قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {قَالَ فَاذْهَبْ} يَجُوزُ أَنْ يَكونَ سَيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَها للسَّامِريِّ عَلَى سَبِيلِ الزَّجْرِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى مُخاطِبًا إِبْلِيسَ ـ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ، في الآيةَ: 63، مِنْ سُورةِ الإِسْراءِ: {قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ الأَعْشَى التَّمِيمِيِّ، مِنَ البَسِيطِ:
فَالْيَوْمَ قَرَّبْتَ تَهْجُونَا وَتَشْتِمُنَا ....... فَاذْهَبْ فَمَا وَبِك والأَيَّامِ مِنْ عَجَبِ
قرَّبْتَ: أَخَذْتَ وَشَرَعْتَ. يَقُولُ: إِنَّ هِجاءَكَ النَّاسَ وَشَتْمَهُم، صَارَ أَمْرًا مَعْرُوفًا لَا عَجَبَ مِنْهُ، كَمَا لَا يَتَعَجَّبُ النَّاسُ مِنْ فِعْلِ الدَّهْرِ.
وَقَدْ نُسِبَ هَذَا البَيْتُ لِعَمْرِو بْنِ مَعَدِ يَكْرِبَ الزُّبَيْدِيِّ أَيضًا، وَهُوَ مِنْ شَوَاهِدِ سِيبَوَيْهِ الخمسينَ الَّتِي أَنْشَدَهَا فِي "الكِتَابِ" وَلَمْ يُسَمِّ قائلَها، ولم يَعْزُهُا لأَحدٍ.
وَيَجُوزَ أَنْ يَكونَ أَمْرًا لَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْأُمَّةِ وَالِانْصِرَافِ عَنْهَا، فَيَكونُ إِلْجاءً لَهُ وَإِجْبارًا، واضْطِّرارًا لَا خِيارَ لَهُ فِيهِ. فَقَدْ نَفاهُ مِنْ قَوْمِهِ سَيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَأَمْرَ بَنِي إِسْرَائيلَ أَلَّا يُخَالِطُوهُ وَلَا يَقْرَبوهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ المُرَادُ بِـ "اذْهَبْ" عَدَمَ الِاكْتِرَاثِ بِأَ مْرِهِ، كَما قَالَ الشَّاعِرُ أَنَسُ بْنُ مُساحِقٍ العَبْدِيِّ. مِنَ المُتقارَبِ:
فَإِنْ كُنْتَ سَيِّدَنَا سُدْتَنَا ................ وَإِنْ كُنْتَ لِلْخَالِ فَاذْهَبْ فَخَلْ
قولُهُ: {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} قالَ الإِمَامُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالى عَنْهُ: (جَعَلَ اللهُ عُقوبَةَ السَّامِرِيِّ أَلَّا يُمَاسَّ النَّاسَ وَلَا يُمَاسُّوهُ. جَعَلَ ذَلِكَ لَهُ وَلِمَنْ كَانَ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ). وَقالَ قَتَادَةُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَقَايَاهُ اليَوْمَ (أَيْ: بقاياه مِنْ ذُرِّيَّتِهِ)، يَقُولُونَ ذَلِكَ: لَا مِسَاسَ. فَكانَ لَا يَكَادُ أَحَدٌ يَمَسُّهُ، أَوْ يَمَسُّ هوَ أَحَدًا، إِلَّا حُمَّ المُمَاسُّ لَهُ حُمًّى شَديدَةً. وَلِذَلِكَ فَقَدْ تَحَامَاهُ جَمِيعُ النَّاسُ وتَحَاماهُمْ، حَتَّى أَنَّهُ كَانَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "لَا مِساسَ". فَقدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالى ذَلِكَ عُقُوبَةً عاجلةً لَهُ فِي الدُّنْيا، وَشَدَّدَ عَلَيْهِ المِحْنَةَ فيها.
وَقِيلَ: لقدِ ابْتَلاهُ اللهُ بِالْوَسْوَاسِ أَيْضًا، فَكانَ أَصْلُ الوَسْوَاسِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.
وَقيلَ: إِنَّ مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، هَمَّ بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ، فَقَالَ لَهُ اللهُ تَعَالَى: لَا تَقْتُلْهُ فإِنَّهُ سَخِيٌّ.
وَلَعَلَّ الحِكْمَةَ فِي مُعاقبَةِ اللهِ للسَّامِرِيِّ بِهَذِهِ العُقُوبَةِ العاجِلَةِ هِيَ: بِمَا أَنَّ مُخَالَطَتَهُ للنَّاسِ كانَتِ السَّبَبَ الذي نَشْأَتْ عَنْهُ هَذِهِ الفِتْنَةُ، فَقَدْ عُوقِبَ بِالطَّرْدِ مِنْ بينِهِمْ، والبُعْدِ عَنْهُمْ.
وبِذَلكَ يكونُ سَيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَدْ خَلَعَهُ مِنَ الْأُمَّةِ وَنَفَاهُ، لِأَنَّ اللهَ أَعْلَمُهُ ـ بِالْوَحْيِ أَوِ بِالإيحاءِ، أَنَّ السَّامِرِيَّ مِمَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ، فَلَا يُرْجَى لَهُمْ صَلَاحٌ وَلَيسَ لَهُمْ تَوْبَةٌ، كالَّذِينَ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَاتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ} الآيَتانِ: (96 و 97) مِنْ سُورةِ يونُسَ.
قولُهُ: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ} ثُمَّ أَبْلَّغَهُ سيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَمْرَ اللهِ تَعَالَى: بأَنَّ لَهُ مَوْعِدًا ـ فِي الآخِرَةِ، لَنْ يُخْلَفَهُ. أَيْ: لَنْ يُخْلِفَهُ اللهُ تَعَالى ذَلِكَ المَوْعِدَ، ولَنْ يؤَخِّرَهَ، وَلَنْ يَنْسَاهُ، بَلْ إِنَّهُ سَيُنْجِزَهُ لَهُ في وَقتِهِ، بَعَدَ الذي عُوقِبَ بِهِ في الحَيَاةِ الدُّنْيا. فَلَنْ يُخْطِئَهُ، وَلَنْ يَتَجَاوَزَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُلاقَاتِهِ.
قَوْلُهُ: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} وَانْظُرْ إِلى العِجْلِ الذَّهَبيِّ، إِلَهكَ الَّذِي كُنْتَ وما زِلْتَ مُقِيمًا عَلَى عِبَادَتِهِ، أَنْتَ ومَنْ أَطاعَكَ مِنْ بني إِسْرائيلَ، واتَّبَعَكَ على عبادتِهِ.
قوْلُهُ: {لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} حَرَّقَ: صيغةُ مُبَالَغَةٍ مِنْ حَرَقَ، والمُبالغةُ في أَمْرٍ تَعْنِي التَشْديدَ عَلَيْهِ والمُبالَغَةَ فِيهِ. أَيْ: قالَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ سَيَحْرِقَهُ بِالْنَّارِ، حَتَّى يَذُوبَ وَيَتَلَاشَى ولا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ.
ويَجوزُ أَنْ يكونَ "لَنُحَرِّقَنَهُ" أَيْ "لَنَبْرُدَنَّهُ" فَنُحَوِّلَنَّهُ إِلَى برادَةٍ ناعِمَةٍ كالهَباءِ، فهُوَ مِنْ قولِهم: حَرَقَ نَابُ البَعِيرِ، إِذَا عَضَّ بِبَعْضِ أَنْيابِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَيُقالُ للصَّوْتِ المَسْمُوعِ مِنْهُ "صَّريفٌ". وَالمَعْنَى: لَنَبْرُدَنَّهُ بِالْمِبْرَدِ بَرْدًا نَمْحَقُهُ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ البَعِيرُ بِأَنْيابِهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ
قوْلُهُ: {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} أَيْ: سَنَحْرُقَنَّهُ بالنارِ حَرْقًا شديدًا حتَّى يَتَحَوَّلِ إِلَى رَمَادٍ، أَوْ سَنَبْرُدَنَّهُ بِالْمِبْرَدِ حَتَّى يُصْبِحَ بُرادَةً ناعِمَةً كالهباءِ، ثُمَّ لَنَأْمُرَنَّ الرِّحَ فَتَذْرُوهُ فَوْقَ مَاءِ البَحْرِ فلَا يَبْقَى لَهُ عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ. وَلَقَدْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ كُلَّهُ حِينَئِذٍ سيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَمَا يُشيرُ إِليْهِ قولُهُ تَعَالَى: "وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا .. ."، فَقَدْ أُمِرَ بِالنَّظَرِ إِلى فِعْلِ ذَلِكَ كُلِّهُ بِهِ، والأَمْرُ بالنَّظَرِ إلى الشَّيْءِ يَقْتَضِي أَنْ يكونَ هَذا الشَّيْءُ مَوجودًا فعْلًا.
قوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ} فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هُوَ) يَعُودُ عَلَى سَيِّدِنا "مُوسَى" ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {فَاذْهَبْ} الفاءُ: هِي الفَصِيحَةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوابِ شَرْطٍ تَقديرُهُ: إِذا قُلْتَ إِنَّ فِعْلَكَ هَذَا ممَّا سَوْلَتْهُ لَكَ نَفْسُكَ، وَأَرَدْتَ بَيَانَ جَزائِكَ، فَأَقولُ لَكَ "اذْهَبْ ..". و "اذهب" فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ عَلَى السُّكونِ الظاهِر، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (هوَ) يَعُودُ عَلَى "السَّامِرِيّ"، وَالجُمْلَةُ الفعلِيَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولٌ لِجَوَابِ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ إِذَا المُقَدَّرَةِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقَوْلُ القولِ لـ "قَالَ".
قوْلُهُ: {فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ} الفاءُ: للعَطْفِ، و "إِنَّ" حَرْفٌ ناصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ. و "لَكَ" اللامُ حَرْفُ جَرِّ متعلِّقٌ بِخَبَرٍ مُقَدَّمٍ لِـ "أَنَّ"، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بحرْفِ الجرِّ. و "فِي" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالاسْتِقْرَارِ الَّذي تَعَلَّقَ بِهِ خَبَرُ "إِنَّ". و "الْحَيَاةِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ.
قوْلُهُ: {أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ} أَنْ: حرفٌ نَاصِبٌ مَصْدَريٌّ. و "تَقُولَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَنْصوبٌ بِهِ، وَفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعودُ عَلَى "السَّامِرِيُّ". والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مَنْصُوبٍ عَلَى كَوْنِها اسْمَ "إِنَّ"، والتَّقْديرُ: فَإِنَّ قَوْلَكَ "لَا مِسَاسَ" كَائِنٌ لَكَ "فِي الْحَيَاةِ"، وَجُمْلَةُ "إِنَّ" مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةْ "اذْهَبْ" عَلَى كَوْنِهَا مَقُولَ القَوْلِ لـ "قَالَ".
قولُهُ: {لَا مِساسَ} لا: نَافِيَةٌ للجنسِ تَعْمَلُ عَمَلَ "إِنَّ". و "مِسَاسَ" اسْمُهَا مَنْصُوبٌ بِها، أَمَّا خَبَرُها فَمَحْذوفٌ والتَّقْديرُ: "لَا مِسَاسَ" كائِنٌ لِي، وجُمْلَةُ "لَا" هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ القولِ لـ "تَقُولَ".
قوْلُهُ: {وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا} الواوُ: للعَطْفِ، و "إِنَّ" حَرْفٌ نَاصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفِعلِ للتَّوْكيدِ. وَ "لَكَ" اللامُ حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِ "إِنَّ" مُقَدَّمًا عَلَى اسْمِها، وكافُ الخطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بحرْفِ الجَرِّ. و "مَوْعِدًا" اسْمُهَا منصوبٌ بِها مُؤَخَّرٌ. والجُملةُ مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "إِنَّ" المَذْكُورَةِ قَبْلَهَا على كونِها في مَحَلِّ النَّصْبِ بـ "قالَ".
قولُهُ: {لَنْ تُخْلَفَهُ} لَنْ" حَرْفٌ نَاصِبٌ. و "تُخْلَفَهُ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مُغَيَّرُ الصِّيغَةِ، مبنيٌّ للمجهولِ، مَنْصُوبٌ بِها. ونائبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجُوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى "السَّامِرِيِّ" وَهُوَ المَفْعُولُ الأَوَّلُ، وَالهاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولُهُ الثاني، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على كَونِها صِفَةً لِـ "مَوْعِدًا" وَلَكِنَّهَا سَبَبِيَّةٌ، وَالتَّقْديرُ: وَإِنَّ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ كَائنٌ لَكَ.
قوْلُهُ: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} الوَاوُ: للعطْفِ، و "انْظُرْ" فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على السُّكونِ، وَفاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أنتَ) يَعُودُ عَلَى "السَّامِرِيُّ". و "إِلَى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "انْظُرْ"، و "إِلَهِكَ" مجْرُورٌ بحرْفِ الجَرِّ، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، وَالجُمْلَةُ الفِعليَّةُ هذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ قَوْلِهِ: "فَاذْهَبْ".
قوْلُهُ: {الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا} الَّذِي: اسْمٌ مَوصولٌ مَبْنِيٌّ على السُّكونِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ صِفَةً لِـ "إِلَهِكَ". و "ظَلْتَ" فِعْلٌ ماضٍ نَاقِصٌ مبنيٌّ عَلى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٍ هوَ تاءُ الفاعِلِ، وتاءُ الفاعِلِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ على كونِهِ اسْمًا لَهُ، وَأَصْلُهُ: "ظَلِلْتَ" بِلَامِينِ أَوَّلُاهُمَا مَكْسُورَةٌ حُذِفَتْ تَخْفِيفًا. و "عَلَيْهِ" عَلَى: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "عَاكِفًا"، والهاء: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "عَاكِفًا" خَبَرُ "ظَلْتَ" منصوبٌ بها. وَالجُمْلَةُ: صِلَةُ المَوْصُولِ، لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ والعائدُ هوَ هاءُ الضَّمِيرُ فِي "عَلَيْهِ".
قوْلُهُ: {لَنُحَرِّقَنَّهُ} اللَّامُ: هيَ المُوَطِّئَةُ للْقَسَمِ، و "نُحَرِّقَنَّ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ لِاتِّصالِهِ بِنُونِ التَّوْكِيدِ الثَّقيلَةِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ لتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحنُ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا "مُوسَى" عَلَيْهِ السَّلامُ، وَمَنْ مَعَهُ، وَالهاءُ: ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولُهُ، وَالجُمْلَةُ جَوَابُ القَسَمِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ، وَجُمْلَةُ القَسَمِ: فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بـ "قَالَ".
قولُهُ: {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} ثُمَّ: حَرْفُ عَطْفٍ وَتَرْتِيبٍ وتراخٍ، و "لَنَنْسِفَنَّهُ" معطوفٌ عَلَى "لَنَحْرِقَنَّهُ" ولَهُ مِثْلُ إعْرابِهِ. و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "نَنْسِفَنَّ"، و "الْيَمِّ" مَجْرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "نَسْفًا" مَنْصُوبٌ عَلَى المَفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ. والجُملةُ مَعْطوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "لَنَحْرِقَنَّهُ" عَلَى كونِها واقعةً جَوَابَ القَسَمِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قرأ العامَّةُ: {لاَ مِسَاسَ} بِكَسْرِ المِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ. وَهُوَ مَصْدَرٌ لِـ "مَاسَّ" بوزْنِ "فَاعَلَ"، ك الـ "قِتال" مِنْ "قاتَلَ"، فَهُوَ يَقْتَضِي المُشَارَكَةَ. والمَعْنَى: لَا تَمَسُّني وَلَا أَمَسُّك، وَقد كانَ إِذا مَسَّهُ أَحدٌ، أَو مَسَّ أَحَدًا أَصَابَتْهُ الحُمَى، كما تقدَّمَ في مَبْحَثِ التَفْسيرِ.
وَقَرَأَهُ الحَسَنُ، وَأَبُو حَيَوَةَ، وابْنُ أَبي عَبْلَةَ، وَقَعْنَبُ "لَا مَساسِ" بِفَتْحِ المِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ، بِوَزْنِ "فَجارِ"، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُمْ فِي الظِّبَاءَ إِنْ وَرَدَتِ الماءَ "فَلا عَبابِ" وَإِن فَقَدَتْهُ فَلا "أَباب" وَهِيَ أَعْلامٌ للمَسَّةِ، والعَبَّةِ، والأَبَّةِ، وَهِيَ المَرَّةُ مِنْ الْأَبِّ، وَهُوَ الطَّلَبُ. وَهوَ عَلى صُورَةِ "نَزَالِ" وَ "نَظارِ" مِنْ أَسْمَاءِ الأَفْعَالِ، بِمَعْنَى "انْزِلْ" و "انْظُرْ" فَهَذِهِ الأَسْمَاءُ التي بِهَذِهِ الصِّيغَةِ مَعَارِفُ، وَلَا تَدْخُلُ عَلَيْهَا "لَا" النَّافِيَةُ الَّتِي تَنْصِبُ النَّكِراتِ، نَحْوَ "لَا مالَ لَكَ"، لَكِنَّ فِيهِ نَفْيٌ للْفِعْلِ، فَتَقْديرُهُ: لَا يَكونُ مِنْكَ مَسَاسٌ، وَمَعْنَاهُ النَّهْيُ، أَيْ: لَا تَمَسَّني أَبَدًا. وَقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: "لَا مَساسِ" هو مَعْدولٌ عَنِ المَصْدَرِ كَ "فَجَارِ" ونَحْوِهِ.
وَقد شَبَّهَهُ أَبو عُبَيْدَةَ وَغَيْرُهُ بَـ "نَزالِ" و "دَراكِ" وَنَحْوِهِ، وَالشَّبَهُ صَحَيحٌ مِنْ حَيْثُ هُنَّ مَعْدولاتٌ. وَفارَقَهُ فِي أَنَّ هَذِهِ عُدِلَتْ عَنِ الأَمْرِ، وَ "مَسَاسِ"، وَ "فَجَارِ"، عُدِلَتْ عَنِ المَصْدَرِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشّاعر:
تميمٌ كرَهْطِ السَّامِرِيِّ وقَوْلِه ............... أَلَا لَا يُريدُ السَّامِرِيُّ مَساسِ
وَعَلى هذه القراءةِ فَـ "مَسَاسِ" مَعْدُولٌ عَنِ المَصْدَرِ، كـ "فَجَارِ" عَنِ الفَجَرَةِ، أَوْ أَنَّهَا مَعْدُولَةٌ عَنْ فِعْلِ أَمْرٍ، إِلَّا أَنْ يكونَ مُرادُهُ أَنَّها مَعْدُوْلَةٌ، كَمَا أَنَّ اسْمَ الفعلِ مَعْدولٌ.
قرأَ الجُمهورُ: {لَّن تُخْلَفَهُ} بِفَتْحِ اللامِ عَلَى البِنَاءِ للمَفْعُولِ، أَيْ: لَنْ تَجِدَهُ مُخْلَّفًا كَقَوْلِكَ: "أَحْمَدْتُه" أَيْ: وَجَدْتُهُ مَحْمُودًا، و"أَجْبَنْتُه" أَيْ وجدْتُهُ جَبانًا. وَقِيلَ: المَعْنَى: سَيَصِلُ إِلَيْكَ، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ الرَّوَغانَ وَلَا الحَيْدَةَ عَنْهُ، وهوَ مِنْ قولِكَ أَخْلَفْتُ الوَعْدَ، إِذَا وَجَدْتَهُ مُخْلَفًا. وَمِنْ ذَلِكَ قولُ أَعْشَى تميمٍ:
أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلَةً لِيُزَوَّدَا .............. فَمَضَى وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدَا
وَقَرَأَ ابْنُ كَثيرٍ، وأَبو عَمْرٍو "لَنْ تُخْلِفَهُ" بِكَسْرِها، عَلَى البِنَاءِ للفَاعِلِ، والمَعْنَى: لَنْ يُخْلِفَ اللهُ مَوْعِدَهَ الذي وَعَدَكَ.
وَقَرَأ أَبُو نُهَيْكٍ "لَنْ تَخْلُفَهُ" بِفَتْحِ التَّاءِ مِنْ فَوقُ، وَضمِّ اللامِ، ونُقِلَ عَنْهُ أَنَّه قَرَأَ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ بالياءِ مِنْ تحتُ. فهيَ مِنْ "خَلَفَه"، "يَخْلُفُهُ" إِذَا جاءَ بَعْدَهُ، أَيْ: المَوْعِدَ الذي لَكَ لَا يَدْفَعُ قَوْلَكَ الذي تَقُولُهُ. وَهِيَ قِراءَةٌ مُشْكِلَةٌ. قَالَ أَبو حاتمٍ: لَا نَعْرِفُ لِقَرَاءَةِ أَبي نُهَيْكٍ مَذْهَبًا.
وَقرأَ ابْنُ مَسْعودٍ والحَسَنُ ـ رَضيَ اللهُ عنهُما "نُخلِفَه" بِضَمِّ نُونِ العَظَمَةِ وكَسْرِ اللَّامِ. فَقد أُسْنِدَ الفِعْلُ فيها إلى اللهِ تَعَالَى. والمَفْعُولُ الأَوَّلُ مَحذوفٌ، أَيْ: لَنْ يُخْلِفَكَهُ اللهُ.
قَرَأَ العامَّةُ: {ظَلْتَ} بِفَتْحِ الظّاءِ، بَعْدَهَا لَامٌ سَاكِنَةٌ. بِحَذْفِ أَحَدِ المِثْلَيْنِ ـ لِأَنَّ أَصْلَهُ "ظَلَلْتَ"، وَإِبْقَاءُ الظَّاءِ عَلَى حَالِها مِنْ حَرَكَتِهَا، وَإِنَّمَا حُذِفَتِ اللامُ الأُلى تَخْفيفًا. وَقد عَدَّ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ فِي الشَّاذِ ـ يَعْنِي شَذُوذَ القِياسِ لَا شُذُوذَ الاسْتِعْمَالِ، وَعَدَّ مَعَهُ أَلْفَاظًا أُخَرَ كَذَلِكَ نَحْو: "مَسْتُ" و "أَحَسْتُ" في مثلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ أَبِي زَيْدٍ الطَّائيِّ:
سِوَى أنَّ الْعِتَاقَ مِنَ الْمَطَايَا ................ أَحَسْنَ بِهِ، فَهُنَّ إِلَيْهِ شُوْسُ
وقد عَدَّ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ مِنْهُ "هَمْتُ" في "هَمَمْتُ"، وَلَا يَكونُ هَذَا الحَذْفُ إِلَّا إِذَا سُكِّنَتْ لَامُ الفِعْلِ.
وَذَكَرَ بَعْضُ المُتَأَخِّرينَ هَذَا الحَذْفَ مُنْقَاسًا فِي كُلِّ مُضَاعَفِ العَيْنِ واللَّامِ، قَدْ سَكَنَتْ لامُهُ، وَهُوَ لُغَةُ بَنِي "سُلَيْمٍ".
فإِنَّهُ مَتَى الْتَقَى التَّضْعيفُ المَذْكورُ وَالكَسْرُ في نَحْوِ: "ظَلِلْتُ" و "مَسِسْتُ" انْقَاسَ الحَذْفُ. والظاهرُ أَنَّ الضَّمَّ يَجْرِي مجْرَى الكَسْرِ فِي ذَلِكَ؟ بَلْ هوَ بِطَريقِ الأَوْلَى؛ لِأَنَّ الضَّمَّ أَثْقَلُ مِنَ الكَسْرِ، نَحْوَ: غُضْنَ يا نِسْوةُ، أَيْ: أَغْضُضْنَ أَبْصَارَكُنَّ، ذَكَرَ ذلك ابْنُ مَالِكٍ.
وَأَمَّا الفَتْحُ فَالحَذْفُ فِيهِ ضَعيفٌ، نَحْوَ قولِكَ: قَرْنَ يَا نِسْوةُ فِي مَنَازِلِكُنَّ، وَمِنْهُ فِي أَحَدِ توجيهَيْ قِراءَةِ قولِهِ تعالى مِنْ سورةِ الأَحْزابِ: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} الآيةَ: 33.
وَأَمَّا الكَسْرُ فَالوَجْهُ فيهِ أَنَّهُ نَقْلُ كَسْرَةِ اللَّامِ إِلَى الفاءِ بَعْدَ سَلْبِهَا حَرَكَتَها لِتَدُلَّ عَلَيْها.
وَأَمَّا الضَّمُّ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ جاءَ فِيهِ لُغَةٌ عَلى وزْنِ "فَعَلَ"، "يَفْعُل"، بِفَتْحِ العَيْنِ فِي الماضِي وَضَمِّها فِي المُضَارِعِ، ثُمَّ نُقِلَتْ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الكَسْرِ. وأَمَّا "ظَلِلْت" بِلامَيْنِ، فَهَذِهِ هِيَ الأَصْلُ، وَهِيَ مَنْبَهَةٌ عَلَى غَيْرِهَا.
وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَقرأَ قَتَادَةُ، والأَعْمَشُ، وَأَبُو حَيَوَةَ، وابْنُ أَبي عَبْلَةَ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ ـ بِخِلافٍ عَنْهُ: "ظِلْتَ" بِكَسْرِ الظَّاءِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ يَعْمُرَ أَنَّه قرأَ أَيْضًا "ظُلْتَ" بِضَمِّهَا.
وَقَرَأَ أُبَيٌّ، والأَعْمَشُ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: "ظَلِلْتَ" بِلامَيْنِ أُولاهُما مَكْسُورَةٌ.
قَرَأَ العامَّةُ: {لَنُحَرِّقَنَّهُ} بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً، وهوَ مِنْ "حَرَّقَهُ"، "يُحَرِّقُهُ" بِالتَّشْديدِ، عَلَى أَنَّهُ جَوابُ قَسَمٍ مَحْذوفٍ ـ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ في مَبْحَثِ الإعْرابِ، أَيْ: وَاللهِ لَنُحَرِّقَنَّهُ. وَالَأظْهَرُ في تَأْويلِها: أَنَّهَا مِنْ حَرَّقَهُ بالنَّارِ. ويَجوزُ أَنْ يكونَ مِنْ حَرَقَ نَابُ البَعِيرِ، إِذَا عَضَّ بِبَعْضِ أَنْيابِهِ عَلَى بَعْضٍ. ويُقالُ للصَّوْتِ المَسْمُوعِ مِنْهُ "صَّريفٌ". وَالمَعْنَى: لَنَبْرُدَنَّهُ بِالْمِبْرَدِ بَرْدًا نَمْحَقُهُ بِهِ كَمَا يَفْعَلُ البَعِيرُ بِأَنْيابِهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ـ كَمَا تَقَدَّمَ بيانُهُ في مَبْحَثِ التَّفسيرِ.
وَقَرَأَ الحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ النَّحاسُ: "لَنُحْرِقَنَّهُ" بِضَمِّ النُّونِ، وسُكونِ الحاءِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ، مِنْ "أَحْرَقَ" الرُّباعِيِّ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَحُمَيْدٌ، وَعِيسَى، وَأَبُو جَعْفَر: "لَنَحْرُقَنَّهُ" كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ ضَمَّ الرَّاءَ. فَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ "أَحْرَقَ" و "حَرَّقَ" بِمَعْنَى ك "أَنْزَلَ" و "نَزَّلَ". وَأَمَّا القِراءَةُ الأَخِيرَةُ فهيَ على مَعْنَى: "لَنَبْرُدَنَّهُ" بِالْمِبْرَدِ.
قرَأَ العامَّةُ: {لَنَنْسِفَنَّهُ} بِفَتْحِ النُّونِ الأُولَى، وسُكونِ الثانيَةِ، وكَسْرِ السِّينِ خَفِيفَةً. وَقَرَأَ عيسَى "لَنَنْسُفَنَّهُ" بِضَمِّ السِّينِ.
وَقَرَأَ ابْنُ مُقَسِّمٍ "لَنُنَسِّفَنَّهُ" بِضَمِّ النُّونِ الأُولَى، وَفَتْحِ الثانِيَةِ، وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً.
والنَّسْفُ: التَّفْرِقَةُ وَالتَّذْرِيَةُ، وَقِيلَ: هيَ قَلْعُ الشَّيْءِ مِنْ أَصْلِهِ. يُقَالُ: "نَسَفَهُ"، "يَنْسِفُهُ" بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّها فِي المُضَارِعِ، وَعَلَيْهِ هاتانِ القِرَاءَتَانِ الأخيرتانِ. والتَّشْديدُ للتَّكْثيرِ.