قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} اسْتِئنافٌ بَيَانيٌّ مَبْنِيٌّ عَلى سُؤالٍ نَشَأَ مِنِ اعْتِذَارِ سيِّدِنا موسَى ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، ولِذَلِكَ جاءَ بِصيغَةِ الغائبِ، وليسَ الْتِفَاتًا مِنَ التَكَلُّمِ إِلَى الغَيْبَةِ لِأَنَّ المُقَدَّرَ فيمَا سَبَقَ مِنَ المَوْضِعَيْنِ كانَ عَلى صِيغَةِ المُتَكَلِّمِ، فَكأَنَّما قيلَ: فَمَاذَا قالَ لَهُ رَبُّهُ حِينَئِذٍ؟. فَقَيلَ: قالَ لهُ ربُّهُ حينئذٍ: فإِنَّا قدْ فَتَنَّا قومَكَ مِنْ بعدِكَ .. .
وَالفِتْنَةُ: مَصْدَرٌ جاءَ عَلَى وَزْنِ "مَفْعُول"، ولها معانٍ كثيرةٌ، فَالفِتْنَةُ: الامْتِحانُ والاخْتِبارُ. قالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الأَنْبِياءِ: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} الآيةَ: 35، وَالفَتْنُ بالشَّيْءِ: والإِعْجابُ بهِ، وَالاسْتِهْتَارُ، وَالتَدَلُّهُ، والاضطِّرابُ، وَبَلْبَلَةُ الفِكْرِ، قالَ تعالى مِنْ سُورَةِ آل عمْرانَ: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه} الآيةَ: 7. وَالفَتْنُ أَيْضًا: الإِحْراقُ، قَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الذَّارِياتِ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} الآيةَ: 13، وَفَتَنَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ، إِذَا صَهَرَهُما فِي النَّارِ لِيَعْرِفَ مَا جَوْدَتُهُمَا ولِيَصُوغَهُمَا. وَوَرِقٌ فَتِينٌ، أَيْ: فضَّةٌ مُحْرَقَةٌ. والصائِغُ: فَتَّانٌ لأَنَّهُ يَصْهَرُ المَعادِنَ الثَّمِينَةَ، وَالشَّيْطَانُ فتَّانٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُضِلُّ فَيُوصِلُ إِلَى النَّارِ. جاءَ في الحديثِ: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ وَالشَّجَرُ، وًيتَعاوَنَانِ عَلى الْفُتَّانِ)). وَهُوَ جِزْءٌ مِنْ حَديثٍ شَريفٍ أَخرَجَهُ أَبو داودَ وغيرُهُ مِنْ حَديثِ قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنها، قَالَتْ قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: تَقَدَّمَ صَاحِبِي ـ تَعْنِي حُرَيْثَ بْنَ حَسَّانَ، وَافِدَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ، أَنْ لَا يُجَاوِزَهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، إِلَّا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِرٌ، فَقَالَ: ((اكْتُبْ لَهُ يَا غُلَامُ بِالدَّهْنَاءِ))، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَمَرَ لَهُ بِهَا، شُخِصَ بِي وَهِيَ وَطَنِي وَدَارِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَمْ يَسْأَلْكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الْأَرْضِ إِذْ سَأَلَكَ، إِنَّمَا هِيَ هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَكَ مُقَيَّدُ الْجَمَلِ، وَمَرْعَى الْغَنَمِ، وَنِسَاءُ بَنِي تَمِيمٍ وَأَبْنَاؤُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَقَالَ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((أَمْسِكْ يَا غُلَامُ، صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ يَسَعُهُمَا الْمَاءُ، وَالشَّجَرُ، وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْفَتَّانِ)). سُننُ أَبي داودَ: (3/177، برقم: 3070)، وَالمُسْنَدُ الجامِعُ للتِّرْمِذِيِّ: (52/98، برقم: 2814)، وَفي الشَّمَائِلِ: (برقم: 66) وَالبَيْهَقِيُّ: (6/150، بِرقم: 11611)، وَالطَبَرَانيُّ: (25/446، بِرَقم: 1). وافْتَتَنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتونٌ، إَذَا أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ فَذَهَبَ مَالُهُ أَوْ عَقْلُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا اخْتُبِرَ. قَالَ تَعَالَى في الآيةِ: 40، مِنْ هذِهِ السُّورَةِ: {وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} وقالَ مِنْ سُورَةِ التَّوبَة: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} الآية: 126. والفُتُونُ أَيْضًا: الافْتِنانُ، فيجوزُ أَنْ يَتَعَدَّى ويجوزُ أَنْ لا يَتَعَدَّى، ومِنْهُ قَوْلُهُمْ: قَلْبٌ فاتِنٌ، أَيْ مُفْتَتِنٌ. ومن ذلكَ قوْلُ الشَّاعِرِ:
رخيمُ الكلام قطيعُ القيا ...................... مِ أمسى فؤادي بها فاتِنا
وفَتَنَتْهُ المَرْأَةُ، وافْتَتَنَتْهُ، إِذَا دَلَّهَتْهُ، فأَذْهَبتْ عقلَهُ ولُبَّهُ. ومنْهُ قَولُ أَعْشَى هَمَدَان:
لئن فَتَنْتَني فهي بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ ....... سَعيدًا فَأَمْسَى قَدْ قَلَا كُلَّ مُسْلِمِ
والفاتِنُ: المُضِلُّ عَنِ الحَقِّ. قَالَ الفَرَّاءُ: أَهْلُ الحِجَازِ يَقولونَ: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنينَ، وَأَهْلُ نَجْدٍ يَقولونَ: بِمُفْتِنينَ، مِنْ أَفْتَنْتُ. وَفَتَّنْتُهُ تَفْتينًا، فهو مُفَتَّنٌ، أَيْ: مَفْتُونٌ جِدًّا. وَفَتَنَهُ بِهِ وَفِيهِ، وَفَتَنَ الشَّيْءُ فُلانًا: أُعْجِبَ بِهِ وَاسْتَهْواهُ، ومِنْهُ فِتْنَةُ المَالِ، وَفَتْنَتْهُ المَرْأَةُ: وَلَّهَتْهُ. وقَولُهُ تَعَالَى مِنَ سُورَةِ المائدَةِ: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ} الآية: 49، أَيْ: يَصْرِفوكَ ويَلْووكَ، فهُوَ فَاتِنٌ، وَفَتَّانٌ، وَمَفْعولُهُ مَفْتُونٌ وَفَتينٌ. وتَفَاتَنَ الرِّجالُ: تَحارَبُوا، وَوَقَعُوا فِي فِتْنَةٍ. وَفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ ـ عليهِما السَّلامُ. وَالفتْنُ أيْضًا العَذَابُ، قالَ تَعَالى مِنْ سُورَةِ الذّاريات: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} الآيةَ: 14، ووالفتْنُ الضَّلالُ، قالَ تَعَالى مِنْ سورةِ المائدةِ: {وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا} الآيَةَ: 41. وَفِتْنَةُ الصَّدْرِ: ما يخالِجْهُ مِنَ الوَسْوَاسُ. وَالمَفْتُونُ: هُوَ المَجْنُونُ.
قوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} أي : كان سببًا لإِضلالهم. وذلكَ بأنْ أخَذَ حُلِيَّ الأَقْباطٍ الذَّهَبَيَّةَ التي كانَتْ عَارِيَةً عنْدَ بني إسْرائيلَ، اسْتِعَاروهَا منهم للتزيَّنِ بها في مناسبةٍ كانتْ عندَهم، ولمْ يردوها بعدُ فصَهَر هَذهِ الحُلِيَّ وصنعَ منها عِجْلًا، وكانْ قدْ أَبصَرَ جِبْريلَ عندَ زيارتِهِ لِمُوسَى ـ علَيْهِ السَّلامُ، فأَخَذَ قبضةً مِنْ التُرابِ الذي مَسَّتْهُ قَدَمُ فرسِ جبريلَ، ونَثَرَ هذا التُّرابَ عَلى العِجْلِ التِمْثالِ الذي صَنَعَهُ، فدَبَّتْ الحياةُ فيهِ، وأَخذَ العجلُ يَخُوارُ، فَأَمَرَ بني إِسْرائيلَ بِأَنْ يعبُدوا هَذا العِجْلَ مُدَّعيًا أَنَّهُ إِلهَهُمْ وإلهُ مُوسَى، فَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ السَّامريُّ.
وَقِيلَ: إنِّ السَّامِريَّ قالَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ غابَ عنهم سيِّدُنا مُوسَى ـ عَلَيْه السَّلامُ، عِشْرينَ يَومًا: إِنَّ المِيعادَ قد انْقَضَى، واكْتَمَلَتِ الأَرْبَعُونَ، وَلَمْ يَرْجِعْ موسَى، فَقَدْ عَدَّ عِشْرينَ لَيلَةً وعشرينَ نهارًا. وليس إِخْلافُ موسَى مِيعَادَكُمْ إِلَّا لِمَا مَعَكُمْ مِن حُلِيِّ آلِ فرعَوْنَ، وَهيَ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، فجَمَعُوها، فصَهَرَها السَّامِرِيُّ عِجْلًا، وَكانَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ.
والمُرادُ بِـ "قَوْمِكَ" هُنَا: الذينَ خَلَّفَهُمْ مُوسَى مَعَ أخيهِ هَارُونَ ـ عَلَيْهِما السَّلامُ، وقِيلَ كانَ عَدَدُهم سِتَّمِئِةِ أَلْفٍ، عَبَدوا العِجْلَ جَميعُهُمْ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا عَصَمَهُمُ اللهُ، فلمْ يطيعوا السامِريَّ ولم يتورَّطوا بعبادَةِ هذا العِجِلِ الذي صنعَهُ لَهُمُ السَّامِرِيُّ وأمرهم بعبادَتِهِ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ} فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ الظاهرِ على آخرِه، وَفَاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلى سيِّدِنا "مُوسَى" عَلَيْهِ السَّلامُ، وَالجُمْلَةُ استئنافٌ بَيَانيٌّ لَا مَحَلٌّ لها مِنَ الإِعْرابِ.
قوْلُهُ: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ }فَإِنَّا: الفاء: هيَ الفصيحةُ، أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ، والتقديرُ: إِذَا عَرَفْتَ مَا قُلْتُ لَكَ، وَأَرَدْتَ بَيَانَ حَالَ قَوْمِكَ .. فَأَقُولُ لَكَ "إِنَّا قد فتنّا قومَكَ منْ بَعْدِكَ. و "إِنَّا" إنَّ: حَرْفٌ نَاصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ، و "نَا" التَّعْظيمِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ. وَ "قَدْ" حَرْفُ تَحْقِيقٍ. و "فَتَنَّا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هو "نا" المُعظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ، وَ "نَا" التَّعْظيمِ هَذِهِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعليَّةِ. و "قَوْمَك" مَفْعُولُهُ منصوبٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إليْهِ. و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "فَتَنَّا"، و "بَعْدِكَ" مَجْرورٌ بحَرْفِ الجَرِّ، مُضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إليْهِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ خَبَرُ "إنَّ" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ. وَجُمْلَةُ "إِنَّ" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ. مَقُولٌ لِجَوَابِ "إِذا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ "إِذا" المُقَدَّرَة مَقُولُ "قَالَ" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ.
قوْلُهُ: {وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} الوَاوُ: حَرْفٌ للعَطْفِ، وَ "أَضَلَّهُمُ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ عَلى الفتْحِ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ بالمفعوليَّةِ، والميمُ: لِتَذْكيرِ الجَمْعِ. وَ "السَّامِرِيُّ" فاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ عَطْفًا عَلى جُمْلَةِ "إِنَّ" عَلَى كَوْنِهَا مَقُولًا لِجَوَابِ "إذا" المُقَدَّرَةِ.
قرأَ الجُمهورُ: {وَأَضَلَّهُمْ} بنَصْبِ اللامِ فعلًا ماضِيًا مُسْنَدًا إِلَى السَّامِرِيِّ. وَقَرَأَ أَبو مُعاذٍ القَارِئُ، وَأَبُو المُتَوَكِّلِ، وَعَاصِمٌ الجَحْدَرِيُّ، وَابْنُ السّمَيْفَعِ: "وَأَضَلُّهُمْ" برَفْعِها عَلَى الابْتِداءِ خبرُهُ "السَّامِرِيُّ، أَيْ: وَأَكثَرُهُم ضَلالًا السَّامرِيُّ، بِصِيغَةِ التَّفْضيلِ "أَفْعَلُ".