الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ
تفسير ـ أسباب نزول ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة ـ قراءات
اختيار وتأليف:
الشاعر عبد القادر الأسود
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
سُورَةُ المؤمنونَ، الآية: 38
إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا} فقد حصَروا التُّهمةَ وحدَّدوها بِأَنَّ نبيَّهُم ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَنْدَمَا يُنَبِّئهم بحَياةٍ ثانيةٍ بَعْدَ المَوْتِ والفناءِ، ويخبرهُمْ بأنَّ اللهَ أَعدَّ للمؤمنينَ الصالحينَ جنَّاتِ النَّعيم، وللكافرين العذابَ الأَلِيمَ فِي نَارِ الجَحِيمِ، إنَّما هو في ذلكَ كاذبٌ يريدُهم بذلكَ أَنْ يتركوا عبادةَ آلِهَتِهم، وتفريقَ جماعَتِهِم، ليدِبَّ الخلْفُ بَيْنَهُم وبَيْنَ قيادتهم ورئاستهم وجماعتهم، لغايةٍ في نفسِهِ، وإِنَّما يَبْغِي أنْ يقودَهُم هُوَ لِمَصَالحَ خاصَّةٍ لهُ يُحَقِّقُها، وَمَكَاسِبَ يَجْنِيها.
قولُهُ: {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} يُكَرِّرُونَ تَكْذيبَ الرَّسُولِ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، مُؤكَّدينَ ثباتَهُم على موقفهِم، بعدَمِ تَصْديقِ دعوى هذا المُدَّعي ـ برأْيِهِم، وتصدِّيهِمْ لهُ ولدعْوتِهِ، على نبيِّنا وعليْهِ وَعَلَى كَافَّةِ الأَنْبِيَاءِ والمُرسَلينَ صلوتُ اللهِ وسلامُهُ، وعلى مِنْ آمِنَ بهِمْ، وصدَّقَ برسالتِهِم، واتَّبعهم بإحْسانٍ إلى يومِ الدِّينِ.
قولُهُ تَعَالَى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ} إِنْ: نَافِيَةٌ. وَ "هُوَ" ضميرُ فصْلٍ مبنيٌّ على الفتْحِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ. و "إِلَّا" أَدَاةُ اسْتِثْنَاءٍ مُفَرَّغٍ (أَدَاةُ حَصْرٍ). و "رَجُلٌ" خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ مَرفوعٌ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولَ القولِ لِـ "قالَ" عَلَى كَوْنِهَا مُسْتَأْنَفَةً للقولِ السَّابقِ.
قولُهُ: {افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا} افْتَرَى: فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وعلامةُ الفتْحِ فتحةٌ مُقَدَّرةٌ على آخِرِهِ لتعذُّرِ ظهورِها على الألِفِ، وفَاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "رَجُلٌ". و "عَلَى" حرفُ جَرٍّ متعلق بِـ "افْتَرَى"، ولفظُ الجلالةِ "اللهِ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "كَذِبًا" مَفْعُولُهُ مَنْصوبٌ بِهِ، وَالْجُمْلَةُ الفعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ صِفَةً لِـ "رَجُلٌ".
قولُهُ: {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} الوَاوُ: عَاطِفَةٌ. و "مَا" حِجَازِيَّةٌ. و "نَحْنُ" ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مبنيٌّ على الضَّمِّ فِي محلِّ الرَّفعِ اسْمُهَا. و "لَهُ" اللامُ حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "مُؤْمِنِينَ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "بِمُؤْمِنِين" الباءُ: حرفُ جَرٍّ زائدٌ، وَ "مُؤْمِنِينَ" مجرورٌ لفظًا بِحرفِ الجَرِّ الزَّائدِ، منصوبٌ محلًا على أنَّهُ خبرُ "مَا" الحِجَازِيَّ، وعَلامَةُ الجَرِّ وَالنَّصْبِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذَكَّرِ السَّالِمُ، والنُّونُ عِوضٌ مِنَ التنوينِ في الاسْمِ المُفْرَدِ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ" على كونِها فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولَ القَوْلِ لِـ "قالَ" اسْتَئْنَافًا للقَوْلِ السَّابقِ.