قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ
(30)
قولُهُ ـ تَعَالى شأْنُهُ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ} يَأْمُرُ اللهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى، رَسولَهُ الكريمَ، عَلَيْهِ أَفضلُ الصَّلاةِ وأَكْمَلُ التَّسْلمِ، أَنْ يأْمُرَ المُؤمنينَ بِغَضِ أَبْصارِهمْ، وحِفْظِ فُروجِهِمْ. فالأَمْرُ إذًا خاصٌ بالمؤمنينَ لأنَّ غيرَ المُؤمنِ باللهِ ورسولِهِ، ليسَ أهلًا لأَنْ يكلِّفَهُ اللهُ بِشَيْءٍ، وكيفُ يُكَلِّفُهُ، وهو غيرُ مُؤمنٍ باللهِ أصْلًا.
فإنَّهُ بعدَ بيانِ حُكْمَ الِاسْتِئْذَانِ على الآخرينَ في دُخولِ بيوتِهِمْ عليهِم، أَعْقَبَ بِبَيَانِ آدَابِ مَا تَقْتَضِيهِ مُجَالَسَتُهُم، بَعْدَ الدُّخُولِ، فَعليْهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُطلِقًا لبَصَرِهِ العنان في النَّظَرِ إِلَى امْرَأَةٍ فِيهِ، بَلْ عليهِ إِذَا ما جَالَسَتْهُ امْرَأَةٌ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ فَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا إِلَّا النَّظَرَ الَّذِي يَعْسُرُ صَرْفُهُ عنْها.
قولُهُ: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} يَعْني قُلْ يا رَسولَ اللهِ لِعِبَادِنَا المُؤمنينَ لِيَصْرِفُوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ النَّظَرِ إلى المحَرَّمَّاتِ مِنَ النِّساءِ، وَلَا يَنْظُرُوا إِلَى حُرُماتِ النَّاسِ، ذلكَ لِأَنَّ النَّظَرَ قَدْ يَجُرُّ إِلَى الزِّنَا فَتَسْمِيَةُ مُقَدِّمَةِ الزِّنَا بِالزِّنَا مِنَ المُبَالَغَةِ، أَوْ إِطْلَاقٌ لِلْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَقيلَ: النَّظَرُ بريدُ الزِّنا، ورائدُ الفُجُورِ، قالَ الشاعرُ ابْنُ أبي حَجْلَةَ أحمدُ بْنُ يَحيى التلمسانيُّ الحنفيُّ:
كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ ............... وَمُعْظَمُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِوَالعَيْنُ أَصْلْ عِنَاهَا فِتْنَةُ النَّظَرِ .................. وَالقَلْبُ كُلُّ أَذاهُ الشُّغْلُ بِالفِكَرِ
كَمْ نَظْرَةٍ فَعَلَتْ فِيْ قَلْبِ فَاعِلِهَا ................ فِعْلَ السِّهَامِ بِلاَ قَوْسٍ وَلاَ وَتَرِكَمْ نَظْرَةٍ نَقَشَتْ في القَلْبِ صُورَةَ مَنْ ........... رَاحَ الفُؤَادُ بِهَا في الأسْرِ وَالحَذَرِ
وَالْمَرْءُ مَا دَامَ ذَا عَيْنٍ يُقَلِّبُهَا ................ فِيْ أعْيُنِ الْعِيْنِ مَوْقُوْفٌ عَلَى الْخَطَرِيَسُرُّ نَاظِرَهُ مَا ضَرَّ خَاطِرَهُ ......................... لاَ مَرْحَبًا بِسُرُوْرٍ عَادَ بِالضَّرَرِ
فَالقَلْبُ يَحْسُدُ نُورَ العَيْنِ إِذْ نَظَرَتْ ............... وَالعَيْنُ تَحْسُدُهُ حَقًا عَلَى الفِكَرِ
يَقُولُ قَلْبِي لِعَيْنِي كُلَّمَا نَظَرَتْ ..................... كَمْ تَنْظُرِينَ رَمَاكِ اللهُ بِالسَّهَرِ
فَالعَيْن تُورثُهُ هَمًا فَتُشْغِلُهُ ..................... وَالقَلْبُ بالدَّمْعِ يَنْهَاهَا عَنِ النَّظَرِ
هَذَانِ خَصْمَانِ لا أَرْضَى بِحُكْمِهِمَا .......... فَاحْكُمْ فَدَيْتُكَ بَيْنَ القَلْبِ وَالبَصَرِ
وَلَمَّا كَانَ الْغَضُّ التَّامُّ للبَصَرِ غيرَ مُمْكِنٍ، فقد جِيءَ بِحَرْفِ الجَرِّ "مِنْ" التبعيضيَّةِ إِيمَاءٌ إِلَى ذَلِكَ، إِذْ مِنَ الْمَفْهُومِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْغَضِّ فِيهِ، هُوَ مَا لَا يَلِيقُ تَحْدِيقُ النَّظَرِ إِلَيْهِ.
وأخرج الأئمةُ: عَنْ بُرَيْدَةَ ـ رَضيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأميرِ المُؤمنينَ عَلِيٍّ ـ رضيَ اللهُ عنهُ: ((يَا عَلَيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ)). حديثٌ حَسَنٌ. أَخْرجهُ أَحمدُ: (5/351 و 353 و 357)، وأَبو داودَ: (2149)، والترمذيُّ: (2777) وقال: هَذا حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ، والطَحاوي في "لمعاني" (3/15)، وفي "المُشْكل": (1867)، والحاكمُ: (2/194)، وصحَّحَهُ عَلى شَرْطِ الشيخينِ ووافقه الذهبي، وأَخرجَهُ البَيْهَقِيُّ أيضًا: (7/90).
وَالْغَضُّ: صَرْفُ الْمَرْءِ بَصَرَهُ عَنِ التَّحْدِيقِ وَتَثْبِيتِ النَّظَرِ. وَيَكُونُ مِنَ الْحَيَاءِ والمروءةِ والفروسيَّةِ التي عُرفَ بها العَرَبي قبلَ الرِّسالةِ, قَالَ عَنْتَرَةُ العبسيُّ:
وَأَغُضُّ طَرَفِي حِينَ تَبْدُو جَارَتِي ........................ حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا
وَيَشْمَلُ الأمرُ غَضَّ الْبَصَرِ عَمَّا اعْتَادَ النَّاسُ كَرَاهِيَةَ التَّحَقُّقِ فِيهِ، كَالنَّظَرِ إِلَى خَبَايَا الْمَنَازِلِ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ كَذَلِك.
وَقدْ شَبَّهَ النَّبِيُّ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ، النَّظْرَةَ إِلى المَرأَةِ بالسَّهْمِ المَسْمومِ يَرمِي بِهِ إِبْلِيسُ اللَّعينُ قلْبَ المُؤمِنِ فيخترقَهُ، قالَ ـ عَلَيْهِ وآلِهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: ((النَّظَرُ إلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأةِ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيْسَ، فَمَنْ رَدَّ بَصَرَهُ ابْتِغَاءَ ثَوَاب اللهِ أبْدَلَهُ اللهُ بذلِكَ مَا يَسُرُّهُ)). ذَكَرَهُ الحَكِيمُ التِّرمِذِيُّ، في النوادرِ: (3/181)، عَنْ سيِّدِنا عليٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وأَخْرَجَ الحاكِمُ في مُسْتدْرَكِهِ عَنْ عبدِ اللهِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، مَرْفُوعًا: ((النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسٍ، مَنْ تَرَكَهَا مِنْ مَخافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمانًا يَجِدُ حَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ)). وأخرجَهُ الهيثميُّ أَيْضًا في مَجْمَعِ الزَّوائدِ. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا هو وَالطَّبَرانيُّ مِنْ حديثِ خُذَيْفةَ بْنِ اليَمَانِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بِسَنَدٍ صَحِيحِ.
قولُهُ: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمْ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بْنُ حنبلٍ في مُسْنَدِهِ: (5/323، رقم: 22809)، وَابْنُ حِبَّانَ في صَحيحِهِ: (1/506، رقم: 271)، والحاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ: (4/399، رقم: 8066)، وَقَال: صَحيحُ الإِسْنَادِ. وَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ في التَلْخيصِ وقالَ: فيهِ إِرْسالٌ. وأَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ: (6/288، رقم: 12471)، وَفي (شُعَبُ الإِيمانِ): (4/205، برقم: 4802)، وقالَ ابْنُ حجرٍ الهَيْثَمِىُّ: (4/145): رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالطَّبَرانىُّ في الأَوْسَطِ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ المُطَّلِبَ لِمْ يَسْمَع مِنْ عُبادَةَ.
قولُهُ: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أَزْكى: أَطْهَرُ وَأَصْلَحُ لَكُمْ عِنْدَ بارئكم ـ سُبْحانَهُ، واسْمُ التفضيلِ هَذا مَسْلُوبُ الْمُفَاضَلَةِ. لأنَّ الْمُرَادَ تَقْوِيَةُ تِلْكَ التَّزْكِيَةِ بغضِ الأبصارِ وحفظ الفروجِ، لِأَنَّ ذَلِكَ جُنَّةٌ مِنِ ارْتِكَابِ ذُنُوبٍ كبيرةٍ وآثامٍ عَظِيمَةٍ.
قولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} أَيُ: يَعْلَمُ ما تَصْنَعونَ بالفُروجِ والأبصارِ. وهذه الجملةُ تذييلٌ لما تقدَّم.
قولُهُ تَعَالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ} قُلْ: فِعْلُ أَمْرٍ مبنٌّ على السُّكونِ، وفاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعُودُ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ. ومَقُولُهُ مَحْذوفٌ، والتقديرُ: قُلْ لِلْمُؤْمٍنين غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، لِدَلَالَةِ جَوَابِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قولُهُ في الجملةِ التي تَليها: "يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ". وَ "لِلْمُؤْمِنِينَ" اللامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قُلْ"، "الْمُؤْمِنِينَ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، وعلامةُ جَرِّهِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ، والجملَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ أَحْكَامٍ كُلِّيَّةٍ شَامِلَةٍ كافَّةٍ يَنْدَرِجُ فِيهَا، حُكْمُ المُسْتَأْذِنينَ عِنْدَ دُخُولِهِمْ بُيُوتًا غيرَ بيوتِهِم انْدِراجًا كُلِّيًّا.
قولُهُ: {يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} يَغُضُّوا: فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزُومٌ بِالطَّلَبِ السَّابِقِ، وَعَلامَةُ جزمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ، لِأَنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ. وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، وَالألِفُ للتَّفريقِ، و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ للتَّبْعِيضِ لأَنَّهُ يُعْفَى عَنِ النَّاظِرِ أَوَّلُ نَظْرَةٍ تَقَعُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ. بأنها لابْتِدَاءِ الغَايَةِ. وقيلَ: بِأَنَّها زائدةٌ. وقالَ أَبو البقاءِ العُكْبُريُّ: هي لبيانٍ الجِنْسِ. قالَ الأَخفشُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ مِنْ حَيْثُ إنَّه لَمْ يَتَقَدَّمْ مُبْهَمٌ يَكُونُ مُفَسَّرًا بِـ "مِنْ". وهو مُتَعَلِّقٌ بـ "يَغُضُّوا"، و "أَبْصَارِهِمْ" مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ، مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والميمُ: علامةُ الجَمْعِ المُذكَّرِ. وَفي حَالِ أُعْرِبَتْ "مِنْ" زائدَةً، يَكُونُ إِعْرَابُ "أَبْصارِ" مجرورٌ لَفْظًا بِحرفِ الجَرِّ الزَّائِدِ، مَنْصُوبٌ بالمَفْعولِيَّةِ مَحَلًّا، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ جُمْلَةٌ جَوَابِيَّةٌ للطَّلِبِ، لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} الوَاوُ: للعَطْفِ، و "يَحْفَظُوا" مِثْلُ "يغضُّوا" وَلَهُ مِثْلُ إِعْرابِهِ. وَ "فُرُوجَهُمْ" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الجَزْمِ بِالطَّلَبِ عَطْفًا على الجُمْلَةِ التي قبلَها.
قولُهُ: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} ذَلِكَ: ذا: اسمُ إشارةٍ مبنيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابتِداءِ، واللامُ: للبُعْدِ، والكافُ: للخطابِ، و "أَزْكَى" اسْمُ تَفْضِيلٍ مَسْلُوبُ الْمُفَاضَلَة، وهو خَبَرُ المُبْتَدَأِ مرفوعٌ، وَعلامةُ رَفْعِهِ ضمَّةٌ مُقَدَّرةٌ على آخرِهِ لتَعَذُرِ ظهورِها على الأَلِفِ. وَ "لَهُمْ" اللامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالخبرِ "أَزْكَى"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والميمُ: علامَةُ جمعِ المُذَكَّرِ. وهَذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْلِيلِ مَا قَبْلَهَا لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْراب،
قولُهُ: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا} إِنَّ: حَرْفٌ ناصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفعلِ، للتَّوْكيدِ، ولَفْظُ الجَلَالَةِ "اللَّه" اسْمُهُ مَنْصُوبٌ بِهِ. "خَبِيرٌ" خَبَرَهُ مَرْفوعٌ بِهِ، و "بِمَا" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِالخَبَرِ "خبيرٌ" و "ما" مَوْصولةٌ مبنيَّةٌ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحَرْفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ مِنْ "إِنَّ" واسْمِها وخَبَرِها مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {يَصْنَعُونَ} فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ وَالجَازِمِ، وعَلَامَةُ رَفْعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِه صَلَةُ "ما" المَوْصولَةِ، وَالعائدُ مَحْذوفٌ، والتَّقْديرُ: مَا تُبْدونَهُ.