روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128 I_icon_minitimeالسبت أغسطس 29, 2020 7:29 pm

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى
(128)
قوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ تَعْجِيبِيٌّ مَنْ حَالِ غَفْلَةِ الْمُشْرِكِينَ الْمُخَاطَبِينَ عَمَّا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمُمَاثِلَةِ لَهُمْ فِي شِرْكِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْ كُتُبِ اللهِ وَآيَاتِهِ التي أَيَّدَ بِهَا رُسُلَهُ، مُفَرَّعٌ عَلَى الْإِخْبَارِ بِعقوبةِ الْمَعِيشَةِ الضَّنْكِ لِلَّذينَ أَعْرَضَوا عَنْ تَوْحِيدِ اللهِ ـ سُبْحانَهُ، وَوَعِيدِهِ الْمُتَقَدِّمِ بقَوْلِهِ فِي الآيةِ: 127، السَّابقةِ: {وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ}.
وَ "يَهْدِ": الْهِدَايَةُ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِلْإِرْشَادِ إِلَى الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ بِتَنْزِيلِ الْعَقْلِيِّ مَنْزِلَةَ الحِسِّيّ، فَيَؤُولُ مَعْنَاهَا إِلَى التَّبْيِينِ، وَلِذَلِكَ عُدِّيَ فِعْلُهَا بِاللَّامِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ الْأَعْرَافِ: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها} الآيةَ: 100.
والمَعْنَى: أَلَمْ نُبَيِّنْ لَهُم. قالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما، فيما أَخَرَجَهُ عنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} قَالَ: أَفْلَمْ نُبَيِّنْ لَهُمُ: "كم أهلكنا قبلهم من الْقُرُون يَمْشُونَ فِي مساكنهم" نَحْوَ: عَادٍ وَثَمُودَ، وَمَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْأُمَمِ.
وهذا اسْتِئْنافٌ سِيقَ لِتَقْريرِ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ ـ جَلَّ: {وكذلك نَجْزِي} مِنَ الآيَةِ التي قبلَها. وَفِيهِ تَقْريعٌ لِكُفَّارِ مَكَّةَ الذينَ لَمْ يَعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ مَنْ سَبَقَهُمْ مِنَ الأُمَمِ البائدةِ، كَقَوْمِ نُوحٍ، وَعَادٍ، وَثَمُودَ، وَتوبيخٌ لهُمْ عَلَى كُفرهِمْ بربِّهم، وضَلَالِهِم عنْ طريقِهِ القويم، وصراطِهِ المُستقيم، والذِّكْر الحَكِيمِ. أَيْ: أَبَلَغَتِ الغَفْلَةُ وَالجَهَالَةُ بِهَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ، أَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكوا إِهْلَاكَنا كَثيرًا مِنْ أَهْلِ القُرُونِ المَاضِيَةِ، بِسَبَبِ إِيثَارِهِمُ الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ، والضَّلالَ عَلى الرُّشْدِ، وَالعَمَى عَلى الهُدَى، وَكَيْفَ أَنَّنا أَهْلَكْناهُم وَهُمْ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِم آمِنِينَ مُسْتَمْتِعِينَ بِنِعَمِ اللهِ عَلَيْهِمْ، لَاهِينَ عَنْ مَصيرِهَم، سَادِرِينَ في غَيِّهِم.
أَلَمْ يُرْشِدْهُمْ رَبُّهُم، وَيُوَضِّحْ لَهُمْ؟ فَمَا لَهُمْ يُكَذِّبونَ رَسولَهُم ويُكابرونَ، وتَرَاهُمُ لَا يَهْتَدُونَ، تُرَى مَتَى يَتَّعِظُونَ، مَعَ أَنَّهُمْ يَرَوْنَ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الأُمَمِ التِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ قَبْلَهُمْ، أَفَلَمْ يُرْشِدْهُمْ وَيَلْفِتْ أَنظارَهُمْ إِلَيْهُا، لينظُروا إلى ما فَعَلْنَاهُ بِالأُمَمِ الخَالِيَةِ مِنَ الإِهْلاَكِ وَالإِبَادَةِ، لعلَّ ذلكَ يَحْمِلُهُمْ عَلَى الاعْتِبَارِ بِغَيْرِهِم وَالاتِّعَاظِ بمصيرِهم.
قولُهُ: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} أَيْ: أَلمْ يَرَوا إلى كَثْرَةِ إِهْلاكِنا القُرونَ، فكثِيرًا مَا أَهْلَكْنَا مِنَ الأُمَمِ المَاضِيَّةِ قَبْلَهُمْ، فَبَادُوا وتَلَاشَوا فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ بَاقِيَّةٍ، لاَ عَيْنٍ وَلاَ أَثَرٍ. وقدْ عَلَّقتْ هَذِهِ الجُملةُ الفِعْلَ "يَهْدِ" عَنِ الْعَمَلِ فِي الْمَفْعُولِ لِوُجُودِ اسْمِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهَا.
وَ "القُرُونُ" الْمُرَادُ بِها عَادٌ وَثَمُودُ. فَقَدْ كَانَ الْعَرَبُ يَمُرُّونَ بِمَسَاكِنِ عَادٍ فِي رَحَلَاتِهِمْ إِلَى الْيَمَنِ وَنَجْرَانَ وَمَا جَاوَرَهَا، وَبِمَسَاكِنِ ثَمُودَ فِي رَحَلَاتِهِمْ إِلَى الشَّامِ. وَقَدْ مَرَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُسْلِمُونَ بِدِيَارِ ثَمُودَ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى تَبُوكَ. و "القرون" جَمْعُ قَرْنٍ. والقَرْنُ مِنَ النَّاسِ: أَهْلُ الزَّمانِ الواحِدِ. قالَ الشاعرُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّميمِيُّ:
إِذَا كانَتِ السَّبْعُونَ سِنَّكَ، لَمْ يَكُنْ ....... لِدَائِكَ، إِلَّا أَنْ تَمُوتَ، طَبِيبُ
إِذَا ذَهَبَ القَرْنُ الذي أَنْتَ فِيهِمْ ........ وخُلِّفْتَ فِي قَرْنٍ فَأَنْتَ غَريبُ
فَهُوَ مِنَ الاقْتِرانِ، وَفي الحَديثِ الشَّريفِ الذي أَخْرَجَهُ الأَئمَّةُ: أَحْمَدُ، والشيخانِ، وَغَيْرُهم، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَسْعودٍ، وَعُمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَدَدٍ مِنْ الصَّحابَةِ الكِرامِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَاتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَاتِهِمْ)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((خَيْرُكمَ قَرْنِي))، مُسْنَدُ أَحْمَدٍ: (4/426، برقم: 19833)، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ (ص: 148، رقم: 383)، وابْنُ أَبِي شَيْبَةَ (6/404، رقم: 32408)، وَصَحِيحُ البُخَارِيِّ: (3/224، برقم: 2652)، وصحيحُ مُسْلِمٍ: (7/184، برقم: 6560)، وَسُنَنُ ابْنِ مَاجَةَ: (2362)، والسُّنَّة لابْنِ أَبي عاصِم: (2/629، رقم: 1476). وسُنَنُ التِرْمِذِيُّ: (4/548، رقم: 2302) والسُنَنَ الكُبْرَى لنَّسائيُ: (3/494، رَقم: 6030). وابْنُ قانِعٍ: (1/154)، والطَبَرَانِيُّ: (2/285، رقم: 2187)، ومُسْتَدْرَكُ الحَاكم: (3/211، رقم: 4871)، وغيرُهُم. وَيَعْنِي بِـ "قَرْنِي" أَصْحَابِي، فَـ "قَرْنُكَ" مَنْ كانَ مِثْلَكَ فِي السِّنِّ. فَتَقُولُ: فَلَانٌ عَلَى قَرْني، أَيْ: عَلَى سِنِّي. والقَرْنُ: قَرْنُ الهَوْدَجُ. ومِنْهُ قولُ حَاجِبٍ المَازِنِيّ:
صَحَا قَلْبي وَأَقْصَرَ غَيْرَ أَنِّي ............. أَهَشُّ إِذَا مَرَرْتُ عَلَى الحُمُولِ
كَسَوْنَ الفَارِسِيَّةَ كُلَّ قَرْنٍ ....................... وًزَيَّنَّ الأَشِلَّةَ بالسُدولِ
و "القَرْنُ" عَدَدٌ مِنَ السِّنينَ: فَقيلَ: كلُّ ثَلاثينَ سَنَة قَرْنٌ، وَقِيلَ: سِتُّونَ، وَقِيلَ: سَبْعُونَ، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ، وَقيلَ: إِنَّ القَرْنَ مِئَةُ سَنَة، وَهُوَ الأَرْجَحُ، وهُوَ الذي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الحَديثِ، وذَلِكَ لِلحَديثِ المُتَقَدِّم.
والقَرْنُ أَيْضًا: جانِبُ الرَّأْسِ، وَمِنْهُ سُمِّيَ ذُو القَرْنَيْنِ، قِيلَ: لِأَنَّهُ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اللهِ تَعَالَى فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنَيْهِ.
وَقِيلَ: المَعْنَى هُوَ "مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ"، فَحَذَفَ "أَهْل" كَمَا حَذَفَها مِنْ قولِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ} الآيَةَ: 82، مِنْ سُورةِ يوسُفَ، فَالتَّقْديرُ: "وَاسْأَلْ أَهْلَ القَرْيَةِ".
قوْلُهُ: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} هَذِهِ الجُملةُ في محلِّ النَّصْبِ على الحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ الجارَّةِ، لِأَنَّ عَدَمَ التَّبْيِينِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ هوَ أَشَدُّ غَرَابَةً وَهُوَ أَحْرَى بِالتَّعْجِيبِ. فيُمكِنُ أَنْ نُرْجِعَ وَاوَ الجَمَاعَةِ هذِهِ (ضَمِيرَ الفاعِل) إِلَى الأُمَمِ السَّابقةِ البائِدَةِ، إِذْ كَانُوا يَمْشُونَ في مَسَاكِنِهِمْ مُنَعَّمِينَ، آمِنِينَ مُطْمَئِنِينَ، حِينَ نَزَلَ بِهِمْ بَأْسُ اللهِ فَهَلَكوا.
ويُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يَعُودَ هذا الضَّميرُ للمُشْركينَ الذينَ وَرِثُوا ديارَ تِلْكَ الأُمَمِ البائدَةِ الهالكةِ، فهُمْ الآنَ يَمْشونَ في مَسَاكِنِهم، أَلَمْ يُشَاهِدُوا ذَلِكَ في دِيَارِهِمُ الخَالِيَةِ مِنْ أَهْلِها، وَقَدْ خَلَفُوهُمْ فِيهَا، فَهُمُ الآنَ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا، فيَرَوْنَها وَيَمْشُونَ فِيهَا، فهلَّا نَظَروا إِلَيْهَا نَظْرَةَ تفكُّرٍ وتدبُّرٍ واعْتِبارٍ، أَليسَ لَهُمْ عُيُونٌ يُبْصِرونَ بِهَا؟. أَليسَ لهم عُقولٌ لِيُدْرِكوا ويَتَّعِظوا.
فَضَمَائِرُ جَمْعِ الْغَائِبِينَ عَائِدَةٌ إِلَى مَعْرُوفٍ مِنْ مَقَامِ التَّعْرِيضِ بِالتَّحْذِيرِ وَالْإِنْذَارِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَالًا لِقَوْمٍ أَحْيَاءٍ يَوْمَئِذٍ.
قولُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} تَعْرِيضٌ بِالَّذِينَ لَمْ يَهْتَدُوا بِتِلْكَ الْآيَاتِ بِأَنَّهُمْ عَدِيمُو الْعُقُولِ، كَقَوْلِهِ تعالى مِنْ سورةِ الفُرْقانِ: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} الْآية: 44. فإِنَّ فِي ديارِ أُولئكَ الأُمَمِ عظَةً للمُتَّعظِ وَعِبْرَةً للمُعْتَبرِ، وَبَرَاهِينَ وَحُجَجًا وَدَلاَلاَتٍ لأَصْحَابِ العُقُولِ السَّلِيمَةِ المُدْرِكَةِ.
والنُّهَى ـ بِضَمِّ النُّونِ، وَالْقَصْرِ: جَمْعُ نُهْيَةٍ ـ بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ: اسْمُ الْعَقْلِ. سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنهُ يَنْهَى عَنْ فعلِ القَبيحِ، وفي حديث ابْنِ مسعودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، كَانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ: ((اسْتَوُوا وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)). أَخْرجَهُ مُسْلِمٌ وغيرُهُ، أَيْ: ذوو العُقُولِ وَالأَلْبَابِ. وَفِي البُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنِ أَبِي وَائِلٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى مِنْ سورةِ مَريمَ ـ عَلَيْهَا السَّلامُ: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنْ مِنْكَ إِنَّ كُنْتَ تَقِيًّا}، قَالَ: لَقَدْ عَلِمَتْ مَرْيَمُ إِنَّ التُّقَي ذُو نُهْيَةٍ. أَيْ ذُو عَقْلٍ. وقالتِ الخَنْساءُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْها:
فَتًى كَانَ ذَا حِلْمٍ رَزِينٍ وتُؤْدَةٍ ..... إِذَا مَا الحُبَا مِنْ طائِفِ الجَهْلِ حُلَّتِ
والنِّهايَةُ والمَنْهَاةُ: العَقْلُ، كالنُّهْيَةِ، وَرَجُلٌ مَنْهاةٌ، عاقلٌ، حَسَنُ الرأْيِ، وهوَ نَهِيٌّ مِنْ قَوْمٍ أَنْهِياءُ هوَ عاقلٌ مِنْ قومٍ عُقلاءُ، وذُو نُهْيةٍ: ذُو عَقْلٍ، وَالذي يُنْتَهَى إِلى رَأْيِهِ وَعَقْلِهِ، وسُمِّيَ العَقْلُ نُهْيَةً لِأَنَّهُ يُنْتَهَى إِلَى مَا أَمَرَ بِهِ، وَلا يُعْدَى أَمْرُهُ، وناهِيكَ بِفُلانٍ: كافِيكَ بِهِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: قَدْ نَهِيَ الرَّجُلُ مِنَ اللَّحْمِ، وَأَنْهَى: إِذَا اكْتَفَى مِنْهُ وَشَبِعَ، قالَ شَاعِرٌ:
يَمْشُونَ دُسْمًا حَوْلَ قُبَّتِهِ .................. يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وَعَنْ شُرْبِ
يَنْهَوْنَ: أَيْ: يَبْلُغونَ غَايَةَ الشِّبَعِ فَيَعْجَزُونَ عَنِ الحَرَكَةِ، فَمَعْنَى يَنْهَوْن: يَشْبَعُونَ وَيَكْتَفُونَ. وَقالَ آخَرُ:
لَوْ كانَ ما واحِدًا هَواكِ لقدْ ................. أَنْهَى ولكنْ هَواكِ مُشْتَرَكُ
وَرَجُلٌ نَهْيُكَ مِنْ رَجُلٍ، وَنَاهِيكَ مِنْ رَجُلٍ، وَنَهَاكَ مِنْ رَجُلٍ، أَيْ كافِيكَ مِنْ رَجُلٍ، كلُّهُ بِمَعْنَى حَسْبُكَ، قَالَ شَاعِرُ:
هو الشَّيخُ الذي حُدِّثْتَ عَنْهُ ............... نَهَاكَ الشَّيْخُ مَكْرُمةً وَفَخْرا
وهَذِهِ امْرَأَةٌ نَاهِيَتُكَ مِنِ امْرَأَةٍ، تُذَكَّرُ "ناهيتُكَ" وَتُؤَنَّثُ، وَتُثَنَّى وتُجْمَعُ لِأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ، وَنَهْيُكَ مِنْ رَجُلٍ: أَيْ حَسْبُكَ مِنْ رَجُلٍ لا يُثَنَى ولا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. وَإِذا قُلْتَ: فُلانٌ نَاهِيَكَ مِنْ رَجُلٍ فَقدْ نَصَبْتَهُ عَلَى الحَالِ. وَجَزُورٌ نَهِيَّةٌ ـ عَلى وزْنِ (فَعِيلةٍ): أَيْ سَمِينَةٌ ضَخْمَةٌ، وَهُمْ نُهَاءُ مِئَةٍ، وَنِهاءُ مِئَةٍ: أَيْ قَدْرُ مِئْةٍ، كَمَا تَقُولُ: هُمْ زُهاءُ مِئَةٍ.
قوْلُهُ تَعَالى: {أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} أَفَلم: الهَمْزَةُ: لِلِاسْتِفْهامِ الإِنْكارِيِّ التَّوْبيخِيِّ، دَاخِلَةٌ عَلى مَحْذوفٍ، وَالفاءُ: عَاطِفَةٌ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ، أَوْ هيَ للاسْتِئنافِ، وَ "لم" حَرْفُ نَفْيٍ وَجَزْمٍ وقلبٍ. و "يَهْدِ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بها، وعلامةُ جَزْمِهِ حَذْفُ حَرْفِ العِلَّةِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ معتلُّ الآخِرِ بالياءِ، وفاعِهُ ضميرٌ مُسْتتِرٌ فِيِهِ جَوازًا تقديرُهُ: (هوَ) دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الكَلَامِ تَقْديرُهُ (الإِهْلاكُ)، قَالَ الحُوفيُّ: "كَمْ أَهْلكنا" قَدْ دَلَّ عَلَى هَلَاكِ القُرُونِ. والتَّقْديرُ: أَفَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ هَلَاكُ مَنْ أَهْلَكْنَا مِنَ القُرُونِ، وَمَحْوُ آثارِهِمْ فَيَتَّعِظُوا بِذَلِكَ. وَقالَ العُكْبُريُّ: الفاعِلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: "أَهْلَكْنَا" أَيْ: إِهْلاكُنَا، وَالجُمْلَةُ مُفَسِّرَةٌ لَه. وَيجوزُ أَنَّهُ نَفْسُ الجُمْلَةِ بَعْدَهُ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فاعِلُ "أَلَمْ يَهْدِ" الجُمْلَةُ بَعْدَهُ. يُريدُ: أَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ هَذَا بِمَعْنَاهُ وَمَضْمُونِهِ. وَنَظِيرُهُ قوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورةِ الصافات: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ * سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي العالَمِينَ} الآيتان: (78 و 79) أَيْ: تَرَكْنا عَلَيْهِ هَذَا الكَلَامَ. قالَ أبو حيَّانَ: وكَوْنَ الجُمْلَةِ فاعِلَ "يَهْدِ" هُوَ مَذْهَبٌ كُوفِيٌّ. وَأَمَّا تَشْبيهُهُ وَتَنْظِيرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرينَ * سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي العالَمِينَ} فإِنَّ "تَرَكْنَا" مَعْنَاهُ مَعْنَى القَوْلِ، فَحُكِيَتْ بِهِ الجُمْلَةُ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَقُلْنَا عَلَيْهِ، وَأَطْلَقْنَا عَلَيْهِ هَذَا اللَّفْظَ، والجُمْلَةُ تُحْكَى بِمَعْنَى القَوْلِ كَمَا تُحْكَى بالقَوْلِ. وَيَجوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى اللهِ تَعَالى بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّلَمِيُّ وَزَيْدٍ عَنْ يَعْقوبَ "نَهْدِ" بالنَّونِ. وَمَفْعُولُهُ مَحْذوفٌ، والتَّقْديرُ: أَفَلَمْ يُبَيِّنِ اللهُ لَهُمُ العِبَرَ وَفِعْلَهُ بِالأُمَمِ المُكَذِّبَةِ أَنبياءَها. وَقالَ أَبُو البَقَاءِ العُكْبُريُّ: وَفِي فَاعِلِهِ وَجْهان، أَحَدُهُمَا: ضَمِيرُ اسْمِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَّقَ "بَيَّنَ" هُنَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنى أَعْلَمْ، كَمَا عَلَّقَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ إبراهيمَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} الآيةَ: 45. قالَ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ: و "كَمْ" هُنَا خَبَرِيَّةٌ لِـتُعَلِّقَ العامِلَ عَنْهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَمِيرُ اللهِ أَوِ الرَّسُولِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ القَرَاءَةُ بِالنُّونِ. وَيجوزُ أَنَّهُ ضَمِيرُ الرَّسُولِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ كَمَا تقدَّمَ عَنِ الزَّمَخشَريِّ، لِأَنَّهُ هُوَ المُبَيِّنُ لَهُمْ بِمَا يُوحَى إِلَيْهِ مِنْ أَخْبَارِ الأُمَمِ السَّالِفَةِ وَالقُرُونِ المَاضِيَةِ. وَيَجوزُ أَنْ يكونَ الفاعِلُ مَحْذُوفًا، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ نَقَلًا عَنْ غَيْرِهِ: إِنَّ الفاعِلَ مُقَدَّرٌ وتَقديرُهُ: "الهُدَى" أَوْ "الأَمْرُ" أَوْ "النَّظَرُ وَالاعْتِبَارُ" وَقالَ: وَهَذَا عِنْدِي أَحْسَنُ التَقَاديرِ. قالَ أَبو حيَّانٍ: وَهُوَ قَوْلُ المُبَرِّدِ، وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ إِذْ فِيهِ حَذْفُ الفاعِلِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ البَصْرِيِّينَ، وَتَحْسينُهُ أَنْ يُقَالَ: الفاعِلُ مُضْمَرٌ تَقْديرُهُ: "يَهْدِ" هُوَ، أَيْ: الهُدَى، قالَ السَّمينُ: لَيْسَ فِي هَذَا القَوْلِ أَنَّ الفاعِلَ مَحْذُوفٌ، بَلْ فِيهِ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ، وَلَفْظٌ "مُقَدَّرٌ" كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ فِي المُضْمَرِ. وَأَمَّا مَفْعُولُ "يَهْدِ" فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَحْذُوفٌ. وَالثَّاني: أَنْ يَكونَ الجُمْلَةَ مِنْ "كَمْ" وَمَا فِي حَيِّزِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَلِّقَةٌ لَهُ فَهِيَ سَادَّةٌ مَسَدَّ مَفْعُولِهِ. وَقَيلَ: إِنَّ الفَاعِلَ "كَمْ"، وَقدْ أَنْكَرَهُ الحُوفِيُّ، قال: لِأَنَّ "كَمْ" اسْتِفْهَامٌ لَا يَعْمَلُ فِيهَا مَا قَبْلَهَا. وَقد رَدَّ عليْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّان بِأَنَّ "كم" هُنَا لَيْسَتِ اسْتِفْهَامًا بَلْ هِيَ خَبَرِيَّةٌ، وَاخْتَارَ أَنْ يَكونَ الفاعِلُ ضَمِيرَ اللهِ تَعَالَى فَقَالَ: وَأَحْسَنُ التَّخَاريجِ أَنْ يَكونَ الفاعلُ ضَمِيرًا عائدًا عَلى اللهِ تَعَالَى، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَفَلَمْ يُبَيِّنِ اللهُ. وَمَفْعُولُ "يُبَيِّن" مَحْذُوفٌ، أَيْ: العِبَرَ بِإِهْلَاكِ القُرُونِ السَّابِقَةِ. ثُمَّ قَالَ: "كَمْ أَهْلَكْنَا"، أَيْ: كَثيرًا أَهْلَكْنَا، فـ "كَمْ" مَفْعُولَةٌ بِـ "أَهْلَكْنَا"، والجُمْلَةُ كَأَنَّهَا مُفَسِّرَةٌ للمَفْعُولِ المَحْذُوفِ لـ "يَهْدِ". وَ "لَهُمْ" اللَّامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَهْدِ"، وَعُدِّيَ فِعْلُ الهداية باللَّامِ لِتَنْزيلِهَا مَنْزِلَةَ المَفْعولِ بِهِ أَوْ لِلتَّبْيِيِنِ والتَّوْضِيحِ وَالمَفْعولُ مَحْذوفٌ. وَالهَاءُ: ضمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، والميمُ عَلامَةُ الجَمْعِ المُذَكَّرِ. والجُملةُ معطوفةٌ عَلَى محذوفٍ تقديرُه: ويَغْفُلونَ وَلَا يَهْتَدُونَ أَفلمْ يَهْدِ لَهُمْ .. . أَوْ مُسْتَأْنَفةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} كَمْ: خَبَرِيَةٌ بِمَعْنَى عَدَدٌ كَثِيرٌ، مبنيَّةٌ على السُّكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ، مَفْعُولٌ بِهِ مُقَدَّمٌ لِـ "أَهْلَكْنَا"، هذا وقدْ تقدَّمَ لَنَا فِيهَا تَفْصِيلٌ آنفًا. و "أَهْلَكْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بِضَمِيرِ رَفْعٍ مُتَحَرِّكٌ هوَ "نا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ، وَ "نَا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ، مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "قَبْلَهُمْ" مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمانيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَهْلَكْنَا"، مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ علامَةُ الجَمْعِ المُذَكَّرِ. و "مِنَ" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِصِفَةٍ لِتَمْييزِ "كَمْ" المَحْذوفِ، والتَّقْديرُ: كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ قَرْنًا كَائِنًا مِنَ القُرُونِ. و "الْقُرُونِ" مَجْرُورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ.
لأنها نكرة. ويَضْعُفُ جَعْلُه حالاً من النكرة. ولا يجوزُ أن يكونَ تمييزاً على قواعد البصريين، و» مِنْ «داخلةٌ عليه على حَدِّ دخولِها على غيرِه من التمييزات لتعريفِه.
قوْلُهُ: {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ} يَمْشُونَ: فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رَفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفْعَالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعَةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ. وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحَالِ مِنْ مَفْعُولِ "أَهْلَكْنَا" أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي "لَهُمْ". و "فِي" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يَمْشُونَ"، و "مَسَاكِنِهِمْ" مجرورٌ بِحَرْفِ الجَرِّ، وهوَ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ يَعُودُ عَلَى المُهْلَكِينَ (بِفَتْحِ اللَّامِ) في محلِّ الجَرِ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ علامةُ الجَمعِ المُذَكَّرِ. والجُمْلَةُ فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ مِنْ غَيْرِ سَابِكٍ لِإِصْلَاحِ المَعْنَى، وهوَ مَرْفُوعٌ عَلَى الفَاعِلِيَّةِ لِـ "يَهْدِ" تَقْديرُهُ: أَغْفَلَ هَؤُلاءِ المُشْرِكونَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ إِهْلاكُنَا كَثِيرًا مِنَ القُرونِ قَبْلَهُمْ، حَالَةَ كَوْنِهِمْ مَاشِينَ فِي مَسَاكِنِ المُهْلَكِينَ، فِي أَسْفَارِهِمْ إِلَى الشَّامِ، وَجُمْلَةُ "يَهْدِ" مِنَ الفِعْلِ وَالفَاعِلِ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تِلْكَ الجُمْلَةِ المَحْذوفَةِ، والجُمْلَةُ المَحْذُوفَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإعْرابِ.
قوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} إِنَّ: حَرْفٌ نَاصِبٌ، ناسِخٌ، مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ للتَّوْكِيدِ. و "فِي" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ لِـ "إنَّ" مُقَدم، و "ذَلِكَ" اسْمُ إشارةٍ مَبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الجَرِّ بحرفِ الجَرِّ، واللَّامُ للبُعْدِ، والكافُ للخِطابِ. وَ "لَآيَاتٍ" اللَّامُ: حَرْفُ ابْتِدَاءٍ للتَّوْكيدِ، و "آياتٍ" اسْمُ "إِنَّ" مُؤَخَّرٌ منصوبٌ بها، وعلامةُ النَّصْبِ الكَسْرُ بَدَلًا مِنَ الفَتْحِ لأَنَّهُ جَمْعُ المُؤَنَّثِ السَّالِمُ. و "لأولي" اللّامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعلِّقٌ بِصِفَةٍ لـ َ"آيَاتٍ" وَالتَقْديرُ: إِنَّ آياتٍ لِأُولِى النُّهَى لَكَائِنَةٌ فِي ذَلِكَ، وَ "أُولي" اسْمُ إشارةٍ مبنيٌّ على السُّكونِ في مَحلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الياءُ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِجَمْعِ المُذَكَّرِ السَّالمُ، وَهُوَ مُضافٌ. وَ "النُّهَى" مَجْرُورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ، وعلامةُ جَرِّهِ مقدَّرَةٌ على آخِرِهِ لتَعَذُّرِ ظهورِهِ على الألِفِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {يَهْدِ} بِيَاءِ الغَيْبَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَزَيدٌ عَنْ يَعْقوبَ: "نَهْدِ لَهُمْ" "بالنونِ المُؤْذِنَةِ بالتعظيم، وَهِيَ أَبْيَنُ. فَـ "يَهْدِ" بِالْيَاءِ مُشْكِلٌ لِأَجْلِ الْفَاعِلِ.
قَرَأَ العامَّةُ: {يَمْشُونَ}، وَقَرَأَ ابْنُ السُّمَيْفَعِ "يُمَشَّوْن" مُضَعَّفًا مَبْنِيًّا
لِلْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى بِالْتَّضْعِيفِ جَازَ بِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 128
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 10
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 25
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 41
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 57
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ (طه) الآية: 73

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: