عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 20 السبت نوفمبر 10, 2012 10:27 am | |
| فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أَيْ جَادَلُوكَ بِالْأَقَاوِيلِ الْمُزَوَّرَةِ وَالْمُغَالَطَاتِ، فَأَسْنِدْ أَمْرَكَ إِلَى مَا كُلِّفْتَ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّبْلِيغِ وَعَلَى اللَّهِ نَصْرُكَ. وَقَوْلُهُ: "وَجْهِيَ" بِمَعْنَى ذَاتِي، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: ((سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ)). وَقِيلَ: الْوَجْهُ هُنَا بِمَعْنَى الْقَصْدِ، كَمَا تَقُولُ: خَرَجَ فُلَانٌ فِي وَجْهِ كَذَا. وَالْأَوَّلُ أَوْلَى. وَعَبَّرَ بِالْوَجْهِ عَنْ سَائِرِ الذَّاتِ إِذْ هُوَ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الشَّخْصِ وَأَجْمَعُهَا لِلْحَوَاسِّ. وَقَالَ زيدٌ بن عمرو بن نُفيلٍ:أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِمَنْ أَسْلَمَتْ ................. لَهُ الْمُزْنُ تَحْمِلُ عَذْبًا زُلَالَاوَقَدْ قَالَ حُذَّاقُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ}: إِنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الذَّاتِ وَقِيلَ: الْعَمَلُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ وَجْهُهُ. وَقَوْلُهُ: {وَمَنِ اتَّبَعَنِ} أَيْ وَمَنِ اتبعن أَسْلَمَ أَيْضًا.قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) يَعْنِي الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى: "وَالْأُمِّيِّينَ" الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ وَهُمْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ. "أَأَسْلَمْتُمْ" اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَفِي ضِمْنِهِ الْأَمْرُ، أَيْ أَسْلِمُوا، كَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ:" أَأَسْلَمْتُمْ" تَهْدِيدٌ. وَهَذَا حَسَنٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَأَسْلَمْتُمْ أَمْ لَا. وَجَاءَتِ الْعِبَارَةُ فِي قَوْلِهِ: "فَقَدِ اهْتَدَوْا" بِالْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي الْإِخْبَارِ بِوُقُوعِ الْهُدَى لَهُمْ وَتَحْصِيلُهُ. وَ"الْبَلاغُ" مَصْدَرُ بَلَغَ بِتَخْفِيفِ عَيْنِ الْفِعْلِ، أَيْ إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مِمَّا نُسِخَ بِالْجِهَادِ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ تَارِيخِ نُزُولِهَا، وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَاتِ فِي وَفْدِ نَجْرَانَ فَإِنَّمَا الْمَعْنَى فَإِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تُبَلِّغَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ بِمَا فِيهِ مِنْ قِتَالٍ وغيره.وفَتَحَ الياءَ مِنْ "وجهي" هنا وفي الأنعام نافع وابن عامر وحفص، وسَكَّنها الباقون.قوله: {وَمَنِ اتبعن} في محلِّ "مَنْ" أوجهٌ، أحدُها: الرفعُ عطفاً على التاءِ في "أَسْلَمْتُ"، وجاز ذلك لوجودِ الفصلِ بالمفعولِ والتقديرُ: وَمَنِ اتَّبَعَنِي وجهَه. أو أنّه مبتدأٌ محذوفُ الخبرِ، لدلالةِ المعنى عليه، والتقديرُ: ومَنِ اتَّبعني كذلك أي: أَسْلَموا وجوهَهم لله، كما تقول: قَضَى زيدٌ نَحْبَهُ وعَمروٌ. أي: وعمروٌ كذلك، أي: قَضَى نَحْبَه. وإنَّما صَحَّ في نحوِ: أكلتُ رغيفاً وزيدٌ. المشاركةُ لإِمكانِ ذلك، وأمَّا نحوُ الآيةِ الكريمةِ فلا يَتَوَهَّمُ أحدٌ فيه المشاركةَ. الثاني: أنّه مرفوعٌ بالابتداءِ والخبرُ محذوفٌ كما تقدَّم تقريرُهُ. الثالث: أنّه منصوبٌ على المعيَّة، والواوُ بمعنى مع، أي: أَسْلَمْتُ وجهيَ لله مع مَنِ اتَّبعني. الرابع: أنَّ محلَّ "مَنْ" الخفضُ نَسَقاً على اسمِ الله تبارك وتعالى، وهذا الإِعرابُ وإنْ كان ظاهرُهُ مُشْكلاً، فقد يُؤَوَّلَ على معنى: جَعَلْتُ مَقْصَدِي لله بالإِيمانِ به والطاعةِ له ولِمَنْ اتَّبعني بالحفظِ له، والتحفِّي بعلمِه وبرأيِه وبصحبته. وقد أثبت الياءَ في "اتَّبعني" نافعٌ وأبو عَمْرٍو وصْلاً وَحَذفاها وقفاً، والباقون حَذَفُوها فيهما موافقةً للرسم، وحَسَّن ذلك أيضاً كونُها فاصلةً ورأسَ آية نحو: "أَكْرَمَن" و"أهانَن" وعليه قولُ الأعشى:وهل يَمْنَعُني ارتيادِي البلا .................. دَ مِنْ حَذَرِ الموتِ أَنْ يَأْتِيَنْوقال الأعشى أيضاً: ومِنْ شانِىءٍ كاسِفٍ وجُهه ...................... إذا ما انْتَسَبْتُ له أَنْكَرَنْقال بعضُهم: يكثُرَ حذفُ هذه الياءِ مع نونِ الوقاية خاصة، فإنْ لم تكن نونٌ فالكثيرُ إثباتها.قوله: {أَأَسْلَمْتُمْ} صورتُه استفهامٌ ومعناهُ الأمرُ، أي: أَسْلَموا، كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} أي: انتهوا، يعني أنَّه قد أتاكم مِن البيِّنات ما يوجِبُ الإِسلامَ ويقتضي حصولَه لا محالَة، فهل أسلمتم بعدُ، أم أنتم على كفركِم؟ وهذا كقولِك لِمَنْ لَخَّصْتَ له المسألةَ ولم تُبْقِ من طرق البيان والكشفِ طريقاً إلاَّ سَلَكْتَه: هل فهمتها أم لا. ومنه قولُه عزَّ وجلَّ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} المائدة: 91. بعدَ ما ذَكَرَ الصَّوارِفَ عن الخمرِ والميسرِ، وفي هذا الاستفهامِ استقصاءٌ وتعبيرٌ بالمعانَدَةِ وقِلَّةِ الإِنصافِ، لأنَّ المنصفَ إذا تجَلَّتْ لَه الحُجَّةُ لم يتوقَّف إذعانُه للحق. وهو كلامٌ حسنٌ جداً وقوله: {فَقَدِ اهتدوا} دَخَلَت "قد" على الماضِي مبالغةً في تحقُّق وقوعِ الفعلِ وكأنَّه قد قَرُبَ من الوقوعِ. | |
|