أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ
(41)
قولُهُ ـ تَعَالَى شَأْنُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} اسْتِفهامٌ إِنْكاريٌّ فيه إِنْذَارٌ للْمُكَذِّبِينَ بِأَنَّ مَلَامِحَ نَصْرِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ لَاحَتْ وَتَبَاشِيرُ ظَفَرِهِ قَدْ طَلَعَتْ لِيَتَدَبَّرُوا في أَمْرِهِمْ، حتَّى لا يَتَوَهَّمُوا أَنَّ الْعِقَابَ بَطِيءٌ وَغَيْرُ وَاقِعٍ بِهِمْ. وَفيهِ أَيْضًا بِشَارَةٌ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِأَّنَ اللهَ مُظْهِرُ نَصْرِهِ فِي حَيَاتِهِ وَقَدْ جَاءَتْ أَشْرَاطُهُ، يَعْنِي: أَوَلَم يَرَ كُفَّارُ مَكَّةَ أَنَّا نَأْتِي أَرْضَ مَكَّةَ، نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بالفُتُوح عَلَى المُسْلِمينَ؟، فالرُّؤيةُ إذًا بَصريَّةٌ، و "ال" التعريفِ للعهدِ، وَهو ما ذَهَبَ إليهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عنهما: أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ الأَرْضَ بَعْدَ الأَرْضِ. تفسيرُ الطَبَرِيِّ: (13/172). وابْنُ مِرْدُوَيْهِ. وقال الضَّحَاكُ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ: أَوَ لَمْ يَرَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ ـ صلى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، مَا حَوْلَهُ مِنَ القُرَى. أَخرجَهُ الطَبَرِيُّ: (13/173)، وسَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبِي حاتِمٍ. وأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" قَالَ: أَوَ لَمْ يَرَوا أَنَّا نَفْتَحُ لِمُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْضًا بَعْدَ أَرْضٍ. وقالَ مُقاتِلٌ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ: الأَرْضُ مَكَّةُ، ونَقْصُها مِنْ أَطْرافِها غَلَبَةُ المُؤمِنينَ عَلَيْها. تَفْسيرُ مُقاتِلٍ: (192 أ)، وزاد المَسيرِ: (4/340). ورَوَى الطَبَرِيُّ: (4/127)، وعبدُ الرَزَّاقِ: (2/339)، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أَبي حاتِمٍ عن الحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، مِثْلَ ذَلِكَ. قالَ أَبُو إِسْحَاقٍ الزَجَّاجُ: أَعْلَمَ اللهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وُعِدُوا مِنْ قَهْرِهمْ وتَعْذيبِهم قَدْ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ، يَقولُ: أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى المُسْلِمينَ مِنَ الأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ، فَكَيْفَ لا يَعْتَبِرُونَ؟. معاني القرآنِ وإِعْرابُهُ: (3/151). وقال الفراءُ: أَوَ لَمْ يَرَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّا نَفْتَحُ عَلَيْكَ مَا حَوْلَهَا، أَفَلا يَخَافُونَ أَنْ تَنَالَهم. مَعَاني القُرْآنِ: (2/66). وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ السُّدِّيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تعالى: "نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها" قَالَ: نَفْتَحُها لَكَ مِنْ أَطْرافِها. وَعليهِ يَكُونُ ذَلِكَ إِيقاظًا لَهُم لِمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فَخَرَجَتْ مِنْ سُلْطَانِهِ فَتَنْقُصُ الْأَرْضُ الَّتِي كَانَتْ فِي تَصَرُّفِهِمْ وَتَزِيدُ الْأَرْضُ الْخَاضِعَةُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ فَرِيقًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ سُورَةَ الرَّعْدِ مَدَنِيَّةٌ فَإِذَا اعْتُبِرَتْ مَدَنِيَّةً صَحَّ أَنْ تُفَسَّرَ الْأَطْرَافُ بِطَرَفَيْنِ وَهَمَا مَكَّةُ والمدينةُ، فَإِنَّهُمَا طَرَفَا بِلَادِ الْعَرَبِ، فَمَكَّةُ طَرَفُهَا مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ، وَالْمَدِينَةُ طَرَفُ الْبِلَادِ مِنْ جِهَةِ الشَّامِ.
وَيمكنُ أنْ يكونَ تَعْرِيفُ الْأَرْضَ تَعْرِيفَ الْجِنْسِ، أَيْ نَأْتِي أَيَّةَ أَرْضٍ مِنْ أَرْضِي الْأُمَمِ. وَأُطْلِقَتِ الْأَرْضُ هُنَا عَلَى أَهْلِهَا مَجَازًا، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى منْ سُورَة يُوسُف: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} الآية: 82، بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِ النَّقْصِ بِهَا، لِأَنَّ النَّقْصَ لَا يَكُونُ فِي ذَاتِ الْأَرْضِ وَلَا يُرَى نَقْصٌ فِيهَا وَلَكِنَّهُ يَقَعُ فَيِمَنْ عَلَيْهَا. وَهَذَا من بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى في الآية: 10، مِنْ سُورَة مُحَمَّد ـ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها}. فقد رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضِيَ اللهُ عَنْهُما، في قولِهِ: "نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" قالَ: مَوْتُ عُلَمائها وفُقَهائها. وذَهابُ خِيَارِ أَهْلِها. أَخرجَهُ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وابْنُ أَبي شَيْبَةَ، ونَعيمُ بْنُ حَمَّادٍ في "الفِتَنِ"، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتِمٍ، والحَاكِمُ وصَحَّحَهُ، والثَعْلَبِيُّ في تفسيرِهِ: (7/143 ب)، والطَبَرِيُّ في التفسيرِ: (13/174). ونَحْوَ هَذَا قالَ مُجاهِدٌ ـ رضِيَ اللهُ عنهُ، كَمَا وَرَدَ في مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: (2/339)، وتَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ: (13/174)، ومُصَنَّفِ ابْنِ أَبي شَيْبَةَ، وأَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وَابْنُ جَريرٍ عَن مُجَاهِد. وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا" قَالَ: كَانَ عِكْرِمَةُ ـ رضيَ اللهُ عنهُ يَقُولُ: هُوَ قَبْضُ النَّاسِ. وَكَانَ الْحَسَنُ البَصْريُّ ـ رضي اللهُ عنْهُ، يَقُولُ: هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تعالى: "نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها" يَقُولُ: نُقْصَان أَهلهَا وبَرَكَتِهَا. وعَلَى هَذَا فالمُرَادُ بالأَطْرافِ الأَشْرافُ، يُقَالُ للأَشْرافِ الأَطْرافُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الفَرَزْدَقِ:
واسْأَلْ بنَا وبكم إذا وَرَدَتْ بنا .............. أطْرَاف كلِّ قَبِيلَةٍ مَنْ تُمْنَعُ
يُريدُ أَشْرافَ كُلِّ قَبيلَةٍ. قالَ ابْنُ الأَعْرابي: الطَّرَفُ، والطَّرْفُ مِنَ الرِّجالِ الكَريمُ، وعليهِ فالرُؤْيةُ هُنَا عِلْمِيَّةٌ. والتَفْسيرُ عَلَى القَوْلِ الأَوَّلِ؛ لأَنَّ هَذَا وَإِنْ صَحَّ لا يَلِيقُ بِهَذَا المَوْضِعِ.
قولُهُ: {وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الْمُعَقِّبُ: الَّذِي يُعْقِبُ عَمَلًا فَيُبْطِلُهُ، وهو مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَقِبِ، وَهذِهِ اسْتِعَارَةٌ غَلَبَتْ حَتَّى صَارَتْ حَقِيقَةً. وفيهِ تَنْبِيهٌ إِلَى أَنَّهُ ـ سُبْحانَهُ، لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ. وَقد أَفَادَ نَفْيُ جِنْسِ الْمُعَقِّبِ انْتِفَاءَ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ مُعَقِّبًا مِنْ شَرِيكٍ أَوْ شَفِيعٍ أَوْ دَاعٍ أَوْ رَاغِبٍ أَوْ مُسْتَعْصِمٍ أَوْ مُفْتَدٍ. فإنَّ معنى "لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ" لا نَاقِضَ لِحُكْمِهِ، قالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُما، تَنْويرُ المِقْبَاسِ: (ص: 159). وقالَ الفَرَّاءُ: لا رَادَّ لِحُكْمِهِ، قالَ: والمُعَقِّبُ الذَي يَكُرُّ عَلَى الشَّيْءِ ويَتْبَعُهُ، ولا يَكُرُّ أَحَدٌ عَلَى مَا أَحْكَمَهُ اللهُ. مَعَاني القُرْآنِ: (2/66). وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ زَيْدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قال: "وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ" لَيْسَ أَحَدٌ يَتَعَقَّبُ حُكْمَهُ فَيَرُدَهُ كَمَا يَتَعَقَّبُ أَهْلُ الدُّنْيَا بَعضَهمْ حُكْمَ بَعْضٍ فَيَرُدَّهُ.
وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ "اللهُ" هنا بَعْدَ أَنْ أَضْمَرَ أَوَّلَ الآيةِ في قَوْلِهِ: "أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ" لِتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ، وَلِلتَّذْكِيرِ بِمَا يَحْتَوِي عَلَيْهِ الِاسْمُ الْعَظِيمُ مِنْ مَعْنَى الْإِلَهِيَّةِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ وجودِ الْمُنَازِعِ، وَلتَكُونَ الْجُمْلَةُ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا أَيْضًا للِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ وَالْمَثَلِ.
قولُهُ: {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} السُّرْعَةُ: الْعَجَلَةُ، وَهِيَ فِي كُلِّ شَيْء بِحَسَبِهِ، الْحِسَابُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْجَزَاءِ. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: يُريدُ سَريعَ الانْتَقامِ، يَعْني حِسَابَهُ للمُجازاةِ بالخَيْرِ والشَرِّ، ومُجازاةُ الكافِرِ بالانْتِقامِ مِنْهُ. تفسيرُ القُرْطُبِيِّ: (9/334).
قولُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} الهَمْزَةُ: للاسْتِفْهامِ الإِنْكاريِّ داخِلَةٌ عَلَى مَحْذوفٍ. والواوُ: عَاطِفَةٌ عَلَى ذَلِكَ المَحْذوفِ. والتقديرُ: أَأَنْكَرُوا نُزُولَ مَا وَعَدْناهمْ، أَوْ شَكُّوا في ذَلِكَ وَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ. و "لم" حَرْفُ نَفْيٍ وجَزْمٍ وقلْبٍ. و "يَرَوْا" فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ بِـ "لم" وعلامةُ جزمِهِ حذفُ النونِ من آخرِهِ لأَنَّهُ مِنَ الأَفعالِ الخَمْسَةِ، والواوُ: ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكونِ في مَحَلِّ الرَّفعِ فاعِلُهُ، والأَلِفُ للتَفْريقِ، والجُمْلَةُ المَحْذُوفَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لَهَا مِنَ الإِعْرابِ. و "أَنَّا"، أَنَّ: حرفٌ ناصبٌ ناسِخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، و "نا" ضميرٌ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ نَصْبِ اسْمِهِ. و "نَأْتِي" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المُقدَّرةُ على آخِرِه لثقَلِها على الياءِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحن) يَعودُ عَلَى اللهِ تعالى، و "الْأَرْضَ" مَفعولٌ بهِ منصوبٌ، والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ في مَحَلِّ الرَّفْعِ خَبَرُ "أنَّ"، وجُمْلَةُ "أَنَّ" فِي تَأْويلِ مَصْدَرٍ سادٍّ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ "رَأَى" والتَقديرُ: أَوَلَمْ يَرَوْا إِتْيانَنَا الأَرْضَ حَالَةَ كَونِنا نَنْقُصُها. و "نَنْقُصُهَا" فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُهُ (نحن) يَعودُ عَلَى اللهِ تعالى، و "ها" ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ النَّصبِ مفعولٌ بهِ. و "مِنْ" حرفُ جرٍّ مُتَعَّلِّقٌ بِهِ، و "أَطْرَافِهَا" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، و "ها" ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه. والجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ "ننقُصُها" فِي مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ فاعِلِ "نَأْتِي" أَوْ مِنْ مَفعولِهِ.
قولُهُ: {وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} الوَاوُ: للاسْتِئنافِ. و "اللهُ" مرفوعٌ بالابتداءِ، و "يحكُمُ" فِعْلٌ مُضارعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، وفاعِلُهُ ضميرٌ مُسْتترٌ فيهِ جوازًا تقديرُهُ (هو) يَعودُ عَلَى اللهِ تعالى، والجملةُ في محلِّ رفعِ خَبَرِ المبتدأِ، والجُملةُ الاسْمِيَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعرابِ. و "لَا" نافيَةٌ تعمَلُ عملَ "إنَّ". و "مُعَقِّبَ" مَبْنِيٌّ عَلَى الفَتْحِ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ اسْمُها، وخبرُها محذوفٌ تقديرُهُ: موجودٌ. و "لِحُكْمِهِ" اللامُ حرفُ جرٍّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "حُكْمِ" مجرورٌ بحرفِ الجرِّ مُضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في مَخَلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ. وجُملةُ "لَا" في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ "يَحْكُمُ} على كونها خبر المبتدأ.
قولُهُ: {وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} الواوُ: استئْنافيَّةٌ، وَ "هُوَ" ضميرٌ منفصِلٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ الرفعِ بالابتداءِ، و "سَرِيعُ" خبرُهُ مرفوعٌ، وهو مُضافٌ، و "الْحِسَابِ" مجرورٌ بالإضافةِ إليهِ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا مَحَلَّ لها مِنَ الإعرابِ.
قرأ العامَةُ: {نُنْقِصُها}، وَقَرَأَ الضحَّاكُ "نُنَقِّصُها" بالتَضْعيفِ، عَدَّاهُ بالتَضْعيفِ.