روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 4

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  4 Jb12915568671



المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  4 Empty
مُساهمةموضوع: المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 4   المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ      فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية:  4 I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 10, 2021 5:20 am

الموسوعةالقرآنية





فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ قراءات ـ أحكام ـإعراب ـ تحليل لغة


اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود






الجزء الثامن عشر ـ المجلد السادس والثلاثون
سورةُ النّور
(24) الآية: 4.


وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)


قولُهُ ـ تَعالى شَأْنُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} بَيَانُ حُكْمِ رَمْيِ العَفَيفِات البريئاتِ بالزِّنا، بَعْدَ بَيَانِ حُكمِ الزَّوانِي. أَيْ: والذينَ يَتَّهمونَ المسلماتِ المُكَلَّفاتِ الحَرَائرَ العفيفاتِ بالزِّنا، فإنَّهُ المُرادُ هُنا، وَذلكَ لِذِكْرِ المُحْصَناتِ عَقِبَ الزَّواني، وَلاشْتِرَاطِ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ عليْهِ.
ويشْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ" الذينَ يَسُبُّونَ، وَقَدِ اسْتُعِيرَ لَهُ اسم الرَّمْيِ لأَنَّهُ إيذاءٌ بِالْقَوْلِ، كَمَا قَالَ امرؤُ القيس:
وَلَوْ عَنْ نَثَا غَيْرِهِ جَاءَنِي ............................. وَجُرْحُ اللِّسَانِ كَجُرْحِ الْيَدِ
لَقُلْتُ مِنَ الْقَوْلِ مَا لَا يَزَا ............................. لُ يُؤْثَرُ عَنِّي يَدَ الْمُسْنَدِ
يقول: لو أتاني هذا النبأ عن حديث غيره لقلت قولا يشيع في الناس ويؤثر عنى آخر الدهر. والنثا: ما يحدث به من خير وشر. والمسند: الدهر. وَكما قَالَ توبةُ بْنُ الأحمرِ:
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ...................... بَرِيئًا وَمِنْ أَجْلِ الطَّوِيِّ رَمَانِي
قولُهُ: الطَويّ، مَعناهُ البِئرُ.
وَيُسَمَّى قَذْفًا ـ أَيْضًا، كَمِا جاءَ في الْحَدِيثِ الشَّريف: ((إِنَّ ابْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ السَّحْمَاءِ))، أَيْ رَمَاهَا.
وَلِلْقَذْفِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ شَرْطَانِ فِي الْقَاذِفِ، وَهُمَا: الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ، لِأَنَّهُمَا أَصْلَا التَّكْلِيفِ، ودونهُما يسْقُطُ التَّكْلِيفُ. وَشَرْطَانِ فِي المقذوفِ بِهِ، وَهما أَنْ يُكونَ القَذْفُ بِوَطْءٍ يَلْزَمُ الحَدُّ فيهِ، وَهُما الزِّنى وَاللِّوَاطُ.
و "المُحْصَناتُ" ـ بفتْحِ الصَّادِ، وَبِكَسْرِها، وَفي المرادَ بِهِ وجهان: النساءُ فقط، وإنَّما خَصَّهُنَّ بالذِّكْر؛ لأنَّ قَذْفَهُنَّ أشنعُ. والنِّسَاءُ والرِّجالُ، وغلبْنَ عليهِمْ لأَنَّهُ صِفَةٌ لِشَيْءٍ محْذوفٍ يَعُمُّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ، تقديرُه: الأَنْفُسُ المُحَصَّنَاتُ، وهوَ بَعِيدٌ. أَوْ أَنَّهُ ثَمَّ مَعْطُوفٌ مَحْذوفٌ لِفَهْمِ المَعْنَى، والإِجماعُ على أنَّ حُكْمَهم حُكْمُهُنَّ أَيْ: وَالمُحْصَنين.
وَأَمَّا الإحْصَانُ المَشْرُوطُ في المقْذوفِ، أَوِ المَقْذُوفَةِ، حَتَّى يَجِبَ الحَدُّ عَلَى القاذف فقدْ ذَكَرَ الفقهاءُ أَنَّ لَهُ خمْسَةَ أَوْصَافٍ، وَهِي: البُلُوغُ، والعَقٍلُ، وَالإِسْلَامُ، والحُرِّيَّةُ، والعِفَّةُ عَنِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي رُمِيَ بِهَا، سواءً أَكَانَ عَفِيفًا مِنْ غَيْرِهَا أَمْ لَا. فإنْ فُقِدَ وَصْفٌ مِنْ هَذِهِ الأَوْصافِ لَمْ يَجِبْ حَدُّ القَذْفِ عَلَى القاذِفِ، ويكونُ عليه التَّعْزيرُ، وما كانَ تَعْزيرًا فَلَا يَكونُ فَرْضًا. وَانْظُرْ: "أَحْكامَ القُرْآنِ" للجَصَّاصِ: (3/267)، و "أحكام القرآن" للكِيَّا الهِراسي: (3/298)، و تفسير القُرطُبي "الجامع لأحكام القرآن": (12/173).
وإنَّما اشترطوا العَقْلَ والبلوغَ في المقذوف والقاذِفِ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ مَعَانِي الْإِحْصَانِ لِأَجْلِ أَنَّ الْحَدَّ إِنَّمَا وُضِعَ لِلزَّجْرِ عَنِ الْإِذَايَةِ بِالْمَضَرَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمَقْذُوفِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى مَنْ عَدِمَ الْعَقْلَ وَالْبُلُوغَ، إِذْ لَا يُوصَفُ اللِّوَاطُ فِيهِمَا وَلَا مِنْهُمَا بِأَنَّهُ زِنًى.
قالَ الإمامُ القُرطُبيُّ: وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا صرح بالزِّنى كَانَ قَذْفًا وَرَمْيًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ، فَإِنْ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ مَالِكٌ: هُوَ قَذْفٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَكُونُ قَذْفًا حَتَّى يَقُولَ أَرَدْتُ بِهِ الْقَذْفَ. وَالدَّلِيلُ لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ هُوَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ إِنَّمَا هُوَ لِإِزَالَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْقَاذِفُ بالمقذوف، فإذا حصلت المعرة بالتعريض وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا كَالتَّصْرِيحِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَى الْفَهْمِ، وَقَدْ قَالَ ـ تَعَالَى، مُخْبِرًا عَنْ شُعَيْبٍ ـ عليْهِ السَّلامُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} الآيةَ: 87، مِنْ سورةِ هودٍ. أيِْ السَّفِيهُ الضَّالُّ، فَعَرَّضُوا لَهُ بِالسَّبِّ بِكَلَامٍ ظاهره الْمَدْحُ فِي أَحَدِ التَّأْوِيلَاتِ. وَقَالَ ـ تَعَالَى، فِي أَبِي جَهْلٍ: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} الآيةَ: 49، مِنْ سورةِ الدُّخان. وَقَالَ حِكَايَةً عَنْ مَرْيَمَ ـ عليها السَّلامُ: {يَا أُخْتَ هارُونَ مَا كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} الآيةَ: 28، مِنْ سورةِ مريم. وفَي هَذا تعريضٌ بها ـ علَيْها السَّلامُ، معَ أَنَّهُم مَدَحُوا أَبَاهَا وَنَفَوْا الْبِغَاءَ ـ أَيِ الزِّنى، عَنْ أُمِّهَا. وَلِذَلِكَ نعتهُمُ اللهُ ـ تَعَالَى، بالكُفْرِ إِذْ قال فيهِم: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتانًا عَظِيمًا} الآيةَ: 156، مِنْ سُورةِ النِّساءِ، وَكُفْرُهُمْ مَعْرُوفٌ، وَالْبُهْتَانُ الْعَظِيمُ هُوَ التَّعْرِيضُ بهَا، أَيْ: مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ، وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا، فكيفَيْ كنتِ أَنْتِ بِخِلَافِهِمَا إِذْ أَتَيْتِ بِهَذَا الْوَلَدِ. وَقَالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورةِ سَبَأٍ: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} الآيةَ: 24، فَهَذَا اللَّفْظُ قَدْ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الْكُفَّارَ عَلَى غَيْرِ هُدًى، وَأَنَّ اللَّهَ ـ تَعَالَى، وَرَسُولَهُ عَلَى الْهُدَى، فَفُهِمَ مِنْ هَذَا التَّعْرِيضِ بهِمْ مَا يُفْهَمُ مِنْ صَرِيحِهِ. وَقَدْ حَبَسَ أَميرُ المُؤمنينَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، الشَّاعِرَ الْحُطَيْئَةَ جَرْولُ بْنُ قيسِ بْنِ جُؤيةَ، أَبو مُليكَةَ، لَمَّا هَجا الزِّبْرِقانَ بْنَ بَدْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بقصيدةٍ قال فيها:
دَعِ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلُ لِبُغْيَتِهَا ................ وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الْكَاسِي
فَسأَلَ عُمَرُ حَسَّانَ ابنَ ثابت ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فقال: لقدَ سَلَحَ عليْهِ، ذَلِكَ لأنَّهُ شَبَّهَهُ بِالنِّسَاءِ فِي أَنَّهُنَّ يُطْعَمْنَ وَيُسْقَيْنَ وَيُكْسَوْنَ. وَمِثْلُ هَذا كَثِيرٌ في الشِّعرِ العَرَبيِّ.
والْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوِ امْرَأَةً مِنْهُمْ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ مِنْ مُسْلِمٍ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا قَذَفَ النَّصْرَانِيَّةَ تَحْتَ الْمُسْلِمِ جُلِدَ الْحَدَّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَجُلُّ الْعُلَمَاءِ مُجْمِعُونَ وَقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ أُدْرِكْ أَحَدًا وَلَا لَقِيتُهُ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا قَذَفَ النَّصْرَانِيُّ الْمُسْلِمَ الْحُرَّ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَالْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَذَفَ حُرًّا يُجْلَدُ أَرْبَعِينَ: لأنَّهُ حَدٌّ يَتَشَطَّرُ بالرِّقِّ كَحَدِّ الزِّنَى. وحُجَتُهُمْ في ذلكَ قَوْلُهُ ـ تَعَالَى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ} الآيةَ: 25، مِنْ سورةِ النِّساءِ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهمْ قولُهُمْ: يُجْلَدُ ثَمَانِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَبْدًا قَذَفَ حُرًّا ثَمَانِينَ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. قالوا: فهمنا هناك أنَّ حَدَّ الزِّنَى لِلَّهِ ـ تَعَالَى، وَأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ أَخَفَّ فِيمَنْ قَلَّتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَأَفْحَشَ فِيمَنْ عَظُمَتْ نِعَمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وَجَبَ لِلْجِنَايَةِ عَلَى عِرْضِ الْمَقْذُوفِ، وَالْجِنَايَةُ لَا تَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. وَرُبَّمَا قَالُوا: لَوْ كانَ يَخْتَلِفُ لَذُكرَ ذلكَ كَمَا ذُكِرَ مِنَ الزَّنَى. قال ابن المنذر: والذي عليه عَامَّةُ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ أَقُولُ.
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْحُرَّ لَا يُجْلَدُ لِلْعَبْدِ إِذَا افْتَرَى عَلَيْهِ، لِتَبَايُنِ مَرْتَبَتِهِمَا، وَلِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسلامُ: ((مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بالزِّنَى أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ)). خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي بعض طُرُقِهِ: ((مَنْ قَذَفَ عَبْدَهُ بِزِنًى ثمَّ لَمْ يَثْبُتْ، أُقِيمَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدُّ ثَمَانُونَ))، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ لِارْتِفَاعِ الْمِلْكِ وَاسْتِوَاءِ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالتَّقْوَى، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ تَكَافَأَ النَّاسُ فِي الْحُدُودِ وَالْحُرْمَةِ، وَاقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ الْمَظْلُومُ عَنِ الظَّالِمِ. وَإِنَّمَا لَمْ يَتَكَافَؤُوا فِي الدُّنْيَا لِئَلَّا تَدْخُلَ الدَّاخِلَةُ عَلَى الْمَالِكِينَ مِنْ مُكَافَأَتِهِمْ لَهُمْ، فَلَا تَصِحُّ لَهُمْ حُرْمَةٌ وَلَا فَضْلٌ فِي مَنْزِلَةٍ، وَتَبْطُلُ فَائِدَةُ التَّسْخِيرِ، حِكْمَةٌ مِنَ الْحَكِيمِ الْعَلِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.
قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم: مَنْ قَذَفَ مَنْ يَحْسَبُهُ عَبْدًا فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى. قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ الْوَلَدِ حُدَّ. وَرَوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفَوا فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مَنْ وَطِئَ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ـ رَحِمَهُ اللهُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ. وَقَالَ أَشْهَبُ ـ رَحِمَهُ اللهُ: لَا حَدَّ فِيهِ، لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إِلَى فِعْلٍ لَا يُعَدُّ زِنًى إِجْمَاعًا.
وَإِذَا رَمَى بالزنى صِبْيَةً يُمْكنُ وَطْؤُهَا قَبْلَ البُلُوغِ كَانَ قَذْفًا عِنْدَ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَيْسَ بِقَذْفٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَنًى إِذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَإنَّما يُعَزَّرُ وَحَسْبُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمِلَةٌ مُشْكِلَةٌ، لَكِنْ مَالِكٌ طَلَبَ حِمَايَةَ عِرْضِ الْمَقْذُوفِ، وَغَيْرُهُ رَاعَى حِمَايَةَ ظَهْرِ الْقَاذِفِ، وَحِمَايَةُ عِرْضِ الْمَقْذُوفِ أَوْلَى، لِأَنَّ الْقَاذِفَ كَشَفَ سِتْرَهُ بِطَرَفِ لِسَانِهِ فَلَزِمَهُ الْحَدُّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْجَارِيَةِ بِنْتِ تِسْعٍ: يُجْلَدُ قَاذِفُهَا، وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ إِذَا بَلَغَ عَشْرًا ضُرِبَ قَاذِفُهُ. قَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا قَذَفَ غُلَامًا يَطَأُ مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَالْجَارِيَةُ إِذَا جَاوَزَتْ تِسْعًا مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ، وَيُعَزَّرُ عَلَى الْأَذَى. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْهُ فَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا يَأْتِي جَارِيَتَهَا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتِ صَادِقَةً رَجَمْنَاهُ، وإِنْ كُنْتِ كاذبةً جَلَدْنَاكِ. فَقَالَتْ: رُدُّونِي إِلَى أَهْلِي غَيْرَى نَغِرَةً. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَلَى الرَّجُلِ إِذَا وَاقَعَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ الْحَدَّ. وَفِيهِ أَيْضًا: إِذَا قَذَفَهُ بِذَلِكَ قَاذِفٌ كَانَ عَلَى قَاذِفِهِ الْحَدُّ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ: وَإِنْ كُنْتِ كَاذِبَةً جَلَدْنَاكِ. وَوَجْهُ هَذَا كُلِّهِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْفَاعِلُ جَاهِلًا بِمَا يَأْتِي وَبِمَا يَقُولُ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَادَّعَى شُبْهَةً دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَذَفَ رَجُلًا بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ وَلَيْسَ الْمَقْذُوفُ بِحَاضِرٍ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى القاذِفِ حَتَّى يَجيءَ فَيَطْلُبَ حَدَّهُ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يُصَدِّقُهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ عَلِيًّا ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهِ، لَمْ يَعْرِضْ لَهَا. وَفِيهِ أَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا قُذِفَ عِنْدَهُ رَجُلٌ ثُمَّ جَاءَ الْمَقْذُوفُ فَطَلَبَ حَقَّهُ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ بِالْحَدِّ بِسَمَاعِهِ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: وَإِنْ كُنْتِ كَاذِبَةً جَلَدْنَاكِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ. قُلْتُ: اخْتُلِفَ هَلْ هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، أَوْ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَسَيَأْتِي. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَالَ الْأَصْمَعِيُّ سَأَلَنِي شُعْبَةُ عن قولها: "غَيْرَى نَغِرَةً" فَقُلْتُ لَهُ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ نَغَرِ الْقِدْرِ، وَهُوَ غَلَيَانُهَا وَفَوْرُهَا يُقَالُ مِنْهُ: نَغِرَتْ تَنْغَرُ، وَنَغَرَتْ تَنْغِرُ إِذَا غَلَتْ. فَمَعْنَاهُ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّ جَوْفَهَا يَغْلِي مِنَ الْغَيْظِ وَالْغَيْرَةِ لَمَّا لَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ مَا تُرِيدُ. قَالَ: وَيُقَالُ مِنْهُ رَأَيْتُ فُلَانًا يَتَنَغَّرُ عَلَى فُلَانٍ أَيْ يَغْلِي جَوْفُهُ
عَلَيْهِ غَيْظًا.
وَقَالَ مَسْروقٌ ـ رَضِيَ الله عنْهُ: مَنْ قَذَفَ زَوْجَةً مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حُدَّ حَدَّيْنِ. قالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَدٌّ وَاحِدٌ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ ـ تباركَ وتَعَالَى: "وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ" الْآيَةَ، وَلَا يَقْتَضِي شَرَفُهُنَّ زِيَادَةً فِي حَدِّ مَنْ قَذَفَهُنَّ، لِأَنَّ شَرَفَ الْمَنْزِلَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُدُودِ، وَلَا نَقْصُهَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَدِّ بِتَنْقِيصٍ. وَاللَّهُ تعالى أَعْلَمُ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ فقَالَ أَبِو حَنِيفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: هوَ حقٌّ مِنْ حقوقِ اللهِ ـ تعالى. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيّ ـ رَضيَ اللهُ عنهما. هوَ مِنْ حقوقِ الآدميينَ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: فِيهِ شَائِبَةٌ مِنْهُمَا، وَفَائِدَةُ هَذا الْخِلَافِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ حَقًّا لَهُ ـ تَعَالَى، وَبَلَغَ الْإِمَامَ أَقَامَهُ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفُ، وَنَفَعَتِ الْقَاذِفَ التَّوْبَةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ـ تَعَالَى، وَيَتَشَطَّرُ فِيهِ الْحَدُّ بِالرِّقِّ كالزِّنَى. وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلْآدَمِيِّ فَلَا يُقِيمُهُ الْإِمَامُ إِلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ، وَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِ، وَلَمْ تَنْفَعِ القاذفَ التوبةُ حَتَّى يُحَلِّهُ المَقْذوفُ.
وَقَالَ بَعْدَ ذلكَ ـ سُبحانَهُ وتعالى، في الآيةِ: 6، مِنْ هذِهِ السُّورةِ المُباركةِ، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}. و "يرمون" أَيْ يَقْذِفُونَ. قالَ ابْنُ الأَعْرابي: يُقالُ: رَمَى فُلَانٌ فُلانًا بِأَمْرٍ قَبِيحٍ، أَيْ: قَذَفَهُ بِهِ، "تَهْذيبُ اللُّغَةِ" لِلأَزْهَرِيِّ: (5/277). وَلَمْ يُذكَرِ فيها "الزِّنا" لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ في قَوْلِهِ منَ الآيةِ التي قبلَها: {الزانيَةُ والزَّاني}.
وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَن سعيدِ بْنِ جُبَيرٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عنْهُ، أَنَّه قالَ في قولِهِ ـ تعالى: "وَالَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات ثمَّ لم يَأْتُوا بأَرْبعَة شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ:، قال: يَعْنِي الْحُكَّامَ، إِذا رُفِعَ إِلَيْهِمْ، الأمْرُ جلدُوا الْقَاذِفَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، "وَلَا تقبلُوا لَهُم شَهَادَة أبدا"، يَعْنِي بَعْدَ الْجلْدِ مَا دَامَ حَيًّا، "وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ"، العَاصُونَ فِيمَا قَالُوهُ مِنَ الْكَذِبِ.
قولُهُ: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ليَشْهدوا عَلَى مَنِ اتَّهمَ أَحدًا بالزِّنا ـ رَجُلًا كانَ أَوِ امرأَةً، وهو الَّذِي يَفْتَقِرُ إِلَى أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ دُونَ سائرِ الحقوقِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يأْتيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ رَحْمَةً بِعِبَادِهِ وَسَتْرًا لَهُمْ. يشهدُ كلُّ واحِدٍ منهم بأنَّهُ رأى بما لا شَكَّ فيهِ أَنّ العُضوَ التناسُلِيَّ للرجُلِ داخلًا في فَرْجِ المَرْأَةِ، عندها يقامُ حدُّ الزِّنا، حسَبَ ما سَبَقَ بيانُهُ في تفسيرِ الآيةِ: 2، السَّابقةِ. فإِذَا شَهِدَ بعضُهم بذلكَ، والبعضُ الآخَرُ قالَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرََ الفَرْجَ في الْفَرْجِ، بَطُلتْ شهادتُهُ، وأُقيمَ عَلَيْهِ حَدَّ القذْفِ كما فعلَ أميرُ المُؤمنينَ ـ عمرُ بنُ الخطابِ بابنِهِ عبد الرحمن ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما. أَمَّا القَذْفُ بِغَيْرِ الزِّنَا مِنَ الكبائرِ، كَأَنْ يَقُولَ له: يا فاسق يا آكلَ الرِّبَا، أَوْ غَيْرَ ذلكَ، فإنَّهُ يَكْفِي فِيهِ شَاهدانِ، وَعَلَيْهِ التَّعْزيرُ لا الجَلْدُ.
وَمِنْ شَرْطِ أَدَاءِ الشُّهُودِ الشَّهَادَةَ عِنْدَ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، فَإِنِ افْتَرَقَتْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةً. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ مُجْتَمِعِينَ وَمُفْتَرِقِينَ. فَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ اجْتِمَاعَهُمْ تَعَبُّدٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَسَنِ. وَرَأَى عَبْدُ الْمَلِكِ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَاجْتِمَاعُهَا وَقَدْ حَصَلَ، وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، هنا: "ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ"، وقولِهِ في الآيةِ: 13، مِنْ هذه السُّورةِ المُباركةِ: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ}، وَلَمْ يَذْكُرْ مُفْتَرِقِينَ وَلَا مُجْتَمِعِينَ.
فَإِنْ تَمَّتِ الشَّهَادَةُ إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعْدِلُوا، فَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ يَرَيَانِ أَنْ لَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ وَلَا عَلَى الْمَشْهُودِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالنُّعْمَانُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَقَالَ مالك: إذا شهد عليه أربعة بالزنى فإن كان أحدُهُمْ مَسْخوطًا عَلَيْهِ أَوْ عَبْدًا يُجْلَدُونَ جَمِيعًا. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، فِي أَرْبَعَةِ عُمْيَانٍ يَشْهَدُونَ على امْرَأة بالزِّنى: يُضْرَبُونَ. فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الشُّهُودِ وَقَدْ رُجِمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ في الزِّنى، فقالت طائفة: يُغَرَّمْ رُبْعَ الدِّيَّةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِينَ. وَكَذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ وَحَمَّادٌ وَعِكْرِمَةُ وَأَبُو هَاشِمٍ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشافعي: إنْ قَالَ تَعَمَّدْتُ لِيُقْتَلَ، فَالْأَوْلِيَاءُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءُوا قَتَلُوا وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا وَأَخَذُوا رُبْعَ الدِّيَةِ، وَعَلَيْهِ الْحَدُّ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يُقْتَلُ، وَعَلَى الْآخَرِينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا قَالَ أَخْطَأْتُ وَأَرَدْتُ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَإِنْ قال تَعَمَّدْتُ قُتِلَ بِهِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ.
قولُهُ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} بيَّنَ اللهُ ـ تَعَالى، حَدَّ قَذْفِ المُحصَناتِ والمُحصَنينَ بـ "ثمانينَ جلدةً" إِذا عَجَزَ مَنْ قَذَفهُنَّ عَنِ الإِتْيَانِ بالشُّهَداءِ، وَذَلِكََ جَزَاءَ كَذِبهِم وافْتِرائِهِمْ، لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "فإِذا لَمْ يَأْتُواْ بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ الله هُمُ الكاذبونَ. وهوَ الحُكْمُ ذاتُهُ في رَمْيِ المُحْصَنينَ، وقدْ أَغفلَ ذِكْرُهم لِأَنَّ الزِّنا لا يكونُ إلَّا بفاعلٍ ومفعولٍ، فإنَّ قَذْفَها هوَ قَذْفٌ لهُ أيضًا، ولِشُيُوعِ الرَّمْيِ فيهِنَّ.
قولُه: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} داخلٌ في حُكْمِ قولِهِ "اجْلدُوا"، وهَذَا يَقْتَضِي مُدَّةَ أَعْمَارِهِمْ، لأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عليْهِ، وَتَتَمَّةٌ لَهُ لِما فيهِ مِنْ مَعْنَى الزَّجْرِ، فَكَمَا أَنَّ الجَلْدَ مُؤْلمٌ للبَدَنِ فإنَّ اسقاطَ عدالةِ الرَّجُلِ بعدِمِ قبولِ شهادَتِهِ مُؤْلمٌ لنفسِهِ وَقَلْبِهِ. لأَنَّ ما قذَفَ بِهِ غَيْرَهُ فيهِ أَذًى لجسْمِهِ ونفسِهِ أَيْضًا فقد جاءُ الحَّدُّ جزاءً وِفاقًا له.
قولُهُ: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} حُكِمَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ فَاسِقُونَ، أَيْ خَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ. وهو تَقريرٌ لمَا قبلَهُ وبيانٌ لسُّوءِ حالهم عِنْدَ اللهِ ـ تعالى، واسْتعمالُ اسُمِ الإشارةِ "أولئك" يرمزُ إلى بُعْدِهمِ عَنْ رَبِّهمْ لِبُعدِ مَنْزِلَتِهم في الشَّرِّ والفَسَادِ، فإِنَّهم محكومٌ عَلَيْهِمْ بِالْفِسْقِ والخروجِ عَنْ طاعَةِ مَولاهمْ، والإتْيانُ بِـ "الـ" التعريف في وَصْفِهِمْ بَعْدَ الضَّميرِ المُنْفَصِلِ "هُمْ" يُفِيدُ الحَصْرَ فَكأنَّهم هُمُ الوحيدونَ المُسْتَحِقُّونَ للوَصْفِ بالفِسْقِ مُطْلَقًا دونَ غيرِهمْ منَ الفَسَقَةِ، تعظيمًا لجُرْمِهِم وما أقدَمُوا عليْهِ، لأنَّهُ لا يطالُ امرأةً واحدةً بعينِها، بَلْ إنَّ فيهِ تَدْمِيرَ حياةِ أُسْرَةٍ بكامِلِها، والإساءةُ إِلَيْها، وإنَّ إسقاطَ عدالتِه طوالَ حياتِهِ، قدْ لا يعادِلُ العارَ الذي سوفَ يلازمُ المَقذوفةَ طَوالَ حياتِها.
أمَّا سَببُ نزولِ هَذِهِ الآيةِ، فالجُمهورُ عَلَى أَنَّها عامَّةٌ نَزَلَتْ بِسَبَبِ الْقَذَفَةِ عَامًّةً. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: كَانَ سَبَبُهَا مَا قِيلَ فِي السِّيِّدَةِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا وأرضاها. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَمْ نَجِدْ فِي أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَبَرًا يَدُلُّ عَلَى تَصْرِيحِ الْقَذْفِ، وَظَاهِرُ كِتَابِ اللَّهِ ـ تَعَالَى، مُسْتَغْنًى بِهِ دَالًّا عَلَى الْقَذْفِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ مُجْمِعُونَ.
قولُهُ تَعالى: {وَالَّذِينَ} الواو: للاسْتِئْنافِ. و "الذين" اسمٌ مَوْصُولٌ، مَبْنيٌّ عَلَى الفَتْحِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ. وَخَبَرُ هذا المُبْتَدَأِ جُمْلَةُ: "اجْلِدوهم"، وهَذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، مَسُوقَةٌ لِبَيَانِ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ حُدُودِ الزِّنَا، فلَيْسَ لها مَحَلٌّ مِنَ الإعراب.
قولُهُ: {يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} يَرْمُونَ: فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعلامَةُ رَفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ وفاعِلُه ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقيرُهُ (هم) يعودُ على "الذين". و "المُحْصَناتِ" مَفعولُهُ منصوبٌ بِهِ، وعلامةُ نَصِبِهِ الكَسْرةُ نِيابةً عنِ الفتحةِ لآنَّهُ جَمْعُ المُؤنَّثِ السَّالمُ، والجملةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ الاسْمِ المَوْصُولِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} ثُمَّ: حَرْفُ عَطْفٍ وَتَرَاخٍ. و "لَمْ" حرفُ نفيٍ وقَلْبٍ وجَزْمٍ. و "يَأْتُوا" فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزومٌ بـ "لم" وعلامةُ جزمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ فارقةٌ. و "بِأَرْبَعَةِ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَأْتُوا". وَأَرْبَعَةِ مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. وَ "شُهَدَاءَ" مُضافٌ إِلَيْهِ مَجْرورٌ، وَعَلامَةُ جَرِّهِ الفَتْحَةُ لأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ فهوَ مُلْحَقٌ بِالمُؤَنَّثِ المُنْتَهِي بِأَلِفِ التَأْنيثِ المَمْدُودَةِ عَلى وَزْنِ "فَعْلَاء"، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "يَرْمُونَ" على كونِها صِلَةَ المَوصولِ لا مَحَلَّ لها مِنِ اٌعرابِ.
قولُهُ: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} الفاءُ: رابطةٌ لِخَبَرِ الاسْمِ المَوْصولِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الشَّرْطِ. وَ "اجْلِدوهم" فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ على حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، و "هم" ضَميرٌ جماعةِ الغائبينَ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُوليَّةِ، و "ثَمَانِينَ" مَنْصُوبٌ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ. و "جَلْدَةً" تَمْيِيزٌ لَهُ مَنْصُوبٌ بِهِ. والجُملة الفِعْلِيَّةُ هذِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ.
قولُه: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} الواوُ: عاطفةٌ. و "لا" ناهيَةٌ جَازِمَةٌ. و "تَقْبَلُوا" فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزومٌ بـ "لا" الناهيةِ وَعَلامَةُ جَزْمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسَةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ فارقةٌ. و َ"لَهُمْ" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفِ حَالٍ مِنْ "شَهَادَةً" لِأَنَّهُ صِفَةُ نَكِرَةٍ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا، و "هُمْ" ضميرُ جماعةِ الغائبينَ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ. وَ "شَهَادَةً" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ. و "أَبَدًا" مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمانِيَّةِ، مُتَعَلِّقٌ بِـ "تَقْبَلُوا". والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ في محَلِِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ "فَاجْلِدُوهُمْ".
قولُهُ: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} الواوُ: هي حرفٌ للعَطْفِ، أَوْ للاسْتِئناف. و "أولئك" أولاءِ: اسْمُ إِشَارَةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الكَسْرِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِدَاءِ، والكافُ هي كافُ الخِطابِ. و "هُمُ" ضَمِيرُ فَصْلٍ للتأكيدِ لا محلَّ لهُ مِنَ الإعرابِ، أَوْ في محلِّ الرَّفعِ بالابتِداءِ مُبْتَدَأً ثانيًا. وَ "الْفَاسِقُونَ" خَبَرٌ عَنْ "أُولِئِكِ"، أَوْ خَبَرُ "هُمْ، مَرْفوعٌ وَعلامةُ رفعِهِ الواوُ لأنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالمُ، والنُّونُ عِوَضٌ عنِ التنوينِ في الاسْمِ المُفرد, وهذِهِ الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "فَاجْلِدُوهُمْ" عَلَى كَوْنِهَا خَبَرَ الاسْمِ المَوْصولِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةً فلا يكونُ لها مَحَلٌّ مِنَ الإِعْرَابِ. وَهُوَ الأَظْهَرُ، وجَوَّزَ العُكْبُرِيُّ أَبُو البَقَاءِ فِيهَا أَيْضًا أَنْ تَكونَ في محَلٍّ النَّصْبِ عَلَى الحالِ مِنْ "شُهَدَاءَ".
قِرَأَ الْجُمْهُورُ: {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} عَلَى إِضَافَةِ الْأَرْبَعَةِ إِلَى الشُّهَدَاءِ. فقراءةُ العامَّةِ عَلَى إضافَةِ اسْمِ العَدَدِ للمَعْدُودِ.
وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ: "بِأَرْبَعَةٍ شُهَدَاءَ" بالتَّنْوينِ في العَدَدِ، واسْتَفْصَحَ النَّاسُ هَذِهِ القِراءَةَ، حَتَّى أَنَّ بعضَهُمْ جاوزَ الحدَّ في اسْتِحْسانِها، كعُثْمانَ بْنِ جنِّي، فَفَضَّلَها عَلى قِراءَةِ الجُمْهورِ، قالَ: "لِأَّنَّ المَعْدودَ مَتَى كانَ صِفَةً فَالْأَجْوَدُ الإِتْبَاعُ دُونَ الإِضافَةِ. تَقُولُ: عِنْدِي ثَلَاثَةٌ ضاربونَ، وَيَضْعُفُ ثَلَاثَةُ ضَارِبِينَ".
قالَ السَّمينُ الحلبيُّ: وَهَذَا غَلَطٌ، لَأَنَّ الصِّفَةَ الَّتي جَرَتْ مَجْرَى الأَسْماءِ تُعْطى حُكْمَها فَيُضافُ إِلَيْها العَدَدُ، وَ "شُهَدَاءُ" مِنْ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ كَثُرَ حَذْفُ مَوْصُوفِهِ. قالَ ـ تَعَالَى: {مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} {وَاسْتَشْهِدوا شَهِيدَيْنِ} الآيةَ: 282، مِنْ سورةِ البقرة. وَتَقُولُ: عِنْدي ثَلاثَةُ أَعْبُدٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ صِفَةٌ في الأَصْلِ.
وَنَقَل ابْنُ عَطِيَّةَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ لَا يُجيزُ تَنْوينَ العَدَدِ إلَّا في شِعْرٍ، وَلَيْسَ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ، إِنَّما قالَ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ في الأَسْمَاءِ نَحْوَ: ثَلاثةُ رِجَالٍ، وَأَمَّا الصِّفاتُ فَفِيهَا التَّفْصِيلُ المُتَقَدِّمُ. وَفِي "شُهَدَاءَ" عَلَى هَذِهِ القِراءَةِ ثَلاثةُ وُجوهٍ هي:
أحدُها: أَنَّهُ تَمْيِيزٌ. وَهَذَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مِنْ ثلاثةٍ إلى عَشَرَةٍ يُضافُ لِمُمَيِّزِهِ لَيْسَ إِلَّا، وَغَيرُ ذَلِكَ ضَرُورةٌ.
الثاني: أَنَّهُ حالٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا لمَجيئها مِنَ النَّكِرَةِ دونَ مُخَصِّصٍ. قَالَ أَبو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ" شُهَداءَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، بِمَعْنَى ثُمَّ لَمْ يُحْضِرُوا أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ.
الثالث: أَنَّهَا مَجْرُورَةٌ نَعْتًا لِـ "أَرْبَعَةِ"، وَلَمْ يَنْصَرِفْ لأَلِفِ التَّأْنيثِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 4
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 6
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 21
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 35 (3)
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 6
» المَوْسُوعَةُ القُرْآنِيَّةُ فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ سورة النّور الآية: 22

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: