يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
(77)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطابٌ للمُؤْمِنينَ بَعْدَ أَنْ كانَ خِطَابُ الْمُشْرِكِينَ شاغلًا مُعْظَمَ هَذِهِ السُّورَةِ وبهِ افتُتِحِ وَاسْتَمَرَّ عَدَا مَا وَقَعَ اعْتِرَاضًا خِلَالِ ذَلِكَ، فَقَدْ خُوطِبُوا بِـ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ" أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَعِنْدَ اسْتِيفَاءِ مَا سِيقَ مِنَ نِدَاءٍ لَّهمْ وَحُجَجٍ وَتَقْرِيعِ عَلَى أقوالِهِمْ الباطلةِ وأَعْمَالِهِمُ المُشينَةِ، فقدِ اخُتِمَتِ هَهُنَا بِالْإِقْبَالِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ خِطَابِهم بِمَا يُصْلِحُ شأْنَهُمْ ويُقوِّمُ أَعْمَالَهُمْ. وَفِي هَذَا التَّرْتِيبِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ إِصْلَاحَ الِاعْتِقَادِ مُقَدَّمٌ عَلَى إِصْلَاحِ الْأَعْمَالِ، لأنَّهُ الأَسَاسُ الذي تُبْنَى عَلَيْهِ.
قولُهُ: {ارْكَعُوا} الرُّكوعُ: الانْحِنَاءُ، وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَركانِ الصَّلَاةِ إِذا تُركَ عمدًا أوْ سهوًا فسَدَتِ الصَّلاةُ ووَجَبَ إِعَادَتُها، وهُوَ في اللغَةِ الخُضوعُ أَيْضًا، مِنْ: رَكَعَ، يَرْكَع، رَكْعًا ورُكُوعًا: إِذا حَنَا ظَهْرَهُ وَطَأْطأَ رأْسَهُ، وَالرَّاكِعُ العَاثِرُ مِنَ الدَّوَابِّ قَالَ الشَّاعِرُ بِشْرُ بْنُ أَبي خازِمٍ الأَسَدِيُّ:
وأُفْلِتَ حاجِبٌ فَوْتَ العَوَالِي ............. عَلى شَقَّاءَ تَرْكَعُ فِي الظِّرَابِ
الظِّراب: الجبالُ الصَّغيرةُ. وَالرَّكْعَةُ: الهُوَّةُ فِي الأَرْضِ، لُغةٌ يَمَانِيَّةٌ. وَمِنَ المجازِ قولُهُمْ: رَكَعَ فلانٌ إِذا افتَقَرَ وساءتْ حالُهُ.
قولُهُ: {وَاسْجُدُوا} مِنَ السُّجودِ الَّذي هُوَ وَضْعُ الجَبْهَةِ ـ الَّتي هِيَ رَمْزُ عِزَّةِ المَرْءِ، عَلَى الأَرْضِ، تَوَاضُعًا للهِ وتَذَلُّلًا، وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَركانِ الصَّلاةِ أَيْضًا وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ. وَالسَّاجِدُ في لُغَةِ طَيِّءٍ هو المُنْتَصِبُ. وَسَجَدَ يَسْجُدُ سُجُودًا، وَقَوْمٌ سُجُودٌ، وسُجَّدٌ، وَالاسْمُ السِّجْدَةُ بِكَسْرِ السِّينِ. مِنْ أَسْجَدَ الرَجُلُ: أَيْ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَانْحَنَى. وَالمَسْجِدُ، وَالمَسْجَدُ: مكانُ السُّجودِ، وواحدُ المَساجِدِ. وَمِنَ المَجَازِ: أَسْجَدَ: أَدَامَ النَّظَرَ مَعَ سُكُونٍ، وَالإِسْجَادُ: إِدَامَةُ النَّظَرِ، وإِمْرَاضُ الجَفْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ كُثيِّرِ عَزَّةَ:
أَغَرَّكِ مِنَّا أَنَّ ذلك عِنْدَنا .............. وإِسْجادَ عَيْنَيْكِ الصَيودِيْنِ رَائِجُ
وَأَسْجَدَ البَعِيرُ وسجَدَ: أَناخَ وَطَاطَأَ رَأْسَهُ لِرَاكِبِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ الراجِزُ حُمَيْدُ ابْنُ ثَوْرٍ يَصِفُ نِسَاءً:
فَلَمَّا لَوَيْنَ علَى مِعْصَمٍ ........................ وَكفٍّ خَضِيبٍ وإِسْوَارِهَا
فُضُولَ أَزِمَّتِها أَسْجَدَتْ ...................... سُجُودَ النَّصَارَى لِأَحْبَارِهَا
يُقُولُ: لَمَّا ارْتَحَلْنَ وَلَوَيْنَ فُضُولَ أَزمَّةِ جِمَالِهِنَّ عَلَى مَعَاصِمِهِنَّ أَسْجَدَتْ الجِمالُ لَهُنَّ. وفِي الحَديثِ: ((كانَ كِسْرَى يَسْجُدُ للطَّالعِ)). أَيْ يَتَطَامَنُ لهُ وَينحِني، وَالطَّالِعُ: هُوَ السَّهمُ الَّذي يُجاوِزُ الهَدَفَ مِنْ أَعْلَاهُ، أَيْ: كان يُسْلِمْ لِرَامِيهِ وَيَسْتَسْلِمْ. أَوْ: كَانَ يَخفِضُ رَأْسَهُ إِذَا شَخَصَ سَهْمُهُ وَارْتَفَعَ عَنِ الرَّمِيَّةِ.
وقد فُضِّلَتْ هَذِهِ السُّورةُ المُباركةُ بِسَجْدَتَيْنِ، لِمَا أَخْرَجَ أَحمَدُ والترمذِيُّ مِنْ حديثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((فُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ، فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا)). مُسْنَدُ الإمامِ أَحْمَدٍ: (4/151، 152). وَجَامِعُ الإمامِ التِّرْمِذِيِّ: الباب: (54)، وقد ضَعَّفَهُ الترمذيُّ وَغَيْرُه، إنَّما يُقَوّيهِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَةَ، وابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالبَيْهَقِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي القُرْآنِ مِنْهَا ثَلاثٌ فِي المُفَصَّلِ، وَفِي سُورَةِ الحَجِّ سَجْدَتَانِ. كَمَا يُقَويهِ عَمَلُ عدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، وَأَبُو مُوسَى الأشعريِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ـ فَي إِحْدَى الرِّوايَتَيْنِ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ الأَئِمَّةُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ المُبَارِكِ، وَاسْحَقُ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ جميعًا، لِظَاهِرِ الأَمْرِ بِالسُّجودِ، وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَديثِ عُقْبَةَ، وَسَعْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُا. وَجُمْهورُ الفُقهاءِ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالحَسَنُ البَصْريُّ، وَسعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، وَسعيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَسُفْيَانٌ الثَّوْرِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ آيَةَ سَجْدَةٍ، لِأَنَّهَا مَقْرونَةٌ بِالأَمْرِ بِالرُّكُوعِ، والمَعْهُودُ فِي مِثْلِها مِنَ القُرْآنِ أَنَّهُ أَمْرٌ بِمَا هُوَ رُكْنٌ مِنْ أَركانِ الصَّلاةِ، نَحْوَ قوْلِهِ تعالى في الآيةِ: 43، مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِين}، واللهُ أَعْلَمُ. فَالْمُرَادُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الصَّلَوَاتُ. وَقد خُصَّا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا الأَعْظَمُ مِنْ بينِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فبِهِمَا إِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ للهِ ـ تَعَالَى، والْخُضُوعِ والتَذَلُّلِ إِلَيهِ.
وقدْ كانتِ الصَّلاةُ مِنْ قبلُ دُونَ رُكُوعٍ وسُجودِ ـ كَصَلَاةِ اليَهُودِ والنَّصارى أَهلِ الكتابِ.
وَتَخْصِيصُ الصَّلَاةِ بِالذِّكْرِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ الْمَشْمُولَةِ لِقَوْلِهِ وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عِمَادُ الدِّينِ.
قوْلُهُ: {وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} الْمُرَادُ بِالْعِبَادَةِ: السَّمعُ والطَّاعةُ في كُلِّ مَا أَمَرَ اللهُ النَّاسَ أَنْ يَتَعَبَّدُوهُ بِهِ كالصَّومِ والصلاةِ والزَّكاةِ وَالْحَجِّ، وغيرِ ذلكَ مِنَ العِبَادَاتِ المَعْرُوفَةِ.
قولُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} أَيْ: أَنْ تُقَدِّمَ الْخَيْرَ لَلنَّاسِ مِنَ الزَّكَاةِ، وَمُعَامَلَتِهم بحسْنِ الخُلُقِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَسَائِرِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وأنْ يَتَحَرَّى المَرْءُ ما هُوَ الأَفضلُ وَالأصْلَحُ في كلِّ مَا يَأْتي، وكلِّ مَا يَذَرُ، كَنَوَافِلِ الصَّلَواتِ وغيْرِها مِنَ الطَّاعاتِ، وصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَمَكارِمِ الأَخْلَاقِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنهُما: فعلُ الخيرِ: صِلَةُ الرَّحِمِ وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ.
وَهَذَا إِجْمَالٌ فَصَّلَتْهُ الشريعةُ الغَرَّاءُ وبَيَّنَتْهُ وَبَيَّنَتْ مَرَاتِبَهُ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى. ويَدْخُلُ في فعلِ الخَيرِ جميعُ أَنْواعِ القُرَبِ.
قولُهُ: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أَيْ: افْعَلُوا هَذِهِ الأفعالَ الخيِّرَةَ كُلَّها، وأَنْتُمْ تَرْتَجُون بِهَا الفَلاحَ في الآخِرَةِ، غَيْرَ مُعْتَدِّينَ بِأَعْمَالِكُمْ، ولا مُعْتَمِدينَ عَلَيْها، بَلْ مُعْتَمِدينَ عَلَى كَرَمِ اللهِ وَفَضْلِهِ، واثِقينَ بعطائِهِ، لِكَيْ تَسْعَدُوا في حياتِكمْ الدنيا، وَتَفُوزُوا في أَخْراكمْ بِالْجَنَّةِ.
وَالرَّجَاءُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى تَقْرِيبِ الْفَلَاحِ لَهُمْ إِذَا بَلَغُوا بِأَعْمَالِهِمُ الْحَدَّ الْمُوجِبَ لِلْفَلَاحِ فِيمَا حَدَّدَ اللهُ تَعَالَى، فَهَذِهِ حَقِيقَةُ الرَّجَاءِ. وَأَمَّا مَا يَسْتَلْزِمُهُ الرَّجَاءُ مِنْ تَرَدُّدِ الرَّاجِي فِي حُصُولِ الْمَرْجُوِّ فَذَلِكَ لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي تُحِيلُ الشَّكَ عَلَى اللهِ ـ تَعَالَى.
قولُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} يَا: حَرْفُ نِدَاءٍ، و "أَيُّ" مُنَادَى نَكِرَةٌ مَقْصُودَةٌ، مَبْنِيٌّ عَلى الضَّمِّ في محلِّ النَّصْبِ بالنِّداءِ. وَ "ها" حَرْفُ تَنْبِيهٍ. وَ الَّذِينَ" اسْمٌ مَوْصولٌ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ في مَحَلِّ الضَّمِّ صِفَةً لِـ "أَيُّ". وَجُمْلَةُ النِّدَاءِ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعرابِ.
قولُهُ: {آمَنُوا} فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ لاتِّصالِهِ بِوَاوِ الجَمَاعَةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ، والأَلِفُ فارِقَةٌ. والجُمْلةُ صِلَةٌ المَوْصُولِ "الذينَ" لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.
قولُهُ: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} فِعْلُ أَمْرٍّ مَبْنِيٌّ على حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ الفارقةُ، والجملةُ الفعليَّةُ هَذِهِ جَوَابُ النِّدَاءِ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ. وَ "وَاسْجُدُوا" الواوُ: عاطفةٌ والفعلُ مَعْطُوفٌ عَلَى "وَارْكَعُوا" ولَهُ مِثْلُ إِعْرابِهِ. و "اعبُدُوا" مثلُ "واسجدوا"، و "رَبَّكم" مفعولُهُ منصوبٌ بِهِ، مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ في مَحَلِّ الجرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ. و "افْعَلُوا" مثلُ الفعلِ قبلَهُ معطوفٌ عَلَيْهِ. و "الخيراتِ" مفعولُهُ منصوبٌ بِهِ، وعلامةُ نَصْبِهِ الكَسْرةُ عِوَضًا عَنِ الفتحةِ لأنَّهُ جمعُ المُؤنَّثِ السَّالمُ.
قوْلُهُ: {لَعَلَّكُمْ} لَعَلَّكُمْ: حَرْفٌ نَاصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفعلِ للتَّرجِّي، مِنْ أَخواتِ "إِنَّ"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصِبِ اسْمُهُ، والميمُ: لتذْكيرِ الجَمعِ. وخبرُهُ جُمْلَةُ "تُفْلِحُونَ"، والجملةُ مِنْ "لعلَّ" واسْمِها وَخَبَرِها، مُسْتَأْنَفَةٌ، مَسُوقَةٌ لِتَعْلِيلِ مَا قَبْلَهَا لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. أَوْ هيَ في محلِّ النَّصْبِ على الحَالِ مِنَ ضميرِ الفاعلِ فِي "ارْكَعُوا" وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، أَيْ: قُومُوا بِهَذِهِ الأَعمالِ حَالَ كَوْنِكُمْ رَاجِينَ الْفَلَاحَ في الآخِرةِ وَالنَّجاحَ في الدُّنْيا.
قولُهُ: {تُفْلِحُونَ} فعلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ لتجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النّونِ في آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ، والجملةُ خَبَرُ "لعلَّ" فِي مَحَلِّ الرَّفعِ.