنْجيلُ بِمَنزِلَة القَلْبِ، وما كانتِ الأَحوالُ المَسيحيَّةُ
مَكتوبةً فيه على الترتيب".



وقد
ذَكَرَت ذلك الإنجيلَ الأناجيلُ المنسوبةُ لبَعضِ الحَواريّينَ وهي المَعروفةُ
الآنَ، فقد جاء في إنْجيلِ (مَتَّى) ما نصه: "وكان يَسُوعُ يَطوفُ كلَّ الجَليلِ،
يُعَلِّمُ في مَجامِعِهم، ويُكَرِّرُ بِبِشارَةِ المَلَكوتِ، ويَشْفِي كلَّ مرضٍ
وكلَّ ضَعْفٍ في الشَّعبِ" وبِشارةُ المَلكوتِ هي تَرجمةٌ دَقيقةٌ لِكَلِمَةِ
إنْجيلٍ، فإنَّ كلمةَ إنْجيلٍ يُونانيَّةٌ كما نَوَّهْنا، فقد كانت إذْنَ بِشارَةِ
أيِّ إنْجيلٍ غيرِ هذه الأَناجيلِ، وهُو المَذكورُ في القُرآنِ، وإنْ لَمْ يُعْلَمِ
الآنَ.



قولُه
تعالى: {
نَزَّلَ
عَلَيْكَ الكتابَ
}
العامَّةُ على التَّشديدِ في "
نَزَّل"
ونصبِ "
الكتاب". وقرأ الأعمشُ والنُّخَعيُّ وابنُ أَبي عَبْلَةَ:
نَزَلَ بِتخفيفِ الزايِ ورَفعِ الكتابِ، فأمَّا القراءةُ الأولى فقد تقدَّمَ أنَّ
هذه الجملةَ يُحتَمَلُ أنْ تَكونَ خَبَراً وأَنْ تَكونَ مُستأنفةً. وأمّا القراءةُ
الثانيةُ فالظاهرُ أنَّ الجُملَةَ فيها مستأنفةٌ، ويَجوزُ أن تكونَ خبراً،
والعائدُ حينئذٍ محذوفٌ، تقديرُه: نَزَل الكتابُ من عنده.



قولُه:
{
بالحقِّ} فيه وجهان، أحدُهما: أنْ تتعلَّقَ الباءُ بالفِعلِ قبلَها
والباءُ حينئذٍ للسببيّة، أي: نَزَّلَه بسبب الحق. والثاني: أنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ
على أنَّها حالٌ: إمَّا من الفاعلِ أي: نَزّله مُحِقّاً، أو من المفعولِ أي:
نَزَّله مُلْتَبساً بالحقِّ نحو: جاءَ بَكْرٌ بِثيابِه أي: مُلْتَبساً بها.



قولُه:
{
مُصَدِّقاً} فيه أَوْجُهٌ، أَحَدُهما: أَنْ يَنْتَصِبَ على الحالِ
من "
الكتاب"، فإنْ قِيلَ إنَّ "بالحقِّ" حالٌ كانَتْ هذه حالاً ثانية عند مَنْ يُجيزُ تَعدُّدَ
الحالِ، وإنْ لم يُقَلْ ذلك كانت حالاً أُولى. والثاني: أنْ يَنْتَصِبَ على الحالِ
على سبيلِ البَدَلِيَّةِ مِنْ مَحَلِّ "
بالحقِّ"
وذلك عندَ مَنْ يَمنعُ تعدُّدَ الحالِ في غيرِ عَطْفٍ ولا بَدَلِيَّةٍ. الثالث: أنْ
يَنتصِبَ على الحالِ من الضميرِ المُسْتَكِنِّ في "
بالحقِّ" إذا جَعلْناه حالاً، لأنَّه حينئذٍ يَتَحَمَّلُ
ضميرًا لِقيامِهِ مقامَ الحالِ التي تتحمَّلُه، وتكونُ حالًا متداخلةً أي: إنَّها حالٌ
مِنْ حالٍ، وعلى هذه الأقوالِ كُلِّها فهي حالٌ مُؤكِّدَةٌ، لأنَّه لا يَكونُ إلَّا
كذلك، فالانتقالُ غيرُ مُتَصَوَّرٍ فيه، وهو نظيرُ قولِ سالمٍ بنِ دارةٍ اليَربوعي:



أنا ابنُ دارةَ معروفاً بها نسبي ...............
وهَلْ بدارَةَ يا لَلْناسِ مِنْ عارِ



قولُه:
{
لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} مفعولٌ لِـ "مُصَدِّقًا"
وزِيدت اللامُ في المفعولِ تقويةً للعامِلِ لأنَّه فَرْعٌ، إذْ هو اسمُ فاعلٍ كقولِه
تعالى: {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} هود: 107. وإنَّما ادَّعْينا ذلك لأنَّ هذه
المادةَ متعدِّيةٌ بنفسِها.



قوله:
{
التوراة والإنجيل} اختلفَ الناسُ في هاتين اللفظتين: هل يَدْخُلُهما الاشْتِقاق
والتصريف أمْ لا يَدخلانِهما لكونِهما؟ أعجميين؟ فذهب جماعةٌ إلى الثاني. قالوا:
لأنَّ هذين اللفظين اسمان عِبرانيَّان لهذينِ الكتابَيْنِ الشريفيْن. قال
الزمخشري: وتَكَلُّفُ اشتقاقِهِما من الوَرَىْ والنَّجْل، ووزنُهما بتَفْعِلة
وإفْعِيل إنَّما يَثْبُتُ بعدَ كونِهما عَربيَّيْن".
ويؤيِّدُ ذلك ما نقلَه الواحديُّ، من أنَّ
التوراةَ والإِنجيلَ والزَّبورَ سُريانيَّةُ فَعَرَّبوها، ولذلك يقولون فيها بالسريانية:
تُوري ايكليونُ زَفوتا، فعرَّبوها إلى ما ترى.



أما
القائلون باشتِقاقِهما فقد قال بعضُهم: التَوْرَاةُ مُشتَقَّةٌ من قولِهم: ورِي
الزَّنْدُ إذا قَدَح فظهرَ منه نارٌ. يقال "وَرِيَ الزَّنْدُ" و"أَوْرَيْتُه
أنا". قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النار التي تُورُونَ} الواقعة: 71.
فثلاثيُّهُ قاصِرٌ ورُباعِيُّهُ مُتَعَدٍّ. وقال تعالى: {فالموريات قَدْحاً}
العاديات: 2، ويقال أيضًا: "وَرَيْتُ بكلِّ زِنادي" فاستُعْمِلَ
الثلاثيُّ متعدياً، إلّا أنَّ المازِنِيَّ يَزعمُ أنَّه لا يُتجاوَزُ بِه هذا
اللفظَ، يَعني فلا يُقاس عليه، فيقال: "وَرَيْتُ النارَ" مثلاً. إذا تقرَّرَ
ذلك فلمَّا كانت التوراةُ فيها ضِياءٌ ونُورٌ يُخْرَجُ به من الضلال إلى الهدى،
كما يُخْرَج بالنورِ مِن الظَلامِ إلى النُّورِ سُمِّيَ هذا الكتابُ بالتوراةِ،
وهذا هو قولُ الفَرّاءِ، وهو مذهبُ جمهورِ النّاسِ.



وقال آخرون: بلْ هي مُشتقَّةٌ مِن "وَرَّيْتُ في
كلامي" من التورِيَةِ وهي التعريضُ. وفي الحديث: "كان إذا أراد سفراً
وَرَّى بغيره" وسُمِّيَتِ التوراةُ بذلك لأنَّ أكثَرها تَلويحاتٌ ومَعاريضُ،
وإلى هذا ذهبَ جماعة. وفي وزنِها ثلاثةُ أقوالٍ أحدُها: وهو قولُ الخليلِ وسِيبَوَيْهِ
أنَّ وزنَها فَوْعَلَة، وهذا الوزنُ قد وردتْ منه ألفاظٌ نحو: الدَّوْخَلة والقَوْصرة
والدَّوْسَرة والصَّوْمَعَة، والأصل: وَوْرَيَةٌ بِواويْن، لأنّها إمَّا من وَرِي
الزَّنْدُ، وإمَّا من وَرَيْتُ في كلامي، فأُبدِلت الواوُ الأُولى تاءً وتحرَّك
حرفُ العِلَّةِ وانفَتَحَ ما قبلَه فقُلِبَ ألِفاً فصار اللفظُ: تَوْرَاة كما ترى،
وكُتِبَتْ بالياءِ منْبَهَةً على الأصل، كما أُميلت لذلك، وقد أَبدلت العربُ
التاءَ من الواو في ألفاظ نحو: تَوْلَج وتَيْقور وتُخَمَة وتُكَأَة وتُراث وتُجاه
وتُكْلان من: الوُلوج والوَقار والوَخَامة والوِكاء والوِراثة والوَجْه والوَكالة.
ونظيرُ إبدالِ الواوِ تاءً في التوراةِ إبدالُها أيضاً في قولِهم لِما تَراه
المرأةُ في الطُّهْرِ بعد الحيضِ: "التَّرِيَّة" هي فَعِيْلَة من لفظ
الوراءِ لأنَّها تُرى بعدَ الصُّفْرَة والكُدْرَةِ.



الثاني: وهو قولُ الفراء أن وزنَها تَفْعِلَة بكسر العين،
فأُبْدِلَت الكسرةُ فتحةً، وهي لغةٌ طائية، يقولون في الناصية: ناصَاة، وفي بَقِي:
بَقَى



قال
الشاعر:



لَقَدْ آذَنَتْ أَهْلُ الْيَمَاَمَةِ طَيِّئٌ...............
بِحَرْبٍ كَنَاصَاةِ الأَغَرِّ المُشَهَّرِ



يريد:
كناصية
، وقال بعضُ بني بولان من طَيٍّ:


نَسْتَوْقِد النبل بالحَضيض ونَصْـ...............ـطَادُ
نُفوسًا بُنَتْ علَى الكَرَمِ



وأنشد الفراء :


وما الدنيا بباقاةٍ علينا ..........................
وما حيٌّ على الدنيا بباقٍ



وقد ردَّ البصريون ذلك بوجهين، أحدُهما: أنَّ هذا
البناءَ قليلٌ جدًّا أَعني بناءَ تَفْعِلَةٍ بخلافِ فَوْعَلَةٍ فإنَّه كثيرٌ،
فالحَمْلُ على الأكثر أولى. والثاني: أنَّه يَلزمُ منه زيادةُ التاءِ أوّلاً
والتاءُ لم تُزَدْ أوَّلاً إلّا في مواضِعَ ليس هذا منها بخلافِ قَلْبِها في أوَّلِ
الكلمة فإنه ثابت، وذلك أنَّ الواو إذا وَقَعَتْ أولاً قُلِبَتْ: إمَّا همزةً نحو:
أُجوه وأُقِّتَتْ وأَحَدَ وأَناة وإشاح وإعاء في: وجوه ووُقِّتَتْ ووَحَدَ ووَنَاة
ووِشاح ووِعاء، وإمَّا تاء نحو: تُجاه وتُخَمة... الخ، فاتِّباع ما عَهِدَ أولى من
اتِّباع ما لم يُعْهَدُ.



الثالث: أنَّ وزنَها تَفْعَلَة بفتحِ العين وهو مذهبُ
الكوفيين، كما يقولون في: تَتْفُلة بالضمِّ تَتْفَلَة بالفتح، وهذا لا حاجة إليه
وهو أيضاً دعوى لا دليل عليها.



وأَمالَ التوراةَ حيثُ وردَتْ في القرآن إمالَةً مَحْضَةً
أبو عَمْرٍو والكَسائي وابنُ عامر في رواية ابنِ ذكوان، وأمالها بينَ بينَ حَمزةُ
وورشٌ عن نافعٍ، واختُلف عن قالون: فرُوِيَ عنه بينَ بينَ والفتحُ، وقرأها الباقون
بالفتح فقط. وَوَجْهُ الإِمالَةِ إنْ قلْنا بأنَّ أَلِفَها مُنقَلِبةٌ عن ياءٍ
ظاهرٌ، وإنْ قلنا إنَّها أعجميَّةٌ لا اشتقاقَ لها فوجهُ الإِمالة شبَهُ أَلِفِها
لألِفِ التأنيثِ مِن حيثُ وقوعُها رابعةً فسببُ إِمالَتِها: إمَّا الانْقلابُ وإمَّا
شبهُ ألفِ التأنيثِ.



والإِنجيل قيل: إفْعيلٌ كإجْفيل. وفي وزنِه أقوالٌ، أحدُها:
أنَّه مشتقٌّ مِنَ النَّجْلِ وهو الماءُ الذي يَنُزُّ مِنَ الأرضِ ويَخْرُج منها،
ومنه: النَّجْلُ للولد، وسُمِّي الإِنجيل لأنَّه مُسْتَخْرَجٌ مِن اللَّوحِ
المحفوظِ. وقيل: مِن النَّجْلِ وهو الأصلُ، ومنه "النَّجْلُ" للوالدِ
فهو من الأضداد، إذ يُطْلق على الولد والوالد، قال الأعشى:



أَنْجَبَ أيَّامُ والِداهُ به ...........................
إذ نَجَلاه فنِعْمَ ما نَجَلا



وقيل: من النَّجَل وهو التوسِعَة، ومنه: العَيْنُ
النجلاءُ لسَعَتها، وسُمِّي الإِنجيلُ بذلك؛ لأنَّ فيه توسِعَةً لم تَكن في
التوراة، إذ حُلِّلَ فيه أشياءُ كانت مُحَرَّمةً.



وقيل: هو مشتقٌّ مِن التَناجُلِ وهو التنازُع، يقال:
تَنَاجل الناسُ أي: تنازعوا، وسُمِّي الإِنجيلُ بذلك لاختلاف الناسِ فيه.



والعامَّةُ على كَسْرِ الهمزةِ من "إنجيل".
وقرأ الحسنُ بفتحِها. قال الزمخشري: وهذا يَدُلُّ على أنه أعجمي لأنَّ "أفعيلًا"
بفتح الهمزة عديمٌ في أوزان العرب. قلت: بخلاف إفعيل بكسرها فإنَّه موجودٌ نحو:
إِجْفيل وإخْريط وإصْليت.



قيل إنَّ قالَ: "نَزَّل" الكتابَ لأنَّ القرآنَ نَزَلَ منجَّماً،
و"
أنزل" التوراةَ والإِنجيلَ لأنّهما نَزَلا
جملةً. وقد تقدَّم أنَّ التعديةَ بالتضعيف لا تَدُلُّ على التكثير ولا على التنجيم،
وقد جاء في القرآن: أَنْزَل ونَزَّل، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذكر}
النحل: 44. و{نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب} آل عمران: 3. ويدلُّ على أنَّهما بمعنى
واحدٍ قراءةُ مَنْ قرأ ما كان من "يُنَزِّلُ" مشدَّداً بالتخفيف إلَّا
ما استُثْنِيَ، ولو كان أحدُهما يدلُّ على التنجيم والآخر على النزولِ دفعةً واحدةً
لتناقضَ الإِخبار وهو مُحالٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 24
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 10
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 11
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، الآية: 27
» فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران:الآية: 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: