روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22 I_icon_minitimeالأحد يناير 12, 2020 4:55 am

فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا
(22)


قَوْلُهُ ـ تَعَالى شَأْنُهُ: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} أَيْ: اطْمَأَنَّتْ مَرْيَمُ ـ عَلَيْها السَّلامُ، إِلَى ما قَالَهُ جِبْريلَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَدَنَا مِنْهَا ثمَّ نَفَخَ فِي جَيْبِها فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ فِي جَوْفِهَا فَحَمَلَتْ.
وَأَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: {فَأَرْسَلنَا إِلَيْهَا رُوحنَا} الْآيَةَ، قَالَ: نَفَخَ جِبْرِيلُ فِي دِرْعِها فَبَلَغَتْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ.
وَأَخَرْجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ عَطَاءَ بْنِ يَسَارٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَكَشَفَ الْحِجَابَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ تَعَوَّذَتْ مِنْهُ، فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، فَبَلَغَتْ، فَذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَدِينَةِ، فَهُجِرَ زَكَرِيَّا وَتُرِكَ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُسْتَفْتَى، ويَأْتِيهِ النَّاسُ، حَتَّى إِنَّهُ كَانَ لَيُسَلِّمُ عَلَى الرَّجُلِ فَمَا يُكَلِّمُهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْأَسْمَاء وَالصِّفَات) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} قَالَ: تَمَثَّلَ لَهَا رُوحُ عِيسَى فِي صُورَةِ بَشَرٍ، {فَحَمَلَتْهُ}، قَالَ: حَمَلَتْ الَّذِي خاطَبَهَا دَخَلَ فِي فِيهَا.
وَقِيلَ: لَمْ يَدْنُ عَلَيْهِ السَّلامُ بَلْ نَفَخَ عَنْ بُعْدٍ، فَوَصَلَ الرِّيحُ إِلَيْهَا فَحَمَلَتْ. وَقِيلَ: إِنَّ النَّفْخَةَ كانَتْ في كُمِّها، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَقِيلَ كانَتْ في ذَيْلِهَا. وَقيلَ كَانَتْ في فَمِهَا. واللهُ أَعْلَم.
واخْتَلَفُوا في سِنِّها إِذْ ذَاكَ، فَقِيلَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَعَنْ وَهْبِ منَبِّهٍ، ومُجَاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: أَرْبَعَ عَشرَةَ سَنَةً، وَقيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، وَقيلَ؛ عَشْرَ سِنينَ، وَقَدْ كانَتْ حاضَتْ حَيْضَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَحْمِلْ.
وَاخْتَلَفُوا أَيضًا في مُدَّةِ حَمْلِهَا، فَرُوِيِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حِينَ حَمَلَتْ وَضَعَتْ. أَخْرَجَهُ عنهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعانيُّ، وَالْفِرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ مَرْيَمَ حَمَلَتْ لِسَبْعِ، أَوْ تِسْعِ سَاعَاتٍ، وَوَضَعَتْه مِنْ يَوْمهَا. وقيلَ غيرُ ذلكَ، واللهُ أَعْلَمُ.
وَالِانْتِبَاذُ: الِانْفِرَادُ وَالِاعْتِزَالُ والابْتِعَادُ، لِأَنَّ النَّبْذَ: هو الْإِبْعَادُ وَالطَّرْحُ. وَهوَ فِي أَصْلِ اللُّغةِ: افْتِعَالٌ مُطَاوِعُ نَبَذَهُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْفِعْلِ الْحَاصِلِ بِدُونِ سَبْقِ فَاعِلٍ لَهُ.
وقد رُوِيَتْ قِصَّةُ مَرْيَمَ كاملةً في عَدَدِ مِنَ الآثارِ، فَمِنْ ذَلِكَ ما أَخْرَجَه ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ تَعَالى عنُهُما، قَالَ: لَمَّا بَلَغَتْ مَرْيَمُ فَإِذا هِيَ فِي بَيْتِهَا مُنْفَصِلَةٌ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا رَجُلٌ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخَشِيتْ أَنْ يَكونَ دَخَلَ عَلَيْهَا لِيَغْتَالَهَا، فَقَالَتْ: {إِنِّي أَعُوذُ بالرَّحمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}، قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}، قَالَتْ: {أَنَّى يَكونُ لِي غُلَامٍ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا}، قَالَ: {كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ}، فَجَعَلَ جِبْرِيلُ يَرَدِّدُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَتقولُ: {أَنى يَكونُ لِي غُلَامٌ}، وَتَغَفَّلَها جِبْرِيلُ فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا، ونَهَضَ عَنْهَا، وَاسْتَمَرَّ بِهَا حَمْلُهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ خَرَجْتُ نَحْوَ الْمَغْرِبِ فَالقَوْمُ يُصَلُّونَ نَحْوَ الْمَغْرِبِ، وَلَكِنْ أَخْرُجُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ حَيْثُ لَا يَراني أَحَدٌ. فَخَرَجَتْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشِي، إِذْ جاءَها الْمَخَاضُ، فَنَظَرَتْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا تَسْتَتِرُ بِهِ فَلَمْ تَرَ إِلَّا جِذْعَ النَّخْلَةِ. فَقَالَتْ: أَسْتَتِرُ بِهَذَا الْجَذْعِ مِنَ النَّاسِ.
وَكَانَ تَحْتَ الْجَذْعِ نَهْرٌ يَجْرِي فَانْضَمَّتْ إِلَى النَّخْلَةِ، فَلَمَّا وَضَعَتْهُ خَرَّ كُلُّ شَيْءٍ يُعْبَدُ مِنْ دونِ اللهِ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبهَا سَاجِدًا لِوَجْهِهِ. وَفَزِعَ إِبْلِيسُ، فَخَرَجَ، فَصَعِدَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يُنْكِرُهُ، وأَتَى الْمَشْرِقَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يُنْكِرُهُ، وَجَعَلَ لَا يَصْبِرُ، فَأَتى الْمَغْرِبَ لِيَنْظُرَ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يُنكرهُ. فَبَيْنَا هُوَ يطوف إِذْ مَرَّ بِالنَخْلَةِ، فَإِذا هُوَ بِامْرَأَةٍ مَعَهَا غُلَامٌ قَدْ وَلَدَتْهُ، وَإِذا بِالْمَلَائِكَةِ قَدْ أَحْدَقُوا بِهَا وبِابْنِها وبِالنَّخْلَةِ. فَقَالَ: هَهُنَا حَدَثَ الْأَمْرُ، فَمَالَ إِلَيْهِم، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ هَذَا الَّذِي حَدَثَ؟ فَكَلَّمَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، فَقَالُوا: نَبِيٌّ وُلِدَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ. قَالَ: أَمَا وَاللهِ لَأُضِلَّنَ بِهِ أَكْثَرَ الْعَالَمِينَ، أَضَلَّ الْيَهُودَ فَكَفَرُوا بِهِ، وأَضَلَّ النَّصَارَى فَقَالُوا: هُوَ ابْنُ اللهِ.
قَالَ: وَنَاداها مَلَكٌ مِنْ تَحْتِهَا {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}، قَالَ إِبْلِيسُ: مَا حَمَلَتْ أُنْثَى إِلَّا بِعِلْمِي، وَلَا وَضَعَتْهُ إِلَّا عَلَى كَفِّي، لَيْسَ هَذَا الْغُلَامُ لَمْ أَعْلَمُ بِهِ حِينَ حَمَلَتْه أُمُّهُ، وَلمْ أَعْلَمْ بِهِ حِينَ وَضَعَتْهُ.
وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي (الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَات)، وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ بْنِ مَسْعُودٍ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا، قَالَا: خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذْ هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا، {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا} فَفَزِعَتْ، وَقَالَتْ: {إِنِّي أَعوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}، فَخَرَجَتْ، وَعَلَيْهَا جِلْبابُها، فَأَخَذَ بِكُمِّها، فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا ـ وَكَانَ مَشْقوقًا مِنْ قُدَّامِها، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا، فَحَمَلَتْ، فَأَتَتْها خالتُها لَيْلَةً تَزُورُها، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْها، فَقَالَتْ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَمُ أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى؟.
قَالَتْ مَرْيَمُ: أَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى؟ فَقَالَتْ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ للَّذي فِي بَطْنِكِ. فَذَاكَ قَوْلُهُ: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ} فَوَلَدَتْ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا بِيَحْيَى. وَلَمَّا بَلَغَ أَنْ تَضَعَ مَرْيَمُ، خَرَجَتْ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ: {فَأَجاءَها الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ، قَالَتْ يَا لَيْتَني مُتُّ قَبْلَ هَذَا} الْآيَةَ، {فَناداها} جِبْرِيلُ {مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَني}، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ ذَهَبَ الشَّيْطَانُ، فَأَخْبَرَ بَني إِسْرَائِيلَ: أَنَّ مَرْيَمَ وَلَدَتْ، فَلَمَّا أَرادُوها عَلى الْكَلَامِ، أَشارَتْ إِلَى عِيسَى، فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ، آتَانِي الْكِتابَ} الْآيَاتِ. فَلَمَّا وُلِدَ لَمْ يَبْقَ فِي الأَرْضِ صَنَمٌ إِلَّا خَرَّ لِوَجْهِهِ.
وَأَخْرَجَ اسْحقُ بْنُ بِشْرٍ، وَابْنُ عَسَاكِرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ} يَقُولُ: قُصَّ ذَكْرَهَا عَلى الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، ومُشْرِكِي الْعَرَبِ: {إِذِ انْتَبَذَتْ} يَعْنِي خَرَجَتْ: {مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا}، قَالَ: كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ الْمُقَدَّسِ، مِمَّا يَلِي الْمَشْرِقَ: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دونِهمْ حِجَابًا} وَذَلِكَ أَنَّ اللهَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَها بالكَرَامَةِ، ويُبَشِّرَها بِعِيسَى ـ عليْهِ السَّلامُ، وَكَانَتْ قَدِ اغْتَسَلَتْ مِنَ الْمَحِيضِ، فتَشَرَّفَتْ وَجَعَلَتْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَومِهَا {حِجَابًا} يَعْنِي جَبَلًا، فَكَانَ الْجَبَلُ بَيْنَ مَجْلِسِها وَبَيْنَ بَيْتِ الْمُقَدَّسِ: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} يَعْنِي جِبْرِيلَ: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا} فِي صُورَةِ الْآدَمِيِّينَ: {سَوِيًّا} يَعْنِي مُعْتَدِلًا شَابًّا أَبْيَضَ الْوَجْهِ، جَعْدًا قَطَطًا حِينَ اخْضَرَّ شَارِبُهُ، فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيْهَا: {قَالَتْ إِنِّي أَعوذُ بالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}، وَذَلِكَ أَنَّهَا شَبَّهَتْهُ بِشَابٍّ كَانَ يَرَاهَا، وَيَمْشِي مَعَهَا، يُقَالُ لَهُ يُوسُف مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مِنْ خَدَمِ بَيْتِ الْمُقَدَّسِ، فَخافَتْ أَنْ يَكونَ الشَّيْطَانُ قَدْ اسْتَفَزَّهُ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَتْ: {إِنِّي أَعوذُ بالرَّحمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} يَعْنِي إِنْ كُنْتَ تَخَافُ اللهَ. قَالَ جِبْرِيل، وَتَبَسَّمَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} يَعْنِي للهِ مُطيعًا مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ. {قَالَتْ أَنَّى يَكونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ} يَعْنِي زَوْجٌ: {وَلَمْ أَكُ بَغِيًا} أَيْ مُومِسَةً. قَالَ جِبْرِيلُ: {كَذَلِكِ} يَعْنِي: هَكَذَا {قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}، يَعْنِي خَلْقَهُ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ، {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً للنَّاسِ}، يَعْنِي عِبْرَةً، وَالنَّاسُ هُنَا للْمُؤْمِنِينَ خَاصَّةً، وَرَحْمَةً لِمَنْ صَدَّقَ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللهِ. {وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا} يَعْنِي كَائِنًا أَنْ يَكونَ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ. فَدَنَا جِبْرِيلُ فَنَفَخَ فِي جَيْبِهَا، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ جَوْفَها، فاحْتَمَلَتْ كَمَا تَحْمِلُ النِّسَاءُ فِي الرَّحِمِ والمَشِيمَةِ، وَوَضَعَتْهُ كَمَا تَضَعُ النِّسَاءُ، فَأَصابَهَا الْعَطَشُ، فَأَجْرَى اللهُ لَهَا جَدْوَلًا مِنَ الْأُرْدُنِّ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}، وَالسَّرِيُّ: الْجَدْوَلُ. وَحَمَلُ الْجَذْعُ مِنْ سَاعَتِهِ {رُطَبًا جَنِيًّا}، فَناداها مِنْ تَحْتِهَا جِبْرِيلُ: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لَمْ يَكُنْ عَلى رَأْسِهَا سَقْفٌ، وَكَانَتْ قَدْ يَبِسَتْ مُنْذُ دَهْرٍ طَوِيلٍ، فَأَحْيَاهَا اللهُ لَهَا، وَحَمَلَتْ. فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}، يَعْنِي طَرِيًّا بِغُبارِهِ، {فَكُلي} مِنَ الرُّطَبِ، {وَاشْرَبي} مِنَ الْجَدْوَلِ، {وَقَرِّي عَيْنًا} بِوَلَدِكِ. فَقَالَتْ: فَكَيْفَ بِي إِذا سَأَلُونِي مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَ لَهَا جِبْرِيلُ: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ} يَعْنِي فَإِذا رَأَيْتِ {مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} فَأَعَنْتُكِ فِي أَمْرِكِ: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمًا}، يَعْنِي صَمْتًا فِي أَمْرِ عِيسَى، {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} فِي أَمْرِهِ حَتَّى يَكونَ هُوَ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنِّي وَعَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: فَفَقَدوا مَرْيَمَ مِنْ مِحْرَابِهَا، فَسَأَلوا يُوسُفَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا، وَأَنَّ مِفْتَاحَ مِحْرَابِهَا مَعَ زَكَرِيَّا. فَطَلَبُوا زَكَرِيَّا، وَفَتَحُوا الْبَابَ وَلَيْسَتْ فِيهِ، فاتَّهَمُوهُ، فَأَخَذُوهُ ووَبَّخُوهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنِّي رَأَيْتُهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا، فَسَمِعُوا صَوْتَ عَقيقٍ فِي رَأْسِ الْجَذْعِ الَّذِي مَرْيَمُ مِنْ تَحْتِهِ، فَانْطَلقُوا إِلَيْهِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللهِ: {فَأَتَتْ بِهِ قَومَهَا تَحْمِلُهُ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: لَمَّا رَأَتْ بِأَنَّ قَومَهَا قَدْ أَقْبَلُوا إِلَيْهَا، احْتَمَلَتِ الْوَلَدَ إِلَيْهِمْ، حَتَّى تَلَقَّتْهُمْ بِهِ، فَذَلِك قَوْلُهُ: {فَأَتَتْ بِهِ قَومَهَا تَحْمِلُهُ} أَي: لَا تَخَافُ رِيبَةً، وَلَا تُهْمَةً. فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهَا، شَقَّ أَبوهَا مَدْرَعَتَهُ، وَجَعَلَ التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، وإِخْوَتُها وَآلُ زَكَرِيَّا، {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}، يَعْنِي عَظِيمًا، {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} يَعْنِي زَانِيَةً، فأَنَّى أَتَيْتِ هَذَا الْأَمْرَ مَعَ هَذَا الْأَخِ الصَّالِحِ، وَالْأَبِ الصَّالِحِ، وَالأُمِّ الصَّالِحةِ؟. {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ} تَقُولُ لَهُم: أَنْ كَلِّمُوهُ، فَإِنَّهُ سَيُخْبِرُكُمْ {إِنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْمًا} أَنْ لَا أُكَلِّمَكمْ فِي أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ سَيُعَبِّرُ عَنِّي، فَيَكونُ لَكمْ آيَةً وَعِبرَةَ، {قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا}، يَعْنِي مَنْ هُوَ فِي الْخُرَقِ طِفْلًا لَا يَنْطِقُ، فَأَنْطَقَهُ اللهُ، فَعَبَّرَ عَنْ أُمِّهِ، وَكَانَ عِبْرَةً لَهُم، فَقَالَ: {إِنِّي عَبْدُ اللهِ}، فَلَمَّا أَنْ قَالَهَا، ابْتَدَأَ يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثِ سِنِينَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَ بِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، لِتَصْديقِ قَوْلِ اللهِ: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ} فَقَالَ عِيسَى: {آتَانِي الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} إِلَيْكُم {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْبَرَكَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ لِعِيسَى أَنَّهُ كَانَ مُعَلِّمًا مُؤَدِّبًا حَيْثُمَا تَوَجَّهَ: {وَأَوْصاني بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة ما دُمْتُ حيًّا}، يَعْنِي وَأَمرَنِي. {وَبَرًّا بِوَالِدَتي} فَلَا أَعُقُّها. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: حِينَ قَالَ: {وَبَرًّا بِوَالِدَتي} قَالَ: زَكَرِيَّا: اللهُ أَكْبَرُ، فَأَخَذَهُ، فضَمَّهُ إِلَى صَدْرِهِ، فَعَلِمُوا أَنَّه خُلِقَ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ. {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} يَعْنِي مُتَعَظِّمًا سَفَّاكًا لِلدَّمِ، {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمُ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعْثُ حَيًّا}. يَقُولُ اللهُ: {ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ} يَعْنِي يَشُكُّونَ بِقَوْلِهِ للْيَهُودَ، ثُمَّ أَمْسَكَ عِيسَى عَنِ الْكَلَامِ حَتَّى بَلَغَ مَبْلَغَ النَّاسِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ عَنْ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو نُعَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَتْ مَرْيَمُ: كُنْتُ إِذا خَلَوْتُ حَدَّثَنِي عِيسَى، وكَلَّمَني وَهُوَ فِي بَطْني، وَإِذا كُنْتُ مَعَ النَّاسِ سَبَّحَ فِي بَطْني وَكَبَّرَ وَأَنَا أَسْمَعُ.
قَوْلُهُ تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا} الفاءُ: للعَطْفِ عَلى مَحْذوفٍ، والتقديرُ: فَنَفَخَ جِبريلُ فِي جَيْبِ دِرْعِها فَحَمَلَتْهُ. و "حَمَلَتْهُ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ مُسْتَتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هيَ) يَعُودُ عَلَى مَرْيَمَ ـ عليْها السَّلامُ، والتاءُ الساكنةُ لتأنيثِ الفاعلِ، والهاءُ: ُضميرٌ متَّصلٌ بِه في محلِّ النَّصْب على المفْعوليَّةِ، وَالجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ مَعْطوفَةٌ عَلَى الجُمْلَةِ المَحْذوفةِ عَلَى كونِها مُسْتَأْنَفةً لا محلَّ لها مِنَ الإعراب.
قوْلُهُ: {فَانْتَبَذَتْ بِهِ مكانًا قصيًّا} الفاءُ: للعِطْفِ أيضًا، و "انْتَبَذَتْ" مثلُ "حَمَلَتْ" معطوفٌ عليْهِ، ولهُ مثلُ إعرابِهِ. و "بِهِ" حرفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بحالٍ مِنْ فاعِلِ "انْتَبَذَتْ" أَيْ: حالَةَ كَوْنِها مُنْتَبِذَةً بِالمَوْلودِ، فهُوَ كَقَوْلِ أَبي الطَّيِّبِ المُتَنَبِّي يَصْفُ الخَيْلَ، مِنْ قَصيدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا عَلِيَّ بْنَ مَكْرِمِ بْنِ سَيَّارٍ التَمِيمِيَّ:
فَمَرَّتْ غَيْرَ نافِرَةٍ عَلَيْهِمْ ................... تَدْوْسُ بِنَا الجَماجِمَ والتَّرِيْبا
أَيْ تَدوسُ الجَماجِمَ والتَّرِيْبا وَنَحْنَ راكبوهَا. والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرفِ الجَرِّ. و "مَكَانًا" مَنْصُوبٌ إِمَّا على أنَّهُ مَفْعُولٌ فِيهِ ظَرْفُ مَكانٍ، أَوْ مَفْعولٌ بِهِ. و "قَصِيًّا" صِفَةٌ لِـ "مَكَانًا" منصوبةٌ مثلُهُ والجُمْلَةُ الفعْليَّةُ مَعْطوفةٌ عَلَى جُمْلَةِ "حَمَلَتْ" لا مَحَلَّ لَهَا منَ الإعرابِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 22
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 14
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 30
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 46
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 62
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 78

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: