[size=48]المَوْسُوعَةُ[/size][size=48] [/size][size=48]القُرْآنِيَّةُ[/size]
[size=48]فَيْضُ[/size][size=48] [/size][size=48]العَليمِ[/size][size=48] [/size][size=48]مِنْ[/size][size=48] [/size][size=48]مَعاني[/size][size=48] [/size][size=48]الذِّكْرِ[/size][size=48] [/size][size=48]الحَكيمِ[/size]
[size=32]تفسير[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]أسباب[/size][size=32] [/size][size=32]نزول[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]أحكام[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]إعراب[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]تحليل[/size][size=32] [/size][size=32]لغة[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]قراءات[/size]
[size=37]اختيار[/size][size=37] [/size][size=37]وتأليف[/size][size=37]:[/size]
[size=48]الشاعر[/size][size=48] [/size][size=48]عبد[/size][size=48] [/size][size=48]القادر[/size][size=48] [/size][size=48]الأسود[/size]
الجزءُ الثامنَ عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامسُ وَالثلاثونَ
[size=37]سُورَةُ[/size] المؤمنونَ
(23)
هِيَ السُّورَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّبْعُونَ فِي عِدَادِ نُزُولِ سُوَرِ الْقُرْآنِ الكَريمِ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الطُّورِ، وَقَبْلَ سُورَةِ {تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ}.
وَهِيَ سُورَةُ "الْمُؤْمِنُونَ" عَلَى سبيلِ حِكَايَةِ لَفْظِ "الْمُؤْمِنُونَ" الْوَاقِعِ في الآيةِ الأُولى مِنْهَا، حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}، فَجُعِلَ ذَلِكَ اللَّفْظُ تَعْرِيفًا لِلسُّورَةِ.
وَسُورَةُ "الْمُؤْمِنِينَ" بإِضَافَتِها إِلَيهم، لِأَنَّها افْتُتِحَتِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ فَلَاحِ المُؤْمِنِينَ. وَقد وَرَدَتْ تَسْمِيَتُهَا بِهَذَا الاسْمِ فِيمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَابْنُ أَبي شَيْبَةَ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخِهِ، وَمُسْلِمٌ في صحيحٍهِ، وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَةَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، والطَّحَاوِيُّ، وَابْنُ حَبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَهِ، مِنْ حديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: (حَضَرْتُ رَسُولَ اللهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَصَلَّى فِي قِبَلِ الْكَعْبَةِ، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَافْتَتَحَ سُورَةَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى أَوْ عِيسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ). أَخْرَجَهُ الأئمةُ: ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ شَيْبَانُ بنُ فَرُّوْخٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَبَطِيُّ في مُصَنَّفِهِ: (7/410، برقم: 36950). وَأَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ: (3/410، برقم: 15467). وَأَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ: (648). وَابْنُ ماجَةَ في سُنَنِهِ: (1431). والنَّسَائي: (2/74 وَ 176)، وَفِي السُّنَنِ الكبرى: (854 و 1081). وَابْنُ خُزَيْمَةَ في صحيحِهِ: (1014 و 1015 و 1649). وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، قَالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ سُورَةُ الْمُؤْمِنِينَ. فسمَّاهَا بِهِ.
وَهِيَ أَيْضًا سُورَةُ "قَدْ أَفْلَحَ"، فقَد جَرَى عَلَى أَلْسِنَةِ البَعْضِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ تَسْمِيَتُهَا بِهِ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنَ "الْعُتْبِيَّةِ"، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَخْرَجَ لَنَا مَالِكٌ مُصْحَفًا لِجَدِّهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ كَتَبَهُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، وَغَاشِيَتُهُ مِنْ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ فَوَجَدْنَا..، إِلَى أَنْ قَالَ: وَفِي "قَدْ أَفْلَحَ" كُلِّهَا الثَّلَاثِ للهِ". أَيْ: خِلَافًا لِقِرَاءَةِ: {سَيَقُولونَ الله} الْآيةَ: 85، مِنْ هَذِهِ السُّورةِ. وَيُسَمِّيهَا بَعْضُهُم "سُورَةُ الْفَلَاحِ" أَيْضًا.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ ـ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: نَزَلَتْ بِمَكَّةَ سُورَةُ الْمُؤمنِينَ، وَلَا اعْتِدَادَ بِتَوَقُّفِ مَنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْآيَةَ الرابعةَ مِنْها تُعَيِّنَ أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وهيَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، أَيْ: قَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ} لِأَنَّ الزَّكَاةَ فُرِضَتْ فِي الْمَدِينَةِ. فَالزَّكَاةُ الْمَذْكُورَةُ فِيهَا هِيَ الصَّدَقَةُ لَا زَكَاةَ النُّصُبِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْأَمْوَالِ. وَإِطْلَاقُ الزَّكَاةِ عَلَى الصَّدَقَةِ مَشْهُورٌ فِي الْقُرْآنِ، كَقَولِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سورةِ مريمَ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ} الآيتانِ: (54 و 55) وَلَمْ تَكُنْ زَكَاةُ النُّصُبِ مَشْرُوعَةً فِي زَمَنِ إِسْمَاعِيلَ ـ علَيْهِ السَّلامُ. وكقولِهِ مِنْ سُورَةِ فُصِّلتْ: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُون} الآيَتَانِ: (6 و 7). وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، أَنَّهُ قالَ بَأَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ. وقالَ أَبو حَيَّانَ الأنْدَلُسِيُّ فِي تفسيرِهِ (البَحْرُ المُحيطُ) هِيَ مَكِيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَاسْتَثْنَى مِنْهَا كَمَا يُقَالُ في (الإِتْقَانُ في عُلُومِ القُرْآنِ) لِلِإِمَامِ السُّيُوطِيِّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ} الآيةَ: 64، إِلَى قَوْلِهِ: {مُبْلِسُونَ} الآيةَ: 77. وَقدِ اسْتُشْكِلَ الحُكْمُ عَلَى مَا عَدَاهُ بِكَوْنِهِ مَكِّيًا لِمَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الزَّكَاةِ، وَهِيَ إِنَّمَا فُرِضَتْ بالْمَدينَةِ، وَأُجِيبَ بأَنَّه بَعْدَ التَّسْلِيمِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِها وَيُقَالُ: إِنَّ الزَّكاة َكَانَتْ وَاجِبَةً بِمَكَّةَ، وَالْمَفْرُوضُ بِالْمَدينَةِ ذَاتُ النِّصابِ.
أَمَّا عدَدُ آيَاتِهَا فَمِئَةٌ وَسَبْعَ عَشْرَةَ آيةً، وذلكَ فِي عَدِّ الْجُمْهُورِ، فَقَدْ عَدُّوا قولَهُ: {أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ} وَ {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ} الْآيةَ: 10، آيَةً واحِدَةً. وَهُمَا آيَتَانِ فِي عَدِّ أَهْلُ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ عدَدَ آياتِها عِنْدَهُم هُوَ: مِئَةٌ وَثَمَانِ عَشْرَةَ آيَةً، كَمَا وردَ في كِتَاب العَدَدِ للدَّانِي، وَمَجْمَعِ البَيَانِ للطَّبَرْسِي، وَالعارِضَةِ لأَبي بَكْرِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ. وَأَمَّا عَدَدُ كَلِمَاتها فَأَلْفٌ وَمِئَتَانِ وَأَرْبَعُونَ كلِمَةً، وَعَدَدُ حُرُوفِهَا أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَثَمَانُ مِئَةٍ وَحَرْفانِ.
وَتَدُورُ آياتُ هَذِهِ السُّورَةِ المُباركةِ حَوْلَ تَحْقِيقِ الْوَحْدَانِيَّةِ للهِ ـ سُبْحانَهُ وَتَعَالَى، وَالتَّنْوِيهِ بِالْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ، وَإِبْطَالِ الإِشْراكِ بِهِ، وَنَقْضِ قَوَاعِدِ ذَلِكَ. ولذلكَ فَقدِ افْتُتِحَتْ بِبِشَارَةِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْفَلَاحِ الْعَظِيمِ.
وَأَعْقَبَ ذَلِكَ بِذكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مُبَيِّنًا أَصْلِهِ وَنَسْلِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ دَليلٍ واضِحٍ عَلَى عَظِيمِ قُدْرةِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ والرُّبوبيَّةِ، لِتَفَرُّدِهِ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ وَتَنْشِئَتِهِ، ثُمَّ بِإماتَتِهِ بَعْدَ الْحَيَاةِ ثُمَّ بَعْثِهِ مِنْ بعدِ مَوْتِهِ، وَما في ذَلِكَ الْخَلْقِ مِنْ دَلَالَةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوتِ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقِ الْخَلْقَ سُدًى وَلَعِبًا.
ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ وَأَصْلِهِ وَنَسْلِهِ، انْتَقَلَ إِلَى الحضِّ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ بِمَا فِيهَا وَمَنْ فِيهَا، وَما في ذَلِكَ مِنْ دَلَالَةٍ عَلَى حِكْمَتِهِ ـ تَبَارَكَتْ أَسْماؤهُ.
ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الِامْتِنَانِ بِتَسْخيرِ مَخْلوقاتِهِ ـ تَعَالَى، وَمَصْنُوعَاتِهِ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَاءُ، وُوُجوبِ الاعْتِبارِ بِذَلِكَ، فَإِنَّ المَاءَ هُوَ أَسَاسُ حَيَاةِ كُلِّ مَا فِي هَذَا الْوُجودِ مِنْ الكائناتِ الحَيَّةِ، أَيْ: الإنسانِ والْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الْأَنْعَامَ وما فِيهَا مِنْ دَقَائقِ الصُّنْعِ، مُمْتَنًّا عَلى الإِنْسانِ بِتَسْخيرِها لَهُ، وَمَنْحِهُ بِهَا الكَثيرَ مِنَ الْمَنَافِعِ، الَّتي مِنْهَا غِذاؤهُ بِلُحُومِهَا وأَلبانِها، وكِسَاؤُهُ ومَتَاعُهُ وَسَكَنُهُ مِنْ أَوبارِها وأَصْوافِها وأَشْعارِها وجُلُودِها، وَحَمْلُهَا لَهُ وَلِمَتَاعِهِ.
وَقد جَاءَ بِذِكْرُ الْحَمْلِ عَلَى الْفُلْكِ لِيَخْلُصَ مِنْهُ إِلَى ذِكْرِ بَعْثِهِ نَبِيَّهُ نُوحًا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، رَسُولًا إِلَى قَوْمِهِ، وَذِكْرِ حَدَثِ الطُّوفَانِ العَظِيمِ، الَّذي أَفْنَى بِهِ كُلَّ مَا كانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنْ كائنٍ حَيٍّ مَا عَدَا الَّذي حَمَلَهُ نُوحٌ عَلى سَفِينَتِهِ.
ثُمَّ بَيَّنَ لَنَا أَنَّهُ ـ سُبْحَانَهُ، إِنَّما أَرْسَلَ أَنْبِيَاءَهُ للنَّاسِ رُسُلًا لِهِدايَةِ النَّاسِ وَإِرْشَادِهِم إِلَى تَوْحِيدِ رَبِّهم وَخالقِهِمْ، وَلِحَثِّهِمْ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ صَلَاحُهُم وَصَالِحُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ وآخِرَتِهِم.
وَبيَّنَ كَيْفَ تَلَقَّاهَم أَقْوَامُهُمْ مِنَ عِنَادٍ ومُعَادَاةٍ لَهُمْ وَتكْذيبٍ، وَإِعْرَاضٍ عَنْهُمْ وتفرُّقٍ، وَمِنْ عَدَمِ العَبَأِ بِهِمْ والمُبالاتِ بِدَعْوَتِهِم، وَمَا كَانَ مِنْ عِقَابِ أُلائكَ الْمُكَذِّبِينَ، وَقَدْ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا باللهِ وَرُسُلِهِ وَاتَّقَوْهُ وَتَمَسَّكُوا بِدينِهِ وَشَريعَتِهِ.
وَقدْ خُتِمَتْ هَذِهِ السُّورةُ المُباركةُ بِأَمْرِ اللهِ لِنَبِيِّهِ محمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَغُضَّ الطَّرفَ عَنْ سُوءِ مُعَامَلَتِهِمْ، وَأَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَيَسْأَلَ اللهَ الْمَغْفِرَةَ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا هُوَ الْفَلَاحُ الَّذِي ابْتُدِأَ اللهُ بِهِ هَذِهِ السُّورَة.
وَقَدْ مَدَحَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العَشْرَ الأَوَّلَ مِنْهَا فيما أَخْرَجَ الأَئِمَّةُ: أَحْمَدُ، وَالتَّرْمِذِيُّ، وَالنَّسائيُّ، والحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالضِّيَاءُ المَقدِسِيُّ في (المُخْتارة) وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، قالَ: (كانَ إِذَا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الوَحْيُ نَسْمَعُ عِنْدَ وَجْهِهِ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَمَكَثْنَا سَاعَةً، فَسُرِّيَ عَنْهُ، فاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَارْضَ عَنَّا وَأَرْضِنَا)). ثُمَّ قَالَ: ((لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ عَشْرُ آياتٍ مَنْ أَقَامَهُنَّ دَخَلَ الجَنَّةَ)). ثُمَّ قَرَأَ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: ((لَمَّا خَلَقَ اللهُ الْجَنَّةَ قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي، فَقَالَتْ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)). وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْحَاكِمُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي السُّنَّةِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُما، مِثْلَهُ.