روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29 I_icon_minitimeالإثنين مارس 08, 2021 4:19 am

ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
(29)
قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأْنُهُ: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ نَحْرِ الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا لِيُحْكِمُوا الأَمْرَ فيمَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ، كَالْحَلْقِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ وَإِزَالَةِ شَعَثٍ وَنَحْوِهِ، وَلْيُزِيلُوا عَنْهُمْ أَدْرَانَهُمْ. وَأَصْلُ التَّفَثِ فِي كَلَامِ العَرَبِ فِعْلُ قَاذُورَةٍ تَلْحَقُ الإِنْسَانَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ نَقْضُهُا. وَقِيلَ: هُو مِنْ التَّفِّ، الذي هوَ وَسَخُ الأَظافِرِ، فَقُلِبَت فاؤُهُ ثاءً، كَما قالوا: "مُغْثُور" فِي "مُغْفُور". وَقَضَاءُ التَّفَثِ مُحَوَّلٌ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ، وَمَعْنَاهُ الْأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ. وَذَلكَ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْإِحْرَامِ. فَالتَفَثُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ هُوَ إِذْهَابُ الشَّعَثِ. وَقَالَ الْحَسَنُ البَصْريُّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هُوَ إِزَالَةُ قَشَفِ الْإِحْرَامِ. وَتَفِثَ الرَّجُلُ إِذَا كَثُرَ وَسَخُهُ. قَالَ أُمَيَّةَ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
حَفُّوا رُؤُوسَهُمُ لَمْ يَحْلِقُوا تَفَثًا ............ وَلَمْ يَسُلُّوا لَهُمْ قَمْلًا وَصِئْبَانَا
قِيلَ: هُوَ الصَّحِيحُ فِي التَّفَثِ. فَإِذَا نَحَرَ الْحَاجُّ أَوِ الْمُعْتَمِرُ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَأَزَالَ وَسَخَهُ، وَتَطَهَّرَ، وَتَنَقَّى، وَلَبِسَ، فَقَدْ أَزَالَ تَفَثَهُ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَأَصْلُ التَّفَثِ فِي اللُّغَةِ الْوَسَخُ، تَقُولُ الْعَرَبُ لِلرَّجُلِ تَسْتَقْذِرُهُ: مَا أَتْفَثَكَ أَيْ مَا أَوْسَخَكَ وَأَقْذَرَكَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ" قَالَ: يَعْنِي بالتَّفَثِ: وَضْعَ إِحْرَامِهِمْ، مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَلِبْسِ الثِّيَابِ، وَقَصِّ الْأَظْفَارِ، وَنَحْو ذَلِكَ.
وَأَخْرَجَ سَعْيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ فِي التَّفَثِ: هُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَالْأَخْذُ مِنَ العَارِضَيْنِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَالذَّبْحُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ" قَالَ: حَلْقُ الرَّأْسِ، وَالْعَانَةِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ وَالأَظَافِرِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَقَصُّ اللِّحْيَةِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ"، قَالَ: التَّفَثُ كُلُّ شَيْءٍ أَحْرَمُوا مِنْهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: التَّفَثُ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفٌ الإبِطِ، وَالأَخْذُ مِنَ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الأَظَافِرِ.
وَالصَّحيحُ عِنْدَنَا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. بِأَنَّ التَّفَثَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: التَّفَثُ قَضَاء النُّسُكِ كُلِّهِ. إِذًا فَلَيْسَ التَّفَثُ وَسَخًا وَلَا ظُفْرًا وَلَا شَعْرًا، وإنَّما هيَ نُسُكَ الحجِّ جميعًا، وَقَضَاؤُها أَداؤُها والقِيامُ بها على أَتمِّ وَجْهِ وأَكْمَلِهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُما، أَنَّهُ قَالَ: التَّفَثُ الْمَنَاسِكُ كُلُّهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} النَّذْرُ: مَا لَزِمَ الْإِنْسَانَ وَالْتَزَمَهُ. فقد أُمِرُوا بِوَفَاءِ النَّذْرِ مُطْلَقًا إِلَّا مَا كَانَ مَعْصِيَةً، لِقَوْلِهِ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ: ((لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ)). أَخْرَجَهُ الحُمَيْدِيُّ: (829)، وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: (4/426، رقم: 20065)، والدارِمِي: (2337)، ومسلم: (5/78(4255)، وَأَبُو دَاوُدَ: (3316)، وابْنُ مَاجَةَ: (2124)، وَالتِّرمِذيُّ: (1568)، والنَّسائي: (4735)، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ، فيما رَوَتُهُ أُمُّ المُؤمنينَ السَّيِّدَةُ عائشَةُ الصِّدِّيقةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وأَرْضَاهَا: ((مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ)). أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في "المُوَطَّأِ": (صفحة: 294)، وأَحْمَدُ في المُسندِ: (6/36)، والدَّارِمِيُّ في سُنَنِهِ: (2343)، وَالبُخَارِيُّ في صحيحِهِ: (8/177)، وَأَبو دَاوُدَ في سُنَنِهِ: (3289)، وابْنُ مَاجَةَ: (2126)، والتِّرْمِذِيُّ في سُنَنِهِ: (1526)، وَالنَّسائيُّ: (7/17)، وَابْنُ خُزَيْمَةَ: (2241).
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: "وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ" قَالَ: يَعْنِي نَحْرَ مَا نَذَرُوا مِنَ الْبُدْنِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَ "لِيُوفُوا نُذُورَهُمْ" قَالَ: هُوَ الْحَجُّ.  
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "وَلِيُوفُوا نُذُورَهُمْ" قَالَ: نَذْرُ الْحَجِّ.
قولُهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} المُرادُ بِالطَّوَافِ هُنا هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ، وَلَا خِلَافَ في ذلك بَيْنِ المُتَأَوِّلِينَ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَلْيَطَّوَّفُوا" قَالَ: هُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ يَوْمَ النَّحْرِ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَلْيَطَّوَّفُوا" قَالَ: هُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ يَوْمً النَّحْرِ.
وَأَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: "وَلْيَطَّوَّفُوا" قَالَ: طَوَافُ الزِّيَارَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "وَلْيَطَّوَّفُوا" قَالَ: يَعْنِي زِيَارَةَ الْبَيْتِ. وَلَفْظُ ابْنِ جَريرٍ: هُوَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ.
فإنَّ لِلْحَجِّ ثَلَاثَةُ أَطْوَافٍ: طَوَافُ الْقُدُومِ، وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، وَطَوَافُ الْوَدَاعِ. فطَوَافُ الْقُدُومِ سُنَّةٌ، وَهُوَ سَاقِطٌ عَنِ الْمُرَاهِقِ، وَعَنِ الْمَكِّيِّ، وَعَنْ كُلِّ مَنْ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنْ الإمامِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ وَاجِبٌ. وَقَالَ: مَنْ نَسِيَ الطَّوَافَ فِي حِينِ دُخُولِهِ مَكَّةَ، أَوْ نَسِيَ شَوْطًا مِنْهُ، أَوْ نَسِيَ السَّعْيَ، أَوْ شَوْطًا مِنْهُ حَتَّى رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ ثُمَّ ذَكَرَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَرْكَعَ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ يُهْدِي. وَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ رَجَعَ فَطَافَ وَسَعَى، ثُمَّ اعْتَمَرَ وَأَهْدَى. وَقولُهُ هَذَا يَسْرِي فِيمَنْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ أَيْضًا.
وَالطَّوَافُ الْوَاجِبُ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، هُوَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ عَرَفَةَ، وهوَ المُرادُ هُنَا. وَهَذَا هُوَ الطَّوَافُ الْمُفْتَرَضُ فِي كِتَابِ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ الْحَاجُّ مِنْ إِحْرَامِهِ كُلِّهِ. وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ.
وَأَمَّا طَوَافُ الْوَدَاعِ فقد أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ زُهَيْرًا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" فَقَالَ: هُوَ طَوَافُ الْوَدَاعِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَالَ: طَوَافُ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ، وَهُوَ قَولُ اللهِ: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ".
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ أَبي جَمْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَتَقْرَأُ سُورَةَ الْحَجِّ؟ يَقُولُ اللهُ ـ تعالى: "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" قَالَ: فَإِنَّ آخِرَ الْمَنَاسِكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الإمامِ الشَّافِعِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلَامُ، رَخَّصَ لِلْحَائِضِ أَنْ تَنْفِرَ دُونَ أَنْ تَطُوفَهُ، وَلَا يُرَخَّصُ إِلَّا فِي الْوَاجِبِ.
اخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي وَجْهِ صِفَةِ الْبَيْتِ بِالْعَتِيقِ، فَـ: الْعَتِيقُ الْقَدِيمُ. يُقَالُ: سَيْفٌ عَتِيقٌ، وَقَدْ عَتُقَ أَيْ قَدُمَ، وَهَذَا قَوْلٌ يُعَضِّدُهُ النَّظَرُ. وَفِي الصَّحِيحِ (أَنَّهُ أَوَّلُ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ). وَقِيلَ:  
أَمَّا "العتيق" فَهوَ القديمُ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالْحَسَنُ البَصْريُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُم. فَعَتُقُ الشَّيْءُ: قَدُمَ، والبيتُ عتيقٌ لِأَنَّهُ أَوَّلُ بيْتٍ للعبادةِ بُنِيَ في الأرضِ. قالَ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورةِ آلِ عِمْرانَ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} الآيةَ: 96، وفي صحيحِ الإمامِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغِفاريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ، قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)). قُلْتُ: ثُمَّ أَيَّ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى)). قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الْأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ)). أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعانيُّ: (1578)، وَالحُمَيديُّ: (134)، وابْنُ أَبي شَيْبَةَ: (2/402، رقم: 7751)، وأحمدُ: (5/150 ، برقم: 21659)، والبُخاريُّ: (4/177، رقم: 3366)، ومسلم: (2/63، رقم: 1097). وَابْنُ مَاجَةَ: (753)، والنَّسائيُّ في "الكُبْرَى": (771 و: 11217)، وابْنُ خُزَيْمَة: (787). قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: لَمْ يُوضَعْ قَبْلَهُ بَيْتٌ. قَالَ أميرُ المُؤمنينَ عَلِيٌّ ـ رُضْوانُ اللهُ عَليْه: كَانَ قَبْلَ الْبَيْتِ بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلْعِبَادَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ الْحَسَنِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ.
وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ يَوْمَ الْغَرَقِ زَمَانَ نُوحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ فِي زَمَانِ نُوحٍ ـ علَيْهِ السَّلامُ.
وَقيلَ: سُمِّيَ البيتُ الحَرَامُ عَتِيقًا لِأَنَّ اللهَ أَعْتَقَهُ مِنْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ جَبَّارٌ بِالْهَوَانِ إِلَى انْقِضَاءِ الزَّمَانِ. فَقدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: الْبَيْتُ الْعَتِيقُ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ أَحَدٌ بِسُوءٍ إِلَّا هَلَكَ.
وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ ـ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ جَريرٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ ـ وَصَحَّحَهُ، وَابْنُ مِرْدَوَيْهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عنهُما، أَنَّهُ قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتُ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ جَبَّارٌ)). أَخْرَجَهُ البُخارِيُّ فِي "التاريخ الكبيرِ: (1/201)، والتِّرْمِذِيُّ: في تَفْسيرِ القُرْآنِ: (3170)، وقَالَ أَبو عيسَى التِّرمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَواهُ مُرسَلًا أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَالبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ "البَحْرِ الزخار": (6/172، رقم: 2215)، وَالطَّبَرِيُّ: (16/531)، وَابْنُ الأَعْرابيِّ فِي (المُعْجَمِ) (3/1042، رقم: 2243)، وَالطَّبَرانِيُّ (13/108، رقم: 262)، والحاكمُ في المُسْتدركِ: (2/389)، والبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبُ الإيمان): (3/443)، وَفي دَلَائِلِ النُّبوَّةِ: (1/125)، وَابْنُ عَسَاكِرَ في (تَاريخِ دِمَشْقَ): (54/209)، وَإِنَّمَا أَعْتَقَهَا اللهُ أَنْ تَطالَها أَيْدِي الكُفَّارِ الْجَبَابِرَةِ، لِأَنَّهُمْ قَصَدُوا الْكَعْبَةَ بِالسُّوءِ غَيْرَ مُعْتَقِدِينَ لِحُرْمَتِها فَعُصِمَتْ مِنْهُمْ وَلَمْ تَنَلْهَا أَيْدِيهِمْ. فَكَانَ ذَلِكَ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ، صَرَفَهُمْ عَنْهَا قَسْرًا. فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ ُ الَّذِينَ اعْتَقَدُوا حُرْمَتَهَا فَإِنَّمَا أَرادوا غَيْرَهَا وَلَمْ يُريدوها، وَقَدْ اجْتَهَدُوا في ذَلِكَ، كَقَصْفِ الحَجَّاجِ بْنِ يُوسُف لَهَا لَمَّا تَتَرَّسَ بِهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبيرِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فهوَ في رَأْيِهِ خَارِجٌ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ، مُفرِّقٌ لِصَفِّ المُسْلمينَ، فَقِتَالُهُ فِيهَا، وَإِخراجُهُ مِنْهَا وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ، لِقَوْلِهِ ـ تَعَالَى، مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ: {وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ}، وَلِذلكَ لمْ يفعَلِ اللهُ بهِ وبجَيْشِهِ كالذي فَعَلَهُ بِأَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ وَجَيشِهِ، وَاللهُ أعْلَمُ.
وثمَّةَ سَبَبٌ آخَرُ وَرَدَ فيما أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، لَمْ يَدَّعِهِ جَبَّارٌ قَطُّ، وَفِي لَفْظٍ: فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ جَبَّارٌ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ.
ما وَرَدَ مِنْ أحاديثَ شريفةٍ في فَضْلُ الطَّوافِ بالبَيْتِ الحرامِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بذَلكَ:
أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَالَ: كَانُوا يَنْفُرُونَ مِنْ مِنًى إِلَى وُجُوهِهِمْ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَكونَ آخِرَ عَهْدِهِمُ بِالْبَيْتِ وَرَخَّصَ للحائِضِ.
وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَب الإيمان) عَنْ أَبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ: مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ سَبْعًا لَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ إِلَّا بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ كَانَ عَدْلَ رَقَبَةٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَ مِثْلَ يَوْم وَلَدَتْهُ أُمَّهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عَمْرٍو ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ كَانَ عَدْلَ رَقَبَةٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَب الإيمانِ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا يُحْصِيهِ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَسَنَةً، وَمُحِيَتْ عَنْهُ سَيِّئَةٌ، وَرُفِعَتْ لَهُ دَرَجَةٌ، وَكَانَ لَهُ عَدْلَ عتْقِ رَقَبَةٍ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبي عِقَالٍ، هِلالِ بْنِ زَيدٍ مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: طُفْتُ مَعَ أَنَسٍ فِي مَطْرَةٍ فَقَالَ لَنَا: اسْتَأْنِفُوا الْعَمَلَ، فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ، طَفْتُ مَعَ نَبِيَّكُمْ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ، فَقَالَ: اسْتَأْنِفُوا الْعَمَلَ فَقَدْ غُفِرَ لَكُمْ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ أُسْبُوعًا لَا يَلْغُو فِيهِ، كَانَ عَدْلَ رَقَبَةٍ يَعْتِقُهَا)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسِينَ أُسْبُوعًا خَرَجَ مِنَ الذُّنُوبِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهً أُمُّهُ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((يَا بَنَي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ، وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ، أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ كَسَائِرِ الْبُلْدَانِ.
 وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ، اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ فِي كُلِّ طَوَافٍ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَبَّل الْحَجَرَ، وَسَجَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَبَّلَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ، وَوَضَعَ خَدَّهُ عَلَيْهِ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: احْفَظُوا هَذَا الحَدِيثَ، وَكَانَ يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَدْعُو بِهِ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: ((رَبِّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارَكْ لِي فِيهِ، وَاخْلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ بِخَيْرٍ)).
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمَا، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ مِثْلا الصَّلَاةِ، إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ، فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْرٍ)). وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَرِبَ مَاءً فِي الطَّوَافِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي الدُّنْيَا، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى التَّيْمِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَتْ السَّيِّدةُ خَدِيجَةُ أُمُّ المُؤمنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وأَرْضَاهَا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَقُولُ وَأَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: ((قولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذُنُوبِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَإِسْرَافي فِي أَمْرِي، إِنَّكَ إِن لَّا تَغْفِرْ لِي تُهْلِكْني)).
وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ جُرَيجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالطَّوافِ بِهِ، وَلَمْ تُؤْمَرُوا بِدُخُولِهِ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ نَهَانَا عَنْ دُخُولِهِ، وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُول: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ الْبَيْتَ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قِبَلِ الْبَيْتِ وَقَالَ: ((هَذِهِ الْقِبْلَةُ)).
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ السَّيِّدةِ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤمنينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها وأرضاها، قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ عِنْدِي وَهُوَ قَريرُ الْعَيْنِ طَيِّبُ النَّفْسِ، ثُمَّ رَجَعَ وَهُوَ حَزِينٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِي وَأَنْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ((إِنِّي دَخَلْتُ الْكَعْبَةَ وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ فَعَلْتُهُ، إِنِّي أَخَافَ أَنْ أَكونَ أَتْعَبْتُ أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي)).
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ السَّيِّدةِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْها وأَرْضَاهَا، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: عَجَبًا للمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذا دَخَلَ الْكَعْبَةَ حِينَ يَرْفَعُ بَصَرَهُ قِبَلَ السَّقْفِ يَدَعُ ذَلِكَ إِجْلَالًا للهِ وإِعْظامًا، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْكَعْبَةَ مَا خَلَفَ بَصَرُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنْ جَابِرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوافُ بِالْبَيْتِ مَلَاذًا لِأَنَّ اللهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ أَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ، فَأَبَى، فَغَضِبَ الرَّحْمَنُ، فَلَاذَتِ الْمَلَائِكَةُ بِالْبَيْتِ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ)).
وَحِجْرُ إِسْماعيلَ عَلَيْهِ مِنَ البيتِ الحَرامِ لأنَّ سَيِّدَنا رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ كانَ إذا طافَ بالكعبةِ المُشَرَّفةِ طافَ مِنْ ورائِهِ. فقد أَخْرَجَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: الْحِجْرُ مِنَ الْبَيْتِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَافَ بِالْبَيْتِ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: اللهُ "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ".
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ "وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ" طَاف رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ وَرَائِهِ.
قولُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} ثمَّ حرفُ عَطْفٍ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ لَا الزَّمَنِيِّ فَتُفِيدُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِهَا أَهَمُّ فِي الْغَرَضِ الْمَسُوقِ إِلَيْهِ الْكَلَامُ مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ فِي الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ظَاهِرٌ إِذْ هُمَا نُسُكَانِ أَهَمُّ مِنْ نَحْرِ الْهَدَايَا. وَ "لْيَقْضُوا" اللَّامُ، لامُ الْأَمْرُ. و "يَقْضُوا" فِعْلٌ مُضارعٌ مَجْزُومٌ بِلَامِ الْأَمْرِ، وعلامةُ جزْمِهِ حَذْفُ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ للتفريقِ. و "تَفَثَهُمْ" مَفْعُولُهُ منصوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والمِيمُ عَلامَةُ تَذْكِيرِ الجَمْعِ. وَالجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ الْجَرِّ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ "يَذْكُرُوا".
قَوْلُهُ: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} الوَاوُ: للعَطْفِ، والجُمْلةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الَّتي قبلَها، وَلَهَا مِثْلُ إِعْرابِها.
قولُهُ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وَلْيَطَّوَّفُوا: مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى "لْيَقْضوا" ولهُ الإعْرابُ نَفْسُهُ. و "بِالْبَيْتِ" الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يطوفوا"، و "البَيْتِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "الْعَتِيقِ" صِفَةٌ لِـ "الْبَيْتِ" مجرورةٌ مِثلُهُ.
قرَأَ العامَّةُ ـ وَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ، وَقُنْبُلٌ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَابْنُ عَامِرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو ابْنُ العلاءِ، وغيرُهُمْ: {ثُمَّ لِيَقْضُواْ} بِكَسْرِ اللَّامِ، وَهِيَ لَامُ الأَمْرِ.
وَقَرَأَ نافِعٌ ـ أَيْضًا، وَالكُوفِيُّونَ، والبزِّيُّ "لْيَقْضُوا" بِسُكُونِ اللَّامِ، وذَلِكَ إِجْرَاءً للمُنْفَصِلِ مُجْرَى المُتَّصِلِ، فهوَ نَحْوَ "كَتْفٍ" في "كَتِف"، وَهُوَ نَظِيرُ تَسْكِينِ هَاءِ "هُوَ" بَعْدَ "ثُمَّ" في قِراءَةِ الإمامِ الكِسَائِيِّ، وَقَالُون، حَيْثُ أُجْرِيَتْ "ثُمَّ" مُجْرَى الوَاوِ وَالفَاءِ. وَهُمَا لُغَتَانِ فِي لَامِ الْأَمْرِ إِذَا وَقَعَتْ بَعْدَ (ثُمَّ).
قَرَأَ الجُمْهُورُ: {وَلْيُوفُواْ} بالتخفيفِ وسكونِ اللامِ، وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ "وَلِيُوَفُّوا" بالتَّشْديدِ وكَسْرِ اللَّامِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَاصِمٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَرَأَ "وليوفوا نذورهم" مُثَقَّلَةً بِجَزْمِ اللَّامِ، وَ "لْيَطُوفُوا" بِجَزْمِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً.
وَقَرَأَ  ابْنُ ذَكْوَان "وَلِيُوْفُوا» بالتَّخفيفِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَفيهِ ثَلاثُ لُغَاتٍ: "وَفَى" و "وَفَّى" و "أَوْفَى". وهَذَا الخِلَافُ جَارٍ كَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {وَلْيَطَّوَّفُواْ}.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 29
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 15
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 30
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 45
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 61
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ الحج، الآية: 77

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: