قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا
(75)
قوْلُهُ ـ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} قلْ لهُمْ يا رَسولَ اللهِ: فَمَنْ كانَ ضالًّا أَمْهَلَهُ اللهُ وَأَمَدَّهُ بِمَا يُريدُ مِمَّا قَدْ يُعِينُهُ عَلَى ضَلَالِهِ، اسْتِدْراجًا لَهُ؛ كَمَا يُمِدُّ المُؤْمِنَ بِمَا يُعِينُهُ عَلَى مُمَارَسَةِ ما يَفْرِضُهُ عَلَيْهِ إِيمانُهُ، ويُعينُهُ لِيَنْتَصِرَ عَلَى عَدُوِّهِ، لِأَنَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ فَيُمِدُّ الجَمِيعَ بِحُكْمِ رُبُوبِيَّتِهِ، فَيُعْطِي المُؤْمِنَ وَالكافِرَ، كُلًّا بِمَا يُريدُهُ، وِفْقَ ما تَقْتَضِيِهِ حِكْمَتُهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، كَمَا قَالَ مِنْ سُورةِ الإسْرَاء: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ، ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} الآياتِ: (18 ـ 20). وَقَالَ مِنْ سُورَةِ الشُّورى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا، وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَّصِيبٍ} الآيةَ: 20. وَقال مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ: {فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا} الآيةَ: 10. وَذَلِكَ لأَنَّهُمْ أَرادوهُ وَارْتاحُوا إِلَيْهِ، وَطَلَبُوا المَزيدَ مِنْهُ.
فَقد جاءَ فِعْلُ "فَلْيَمْدُدْ" هُنَا أَمْرًا بِمَعْنَى الْخَبَرِ، أَيْ أَنَّ هَذِهِ هِيَ عادةُ اللهِ ـ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى، الإمْلاَءُ للضَّالِينْ وَمَعْنَاهُ: يَدَعُهُ فِي ظُلْمِهِ وَطُغْيَانِهِ، وَيُمْهِلُهُ فِي شِرْكِهِ وَكُفْرِه، وَيُمِدُّ لَهُ فِي زِينَةِ الدُّنْيا ومَتاعِها، وبهرجِها وقُوَّتِها لِيَزْدادَ بِهَا غُرُورًا، ومِنْها شُرُورًا. وإلى هَذا أَشارَ أَبو إسْحاقٍ الزَّجاجُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكونَ مَعْنَاهُ الدُّعَاءُ وَالاِبْتِهَالُ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لِيُمْدِدِ اللهُ لِلضَّالِّ مِنَّا وَمِنْكُمْ، فقد قالَ ابْنُ الأَنْبَارِيِّ: خَاطَبَ اللهُ العَرَبَ بِلِسَانِهَا، وَهِيَ تَقْصِدُ التَّوْكِيدَ للخَبَرِ بِذِكْرِ الأَمْرِ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ: إِنْ زَارَنَا عَبْدُ اللهِ فَلْنُكْرِمْهُ، يَقْصِدُ التَّوكيدَ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ اللَّامُ لَامَ الدُّعاءِ عَلَى مَعْنَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَاللَّهُمَّ مُدَّ لَهُ فِي العُمْرِ مَدًّا. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} أَيْ: حتَّى إِذَا رَأَوْا مَا تَوَعَّدَهُمُ اللهُ بِهِ، وحَذَّرَهُمْ مِنْهُ. وَالمُرَادُ بِالعَذَابِ هُنَا: هوَ عَذَابُ الدُّنْيَا، عَلَى أَيْدي المُؤْمِنِينَ مِنْ قَتْلٍ وأَسْرٍ وهَزيمَةٍ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِمْ، وَمَا فِي ذَلِكَ منْ خِزْيٍ وَذُلٍّ وَهَوَانٍ، فإِذَا ذَاقُوا هَذَا الذي تَوَعَّدَهُمُ اللهُ بِهِ في الدُنْيَا، أَوْ ذَاقُوا عَذابَ اللهِ وَعَقابَهُ لَهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ في نَارِ جَهَنَّمَ، وَهُوَ مَا هَدَّدَهُمُ بِهِ أَيْضًا وتوعَّدَهُمْ، إِنْ هُمُ اسْتَمَرُّوا في ضَلَالِهِم، وأَصَرُّوا عَلَى كفرِهم.
قولُهُ: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا} فَحِينَئِذٍ سَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَانًا ومَكَانَةً، وَأَضْعَفُ جُنْدًا ومقدِرَةً، لَكِنَّ عِلْمَهُمْ هَذَا لَنْ يُجْديَهُمْ نَفْعًا، وما مِنْ أَحَدٍ يَسْتَطِيعُ لَهُ حَجْبًا عَنْهُمْ ولا رَفعًا، فَإِنَّ الأَوَانَ قَدْ فَاتَ، وَجَاءَ هَازِمُ اللذَّاتِ، وَحَانَ زَمَنُ النَدَامَةِ وَالحَسَرَاتِ.
وفي هَذِهِ الآيةِ الكَريمةِ جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ السَّابِقِ في الآيةِ: 73، السابِقَةِ: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا} فَقَدْ لَقَّنَ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَشْفَ زِيفِهِمْ، وتَفْنِيدَ مُغَالَطَتِهِمْ، بِأَنَّ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نِعْمَةِ في الحياةِ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ اسْتدراجٌ لَهُمْ مِنَ اللهِ وَإِمْهَالٌ. وإِنَّ مِعْيَارَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ نِعْمَةِ اللهِ رِضًى مِنْهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ المُؤْمِنِ وَبَيْنَ النِّعْمَةِ الَّتِي هِيَ اسْتِدْرَاجٌ لِلكَافِرِ بِهِ، هُوَ أنْ يُنْظَرَ إِلَى حَالِ المُنْعَمِ عَلَيْهِ، فإِنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الهُدَى فَهِيَ نِعْمَةٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الآيةِ: 97، منْ سُورةِ النحْلِ: {مَنْ عَمِلَ صالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ}، وإِنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ فَهِيَ اسْتِدْراجٌ كَمَا قَالَ فِي شَأْنِهم: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ * نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ} الآيَتَانِ: (55 و 56)، مِنْ سُورَةِ (الْمُؤْمِنُونَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ} قُلْ: فِعْلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على السُّكونِ، وَفَاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ ـ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "مَنْ" اسْمُ شَرْطٍ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ بالابْتِداءِ، وخَبَرُهُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ، أَوْ جملةُ الجَوَابِ أَوْ هُمَا مَعًا. ويجوزُ أَنْ تَكونَ "مَنْ" مَوْصُولَةً، وقد دَخَلَتِ الفاءُ فِي الخَبَرِ لِمَا تَضَمَّنَهُ المَوْصُولُ مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ. وَ "كَانَ" فِعْلٌ مَاضٍ نَاقِصٌ مَبْنِيٌّ على الفتحِ فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "مَنْ" وَاسْمُهَا ضَمِيرٌ مُسْتترٌ فيها جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلَى "مَنْ". و "فِي" حَرْفُ جَرٍّ مُتعلِّقٌ بِخَبَرٍ لِـ "كَانَ"، و "الضَّلَالَةِ" مَجْرورٌ بحرفِ الجَرِّ.
قولُهُ: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوَابِ "مَنْ" الشَّرْطِيَّةِ وُجُوبًا، واللامُ: لَامُ الأَمْرِ، و "يُمْدِدْ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ بِلَامِ الأَمْرِ. و "لَهُ" اللامُ: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "يُمْدِدْ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "الرَّحْمَنُ"، فَاعِلُهُ مَرْفوعٌ بِهِ. وَ "مَدًّا" مَنصوبٌ على المفْعُولِيَّةِ المُطْلَقَةِ. وَجُمْلَةُ: "يُمْدِدْ" فِي مَحَلِّ الجَزْمِ بِـ "مَنْ" عَلَى كَوْنِهَا جَوَابَ شَرْطٍ لَهَا، وفي هذِهِ الجُمْلةِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ طَلَبٌ عَلَى بَابِهِ، وَمَعْنَاهُ الدُّعَاءُ. والثاني: لَفْظُهُ لَفْظُ الأَمْرِ، وَمَعْنَاهُ الخَبَرُ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: أَيْ: مَدَّ لَهُ الرَّحْمَنُ، بِمَعْنَى أَمْهَلَهُ فَأُخْرِجَ عَلَى لَفْظِ الأَمْرِ إِيذانًا بِوُجُوبِ ذَلِكَ. أَوْ فَمُدَّ لَهُ فِي مَعْنَى الدُّعاءِ بِأَنْ يُمْهِلَهُ اللهُ وَيُنَفِّسَ فِي مُدَّةِ حَياتِهِ. وَجُمْلَةُ "مَنْ" الشَّرْطِيَّةِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولٌ لـ "قُلْ".
قولُهُ: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ} حَتَّى: حَرْفُ جَرٍّ وَغَايَةٍ، وَقِيلَ: "حَتَّى" هُنَا ابْتِدائِيَّةٌ؛ أَيْ: تَبْدَأُ بَعْدَهَا الجُمَلُ، أَيْ: تُسْتَأْنَفُ، فَلَيْسَتْ جَارَّةً وَلَا عَاطِفَةً، وَهَكَذَا حَيْثُ دَخَلَتْ عَلَى إِذَا الشَّرْطِيَّةِ عِنْدَ الجُمْهُورِ. وقيل إِنَّهَا جَارَّةٌ، والمَعْنَى: فَيَسْتَمِرُّونَ فِي الطُّغْيانِ إِلَى أَنْ يُشَاهِدُوا المَوْعُودَ. وَ "إِذَا" ظَرْفٌ لِمَا يُسْتَقْبَلُ مِنَ الزَّمَانِ خافضٌ لِشَرْطِهِ متعلِّقٌ بجوابِهِ. و "رَأَوْا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِ المُقَدَّرِ عَلَى الألِفِ المحذوفةِ لالْتِقَاءِ الساكنينِ، وَذَلِكَ لاتِّصالِهِ بِوَاوِ الجَمَاعَةِ، وَوَاوُ الجماعَةِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ. والأَلِفُ فارقةٌ. و "مَا" مَوْصُولَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى السُّكونِ في محلِّ النَّصْبِ بالمَفْعُوليَّةِ لأَنَّ الرُّؤْيَةَ هُنَا بَصَرِيَّةٌ، أَوْ هيَ نَكِرةٌ مَوْصُوفَةٌ. وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضافةِ إِلَيْهِ لِـ "إِذَا" عَلَى كَوْنِهَا فِعْلَ شَرْطٍ لَهَا. وَالظَّرْفُ "إذا" مُتَعَلِّقٌ بِالجَوَابِ الآتِي. و "يُوعَدُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَبْنِيٌّ للمجهولِ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النُّونِ في آخِرِهِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ نائبًا عنْ فَاعِلِهِ، والجُمْلةُ صِلَةُ "ما" المَوْصُولةِ لَا مَحلَّ لَهَا مِنَ الإعرابِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في مَحَلِّ النَّصْبِ، والعائدُ، أَوِ الرَّابِطُ مَحْذوفٌ والتقديرُ: يُوعِدونَهُ. و "إِمَّا" حَرْفُ تَفْصِيلٍ وهيَ مَانِعَةٌ خُلُوَّ تَجَوُّزِ الجَمْعِ. و "الْعَذَابَ" منصوبٌ على البَدَلِ مِنْ "مَا" المَوْصُولَةِ بَدَلَ تَفْصِيلٍ مِنْ مُجْمَلٍ. و "إِمَّا السَّاعَةَ" مَعْطُوفٌ عَلَى "إِمَّا الْعَذَابَ"، ولهُ مثلُ إِعْرَابِهِ.
قَوْلُهُ: {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا} الفاءُ: رَابِطَةٌ لِجَوابِ "إِذَا" وُجُوبًا لِاقْتِرانِهِ بِحَرْفِ التَنْفِيسِ. و "يَعْلَمُونَ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَبَاتُ النُّونِ فِي آخِرِهِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ فَاعِلُهُ، والجُمْلةُ جَوَابُ "إِذَا" لَا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ، وُجُمْلَةُ "إِذَا" مُسْتَأْنَفَةٌ لأَنَّ "حَتَّى" ابْتِدائِيَّةٌ، أَوْ تكونُ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِـ "حَتَّى" إِذا اعْتَبَرْناهَا حَرْفَ جَرٍّ كَمَا تقدَّمُ بَيانُهُ مُفَصَّلًا، وعليْهِ فتتعلَّقُ "حَتَّى" بِـ "يَمْدُدْ"، وَالتَّقْديرُ: فَيَمْدُدُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ مَدًّا إِلَى عِلْمِهِمْ "مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا"، وَقْتَ رُؤْيَتِهِمْ مَا يُوعَدُونَ. و "مَنْ"، اسْمٌ مَوْصُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على المَفْعُوليَّةِ لِـ "يَعْلَمُونَ" لِأَنَّ "عَلِمَ" هُنَا بِمَعْنَى "عَرَفَ". و "هُوَ" ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِدَاءِ. و "شَرٌّ" خَبَرُهُ مرفوعٌ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ "مَنْ" اسْتِفْهَامِيَّةً فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ، مُبْتَدَأً أَوَّلَ وَ "هُوَ" مُبْتَدَأٌ ثانٍ، وَ "شَرٌّ" اسمُ تَفْضِيلٍ مرفوعٌ خَبَرُ المُبْتَدَأِ الثاني، وَ "هُوَ" وَخَبَرُهُ خَبَرُ "مَنْ"، وَجُمْلَةُ "مَنْ" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بِـ "يَعْلَمُونَ" عَلَى أَنَّهَا مُعَلِّقَةٌ لَهَا. و "مَكَانًا" تَمْييزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ المُبْتَدَأِ، مَنْصُوبٌ بِاسْمِ التَّفْضِيلِ "شَرٌّ". و "أَضْعَفُ جُنْدًا" مَعْطوفٌ عَلَى "شَرٌّ مَكَانًا" ولَهُ مِثْلُ إِعْرابِهِ.