لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ
(37)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} النَّيْلُ: الْإِصَابَةُ وَإحْرَازُ الشَّيْءِ. مِنْ قولِكَ: نَالَ فُلان كَذا: إِذَا أَصابَهُ، وَوَصَلَ إِلَيْهِ، وَأَحْرَزَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ آل عِمْرانَ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} الآيةَ: 92، وَقَالَ منْ سُورةِ التَّوْبَة: {وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا} الآيةَ: 74.
والمَعنى: لَنْ تُرْفَعَ إِلى اللهِ ـ تَعَالَى، لُحُومُ ضَحَايَاكُمْ وَقَرَابِينِكُمْ وَهَدْايَاكُمْ، وَلَا دِماؤُها، وَلَنْ تُبْلَغَ مَرْضَاتَهُ بِهَا، وَلَنْ يَقَعَ مِنْهُ مَوْقِعَ القَبُولِ ما تَصَدَّقُتمْ بِهِ مِنْ لُحُومِهَا، وَلاَ دِمَاؤُهَا الَّتي أَهْرَقْتُموها بِالنَّحْرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا لُحُومٌ وَدِمَاءٌ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ إِرَاقَةَ الدِّمَاءِ وَتَقْطِيعَ اللُّحُومِ لَيْسَا مَقْصُودَيْنِ بِالتَّعَبُّدِ، وَلَكِنَّهُمَا وَسِيلَةٌ لِنَفْعِ النَّاسِ بِالْهَدَايَا التي تُقَدِّمونَها.
قَالَ الإمامُ الْحَسَنُ البَصْريُّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ: كَانُوا يُلَطَّخُونَ بِدِمَاءِ الْقَرَابِينِ، وَكَانُوا يُشَرِّحُونَ لُحُومَ الْهَدَايَا وَيَنْصِبُونَهَا حَوْلَ الْكَعْبَةِ قُرْبَانًا للهِ ـ تَعَالَى، يَعْنِي زِيَادَةً عَلَى مَا يُعْطُونَهُ لِلْمَحَاوِيجِ.
وَمَا كانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَلْطِيخِ جُدْرانِ الكعبةِ المُشَرَّفةِ بدِمَاءِ قَرَابِينِهم، وَطْرَحِ لُحُومِ ذبائحِهِمْ عَلَى الحجارةِ حَولَها، فَلَا يَأْكُلونَ مِنْها شَيْئًا ولا يَدَعُونَ أَحَدًا يَأْكُلُ مِنْهَا، وَاعْتقادُهم التَّقَرُّبَ إِلى اللهِ بِذَلِكَ وَهْمٌ قَديمٌ في عُقُولِ الجَمَاعَاتِ الوَثَنِيَّةِ، فقَد كَانَ الْيُونَانُ يَحْرُقُونَ لُحُومَ قَرَابِينِهم بالنَّارِ حَتَّى تَصِيرَ رَمَادًا، مُتَوَهِّمينَ أَنَّ رَائِحَةَ الشِّوَاءِ تَسُرُّ الْآلِهَةَ الْمُتَقَرَّبَ إِلَيْهَا بِالْقَرَابِينِ، كَما كَانَ قدَماءُ الْمِصْرِيِّينَ يُلْقُونَها في النِّيلِ طَعَامًا لِلتَّمَاسِيحِ لِأَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ في زعمِهِم.
قولُهُ: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} اسْتِعْمالُ النَّيْلِ هُنَا لِلْمُشَاكِلَةٌ، فقدِ اسْتُعِيرَ النَّيْلُ لِتَعَلُّقَ عِلْمِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، بِهذا العمَلِ. فَشُبِّهَ عِلْمُ اللهِ ـ تَعَالَى، بِمَا فِي هَذَا العَمَلِ مِنْ تَقْوَى للهِ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بِوُصُولِ الشَّيْءِ الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِ ـ سُبْحانَهُ. وَوَجْهُ هذا التَّشْبِيهِ الْحُصُولُ فِي كُلٍّ والإحرازُ، وَحَسَّنَتْهُ الْمُشَاكَلَةُ.
وَالمعنى: إِنَّما يُرْفَعُ إِلَى اللهِ ـ سُبْحانَهُ، تَقْوَاكُمْ لَهُ وإِخْلاصُكم النِّيَّةَ لوَجْهِهِ الكَريمِ في هَذا النُّسُكِ وَغَيْرِهُ مِنَ المَنَاسِكِ؛ وَمَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُهُ مِنْكُمْ، فإِنَهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى، لَا يَقْبَلُ اللُّحومَ، وَلا الدِّماءَ، إِذَا لِمْ تَكُنْ صَادِرَةً عَنْ تَقْوَى اللهِ ـ تَعَالى، وَإِنَّمَا يَتَقَبَّلُ مَا يُتَّقى بِهِ، فَلَا يَقْبَلُ مِنَ الأَعْمَالِ مَا كانَ خاليًا مِنْ نِيَّةٍ خالصةٍ صَحِيحَةٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَن إِبْرَاهِيمَ النَّخعيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ" قَالَ: مَا الْتُمِسَ بِهِ وَجْهُ اللهِ ـ تَعَالَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ: "وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ"، يَقُولُ: إِنْ كَانَتْ مِنْ طَيِّبٍ، وَكُنْتُمْ طَيِّبِينَ، وَصَلَ إِلَيَّ أَعْمَالُكُم وَتَقَبَّلْتُهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قالَ: "لَنْ يَنَالَ اللهَ" قَالَ: لَنْ يُرْفَعَ إِلَى اللهِ، "لُحُومُها وَلَا دِمَاؤها وَلَكِنْ" نَحْرُ الْبُدْنِ مِنْ تَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ. يَقُولُ: يُرْفَعُ إِلَى اللهِ مِنْكُمُ: الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ وَالتَّقْوَى.
وعَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ صِيَامِهِمَا، يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَالْآخَرُ يَوْمٌ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. أَخْرَجَهُ الأَئِمَّةُ: مَالِكٌ في مُوَطَّئِهِ: (1/178، برقم: 429 ـ 430)، وأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: (1/273)، والبُخارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: (2/702، برقم: 1889)، و (5/2116، بِرقم: 5251)، ومُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ: (2/799، [رقم: 1137) و (3/1560، برقم: 1969)، وأَبُو دَاوُدَ في سُنَنِهِ: (2/319، بِرقم: 2416)، والنَّسائي في سُننه: (2/149، رقم: 2788 ـ 2789)، وابنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ: (1/549، رقم: 1722)، وابْنُ خُزَيْمَةَ في صحيحهِ: (4/312، برقم: 2959)، وابْنُ الجَارُودِ: (107، بِرَقَم: 401)، وأبو عُوانة في مُسْتخرجه: (5/78، بِرقم: 7855 ـ 856 7، 7857)، والطَّحاوي: (2/247)، وأبو يَعْلَى: (1/140، بِرقم: 150 ـ 152)، وابْنُ حِبَّان: (8/364، برقم: 3600)، والبيهقيُّ: (3/123، برقم: 5093).
قَوْلُهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ} كَرَّرَ هذِهِ الجملةِ للتَّذكير والتَّعليلِ وَالتَّنْبِيهِ إِلَى أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى اللهِ الذِي سَخِّرِهَا هُوَ رَأْسُ الشُّكْرِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ، فَصَارَ مَدْلُولُ الْجُمْلَتَيْنِ مُتَرَادِفًا. فَوَقَعَ التَّأْكِيدُ. فَالْقَوْلُ فِي جُمْلَةِ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ كَالْقَوْلِ فِي أَشْبَاهِهَا.
قولُهُ: {لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} عَلى: لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ، فتَعْني التَّمَكُّنَّ، أَيْ: لِتُكَبِّرُوا اللهَ عِنْدَمَا تَتَمَكَّنِونَ مِنْها فَتَنَحْرونَهَا طاعةً لربِّكمْ وَتَقَرُّبًا. وَ "مَا" مَوْصُولَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ مَعَ جَارِّهِ. أَيْ: عَلَى مَا هَدَاكُمْ إِلَيْهِ، ودَلَّكمْ عَلَيْهِ مِنْ اتِّخاذِ هَدَايا مِنَ الْأَنْعَامِ، وَقرَابِينَ تتقرَّبونَ إلى اللهِ بتقدمها هدايا، لتأكُلوا منها أنتم والفُقَراءُ. وَيَجُوزُ أَنْ تكونَ "مَا" مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ: عَلَى هِدَايَتِهِ إِيَّاكُمْ، وَ "عَلَى" مُتَعَلِّقَةٌ بِـ "تُكَبِّرُوا" لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الشُّكْرِ. فَهُوَ ـ سُبْحانَهُ الْذي هِدَاكمْ إِلَيْهَا، وسَخَّرَهَا لَكُمْ، وَشَرَعَهَا فِي تِلْكَ الْمَوَاقِيتِ لِيَنْتَفِعَ بِهَا النَّاسُ وَيَرْتَزِقَ منها سُكَّانُ الْحَرَمِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللهُ مِنْ بينِ خلقِهِ لِيَكُونُوا دُعَاةَ لتَّوْحِيدِهِ، ونَشْرِ دينِهِ وخَصَّهمْ بذلكَ المكانِ وتِلْكَ الْمَكَانَةِ، فكَبِّروهُ واذْكُروهُ بالتَّعظمِ وَالكبرياءِ وَتَعَرَّفُوا على مَظاهِرِ عَظَمَتَهِ، ومِنْ تِلْكَ المَظاهِرِ اقْتِداره عَلى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سِوَاهُ ـ جَلَّ جلالُهُ العَظيمُ، فَقِيلَ المُرادُ هُوَ التَّكبيرُ عِنْدَ الإِحْلَالِ أَوْ الذَّبْحِ، عَلَى مَا أَرْشَدَكُم إِلى طَريقِ تَسْخِيرِها وَكَيْفِيَّةِ التَّقرُّبِ بِهَا إلى اللهِ ـ تَعَالى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، فِي قَوْلِهِ: "وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ" قَالَ: عَلَى ذَبْحِهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "شُعَبِ الإيمانِ" عَنِ الْحِسِنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نَلْبِسَ أَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نَتَطَيَّبَ بِأَجْوَدَ مَا نَجِدُ، وَأَنْ نُضَحِّي بِأَسْمَنِ مَا نَجِدُ، وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْجَزُورُ عَنْ سَبْعَةٍ، وَأَنْ نُظْهِرَ التَّكْبِيرَ وَعَلَيْنَا السَّكينَةُ وَالْوَقارُ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} المُحْسِنِينَ: المُخلصين في كلِّ ما يأتُون وما يذرُون في أمورِ دينهم، بقَبولِ أَعمالَهمْ ومُقابلَتها بِجَنَّةٍ عرضُها السمواتُ والأرضُ جزاءً لهم على إحسانِهمُ العمَلَ في الدُّنيا.
رُوِيَ: أَنَّ قوله: "وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ" نَزَلَ في الخُلَفَاءِ الراشدينَ الأَرْبَعَةِ ـ رُضْوانُ اللهِ ـ تَعَالى عَلَيْهِم، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يَعُمُّ كُلَّ مُحْسِنٍ.
رَوَى أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَ سَبَبَ نُزولِ هَذِهِ الآيَةِ الكَريمَةِ، أَنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا إِذَا ذَبَحُوا اسْتَقْبَلُوا الكَعْبَةَ بِالدِّمَاءِ يَنْضَحُونَ بِهَا نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَأَرَادَ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، وَقَالَهُ الكَلْبِيُّ، وَابْنُ جريجٍ أَيْضًا. فقدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: النُّصُبُ لَيْسَتْ بِأَصْنَامٍ، الصَّنَمُ يُصَوَّرُ وَيُنْقَشُ، وَهَذِهِ حِجَارَةٌ تُنْصَبُ، ثَلاثمِئةٍ وَسِتُّونَ حَجَرًا، فَكَانُوا إِذَا ذَبَحُوا نَضَحُوا الدَّمَ عَلَى مَا أَقْبَلَ مِنَ الْبَيْتِ، وَشَرَّحُوا اللَّحْمَ وَجَعَلُوهُ عَلَى الْحِجَارَةِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّة يُعَظِّمُونَ الْبَيْتَ بِالدَّمِ فَنَحْنُ أَحَقُ أَنْ نُّعَظِّمَهُ، فَكَأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكْرَهْ مَا قَالُوا، فَنَزَلَتْ: "لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُها".
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} لَنْ: حَرْفٌ نَاصِبٌ. و "ينالَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَنْصوبٌ بِهِ. ولفظُ الجلالةِ "اللهَ" مَفْعُولُهُ منصوبٌ بِهِ. و "لحومُها" فاعِلُهُ مَرفوعٌ بِهِ وهوَ مُضافٌ، و "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بهِ مبنيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ. و "وَلَا دِماؤُهَا" الواوُ عاطِفةٌ، و "لا" نافيَةٌ، و "دِمَاءُ" مَعْطُوفٌ عَلَى "لُحُومُ" عَلَى كونِهِ مَرْفوعٌ بالفاعِلِيَّةِ، مُضافٌ، و "هَا" ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ كسابقتِها. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ فَلَيْسَ لَهَا مَحَلَّ مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} الواوُ: عاطِفَةٌ. و "لَكِنْ" حَرْفُ اسْتِدْرَاكٍ. وَ "يَنَالُهُ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ. والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُولِيَّةِ. وَ "التَّقوى" فاعِلُهُ مَرفوعٌ بِهِ، وعلامةُ الرَّفعِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ على آخِرِهِ لتعَذُّرِ ظهورِها عَلَى الأَلِفِ. وَ "مِنْكُمْ" مِنْ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنَ "التَّقْوَى"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، والميمُ: علامةُ جَمْعِ المُذَكَّرِ. وَالْجُمْلَةُ الفعليَّةُ الاسْتِدْرَاكِيَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "لَنْ يَنَالَ اللهَ" على كونِها جملةً مُسْتَأْنَفَةً لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ} كَذَلِكَ: الكافُ الأُولَى حَرْفُ جَرٍّ للتَّشْبِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، و "ذا" اسْمُ إشارةٍ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، واللامُ: للبُعِدِ، والكافُ الثانيةُ للخِطابِ. أَيْ: وَمِثْلَ ذَلِكَ التَّسْخيرِ المَذْكُورِ آنِفًا سَخَّرَهَا اللهُ ـ سُبْحانَهُ، لَكُمْ، تَسْخِيرًا لِتُكَبِّروا اللهَ. وَ "سَخَّرَهَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وَ "ها" ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ النَّصْبِ على المَفْعُوليَّةِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلى اللهِ ـ تَعَالى. و "لَكُمْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "سَخَّرَهَا"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، والميمُ، علامةُ جَمْعِ المُذَكَّر. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعراب.
قولُهُ: {لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} اللَّامُ: هي لَامُ "كَيْ"، حَرْفُ جَرٍّ وَتَعْلِيلٍ، وَ "تُكَبِّرُوا" فِعْلٌ مُضارعٌ مَنْصُوبٌ بِـ "أَنْ" مُضْمَرَةً بَعْدَ لَامِ "كي"، وعلامةُ نَصْبِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ. وَوَاوُ الجَمَاعَةِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعليَّةِ. ولفظُ الجلالَةِ "اللهَ" مَنْصُوبٌ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ. و "عَلَى" حَرْفُ جَرٍّ للاسْتِعْلَاءِ، مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُكَبِّروا"، وَعُدِّيَ فعلُ التكْبيرِ بهِ لَتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الشُّكْرِ. وَ "مَا" مَصْدَرِيَّةٌ، أَوْ مَوْصُولَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مَعَ "أَنْ" المُضْمَرَةِ فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِلامِ "كَيْ"، والتَّقْديرُ: لِتَكْبِيرِكُمْ إِيَّاهُ، الجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "سَخَّرَهَا". وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مَعَ "أَنْ" المُضْمَرَةِ فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَجْرُورٍ بِلامِ "كَيْ"، والتَّقْديرُ: لِتَكْبِيرِكُمْ إِيَّاهُ. أَوْ تكونُ صِلَةً لِـ "ما" لا محلَّ لها مِنَ الإعراب، إنْ كانتْ مَوْصُولَةً.
قولُهُ: {هَدَاكُمْ} فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفتْحِ المُقدَّرِ على آخِرِهِ لتَعَذُّرِ ظُهورِهِ على الألفِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى اللهِ تَعَالَى. وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ، والميمُ للجمعِ المُذكَّرِ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ صِلَةُ "مَا" المَصْدَرِيَّةِ، فلا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ، وَالتَّقْديرُ: عَلَى الَّذِي هَدَاكُمْ إِلَيْهِ، والجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِـ "تُكَبِّرُوا".
قولُهُ: {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} الواوُ: للعَطْفِ، و "بَشِّرْ" فِعْلُ أَمرٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ، وقد حُرِّكَ بالكَسْرِ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ: (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، و "المُحْسِنينَ" مَفْعُولُهُ مَنْصُوبٌ بِهِ، وعلامةُ نَصْبِهِ الياءُ لأَنَّهُ جمعُ المُذكَّرِ السَّالمُ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.