عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم من معاني الذكر الحكيم ، سورة آل عمران، :الآية: 9 الأحد نوفمبر 04, 2012 6:47 pm | |
| رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
(9) قولُه تعالى: {ربَّنا إنَّكَ جامعُ الناسِ} المكلَّفين وغيرهم {لِيَوْمٍ} أي لحسابِ يومٍ، أو لِجزاءِ يومٍ فحذف المُضافَ وأُقيمَ المُضافُ إليه مقامَه تهويلاً لِما يَقعُ فيه، وقيل: اللَّامُ بمعنى إلى أي جامعهم في القَبولِ إلى يومٍ {لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي لا يَنبغي أنْ يُرتابَ في وُقوعِه ووُقوعِ ما فيه مِنَ الحَشْرِ والحِسابِ والجَزاءِ، وقيلَ: الضميرُ المَجرورُ للحُكم أي لا ريب في هذا الحكم، فالجُملةُ على الأول صفةٌ ليومٍ، وعلى الثاني لتأكيدِ الحُكمِ ومقصودُهم مِن هذا كما قال غيرُ واحدٍ عرضُ كمالِ افتِقارِهم إلى الرَّحمةِ وأنَّها المَقصدُ الأسنى عندهم، والتأكيدُ لإظهارِ ما هم عليه من كَمالِ الطُمأنينةِ وقوَّةِ اليقينِ بأحوالِ الآخرةِ لمَزيدِ الرَّغبةِ في اسْتِنزالِ طائرِ الإجابةِ، {إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ المِيعادَ} تعليلٌ لِمَضمون الجُملةِ المُؤكَّدةِ أو لانتِفاءِ الرَّيْبِ، وقيل: تأكيدٌ بعدَ تأكيدٍ للحُكمِ السابقِ وإظهارِ الاسمِ الجليلِ مع الالْتِفاتِ للإشارةِ إلى تعظيمِ المَوْعودِ والإِجلالِ الناشئِ من ذكرِ اليومِ المَهيبِ الهائلِ، وللإشعارِ بعِلَّةِ الحُكْمِ فإنَّ الأُلوهيَّةُ منافيةٌ للإخلافِ؛ وهذا بخلافِ ما في آخرِ السورةِ حيث أتى بلفظِ الخطابِ فيه لِما أنَّ مَقامَه مقامَ طلبِ الإنعامِ، وقال الكَرْخيُّ: الفرق بينهما أنَّ ما هنا مُتَّصلٌ بما قبلَه اتِّصالاً لَفظيًّا فقط وما في الآخرةِ متَّصلٌ اتِّصالاً معنويًّا ولَفظيًّا لتَقدُّمِ لفظِ الوعدِ، وجُوِّزَ أنْ تَكونَ هذه الجُملةُ مِن كلامِه تعالى لتقريرِ قولِ الراسخين لا مِن كلامِ الراسخين فلا الْتِفاتَ حينئذٍ، وهو الظاهرُ و{الميعادُ} مصدرٌ ميميٌّ بمعنى الحَدَثِ لا بمعنى الزَّمانِ والمَكان، وياؤهُ مُنقلِبةٌ عن واوٍ لانكِسارِ ما قبلَها، واسْتُدِلَّ بها على وُجوبِ العقابِ للعاصي عليه تعالى وإلَّا يَلزَمُ الخُلْفُ، وأُجيبَ عنه بأنَّ وعيدَ الفُسَّاقِ مشروطٌ بعدمِ العفوِ بدلائلٍ مُنفصِلَةٍ كما هو مَشروطٌ بعدمِ التوبةِ وِفاقاً؛ وقيل: هو إنشاءٌ فلا يَلزَمُ مَحذورٌ في تَخلُّفِه، وقيل: ما في الآيةِ ليس مَحَلًّا للنِّزاعِ لأنَّ المِيعادَ فيه مصدرٌ بمعنى الوَعدِ ولا يَلزَمُ مِن عدمِ خُلْفِ الوعدِ عدَمُ خُلْفِ الوَعيدِ لأنَّ الأوَّلَ مُقتَضى الكَرَمِ كما قال:وإني إذا أوعدته أو وعدتُه ............. لَمُخْلِفٌ إيعادي ومُنجزٌ مَوْعِديواعتُرضَ بأنَّ الوعيدَ الذي هو مَحَلُّ النِّزاعِ داخلٌ تحتَ الوَعدِ بدليلِ قولِه تعالى: {قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّا} الأعراف: 44 والآية من بابِ التهكُّمِ فهي على حدِّ {فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} التوبة: 34 أخرج ابنُ النَجَّارِ في تاريخِه عن جَعفر بن محمد الخلدي قال رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم أنَّ مَنْ قرأَ هذه الآيةَ على شيءٍ ضاعَ منه رَدَّهُ اللهُ عليه، ويقول بعدَ قراءتِها يا جامعَ الناسِ ليومٍ لا رَيبَ فيه اجمعْ بيني وبيْن مالي إنَّك على كلِّ شيءٍ قديرٍ.قولَه تعالى: {جَامِعُ الناس ليوم لاريب فيه} قرأ أبو حاتم: "جامعٌ الناسَ" بالتنوينِ والنصبِ. و"لِيَوْمٍ" اللامُ للعلة أي: لجزاءِ يوم، وقيل: هي بمعنى في، ولم يُذْكَرْ المجموعُ لأجلهِ. و"لاَّ رَيْبَ" صفةٌ ليوم، فالضميرُ في "فيه" عائدٌ عليه. وأَبعَدَ مَنْ جَعَلَه عائدًا على الجمعِ المَدلولِ عليه بِجامعٍ، أو على الجَزاءِ المَدلولِ عليه بالمعنى أو على العَرْض.قوله: {إِنَّ الله لاَ يُخْلِفُ الميعاد} يجوزُ أن يكونَ من تمامِ حكاية قولِ الراسخين فيكونَ التفاتاً مِن خِطابهِم للباري تعالى بغيرِ الخطابِ إلى الإِتيانِ بالاسمِ الظاهرِ دلالةً على تَعْظِيمه، ويجوزُ أن يكونَ مستأنفاً من كلامِ اللهِ فلا التفاتَ حينئذٍ، والميعادُ: مصدرٌ، وياؤُه عن واو لانكسار ما قبلَها كميِقات. | |
|