إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
قولُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} قَالَ وَهْبٌ بْنُ مُنَبِّهٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، نُودِيَ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَقِيلَ: يَا مُوسَى، فَأَجَابَ سَرِيعًا، لَا يَدْرِي مَنْ دَعَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَسْمَعُ صَوْتَكَ وَلَا أَرَى مَكَانَكَ، فَأَيْنَ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا فَوْقَكَ وَمَعَكَ، وَأَمَامَكَ وَخَلْفَكَ، وَأَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ، فَعَلِمَ أَنْ ذَلِكَ لَا يَنْبَغِي إِلَّا للهِ، فَأَيْقَنَ بِهِ. عَزَاهُ الإمامُ السُّيُوطِيُّ: (5/554 ـ 555) للإمامِ أَحْمَدٍ فِي الزُّهْدِ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَابْنِ المُنْذِرِ، وابْنِ أَبي حاتمٍ. وَقِيلَ: بِأَنَّهُ عَرَفَ كَلَامَ اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، لأَنَّهُ سَمِعَ كلَامًا لَا يُشْبِهُ كَلَامَ المَخْلوقينَ، وَقيلَ لأَنَّهُ سِمِعَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ. واللهُ أَعْلَمُ.
وأَذْكُرُ هُنَا قَريبًا مِنْ هَذَا، ذَلِكَ أَنَّا كُنَّا نَقَرَأَ الفُتُوحاتِ المَكِيَّةَ للشَّيْخِ الأكبرِ ـ قُدِّسَ سِرُّهُ، عَلى شَيْخِنَا العارِفِ بِاللهِ، سَيِّدي الشِّيْخ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الشَّاغُورِي طَيَّبَ اللهُ ثَرَاهُ، صَبَاحَ كلِّ يَوْمِ جُمْعَةٍ فِي مَنْزِلِهِ بِحيِّ الْمُهَاجِرينَ مِنْ دِمَشْقَ الشَّامِ ـ حَرَسَها اللهُ، فَإِذَا شَرَعَ فِي الشَّرْحِ، لَمْ نَعُدْ نَسْمَع أَحْرُفًا وَصَوتًا وَاضِحًا ـ كَمَا هِيَ العادَةُ، وَإِنَّمَا هِيَ مَعَانٍ تُسْكَبُ فِي القَلْبِ، ذَلِكَ لِأَنَّ المَعْنَى قَديمٌ، وَالحَرْفَ حَادِثٌ، وَحَادِثٌ لَا يَسَعُ القَديمَ، وَإِنَّما يُشِيرُ إِلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الأَخْطَلُ:
إِنَّ الْكَلاَمَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنِّمَا ............. جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا
ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ سَيِّدنَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، يَوْمَ السَّقِيفَةِ: (كُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ فِي نَفْسِي كَلَامًا فَسَبَقَنِي إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَلِذَلِكَ كَانَ شَيْخُنَا المُرَبِّي الكامِلُ الشَّيْخُ عَبْدُ القادِرِ عِيسَى ـ رَحِمَهُ اللهُ، وَرَضِيَ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، يَنْهَانَا عَنْ قراءةِ كتُبِ القومِ في بدايةِ السَّيْرِ إلى اللهِ، لأَنَّ كلَّ عِلْمٍ مِنَ العلومِ لا بُدَّ مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ عنْ أَهْلِهِ، فإذا لمْ يَفْعَلْ، لمْ يَفْهَمْ مِنْ مَعَانيَ أَهْلِ اللهِ وَمَرَامِيَهم مَا دَقَّ وجَلَّ، فَشَكَّ وَضَلَّ، وَأَسَاءَ الظَّنَّ فِيهِمْ فَزَلَّ.
قولُهُ: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} قِيلَ أُمِرَ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ لأَنَّهما كَنَتَا مِنْ جلْدِ حمارٍ مَيِّتٍ، غيرِ مَدْبوغٍ لنجاسَتِهِما. أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعانيُّ، والفِرْيابِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، ابْنُ أَبي حاتِمٍ، عِنْ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وهوَ قَوْلُ عِكْرِمَةَ، وَقَتَادَةَ، وَالسِّدِّيُّ، وَمُقَاتِلٌ، والكَلْبِيُّ، وَالضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما. وأَخْرَجَهُ الترمذيُّ في اللِّباسِ، بابِ مَا جَاءَ فِي لِبْسِ الصُّوفِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((كَانَ عَلَى مُوسَى، يَوْمَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ، كِسَاءُ صُوفٍ، وَجُبَّةُ صُوفٍ، وَكُمَّةُ صُوفٍ، وَسَرَاوِيلُ صُوفٍ، وَكَانَتْ نَعْلاَهُ مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ)). جامعُ التِرْمِذِيِّ: (5/410، بِرَقَم: 1734)، وَقالَ: هَذَا حَديثٌ غَريبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَديثِ حُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، وَحُمَيْدٌ هوَ ابْنُ عَلِيٍّ الأَعْرَجِ مُنْكَرُ الحَديث". وَرَوَاهُ الحاكِمُ فِي المُسْتَدْرَكِ: (2/379) وصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، فَتَعَقَّبَهُ الذَّهَبِيُّ بِقَوْلِهِ: "بَلْ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا غَرَّهُ أَنَّ فِي الإِسْنَادِ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ، وَهُوَ خَطَأٌ إِنَّمَا هوَ حُمَيدٌ الأَعْرَجُ الكُوفِيُّ ابْنُ عَلِيٍّ، أَوِ ابْنُ عَمَّارٍ، أَحَدُ المَتْرُوكِينَ، فَظَنَّهُ المَكِيَّ الصَّادِقَ". وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ: أُمِرَ بِخَلْعِ النَّعْلَيْنِ لِيُبَاشِرَ بِقَدَمِهِ تُرَابَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَيَنَالُهُ بَرَكَتُهَا لِأَنَّهَا قُدِّسَتْ مَرَّتَيْنِ، فَخَلَعَهُمَا مُوسَى وَأَلْقَاهُمَا مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي.
وقالَتْ فِرْقَةٌ: بَلْ كَانَتْ نَعْلاَهُ مِنْ جِلْدِ بقَرَةٍ ذَكِيٍّ، لَكِنْ أُمِرَ بِخَلْعِهِمَا لِينَالَ بَركَةَ الوَادِي المُقَدَّسِ، وَتَمَسَّ قَدَماهُ تُرْبَةَ الوَادِي. فقدَ قالَ الطَّبَرِيُّ مُرَجِّحًا: "وَأَوْلَى القَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَمَرَ اللهُ ـ تَعَالَى ذِكْرُهُ، بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ لِيُبَاشِرَ بِقَدَمَيْهِ بَرَكَةَ الوَادِي، إِذْ كانَ وَادِيًا مُقَدَّسًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى التَأْولَيْنِ بِالصَّوابِ لِأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي ظَاهِرِ التَنْزِيلِ، عَلَى أَنَّهُ أُمِرَ بِخَلْعِهِما مِنْ أَجْلِ أَنَّهُما مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ، وَلَا لِنَجاسَتِهِمَا، وَلَا خَيْرَ بِذَلِكَ عَمَّنْ يَلْزَمُ بِقَوْلِهِ الحُجَّةُ. وِإِنَّ في قولِهِ تَعَالَى: "إِنَّكَ بِالْوادي المُقَدَّسِ" بِعَقِبِهِ دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى أَنَّهُ إِنَّما أَمَرَهُ بِخَلْعِهِما لِمَا ذَكَرْنَا". تفسيرُ الطَبَرِيِّ: (16/144).
وَتَحْتَمِلُ الآيَةُ مَعْنًى ثالِثًا، هو الأَليقُ بها وَهُوَ: أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْهُ ـ سُبْحانَهُ، أَنْ يَتَأَدَّبَ، وَيَتَوَاضَعَ لِعِظِمِ الحَالِ الَّتي حَصَلَ فِيهَا، والعُرْف عِنْد المُلُوكِ: أَنْ تُخْلَعَ النَّعْلاَنِ، وَيَبْلُغُ الإنْسانُ إلَى غايَةِ تَوَاضُعِهِ، فكأَنَّهُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، أُمِرَ بِذَلِكَ عَلَى هَذَا الوَجْهِ، وَلاَ نُبَالِي كَيْفَ كَانَتْ نَعْلاَهُ مِنْ مَيْتَةٍ أَوْ غَيْرَهَا، فقدْ أَمَرَهُ بِخَلْعِ نَعْلِيْهِ مِنْ قَدَمَيْهِ لِيَتَعَلَّمَ التَّوَاضُعَ لِرَبِّهِ والتأَدُّبَ مَعَهُ، وَذَلِكَ حِينَ كلَّمَهُ، فَإِنَّ تَكْليمَ اللهِ ـ جَلَّ وَعَلَا، عَبْدَهُ ومُنَاداتِهِ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَسْتَوْجِبُ كَمَالَ التَّوَاضُعِ مِنَ العَبْدِ، والخُشُوعِ لِمَوْلَاهُ. وَنَقَلَ الحافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ: (3/144) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ ـ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، أُمِرَ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ كَمَا يُؤْمَرُ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ إِذَا أَرادَ أَنْ يَدْخُلَ الكَعْبَةَ ـ حرسَها اللهُ، واللهُ أعلمُ.
قولُهُ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} الْمُقَدَّسِ: المُطَهَّرِ، وَ "طُوًى" مَرَّتَيْنِ. فقيلَ: المَعْنَى أَنَّ قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ، وقِيلَ: المَعْنى طُوِيَتْ لَكَ الأَرْضُ مَرَّتَيْنِ. وقيلَ: هُوَ اسْمُ وَادٍ بِالشَّامِ، قريبٍ مِنَ الطُّورِ الذي أَقْسَمَ اللهُ بِهِ في أَوَّلَ سُورَةِ الطُّورِ فَقَالَ: {وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ * وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِع} الآياتِ: (1 ـ
. وَقِيلَ: إنَّ مَعْناهُ بالعَبْرَانِيَّةِ: يَا رَجُلُ، فَكَأَنَّما قِيلَ: يَا رَجُلُ اذْهَبْ إلَى فِرْعونَ إنَّهُ طَغَى.
قَوْلُهُ تَعَالى: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} إِنِّي: إنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفِعْلِ للتوكيدِ، وياءُ المُتَكَلِّمِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ اسْمُهُ. و "أَنَا" ضميرُ المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ، تَأْكِيدٌ لِضَّمِيرِ ياءِ المُتكَلِّمِ، أَوْ هو في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ، و "رَبُّكَ" ربُّ: اسْمٌ مِنْ أَسْماءِ الجلالةِ خَبَرُ المُبْتَدَأِ "إِنَّ" أَوْ المُبْتَدَأِ "أَنَا"، مَرْفوعٌ، مُضافٌ. وَ كافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، وَجُمْلَةُ "أَنَا ربُّكَ" في محلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "إِنَّ" وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَجُمْلَةُ "إِنَّ" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ نائِبُ فَاعِلٍ لِلْقَوْلِ المَحْذوفِ، عَلَى كَوْنِهَا جَوَابَ النِّداءِ.
قولُهُ: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} الفاءُ: هيَ الفَصِيحَةُ؛ لِأَنَّهَا أَفْصَحَتْ عَنْ جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ بِـ: إِذَا عَرَفْتَ أَنِّي أَنَا رَبُّكَ، وَأَرَدْتَ بَيَانَ الأَدَبِ لَكَ فَأَقُولُ لَكَ: اخْلَعْ نَعْلَيْكَ، وَيَجوزُ أَنْ تَكونَ هَذِهِ الفاءُ للتَّفْريعِ. وَ "اخْلَعْ" فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على السكُونِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. و "نَعْلَيْكَ" مَفْعُولُهُ مَنْصُوبٌ بِهِ، وعلامةُ نَصْبِهِ الياءُ لأَنَّهُ مُثنّى، وهوَ مُضافٌ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هَذِهِ في مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولٌ لِجَوابِ "إِذَا" المُقَدَّرَةِ، وَجُمْلَةُ "إِذَا" المُقَدَّرَةُ في مَحَلِّ الرَّفْعِ نَائبُ فَاعِلٍ للقَوْلِ المَحْذوفِ.
قوْلُهُ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} إنَّ: حَرْفٌ نَاصِبٌ، ناسِخٌ مُشَبَّهٌ بالفِعلِ، للتوكيدِ، وكافُ الخِطَابِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ، اسْمُهُ. و "بِالْوَادِ" الباءُ: حَرْفُ جَرِّ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرِهِ المَحْذوفِ. و "الوادِ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجَرِّ، وَعَلامَةُ جَرِّهِ كَسْرَةٌ مُقَدَّرَةٌ عَلَى الياءِ المَحْذوفَةِ للتَّخَلُّصِ مِنِ الْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ لَفْظًا، فهي مَحْذوفَةٌ خَطًّا أَيْضًا، تَبَعًا للَّفْظِ، عَلَى قَاعِدَةِ رَسْمِ المُصْحَفِ العُثْمَانِيِّ. أَيْ: إِنَّكَ كَائِنٌ بِالْوَادِ، و "الْمُقَدَّسِ" صِفَةٌ للوادي مجرورةٌ مِثْلُهُ. و "طُوًى" بَدَلٌ مِنَ الوَادِي، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَنْهُ، وهو مَمْنوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَأْنيثِ المَعْنَوِيِّ، عَلَى إِرادَةِ "البُقْعَةِ"، أَوْ مَصْرُوفٌ عَلَى إِرادَةِ مَعْنَى المَوْضِعِ، وَجُمْلَةُ "إِنَّ" فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نائِبُ فاعِلٍ للقَوْلِ المَحْذوفِ، عَلَى أَنَّهَا مُعَلِّلَةٌ لِمَا قَبْلَهَا.
وَقَرَأَ الْعامَّةُ: {إِنِّي} بِكَسْرِ الْأَلِفِ، أَيْ: نُودِيَ، فَقِيلَ: إِنِّي أَنَا رَبُّكَ. وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، "أَنِّي" بِفَتْحِ الْأَلِفِ، عَلَى مَعْنَى: نُودِيَ بِأَنِّي.