وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا (45)
قولُهُ ـ تَعَالَى شأْنُهُ: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ} أَيْ: "وَاضْرِبْ لَهُمْ" يا رَسُولَ اللهِ، لِهَؤُلاءِ المُتَكَبِّرِينَ المُتْرَفِينَ الذينَ سَأَلُوا طَرْدَ الفُقَرَاءِ المُؤْمِنِينَ، اِضْرِبْ لَهُمْ "مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" فِي سُرْعَةِ ذَهَابِهَا، وانْقِضاءِ آجالِهَا، ونَفَادِ خَيْرَاتِهَا، وتَصَرُّفِ أَحْوَالِهَا، إِذْ مَعَ كُلِّ فَرْحَةٍ تَرْحَةٌ، ومَعَ كُلِّ مُتْعَةٍ غُصَّةٌ، وكُلُّ لَذَّةٍ فيها يَعْقُبُها أَلَمٌ، أَيْ وَاذْكُرْ لَهُمْ مَا يُشْبِهُهُا فِي زَهْرتها ونَضَارَتِهَا وَسُرْعَةِ زَوَالِهَا لِئَلَّا يَطْمَئِنُّوا بِهَا ولِيَعْكُفُوا عَلَيْهَا وَلَا يَضْرِبُوا صَفْحًا عَنِ الآخِرَةِ. أَوْ بَيِّنْ لَهُمْ صِفَتَهَا العَجِيبَةَ الَّتي هِيَ فِي غَرَابَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ "كَمَاءٍ" يَعْنِي: ماءَ المَطَر، فَقَدْ شَبَّهَ اللهُ تَعَالَى الدُّنْيا بالمَاءِ النازِلِ مِنَ السماءِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ فِي مَوْضِعٍ، ولا يَبْقَى على حَالٍ، وكَذَلِكَ الدُّنْيَا لا تَبْقَى لِأَحَدٍ، والمَاءُ يَفْنَى، وَكَذَلِكَ الدُنْيا، ولأَنَّ أَحدًا لا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ فيهِ وَلَا يَبْتَلَّ، فَكَذِلِكَ الدُنْيَا لا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْ آفاتِهَا وَفِتْنَتِهَا، وأَيْضًا فإنَّ الماءَ إِذَا كَانَ بِقَدَرٍ متحكَّمٍ فيهِ مُسَيْطَرٍ عَلَيْهِ، كَانَ نافِعًا، وإَذَا جَاوَزَ الحَدَّ المُقَدَّرَ كَانَ ضَارًّا مُهْلِكًا، فَكَذَلِكَ الدُنْيَا، فَالكَفَافُ مِنْها نافِعٌ، والكثيرُ الزائدُ عَنِ الحاجَةِ ضَارٌّ. وَفِي حَدِيثِ النَّبِيَّ ـ عَلَيْهِ صَلاةُ اللهُ وَسَلامُهُ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْفَائِزِينَ، قَالَ: ((ذَرِ الدُّنْيَا وَخُذْ مِنْهَا كَالْمَاءِ الرَّاكِدِ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهَا يَكْفِي وَالْكَثِيرَ مِنْهَا يُطْغِي)). وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ برقم (1054)، عَنهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ حديثِ عبدِ اللهِ بْنِ عَمرِو بْنِ العاصِ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما: ((قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا أَتَاهُ)). وَأَخْرَجَهُ الأئمةُ: أَحمَدُ في مُسْنَدِهِ: (2/168، 6572)، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ برقم: (34)، وَابْنُ مَاجَةَ برقم: (4138)، وَالتِّرمِذي برقم: (2348).
وَتُطْلَقُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا عَلَى مُدَّةِ بَقَاءِ الْأَنْوَاعِ الْحَيَّةِ عَلَى الْأَرْضِ، وَبَقَاءِ الْأَرْضِ عَلَى حَالَتِهَا. فَإِطْلَاقُ اسْمِ الْحَياةِ الدُّنْيا عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَيَاةِ النَّاقِصَةِ غَيْرِ الْأَبَدِيَّةِ لِأَنَّهَا مُقَدَّرٌ زَوَالُهَا، فَهِيَ دُنْيَا. وَتُطْلَقُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا أَيْضًا عَلَى مُدَّةِ حَيَاةِ الْأَفْرَادِ فيها، أَيْ حَيَاةِ كُلِّ أَحَدٍ. وَوَصْفُهَا بِـ "الدُّنْيَا" أَيْ الْقَرِيبَةِ، الْحَاضِرَةِ، كَنَّى عَنِ الْحُضُورِ بِالْقُرْبِ، وَالْوَصْفُ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْحَيَاةِ الْآخِرَةِ وَهِيَ الْحَيَاةُ بَعْدَ الْمَوْتِ. وكَانَ أَعْظَمَ حَائِلٍ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ النَّظَرِ فِي أَدِلَّةِ الْإِسْلَامِ انْهِمَاكُهُمْ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى الْحَيَاةِ الزَّائِلَةِ وَنَعِيمِهَا، وَالْغُرُورُ الَّذِي غَرَّ طُغَاةَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِعْمَالِ عُقُولِهِمْ فِي فَهْمِ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ وَالْبَعْثِ كَمَا قَالَ تَعَالَى في الآية: 11، مِنْ سورةِ المُزَّمِّلِ: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا}، وَقَالَ مِنْ سُورةِ القَلَمِ: {أَنْ كانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} الْآيتانِ: (14 و 15). وَكَانُوا يَحْسَبُونَ هَذَا الْعَالَمَ غَيْرَ آيِلٍ إِلَى الْفَنَاءِ، وَقالُوا: {مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ} الآيةَ: 24، مِنْ سورةِ الجاثية. وَمَا كَانَ أَحَد الرجلَيْن اللَّذين تَقَدَّمَتْ قِصَّتُهُمَا إِلَّا وَاحِدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ قَالَ: {وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً} الْآيَةَ: 36، مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ المُباركةِ. فَأَمَرَ اللهُ ـ تَعَالى رَسُولَهُ ـ صلَّى اللهُ عَليْهِ وسلَّمَ، بِأَنْ يَضْرِبَ لَهُمْ هَذَا المَثَلَ.
وَهَذَا اسْتِئْنافٌ لِبَيَانِ المَثَلِ أَيْ هِيَ "كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ" وَيَجوزُ أَنْ يَكونَ مَفْعولًا ثَانيًا لـ "اضْرِبْ" عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى صَيَّرَ، وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ: "كَمَاءٍ" فِي مَحَلِّ الْحَالِ مِنَ "الْحَيَاةِ" الْمُضَافِ إِلَيْهِ "مَثَلَ"، أَيِ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا لَهَا حَالَ أَنَّهَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ. وَهَذَا الْمَثَلُ مُنْطَبِقٌ عَلَى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِإِطْلَاقَيْهَا، فَهُمَا مَرَادَانِ مِنْهُ، وَضَمِيرُ "لَهُمْ" عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ تَنَاسُقُ ضَمَائِرِ الْجُمَعِ فِي الآيةِ: 47، الْآتِيَةِ بعدَ ذلكَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ المُبارَكَةِ بقَوْلِهِ: {وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا} ثُمَّ قولِهِ في الآيةِ: 48: و {عُرِضُوا}.
قَوْلُهُ: {أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} فَاخْتَلَطَ بِهِ: أَيْ بِالْمَاءِ. أَيْ: "فاخْتَلَطَ نَباتُ الْأَرْضِ" بماءِ المَطَرِ النازِلِ مِنَ السَّماءِ حَتَّى اسْتَوَى. وَقِيلَ المَعْنَى: إِنَّ النَّبَاتَ اخْتَلَطَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حِينَ نَزَلَ عَلَيْهِ مَاءُ المَطَرِ، لِأَنَّ النَّبَاتَ إِنَّمَا يَخْتَلِطُ وَيَكْثُرُ بِالْمَطَرِ، لأَنَّ مَعْنَى "فَاخْتَلَطَ بِهِ" فَاشْتَبَكَ بِسَبَبِهِ، وَاخْتِلَاطُ النَّبَاتِ: وَفْرَتُهُ وَالْتِفَافُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مِنْ الِازْدِهَارِ وقُوَّةِ الْخِصْبِ. يُخْبِرُ اللهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، أَنَّهُ يُنْزِلُ مَاءً مِنَ السَّمَاءِ، فَيَخْتَلِطُ بِنَبَاتِ الأَرْضِ فيُخْصِبُهُ، وَمِنْ طَبْعِ المَاءِ أَنّهُ يُفْسِدُ النَّبَاتَ إِذَا اخْتَلَطَ بِهِ. وَفِيهِ دَليلٌ عَلى وَاسِعِ عِلْمِهِ تَعَالَى، وَعَظيمِ قُدْرَتِهِ، وَحَكِيمِ تَدْبِيرِهِ.
قولُهُ: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} يَجوزُ في "أَصْبَحَ" أَنْ تَكونَ عَلَى بَابِها؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يَطْرُقُ مِنَ الآفاتِ إِنَّما يَطْرُقُ صَبَاحًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى في الآيةِ: 42، السابقة: {فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ}. وَيَجُوزُ أَنْ تَكونَ بِمَعْنَى "صارَ" مِنْ غيْرِ تَقَيُّدٍ بِصَباحٍ، كَقَوْلِ الرَّبِيعِ بْنِ مَنيعٍ الفِزَارِيِّ ـ وكانَ مِنَ المُعَمَّرينَ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ إِذْ كَبِرَ:
أَصْبَحْتُ لا أَحْمِلُ السِّلاحَ ولا .............. أَمْلِكُ رَأسَ البَعيرِ إنْ نَفَرَا
والذِّئْبَ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ ............ وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ والمَطَرَا
والمَعْنَى: "فَأَصْبَحَ" النَّبَاتُ "هَشِيمًا"، أَيْ مُتَكَسِّرًا مِنَ الْيُبْسِ مُتَفَتِّتًا. و "الهَشِيمُ": واحدُهُ "هَشِيْمَةٌ" وَهُوَ اليابِسُ. وَمِنْهُ قولُهُ تعالى مِنْ سُورَةِ القَمَرِ {كَهَشِيمِ المُحْتَظِرْ} الآية: 31. وَمِنْهُ قولُهُمْ: هَشَمْتُ الفَتَّ. وَيُقال: هَشَمَ الثَّريدَ: إِذَا فَتَّهُ. وَرُوِيَ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُما، أَنَّهُ قالَ: المَعْنَى: فَأَصْبحَ يابِسًا. وَرُوِيَ عَنِ الضَّحّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قولُهُ: المَعْنَى: فَأَصْبَحَ كَسِيرًا. وَقَالَ الأَخْفَشُ: فأَصْبحَ مُتَفَتِّتًا، وَقالَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ قُتَيْبَةُ: كُلُّ مَا كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ. وأَصْلُهُ الكَسْرُ، وَذَلِكَ بِانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْهُ، فَحُذِفَ ذَلِكَ إِيجَازًا لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَالْهَشْمُ: كَسْرُ الشَّيْءِ الْيَابِسِ. وَالْهَشِيمُ مِنَ النَّبَاتِ الْيَابِسُ الْمُتَكَسِّرُ، وَالشَّجَرَةُ الْبَالِيَةُ يَأْخُذُهَا الْحَاطِبُ كَيْفَ يَشَاءُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا فُلَانٌ إِلَّا هَشِيمَةُ كَرْمٍ، إِذَا كَانَ سَمْحًا. وَرَجُلٌ هَشِيمٌ: ضَعِيفُ الْبَدَنِ. وَتَهَشَّمَ عَلَيْهِ فُلانٌ: إِذا تَعَطَّفَ عَلَيْهِ. واهْتَشَمَ مَا فِي ضَرْعِ النَّاقَةِ: إِذَا احْتَلَبَهُ. وَيُقَالُ: هَشَمَ الثَّرِيدَ، وَمِنْهُ سُمِّيَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ هاشِمًا، وَاسْمُهُ عَمْرٌو، وَفِيهِ يَقُولُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزِّبَعْرَى:
عَمْرُو الْعُلَا هَشَمَ الثَّرِيدَ لِقَوْمِهِ ............ وَرِجَالُ مَكَّةَ مُسْنِتُونَ عِجَافُ
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا أَصَابَتْهُمْ سُنُونٌ ذَهَبْنَ بِالْأَمْوَالِ فَخَرَجَ هَاشِمٌ إِلَى الشَّامِ فَأَمَرَ بِخُبْزٍ كَثِيرٍ فَخُبِزَ، فَحَمَلَهُ فِي الْغَرَائِرِ عَلَى الْإِبِلِ حَتَّى وَافَى مَكَّةَ، وَهَشَمَ ذَلِكَ الْخُبْزَ، يَعْنِي كَسَّرَهُ وَثَرَدَهُ، وَنَحَرَ تِلْكَ الْإِبِلَ، ثُمَّ أَمَرَ الطُّهَاةَ فَطَبَخُوا، ثُمَّ كَفَأَ الْقُدُورَ عَلَى الْجِفَانِ فَأَشْبَعَ أَهْلَ مَكَّةَ، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ الْحِبَاءِ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُمْ، فَسُمِّيَ بِذَلِكَ هَاشِمًا. وقدْ قُلْتُ فِي مَدَحِ بَنِي هَاشِمٍ قومِ النبيِّ إِكرامًا لهُ ـ صلاةُ ربيِّ عَليْهِ وسلامُهُ:
أَبْنَاءَ هاشِمَ إنَّ اللهَ شَرَّفَكمْ .............. هلْ بعدَ ذَلِكَ تَشْريفٌ لقدْرِكُمُ
هشْمُ الرُّؤوسِ كَمَا هَشْمُ الثَّريدِ لَكُمْ ... إِنَّ غَرَّهَا الكِبْرُ أَوْ رامَتْ نَوَالَكُمُ
وَ "تَذْرُوهُ الرِّياحُ" الذَّرْوُ: التَفْريقُ، وَقِيلَ: الرَّفْعُ. و "تذْروهُ" تُفَرِّقُهُ، وَتُبَعْثِرُهُ فَيَتَطَايَرُ. يُقَالُ: ذَرَتْهُ الرِّيحُ، تَذْرُوهُ ذَرْوًا، وتَذْريِهِ ذَرْيًا. وقدْ قُرِئ بِهِمَا. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُما: تُدِيرُهُ، وقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ تُفَرِّقُهُ، وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: تَنْسِفُهُ. وَقالَ ابْنُ كَيْسَانَ: تَذْهَبُ بِهِ وَتَجِيءُ، وَقالَ الأَخْفَشُ: تَرْفَعُهُ، وَهِيَ مَعانٍ مُتَقَارِبَةٌ. وَأَذْرَتْهُ تُذْرِيهِ إِذْرَاءً إِذَا طَارَتْ بِهِ، وتَذْرُوهُ الرِّياحُ تَنْسِفُهُ. وَحَكَى الْفَرَّاءُ: أَذْرَيْتُ الرَّجُلَ عَنْ فَرَسِهِ: إِذا قَلَبْتُهُ عَنْهَا. وَأَنْشَدَ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَالْفَرَّاءُ بَيْتَ امْرِئِ القيسِ:
فَقُلْتُ لَهُ صَوِّبْ وَلَا تَجْهِدَنَّهُ .......... فَيُذْرِكَ مِنْ أُخْرَى الْقَطَاةُ فَتَزْلَقِ
قولُهُ: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} ذَلِكَ لِأَنَّهُ ـ سُبْحَانَهُ، هو القادِرُ دائمًا عَلَى إِخْرَاجِ الشَّيْءِ إِلَى ضِدِّهِ، كَمَا قَالَ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالى مِنْ سُورةِ (المُؤْمِنُونَ): {وَإِنَّا على ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} الآيةَ: 18. فَقَدِ اقْتَدَرَ ـ سُبْحَانَهُ، عَلَى الإيجادِ، وَالإِعْدَامِ، فَلَا تَنْفَكُّ صِفَةُ القُدْرَةِ عَنْهُ أَبَدًا، فقد أَحْيَا وَأَماتَ، وَأَعَزَّ وأَذَلَّ، وَقَبَضَ وَبَسَطَ، وَنَفَعَ وضَرَّ. وَالمُقْتَدِرُ: بوزْنِ "مُفْتَعِل"، مِنْ قَدَرْتُ. قَالَ المُفَسِّرونَ: أَيْ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْشاءِ والإِفْناءِ مُقْتَدِرًا.
وَبَعْدُ، فَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ تَعَالَى لِمُشْرِكِي العَرَبِ؛ لأَنَّهُمْ أَنْكَروا زَوَالَ الدُّنْيَا وفَنَاءَها وهَلاكَهَا؛ وقالُوا إِنَّهَا لَا تَبيدُ أَبدًا، فَقَالَ تَعَالى: إِنَّ الذي يُعَايِنُونَهُ كلَّ يومٍ مِنْ فَنَاءِ مَا ذُكِرَ مِنَ النَّبَاتِ وَغَيْرِهِ وَهَلاكِهِ ـ هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا فإِذَا احْتَمَلَ جُزْءٌ مِنْهَا الهَلاكَ والفَنَاءَ؛ فإِنَّ ذَلِكَ منسَحِبٌ على الكُلِّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَجْهُ ضَرْبِ هَذَا المَثَلِ، هُوَ أَنَّ أَهْلَ الدُّنْيا، وَطُلابَهَا إِذَا ظَفِرُوا بالدُّنْيا، وَطمِعُوا بِالانْتَفَاعِ بِها، والاسْتِمْتَاعِ بِخَيْرَاتِها، كَمَا طَمِعَ الزُّرَّاعُ الظَّفَرَ بِذَلِكَ الزَّرْعِ، وَتَحْصيلَ الانْتِفَاعِ بِهِ، ثُمَّ حِيلَ بَيْنَهم وَبَيْنَ الانْتِفَاعِ بِالزَّرْعِ وحُصُولِ مُرادِهِمْ، وكذَلِكَ يُحَالُ بَيْنَ الدنيا وطالِبِيهَا. وقَالَ آخَرُونَ: وَجْهُ ضَرْبِ مَثَلِ الدُّنْيا بِمَا ذُكِرَ مِنَ النَّبَاتِ ـ للتَزْيِينِ والتَّحْسينِ والتَّعْجيبِ لِأَهْلِها؛ لِأَنَّهَا تَتَزَيَّنُ لِأَهْلِهَا وَتَتَحَسَّنُ كَالنَّبَاتِ الذي ذُكِرَ أَنَّهُ يُعْجِبُ أَهْلَهَا، ويُزَيَّنُ لَهُمْ، ثُمَّ ما يَلْبَثُ أَنْ يَفْسُدَ وَيَصِيرَ مَوَاتًا؛ وكَذَلِكَ الدُّنْيَا، وهو كَمَا قالَ في الآيَةِ: 20، مِنْ سُورَةِ الحَديدِ: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}، فإنَّ ما فِيها كُلَّهُ مَشُوبٌ بِالآفاتِ واَلفَسَادِ. وَفي هَذَا المَثَلِ وُجوهٌ مِنَ الحِكْمَةِ والدَّلالَةِ والعِظَةِ والاعْتِبارِ للمُتَفَكِّرينَ والمُعْتَبِرينَ، والحُجَّةِ عَلى المُعانِدينَ والمُكابِرينَ، بِإِنْكارِهِمْ حُدُوثَ العَالَمِ وَمُحْدِثَهُ، وإِنْكارِهمْ فَنَاءَهُ وَالبَعْثَ مِنْ جديدٍ. أَمَا وقدْ عايَنُوا حُدوثَ أَشْيَاءَ مِنْهُ واحَدًا بَعْدَ وَاحِدٍ؛ فإنَّ الكُلَّ على مِثْلِ ذَلِكَ، وَأَراهُمْ أَيْضًا فَنَاءَ أَشْيَاءَ مِنْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ، ثُمَّ حَدَثَ مِثْلُها، فإِذَا ظَهَرَ لهم هَذَا فِي بَعْضٍ مِنْهَا؛ فَكَذَلِكَ الكُلُّ وَلَابُدَّ حينئذٍ مِنْ قَاصِدٍ يُحْدِثُ ذلكَ كُلَّهُ.
وفِيهِ دَلالَةٌ على البَعْثِ، وذلكَ بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُجَدِّدُ، وَيُحْدِثُ إِنْزَالَ الماءِ هَذَا، ويُحْدِثُ الأَشْجَارَ والنَّبَاتاتِ وَغَيْرَها، والعَوْدَ إِلى مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يَفْنَى؛ فَعَلَى ذَلِكَ إِعَادَةُ العالَمِ الذَي هُوَ المَقْصُودُ مِنْ إِنْشاءِ تِلْكَ الأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ أَوْلى بِالإعادَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الأَشْياءِ؛ إِذْ هُمُ المَقْصُودونَ فِي خَلْقِ غَيْرِهم مِنَ الأَشْياءِ. وَهَكَذَا الدُّنْيا تَبْدُو لنا جَميلةً مُزْهِرَةً مُثْمِرَةً حُلْوةً نَضِرةً، وَفَجْأَةً لَا تَجَدُ شَيْئًا مِنْها فِي يَديكَ؛ لِذَلِكَ سَمَّاهَا اللهُ تعالى في القُرْآنِ الكريمِ دُنْيَا وَهُوَ اسْمٌ يُوحي بِالتفاهةِ والحَقَارَةِ، وَإِلَّا فَأَيُّ وَصْفٍ أَقَلّ مِنْ هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَصِفَهَا اللهُ تَعَالى بِهِ، لِنَعْرِفَ أَنَّ مَا يُقَابِلُهَا حَيَاةٌ عُلْيا؟. وَكَأَنَّ الحَقَّ ـ سُبْحانَهُ، يَقُولُ لِرَسُولِهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَمَا ضَرَبْتَ لَهُمْ مَثَلَ الرَّجُلَيْنِ، وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُمَا، فَاضْرِبْ لهم كَذلكَ مَثَلَ الحياةِ الدُنْيا، وَأَنَّهَا تَتَقَلَّبُ بِأَهْلِهَا، وَتَتَبَدَّلُ ولا تستَقِرُّ بِهِم، وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا للدُنْيا مِنْ وَاقِعِ الدُنْيَا نَفْسِهَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الواوُ: اسْتِئْنافِيَّةٌ، وَ "اضْرِبْ" فِعْلُ أَمْرٍ بِمَعْنَى اذْكُرْ، مَبْنِيٌّ عَلى السُّكونِ، وفاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ فيهِ وُجُوبًا تَقْديرُهُ (أنتَ) يَعُودُ عَلَى سيِّدِنا مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ. و "لَهُمْ" اللامُ: حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "اضْرِبْ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بحرْفِ الجَرِّ، والميمُ للجمعِ المُذَكَّرِ. و "مَثَلَ" مفعولٌ بِهِ مَنْصوبٌ، وهو مُضافٌ. وَ "الْحَياةِ" مَجْرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ. وَ "الدُّنْيا" صِفَةٌ لِـ "الْحَياةِ" مَجْرُورةٌ مِثْلُها، وعلامةُ جَرِّها كَسْرةٌ مقدَّرةٌ عَلَى آخِرِهِ لِتَعَذُّرِ ظهورِها عَلَى الأَلِفِ. أَيْ: وَاذْكُرْ لَهُمْ صِفَةَ الحَيَاةِ الدُنْيَا. وَالجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعرابِ.
قولُهُ: {كَمَاءٍ} الكَافُ: حَرْفُ جَرٍّ للتَشْبيهِ مُتَعَلِّقٌ بِخَبَرٍ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذوفٌ، وَالتَقْديرُ: هِيَ كَمَاءٍ، أَيْ: الحياةُ الدُّنْيَا، قالَهُ ابْنُ عَطِيَةِ. وَقالَ الحوفيُّ يَجُوزُ أَنْهُ مُتَعَلقٌ بِمَعْنَى المَصْدَرِ، أَيْ: ضَرْبًا كَمَاءٍ. وَهَذَا بِنَاءً مَنْهُما عَلَى أَنَّ "ضَرَبَ" هَذِهِ مُتَعَدِّيَةٌ لِوَاحِدٍ فَقَطْ. وقِيلَ: إِنَّهُ فِي مَوْضِعِ المَفْعُولِ الثاني لـ "اضْرِبْ" لِأَنَّهُ بِمَعْنَى "صَيَّرَ". قالَ الشَّيْخُ أَبو حيَّان الأَنْدَلُسِيُّ ـ بَعْدَمَا نَقَلَ قَوْلَيْ ابْنِ عَطِيَّةَ وَالحُوفِيِّ: وَأَقُولُ: إنَّ "كَمَاءٍ" فِي مَوْضِعِ المَفْعَولِ الثاني لِقَولِهِ: "وَاضْرِبْ"، أَيْ: وَصَيِّرْ لَهُمْ مَثَلَ الحَيَاةِ، أَيْ: صِفَتَهَا شِبْهَ مَاءٍ. وقدْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ أَبُو البَقَاءِ العُكْبُرِيُّ. وَ "ماءٍ" مَجْرُورٌ بحرفِ الجرِّ، وَالجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيَانِيًّا لا محلَّ لها مِنَ الإِعْرابِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكَونَ "مَثَلَ" مَفْعُولًا أَوَّلَ، و "كَماءٍ" مَفْعولًا ثانِيًا؛ أَيْ: وَاجْعَلْ لَّهُمْ مَثَلَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا مِثْلَ مَاءٍ.
قَوْلُهُ: {أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} أَنْزَلْناهُ: فِعْلٌ مَاضٍ مبنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٍ هوَ "نَا" المُعَظِّمِ نَفْسَهُ ـ سُبْحانَهُ وتَعَالَى، وَ "نَا" التَّعْظيمِ هَذِهِ ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَّفعِ بالفَاعِليَّةِ. وَالهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ مَفْعُولٌ بِهِ. و "مِنَ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "أَنْزَلَ"، و "السَّماءِ" مجرورٌ بحرْفِ الجرِّ، والجُمْلَةُ فِي مَحَلِّ الجَرِّ صِفَةً لِـ "ماء".
قوْلُهُ: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} الفاءُ: عَاطِفَةٌ، و "اخْتَلَطَ" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ الفتْحِ. و "بِهِ" الباءُ: حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بـ "اخْتَلَطَ". وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الباءِ أَنْ تَكونَ سَبَبِيَّةً. وأَنْ تَكونَ للتَعْدِيَةِ، فقد الْتَفَّ نَبَاتُ الأرضِ بِسَبِبِ ماءِ السماءِ وَتَكاثَفَ حَتَّى خَالَطَ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَقِيلَ: نَجَعَ الماءُ في النَّبَاتِ حَتَّى رَوِيَ وَرَفَّ رَفِيْفًا. وَكانَ حَقُّ اللَّفْظِ عَلَى هَذَا: فَاخْتَلَطَ بَنَبَاتِ الأَرْضِ. وَوَجْهُ صِحَّتِهِ: أَنَّ كُلَّ مُخْتَلِطَيْنِ مَوْصُوفٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصِفَةِ الآخَرَ. والهَاءُ: ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. وَ "نَباتُ" فَاعِلُهُ مَرْفُوعٌ بِهِ، وهوَ مُضافٌ، وَ "الْأَرْضِ" مَجْرورٌ بالإضافَةِ إِلَيْهِ، وَهذهِ الجُمْلَةُ الفعليَّةُ مَعْطَوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "أَنْزَلْناهُ" عَلَى كَوْنِها فِي مَحَلِّ الجَرِّ صِفَةً لِـ "مَاء".
قوْلُهُ: {فَأَصْبَحَ هَشِيمًا} الفاءُ: عَاطِفَةٌ، و "أَصْبَحَ" فِعْلٌ ماضٍ نَاقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ، وَاسْمُهُ ضَميرٌ مُسْتَتِرٌ فِيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعودُ عَلَى نَبَاتِ الأَرْضِ. و "هَشِيمًا" خَبَرُ "أَصْبَحَ" مَنْصوبٌ بِهَا، والجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ "اخْتَلَطَ" على كونِها في محلِّ الجَرِّ.
قولُهُ: {تَذْرُوهُ الرِّياحُ} تَذْرُوهُ: فِعْلٌ مُضارعٌ مرفوعٌ لتجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وعلامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مُقدَّرةٌ عَلى آخِرِهِ لثِقَلِها على الواوِ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصِلٌ بهِ في محلِّ النَّصْبِ بالمَفْعُولِيَّةِ. و "الرياحُ" فَاعِلُهُ مرفوعٌ بِهِ، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ صِفَةً لِـ "هَشِيمًا".
قوْلُهُ: {وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} الوَاوُ: اسْتِئْنافيَّةٌ، وَ "كانَ" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ. وَلفظُ الجَلالةِ "اللهُ" اسْمُ "كانَ" مرفوعٌ بِهَا. وَ "عَلى" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "مُقْتَدِرًا"، وَ "كُلِّ" مجرورٌ بحرفِ الجَرِّ، وهُوَ مُضَافٌ. وَ "شَيْءٍ" مَجْرورٌ بالإضافةِ إلَيْهِ. وَ "مُقْتَدِرًا" خَبَرُ "كَانَ" مَنْصُوبٌ بِها، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإِعْرَابِ.
قرأَ الجمهورُ: {تَذْرُوهُ}، وَقَرَأَ أُبَيٌّ وابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ أَبي عَبْلَةَ: "تُذْرِيْهِ" بِرَفْعِ التَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا ياءٌ سَاكِنَةٌ وَهاءٌ مَكْسُورَةٌ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ فَتَحَ التاءَ.
قرأَ العامَّةُ: {الرياح} جَمْعًا. وقرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ، وَالحَسَنُ والنَّخَعِيُّ وآخَرونَ "الرِّيحُ" بِالإِفْرَادِ.