عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: الشواهد نسبتها ومناسبتها(1) الأحد سبتمبر 11, 2011 9:53 am | |
| [size=24]الشَواهد
نسبتها ، مناسبتها فائدتها
تأليف الشاعر:
عبد القادر الأسود
المقدّمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الذي علّم بالقلمِ ، علّمَ الإنسانَ ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على سيدنا وملانا وشفيعنا وحبيب قلوبنا ، وقرة أعيننا سيدنا رسول الله ، خاتم النبيين وسيد الفصحاء والبلغاء ، القائل: {إنّ من الشعر لحكمةً وإنّ من البيان لسِحراً}. وهكذا كان للشعر في حياة العرب الفضل الأول في تربيتهم وتنشئتهم على ، مكارم الأخلاق، فقد عاشوا في صحرائهم متنقلين ، يغالبون قسوتها وشظف العيش فيها ، وزادهم في ذلك إنّما هو الشعر، يحفظونه ويتناقلونه وترويه الأجيالُ للأجيال، فتتحلّى بما فيه من مكارم الأخلاق وحسن الصفات وفي ذلك يقول أبو تمام :
ولولا خلالٌ سنّها الشعرُ ما درى ............... بُناةُ العُلا من أين تُؤتى المكارمَ وهذه مجموعة من الشعر الحكمة التي خلدها الزمان وسارت بها الركبان،حتى صارت أمثلة تضرب لكل جليل ، ونبراساً يُحتذا لكلّ نبيل ، وقد شرحتُ غامضَها ويَسّرتُ عسيرَها، وذكرتُ نسبتَها ومناسبتَها ، حتى يستفيد منها أبناؤنا ، ويتمثّلوا ما فيها من مكارمَ جُلّى وأخلاقٍ مثلى ، وسمّيتُها (( فوائد الشواهد)) ، واللهَ أسألُ أن يُثيبَني عليها رضاه ، وينفعَ بها عبادَه ، والحمد لله رب العالمين .
المرج ، بقاع لبنان : 20 شعبان 1431هـ ، الموافق 2/8/ 2010م
عبد القادر الأسود
ــ 1 ــ
وإنّي لَعَبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً...... وما شيمةٌ لي غيرَها تُشبه العبدا
هذا البيت للشاعر المقنّع الكندي،ونسب إلى حاتم الطائي بصيغة قريبة هي: وإنّي لَعَبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً...............وما فيّ إلاّ تيكَ من شِيمةِ العَبْدِ ونُسب هذا البيت ـ الأخيرُ ـ إلى قيسٍ بنِ عاصمٍ ، وقد أتى في مَعرِضِ خطابِه الموجّهِ لامرأته بأن تَلْتَمِسَ له مَن يُشاركُه طعامَه ، وقيل هو لعروةَ بنِ الوردِ يقول :
أيا بْنةَ عبدِ اللهِ وابنــــــــةَ مالكٍ .........ويا بْنــــةَ ذِي الجَدَّينِ والفَرَسِ الوَرْدِ إذا ما صنعتِ الزادَ فالتمِسي لـــهُ .........أَكيـــــــــــــــلاً، فإني لستُ آكُلُه وَحـدي قَصِيّاً كريمــاً أو قريبــاً، فإنني ......... أخـــــــافُ مذَمّاتِ الأحاديثِ من بَعدي ولَلْمَوْتُ خــيرٌ من زيارةِ باخِــــــــلٍ ..........يُــلاحظ أَطرافَ الأَكيــــــــلِ على عَمْدِ وإنّي لَعبْدُ الضيفِ ما دام ثاوياً.......... ومــــا مِن خِلالي غيرَها شِيمـــةُ العَبْدِ وقيلَ إنّ المقنّعَ الكِنديَّ إنَما أخذ هذا المعنى من عُروةَ بنِ الورد. واستَشهدَ المفسّرون بهذا البيت على أن الرجلَ قد يُسمِّي نفسَه عبدَ ضيفِه على جهةِ الخضوعِ له ، والقيام بخدمتِه ، لا على أن الضيف ربّه . كما أن سيدنا يوسف عليه السلام قال عن عزيز مصر:{إنه ربّي أحسن مثواي} يقصد مربيه ، وهذا كلّه من باب المجاز . واسمُ المقنع الكندي هو : محمد بن عُمير من قبيلة كندة العربية ، وكان جميل الوجه جدّاً، بحيث كان يضع على وجهه قناعاً خَشيةَ العين ، فلُقّبَ بالمقنّعِ ، وهو شاعرٌ إسلاميٌّ مُقِلٌّ ، معدودٌ في الأجواد والأشراف ، وكان كريماً جدّاً يُنفق بلا حدود ، ممّا اضطرّه للاستدانة من قومِه، فأخذوا يعاتبونه في ذلك فقال :
يعاتبني في الدَيْن قومي وأنّما..........ديـوني في أشياء تكسبهم حَمْـدا أَسُـدُّ به ما قد أخلوا وضيّعـوا......... ثغــــورَ حُقوقٍ ما أطاقوا لها سَـدّا وإن الذي بيني وبـين أبي ......... وبـــين بني عمي مختلف جِـدّاً فإن أكلوا لحمي وَفَرْتُ لحومَهــم .........وإن هــــدموا مجدي وهبت لهم مجـدا وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم .... ....وإن هُـــمُ هووا غيي هويت لهـم رُشْـدا وإن زجروا طـيراً بنحـس تمـرُّ بي ........ زجرت لهم طـيراً تمر بهم سَعْـدا ولا أحمل الحقد القــديم عليهــم ........ وليس رئيسَ القوم من يحمل الحقــدا وليسوا إلى نصري سراعاً وإن همُ .........دعوني إلى نصر أتيتهمُ شـدّا لهم جُلُّ مالي إن تتــابع لي غنى .........وإن قلّ مالي لم أكلِّفَهم رِفْـــــــــــــــــدا وإني لعبد الضيف ... وقد دأب المربّون والمؤدّبون على العناية بها والحثّ على حفظِها وتمثّل معانيها السامية . في المعنى:
قوله : وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ، ويروى: نازلاً. ويقال: ثوى بالمكان وأثوى بمعنى.، يريد أنّي أتكلّف من خدمة الضيف ما يتكلفه العبيد، لا أستنكف ولا آنف ، وليس لي من أخلاق العبيد وطبائعهم إلاّ تلك ، يريد إلاّ تلك الخدمة ، أو تلك الخليقة .
| |
|