عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 16 الأربعاء نوفمبر 07, 2012 6:43 pm | |
| الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (16) قولُه تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا} أن يقول العبدُ هذا هو أَوَّلُ مرتبةٍ للدخولِ على بابِ اللهِ وهذه أوَّلُ أَوصافِ المؤمنين الذين استحقوا ذلك الجزاءَ الكريمَ من ربِّ العالمين: {الَّذِينَ يَقُولُونَ} وهذا الوصف يدلُّ على أنَّهم دائمًا متذكِّرون للإيمان وحالَهم إنَّما هو تصديق للنبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كلِّ ما جاء به، فلِسانُ حالِهم دائمًا أنَّهم يقولون {آمَنَّا} أي أنَّهم يقولون إنَّهم يُذعنون ويُصدِّقون كلَّ ما جاء به القرآنُ الكريمُ، وهدْيُ النَبِيِّ الأمينِ، ومَن كان لِسانُ حالِه تَذَكُّرَ الإيمانِ والإذعانَ لأمرِ اللهِ تعالى لَا تكونُ منه مَعْصيةٌ كبيرةٌ، ولا إهمالٌ لأوامِرِ اللهِ تعالى، لأنَّ ارتكابَ المَعاصي يَتنافى مع الإذعانِ المُطلَقِ، وتَذَكُّرِ الإيمان الدائم؛ إذْ المَعصيَةُ تكون في غَفلةِ القلبِ وعدمِ تَذَكُّرِ الإيمان؛ ولذا قال عليه الصلاة والسلام: ((لا يَزني الزاني وهو مؤمنٌ" متفقٌ عليه، وإذا كان الإيمانُ باللهِ مُستَوْليًا على شعورِهم فهم دائمًا يَغلِّبون الخَوفَ على الرجاءِ والضَراعَةَ على الطمعِ، ولذا رتَّبوا على هذه الحالةِ طلَبَهم المَغفِرةَ وقالوا {فَاغْفِرْ لَنَا ذُنوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فهم دائمًا يُحِسّون بعِظَمِ أخطائهم، وذلك مِن قوَّةِ إيمانِهم، وقوَّةِ إذْعانِهم، ولذلك يَطلبون الستْرَ والغُفران، والوِقايةَ مِن النَّارِ، وذلكَ كلُّه من قوَّةِ الوجدانِ الدينيِّ، وعِظَمِ سُلطانِ النفسِ اللَّوامَةِ، والضميرِ المستيقظِ، فتَكْبُرُ في نظرِهم هَفَواتُهم، وتصغُرُ حَسَناتُهم، ويَعتقدون أنَّه لَا جَزاءَ إلَّا أنْ يَتغمَّدَهُمُ اللهُ بِرحمتِه.قولُه تعالى: {الذين يَقُولُونَ} يَحْتَمِلُ مَحَلُّه الرفعَ والنصبَ والجَّر، فالرفعُ من وجهين، أحدُهما: أنه مبتدأ محذوفٌ الخبرِ، تقديرُه: الذين يقولون كذا مستجابٌ لهم، أو لهم ذلك الخيرُ المذكورُ. والثاني: أنَّه خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ، كأنَّه قيل: مَنْ هم هؤلاء المُتَّقون؟ فقيل: الذينَ يقولون كَيْتَ وكيتَ.والنصبُ مِن وجهٍ واحدٍ، وهو النصبُ بإضمارِ أَعْني أو أمدحُ، وهو نظيرُ الرفعِ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ، ويُسَمَّيان الرفعَ على القطعِ والنصبَ على القطعِ. والجَرُّ مِنْ وجهين، أحدُهما: النعتُ والثاني البدلُ، ثمَّ لك في جَعْلِه نعتاً أو بدلاً وجهان، أحدُهُما: جَعْلُه نعتاً للذين اتقوا أو بدلاً منه. والثاني: جَعْلُه نعتاً للعباد أو بدلاً منهم. واستَضعَف أبو البقاء جَعْلَه نعتاً للعباد. قال: "لأنَّ فيه تخصيصاً لعلمِ الله تعالى، وهو جائزٌ على ضَعْفِهِ، ويكون الوجهُ فيه إعلامَهم بأنّه عالمٌ بمقدارِ مشقَّتِهم في العبادةِ فهو يُجازِيهم عليها كما قال: {والله أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ} النساء: 25.والجملةُ من قولِه: "واللهُ بصيرٌ" يجوز أن تكونَ معترضةً لا محَلَّ لَها إذا جَعَلْتَ {الذين يَقُولُونَ} تابعاً للذين اتقوا نعتاً أو بدلاً، وإنْ جَعَلْتَه مرفوعاً أو منصوباً فلا. | |
|