روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 36 (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  36 (1) Jb12915568671



المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  36 (1) Empty
مُساهمةموضوع: المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 36 (1)   المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  36 (1) I_icon_minitimeالسبت فبراير 12, 2022 4:02 am

لموسوعةالقرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ قراءات ـ أحكام ـإعراب ـ تحليل لغة
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزء الثامن عشر ـ المجلد السادس والثلاثون
سورةُ النّور
(24)
الآية: 36


فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ
(36)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {فِي بُيُوتٍ} المَعْنَى: هَذَا النُّورُ الَّذي سَبَقَ الحَديثُ عَنْهُ في الآيةِ التي قبلَها كائنٌ في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ، أَوْ: الزُّجاجةُ كأنَّها كوكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ ولا غربيَّةٍ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ، أَوْ: الْمِصْبَاحُ فِي زُجاجةٍ في بُيُوتٍ .. .
وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ في "مَعَاني القُرْآنِ وإِعرابُهُ" لهُ: (4/45). وَالفَرَّاءُ في "معاني القرآن" لَهُ: (2/253 ـ 254). قولين:
الأوَّلُ: أنَّهُ مِنْ صِلَةِ قولِهِ {المِشْكَاةِ} والتَقْديرُ: كَمِشْكَاةٍ فيها مِصْبَاحٌ في بُيُوتٍ. فَيَكُونُ قَوْلُهُ: "فِي بُيُوتٍ" وَصْفًا لِلنَّكِرَةِ كَمَا كَانَ قوْلُهُ {فِيهَا مِصْبَاحٌ} وَصْفًا لَهَا.
وقد اخْتَارَ هَذَا القَوْلَ كلٌّ مِنَ الأَئمَّةِ الأعلامِ ـ رَحِمَهُمُ اللهُ تعالى: أَبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ الحُسيْنُ بْنُ أحمدَ في كِتَابِهِ "الحُجَّةُ للقُرَّاءِ السَّبْعَةِ": (5/322)، وَقالَ: وَفي قولِهِ ـ تَعَالى: "فِي بُيُوتٍ" ضَميرٌ مَرْفُوعٌ يَعُودُ إِلَى المَوْصُوفِ، لِأَنَّ الظَّرْفَ في الصِّفَةِ مِثْلُهُ فِي الصِّلَةِ.
الثاني: أَنَّ حرفَ الجَرِّ "فِي" مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "يُسَبِّحُ لَهُ"، وَيَكونُ قولُهُ بعدَ ذلكَ "فِيهَا" تَكْرَارًا عَلى التَّوْكِيدِ، كَقَوْلِكَ: في الدَّارِ قَامَ زَيْدٌ فِيهَا. وَهَذَا الْقَوْلُ إِنّما هُوَ عَلَى حسَبِ قِرَاءَةِ العامَّةِ.
فَقَدْ قَرَأَ جُمْهُورُ القُرَّاءِ: "يُسَبِّحُ" بِكَسْرِ الباءِ.
وقرَأَ ابْنُ عامِرٍ، وَعاصِمٌ في رِوَايَةِ أَبي بَكْرٍ: "يُسبَّح" بِفَتْحِ البَاءِ. "السَّبْعَةُ في القراءاتِ" لأَبي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ" صَ: 456، و "التَّبْصِرَةُ" صَ: 273، "التَّيْسيرُ في القراءاتِ السَّبعِ" لِأَبي عَمْرٍو الداني، صَ: 162.
وَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ (يُسَبَّحُ) بِفَتْحِ البَاءِ لَا تَكُونُ "في" مِنْ صِلَةِ التَّسْبيحِ. وَذَكَرَ بعضُ أَهْلِ المَعاني أَنَّ "في" مِنْ صِلَةِ "تُوقَدُ" كَمَا تقدَّمَ. ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ: (14/144)، والثَّعْلَبِيُّ: (3/85 ب). وحَكَاهُ عن الرُّمانيّ ابْنُ عَطِيَّةَ في الوَجِيزِ: (10/513)، وأَبُو حَيَّانَ في "البحرُ المُحيط): (6/457).
وَاخْتَارَ الوَاحِدِيُّ في "البَسِيطِ" أَنْ لا تُجْعَلَ هَذِهِ الآيَةُ مُتَّصِلَةً بِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الآيَةَ الأُولَى في ضَرْبِ المَثَلِ لِنُورِ المُؤْمِنِ بِالمِشْكَاةِ الَّتي فِيهَا مِصْبَاحٌ يُزْهِرُ بِزَيْتٍ مُضِيءٍ. وَلَا فَائِدَةَ فِي وَصْفِ المِصْبَاحِ بِكَوْنِهِ فِي بُيُوتٍ أَوْ في غَيْرِهَا، وَلَا تَأْكِيدَ لِضَوْئها بِأَنْ تُوصَفَ أَنَّها في بُيُوتٍ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللهِ، وَأَيْضًا فإِنَّهُ وَحَدَ المِشْكاةَ وَجَمَعَ البُيُوتَ، وَلَا تَكونُ مِشْكَاةٌ فِي بُيُوتٍ. وَقدَ حَكَى هَذَا الاعْتِرَاضَ الإمامُ الرَّازِيُّ في تَفْسيرِهِ الكَبيرِ: (2/24)، عِنْ أَبي مُسْلِمِ بْنِ بَحْرٍ الأَصْفَهَانِيِّ.
وإِذًا فَالأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: "فِي بُيُوتٍ" هُوَ ابْتِداءُ كَلَامٍ فِي وَصْفِ مَسَاجِدِ المُؤْمِنينَ الَّذينَ يَذْكُرُونَ اللهَ وُيُصَلّونَ لَهُ وَيَعْبُدونَهُ فِيها.
وَالبَيْتُ: هُوَ مَا أُعِدَّ للبَيْات فيهِ وَلِلْعِيشِ المُسْتَقِرِّ، وَإِلَيْهِ يَأْوِي الإِنْسَانُ طلبًا للراحةِ مِنْ عَنَاءِ يَوْمٍ سَعَى فِيهِ عَلَى رِزْقِهِ وَرِزْقِ عِيَالِهِ، لِيَجِدَ الرَّاحَةَ والسَّعادَةَ في هَذا المَكانِ الخاصِّ بِهِ عَلى أَيَّةِ صُورَةٍ كانَ. أَمَّا البُيُوتُ المَذْكورةُ هُنَا فَهِيَ المَسَاجِدُ الَّتي خَصَّصَها اللهُ لاسْتِضَافَةِ عِبَادِهِ فيها. وَالْبُيُوتُ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: الْمَسَاجِدُ بُيُوتُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَهِيَ تُضِيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. قالَ عبدُ اللهِ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عنْهُ، أَنَّه قالَ في قولِهِ ـ تعالى: "في بُيوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ" يُريدُ المَسَاجَدَ. رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ في تفسيرِهِ: (18/144)، عَنِ العَوْفِيِّ. وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ في تفسيرِهِ: (7/49 ب)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ. وَهُوَ قَوْلُ أَبي صَالِحٍ، كَمَا ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ أَبي حاتمٍ: (7/49 ب)، وَابْنُ كَثِيرٍ: (3/292). وقالَهُ مجاهدٌ أَيْضًا في رِوَايَةِ ابْنِ أَبي نَجيحٍ، رَوَاهُ عَنْهُ الطَّبَرِيُّ: (18/144)، والسُّيُوطِيُّ في "الدُّرِّ المَنْثُورِ": (6/202) وَنَسَبَهُ أَيْضًا لِعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ. وَقالَهُ مُقاتلُ بْنُ سُليمانَ في تَفْسيرِهِ" (2/39 أ). وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ: (7/49 ب)، وَابْنُ كَثيرٍ: (3/292)، عنْ عكرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
وَرَوَى صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ عَنِ ابْنِ أَبي بُرَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرفعَ"، قَالَ: (إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ مَسَاجِدَ لَمْ يَبْنِهَا إِلَّا نَبِيٌّ: الْكَعْبَةُ بَنَاهَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ فَجَعَلَاهَا قِبْلَةً، وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ بَنَاهُ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ، وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ بَنَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدُ قُبَاءٍ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى بَنَاهُ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). أخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيُّ في تَفْسيرِه المُسَمَّى "الكَشْفُ وَالبَيَانُ عَنْ تَفْسيرِ القُرْآنِ"، ط، دَارِ التَّفْسيرِ": (19/273). وأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ أَبي حاتمٍ فِي "تَفْسيرِ القُرْآنِ العَظيمِ" (8/2604) عَنْ أَبي سَعِيدٍ الأَشَجِّ بِهِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبي حاتِمٍ: (7/49 ب)، وَابْنُ كَثيرٍ: (3/292). عَنِ ابْنِ عباسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُمَا، أَنَّهُ قالَ أَيْضًا في الآيةِ: أَنَّها البُيُوتُ كُلُّهَا. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ في "تَفْسِيرِهِ": (2/60)، وَالطَّبَرِيُّ: (18/144). عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ ـ تَعَالَى، عنهُ. وَهُوَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ التفسِّير. انْظُرْ: تفْسيرَ الطَّبَري: (18/144)، وابْنَ الجَوْزي: (6/46)، وَابْنَ كَثيرٍ: (3/292). وَعَلى هذَا فالآية عامَّةٌ في جَمِيعِ المَسَاجِدِ. لِقَولِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: المَسَاجِدُ بُيُوتُ اللهِ فِي الأَرْضِ، وَهِيَ تُضيءُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ النُّجُومُ لِأَهْلِ الأَرْضِ. رَوَاهُ الثَّعْلَبيُّ في "تَفْسيرِهِ": (2/85 ب) مِنْ طَريقِ بُكَيْرِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ بُيُوتُ المَدينَةِ. وَإِنَّما خَصَّ بُيُوتَ المَدينَةِ لِأَنَّها كَانَتْ يُصلّى فِيهَا، وَيُذْكَرُ اللهُ فِيهَا حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. تَفْسِيرُ الثَّعْلَبِيِّ: (3/85 ب).
وَرَوَى لَيْثٌ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّهُ قالَ: هِيَ بُيُوتُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ ابْنُ أَبي حاتِمٍ: (7/50)، وَذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ في "الدُّرِّ المَنْثُورِ": (6/203)، وَعَزَاهُ لَهُ.
وقدْ رُوِيَ هَذا الحديثُ الشَّريفُ مَرْفُوعًا بِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ، فَسُئِلَ ـ عَلَيْهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: أَيُّ بُيُوتٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: "بُيُوتُ الأَنْبِياءِ". رَواهُ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ كَمَا فِي "الدُّرِّ المَنْثُورِ": (6/203)، وَالثَّعْلَبِيُّ في تَفْسِيرِهِ "الكَشْفُ والبَيَانُ ..": (3/85 ب). عَنْ أَنَسِ ابْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ بُريْدَةَ. والقولُ هُوَ الأوَّلُ، لأنَّ قولَهُ "في بُيوتٍ" عامٌّ شاملٌ لمَجيئِهِ نَكِرَةً، وهوَ ظاهِرُ النَّصِّ، واللهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا أَوَّلُ بَيْتٍ اتَّخَذَهُ اللهُ في الأرضِ لاستضافةِ عبادِهِ فيه فهوَ المَسْجِدُ الحرامُ في مَكَّةَ المُكَرَّمةَ، وهو الكَعبةُ المُشَرَّفةُ. قالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ آلِ عُمرانَ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} الآيتانِ: (96 و 97). وَهَذَا هُوَ بَيْتُ اللهِ الَّذي اخْتارَهُ اللهِ.
ثُمَّ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُ اللهِ الَّتي اخْتَارَهَا خَلْقُهُ، فَكَمَا اتَّخَذْتُمْ لِأَنْفُسِكم بُيُوتًا، اتَّخَذَ اللهُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا: "أَذِنَ الله أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" الآيةَ: 36، مِنْ سُورَةِ النُّورِ. وَأَنْتُمْ جَميعًا عِبَادُ اللهِ وَعِيَالُ اللهِ، وَسَوْفَ تَجِدونَ الرَّاحَةَ في بَيْتِهِ ـ تَعَالى، كَمَا تَجِدُونَ الرَّاحَةَ فِي بُيُوتِكُمْ، مَعَ الفَارِقِ بَيْنَ الرَّاحَةِ فِي بَيْتِكَ وَالرَّاحَةِ فِي بَيْتِ اللهِ.
والرَّاحَةُ في بُيُوتِ اللهِ مَعْنَوِيَّة قِيَمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ، غيْبٌ فَيُريحُكَ أَيْضًا بالغَيْبِ ـ كَمَا قَالَ الإمامُ الشَّعراويُّ في تَفْسِيرِهِ. لِذَلِكَ كان النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذا حَزَبَهُ أَمْرٌ قامَ إِلَى الصَّلاةِ مُلْقِيًا بِعنائِهِ وعِبْءِ أَحْمَالِهِ في بابِ رَبِّهِ.
وَإِنَّما يَدْعُو اللهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالى، عِبَادَهُ المُؤمنينَ إِلَى بَيْتِهِ لِيُريحَ نُفُوسَهُم وقلوبهم مِنْ هُمومِ الحياةِ وغمومِها وعذاباتِها، وَلِيَحْمِلَ عنْهم أَعَباءَهَا، وَيُصْلِحَ مَا أَفْسَدَتْهُ مِنْهُمْ، دَعَاهُمْ لِيَفْتَحَ لَهُمْ أَبْوابَهُ ويفَرِّجَ عَنْهُمْ مَا يَشْعُرُونَ بِهِ مِنْ ضيقٍ. فَـ {نُورٌ عَلَى نُورٍ} لَا يَجِدونَهُ إِلَّا في بُيُوتِ رَبِّهمْ، ولا يتحقَّقُ لهم إلَّا بِضِيافةِ مولاهُمْ ومَليكِهِم في بُيُوتِهِ الَّتي أَذِنَ أَنْ تُرْفَعَ وتُشَيَّدَ بالذِّكْر وَالطَّاعَاتِ، قبلَ الحَجَرِ والطِّينِ وغيرِها مِنْ مَوادَّ.
فإِنَّهُ وَإِنْ جَعَلَ اللهُ الأَرْضَ كُلَّهَا لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَسْجِدًا وطهورًا، إِلَّا أَنَّهُ ثَمَّةَ فَرْقٌ بَيْنَ الصَّلاةِ فِي المَسْجِدِ، والصَّلاةِ في غيرِهِ.
وإنَّما تُرْتَفِعُ بُيُوتٌ عَلَى أُخْرى بِمَا يُقَامُ فِيهَا مِنْ طَاعَاتٍ وَعِبَاداتٍ، فَالمَسْجِدُ مَكَانُ الطاعةِ والعِبَادَةِ، ويجِبُ أَلَّا يُعْصَى اللهُ فِيهِ أَبَدًا فقد عَظَّمَ اللهُ بُيُوتَهُ أَنْ يُعْصَى فِيهَا، وَعَظَّمَ رُوَّادَها أَنْ يَشْتَغِلُوا فِيها بِأُمُورِ الحَيَاتِيةِ الدنيوية وسَفَاسِفِها، فمَنْ أَرادَ دُخولَ مَسْجِدٍ علَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الدُّنيا ومشاغِلَها عَلَى بِابِهِ ثمَّ يدخُلُ.
وَلِذَلِكَ نَهَى الإِسْلَامُ عَنْ أَنْ تُعْقَدَ صَّفَقاتُ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ والعُروضِ التِّجارِيَّةِ في بُيُوتِ اللهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لِأَنَّها سَتَكونُ خَاسِرَةً بِائِرَةً، وَنهَى أَنْ يَّنْشُدَ المَرْءُ ضَالَّتَهُ في المَسْجِدِ؛ وَدَعا علَيْهِ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عليْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا يَرُدَّها عَلَيْهِ، وَقَدْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نَقُولَ لِمَنْ يَفْعَلُ هَذَا بِالمَسْجِدِ: "لَا رَدَّها اللهُ عَلَيْك". جاء ذلكَ فيما أَخْرَجَ مُسْلمٌ في الصَّحيحِ: (2/82)، مِنْ حديثِ أبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا)). أَخْرَجَه الإمامُ أَحْمَدٍ: (8588)، وَأَبُو دَاوُدَ: (473)، وَابْنُ مَاجَهْ: (767)، وابْنُ خُزَيْمَةَ: (1302)، وَابْنُ حِبَّانَ: (1651) والبَيْهَقِيُّ السُّنَنِ الكُبْرَى: (5/179)، وفي الصُّغْرَى: (2232). وَلِقَوْلِهِ أَيْضًا ـ عَلَيْهِ وآلِهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ: ((إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَكَ. وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنشُد ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ)). رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ في سُنَنِهِ بِرَقَم: (3121)، مِنْ حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَرَوَى اِبْنُ مَاجَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيث عبدِ اللهِ اِبْنِ عُمَر ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، مَرْفُوعًا أَنَّهُ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسلَّمَ، قَالَ: ((خِصَال لَا تَنْبَغِي فِي الْمَسْجِد: لَا يُتَّخَذ طَرِيقًا وَلَا يُشْهَر فِيهِ سِلَاح وَلَا يُنْبَض فِيهِ بِقَوْسٍ وَلَا يُنْثَر فِيهِ نَبْل وَلَا يُمَرّ فِيهِ بِلَحْمٍ نِيء وَلَا يُضْرَب فِيهِ حَدّ وَلَا يَقْتَصّ فِيهِ أَحَد وَلَا يُتَّخَذ سُوقًا)). سُنَنُ ابْنِ مَاجَةَ: (ج:1،ص:247،ح: 748)، وَابْنُ عَدِيٍّ في "الكامل": (4/154). ورواهُ ابنُ حِبّاَنَ أَيْضًا والحديث ضعيفٌ. وَعَنْ وَاثِلَة بْن الْأَسْقَعِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ((جَنِّبُوا الْمَسَاجِد صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ، وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعكُمْ، وَخُصُومَاتكُمْ، وَرَفْع أَصْوَاتكُمْ، وَإِقَامَة حُدُودكُمْ، وَسَلّ سُيُوفكُمْ، وَاِتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَع)). أَخرجَهُ الطبرانيُّ في المعجم الكبير: (ج: 22/ ص: 57 ح: 136). وفي سَنَدِهِ ضَعْفٌ.
وَقَدْ كَانَ عُمَر بْن الْخَطَّاب ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، "إِذَا رَأَى صِبْيَانًا يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِد ضَرَبَهُمْ بِالْمِخْفَقَةِ". وَهِيَ الدِّرَّة وَكَانَ يُفَتِّش الْمَسْجِد بَعْد الْعِشَاء فَلَا يَتْرُك فِيهِ أَحَدًا.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ، حَتَّى كَرِهُوا رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ. وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ ـ رَضِي اللهُ عنْهُ، وَأَصْحَابُهُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، رَفْعَ الصَّوْتِ فِي الْخُصُومَةِ وَالْعِلْمِ، قَالُوا: لِأَنَّهُمْ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
وَقولُهُم هَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، فَقَوْلُهُمْ: "لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ"، مَمْنُوعٌ، بَلْ لَهُمْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: بِمُلَازَمَةِ الْوَقَارِ وَالْحُرْمَةِ، وَبِإِحْضَارِ ذَلِكَ بِالْبَالِ، وَبالتَّحَرُّزِ مِنْ نَقِيضِهِ أَيْضًا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَتَّخِذْ لِذَلِكَ مَوْضِعًا يَخُصُّهُ، كَمَا فَعَلَ عُمَرُ حَيْثُ بَنَى رَحْبَةً تُسَمَّى الْبُطَيْحَاءَ، وَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَلْغَطَ أَوْ يُنْشِدَ شِعْرًا ـ يَعْنِي فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلْيَخْرُجْ إِلَى هَذِهِ الرَّحْبَةِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنينَ عُمَرَ بْنَ الخَطابِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ، كَانَ يَكْرَهُ إِنْشَادَ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلِذَلِكَ بَنَى الْبُطَيْحَاءَ خَارِجَهُ. فإِنَّ مَنِ الْتَزَمَ بِآدَابِ المَسْجِدِ لَقيَ مِنْ رَبِّهِ "نُورُا عَلَى نُورٍ"، وَزَالَتْ عَنْهُ الهمومَ وَالغُمومَ وحُلَّ عَسِيرُهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.
وَأَمَّا النَّوْمُ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مِنَ الْغُرَبَاءِ، وَمِمَّنْ لَا بَيْتَ لَهُ فَجَائِزٌ، لِما جاءَ فِي صحيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ رَوَىَ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُما: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ فُقَرَاءَ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حديثِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُما: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: وَتَرْجَمَ (بَابَ نَوْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ)، وَأَدْخَلَ حَدِيثَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ ـ رَضِي اللهُ عنها، فِي قِصَّةِ السَّوْدَاءِ، الَّتِي اتَّهَمَهَا أَهْلُهَا بِالْوِشَاحِ.
قَالَتْ أُمُّ المُؤمنينَ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (وَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ أَوْ حِفْشٌ ...)
فقد أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ في صحيحِهِ: (4/535) مِنْ حديثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبيرِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ المُؤمنينَ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنها وعنهُمْ أجْمَعينَ، أَنَّ وَلِيدَةً كَانَتْ مِنَ الْعَرَبِ، فَأَعْتَقُوهَا، فَكَانَتْ مَعَهُمْ، فَخَرَجَتْ صَبِيَّةٌ لَهُمْ عَلَيْهَا وِشاحٌ أَحْمَر مِنْ سُيُورٍ، قَالَتْ: فَوَضَعَتْهُ فَمَرَّتْ بِهِ حُدَيَّاةٌ، وَهُوَ مُلْقًى فَحَسِبَتْهُ لَحْمًا فَخَطِفَتْهُ قَالَتْ فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ قَالَتْ فَاتَّهَمُونِي بِهِ فَقَطَعُوا بِي يُفَتِّشُونِي، فَفَتَّشُوا حَتَّى فَتَّشُوا قُبُلَهَا قَالَتْ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَقَائِمَةٌ مَعَهُمْ إذا مَرَّتِ الْحُدَيَّاة، فَأَلْقَتْهُ فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ قَالَتْ فَقُلْتُ هَذَا الَّذِي اتَّهَمْتُمُونِي بِهِ زَعَمْتُمْ وَأَنَا مِنْهُ بَرِيئَةٌ وَهُوَ ذَا هُوَ قَالَتْ فَجَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَسْلَمْتُ قَالَتْ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ أُمِّ المُؤمنينَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْها وأَرضاها: وَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي الْمَسْجِدِ، وقالتْ: فكانت تأتيني، فَتَتَحَدَّثُ عِنْدِي، قالت: لَا تَجْلِسُ عِنْدِي مَجْلِسًا إِلَّا قَالَتْ هَذا البيتَ:
وَيَوْمَ الْوِشَاحِ مِنْ أَعَاجِيبِ رَبِّنَا .................... أَلَا إِنَّهُ مِنْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجاني
قَالَتْ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ أُمِّ المُؤمنينَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنها وأَرْضَاهَا: فَقُلْتُ لَهَا: مَا شَأْنُكِ لَا تَقْعُدِينَ مَعِي مَقْعَدًا إِلَّا قُلْتِ هَذَا؟ قَالَتْ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْها: فَحدثتني بهذا الحديث. والحِفْشُ (بِكَسْرِ الحاءِ، وَسُكونِ الفَاءِ): هوَ بَيْتٌ صَغيرٌ. وَيُقَالُ: كَانَ مَبِيتُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنْهُ، في مَسْجِدِ رَسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أَرْبَعِينَ سَنَةً. صَحيحُ ابْنِ حِبَّانَ ـ مُحَقَّقًا: (4/536).

قَوْلُهُ: {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} قَالَ مُجَاهِدٌ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قولُهُ تَعَالَى: "أَنْ تُرفعَ": أَنْ تُبْنَى، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وإسْماعيلُ} الآيةَ: 127. وَقَالَ الحَسَنُ البَصْريُّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قولُهُ تَعَالَى: "أَنْ تُرفعَ" أَيْ: أَنْ تُعَظَّمَ، يَعْنِي أَلَّا يُذْكَرَ فِيهَا الْخَنَا مِنَ الْقَوْلِ.
وَأخرج الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، عَن رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: وذَكَرَ الثَّعَالِبِّيُّ في تفسيرِهِ: "الجواهر الحسان في تفسير القرآن: (4/190)، عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الخطابِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ وأرضاهُ، أَنّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((يُجْمَعُ النَّاسُ فِي صَعِيدٍ وَاحَدٍ، يَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، ويُسْمعُهُمُ الدَّاعِي، فَيْنَادِي مُنَادٍ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ لَمِنَ الْكَرَمُ اليَوْمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانَتْ "تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ" الآيةَ: 16، مِنْ سُورَةِ السَّجْدَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْنَ الَّذِينَ كَانُواْ {لَا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}، إلى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الجَمْعِ لَمِنِ الكَرَمُ اليَوْمَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْنَ الحَمَّادُونَ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ رَبَّهمْ؟)). أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ في المُسْتدركِ: (2/433، رقم: 3508) وصَحَّحَهُ، ووافقَهُ الذَّهبيُّ في التلْخيصِ. وَالبَيْهَقِيُّ في "شُعَبِ الإيمانِ: (3/170، بِرَقم: 3246)، وأَبُو نُعَيْمٍ في "حِلْيَةُ الأَوْلِياءِ وَطَبَقَاتُ الأَصْفَيِاءِ: (2/9/11179، 26585). وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ أَبي إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ المُبَارَكِ مِنْ طَريقِ ابْنِ عبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ نادى مُنَادٍ: سَتَعْلَمُونَ اليَوْمَ منْ أَصْحَابُ الكَرَم، لِيَقُمْ الحَامِدُونَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلى كُلِّ حَالٍ، فَيَقُومُونَ، فَيُسَرَّحُونَ إلَى الجَنَّةِ، ثُمَّ يُنَادِي ثَانِيَةً: سَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الكَرَمِ لِيَقُمِ الَّذِينَ "كَانَتْ جُنُوبُهُمْ تَتَجَافَى عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ" قَالَ: فَيَقُومُونَ، فَيُسَرَّحُونَ إلى الجنَّة، ثُمَّ يُنَادِي ثَالِثَةً: سَتَعْلَمُونَ اليَوْمَ مَنْ أَصْحَابُ الكَرَمِ لِيَقُمَ الَّذِينَ كَانَتْ: "لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ" فيَقُومُونَ، فَيُسَرَّحُونَ إلى الجَنَّة)).
وأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيُ اللهُ عَنْهُمَا: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ"، قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِدُ تُكَرَّمُ، وَنَهَى عَنِ اللَّغْوِ فِيهَا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ"، قَالَ: هِيَ الْمَسَاجِدُ أَذِنَ اللهُ فِي بُنْيَانِهَا وَرَفْعِهِا، وَأَمَرَ بِعِمارَتِها وَبِطَهُورِهَا.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ" قَالَ: فِي مَسَاجِدَ أَنْ تُبْنَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قالَ أَيْضًا: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ" قَالَ: هِيَ بيُوتُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ، عَنِ الْحسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ"، يَقُول: أَنْ تُعَظَّمَ بِذكِرِهِ فيها، وَ "يٌسبِّحُ" يُصَلِّي لَهُ فِيهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قالَ فِي قَوْلِهِ ـ تعالى: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ"، قَالَ: إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعُ مَسَاجِدَ لَمْ يُبْنِهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ: الْكَعْبَةُ بَنَاهَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْماعِيلُ، وَبَيْتُ الْمُقَدّسِ بَنَاهُ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ، وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدُ قُبَاء أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَبُرَيْدَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما قَالَا: قَرَأَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَذِهِ الْآيَةَ: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ"، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: أَيُّ بيُوتٍ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: ((بيُوتُ الْأَنْبِيَاءِ)). فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الْبَيْتُ مِنْهَا، بَيْتُ عَليٍّ وَفَاطِمَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ مِنْ أَفاضِلِهَا)).
وبما أنَّ المَساجِدَ بيوتُ اللهِ في الأرضِ، لذلكَ فقد وَجَبَ تعظيمُها لأنَّ في ذلكَ تعظيمٌ لِصاحبِها، ومِنْ مَظاهِرِ تعظيمِ المَساجِدِ الحفاظُ عليها نَظِيفَةً طاهِرةً مِنَ الأوساخِ والأقذارِ، فَقد أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَةَ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ ـ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُا، أَنَّها قَالَتْ: أَمَرَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ، وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ.
وَأَخْرَجَ الإمامُ أَحْمَدُ بنُ حنبلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَنْ عُرْوَةَ بِنْ الزُّبَيْرِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَصْنَعَ الْمَسَاجِدَ فِي دُورِنَا وَأَنْ نُصْلِحَ صَنْعَتَهَا وَنُطَهِّرَهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، أَنَّ أَميرَ المُؤمنينَ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، كَانَ يُجَمِّرُ الْمَسْجِدَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. أَيْ: يُبَخِّرُهُ بالطِّيبِ، وَالَّذِي يَتَوَلَّى ذَلِكَ مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ وَمِنْهُ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الَّذِي كَانَ يَلِي إِجْمَارَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمَجَامِر: جَمْعُ مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فَبِالْكَسْرِ هُوَ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ النَّارُ وَالْبَخُورُ، وَبِالضَّمِّ الَّذِي يُتَبَخَّرُ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ وَالسَّلامُ: ((بَخُورُهم الأَلُوَّةُ))، وَ "الأَلُوَّةُ": هُوَ الْعُودُ.
وَيَحْرُمُ على المُسْلِمِ إلقاءُ الأَقْذَارِ في المَسْجِدِ، حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ نُخامَةً، فهي وإلَّمْ تكنْ نَجِسَةً، إلَّا أنَّها تقزِّزُ النَّفْسَ وتُنَفِّرُّها، ولِذَلِكَّ وَرَدَ في النَّهْي عنها عَدَدٌ مِنَ الآثارِ، وقدْ خُصَّتِ النُّخامةُ بالذِّكْرِ في النهي لأنَّ ذلكَ كثيرًا ما يَقَعُ مِنَ الناسِ، وقدَ يستسهلونَ ذلكَ ولَا يعبؤونَ بِهِ، ولا يُلْقونَ لهُ بالًا لأنَّهُ أَمْرٌ اعتادوا على فعلِهِ في حياتهِمُ العامَّةِ وإنْ كانَ مَكروهًا مُنَفِّرًا مُقزِّزًا للنَّفسِ. ومِنْ هَذِهِ الآثارُ ما أَخْرَجَ ابْنُ أبي شَيْبَةَ عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: التَّفْلُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُوارِيَهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبي أُمَامَةَ الباهليِّ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((البُزاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَدَفْنُهُ حَسَنَةٌ)).
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعجَمِهِ "الْأَوْسَط"، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((البُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ)).
وَأَخْرَجَ الإمامُ الْبَزَّارُ عَنِ ابْن عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((البُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ)).
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُما، أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُبْعَثُ النُّخامَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْقِبْلَةِ، وَهِيَ فِي وَجْهِ صَاحبهَا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيّ عَن أبي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((مَنْ بَزَقَ فِي قِبْلَةٍ وَلَمْ يُوارِها، جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْمَى مَا تَكونُ حَتَّى تَقَعَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أبي شَيبَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: إِذَا بَزَقَ فِي الْقبْلَةِ، جَاءَتْ أَحْمَى مَا تَكونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى تَقَعَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيبَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: مَنْ صَلَّى فَبَزَقَ تُجاهَ الْقبْلَةِ، جَاءَتِ البَزْقَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي وَجْهِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: إِنَّ الْمَسْجِدَ لَيَنْزَوي مِنَ المُخَاطِ، أَوِ النُّخامَةِ، كَمَا تَنْزَوي الْجِلْدَةُ مِنَ النَّارِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: أَوَّلُ مَا خُلِقَتِ الْمَسَاجِدُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى فِي الْمَسْجِدِ نُخَامَةً فَحَكَّهَا ثمَّ أَمَرَ بِخَلُوقٍ، فَلَطَخَ مَكَانَهَا، قَالَ: فَخَلَقُ النَّاسِ الْمَسَاجِدُ. والخَلوقُ نوعٌ مِنَ طِيبِ النِّساءَ، تَغْلِبُ عَلَيْهِ الحُمْرَةُ والصُّفْوَةُ يُتَّخَذُ مِنَ الزَّعْفَرانِ وَغَيْرِهِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ الإمامِ الشّعْبِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَن رَسُولَ اللهِ ـ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ نُخامَةً، فَقَامَ إِلَيْهَا فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، ثمَّ دَعَا بِخَلُوقٍ .. فَقَالَ الشّعبِيّ: هُوَ سُنَّةٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَتْبَعُ غُبَارَ الْمَسْجِدِ بِجَريدَةٍ.
وَأَخَرْجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: كَانَ الْمَسْجِدُ يُرَشُّ وَيُقَمُّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمُ القَمْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَصُرَّهَا فِي ثَوْبهِ حَتَّى يُخْرِجْهَا)).
وأخرجَ أبو دَاوُدَ في مَرَاسِيلِهِ: (صَ: 79): ((إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمُ الْقَمْلَةَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَلَا يُلْقِهَا، وَلَكِنْ لِيَصُرَّهَا حَتَّى يُصَلِّي)). قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحابِ سَيِّدِنا رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، أَنَّهُمْ كَانُوا يَقْتُلُونَ الْقَمْلَ، وَالْبَرَاغِيثَ فِي الصَّلَاةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خِصَالٌ لَا يَنْبَغينَ فِي الْمَسْجِدِ: لَا يُتَّخَذُ طَرِيقًا، وَلَا يُشْهَرُ فِيهِ سِلَاحٌ، وَلَا يُقْبَضُ فِيهِ بِقَوْسٍ، وَلَا يُتَّخذُ سُوقًا)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَة أَنْ تُتَّخَذَ الْمَسَاجِدُ طُرُقًا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَةَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ ـ رَضِيَ الله عنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَارَكُمْ، وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتكُمْ، وإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخذُوا عَلَى أَبْوَابهَا الْمَطَاهِر، وبَخِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ)). سُنَنُ ابْنِ مَاجَةَ: (2/67).
وأَخرجَهُ الإمامُ الطبراني عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ـ رَضِيَ الله عنْهُ، في مُعجَمِ الشَّاميينَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَحدوَدَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ، وَرَفَعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَجَمِّرُوهَا يَوْمَ جُمَعِكُمْ، وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا مَطَاهِرَكُمْ)). مُسْنَدُ الشَّامَيينَ: (4/374). وفي مُعجَمِهِ الكبيرِ: (20/173). والبيهقيُّ في (مَعْرِفَةُ السُّنَنِ والآثارِ: (14/223)، مِنْ حديثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ ـ رضِيَ اللهُ عنْهُ. وفي السُّنَنِ الكُبرى: (10/177).
وَأخرج الأئمَّةُ: ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْبُخَارِيّ في صحيحِهِ، وَمُسلمٌ في صحيحِهِ، وَأَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ، وَابْنُ ماجةَ عَنْ أَبي مُوسَى الأشعريِّ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذا مَرَّ أَحَدُكُم بِالنَّبْلِ فِي الْمَسْجِدِ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نُصُولِهَا.
وَأَخْرَجَ ابْن أَبي شَيْبَةَ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ َضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ البَيْعِ وَالشِّرَاء فِي الْمَسْجِدِ، وَعَنْ تَنَاشُدِ الْأَشْعَارِ. وَلَفْظُ ابْنِ أَبي شَيْبَةَ: عَنْ انْشَادِ الضَوَالِّ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ في عَنْ ثَوْبَانَ النَّبَوِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مَوْلَى سيِّدِنا رَسُوْلِ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يٌنْشِدُ شِعْرًا فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَهُ فَضَّ اللهُ فَاكَ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا لَا وَجَدَتهَا، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولَا: لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتِكَ)). "المُعْجَمُ الكَبيرِ": (2/103، ح: 1454). وَأَبُو نُعَيْمٍ في "مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ": (3/288: 1388). وابْنُ السِّنِّيِّ في "عَمَلُ اليَوْمِ وَالَّليْلَةِ: (ص: 78: 153)، وَكَنْزُ العُمَّالِ: (ج/ص: ح: 23091)، وَعبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا تُسَلُّ السُّيُوفُ، وَلَا تُنْثَرُ النَّبْلُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا يُحْلَفُ بِاللَّهِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَلَا تُمْنَعُ القائلَةُ فِي الْمَسَاجِدِ، مُقيمًا وَلَا مَضِيفًا وَلَا تبنى التصاوير وَلَا تَزَيَّنُ بِالْقَوَارِيرِ، فَإِنَّمَا بُنِيَتْ بِالْأَمانَةِ وَشَرُفَتْ بِالْكَرَامَةِ)). أَخْرَجَهُ الطَّبَرانيُّ في الكَبيرِ: (2/139).
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ عَن جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا تُقَام الْحُدُود فِي الْمَسَاجِدِ
وَلا يجوزُ للمُسْلِمِ أَنْ يأْخُذَ شيئًا مِما هُوَ خاصٌّ بالمَسْجدِ مَهْمَا كانَ تافهًا ورخيصًا وليسَ لهُ ثمنٌ يُذْكَرُ، ولوْ أَنَّهُ حَصاةٌ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ أَخْرَجَ حَصَاةً مِنَ الْمَسْجِدِ: رُدَّهَا وَإِلَّا خاصَمْتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: إِنَّ الْحَصَاةَ إِذَا أُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ تُنَاشِدُ صَاحِبَهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: إِذا خَرَجَتِ الْحَصَاةُ مِنَ الْمَسْجِدِ صاحَتْ، أَوْ سَبَّحَتْ.
وَأَخْرَجَ ابْن أبي شيبَة عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: الْحَصَاةُ تَسُبُّ وَتَلْعَنُ مَنْ يُخْرِجْهَا مِنَ الْمَسْجِدِ.
وَأَخَرْجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: الْحَصَاةُ إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ تَصِيحُ حَتَّى تُرَدَّ إِلَى مَوْضِعِهَا.
وَمِنْ آدابِ المَسَاجدِ أَنْ يدعوَ اللهُ عِنْدَ دخولِه المَساجدِ وعندَ خروجِهِ مِنْهَا، والأفضَلُ أَنْ يدعوَ بالمَأْثورِ عَنْ سَيِّدِنا رسولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وَمِنْهَا ما أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَةَ، عَنْ سَيِّدَتِنا فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُا وأَرْضَاهَا، بِنْتِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، أَنَّها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ: ((بِسْمِ اللهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ)).
وَإِذَا خَرَجَ قَالَ: ((بِسْمِ اللهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لي أَبْوَابَ فَضْلِكَ)). أخرجَهُ أحمدُ في مُسْنَدِهِ: (44/16). وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ في مُصَنَّفِهِ: (1/425، رقم: 1664)، وابْنُ أَبي شَيْبَةَ: (10/406). والتِّرْمِذِيُّ (ح/314). وَابْنُ مَاجَهْ: (820)، وَالنَّسائيُّ بِرَقم: (771). وأَبو يَعَلَى المَوْصِلِيِّ في مُسْنَدِهِ: (12/121). وَغَيْرُهم. والحديثُ صحيحٌ.
ومنْ آدابِ دخولِ المَساجدِ أَنْ تُحيا بالصَّلاةِ، فَقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((أعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا)). قِيلَ: وَمَا حَقُّهَا؟. قَالَ: (رَكْعَتَانِ قَبْلَ أَنْ تجْلِسَ)).
قولُهُ: {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} وَذِكْرُ اسْمِ اللهِ ـ تباركَ وتعالى، لهُ صيَغٌ عديدةٌ، فالصَّلاةُ، ذِكْرٌ، وتلاوةُ القرآنِ ذِكْرٌ، والتَّسبيحُ، ذِكْرٌ، والتَّهْليلُ ذِكْرٌ، وحمدُ اللهِ ذِكْرٌ، والصَّلاةُ عَلَى رَسُولِهِ ذِكرٌ .. . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيُ اللهُ عَنْهُمَا: "وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ": يُتْلَى فِيهَا كِتَابَهُ. أَخْرَجَهُ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ.
قولُهُ: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} يُسَبِّحُ لَهُ أَيْ: يُصَلِّي، لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ، أَيْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيُ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قالَ: "يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ": يُصَلِّي لَهُ فِيهَا بالغُدْوَةِ: صَلَاةُ الْغَدَاةِ، وَالْآصَالِ: صَلَاةَ الْعَصْر، وَهُمَا أَوَّلُ مَا فَرَضَ اللهُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَأَحَبَّ أَنْ يَذْكُرَهُما وَيَذْكُرَهُما عِبَادُهُ.
قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ أَرَادَ بِهِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ. فَالَّتِي تُؤَدَّى بِالْغَدَاةِ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَالَّتِي تُؤَدَّى بِالْآصَالِ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْعِشَاءَيْنِ لِأَنَّ اسْمَ الْأَصِيلِ يَجْمَعُهُمَا. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ.
وَعَنْ أَبَي بَكْرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: التَّسْبِيحُ بِالْغُدُوِّ: صَلَاةُ الضُّحَى.
أخرجَ البغويُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ، وَمَنْ مَشَى إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عليين)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبُ الإِيِمانِ" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، أنَّهُ قَالَ: إِنَّ صَلَاةَ الضُّحَى لَفِي الْقُرْآن، وَمَا يَغُوصُ عَلَيْهَا الأَغْواصُ، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "فِي بيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ، يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغُدُوِّ وَالْآصَالِ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 36 (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 35 (2)
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 5
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 20
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 35 (3)
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 6

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: