روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27 I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 02, 2021 9:06 pm

وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
(27)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} وأَذِّنْ: أَيْ أَعْلِمْ، وهوَ مِنْ أَذِنَ بالشَّيْءِ، إِذْنًا، وأَذَانًا وأَذَانَةً: إذا عَلِمَ بِهِ. وَبَابُهُ "سَمِعَ"، وقولُهُ ـ تَعَالَى، في الآيةِ 278، مِنْ سورةِ البَقَرَةِ: {فَأْذَنوا بحَرْبٍ}، أَيْ: كُونُوا عَلَى عِلْمٍ بِهَا. وآذَنَهُ الأَمْرَ، وآذَنَهُ بِهِ أَعْلَمَهُ. وَأَذَّنَ تَأْذينًا أَكْثَرَ الإِعْلامَ، وَأَصْلُهُ مُضَاعَفُ "أَذِنَ" إِذَا "سَمِعَ"، ثُمَّ صَارَ بِمَعْنَى بَلَغَهُ الْخَبَرُ، فَجَاءَ مِنْهُ "آذَنَ" بِمَعْنَى "أَخْبَرَ".
والتَّأْذِينُ: رَفْعُ الصَّوْتِ لِلْإِعْلَامِ بِشَيْءٍ. وَأَذِّنْ بِمَا فِيهِ مِنْ مُضَاعَفَةِ الْحُرُوفِ مُشْعِرٌ بِتَكْرِيرِ الْفِعْلِ، أَيْ: أَكْثِرِ الْإِخْبَارَ بِالشَّيْءِ. وَالْكَثْرَةُ تَحْصُلُ بِالتَّكْرَارِ، كما تَحْصُلُ بِرَفْعِ الصَّوْتِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يقَومُ مَقَامَ التَّكْرَارِ. وَلِكَوْنِهِ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ يُعَدَّى إِلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي بِالْبَاءِ.
قالَ الحَسَنُ البَصْريُّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنْهُ: هَذَا الأَمْرُ بِالتَّأْذينِ هُوَ للنبِيِّ مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أُمِرَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِي حِجَّةِ الوَدَاعِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ حَيْثُ قَال: ((يَا أَيُّها النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الحَجُّ)). فقدْ جاءَ فيما أخرجَهَ الإمامُ أحمدُ وغيرُهُ مِنْ حديثِ عبدِ اللهِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ))، فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فَقَالَ: أَفِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ: ((لَوْ قُلْتُهَا لَوَجَبَتْ، ثُمَّ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ)). مُسْنَدُ أَحْمَد: (1/255، رقم: 2304)، وَالحَاكِمُ: (2/321، رقم: 3155)، وقال: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ. والبَيْهَقِيُّ: (4/326، رقم: 8400). والنَّسائي في "السُّنَنِ الكُبْرَى": (2/319، رقم: 3599).  
وَجُمْهُورُ المُفَسِّرينَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّ المُخاطَبَ المَأْمورَ بِهَذَا الأَذانِ هُو سيِّدُنا إِبراهيمُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ. فَقَدْ أَخْرَجَ الدَّيْلَمِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكَرَّمَ وَجْهَهُ، رَفَعَهُ: ((لَمَّا نَادَى إِبْرَاهِيمُ بِالْحَجِّ، لَبَّى الْخَلْقُ، فَمَنْ لَبَّى تَلْبِيَةً وَاحِدَةً، حَجَ وَاحِدَةً، وَمَنْ لَبَّى مَرَّتَيْنِ حَجَّ حِجَّتَيْنِ، وَمَنْ زَادَ فَبِحَسْبِ ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ فِي المُصَنَّفِ، وَابْنُ مَنِيعٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ قَالَ: رَبِّ قَدْ فَرَغْتُ. فَقَالَ: "وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ" قَالَ: رَبِّ وَمَا يَبْلُغُ صَوْتي؟ قَالَ: أَذِّنْ وَعَلَيَّ الْبَلَاغُ. قَالَ: رَبِّ كَيفَ أَقُولُ؟ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ. فَسَمِعَهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، أَلَا تَرَى أَنَّهمْ يَجِيئُونَ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ يُلَبُّونَ؟.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ: لَمَّا بَنَى إِبْرَاهِيمُ الْبَيْتَ، أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ. فَقَالَ: أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا، وَأَمْرَكُمْ أَنْ تَحِجُّوهُ. فَاسْتَجَابَ لَهُ مَا سَمِعَهُ مِنْ حَجَرٍ، أَوْ شَجَرٍ، أَوْ أَكَمَةٍ، أَوْ تُرَابٍ، أَوْ شَيْءٍ. فَقَالُوا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبُ الإِيمانِ)، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ، تَوَاضَعَتْ لَهُ الْجبَالُ، وَرُفِعَتْ لَهُ الأَرْضُ، فَقَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللهُ إِبْرَاهِيمُ ـ علَيْهِ السَّلامُ، أَنْ يُنَادِي فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، صَعِدَ أَبَا قُبَيْسٍ، فَوَضَعَ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ نَادَى: إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ، فَأَجِيبُوا رَبَّكُمْ. فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ فِي أَصْلابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَجَابَهُ أَهْلُ الْيَمَنِ. فَلَيْسَ حَاجٌّ مِنْ يَوْمِئِذٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ إِلَّا مَنْ كَانَ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمئِذٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْهُ أَيْضًا، أَنَّهُ قَالَ: صَعِدَ إِبْرَاهِيمُ ـ علَيْهِ السَّلامُ، أَبَا قُبَيْسٍ، فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ رَسُولُ اللهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهُ أَمَرَنِي أَنْ أُنادِيَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُم. فَأَجَابَهُ مَنْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْهُ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ: "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، يَعْنِي بِالنَّاسِ أَهْلِ الْقبْلَةِ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} الآيةَ: 96، مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ. يَقُولُ: وَمَنْ دَخَلَهُ مِنَ النَّاسِ الَّذينَ أَمَرَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِيهِمْ، وَكَتَبَ عَلَيْهِمُ الْحَجَّ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِي قَوْلِهِ ـ تَعَالى: "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، قَالَ: قَامَ إِبْرَاهِيمُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى الْحَجَرِ فَنَادَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْحَجُّ. فَأَسْمَعَ مَنْ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحامِ النِّسَاءِ، فَأَجَابَ مَنْ آمَنَ مِمَّنْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ أَنْ يَحِجَّ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، قَالَ: وَقَرَتْ فِي كُلِّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ سَعْيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، فَخَرَجَ فَنَادَى فِي النَّاسِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ رَبَّكُمْ قَدِ اتَّخَذَ بَيْتًا فَحِجُّوهُ. فَلَمْ يَسْمَعْهُ حِينَئِذٍ مِنْ إِنْسٍ، وَلَا جِنٍّ، وَلَا شَجَرَةٍ، وَلَا أَكَمَةٍ، وَلَا تُرَابٍ، وَلَا جَبَلٍ، وَلَا مَاءٍ، وَلَا شَيْءٍ، إِلَّا قَالَ: لَبَيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.
وَأَخْرَجَ أَبُو الشَّيْخِ فِي "كِتَابُ الْأَذَانِ"، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّهُ قَالَ: أُخِذَ الْأَذَانُ مِنْ أَذَانِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْحَجِّ "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، قَالَ: فَأَذَّنَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلصَّلَاةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِدُعَاءِ النَّاسِ إِلَى اللهِ، اسْتقْبَلَ الْمَشْرِقِ فَدَعَا، ثُمَّ اسْتقْبَلَ الْمَغْرِبَ فَدَعَا، ثُمَّ اسْتقْبلَ الشَّامَ فَدَعَا، ثمَّ اسْتَقْبَلَ الْيَمَنَ فَدَعَا، فَأُجِيبَ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَلْحَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنْ "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، فَقَامَ عَلى الْحَجَرِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ بِالْحَجِّ. فَأَجَابَهُ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا فِي الأَرْضِ يَوْمئِذٍ، وَمَنْ كَانَ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ، وَمَنْ كَانَ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَمنْ كَانَ فِي البُحُورِ فَقَالُوا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ لِخَلِيلِ الرَّحمنِ إِبْرَاهِيمَ ـ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ والسَّلامٌ، "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، قَالَ: كَيْفَ أُؤَذِّنُ؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيَّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا إِلَى رَبِّكُم، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. فَأَجَابَ الْعِبَادُ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبنَا لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَبَّيْكَ. فَمَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيم ـ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، يَوْمئِذٍ مِنَ الْخلْقِ فَهُوَ حَاجٌّ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ـ علَيْهِما السَّلامُ، مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْحَجِّ، فَقَامَ عَلَى الصَّفَا فَنَادَى بِصَوْت سَمِعَهُ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا إِلَى رَبِّكُم. فَأَجَابُوهُ وَهُمْ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ فَقَالُوا: لَبَّيْكَ. قَالَ: فَإِنَّمَا يَحِجُّ الْبَيْتَ الْيَوْمَ مَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمئِذٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا أَذَّنَ إِبْرَاهِيمُ ـ عليْهِ السَّلامُ، بِالْحَجِّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ، فَلَبَّى كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، فِي (شُعَبُ الإيمانِ) عَنْ مُجَاهِد ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَامَ عَلى الْمَقَامِ فَنَادَى بِصَوْتٍ أَسْمَعَ مَنْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الإيمان) عَنْ مُجَاهِد ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ ـ عَليْهِ وسلَّمَ: كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ. فَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْ جَبَلٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا شَيْءٍ مِنَ المُطِيعينَ لَهُ إِلَّا يُنَادي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَصَارَتِ التَّلْبِيَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: تَطَاوَلَ بِهِ الْمُقَامُ حَتَّى كَانَ كَأَطْوَلَ جَبَلٍ فِي الأَرْضِ فَأَذَّنَ فِيهِمْ بِالْحَجِّ، فَأَسْمَعَ مَنْ تَحْتَ البُحُورِ السَّبْعِ، وَقَالُوا: لَبَّيْكَ أَطَعْنَا، لَبَّيْكَ أَجَبْنَا. فَكُلُّ مَنْ حَجَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِمَّن اسْتَجَابَ لَهُ يَوْمئِذٍ
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ، قَالَ: قِيلَ لإِبْرَاهِيمَ "وَأًذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ"، قَالَ: يَا رَبُّ كَيْفَ أَقُولُ قَالَ: قُلْ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلَ مَنْ لَبَّى.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ كُلُّ جِنِّيٍ وَإِنْسِيٍّ، وَكُلُّ شَجَرٍ وَحَجَرٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ بِالْحَجِّ، قَامَ عَلَى الْمَقَامِ، فَنَادَى نِدَاءً سَمِعَهُ جَمِيعُ أَهْلِ الأَرْضِ: أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ وَضَعَ بَيْتًا وَأَمَرَكُمْ أَنْ تَحِجُّوهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِي أَثَرِ قَدَمَيْهِ آيَةً فِي الصَّخْرَةِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بِنُ حُمَيدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ عَطاءٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، قَالَ: صَعِدَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى الصَّفَا فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَجِيبُوا رَبَّكُمْ فَأَسْمَعَ مَنْ كَانَ حَيًّا فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ.
وَ "في النَّاسِ" كَلِمَةُ "النَّاس" تَعُمُّ كُلَّ الْبَشَرِ، أَيْ كُلَّ مَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُبَلِّغَ إِلَيْهِ ذَلِكَ.
والحَجُّ في اللُّغَةِ: القَصْدُ، فَذُوا المَالِ مَحْجُوجٌ طمعًا بمالِهِ، وذو العِلْمِ محجوجٌ لعِلْمِهِ، وذو الجاهِ محجوجٌ لجاهِهِ. ثُمَّ اسْتُعْمِلَ في القَصْدِ إِلَى مَكَّةَ المُكَرَّمَةَ لأَداءِ مَناسِكِ الحَجِّ. تَقُولُ: حَجَجْتُ البَيْتَ أَحُجُّهُ حَجًّا، وَأَنَا حَاجٌّ. وُيُجْمَعُ عَلَى حُجٍّ. والحِجُّ بِالكَسْرِ: الاسْمُ. وَالحِجَّةُ المَرَّةُ الوَاحِدَةُ. والحَجيجُ، الحُجَّاجُ، وهُوَ جَمْعَ الحاجّ. وامرأة ٌحاجَّةٌ ونسوةٌ حواجُّ. والحَجَّةُ بالفَتْحِ: السَّنَةُ، وجَمْعُها حِجَجٌ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ لَبْيدِ بْنِ ربيعَةَ:
يَرُضْنَ صِعابَ الدُرِّ في كُل حِجَّةٍ ......... وإِن لَّمْ تَكُنْ أَعْنَاقُهُنَّ عَواطِلَا
وَشَهْرُ الحَجِّ ذُو الحِجَّةِ، والجَمْعُ ذَواتُ الحِجَّةِ، وَذَوَاتُ القِعْدَةِ. وَلَيْسَ ذَوُو الحِجَّةِ، وذوو القِعْدَةِ. وَالحِجَّةُ أَيْضًا: شَحْمَةُ الأُذُنِ. وأحْجَجْتَ فلانًا، إِذَا بَعَثْتَهُ لِيَحُجَّ. وَقَوْلُهُمْ: وَحَجَّةِ اللهِ لَا أَفْعَلُ: يَمِينٌ كانِتِ العَرَبُ تحلِفُ بِهِ. والحُجَّةُ بالضَّمِّ: البُرْهانُ. فَتَقُولُ حَاجَّ فلانٌ فلانًا فَحَجَّهُ، أَيْ غَلَبَهُ بالحُجَّةِ. وَقالوا فِي الأَمْثَالِ: لَجَّ فَحَجَّ. وَقالوا: هُوَ رَجُلٌ مِحْجاجٌ، أَيْ: جَدِلٌ كثيرُ الجَدَلِ. والتَّحَاجُّ: التَّخَاصُمُ. وَالمِحْجَاجُ: المِسْبَارُ. والمَحَجَّةُ: جَادَّةُ الطَّريقِ، قالَ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى المَحِجَّةِ الْبَيْضَاءِ، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ)). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ: (4/126، رقم: 17182)، والْحاكِمُ في مُسْتَدْرَكِهِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ: (1/175)، والطَّبَرَانِيُّ: (18/247، رقم: 619) وابْنُ ماجةَ وغيرُهُمْ. عَنِ العِرْباضِ ابْنِ سَارِيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
قولُهٌ: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أَيْ: يَأْتِيكَ النَّاسُ حُجَّاجًا مِنْ كُلِّ الفِئَاتِ وَالأَلْوانِ، مَنْهُمْ مَنْ يَمْشي عَلَى رِجْلَيْهِ. وَمِنْهُم مَنْ يَرْكَبَ رَاحِلةً لَهُ. وَلَا يَعْدُو إِتْيَانُ النَّاسِ أَحَدَ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ. وَإِنَّما قالَ: "يَأْتُوكَ" ـ وَإِنْ كانُوا يَأْتُونَ الكَعْبَةَ المُشَرَّفةَ، لِأَنَّهُ كَانَ هوَ المُنَادِي، ومَنْ يأْتيها، فإنَّما جاءَ تَلْبِيَةً لندائِه. 
 وَ "رِجالًا" جَمْعُ رَاجِلٍ وَهُوَ الَّذي يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْهِ، بِخِلافِ الَّذي يَركَبُ راحِلَةً. وَ "عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ"، أَيْ: وَعَلَى كُلِّ رَاحِلَةٍ مُضَمَّرةٍ. أَي قليلةِ لَحْمِ البَطْنِ وَهيَ صِفَةٌ مَرْغُوبٌ بِهَا فِي الرَّواحِلِ سَوَاءٌ مِنْهَا الجِمالُ والخُيُولُ، وَغَيْرُها، لأَنَّها سَتَكُونُ أَنْشَطَ وأَسْرَعَ وأَكْثرَ تَحَمُّلًا، وَ "الضَّامِرُ" مِنْ ضَمُرَ ضُمُورًا فَهُوَ ضَامِرٌ، وَنَاقَةٌ ضَامِرٌ أَيْضًا، فالذَّكَرُ والأُنْثى فيهِ سَواءٌ. وَالضُّمُورُ هوَ مِنْ مَحَاسِنِ الرَّوَاحِلِ، مِنَ الإِبِلِ وَالْخَيْلِ، لِأَنَّهُ يُعِينُهَا عَلَى السَّيْرِ وَالْحَرَكَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما: "يَأْتُوكَ رِجَالًا" قَالَ: مُشَاةً، وَ "عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ"، قَالَ: الْإِبِل.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَعَلى كُلِّ ضَامِرٍ" قَالَ: مَا تَبْلُغُهُ الْمُطِيُّ حَتَّى تَضَمَّرَ.
ولِأَنَّ أَجْرَ الحاجِّ سَيْرًا عَلَى قَدَمَيْهِ أَعْظَمِ مِنْ أَجْرِ الحاجِّ راكبًا عَلَى راحِلَتِهِ، فقدْ تمنَّى ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنْ يكونَ قدْ حجَّ ماشِيًا. فَقد أَخْرَجَ الْخَطِيبُ البَغْدَاديُّ فِي تَارِيخِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، يَقُولُ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَنِّي لَمْ أَكُنْ حَجَجْتُ رَاجِلًا لِأَنِّي سَمِعْتُ اللهَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلى كُلِّ ضَامِرٍ"، وَهَكَذَا كَانَ يَقْرَؤُهَا. فَإِنَّ (الأَجْرَ عَلَى قَدْرِ المَشَقَّةِ). انْظُرْ: "فَتْحُ البَارِي": (8/693).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ سَعْدٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُمَا، قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْءٍ فَاتَنِي إِلَّا أَنِّي لَمْ أَحِجَّ مَاشِيًا حَتَّى أَدْرَكَني الْكِبَرُ، أَسْمَعُ اللهَ ـ تَعَالَى، يَقُول: "يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلى كُلِّ ضَامِرٍ" فَبَدَأَ
بِالرِّجَالِ قَبْلَ الرُّكْبَانِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْمَاعِيلَ حَجَّا وَهُمَا مَاشِيَانِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: مِنْ حَجِّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا، حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعُمِئَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ. قِيلَ: وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِئَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ، وَابْن مِرْدُوَيْهِ، والضِّيَاءُ المَقْدِسِيُّ فِي (المُخْتَارَةِ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: إِنَّ لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً، وللماشِي بِكُلِّ قَدَمٍ سَبْعُمِئَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: الْحَسَنَةُ مِئَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ ـ وَضَعَّفَهُ، عَنِ السَّيِّدةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهُا قَالَتْ: قَالَ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُصَافِحُ الرُّكَّابَ الْحُجَّاجَ وَتُعانِقُ المُشاةَ.
قولُهُ: {يَأْتينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} يَأْتِينَ: جَمَعَ الفِعْلَ هُنا مُراعاةً لِمَعْنَى "كُلِّ"، وَلَوْ قَالَ: "يَأْتي" مُراعَاةً لِلَّفْظِ لَصَحَّ. وَ "كُلِّ" هُنَا فِي هَذِهِ الجُمْلَةِ والَّتي قبلَها مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْكَثْرَةِ، كَمَا في قَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} الْآيَة: 145. أَيْ: وَعَلَى رَوَاحِلَ كَثِيرَةٍ. وَتُسْتَعْمَلُ كَلِمَةُ "كُلِّ" في الأَصْلِ لِلدَّلَالَةُ عَلَى اسْتِغْرَاقِ جِنْسِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ، وَيَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهَا فِي مَعْنَى "كَثِيرٍ" مِمَّا تُضَافُ إِلَيْهِ، كَقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} الآيَةَ: 23، أَيْ: مِنْ أَكْثَرِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُؤْتَاهَا أَهْلُ الْمُلْكِ، وَمِنْهُ قَوْلِ النَّابِغَةِ الذُّبيانيِّ:
بِهَا كُلُّ ذَيَّالٍ وَخَنْسَاءَ تَرْعَوِي ............ إِلَى كُلِّ رَجَّافٍ مِنَ الرَّمْلِ فَارِدِ
أَيْ: بِهَا وَحْشٌ كَثِيرٌ فِي رِمَالٍ كَثِيرَةٍ. وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا الْإِطْلَاقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي قَوْلِ عَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ، إِذْ قالَ:
جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ ................... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ
سَحًّا وَتَسْكَابًا فَكُلَّ عَشِيَّةٍ ............... يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَاءُ لَمْ يَتَصَرَّمِ
وَالْفَجُّ: هُوَ الطَّريقُ الوَاسِعُ بَيْنَ الجَبَلَيْنِ، وَالْجَمْعُ فِجاجٌ. وفَجَّ مَا بَيْنَ رِجلَيْهِ يَفُجُّهُما فَجًّا، فَتَحَ بينَهُما. وَهُوَ أَفَجُّ أَيْ بيِّنُ الفَجَجِ؛ وَفَجَّ القوسَ يَفُجُّها، رَفَعَ وَتَرَهَا عَنْ كَبِدِهَا، كَ "فَجَوْتُها". وَأَفَجَّ الرَّجُلُ: أَسْرَعَ. والفِجُّ بالكَسْرِ: كُلُّ مَا لَمْ يَنْضَجُ مِنَ الفَوَاكِهِ.
وَ "العَمِيقُ" هُوَ المَكانُ البَعِيدُ، أَوِ الطَّريقُ الطَّويلةُ البَعِيدَةُ.
فقَد أَخْرَجَ الطَّسْتِيُّ فِي مَسَائِلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُما، أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ ـ تَعَالَى: "مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ"، قَالَ: طَرِيقٌ بَعِيدٌ. قَالَ: وَهلْ تَعْرِفُ الْعَرَبُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَم، أَمَا سَمِعْتَ قَولَ الشَّاعِرِ:
وَحَازُوا الْعِيَالَ وَسَدُّوا الْفِجَاجَ .................. بِأَجْسَادِ عَادٍ لَهَا آيَدَانِ
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: لَقِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، رَكْبًا يُرِيدُونَ الْبَيْتَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَأَجَابَهُ أَحْدَثُهُمْ سِنًّا، فَقَالَ: عَبَادُ اللهِ الْمُسْلِمُونَ. فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ؟ قَالَ: مِنَ الْفَجِّ العَمِيقِ. قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالَ: الْبَيْتَ الْعَتِيقَ. فَقَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: تَأَوَّلَهَا لَعَمْرُ اللهِ. فَقَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَنْ أَمِيرُكُمْ؟ فَأَشَارَ إِلَى شَيْخٍ مِنْهُم، فَقَالَ عُمَرُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَلْ أَنْتَ أَمِيرُهُمْ ـ لِأَحْدَثِهمْ سِنًّا الَّذِي أَجَابَهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ ـ "يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ" يَعْنِي مَكَانٍ بَعِيدٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ "مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" قَالَ: طَرِيقٍ بَعِيدٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبي الْعَالِيَةَ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ: "مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" قَالَ: مَكَانٍ بَعِيدٍ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ جَريرٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِثْلَهُ.
قولُهُ تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} الوَاوُ: للعَطْفِ، وَ "أَذِّنْ" فِعْلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فِيِهِ وُجُوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ)، يَعُودُ ـ عَلَى الأَرْجَح، عَلى سيِّدِنا "إِبْرَاهِيمَ" عَلَيْهِ السَّلامُ، و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَذِّنْ"، و "النَّاسِ" مَجْرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "بِالْحَجِّ" الباءُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفِ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ "أَذِّنْ"؛ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِكَ مُعْلِنًا بِالْحَجِّ. وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ {طَهِّرْ} مِنَ الآيةِ التي قبلَها عَلَى كَوْنِها في مَحَلِّ النَّصْبِ، مَقُولٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ.
قوْلُهٌ: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} يَأْتُوكَ: فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزُومٌ بِالطَّلَبِ السَّابِقِ عَلَى كَونِهِ جَوابًا لَهُ، وَعَلَامَةُ جَزْمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ. وَواوُ الجَماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفَعِ بالفاعِلِيَّةِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ على المَفْعُولِيَّةِ. وَ "رِجَالًا" مَنْصُوبٌ عَلَى الحَالِ مِنَ ضميرِ الفاعِلِ في "يأْتوكَ"، و "عَلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى "رِجَالًا"، والتَّقْديرُ: مُشَاةً وَرُكْبَانًا عَلى كُلِّ ضَامِرٍ. وَ "كُلِّ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجَرِّ، مُضافٌ، و "ضَامِرٍ" مَجْرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذِهِ جوابُ الطَّلَبِ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} يَأْتِينَ: فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ، لِاتِّصالِهِ بِنُونِ النِّسْوَةِ، وَنُونُ النِّسْوةِ هَذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على الفَتْحِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَأْتِينَ"، وَ "كُلِّ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجَرِّ مُضَافٌ، و "فَجٍّ" مَجْرورٌ بالإضافةِ إِلَيْهِ. و "عَمِيقٍ" صِفَةٌ لِـ "فَجٍّ" مجرورةٌ مِثلُهُ. والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ صِفَةً لِـ "كُلِّ ضَامِرٍ"؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الجَمْعِ؛ أَيْ: عَلَى كُلِّ ضَوامِرٍ آتياتٍ.
قَرَأَ العامَّةُ: {وَأَذِّنْ} بِتَشْديدِ الذَّالِ، بِمَعْنَى نَادِ. وَقَرَأَ الحَسَنُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ "آذِنْ" بِالْمَدِّ وَالتَّخْفيفِ، بِمَعْنَى "أَعْلِمْ". وَيُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: "فِي النَّاسِ"، إِذْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ. وَقَرَآ أَيْضًا فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُا أَبُو الفَتْحِ ابْنُ جِنِّي "أَذِنَ" بِالْقَصْرِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ. وَخَرَّجَهَا ابْنُ جِنِّي وغيْرُهُ عَلَى أَنَّهَا عَطْفٌ عَلَى "بَوَّأْنا"، أَيْ: وَاذْكُرْ إِذْ بَوَّأْنَا، وَإِذْ "أَذِنَ فِيِ النَّاسِ"، وَهِيَ تَخْريجٌ وَاضِحٌ، فَيَصِيرُ فِي الكَلَامِ تَقْديمٌ وَتَأْخيرٌ، وَيَصِيرُ "يَأْتُوكَ" جَزْمًا عَلى جَوَابِ الأَمْرِ الَّذي فِي "وَطَهِّرْ": ونَسَبَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَبَا الفَتْحِ عُثْمانَ بْنَ جِنِّي ـ في هَذِهِ القَرَاءَةِ إِلَى التَّصْحِيفِ فَقَالَ ـ بَعْدَ أَنْ حَكَى قِراءَةَ الحَسَنِ وَابْنِ مُحَيْصِنٍ "وآذِنْ" بِالْمَدِّ، وَ "تَصَحَّفَ" هَذَا عَلى ابْنِ جِنِّي فإِنَّهُ حُكِيَ عَنْهُما "وَأَذِنَ" عَلَى أَنَّهُ فِعْلٍ مَاضٍ. وَأَعْرَبَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَهُ عَطْفُا عَلَى "بَوَّأْنا". قالَ السَّمينُ: وَلَمْ يَتَصَحَّفْ فِعْلُهُ، بَلْ حَكَى تِلْكَ القِراءَةَ أَبُو الفَضْلِ الرَّازِيُّ فِي "اللَّوَامِحِ" لَهُ، عَنْهُمَا، وَذَكَرَهَا أَيْضًا ابْنُ خَالَوَيْهِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا، فَنَسَبَ مَنْ اطَّلَعَ إِلَى التَّصْحيفِ، وَلَوْ تَأَنَّى أَصَابَ أَوْ كادَ.
قرَأَ العامَّةُ: {بالحَجِ} بفتْحَ الحاءِ، وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبي إِسْحَاقَ "بِالْحِجِّ" بِكَسْرِها حَيْثُ وَقَع. وَ "صِحَاب" جمعُ صاحب، وَ "تِجار" جمع تاجِر، وَ "قِيام" جمع قائِم.
قرأَ الجُمْهورُ: {رِجالًا} بكسْرِ الرَّاءِ وتَخْفيفِ الجيمِ، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ، وَالحَسَنُ، وَأَبُو مِجْلَزٍ: "رُجَّالًا" بِضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْديدِ الجِيمِ. وَرُوِيَ عَنْهُمْ تَخْفِيفُهَا. وَافَقَهُمْ ابْنُ أَبي إِسْحَاقَ عَلَى التَّخْفِيفِ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ومُجاهدٌ عَلى التَّشْديدِ. ورُوِيَتْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالأَلِفِ.
فالمُخَفَّفُ اسْمُ جَمْعٍ كَ "ظُؤَارٍ"، وَالْمُشَدَّدُ جَمْعُ تَكْسيرٍ كَ "صائِمٍ" و "صُوَّامٍ". ورُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَيْضًا "رُجَالَى" ك "نُعَامَى" بِأَلِفِ التَأْنِيثِ، وَكَذَلِكَ ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاِسٍ، وَعَطَاء، إِلَّا أَنَّهُمَا شَدَّدَا الجِيمَ.
قَرَأَ الجُمْهورُ: {يَأْتِينَ} وقدْ تقدَّمَ توجيهُها في مَبْحَثِ التفسير. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ، والضَّحَاكُ، وابْنُ أَبي عَبْلَةَ: "يَأْتُونَ" تَغْلِيبًا للعُقَلَاءِ الذُكُورِ، وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: "وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ" حَالًا أَيْضًا. وَيَكونُ "يَأْتُونَ" اسْتِئْنافًا يَتَعَلَّقُ بِهِ الجارُّ في "مِنْ كُلِّ فَجٍّ" أَيْ: يَأْتُوكَ رِجالًا وَرُكْبانًا، ثَمَّ قاَلَ: يَأْتُونَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: "يَأْتُون"، أَيْ: يَأْتُونَ عَلى كُلِّ ضَامِرٍ مِنْ كُلِّ فَجٍّ، وَ "يَأْتُون" اسْتَئنافٌ أَيْضًا. وَلا يَجُوزُ أَنْ يَكونَ صِفَةً لـ "رجالًا" وَلِـ "ضامِر" لاخْتِلَافِ المَوْصُوفِ في الإِعْرابِ؛ لأَنَّ أَحَدَهُما مَنْصُوبٌ، والآخَرَ مَجْرُورٌ. لَوْ قُلْتَ: رَأَيْتُ زَيْدًا، وَمَرَرْتُ بِعَمْرٍو العَاقِلَيْنِ، عَلَى النَّعْتِ لَمْ يَجُزْ، بَلْ عَلَى القَطْعِ. وَقَدْ جَوَّزَ ذَلِكَ الزَمَخْشَرِيُّ فَقالَ: وَقُرِئَ "يِأْتُونَ" صِفَةً للرِّجَالِ، وَالرُّكْبَانِ" وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا ذُكِرَ.
قَرَأَ الجُمْهورُ: {فجٍّ عميقٍ}، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، "فَجٍّ مَعِيقٍ" بِتَقْديمِ المِيمِ. وَيُقَالُ: غَمِيقٌ بِالْغَيْنِ المُعْجَمَةِ أَيْضًا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 27
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 2
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 18
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 33
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 48
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 64

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: