وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)
قولُهُ ـ تَعَالَى شأْنُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا} وقد حرَّمنا على الذين هادوا خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ أُمَمِ الأَوَّلينَ. والهَوْدُ في اللُّغَةِ: التَّوْبَةُ، وهو مِنْ هادَ يَهُودُ هوْدًا، إِذا تابَ إِلى اللهِ تَعَالَى مِنْ ذَنْبِهِ، ورَجَعَ عَنْ غيِّهِ. وتَهَوَّدَ أَيضًا: تَابَ وَرَجَعَ إِلَى الحَقِّ فَهُوَ هَائدٌ، وقَوْمٌ هُودٌ، مِثْلُ: بازِلٍ وبُزْلٍ، وفي التَنْزيلِ قوْلُهُ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الأَعْرافِ: {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَة إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} الآيَةَ: 156، أَيْ تُبْنَا إِلَيْكَ، وَقالَ تَعَالى مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ: {إِنَّ الذينَ آمَنُوا والذينَ هادُوا} الآية: 62، أَيْ تَهَوَّدُوا يُقالُ: هَادَ وتَهَوَّدَ إِذا دَخَلَ فِي اليَهُودِيَّةِ، وقالَ زُهَيْرٌ:
سِوَى رُبَعٍ لم يَأْتِ فيها مَخافةً ................ ولا رَهَقًا مِنْ عابِدٍ مُتَهَوِّدِ
المُتَهَوِّدُ: المُتَقَرِّبُ، والمُتَهَوِّدُ أَيْضًا: المُتَوَصِّلُ بِهَوادةٍ إِليْهِ. وأَيضًا التَّهَوُّدُ: التَوْبَةُ والعَمَلُ الصَّالِحُ، والهَوادَةُ: الحُرْمَةُ والسَبَبُ. وهادَ: إِذا رَجَعَ مِنْ خَيْرٍ إِلى شَرٍّ، أَوْ مِنْ شَرٍّ إِلى خَيْرٍ، وهادَ: إِذا عَقَلَ، ويَهُودُ اسْمٌ للقَبيلَةِ أَيضًا، قالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ يُؤَنَّبُ الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْداسٍ السُّلَمِيَّ فِي مَدْحِهِ قُرَيْظَةَ وبُكائِهِ عَلَيْهِمْ، مُشِيرًا إِلَى أَنَّ مَدْحَهُ الْأَنْصَارَ ـ رُضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، كَانَ أَوْلَى بِهِ:
أُولئِكَ أَوْلى مِنْ يَهُودَ بِمِدْحةٍ ............. إِذا أَنتَ يَوْمًا قُلْتَها لم تُؤَنَّبِ
وقالَ الشاعِرُ الجاهِلِيُّ الأَسْوَدُ بْنُ يَعْفُرَ النَهْشَلِيُّ:
فَرَّتْ يهودُ وأَسْلَمَتْ جيرانُها ............ صَمِّي لِمَا فَعَلتْ يَهُودُ صَمَامِ
وقِيلَ إِنَّما اسْمُ هَذِهِ القَبيلَةِ يَهُوذ فَعُرِّبَ بِقَلْبِ الذالِ دالًا، وأَدْخَلوا الأَلِفَ واللامَ فِيها عَلَى إِرادَةِ النَسَبِ فقالوا: اليَهودُ، يُريدونَ اليَهُودِيِّينَ، وهادُوا: دَخَلُوا في اليهوديةِ، قالَ تَعَالى مِنْ سُورةِ الأَنْعامِ: {وَعَلَى الذينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُر} الآية: 146، قالَ الفَرَّاءُ المَعْنَى دَخَلوا فِي اليَهُوديَّةِ. وفي قولِهِ تَعَالى مِنْ سُورةِ : {وقالوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} الآية: 111، قالَ يُريدُ يَهُودًا فَحَذَفَ الياءَ الزائدَةَ، وَرَجَعَ إِلى الفِعْلِ مِنْ اليَهودِيَّةِ وفي قراءَةِ أُبيٍّ ـ رضيَ اللهُ عنْهُ: {إِلَّا مَنْ كانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا} قالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هُودًا جَمْعًا واحِدُهُ هائِدٌ، مِثْلُ حائِلٍ وعائطٍ مِنَ النُّوقِ والجَمْعُ حُولٌ وَعُوطٌ، وَجَمْعُ اليَهودِيِّ يَهُودٌ، كَمَا يُقالُ في المَجُوسِيِّ مَجُوسٌ، وفي العَجَمِيِّ عُجْمٌ، وفي العَرَبِيِّ عُرْبٌ، والهُودُ: اليَهُودُ، هادُوا يَهُودُونَ هَوْدًا، وَسُمِّيَتِ اليَهُودُ اشْتِقاقًا مِنْ هادُوا، أَيْ: تابُوا، وأَرادوا باليَهُودِ اليَهُودِيِّينَ، ولكنَّهم حَذَفوا ياءَ الإِضافَةِ كَمَا قالوا: زِنْجِيٌّ وَزِنْجٌ، وإِنَّما عُرِّفَ عَلى هَذَا الحَدِّ فَجُمِعَ عَلى قِياسِ شَعيرَةٍ وشَعِيرٍ ثمَّ عُرِّفَ الجَمْعُ بِالأَلِفِ واللامِ، ولولا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ دُخُولُ الأَلِفِ واللامِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ مُؤَنَّثٌ، فَجَرَى فِي كلامِهِمْ مَجْرَى القَبيلَةِ، ولَمْ يُجْعَلْ كالحَيِّ، وهَوَّدَ الرَّجُلَ: حَوَّلَهُ إِلى مِلَّةِ يَهُودَ، قالَ سِيبَوَيْهِ، وفي الحديثِ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلى الفِطْرَةِ، حَتَّى يَكونَ أَبَواهُ يُهَوِّدانِهِ، أَوْ يُنَصِّرانِهِ، مَعْنَاهُ أَنَّهُما يُعَلِّمانِهِ دِينَ اليَهُودِيَّةِ والنَّصَارَى، ويُدْخِلانِهِ فِيهِ، والتَّهْوِيدُ أَنْ يُصَيَّرَ الإِنْسانُ يَهُودِيًّا، فهَادَ وَتَهَوَّدَ إِذا صَارَ يَهودِيًّا، والهَوادَةُ: اللِّينُ، وَمَا يُرْجَى بِهِ الصَلاحُ بَيْنَ القَوْمِ، وفي الحَديثِ: ((لا تَأْخُذُهُ في اللهِ هَوادَةٌ)). أَيْ: لا يَسْكُنُ عِنْدَ حَدِّ اللهِ، ولا يُحابي أَحَدًا فِيهِ، والهَوادةُ السُّكونُ والرُّخْصةُ والمُحاباةُ، وفي حديثِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أُتِيَ بِشارِبٍ فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّكَ إِلى رَجُلٍ لا تأْخُذُهُ فيكَ هَوادَةٌ، والتَّهْوِيدُ، والتَّهْوادُ، والتَّهَوُّدُ، الإِبْطاءُ في السَّيْرِ، واللِّينُ، والتَّرَفُّقُ. والتَّهْوِيدُ المَشْيُ الرُّوَيْدُ، مِثْلُ الدَّبِيبِ ونَحْوِهِ، وأَصْلُهُ مِنَ الهَوادةِ، والتَّهْوِيدُ: السَّيْرُ الرَّفِيقُ، وَفي حَديثِ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ: إِذا مُتُّ، فَخَرَجْتُمْ بي، فأَسْرِعُوا المَشْيَ، ولا تُهَوِّدُوا، كَمَا تُهَوِّدُ اليهودُ والنَّصَارَى، وفي حَديثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ـ رضيَ اللهُ عَنْهُ: إِذا كُنْتَ في الجَدْبِ فأَسْرِعِ السَّيْرَ، ولا تُهَوِّدْ، أَيْ: لا تَفْتُرْ. قالَ: وكَذَلِكَ التَّهْوِيدُ في المَنْطِقِ، وهوَ السَّاكِنُ، يُقالُ: غِناءٌ مُهَوِّدٌ، وقالَ الرَّاعِي النُمَيْري يَصِفُ ناقَةً:
وخُودٌ مِنَ اللاَّئي تَسَمَّعْنَ بالضُّحى ...... قَرِيضَ الرُّدافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ
قولُهُ: وخُودٌ، الواوُ هنا أَصْلِيَّةٌ ولَيْسَتْ بِواوِ العَطْفِ، وهُوَ مِنْ وَخَدَ يَخِدُ، إِذا أَسْرَعَ، وهَوَّدَ الرَّجُلُ: إِذا سَكَنَ، وهَوَّدَ: إِذا غَنَّى، وهَوَّدَ: إِذا اعْتَمَدَ عَلَى السَّيْرِ، قالَ ذو الرُّمَّةِ مرتجزًا:
سَيْرًا يُراخِي مُنَّةَ الجَلِيدِ ....................... ذَا قُحَمٍ وَلَيْسَ بالتَّهْوِيدِ
أَيْ: لَيْسَ بالسَّيْرِ اللَّيِّنِ، والتهوِيدُ أَيْضًا: النَّوْمُ، وتَهْوِيدُ الشَّرابِ: إِسْكارُهُ، وهَوَّدَهُ الشَّرابُ: إِذا فَتَّرَهُ فأَنامَهُ، قالَ الأَخْطَلُ:
ودافَعَ عَنِّي يَوْمَ جِلَّقَ غَمْزُهُ ........... وصَمَّاءُ تُنْسِيني الشَّرابَ المُهَوِّدا
والهَوادَةُ: الصُّلْحُ، والمَيْلُ: والتَهْوِيدُ، والتَّهْوادُ: الصَّوْتُ الضَّعيفُ اللَّيِّنُ الفاتِرُ، والتَهْوِيدُ: هَدْهَدةُ الرِّيحِ في الرَّمْلِ، ولِينُ صَوْتِها فيه، والتَّهْوِيدُ: تَجاوُبُ الجِنِّ، وذَلِكَ لِلِينِ أَصْواتِها وَضَعْفِها، قالَ الراعي النميريِّ:
يُجاوِبُ البُومَ تَهْوِيدُ العَزِيفِ بِهِ ............... كَمَا يَحِنُّ لِغَيْثٍ جِلَّةٌ خُورُ
والتَهْوِيدُ التَرْجِيعُ بالصَّوْتِ في لِينٍ، والهَوادَةُ: الرُّخْصَةُ، وَهْوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنَّ الأَخْذَ بِها أَلْيَنُ مِنَ الأَخْذِ بالشِدَّةِ، والمُهاوَدَةُ: المُوادَعَةُ، والمُهاوَدةُ: المُصالَحَةُ، والمُمايَلةُ. والمُهَوِّدُ: المُطْرِبُ المُلْهِي. والهَوَدَةُ، بالتحريك: أَصْلُ السَّنامِ. والهَوَدةُ: مُجْتَمَعُ السَّنَامِ، والجَمْعُ: هَوَدٌ. وقالَ: كُومٌ عَلَيْها هَوَدٌ أَنْضَادُ، وَتُسَكَّنُ الواوُ فَيُقالُ: هَوْدَةٌ. وَهُودٌ: اسْمٌ لِنَبِيٍّ مِنْ أَنْبِياءِ اللهِ تعالى ـ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ويَنْصَرِفُ فَتَقولُ هَذِهِ هُودٌ، إِذا أَردْتَ سُورَةَ هُودٍ، وإِنْ جَعَلْتَ هُودًا اسْمَ السُّورَةِ لَمْ تَصْرِفْهُ وَكَذلِكَ نُوحٌ ونُونٌ. وقدْ يُجْمَعُ يَهودُ عَلى يُهْدَانٍ بِضَمٍّ فَسُكونٍ، قال حَسَّانُ بْنُ ثابتٍ ـ رَضِي اللهُ عُنْهُ يَهْجُو الضَّحَّاكَ ابْنَ خَلِيفَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي شَأْنِ بَنِي قُرَيْظَةَ وكان أَبو الضَّحَّاكِ مُنَافِقًا:
أَتُحِبُّ يُهْدَانَ الحِجَازِ وَدِينَهُمْ .......... عَبْدَ الحِمَارِ ولا تُحِبُّ مُحَمَّدَا
قولُهُ: {حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} مِنْ قَبْلُ: أَيْ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ الأَنْعَامِ: {وَعَلَى الذينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآيَة: 146.
فقد أَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالى: "وَعَلى الَّذينَ هادوا حَرَّمْنا مَا قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ" قَالَ: فِي سُورَة الْأَنْعَامِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وَعَلى الَّذينَ هادوا حَرَّمْنا مَا قَصَصْنا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ" قَالَ: مَا قَصَّ اللهُ ذِكْرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ حَيْثُ يَقُولُ: {وَعَلى الَّذينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَإِنَّا لَصَادِقونَ) الآيَة: 146، مِنْ سُورةِ الْأَنْعَامِ.
ويُحْتَمَلُ أَنْ يُقدَّرَ الكلامُ: مِنْ قَبْلِ تَحْريمِ مَا حَرَّمَ عَلَى أُمَّتِكَ "مِنْ قبلُ"، وَهُوَ أَوْلَى. وَيَجوزُ أَنْ يَكونَ الكلامُ مِنْ بابِ التَنَازُعِ، وكانَ اليهودُ يَقولونَ: لَسْنَا أَوَّلَ مَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ هذِهِ الأَشياءُ، وإِنَّما كانَتْ مُحَرَّمَةً عَلى نُوحٍ وإِبْراهيمَ. وَمَنْ بَعْدَهُمَا حَتَّى انْتَهَى التَحْرِيمُ إِلَيْنَا، فَرَدَّ اللهُ فِرْيَتَهم، وهذا واضِحٌ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورةِ النِّساءِ: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الذينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} الآيةَ: 160.
قولُهُ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أَيْ: وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ بِذَلِكَ التَحْرِيمِ وَلكِنْ كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. مِنْ حِيْثُ أَنَّهم فَعَلُوا مَا عُوقِبُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ التحريم. وَفِيهِ تَنْبيهٌ عَلَى أَنَّ الفَرْقَ بَيْنَهم وبَيْنَ غَيْرِهم فِي التَحْريمِ، وَأَنَّهُ قدْ يَكونُ التحريمُ عقوبةً، وقد يكونُ بسببِ الضَرَرِ يكون للعقوبة.
قولُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا} الوَاوُ: ، و "عَلَى" حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "حَرَّمْنَا" الآتي، و "الَّذِينَ" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجَرِّ. وجُمْلَةُ "هَادُوا" صِلَةُ المَوْصُولِ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ.
قولُهُ: {حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ} حَرَّمْنَا: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِهِ بضميرِ رفعٍ متحرِّكٌ هو "نا" المُعَظِّمِ نفسهُ ـ سبحانَهُ وتَعالى، و "نا" التعظيمِ هذِهِ ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ في محلِّ الرفعِ فاعِلُهُ، و "مَا" اسمٌ مَوْصولٌ مَبْنيٌّ عَلى السُّكونِ في محلِّ النَّصْبِ على المفعوليَّةِ، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ، والجُمْلةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. وَ "قَصَصْنَا" مِثْلُ "حَرَّمْنَا" لَهُ نَفْسُ الإِعْرابِ. وَ "عَلَيْكَ" عَلَى: حَرْفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "قَصَصْنَا"، وكافُ الخِطابِ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في مَحَلِّ الجَرِّ بِحَرْفِ الجرِّ، و "مِنْ" حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِـ "حَرَّمْنَا" أَوْ بِـ "قَصَصْنَا"، و "قَبْلُ" اسْمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَمِّ فِي مَحَلِّ الجَرِّ بحرفِ الجرِّ وَهوَ مُضافٌ، إِلى مُضَافٍ إِلَيْهِ مُقَدَّرٍ، أَيْ: ومِنْ قَبْلِ تَحْريمِنا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِكَ. وَجُمْلَةُ "قَصَصْنا عَلَيْكَ" صِلَةٌ لِـ "مَا" لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعْرابِ، أَوْ صِفَةٌ لَهَا في محلِّ النَّصِبِ، والعائدُ أَوِ الرّابِطُ مَحْذوفٌ تَقْديرُهُ: مَا قَصَصْنَاهُ عَلَيْكَ.
قولُهُ: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} الوَاوُ: اسْتِئنافيَّةٌ، و "مَا" نَافيةٌ، و "ظَلَمْنَا" مَثْلُ "حَرَّمْنَا" و "هم"، ضميرٌ متَّصِلٌ بِهِ في محلِّ النَّصْبِ على المَفْعُولِيَّةِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعْرابِ.
قولُهُ: {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الواوُ: عَاطِفَةٌ، و "لكنْ" حَرْفُ اسْتِدْرَاكٍ. و "كَانُوا" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ مبنيٌّ على الضمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وواوُ الجَمَاعَةِ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في محلِّ الرَفعِ اسْمُ "كان"، والأَلِفُ فارقةٌ. و "أَنْفُسَهُمْ" مَفْعُولٌ بِهِ لِمَا بَعْدَهُ مَنْصوبٌ مُضافٌ. والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ بِهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والميمُ علامةُ جمعِ المُذَكَّرِ وَ "يَظْلِمُونَ" فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَرْفُوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ النَّاصِبِ وَالجَازِمِ، وعَلامَةُ رَفْعِهِ ثَباتُ النُّونِ في آخِرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، وواوُ الجَمَاعةِ ضَميرٌ متَّصِلٌ بِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ، فاعِلُهُ، والجملةُ خَبَرُ "كَانُوا" في مَحَلِّ النَّصْبِ. والجُمْلَةُ الاسْتِدْراكِيَّةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلةِ قَوْلِهِ: "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ" عَلى كَوْنِها مُسْتَأْنَفةً لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرَابِ.