الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 91
مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ} كانَ مُشْركو مَكَّةَ يَعْتَقِدونَ أَنَّ المَلَائِكَةَ بَنَاتُ الهِت ـ تَعَالَى، أَمَّا اليهودُ فكانوا يقولونَ أَنَّ العُزَيْرَ هُوَ ابْنُ الهِـ، وادَّعى النَّصَارَى أَنَّ عيسى المسيحَ ـ علَيْهِ السَّلامُ، هُوَ ابْنُ الهًِ ـ تَباركَ وتعالى، فردَّ الهَُ أقوالَ الجميعِ، وَنَفَى كلَّ تلكَ الدَّعاوى الباطلةَ والعقائدَ الفاسِدَةَ بِهَذِهِ الجُمْلَةِ الكَريمةِ فإنَّهُ لمْ يتَّخِذْ ولَدًا البَتَّةَ لِأَنَّهِ ـ سُبحانَهُ، مُنَزَّهٌ عَنِ الاحْتِياجِ، فالإنسانُ يرغَبَ بالوَلَدِ لبقاءِ جِنْسِهِ، وَاسْتِمْرَارِ ذِكْرِهِ مِنْ بعدِمَوتِهِ، أمَّا الهُّ ـ جَلَّ جلالُهُ، فإنَّهُ حيٌّ باقٍ لا يموتُ، ولا يعتريهِ الفناءُ ولذلكَ فليسَ بحاجةٍ للولَدِ، ثمَّ إنَّ الرجُلَ يَسعى إِلَى الولدِ لِيَبْقَى مالُهُ وما ادَّخَرَهُ في حياتِهِ لوَلَدِهِ فلا يَتَوَزَّعَ مالُهُ على الوُرَّثِ ويذهَبَ مُلْكُهُ، وَالهُُ ـ تَباركَتْ أسْماؤُهُ، لا يخافُ على مُلْكِهِ أنْ يذْهَبَ لغيرِهِ، فقد تَقَدَسَتْ ذاتُهُ العَلِيةُ عَنِ المُشابهَةِ والمُمَاثَلَةِ، فلا يُشْبِهِ أحَدًا مِنْ خلقِهِ وليسَ يُشْبِهُهُ أحَدٌ.
قولُهُ: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} قال ابن عباس: ولا له شريك. فإنَّهُ بعْدَ أَنْ نَفَى الهَُ ـ تعالى، حَاجَتَهُ إِلى الوَلَدِ وقرَّرَ اسْتِغْنَاءَهُ بنفسِهِ، يَنْفِي أَيضًا الشريكَ لَهُ ـ سُبْحانَهُ في أَيْ شَيْئٍ مِنْ مُلْكِهِ، مهما دَقَّ أَوْ جَلَّ، لأنَّ الدَّافعِ إلى اتِّخاذِ المرءِ الشَّريكِ لهُ في مُلْكِهِ أوْ عمَلِهِ ومَصْلحتِهِ، إنَّما هوَ الضَّعْفِ والعجْزِ عَنْ القيامِ بأعباءِ المُلْكِ، إنْ لجِهَةِ المالِ، وإِنْ لجهةِ العملِ وبذْلِ الجُهْدِ، والهَُ ـ تَعَالى، مُنَّهٌ عَنْ ذلكَ كُلِّهِ، ولِذَلِكَ فَلَيْسَ ثَمَّةَ حاجةٌ إِلَى الشَّريكَ أَيضًا.
قولُهُ: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} جَوَابٌ لِكَلَامٍ مُضْمَرٍ تَقْديرُهُ: لَوْ كَانَتْ مَعَ اللهِ آلهَةٌ أُخْرى لَاعْتَزَلَ بنَفْسِهِ وَانْفَرَدَ بِخَلْقِهِ، وذَهَبَ كُلٌّ مِنْها بِمَا خَلَقَ، لأَنَّهُ لَا يَرْضَى أَنْ يُضَافُ خَلْقُهُ وَإِنْعَامُهُ على ما خَلَقَ إِلى غَيْرِهِ منَ الآلِهةِ، ولَمَنَعَ غيرَهُ مِنَ أَنْ يَسْتَوليَ عَلَى خَلْقِهِ.
ففي النَّحْوِ "إِذًا" حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءٍ لِكَلَامٍ قَبْلَهَا، مَلْفُوظًا كانَ أَوْ مُقَدَّرًا. وَالْكَلَامُ الْمُجَابُ هُنَا هُوَ مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ ـ تَعَالى: "وَمَا كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ" فَإِنَّ الْجَوَابَ هُو ضِدُّ هَذا النَّفْيِ. وَإِذْ قَدْ كَانَ هَذَا الضِّدُّ أَمْرًا مُسْتَحِيلًا وُقُوعُهُ تَعَيَّنَ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُ شَرْطٌ، عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، وَالْحَرْفُ الْمُعَدُّ لِمِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ هُوَ "لَوْ" الِامْتِنَاعِيَّةُ، فَالتَّقْدِيرُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ.
وَبَقَاءُ اللَّامِ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ الْوَاقِعِ بَعْدَ (إِذًا) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ شَرْطُ (لَوْ) لِأَنَّ اللَّامَ تَلْزَمُ جَوَابَ (لَوْ) وَلِأَنَّ غَالِبَ مَوَاقِعِ (إِذًا) أَنْ تَكُونَ جَوَابَ (لَوْ) فَلِذَلِكَ جَازَ حَذْفُ الشَّرْطِ هُنَا لِظُهُورِ تَقْدِيرِهِ.
فقد أُتْبِعَ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى إِثْبَاتِ الْوَحْدَانِيَّةِ لهِق ـ تَعَالَى، بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى انْتِفَاءِ الشُّرَكَاءِ لَهُ فِي الْإِلَهِيَّةِ. وَقُدِّمَتِ النَّتِيجَةُ عَلَى الْقِيَاسِ لِتُجْعَلَ هِيَ الْمَطْلُوبَ فَإِنَّ النَّتِيجَةَ وَالْمَطْلُوبَ مُتَّحِدَانِ فِي الْمَعْنَى مُخْتَلِفَانِ بِالِاعْتِبَارِ، فَهِيَ بِاعْتِبَارِ حُصُولِهَا عَقِبَ الْقِيَاسِ تُسَمَّى نَتِيجَةً، وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا دَعْوَى مُقَامٌ عَلَيْهَا الدَّلِيلُ وَهُوَ الْقِيَاسُ تُسَمَّى مَطْلُوبًا كَمَا فِي عِلْمِ الْمَنْطِقِ. وَلِتَقْدِيمِهَا نُكْتَةٌ أَنَّ هَذَا الْمَطْلُوبَ وَاضِحُ النُّهُوضِ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى دَلِيلٍ إِلَّا لِزِيَادَةِ الِاطْمِئْنَانِ فَقَوْلُهُ ـ تَعالى: "مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ" هُوَ الْمَطْلُوبُ وَقَوْلُهُ: "إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ"، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ هُوَ الدَّلِيلُ. وَتَقْدِيمُ هَذَا الْمَطْلُوبِ عَلَى الدَّلِيلِ أَغْنَى عَنِ التَّصْرِيحِ بِالنَّتِيجَةِ عَقِبَ الدَّلِيلِ. وَقد ذُكِرَ نَفْيُ الْوَلَدِ اسْتِقْصَاءً لِلرَّدِّ عَلَى مُخْتَلَفِ عَقَائِدِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ ارْتَقَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَعَبَدُوا الْمَلَائِكَةَ وَقَالُوا: هُمْ بَنَاتُ اللهِ. قال تَعَالَى من سُورَةِ النَّحْلِ: {وَيَجْعَلُونَ للهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى} الآيتان: (57 ـ 58). وَقَال مِنْ سورةِ الْكَهْفِ: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا} الآية: 4.
وَإِنَّمَا قُدِّمَ نَفْيُ الْوَلَدِ عَلَى نَفْيِ الشَّرِيكِ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُشْرِكِينَ عَبَدَةُ أَصْنَامٍ لَا عَبَدَةُ الْمَلَائِكَةِ نَظَرًا إِلَى أَنَّ شُبْهَةَ عَبَدَةِ الْمَلَائِكَةِ أَقْوَى مِنْ شُبْهَة الْأَصْنَامِ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَيْرُ مُشَاهَدِينَ فَلَيْسَتْ دَلَائِلُ الْحُدُوثِ بَادِيَةً عَلَيْهِمْ كَالْأَصْنَامِ، وَلِأَنَّ الَّذِينَ زَعَمُوهُمْ بَنَاتِ اللهِ أَقْرَبُ لِلتَّمْوِيهِ مِنَ الَّذِينَ زَعَمُوا الْحِجَارَة شُرَكَاء الله.
قولُهُ: {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} قالَ الفَرَّاءُ المعنى: بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. "مَعَانِي القُرْآنِ وإعرابُهُ" لَهُ: (2/241).
وقالَ أبو اسحاقٍ الزّجَّاجُ، المُرادُ: طَلَبَ بَعْضِهِمْ مُغَالَبَةَ بَعْضٍ. "معاني القرآنِ وإعرابُهُ" له: (4/20).
وَهَذَا هوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ الهُا عَنهُما، قالَ: لَقَاتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، كَمَا يَفْعَلُ المُلوكُ فِي الدُّنْيَا، يُقاتِلُ هَذَا هَذَا. وبهِ قالَ وَالمُفَسِّرونَ، رحمهُمُ الهُه ـ تعالى. وهذا دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى نَفْيِ الشَّريكِ، مَعْطُوفٌ عَلَى الأَوَّلِ.
قولُهُ: {سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ} أيْ: تنزَّهَ وتقدَّسَ عَمَّا ينسِبونَهُ لهُ منَ الولَدِ والشَّريكِ لهُ في مُلْكِهِ.
قولُهُ تَعَالى: {مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ} ما: هي النَّافِيَةُ، وَ "اتَّخذَ" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفتْحِ. ولفظُ الجلالةِ "اللهُ" فاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ. وَ "مِنْ" هي حرفُ جَرٍّ زائدٌ. وَ "ولَدٍ" مجرورٌ لَفْظًا بحرفِ الجَرِّ الزائدِ، منْصوبٌ مَحَلًا عَلَى كونِهِ مَفْعولًا بِهِ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ} الواوُ: للعَطْفِ. و "مَا" للنَّفْيِ. و "كَانَ" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ، مبنيٌّ على الفتحِ. وَ "مَعَهُ" منصوبٌ على الظَّرفيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِخَبرِ "كَانَ" مُقدَّمًا على اسْمِهَا، وَهُوَ مُضَافٌ، وَالهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "مِنْ" حَرْفُ جَرٍّ زائدٍ. و "إِلَهٍ" اسْمٌ مَجْرُورٌ بحَرْفِ الجَرِّ لَفْظًا، وَمَحَلًّا مَرْفُوعٌ على كونِهِ اسْمَ "كانَ" المُؤَخَّرَ، وجُمْلَةُ "كانَ" منِ اسْمِها وخبرِها مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "اتَّخَذَ" على كَوْنِها مُسْتَأْنَفَةً لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} إِذًا: حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءٍ مُهْمَلٌ، قَائمٌ مَقَامَ "لَوْ" الشَّرْطِيَّةِ المَحْذُوفَةِ مَعَ فِعْلِ شَرْطِهَا، وَالتّقْديرُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ أُخْرَى. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فإِنْ قُلْتَ: "إِذًا" لَا تَدْخُلُ إِلَّا عَلى كَلَامٍ هُوَ جَوَابٌ وَجَزَاءٌ، فَكَيْفَ وَقَعَ قَوْلُهُ: "لَذَهَبَ" جَوَابًا وَجَزَاءً، وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ شَرْطٌ وَلَا سُؤَالُ سَائِلٍ؟. قُلْتُ: الشَّرْطُ مَحْذُوفٌ والتقديرُ: لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ وقد حُذِفَ لِدَلَالَةِ "وَمَا كَانَ معه مِنْ إلَهٍ". وَهَذَا رَأْيُ الفَرَّاءِ. وَ "لَذَهَبَ" اللَّامُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ الشَّرْطِ المَحْذوفِ. و "ذَهَبَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ. و "كُلُّ" فَاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ. و "إَلَهٍ" اسْمٌ مَجْرُورٌ بِالإِضافَةِ إليْهِ. و "بِمَا" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "ذَهَبَ"، و "ما" اسْمٌ مَوْصُولٌ، مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ جَوَابُ "لَوْ" المَحْذُوفَةِ هيَ وفِعْل شَرْطِهَا، وَجُمْلَةُ الشَّرْطِ المَحْذُوفِ مَعَ جَوابَهِ هي مَعْطوفُةٌ، تَعَاطُفَ قولٍ مُقَدَّرٍ عَلَى جُمْلَةِ قَولِهِ: "اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا"، عَلى كَوْنِها جُمْلَةً مُسْتَأْنَفَةً لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {خَلَقَ} فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى "كُلُّ إِلَهٍ"، وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ صِلَةُ "مَا" المَوْصولةِ، فلا محلَّ لها مِنَ الإِعْرَابِ، والعائدُ مَحْذُوفٌ والتَّقْديرُ: لذهَبَ كلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَهُ.
قولُهُ: {وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} الوَاوُ: حَرْفٌ للعَطْفِ، و "لَعَلَا" اللَّامُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ الشَّرْطِ المَحْذوفِ. وَ "عَلا" فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ المُقدَّرِ على آخِرِهِ، لتَعَذُّرِ ظهورِهِ عَلى الأَلِفِ. و "بَعْضُهُمْ" فاعِلُهُ مَرفوعٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والميمُ علامةُ جمعِ المُذَكَّرِ. و "عَلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "عَلَا"، و "بَعْضٍ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجَرِّ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ معطوفةٌ عَلى جُمْلَةِ "لَذَهَبَ" على كونِها جَوَابُ شَرْطِ "لَوْ" المَحْذُوفَةِ لَا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ
قولُهُ: {سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا} سُبْحَانَ: مَنْصُوبٌ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ بِفِعْلٍ مَحْذوفٍ وُجُوبًا، تَقْديرُهُ: أُسْبِّحُ اللهَ سُبْحَانًا، أَوْ سَبِّحُوا اللهَ سُبْحانًا. وهوُ مُضافٌ، ولفظُ الجَلَالةِ "اللهِ" مجرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "عَمَّا" عَنْ: خرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "سُبْحَانَ"، و "ما" اسْمٌ مَوْصولٌ، مبنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، وَالعائدُ مَحْذُوفٌ، والتَّقديرُ: عَمَّا يَصِفُونَهُ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ "مَا" مَصْدَرِيَّةً؛ فيكونُ التقديرُ: عَنْ وَصْفِهِمْ. والجُمْلةُ الفعليَّةُ هَذِهِ جُمْلَةٌ اسْتِئْنَافِيَّةٌ مُتَضَمِّنَةٌ مَعْنَى الدُّعَاءِ، فلَيسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {يَصِفُونَ} فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الَّناصِبِ والجازِمِ، وَعَلامَةُ رَفعِهِ ثُبُوتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بِالْفاعِلِيَّةِ، وَالْجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ صِلَةٌ لِـ "مَا" الْمَوْصُولَةِ فليسَ لَهَا مَحَلٌّ مِنَ الإعرابِ.
قرأَ العامَّةُ: {يَصِفُونَ} بياءِ الغيبةِ، والضميرُ للمُشْركينَ، وُقرئَ "تَصِفُونَ"، بِتَاءِ الخِطَابِ. فيكونُ الْتِفَاتًا مِنَ الغَيْبَةِ إِلَى الخِطابِ.