عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 10 الأحد نوفمبر 04, 2012 8:48 pm | |
| إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (10) قوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ} الظاهرُ أنَّ المُرادَ بهم جنسُ الكَفَرةِ الشاملُ لجميعِ الأصنافِ، وقيل: وفدُ نَجران، أو اليهودُ مِن قُريْظَةَ والنَّضيرِ، وحُكيَ عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهما، أو مُشرِكو العَرَبِ {لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ} أي لا فداء ينفعهم، ولا غناء يدفعهم، ولا مال يُقبَلُ منهم، ولا حجاب يُرفَع عنهم، ولا مقال يُسمَعُ فيهم، بهم تُسَعَّرُ الجحيم، ولهم الطردُ الأَليم. {أموالُهم} التي أَعَدّوها لِدَفعِ المَضارِّ وجَلبِ المَصالِحِ {وَلاَ أولادهم} الذين يَتناصرون بهم في الأُمورِ المُهِمَّةِ ويُعوِّلون عليهم في المُلِمّات المُدْلَهِمَّةِ. وتأخيرُهم عن الأموالِ مع توسيطِ حرفِ النّفيِ إمَّا لِعَراقَتِهم في كَشْفِ الكُروبِ أو لأنَّ الأموالَ أَوَّلُ عُدَّةٍ يُفْزَعُ إليْها عند نُزولِ الخُطوبِ. {مِنَ اللهِ} أي مِن عذابِه تعالى.قوله تعالى: {لَن تُغْنِيَ} العامَّةُ على "تُغْني" بالتاء من فوق مراعاةً لتأنيث الجمع. وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن بالياء مِنْ تحتِ بالتذكيرِ على الأصل، وسَكَّن الحسن ياء "تُغْني" استثقالاً للحركةِ على حرفِ العلَّةِ. وذهاباً به مذهبَ الألف، وبعضُهم يَخُصُّ هذا بالضرورةِ.قوله: {منَ الله} في "من" هذه أربعة أوجه: أحدُها: أنَّها لابتداءِ الغايةِ مَجازاً أي: مِنْ عذابِ اللهِ وجزائه. الثاني: أنَّها بمعنى عند، قال أبو عبيدة: هي بمعنى عند كقوله: {أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} قريش: 4 أي: عندَ جوعٍ وعند خوفٍ، وهذا ضعيفٌ عند النحويين. الثالث: أنَّها بمَعنى بَدل. فقولُه "من الله" مثلُ قولِه: {إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً} يونس: 36، والمعنى: لن تغني عنهم من رحمة الله أو من طاعتِه شيئًا أي: بدلَ رحمتِه وطاعتِه وبدلَ الحقِّ، ومنه: "ولا يَنْفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ" أي: لا ينفعَهُ جَدُّه وحَظُّه من الدنيا بدلَ ما عندَك، وفي معناه قولُه تعالى: {وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى} سبأ: 37، وجمهورُ النُّحاةِ يَأْبى هذا. الرابع: أنَّها تبعيضيَّةٌ، إلَّا أنَّ هذا الوجهَ لَمَّا أُجيزَ جُعِلَ مبنيًّا على إعرابِ "شيئاً" مفعولاً به، بمعنى: لا يَدْفعُ ولا يمنع. فعلى هذا يجوزُ أن تكونَ "مِنْ" في موضِعِ الحال مِن شيئًا، لأنَّه لو تأخَّر لَكان في مَوضِعِ النعتِ له، فلمَّا تقدَّم انتصب على الحال، وتكون "مِنْ" إذ ذاك للتَعبيض. وهذا ينبغي ألاَّ يجوزَ البتَّة، لأنَّ "مِنْ" التبعيضيَّةَ تُؤوَّلُ بلفظ "بعض" مضافةً لِما جَرَّته "مِنْ"، ألا تَرى أنَّك إذا قلت: "رأيت رجلاً من بني تميم" معناه بعضَ بَني تميم، و"أخذتُ مِنَ الدارهم": بعضَ الدراهم، وهنا لا يُتَصَوَّرُ ذلك أصلاً، وإنَّما يَصِحُّ جَعْلُه صفةً لـ "شيئًا" إذا جعلنا "مِنْ" لابتداءِ الغايةِ كقولك: "عندي درهم من زيد" أي: كائنٌ أو مستقرٌّ من زيد، ويَمتنع فيها التبعيضُ، والحالُ كالصفةِ في المعنى، فامتنعَ أن تكونَ "مِنْ" للتعبيض مع جَعْلِه "من الله" حالاً من "شيئاً"، والتقدير: شيئًا من عذابِ اللهِ. و"شيئاً": إمَّا منصوبٌ على المفعولِ به، وقد تقدَّم تأويلُه، وإمَّا على المَصدريَّةِ أي: شيئاً من الإِغناء. قوله: {وأولئك هُمْ وَقُودُ} هذه الجملةُ تحتمل وجهين، أحدُهما: أن تكونَ مستأنفةً. والثاني: أن تكونَ منسوقةً على خبر إنَّ، و"هم" يحتملُ الابتداءَ والفصلَ. وقرأ العامة: "وَقود" بفتح الواو، وقرأ الحسنُ بضمِّها، وقد تقدّمَ تحقيق ذلك في البقرة، وأنَّ المصدريةَ مُحْتَمَلةٌ في المفتوحِ الواوِ أيضاً، وحيث كان مصدراً فلا بدَّ من تأويلِه فلا حاجةً إلى إعادتِه هنا. | |
|