روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 37

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  37 Jb12915568671



المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  37 Empty
مُساهمةموضوع: المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 37   المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  37 I_icon_minitimeالخميس فبراير 17, 2022 6:57 pm

رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ
(37)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {رِجَالٌ} وَهَؤُلاءِ الرِّجَالُ، الذينَ يَعْمُرُونَ بُيُوتَ اللهِ المَساجِدَ، هُمُ رِجَالٌ أَصْحَابُ هِمَّةٍ عاليَةٍ، وَعَزَيمةٍ وَشَكِيمَةٍ، فَلاَ يُلْهِيهِمْ شَيءٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وإِقَامِ الصَّلاَةِ شَيْءٌ مِنْ حطامِ الدُّنيا: لَا تِجَارَةٌ، وَلاَ بَيْعٌ، وَلاَ تَشْغَلُهُم الدُّنْيا وَزِينَتُها، وَمَلاذُّهَا، وَزَخارُفُهَا، وَلاَ يلفتْهُم بَيْعُها، ولاَ تجارَتُها، وَلَا أَرْباحُها، عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ، لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّها زائلةٌ كُلُّها، وأنَّ ما عَنْدَ اللهِ هو خَيْرٌ لَهُمْ وأَنْفَعُ، وأبقى مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ، وَلذلكَ فإنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ طَاعَةَ رَبِّهِمْ ورسولِهِ، وَمَحَبَّتَهما عَلَى مُرَادِهِم وَشَهَوَاتِهِمْ، فَلاَ شَيءَ يُلْهِيهِم عَنْ أَنْ يُؤَدُّوا الصَّلاَةَ بتمامها وكمالِها، ويحافِظونَ على أَوْقاتِهَا، لأَنَّهُمْ يَخَافُونَ يَومَ القِيَامَةِ وويخشَوْنَ ما فيهِ مِنْ أهوال، ذلكَ اليوم الذي تتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ والأَبْصَارُ مِنْ شِدَّةِ الْهَوْلِ وَالفَزَعِ، وَعِظَمِ الفَرَقِ والجَزَعِ.
قِالَ بعضُ أهْلِ العِلْمِ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالى: لقد خَصَّ اللهُ ـ جَلَّ وعزَّ وتعالى، الرِّجَالَ بِالذِّكْرِ فِي هَذِهِ البُيوتِ والْمَسَاجِدِ المَذْكورةِ آنِفًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ جُمُعَةٌ، وَلَا جَمَاعَاتٌ فِي الْمَسَاجِدِ وبُيُوتِ اللهِ، ولِأَنَّ الأفضَلَ للمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ وتَعْبُدَ رَبَّها وَتَذْكُرَهُ في بَيْتِهَا، بَلْ في مَخْدَعِها، لِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا فِي بَيْتِهَا)). أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ في الصلاة باب: (53)، مِنَ حديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، وَأَخرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: عَنِ السَّائِبِ مَوْلَى أُمِّ المُؤمنينَ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وأَرضاها، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((خَيْرُ مَسَاجِدِ النِّسَاءِ قَعْرُ بُيُوتِهِنَّ))، المسند: (8/371).
وَأَخْرَجَ أَيْضًا أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ ـ أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَكَ. قَالَ: ((قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُكِ فِي بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ، وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي)). قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أَقْصَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِها وأَظْلَمِهِ، فَكانَتْ وَاللهِ تُصَلِّي فيهِ حَتّى لَقِيَتِ اللهَ ـ تَعَالَى، لَمْ يُخْرِجُوهُ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا، الإمامُ البُخَاريُّ في الجُمَعَةِ باب: (13)، وأَخرجَه الإمامُ مُسْلِمٌ في الصَّلاةِ، حديث: (136).
هَذَا وَيَجُوزُ لَهَا شُهُودُ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الرِّجَالِ بِظُهُورِ زِينَةٍ وَلَا رِيحِ طِيبٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ)) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَعنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ ((وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((وَلِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ)) أَخْرَجَهُ الإمامُ أَحْمَدَ في مُسْنَدِه: (2/438، 475، 528). وأَبُو دَاوُدَ في "الصَّلاةِ" بابُ: (52). وَ "تَفِلَاتٌ": لَا رِيحَ لَهُنَّ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّها قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا))، أخرجه مسلم في الصلاة حديث: (142). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ المُؤمنينَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا وأَرْضَاهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: (كَانَ نِسَاءُ الْمُؤْمِنِينَ يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الغَلَسِ)، أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في المَوَاقِيتِ باب: (27)، والأَذان ـ باب: (165)، وَمُسْلِمٌ في "المَسَاجِدِ" حَديثِ: (232). وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا أَيْضًا أَنَّهَا قَالَتْ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: (لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ مِنَ المَسَاجِدِ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَني إِسْرَائِيلَ). صحيحُ البُخَارِي "الأَذَانَ: باب: (163)، وصحيحُ مُسْلِمٍ "الصَّلاةُ" حَديثَ: (144)، تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ /ط/ العِلْمِيَّةُ: (6/62).
وَقِيلَ: أُرِيدَ بِالرِّجَالِ الَّذِينَ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ: الرُّهْبَانُ الَّذِينَ انْقَطَعُوا لِلْعِبَادَةِ وَتَرَكُوا الشُّغْلَ بِأُمُورِ الدُّنْيَا، فَيَكُونُ مَعْنَى: لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ: أَنَّهُمْ لَا تِجَارَةَ لَهُمْ وَلَا بَيْعَ مِنْ شَأْنِهِمَا أَنْ يُلْهِيَاهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ: عَلَى لَاحِبٍ لَا يُهْتَدَى بِمَنَارِهِ. وَتَخْصِيصُ التَّسْبِيحِ بِالرِّجَالِ لِأَنَّ الرُّهْبَانَ كَانُوا رِجَالًا. وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى إِيمَانٍ صَحِيحٍ إِذْ لَمْ تبلغهم يَوْمئِذٍ دَعْوَة الْإِسْلَامِ وَلَمْ تَبْلُغْهُمْ إِلَّا بِفُتُوحِ مَشَارِفِ الشَّامِ بَعْدَ غَزْوَةِ تَبُوكٍ، وَأَمَّا كِتَابُ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى هِرَقْلَ فَإِنَّهُ لَمْ يُذَعْ فِي الْعَامَّةِ، واللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ} أَيْ: لَا تُشْغِلُهُمْ، تِجارَةٌ، فقد خُصِّةِ التِّجَارَةُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مَا يَشْغَلُ المُسْلِمَ عَنِ الصلوات وَالطَّاعَاتِ، وَأُرَيدَ بِها هاهنا الشِّرَاءَ، وَإِنْ كَانَ "التِّجَارَةُ" يُطْلَقُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعًا، لما قالَ مِنْ سورةِ الجُمَعَةِ: {وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لهوًا انفضُّوا إِلَيْهِما وتَرَكُوكَ قائمًا} الآيةَ: 11، وَالمُرادُ بالتِّجارةُ في آيةِ الجُمُعَةِ هَذِهِ هو الشِّرَاء.
وقال الفرَّاءُ في "مَعَاني القُرْآنِ" لَهُ: (2/253): (التِّجَارَةُ لأَهْلِ الْجَلْب، وَالْبَيْعُ مَا بَاعَهُ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ).
وَقالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُليمانَ في تفسيرِهِ: (2/39. أ) يَعْنِي الشَّرَاءَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ قريبًا مِنْهُ.
وقالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ الأندلُسيُّ في تفسيرِه "البحرُ المُحيطُ: (6/459): ويُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ "وَلَا بَيْعَ" مِنْ ذِكْرِ خَاصٍّ بَعْدَ عَامٍّ: لِأَنَّ التِّجَارَةَ هِيَ البَيْعُ والشِّرَاءُ طَلَبًا للرَّبْحِ، وَنَبَّهَ عَلَى هَذَا الخَاصِّ لِأَنَّهُ أَدْخَلُ في الإِلْهاءِ مِنْ قِبَلِ أنَّ التَّاجِرَ إِذَا اتَّجَهَتْ لَهُ بَيْعَةٌ رَابِحَةٌ وَهِيَ طُلْبَتُهُ الكُلِّيَّةُ مِنْ صَنِاعَتِهِ، أَلْهَتْهُ مَا لَا يُلْهِيهِ شَيْءٌ يَتَوَقَّعُ فِيهِ الرِّبْحَ؛ لِأَنَّ هَذَا يَقِينٌ وَذَاكَ ظَنٌّ. تفسيرُ "البَحْرُ المُحيطُ": (6/459).
وَقد خَصَّ قَوْمٌ التِّجَارَةَ هُنَا بالشِّرَاءِ لِذِكْرِ الْمَبيْعِ بَعْدَهَا. والمعنى: لا يَمنعُهم ذلك عنْ حُضُورِ المَسَاجِدِ لِإِقَامَةِ الصَّلاة وإتْمَامِها.
قَوْلُهُ: {عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أَيْ: ولا يُلْهيهِمُ البيعُ عَنْ حُضُورِ المَسَاجِدِ لِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ. قالَ مُقاتلُ ابْنُ سليمانُ في تفسيرِهِ: (2/39 أ): (يَعْنِي الصَّلَوَاتِ المَفْروضَةَ. ومِثْلُهُ قال مقاتِلُ بْنُ حيانَ. وَذَكَرَ النَّحَّاسُ في "مَعَاني القُرْآنِ" لهُ: (4/539) قريبًا مِنْ ذلكَ عَنْ عَطَاء ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: "عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ": عَنْ شُهُودِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ. وَذَكَرَهُ عنْهُ الإمامُ السُّيُوطِيُّ في "الدُّرُّ المَنْثًورَ": (6/207)، وَعَزَاهُ للفِريابي.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: جائزٌ أَنْ يَكونَ المُرادُ بقَوْلِهِ هُنَا: "عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ" خُطْبَةَ الجُمُعةِ. وَالمُرادُ بِـ "إِقَامِ الصَّلَاةِ": صَلَاةَ الجُمَعَةِ؛ لِأَنّهُ قَالَ في الآيةِ: 9، مِنْ سُورةِ الجُمُعةِ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أوْ لَهْوًا ..}، بَعْدَ قَولِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}، وَالمُرادُ بـ "ذِكْرِ اللَّهِ" هِيَ خُطْبَةُ الجُمُعةِ.
قولُهُ: {وَإِقَامِ الصَّلَاةِ} وإنَّما يكونُ ذلكَ بِإِتْمامِ رُكُوعِهَا، وَسُجُودِها، وَقِراءَتِها، وَأَداءُ جَمِيعِ شُرُوطِهَا وأَرْكانِها، فِي وَقْتِهَا لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا لَا يَكُونُ مُقِيمًا لَهَا. وَمعنى "إِقامُ الصَّلاةِ": إِقامَتُها، فَقَدْ حَذَفَ الْهَاءَ وَأَرَادَهَا.
رَوَى سَالِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم، أَنَّهُ كَانَ فِي السُّوقِ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ النَّاسُ وَأَغْلَقُوا حَوَانِيتَهُمْ فَدَخَلُوا الْمَسْجِدَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِيهِمْ نَزَلَ قولُهُ ـ تَعَالَى: "رِجالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ .." الآيةَ. وَإنَّما أُعيدَ ذِكْرُ "إِقَامَةِ الصَّلَاةِ" مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ "ذِكْرِ اللَّهِ" الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ لِأَنَّهُ أُريدَ بِـ "إِقَامِ الصَّلَاةِ" حِفْظُ مَوَاقِيتِها.
وفي الكَلامِ تَقُولُ: "أَقَمْتُ الصَّلاةَ إِقَامَةً"، وأَصْلُهَا: "أَقَمْتُ إِقْوامًا، وَلَكِنَّ الواوَ قُلِبَتْ أَيْضًا فَاجْتَمَعَتْ أَلِفَانِ، فَحُذِفَتْ إِحْدَاهُما كيْ لا يَلْتَقِيَ السَّاكنَانِ، فبَقِيَ: "أَقَمْتُ الصَّلَاةَ إِقَامَةً، وقد أُدْخِلَتِ الهاءُ عِوَضًا مِنَ المَحْذُوفِ، وَقَامَتِ الإِضافَةُ هَهُنا مَقامَ الهاءِ المَحْذوفَةِ في التَّعويضِ. وذلكَ بِإِجْمَاعِ عُلَماءِ النَّحْوِ.
قَوْلُهُ: {وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} أَيْ: وإيتاءِ الزَّكاةِ الْمَفْرُوضَةِ. إِذَا حَانَ وَقْتُ أَدَائِهَا دونَ تأخيرٍ، أَو حَبْسٍ لَهَا عَنْ وَقْتِها. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُما: (إِذَا حَضَرَ وَقْتُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَمْ يَحْبِسُوهَا). وَقِيلَ: هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ.
أَيْ: يُقيمونَ الصَّلاةَ عَلَى وَقْتِهَا، وَيُؤدُّونَ الزَّكاةِ في مَوَاعِيدِها، وَإِنَّما يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كُلَّهُ، ويَلْتَزِمُونَ بِهِ خَوْفًا مِنْ يَوْمٍ تَرْجِفُ القُلُوبُ فيهِ، وَتَدُورُ حُدَقُ العُيُونِ لشِدَّةِ فزَعهِم وَخَوْفِهم مِنْ أَهْوالِ يومِ القيامَةِ ويَرْجُونَ رَبَّهم: "لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا"؛ فِي الدُّنيا.
قولُهُ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} يُخْبِرُ اللهُ ـ تَعَالَى، عَنْ شِدَّة أَهْوالِ يَوْمِ القيامةِ، وَشِدَّةِ خَوْفِ الخلقِ فيهِ، كَمَا قَالَ منْ سُورَةِ إِبْراهِيمَ: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} الآيةَ: 43، وكما قالَ مِنْ سُورَةِ غافر: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} الآيةَ: (18).
فَإِنَّ مَعْنَى "تَتَقلًبُ": تَرْجُفُ وَتَجِفُ، وهوَ مِنَ الخَوْفِ والجَزَعِ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ قَلْبُهُ مُوقِنًا بالبَعْثِ والحَشْرِ يومَ القِيامَةِ ازْدَادَ بَصِيرَةً وثباتًا، وَرَأَى مَا كانَ وُعِدَ بِهِ فآمَنَ بحصولِهِ، وانْتَظَرَهُ وُقوعَهُ، وأَحَبَّ لقاءَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ قَلْبُهُ في إِنْكَارٍ وَشَكٍّ وَرِيبَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فقدْ رَأَى مَا يُوقِنُ مَعَهُ بِأَمْرِ القِيامَةِ وَالبَعْثِ والنُّشورِ، فَعَلِمَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ وَشَاهَدَهُ بِبَصَرِهِ، فَأَيْقَنَ بِحَقِيقَةِ مَا كَانَ كَذَّبَ بِهِ مِنْ قَبْلُ وشكَّكَ. فَذَلِكَ هوَ تَقَلُّبُ القُلوبِ والأَبْصَارِ.
أَيْ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مِنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ، وَتَنْفَتِحُ الْأَبْصَارُ مِنَ الْأَغْطِيَةِ.
وَقِيلَ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ تَخْشَى الْهَلَاكَ وَتَطْمَعُ فِي النَّجَاةِ، وَتَقَلُّبُ الْأَبْصَارِ مِنْ هَوْلِهِ أَيْ: نَاحِيَةَ يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ أَمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، وَمِنْ أَيْنَ يُؤْتُونَ الْكُتُبَ مِنْ قِبَلِ الْأَيْمَانِ أَمْ مِنْ قِبَلِ الشَّمَائِلِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَقِيلَ: تَتَقَلَّبُ الْقُلُوبُ فِي الْجَوْفِ فَتَرْتَفِعُ إِلَى الْحَنْجَرَةِ فَلَا تَنْزِلُ وَلَا تَخْرُجُ، وَتَقَلُّبُ الْبَصَرِ شُخُوصُهُ مِنْ هَوْلِ الْأَمْرِ وَشِدَّتِهِ.
ويجوزُ في غَيْرِ القُرْآنِ الكَريمِ، أَنْ يُقالَ: "تَقلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ والأَبْصَارُ"، أَمَّا في القَرْانِ فَلَا، لِأَنَّ القِرَاءَةَ سُنَّةٌ عنْ سيِّدِنا رَسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عَليْهِ وسلَّمَ، فلَا يجوزُ أَنْ تخَالَفَ، وَإِنْ جَازَ ذَلِكَ في قواعدِ العَرَبِيَّةِ.
قولُهُ تَعَالى: {رِجَالٌ} مَرْفوعٌ بالفَاعِليَّةِ لِمَحْذوفٍ، دَلَّ عَلَيْهِ قولُهُ: {يُسَبِّحُ} مِنَ الآيةِ التي قبلَها، والتقديرُ: يُسَبِّحُهُ: "رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ .. ".
قوْلُهُ: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} لا: نافيَةٌ، و "تلهيهِمْ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعُ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعَلامَةُ رَفعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلى آخِرِهِ لثِقَلِ ظُهُورِهَا عَلَى اليَاءِ, والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ بِالمَفْعُولِيَّةِ، والميمُ: لِجَمْعِ المُذَكَّرِ. وَ "تجارةٌ" فَاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ. وَ "وَلَا" الواوُ: حَرْفُ عَطْفٍ، و "لا" زَائدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ، و "بَيْعٌ" مَرْفُوعٌ بالفاعليَّةِ أَيْضًا عَطْفًا عَلَى "تِجَارَةٌ". وَ "عَنْ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "تُلْهِيهِمْ"، وَ "ذِكْرِ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ مُضافٌ، وَلفظُ الجلالةِ "اللَّه" مَجْرُورٌ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ. وَ "إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ" مَعْطُوفَانِ عَلَى "ذِكْرِ اللَّهِ" وَلَهُمَا مَا لَهُ مِنْ إِعْرَابٍ. والجُمْلَةُ الفِعْليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ صِفَةً لِـ "رِجَالٌ".
قولُهُ: {يَخَافُونَ يَوْمًا} يَخَافُونَ: فِعْلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رَفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "يَوْمًا" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ. وَالْجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ صِفَةً ثانيَةً لِـ "رِجَالٌ". أَوْ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ مَفْعُولِ "تُلْهِيهِمْ"، وهوَ الأَظْهَرُ، وَلَيْسَتْ ظَرْفًا، كما أَعْرَبَهُ بعضُهُمْ.
قولُهُ: {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} تَتَقَلَّبُ: فِعْلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ تجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ. و "فِيه" في: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَتَقَلَّبُ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "الْقُلُوبُ" فَاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ. وَ "الْأَبْصَارُ" مَعْطُوفٌ عَلَى "القلوب" مرفوعٌ مِثْلُهُ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِفَةٌ لِـ "يَوْمًا" فهيَ في مَحَلِّ النَّصْبِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 37
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 6
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 21
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 35 (3)
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 6
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 22

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: