فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} أَجمِعوا: يُسْتَعْمَلُ الإِجْماعُ فِي العَزْمِ مَرَّةً والاجْتِمَاعِ أُخْرَى، وقدْ قُرِئَ بِهِمَا:
أَمَّا "أَجْمِعوا" بِالْقَطْعِ فمَعْنَاه: الإِحْكامُ الْعَزْمُ. أَيْ: أَحْكِمُوا أَمْرَكُم فِي العَزْمِ، أَيْ: اعْرِفُوا شَيْئًا وَاحِدًا؛ وَاقْصُدُوا أَمْرًا وَاحِدًا لِكَيْ تَغْلِبُوا. كَمَا جاءَ فِي الخَبَرِ: "لَا صَوْمَ لِمَنْ لَم يَجْمَع رَأيَهُ مِنَ اللَّيلِ" أَيْ: لِمَنْ لَمْ يَعْزِمْ، عَلى مَا رُوِيَ في الخَبَرِ أَيضًا: "لَا صَوْمَ لِمَنْ لَمْ يَعْزِمْ مِنَ اللَّيْلِ ". وعليْهِ قَوْلُ الحارِثِ بْنِ حِلِّزَةَ اليَشْكُريِّ:
أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا ............... أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ
وقالَ أَبو زيْدٍ في نوادِرِهِ:
يا لَيْتَ شِعْري وَالمُنَى لَا تَنْفَعُ .......... هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْمًا وَأَمْرِي مُجْمَعُ
وتحتَ رَحْلي زَفَيانٌ مَيْلَعُ .................... حرْفٌ إذا ما زُجِرَتْ تبَوَّعُ
كأنّها نائحةٌ تفجَّعُ ....................... تبْكي لمَيْتٍ وسواها الموَجعُ
قولُهُ: زَفَيان: ناقةٌ تَزيفُ في مَشيِها، وَمَيْلَعٌ: سَريعَةٌ نَاجِيَةٌ. فَقَوْلُهُ: أَمْرِي مُجْمَعٌ أيْ: مُحكمٌ، وانْظُرْ: "مَعَاني القُرْآنِ وَإِعْرابُهَ" للفَرَّاءِ: (2/185).
وَأَمَّا الاجْتِماع فَظَاهِرٌ، فَإِنْ كانَ عَلَى الاجْتِمَاعِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَاجْتَمِعُوا عَلَى عَمَلٍ وَاحِدٍ لَا تَخْتَلِفُوا فِيهِ. قَالَ أَبُو إِسْحاقٍ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ: لِيَكُنْ عَزْمُكُمْ كُلُّكمُ عَلَى الكَيْدِ مُجْمَعًا لَا تَخْتَلِفُوا. مَعَاني القُرْآنِ وَإِعْرابُهُ لأَبي إِسْحاقٍ الزَّجَّاج: (3/365).
وقَالَ الْأَزْهَرِي: تَقْدِيرُهُ: اعْزِمُوا كُلّكُمْ عَلَى كَيْدِهِ مُجْتَمِعِينَ لَهُ، وَلَا تَخْتَلِفُوا فيختل أَمركُم. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "فَاجْمَعُوا " بِالْوَصْلِ، مَعْنَاهُ: جِيئُوا بِكُلِّ كَيْدٍ لَكُمْ؛ لِتُعَارِضُوا مُوسَى.
وَقد سَمَّوْا عَمَلَهُمْ هذا كَيْدًا لِأَنَّهُمْ تَوَاطَئُوا عَلَى أَنْ يُظْهِرُوا لِلْعَامَّةِ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى ـ عليْهِ السَّلامُ، لَيْسَ بِعَجِيبٍ، فَهُمْ يستطيعونَ أَن}ْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ، أَوْ بِأَشَدَّ مِنْهُ، وذلكَ لِيَصْرِفُوا النَّاسَ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَتِهِ ـ عليْهِ السَّلامُ، فَيُبْطِلوا لَهُ بكيدِهِم خَصيصَةَ مَا أَتَى بِهِ.
والمَعْنَى: لِيُقَدِّمْ كُلُّ مِنْكُمْ كُلَّ مَا عِنْدَهُ، وَلَا يُخْفِي أَحَدٌ مِنْكمْ فَنًّا مِنْ فُنُونِ السِّحْرِ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الحِرَفِ أَنْ يُوجَدَ بَيْنَهم تحَاسُدٌ، فَلَا يُظْهِرُ الواحِدُ مِنْهُمْ كُلَّ مَا عِنْدَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً، أَوْ يُحاوِلُ أَنْ يُخْفِي أَهَمَّ مَا عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَطَّلِعَ عَلَيْه ِالآخَرونَ، لَكِنْ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْقِفِ فلَا بُدَّ لَكُمْ مِنْ تَضَافُرِ الجُهُودِ، لأَنَّ المَوْقِفَ حَرِجٌ للغايةِ، وَسَتَعُمُّ بَلْوَاهُ الجَمِيعَ إِنْ فَشِلْتم فِي هَذِهِ المُهِمَّةِ.
قَوْلُهُ: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} أَيْ: ائْتُوا مُجْتَمِعِينَ مُصْطَفِّينَ كَأَنَّكُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، لأَنَّ هَذا أَهْيَبُ لَكُمْ، وأَدْعى لدُخولِ الرُّعْبِ قُلوبَ خَصْمِكُمْ، فإِذا جِاؤوا عَلى هذِهِ الحالةِ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ منهم مِنَ التَّرَاجُعِ، لأَنَّهُ سَيَكونُ مَكشوفًا للجميعِ، أَمَّا إَذَا جاؤوا أَشْتَاتًا مفرَّقينَ بشكلٍّ فوضويٍّ غَيْرِ منَظِّمٍ، فإنَّهُ سيختلطُ الحابِلُ بالنابِلِ، ولنْ يُعْرَفَ مَنْ يَثْبُتُ ممَّنْ ينسحِبُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: "ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا" أَيْ: مُصَلًّى، وَالصَّفُّ: المُصَلَّى، الذي كَانَ مَوْعُودَ الاجْتِمَاعِ، وَهُوَ يَوْمُ الزِّينَةِ، وَقَالَ: حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ: مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ آتِيَ الصَّفَّ اليَوْمَ، يَعني بِذَلِكَ: أَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَأْتيَ المُصَلَّى. وَقَالَ الْقُتَبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّأْويلِ: "صَفًّا" أَيْ: جَمِيعًا، غَيْرَ مُتَفَرِّقِينَ.
وَالصَّفُّ: مَصْدَرُ بمَعْنَى الْفَاعِلِ أَيْ: صَافِّينَ، أَوِ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ، أَيْ: مَصْفُوفِينَ، إِذَا رَتَّبُوا أنْفُسَهُمْ، أَوْ رُتِّبُوا وَاحِدًا حَذْوَ الْآخَرِ بِانْتِظَامٍ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُونَ مُخْتَلِطِينَ، لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا الْوَاحِدَ حَذْوَ الْآخَرِ وَكَانَ الصَّفُّ مِنْهُمْ تِلْوَ الْآخَرِ كَانُوا أَبْهَرَ مَنْظَرًا، ولِذَلِكَ أَخبَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يرى المُؤْمِنِينَ كذلكَ في سُوحِ الجهادِ في سبيلِهِ فقَالَ مِنْ سُورةِ الصَّفِّ: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرصوصٌ} الآيةَ: 4.
وَكَانَ قَدْ أُحْضِرَ لهذا المَشْهَدِ العظيمِ جَمِيعُ سَحَرَةِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ بِأَمْرٍ مِنْ فِرْعَوْنَ، فَكَانُوا عَدَدًا كَثِيرًا. إذًا فَالمُرَادُ بِالصَّفِّ هُنَا بِهِ الْجِنْسُ لَا الْوَاحِدَ، أَيْ: ثُمَّ ائْتُوا صُفُوفًا، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ النَّبَأِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا} الآيةَ: 38، وَقَالَ مِنْ سُورةِ الفَجْرِ: {وجاءَ ربُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} الْآيةَ: 22. وَالْمَقْصُودُ الْإِتْيَانُ إِلَى مَوْضِعِ إِلْقَاءِ سِحْرِهِمْ وَشَعْوَذَتِهِمْ، لِأَنَّ التَّنَاجِيَ بَيْنَهُم، وَالتَّآمُرَ إنَّما كَانَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ بعدَ ذلِكَ: "وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى".
قولُهُ: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} تَذْيِيلٌ لِلْكَلَامِ السَّابِقِ جَمَعَ مَا قَصَدُوهُ مِنْ كيدِهِمْ وَتَآمُرِهِمْ، بِأَنَّ الْفَلَاحَ يَكُونُ لِمَنْ غَلَبَ وَظَهَرَ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ. وَ "اسْتَعْلى" مُبَالَغَةٌ فِي "عَلَا يَعْلُو"، أَيْ: عَلَا على صَاحِبِهُ وَقَهَرَهُ، فَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّأْكِيدِ، وَمِثْلُهُ: اسْتَأْخَرَ، واسْتَأْجَرَ، واسْتعملَ، واسْتَبْسَلَ، وَهَكَذا .. .
و "أَفْلَحَ" نَجَحَ وَفَازَ، كَمَا هو في قَوْلِهِ تَعْالَى مِنْ سُورةِ (المُؤمنونَ): {قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون} الآيةَ: 1. وهوَ مِنْ فَلَحَ الأَرْضَ، وَمِنْهُ الفِلاحَةُ؛ لِأَنَّ الفَلَّاحَ إِذَا شَقَّ الأَرْضَ، أَوْ حَرَثَها واعتنى بِهَا تُعْطِيهِ خَيْرَهَا، فَعمَلُهُ فِيها مَيْمونٌ مُبَارَكٌ.
وَقَيلَ: الْمَعْنى هُنَا: غَلَبَ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ في الآيَةِ: 4، مِنْ سُورَةِ القَصَصِ: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ}، أَيْ: غَلَبَ.
فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبي حاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ: (7/2427)، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَقَدْ أَفْلَحَ اليومَ مَنِ اسْتَعْلَى" قَالَ: مَنْ غَلَبَ.
ويَجُوزَ أَنْ يَكونَ مِنْ طَلَبِ العُلُوِّ، وقدْ أُرِيدَ أَنْهُ سوفَ يَسْعَدُ بِمَا وَعَدَ فِرْعَوْنُ السَّحَرَةَ مِنَ الأَجْرِ إِذَا هم كانوا الغالِبينَ، لِما حكاهُ اللهُ تعالى عنهم في الآيَتَيْنِ: (41 و 42) السَّابِقَتيْنِ وَهُوَ قَوْلُهم لِفِرْعونَ: {أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} فقالَ فرعونُ" {نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ}، فَذَلِكَ هُوَ مَا طَلَبُوا مِنْهُ، ولذلكَ قالَ هُنَا: "وَقَدْ أَفْلَحَ اليومَ مَنِ اسْتَعْلَى" أَيْ أَنَّهُمْ يَظْفَرُونَ بِذَلِكَ الذي وعدَهم إيَّاهُ فِرْعَوْنُ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قوْلُهُ تَعَالى: {فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ} الفَاءُ: هيَ الفصيحةُ؛ أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ تَقْديرُهُ: إِذَا كانَ الأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِمَا ساحِرَيْنِ .. الخ. وَأَرَدْتُمْ بَيَانَ مَا هوَ اللَّازِمُ لَكُمْ، فَأَقُولُ لَكُمْ أَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثمَّ ائْتُوا صَفًّا. و "أجمعوا" فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على حَذْفِ النُّونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّهُ مِنَ الأفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مبنيٌّ على السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، والألِفُ للتفريقِ. و "كيدَكُمْ" مَفْعُولُهُ منصوبٌ بِهِ، وهو مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إلَيْهِ، والميمُ علامةُ الجمعِ المُذَكَّرِ. وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولٌ لِجَوَابَ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ مُسْتَأْنَفَةٌ عَلَى كَوْنَهَا مَقُولُ "قَالُوا".
قوْلُهُ: {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا} ثُمَّ: حرفٌ للعَطْفِ والترتيبِ، و "ائْتُوا" فِعْلُ أَمْرٍ مِثْلُ "أَجْمِعُوا" مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ولَهُ مِثْلُ إِعرابِهِ. "صَفًّا" منصوبٌ على الحَالِ مِنْ فاعِلِ "ائْتُوا" أَيْ: حَالَةَ كَوْنِكُمْ مُصْطَفِّينَ، والجملةُ معطوفةٌ على جملةِ "أَجْمِعُوا" على كونِها فِي مَحَلِّ النَّصْبِ.
قَوْلُهُ: {وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى} الواوُ: حَالِيَّةٌ، و "قَدْ" حَرْفُ تَحْقِيقٍ. و "أَفْلَحَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتْحِ. و "الْيَوْمَ" منصوبٌ على الظَّرْفِيَّةِ الزَّمانِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَفْلَحَ". و "مَنْ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالفاعِلِيَّةِ. وَالْجُمْلَةُ الفعليَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ على أنَّها حالًا ثانيَةً مِنْ فَاعِلِ "ائْتُوا" وَالرَّابِطُ مَحْذُوفٌ تَقْديرُهُ: ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا والحالُ أَنَّهُ قَدْ أَفْلَحَ اليَوْمَ مَنْ اسْتَعْلَى مِنْكُمْ. وَ "اسْتَعْلَى" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ المقدَّرِ على آخِرِهِ لتعذُّرِ ظهورِهِ على الأَلِفِ، وَفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يعودُ على "مِنْ"، الجملةُ صِلَةُ المَوْصُولِ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ.
قَرَأَ الجُمْهورُ: {فَأَجْمِعُوا} بهمزةِ القطْعِ وكَسْرِ الميمِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَالَ الْفَرَّاءُ: الْإِجْمَاعُ الْإِحْكَامُ وَالْعَزِيمَةُ عَلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَجْمَعْتُ عَلَى الْخُرُوجِ مِثْلَ أَزْمَعْتُ. وَالثَّانِي: بِمَعْنَى الْجَمْعِ وَقَدْ تقدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْه في مَبْحَثِ التَّفْسيرِ. وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بْنُ العلاءِ "فاجْمَعوا" بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ: لَا تَدَعُوا شَيْئًا مِنْ كَيْدِكُمْ إِلَّا جِئْتُمْ بِهِ ودَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالى قبلَ ذلكَ: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} الآيةَ: 60، مِنْ هذِهِ السُّورةِ المباركةِ.