روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9 Jb12915568671



الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9 Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9   الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 28, 2019 7:38 pm

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (Cool


قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} اسْتِئْنافٌ فيهِ الإجابةُ عنْ سُؤَالٍ قَدْ يَرِدُ عَلى الأَذْهانِ هُوَ: فَمَاذَا قَالَ زكريَّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، حِينَ ناداهُ اللهُ تَعَالَى بِالذَّاتِ وَوَصَلَهُ الخِطابُ منْهُ تَعَالَى بِوِساطَةِ المَلَكِ فَقِيلَ: "قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ ..".
فقد حَكَى الطَبَرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: نَادَى جِبْريلُ زَكَرِيَّا ـ عَلَيْهِما السَّلامُ، إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ {بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى}، فَلَقِيَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ذَلِكَ الصَّوْتَ لَمْ يَكُنْ لِمَلَكٍ، وإِنَّما كانَ لِشَيْطانٍ، فَحِينَئِذٍ قَالَ زَكَرِيَّا: "أَنَّى يَكونُ لِي غُلامٌ"، لِيُثْبِتَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
إِذًا فقَدْ سَأَلَ نَبِيُّ اللهِ زَكَرِيَّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، رَبَّهُ الوَلَدَ، فَلَمَّا أُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ، تَعَجَّبَ، فَقَالَ: "أَنَّى يَكونُ لِي غُلَامٌ". وَهَذَا يَعْنِي أَنَّهُ كانَتْ بَيْنَ سُؤَالِهِ، وَبَيْنَ إِجابَةِ دُعائِهِ مُدَّةٌ طَويلَةٌ؛ أَيْ: سَأَلَ الوَلَدَ فِي شَبَابِهِ، وَرُزِقَهُ عِنْدمَا أَصْبَحَ شَيْخًا كَبِيرًا، وَلِهَذَا كانَ التَعَجُّبُ فِي قَوْلِهِ: "أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ"؟.
وَقِيلَ: أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ مِمَّنْ يَكونُ هَذَا الوَلَدُ، أَمِنِ امْرَأَتِهِ العَاقِرِ هَذِهِ، أَمْ مِنِ امْرأَةٍ أُخْرَى يَتَزَوَّجُ بِهَا. فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِنَّما كانَ سُؤالُهُ {وَلِيًّا} دُونَ تَحديدٍ ولا تَخْصِيصٍ، فَلَمَّا بُشِّرَ بِالوَلَدِ اسْتَفْهَمَ عَنِ الكَيْفِيَّةِ، وعَنِ الطَّريقَةِ، مَعَ وُجُودِ كلِّ هَذِهِ المَوَانِعِ فِيهُ وفي زَوْجِهِ.
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: إِنَّما كانَ سؤالُهُ الوَلَدَ عِنْدَمَا كانَ قادِرًا عَلى الإنْجابِ بِالزَّواجِ منْ غَيْرِ امْرَأَتِهِ العاقِرِ، وَلَمْ يُجَبْ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ طَويلَةٍ، بِحَيْثُ أَصْبَحَ في حَالٍ يَعْجَزُ الرَّجُلُ مَعَها عَنِ الإنْجابِ كما هي العادةُ، وَلِذَلِكَ فقدِ اسْتَفْهَمَ، وأَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ بِـ "الكِبَرِ". وَ "العُتُوِّ فِيهِ".
وَقالَ آخَرُونَ: بَلْ طَلَبَ الوَلَدَ فَلَمَّا بُشِّرَ بِهِ اسْتَفْهَمَ عَلى جِهَةِ السُّؤَالِ لَا عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ، عنْ كَيْفِيَّةِ الوُصُولِ إِلَى تحقُّقِ هَذهِ البُشْرَى، وكَيْفيَّةِ نَفاذِ القَدَرِ بها. لَا أَنَّهُ عِنْدَهُ شكٌّ فِي قُدْرَةِ اللهِ.
وَ "أَنَّى" اسمُ استفهامٍ يَأْتي بِمَعْنَى "كَيْفَ"؟، أَوْ بمعنى: "مِنْ أَيْنَ"؟. وَ "يَكونُ" إِمَّا أَنْ يَكونَ فَعْلًا تَامًّا، وَ "أَنَّى" واللامُ مِنْ "لِي" مُتَعَلِّقَانِ بِهَا، أَيْ كَيْفَ، أَوْ مِنْ أَيْنَ يُولَدُ لِي غُلامٌ؟. وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ اللامُ بِمَحْذوفٍ وَقَعَ حَالًا مِنْ "غُلاَمٌ"، أَيْ: أَنَّى يَحْدُثُ كائِنًا لِي غُلامٌ.
وإِمَّا أَنْ يكونَ فعْلًا ناقصًا وَاسْمُهُ ظاهِرٌ، وَخَبَرُهُ: إِمَّا "أَنَّى"، وَيَتَعَلَّقُ لامُ الجَرِّ مِنْ "لِي" بِمَحْذُوفٍ ـ كَمَا مَرَّ غيرَ مَرَّةٍ، أَوْ هوَ الخَبَرُ، وَ "أَنَّى" نَصْبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزمانيَّةِ، وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ تَعَالَى: "وَكَانَتِ امْرَأَتي عَاقِرًا" هي حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ بِتَقْديرِ "قَدْ". وَكَذَا قَوْلُهُ بعدَ ذلكَ: "وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عِتِيًّا"، فهو حَالٌ مِنْهُ مُؤَكِّدَةٌ للاسْتِبْعادِ إِثْرَ تَأْكِيدٍ، وَ "مِنْ" لِلابْتِداءِ. وَجُوِّزَ أَنْ تَكونَ للتَبْعيضِ، أَيْ بَلَغْتُ مِنْ رُتَبِ الكِبَرِ مَا يُسَمَّى عِتِيًّا، وَجَعَلَ بَعْضُهُم "مِنْ" هُنَا بَيَانِيَّةً تَجْريدِيَّةً، والجَّارَّ إِمَّا مُتَعَلِّقًا بِمَا عِنْدَهُ، أَوْ بِمَحْذُوفٍ وَقَعَ حالًا مِنْ "عِتِيًّا"، وَهوَ نَصْبٌ عَلى المَفْعُولِيَّةِ، وَأَصْلُ المَعْنَى مُتَّحِدٌ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالى مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ حِكايَةً عَنْهُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ} الآية: 40، ولَا يَضُرُّ التَفَاوُتُ في المُسْنَدِ إِلَيْهِ.
قولُهُ: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} يُخْبِرُ نَبِيُّ اللهِ زكريَّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، عَنْ علَّةٍ ثابِتَةٍ في امْرَأَتِهِ تَمْنَعُهَا مِنْ إِنْجابِ الوَلَدِ، وهِيَ كونُها عاقِرًا. أَيْ: كانَتِ امْرَأَتِي عَاقرًا لَمْ تَلِدْ في شَبَابِهَا فَكَيْفَ تُنْجِبُ وَهِيَ عَجوزٌ؟!. وَ "عاقرًا" مِنَ العَقْرَةِ، بِفَتْحِ العَيْنِ وَبِضَمِّها أَيْضًا: "العُقْمُ" وَقَدْ عُقِرَ، كَ "عُنِيَ"، عَقارَةً، وَعُقارَةً، وَعَقَرَتْ: تَعْقِرُ عَقْرًا وَعُقْرًا وَعُقارًا، فهِيَ عَاقِرٌ، ويُجمَعُ عَلى: "عُقَّرٌ"، كَ "سُكَّرٍ". ورَجُلٌ "عاقِرٌ" و "عَقيرٌ" أَيْ: لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ. وَ "العُقَرَةُ"، كَ "هُمَزَةٍ": خَرَزَةٌ تَحْمِلُها المَرْأَةُ لِئَلَّا تَلِدَ. وَ "عَقُرَ" الأَمْرُ، كَ "كَرُمَ"، عُقْرًا: لَمْ يُنْتِجْ عاقِبةً. وَالعاقِرُ مِنَ الرَّمْلِ: مَا لَا يُنْبِتُ. وَالعَقْرُ: الجَرْحُ، وأَثَرٌ كَالحَزِّ فِي قوائمِ الفَرَسِ وَالإِبِلِ. وعاقَرَهُ: فاخَرَهُ في عَقْرِ الإِبِلِ، وتَعاقَرَا: عَقَرَا إِبلَهُما لِيُرَى أيُّهُما أعْقَرُ لها. والعَقِيرَةُ: ما عُقِرَ من صَيْدٍ أو غيرِه، وصَوْتُ المُغَنِّي والباكي والقارئُ، والشريفُ يُقْتَلُ، والساقُ المَقْطوعَةُ. وكلْبٌ عَقورٌ ج: عُقْرٌ، أو العَقورُ: للحَيوانِ. والعَقْرَى: الحائضُ. وعَقَرَ النَّخْلَةَ: قَطَعَ رَأْسَها فَيَبِسَتْ، فهِيَ عَقِيرَةٌ.
قوْلُهُ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} يَقولُ نبيُّ اللهِ زَكَرِيَّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَكَذَلِكَ أَنَا فَقَدْ أَصْبَحْتُ فِي سِنٍّ مُتَقَدِّمَةٍ يَتَعذَّرُ مَعَهَا الإِنْجابُ عادَةً، فقدَ بَلَغَ غَايَةَ الْكِبَرِ فِي السِّنِّ، حَتَّى نَحِلَ عَظْمُهُ وَيَبِسَ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلْعُودِ الْيَابِسِ: عُودٌ عَاتٍ وِعَاسٍ، وَقَدْ عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا وَعِتِيًّا، وَعَسَا يَعْسُو عِسِيًّا وَعُسُوًّا، وَكُلُّ مُتَنَاهٍ إِلَى غَايَةٍ فِي كِبَرٍ أَوْ فَسَادٍ أَوْ كُفْرٍ فَهُوَ عَاتٍ وَعَاسٍ. فَـ "عِتِيًّا" مِنْ: عَتَى يَعْتُو: أَيْ يَبِسَ، وَهوَ حالَةٌ لَا سَبيلَ إِلى إِصْلاحِها ومُداواتِها، وهِيَ الحالةُ الَّتي أَشارَ إِليْها مالكُ ابْنُ دينارٍ بِقَوْلِهِ:
وَتَلُومُ عِرْسَكَ بَعْدَ ما هَرِمَتْ .................. وَمِنَ العَنَاءِ رِياضَةُ الهَرم
وَ "عِتِيًّا" هوَ المَصْدَرُ، أَيْ: عَتَا، يَعْتُو، عِتِيًّا. وَأَصْلُهُ: عَتَوُوُ، فاسْتُثْقِلَ تَوَالي واوَيْنِ وَضَمَّتَيْنِ، فَكُسِرَتِ التَّاءُ، فَقُلِبَتِ الواوُ الأُولَى ياءً؛ لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلها، وقُلِبَتِ الواوُ الثانِيَةُ يَاءً أَيْضًا؛ لاجْتِماعِ الوَاوِ وَالياءِ، وَسَبْقِ إِحْداهُمَا بِالسُّكونِ.
قوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} قَالَ: فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وَفاعِلُهُ: ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ جَوَازًا تَقْديرُهُ (هوَ) يَعودُ عَلى نَبِيِّ اللهِ "زَكَرِيَّا" ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، والجُمْلَةُ: مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. وَ "رَبِّ" مَنْصوبٌ بالنِّداءِ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ فَتْحَةٌ مُقَدَّرَةٌ عَلَى مَا قَبْلِ ياءِ المُتَكَلِّمِ المَحْذوفَةِ تَخْفيفًا لانْشِغالِ المَحَلِّ بالحَرَكَةِ المُناسِبَةِ للياءِ، وَ ياءُ المُتَكَلِّمِ المَحْذوفَةُ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضافَةِ إِلَيْهِ. و "أَنَّى" اسْمُ اسْتِفْهَامٍ تَعَجُّبِيٌّ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ بالظَرْفِيَّةِ المَكانِيَّةِ بِمَعْنَى "أَيْنَ"، أَوْ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحَالِيَّةِ بِمَعْنَى كَيْفَ مُتَعَلِّقٌ بِحَالٍ مِنْ "غُلامٌ" أَوْ مِنَ الياءِ فِي "لِي". وَ "يَكونُ" فِعْلٌ مُضارِعٌ ناقِصٌ مَرْفُوعٌ. وَ "لِي" اللامُ حَرْفُ جَرٍّ متعلِّقٌ بِخَبَرِ "يَكُونُ" المَقَدَّمِ. وَ "غُلَامٌ" اسْمُهُ مُؤَخَّرٌ. وَجُمْلَةُ "يَكُونُ" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقُولُ "قال".
قولُهُ: {وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا} الواوُ: واوُ الحَالِ، و "كانَتْ" فعلٌ ماضٍ ناقصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، والتاءُ السَّاكِنَةُ لِتَأْنِيثِ اسْمِها. و "امْرَأَتي" اسمُها مَرْفوعٌ بِها، وعلامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مُقَدَّرَةٌ على آخرِهِ منعَ منْ ظهورِها اشْتِغالُ المَحَلِّ بالحَرَكَةِ المُناسِبَةِ لليَاءِ، وهوَ مُضافٌ، وَياءُ المُتَكَلِّمِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإِضَافَةِ إِلَيْهِ. وَ "عَاقرًا" خَبَرُهُ مَرْفُوعٌ بِهِ، والجُمْلَةُ: فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الحالِ مِنَ الياءِ فِي "لِي".
قوْلُهُ: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} الواوُ: حالِيَّةٌ، و "قَدْ" حَرْفُ تَحْقيقٍ. و "بَلَغْتُ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رَفعٍ متحرِّكٌ هو تاءُ الفاعلِ، وهي ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الرفعِ بالفاعِلِيَّةِ. و "مِنَ" حرْفُ جرٍّ متعلِّقٌ بِحالٍ مِنْ "عِتِيًّا"، و "الْكِبَرِ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ. و "عِتِيًّا" مَفْعوُلٌ بِهِ لِـ "بَلَغْتُ" منصوبٌ بِهِ، وجُمْلَةُ "بَلَغْتُ" الفِعْلِيَّةُ هذِهِ: في مَحَلِّ النَّصْبِ على أَنَّها حَالٌ ثانيَةٌ مِنَ الياءِ فِي "لِي" أَوْ مِنَ ياءِ المُتكَلِّمِ فِي "امْرَأَتِي"، لأَنَّ المُضافَ كالجُزْءِ مِنَ المُضافِ إِلَيْهِ والمَرْأَةُ كَالِّلباسِ لِلرَّجُلِ.
قَرَأَ الْعَامَّةُ: {عُتِيًّا} بِضَمِّ العَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ. وقَرَأَ الأَخَوانِ (حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ) وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: "عِتِيًّا" بِكَسْرِ الْعَيْنِ اتِّبَاعًا لِلْكَسْرَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَمُجَانَسَةً لِلْيَاءِ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ: "عَتِيًّا" بِفَتْحِ العَيْنِ، وَحَكى أَبو حاتِمٍ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، قَرَأَ "عُسِيًّا" بِالسِّينِ بدلَ التاءِ، وبِضَمِّ العَيْنِ، وَحَكَاهَا أَبو عُمَرَ الدانيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما، وَحَكى الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ قالَ: مَا أَدْرِي أَكانَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقَرَأُ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ، ولا أَدْري أَكانَ يَقْرَأُ "عَتِيًّا" أَوْ "عَسِيًّا" بِالْسِّينِ.
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)
قولُهُ ـ تَعَالى شأْنُهُ: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ}أَيْ: كَذَلِكَ كِبَرُكَ، وَعُقْرُ امْرَأَتِكَ، قَدَّرَ رَبُّكَ: "هوَ عليَّ هيِّنٌ"، فَـ "قَالَ رَبُّكَ" مُرَادٌ بِهِ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ الْإِرَادَةِ الإلهِيَّةِ، أَيْ: الْقَوْلُ التَّكْوِينِيُّ. والْإِشَارَةُ بـ "كَذلِكَ" إِلَى قَوْلِ نَبِيِّ اللهِ زَكَرِيَّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، في الآيَةِ: 8، السَّابِقَةِ: {وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا}. وَالْمَقْصُودُ بـ "قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ"، إِبْطَالُ التَّعَجُّبِ الَّذِي تَقَدَّمَ في الآيةِ: 8، السَّابِقَةِ. فَالضَّمِيرُ فِي "قالَ" عَائِدٌ إِلَى الرَّبِّ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالى. و "هيِّنٌ" أَيْ: سَهْلٌ حُصُولُهُ.
قولُهُ: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى عبدَهَ ونَبِيَّهُ زَكَرِيَّا بِأَنَّهُ لم يكنْ شيئًا مَذَكورًا، فخلَقَهُ وصوَّرهُ، لِيقولَ لَهُ: إِنَّ إِيجَادَ الْغُلَامِ لَكَ هَيِّنٌ عَلَيَّ، كَخَلْقِكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودًا، فهذِهِ كَتِلْكَ، وإِنِ اخْتَلَفَ الحالُ عَمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتِي فِي الخَلْقِ، فَأَنَا الذي أَخْلُقُ الأَسَبابَ والمُسَبَّباتِ. وَمَعْنَى نَفْيِ كَوْنِهِ شَيْئًا، أَيْ: شَيْئًا يُعْتَدُّ بِهِ ومثلُهُ كَقَولِ أبي الطيِّبِ المُتَنَبِّي يَصِفُ جَبانًا:
وَضَاقَتِ الْأَرْضُ حَتَّى كَانَ هَارِبُهُمْ ........ إِذَا رَأَى غَيْرَ شَيْءٍ ظَنَّهُ رَجُل
وقالوا: عَجِبْتُ مِنْ لَا شَيْءٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكونَ قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ المَعْدومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
قولُهُ تَعَالى: {قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ} قَالَ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مُسْتتِرٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعُودُ عَلى اللهِ تَعَالى، أَوْ عَلى جِبْرِيلَ ـ عليْهِ السلامُ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "كَذَلِكَ" الكافُ حَرْفُ جَرٍّ للتَّشْبيهِ، مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذوفٍ والتَقْديرُ، الأَمْرُ كائنٌ كَذَلِك، وعليْهِ يَكونُ الوَقْفُ عَلَى: "كذلك" ثُمَّ يُبْتَدَأُ بِجُمْلةٍ أُخْرَى. ويَجوزُ أَنْ تكونَ في مَحلِّ النَّصبِ، والتَقْديرُ: أَفْعَلُ مِثْلَ مَا طَلَبْتَ، وَهوَ كِنَايَةٌ عَنْ مَطْلوبِهِ، فَناصِبُهُ مُقدَّرٌ، وَظاهرُهُ أَنَّه مَفْعُولٌ بِهِ، أَوْ هوَ نَصْبٌ بـ "قال" وَ "ذَلِكَ" اسْمُ إِشارَةٍ إِلى مُبْهَمٍ يُفَسِّرُهُ قولُهُ بعدَ ذلكَ: "هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ"، وَنَحْوُهُ قولُهُ تعالى مِنْ سورةِ الحِجْرِ: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ} الآيةَ: 66. وَ "ذا" اسْمُ إِشارةٍ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ، في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ، واللامُ للبُعدِ والكافُ للخِطابِ. وَقَرَأَ الحَسَنُ: "وَهُوَ عَلَيِّ هَيِّنٌ" بكَسْرِ ياءِ المتكلِّمِ، وَلَا تُخَرَّجُ هَذِهِ القراءةُ إِلَّا عَلَى الوَجْهِ الأَوَّلِ، أَيْ: الأَمْرُ كَمَا قُلْتُ، وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يَهُونُ عَلَيَّ. ويَجوزُ أَنْ يُشَارَ بـ "ذَلِكَ" إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَعْدِ اللهِ، لَا إِلَى قَوْلِ زَكَرِيَّا. وَ "قالَ" مَحْذوفٌ فِي كِلْتا القِرَاءَتَيْنِ، يَعْنِي قِراءَةَ العامَّةِ وَقِرَاءَةَ الحَسَنِ أَيْ قالَ: هوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ. وَهَذَا الوَجْهُ قَلِقٌ؛ وَحاصِلُهُ يَرْجع إِلَى أَنَّ "قَالَ" الثانيةَ هِيَ النَّاصِبَةُ للكافِ. وَقَوْلُهُ: "وقال" مَحْذوفٌ يَعْني تَفْريغًا عَلى أَنَّ الكلامَ قَدْ تَمَّ عِنْدَ "قالَ رَبُّكَ" وَيُبْتَدَأُ بِقَوْلِهِ: "هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ". وَظَاهِرُ كَلامِ بَعْضِهِمْ: أَنَّ "قَالَ" الأُولَى مُسْنَدَةٌ إِلَى ضَمِيرِ المَلَكِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ جَريرٍ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ. قَالَ ابْنُ جريرٍ الطَبَرِيُّ: ومَعْنَى قَوْلِهِ: "قال كذلك"، أَيْ: الأَمْرَانِ اللَّذانِ ذَكَرْتَ مِنَ المَرْأَةِ العاقِرِ وَالْكِبَرِ هوَ كَذَلِكَ، وَلَكم قالَ رَبُّكِ، والمَعْنَى: قَالَ المَلَكُ ـ وهوَ جبريلُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: "كَذَلِكَ"، أَيْ: عَلى هَذِهِ الحالِ، "قالَ رَبُّكَ: هوَ عَليَّ هَيِّنٌ".
قوْلُهُ: {هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} هُوَ: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنيٌّ عَلى الفتْحِ في مَحَلِّ الرَّفعِ بالابْتِداءِ. و "عَلَيَّ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "هَيِّنٌ"، وياءُ المتكلِّمِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. و "هَيِّنٌ" خَبَرُ المُبْتَدَأِ مرفوعٌ، والجُمْلَةُ: فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَقولُ "قَالَ".
قوْلُهُ: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ} الواوُ: حَالِيَّةٌ، و "قَدْ" للتَحْقيقِ. و "خَلَقْتُكَ" فِعْلٌ ماضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٌ هو تاءُ الفاعِلِ، وهي ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الرَّفعِ بالفاعِلِيَّةِ، وكافُ الخِطابِ ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مفعولٌ بِهِ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "خَلَقْتُ"، و "قَبْلُ" مبنيٌّ على الضَمِّ في مَحلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ لكونِهِ مقطوعٌ عَنِ الإضافةِ. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ هذِهِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنَ الياءِ فِي قولِهِ: "عَلَيَّ". وَقَيلَ: هيَ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} الواوُ: حَالِيَّةٌ، و "لَمْ" حَرْفٌ للنَفْيِ والجَزْمِ والقلبِ. و "تَكُ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ نَاقِصٌ مَجْزُومٌ بـ "لَمْ"، وَعَلامَةُ جَزْمِهِ سُكونٌ ظاهِرٌ عَلى النُّونِ المَحْذوفَةِ للتَّخْفِيفِ، وقدْ حُسِمَتِ الواوُ قبلَها لالتقاءِ الساكنينِ. وَاسْمُهَا ضَمِيرٌ مُستترٌ فيها وُجوبًا تَقْديرُهُ (أَنْتَ) يَعُودُ عَلَى نبيِّ اللهِ زَكَرِيّا ـ عَلَيْهِ السَّلامُ. و "شَيْئًا" خَبَرُ "كانَ" منصوبٌ بها. وَالجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ الكافِ في "خَلَقْتُكَ".
قَرَأَ الجُمْهُورُ: {هوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ} بفتحِ ياءِ المُتَكَلِّمِ، وَقَرَأَ الحَسَنُ البَصْريُّ: "هوَ عَلَيِّ هَيَّنٌ" بِكَسرِها. وَأَنْشَدُوا عَلَيْهِ قَوْلَ النَّابِغَةِ:
عليِّ لِعَمْرٍو نِعْمَةٌ بَعْدَ نِعْمَةٍ ............... لِوَالِدِهِ لَيْسَتْ بِذَاتِ عَقَارِبِ
قَرَأَ الجُمْهُورُ: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ} بِتَاءِ المُتَكَلِّمِ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ، وَطَلْحَةُ، وَيحيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةُ، والكِسَائِيُّ "خَلَقْنَاكَ بِنُونِ العَظَمَةِ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 9
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 2
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 19
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 35
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 51
» الموسوعةُ القرآنيةُ (فيضُ العليم مِن معاني الذكْر الحكيم) سورةُ مريم الآية: 67

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: