الموسوعة القرآنية فيض العليم من معاني الذكرِ الحكيم، سورة الإسراء، الآية: 15 (1)
مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} أَيْ: إِنَّ مَنِ اهْتَدَى فَثَوَابُ اهْتِدائِهِ، يَعْنِي الخَيْرَ باهْتِدائِهِ، إِنَّما هُوَ رَاجِعٌ لَهُ وَلِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَرْجِعُ إِلَيْهِ فَائِدَةُ ذَلِكَ الِاهْتِدَاءِ، وَثَمَرَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَيَكُونُ لَهُ العَيْشُ الطَيِّبُ فِي الدُنْيا، وَجِنَانُ الخُلْدِ فِي الآخِرَةِ. وَأَنَّ مَنْ ضَلَّ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ فَعَمِلَ بِمَا يُسْخِطُ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا، فإِنَّ ضَلَالَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عَلَى نَفْسِهِ أَيضًا، حَيْثُ يَكونُ لَهُ ضَنْكُ العِيْشِ فِي الدُنْيَا، وَعَذَابُ النَّارِ فِي الآخِرةِ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَجْنِي ثَمَرَةَ عَوَاقِبِهُ السَّيِّئَةَ الْوَخِيمَةَ، فَيَخْلُدُ بِهِ فِي النَّارِ. وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كتابِهِ العَزيزِ، كَقَوْلِهِ تعالى منْ سُورةِ الأَنْعَامِ: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ} الآية: 104، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ يونُس: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} الآية: 108، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ الرومِ: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} الآية: 44، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ فُصِّلَتْ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} الْآيَةَ: 46.
قوْلُهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الْوِزْرُ: الْإِثْمُ، شُبِّهَ بِالْحِمْلِ الثَّقِيلِ لِمَا يَجُرُّهُ على صَاحِبِهِ مِنَ تَعَبٍ في الدُنيا وعَذَابٍ فِي الْآخِرَةِ، وأُطْلِقَ عَلى الإِثْمِ أَيْضًا: الثِّقَلُ، وَذَلِكَ فِي قَولِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ العَنْكَبُوتِ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ} الآيَةَ: 13. وَمِنْهُ سُمِّيَ مساعِدُ صاحِبِ السُّلْطَانِ وزيرًا لِأَنَّهُ يَحْمِلُ أَعْبَاءَ تَدْبِيرِ شُئُونِ الدَّوْلَةِ، ويُقَالُ: وَزَرَ يَزِرُ وِزْرًا، إِذَا أَثِمَ. وَالْوِزْرُ أَيْضًا: الثُّقْلُ الْمُثْقَلُ، فـ "لا تَزِرُ وازرةٌ وِزْرَ أُخْرَى" أَيْ: لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ وَازِرَةٌ ـ أَيْ: آثِمَةٌ، وِزْرَ نَفْسٍ أُخْرَى. أَيْ إِثْمَ نَفْسٍ أُخرى، أَوْ حِمْلَهَا الثَّقِيلِ، بَلْ لَا تَحْمِلُ إِلَّا وِزْرَ نَفْسِهَا. وتَزِرُ، أَيْ: تَحْمِلُ الْوِزْرَ، أَيْ: الثِّقَلَ. وَالْوَازِرَةُ: الْحَامِلَةُ، وَالتَأْنِيثُ بِاعْتِبَارِهَا نَفْسٌ، ونَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ فُصِّلَتْ: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها} الآيةَ: 46. وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا وازِرَةٌ عَلَى مَعْنَى التَّقْدِيرِ وَالْفَرْضِ، أَيْ: لَوْ قُدِّرَتْ نَفْسٌ أَنَّها ذَاتُ وِزْرٍ، لَا تُزَادُ عَلَى وِزْرِهَا وِزْرَ غَيْرِهَا، فَعُلِمَ أَنَّ النَّفْسَ الَّتِي لَا وِزْرَ لَهَا لَا تَزِرُ وِزْرَ غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى. وفي الآيَةِ تَعْلِيلٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ تَعَالَى قَبْلُ: "وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها" لِمَا فِي هَذِهِ الجُملةِ مِنْ عُمُومِ الْحُكْمِ، فَإِنَّ عَمَلَ أَحَدٍ مِنَ المَخْلُوقاتِ لَا يَلْحَقُ نَفْعُهُ وَلَا ضُرُّهُ بِغَيْرِهِ. وَفِي الآيَةِ إِبْطَالٌ لِأَوْهَامِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ أَوْزَارَهُ يَحْمِلُهَا غَيْرُهُ عَنْهُ. كَمَا كانَ يقولُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ـ وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ، فيما رُوِيَ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِقُرَيْشٍ: اكْفُرُوا بِمُحَمَّدٍ وَعَلَيَّ أَوْزَارُكُمْ، أَيْ عَلِيَّ تِبْعَاتُكُمْ، وَمُؤَاخَذَتُكُمْ، إِنْ كَانَ فِي تَكْذِيبِهِ تَبِعَةٌ أَوْ مُؤاخَذَةٌ. وَلَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ لَمَّا رَأَى تَرَدُّدَهُمْ فِي أَمْرِ الْإِسْلَامِ، وَمَيْلَهُمْ إِلَى النَّظَرِ فِي أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ، خَشْيَةً مِنْهُمْ للْمُجَازَاتِ يَوْمَ الْبَعْثِ، فَأَرَادَ التَّمْوِيهَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَتَحَمَّلُ ذُنُوبَهُمْ، إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مُحَمَّدًا ـ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، عَلَى حَقٍّ.
والْآيَةُ أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ تَفَرَّعَ عَنْهَا أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ. وَجَاءَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ أُخَرَ مِنْ كِتَابِهِ المَجيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} الآيَتَان: (134 و 141)،وكَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ الأَنْعامِ: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ} الْآيَةَ: 164، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ فاطِر: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} الآيةَ: 18، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ المُباركاتِ.
وَلَمَّا بَلَغَ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، رَوَى عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)). قَالَتْ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: (يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَانِ، مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ذَلِكَ، وَاللهُ يَقُولُ: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
وَقد جَاءَ فِي الْقُرْآن مَا يُومِئ إِلَى أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ لِأَحَدٍ فِي هَدْيٍ يَنَالُ مِنْ ثَوَابِ الْمُهْتَدِي فقَالَ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الْفُرْقَان: {وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِمامًا} الآية: 74. وَجاءَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ بَثَّهُ فِي صُدُورِ الرِّجَالِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ بِخَيْرٍ))، أَخْرَجَهُ الأَئِمَّةُ: أَحْمَدُ في مُسْنَدِه: (8844)، ومُسْلِمٌ في صَحِيحِهِ: (1631)، وَأَبُو داودَ في سُنَنِهِ: (2880)، والتِرْمِذِيُّ: (1430) وصحَّحَهُ، والنَّسَائيُّ: (6/251). وابْنُ حِبَّان في صَحيحِهِ: (3016)، وغيرُهم.
وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذِهِ الآيَاتِ وآياتٍ أُخَرَ أَفَادَ ظاهِرُهَا عَكْسَ هَذَا المَعْنَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ النَّحْلِ: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الْآيَةَ: 25، وَقَوْلِهِ مِنْ سُورَةِ العَنْكَبُوتِ: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} الْآيَةَ: 13، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ حَمَلُوا أَوْزَارَ ضَلَالِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَوْزَارَ إِضْلَالِهِمْ غَيْرَهُمْ، لِأَنَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا. كَمَا جَاءَ فِي الحَديثِ النَبَوِيِّ الشَريفِ. وهُنَا يَرِدُ سُؤَالَانِ: أَوَّلُهما: أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: "أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذِّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ"، فَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، قَال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ)). فَذُكِرَ ذَلِكَ لِأُمِّ المُؤمنينَ السَيِّدةِ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْها، فَقَالَتْ: وَهِلَ، إِنَّمَا مَرَّ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى قَبْرٍ، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَ هَذَا لَيُعَذَّبُ، وَأَهْلُهُ يَبْكُونَ عَلَيْهِ. ثُمَّ قَرَأَتْ: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى). أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ: (2/38(4959). والبُخَاريُّ: (5/98). ومُسْلِمٌ: (3/44). وأَبو دَاوُدَ: (3129). والنَّسَائي: (4/17). فَيُقَالُ: مَا وَجْهُ تَعْذِيبِهِ بِبُكَاءِ غَيْرِهِ، إِذْ مُؤَاخَذَتُهُ بِبُكَاءِ غَيْرِهِ قَدْ يَظُنُّ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ أَخْذِ الْإِنْسَانِ بِذَنْبِ غَيْرِهِ؟. وَالْجَوَابُ: هُوَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ حَمَلُوهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ قَدْ أَوْصَى بِالنَّوْحِ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ طَرَفَةُ بْنُ الْعَبْدِ فِي مُعَلَّقَتِهِ:
إِذَا مِتُّ فَانْعِينِي بِمَا أَنَا أَهْلُهُ ............ وَشُقِّي عَلَيَّ الْجَيْبَ يَا بْنَةَ مَعْبَدِ
لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ أَوْصَى بِأَنْ يُنَاحَ عَلَيْهِ: فَتَعْذِيبُهُ بِسَبَبِ إِيصَائِهِ بِالْمُنْكَرِ، وَذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ لَا فِعْلِ غَيْرِهِ.
والسُؤالُ الثَانِي: إِيجَابُ دِيِّ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَيُقَالُ: مَا وَجْهُ إِلْزَامِ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةَ بِجِنَايَةِ إِنْسَانٍ آخَرَ؟. والجَوابُ: الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَيْسَ مِنْ تَحْمِيلِهِمْ وِزْرَ الْقَاتِلِ، وَلَكِنَّهَا مُوَاسَاةٌ مَحْضَةٌ أَوْجَبَهَا اللهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، لِأَنَّ الْجَانِيَ لَمْ يَقْصِدْ سُوءًا، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ فَأَوْجَبَ اللهُ فِي جِنَايَتِهِ خَطَأً الدِّيَةَ بِخِطَابِ الْوَضْعِ، وَأَوْجَبَ الْمُوَاسَاةَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا إِشْكَالَ فِي إِيجَابِ اللهِ عَلَى بَعْضِ خَلْقِهِ مُوَاسَاةَ بَعْضِ خَلْقِهِ، كَمَا أَوْجَبَ أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ مَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَرَدِّهَا إِلَى الْفُقَرَاءِ، وَاعْتَقَدَ مَنْ أَوْجَبَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ دِيوَانِ الْقَاتِلِ خَطَأً كَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا بِاعْتِبَارِ النُّصْرَةِ فَأَوْجَبَهَا عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، قَالَ: (وَأَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ: أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ، فَأَقَرَّهَا رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْإِسْلَامِ، وَكَانُوا يَتَعَاقَلُونَ بِالنُّصْرَةِ، ثُمَّ جَاءَ الْإِسْلَامُ فَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. حَتَّى جَعَلَ عُمَرُ الدِّيوَانَ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى رِوَايَةِ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ بِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، دِيوَانٌ، وَأَنَّ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، جَعَلَ الدِّيوَانَ، وَجَمَعَ بَيْنَ النَّاسِ، وَجَعَلَ أَهْلَ كُلِّ نَاحِيَةٍ يَدًا واحِدَةً، وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ قِتَالَ مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْعَدُوِّ).
قولُهُ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ظَاهِرُ هَذِهِ الجُملةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ اللهَ ـ جَلَّ وَعَلَا، لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ ـ لا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِم رَسُولًا يُنْذِرُنَهُ وَيُحَذِّرُونَهُ، فَإِذا عَصوا الرَّسُولَ، وَاسْتَمَرُّوا عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ عَذَّبَهُم. وَقَدْ أَوْضَحَ ـ جَلَّ وَعَلَا، هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ مِنْ سُورةِ النِساءِ: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} الآية: 165، فَصَرَّحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِأَنْ لَا بُدَّ أَنْ يَقْطَعَ حُجَّةَ كُلِّ أَحَدٍ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، مُبَشِّرِينَ مَنْ أَطَاعَهُمْ بِالْجَنَّةِ في الآخِرَةِ، وَمُنْذِرِينَ مَنْ عَصَاهُمُ بِعَذابِ النَّارِ يَوْمَ القِيامَةِ. وَهَذِهِ الْحُجَّةُ الَّتِي أَوْضَحَ لَنَا هُنَا قَطَعَهَا بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ ـ عَلَيْهِمُ صَلاةُ اللهِ وسَلامُهُ، مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، أَشَارَ لَهَا فِي سُورَةِ المائدةِ بقولِهِ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ} الْآيَةَ: 19، الْقَصَصِ بِقَوْلِهِ: {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية: 47، وَقَوْلِهِ ـ جَلَّ جَلَالُهُ، مِنْ سُورَةِ وَكَقَوْلِهِ مِنْ سورةِ الأَنْعامِ: {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} الآية: 131، وَقَوْلِهِ بَعْدَهَا: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} الْآيَات: (155 ـ 157)، منْ سورةِ الأنعامِ أَيضًا. وبَيَّنَهَا فِي آخِرِ سُورَةِ (طَهَ) بِقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} الآيَةَ: 134. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَيُوَضِّحُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ وَأَمْثَالُهَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ أَنَّ اللهَ ـ جَلَّ جَلَالُهُ العظيمُ، لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ عَلَى أَلْسِنَةِ الأنبياءِ والمُرَسلينَ ـ عَلَيْهِمُ صَلَواتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ، وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ قرآنِهِ المُبِينِ بِأَنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا النَّارَ إِلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِ وَإِنْذَارِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ، ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ مِنْ سُورةِ المُلْكِ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنتمْ إلَّا في ضلالٍ كبيرٍ} الْآيَات: (8 و 9). وَقَوْلَهُ: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ يَعُمُّ) جَمِيعَ الْأَفْوَاجِ الْمُلْقَيْنَ فِي النَّارِ. قَالَ أَبُو حَيَّان الأنْدَلُسيُّ فِي "الْبَحْرِ الْمُحِيطِ" فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا مَا نَصُّهُ: "وَكُلَّمَا" تَدُلُّ عَلَى عُمُومِ أَزْمَانِ الْإِلْقَاءِ فَتَعُمُّ الْمُلْقِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ ـ جَلَّ وَعَلَا: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية: 71، مِنْ سورةِ الزُمَر. فَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَامٌّ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ}. وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ: أَنَّ الْمُوصُولَاتِ كَ "الَّذِي" وَ "الَّتِي" وَفُرُوعِهِمَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، لِعُمُومِهَا فِي كُلِّ مَا تَشْمَلُهُ صِلَاتُهَا، وَعَقَدَهُ فِي مَرَاقِي السُّعُودِ بِقَوْلِهِ فِي صِيَغِ الْعُمُومِ:
صِيغَةُ كُلٍّ أَوِ الْجَمِيع ....................... وَقَدْ تَلَا الَّذِي الَّتِي الْفُرُوع
وَمُرَادُهُ بِالْبَيْتِ: أَنَّ لَفْظَةَ " كُلٍّ"، وَ "جَمِيعٍ"، وَ "الَّذِي"، وَ "الَّتِي"
وَفُرُوعِهِمَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الصِّيَغِ الْعُمُومِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} إِلَى قَوْلِهِ: {قَالُوا بَلَى} عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْكُفَّارِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ النَّارِ قَدْ أَنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، فَعَصَوُا أَمْرَ رَبِّهِمْ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى من سُورةِ فاطر: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير} الآيَتَانِ: (36 و 37)، فَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}، عَامٌّ أَيْضًا فِي جَمِيعِ أَهْلِ النَّارِ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ قَرِيبًا. وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ غَافِر: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} الآيَتَانِ: 49، 50، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ النَّارِ قد أَنْذَرَتْهُمُ الرُّسُلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا. وَهَذِهِ الْآيَاتُ المُبَارَكاتُ الَّتِي ذَكَرْنَا وَأَمْثَالُهَا فِي الْقُرْآنِ الكريمِ تَدُلُّ عَلَى عُذْرِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتِهِمْ نَذِيرٌ وَلَوْ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ، وَبِهَذَا قَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِهِ نَذِيرٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِظَوَاهِرِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ، وَبِأَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنَ الْآيَاتِ الَّتِي اسْتَدَلُّوا بِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورةِ البَقَرَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} الآية: 161، وَقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} الآية: 91، وَقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ النِّساءِ: {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} الآية: 18، وَقَوْلُهُ في الآيَةِ: 48، بَعَدَهَا: {إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وَقَوْلُهُ مِنْ سُورَةِ المائدة: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} الآيةَ: 72، وَقَوْلُهُ مِنْ سُورةِ الأَعْرَافِ: {قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية: 50، وَقَوْلُهُ مِنْ سورةِ الحَجِّ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} الآية: 31، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَظَاهِرُ جَمِيعِ هَذِهِ الْآيَاتِ الْعُمُومُ، لِأَنَّهَا لَمْ تُخَصَّصْ كَافِرًا دُونَ كَافِرٍ، بَلْ ظَاهِرُهَا شُمُولُ جَمِيعِ الْكُفَّارِ.