روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53   فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53 I_icon_minitimeالإثنين أغسطس 08, 2016 2:40 am

[size=48]الموسوعة[/size][size=48] [/size][size=48]القرآنية[/size]
 
 
 
 
 
[size=48]فَيْضُ[/size][size=48] [/size][size=48]العَليمِ[/size][size=48] [/size][size=48]مِنْ[/size][size=48] [/size][size=48]مَعاني[/size][size=48] [/size][size=48]الذِّكْرِ[/size][size=48] [/size][size=48]الحَكيمِ[/size]
 
[size=32]تفسير[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]أسباب[/size][size=32] [/size][size=32]نزول[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]أحكام[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]إعراب[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]تحليل[/size][size=32] [/size][size=32]لغة[/size][size=32] [/size][size=32]ـ[/size][size=32] [/size][size=32]قراءات[/size]
 
 
 
[size=37]اختيار[/size][size=37] [/size][size=37]وتأليف[/size][size=37]:[/size]
[size=48]الشاعر[/size][size=48] [/size][size=48]عبد[/size][size=48] [/size][size=48]القادر[/size][size=48] [/size][size=48]الأسود[/size]
 
الجزءُ الثالث عَشَرَ ـ المُجَلَّدُ الخامس عَشَرَ
 
وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ
(53)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} ثُمَّ قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، هَضْمًا لِنَفْسِهِ البَريئةِ عَنْ كُلِّ سُوءٍ، وتَواضُعًا منهُ للهِ تَعالى، وتَحاشِيًا عَنِ التَزْكِيَةِ والإعْجابِ بِحَالِها: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي" أَيْ لا أُنَزِّهُها عَنِ السُّوءِ. وَلا أُبْرِّئُها مِنَ التَّفْكِيرِ بِهِ، مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ، ولا أُسْنِدُ هَذِهِ الفَضيلَةَ إِلَيْها بِمُقْتَضَى طَبْعِها مِنْ غَيْرِ تَوْفيقٍ مِنَ اللهِ ـ سُبْحانَهُ بَلْ إِنَّما ذَلِكَ بِتَوْفيقِهِ ـ جَلَّ شَأْنُهُ، ورَحْمَتِهِ. وقيلَ: إِنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلى أَنَّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ للسوءِ لَمْ يَكُنْ سبَبَهُ عَدَمُ المَيْلِ الطَبيعِيِّ بَلْ خوفُ اللهِ تَعالى. أَوْ أَنَّ القائلَ هُوَ امْرَأَةُ العَزيزِ، بِحَسْبِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَأْويلٍ. فإنَّ ظَاهِرَ تَرْتِيبِ النَّظْمِ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ، مَضَتْ فِي بَقِيَّةِ إِقْرَارِهَا فَقَالَتْ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي. وَذَلِكَ كَالِاحْتِرَاسِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهَا في الآية: 52 السابقة: {ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}. مِنْ أَنَّ تَبْرِئَةَ نَفْسِهَا مِنْ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ ادِّعَاءٌ بِأَنَّ نَفْسَهَا بَرِيئَةٌ بَرَاءَةً عَامَّةً فَقَالَتْ: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي، أَي مَا أُبَرِّئُ نَفْسِي مِنْ مُحَاوَلَةِ هَذَا الْإِثْمِ لِأَنَّ النَّفْسَ أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ وَقَدْ أَمَرَتْنِي بِالسُّوءِ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ. فَالْوَاوُ الَّتِي فِي الْجُمْلَةِ اسْتِئْنَافِيَّةٌ، وَالْجُمْلَةُ ابْتِدَائِيَّةٌ.
قولُهُ: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} هذه الجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ: "وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي"، أَيْ لَا أَدَّعِي بَرَاءَةَ نَفْسِي مِنِ ارْتِكَابِ الذَّنْبِ، لِأَنَّ النُّفُوسَ كَثِيرَةُ الْأَمْرِ بِالسُّوءِ. ومِنْ جُمْلَتِها نَفْسي، وَكُلُّ نَفْسٍ تُفَكِّرُ بِالسُّوءِ، بلْ هي كَثيرَةُ الأَمْرِ بِهِ، والمُرادُ أَنَّها كَثيرَةُ المِيْلِ إِلَى الشَّهَواتِ، مُسْتَعْمِلَةً في تَحْصيلِهَا القُوَى والآلاتِ. وروى ابنُ الجوزيِّ في "زاد المسير" 4/ 241، والطبريُّ: (13/2)، والثعلبيُّ: (7/88 ب). والواحديُّ في البسيط، (12/151). عَنِ الحَسَنِ البَصْريِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنه، أَنَّهُ قال: خافَ عَلَى نَفْسِهِ التَزْكِيَّةَ، وتَزْكِيَةُ النَّفْسِ مِمَّا يُذَمُّ ويُنْهى عَنْهُ، قالَ اللهُ تَعالى في سورةِ النَّجْمِ: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} الآية: 32. فاسْتَدْرَكَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي". قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: يُريدُ: ومَا أُزَكِي نَفْسِي، "إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ" قالَ: يُريدُ بالقبيحِ وما لا يُحِبُّ اللهُ، وذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا تَشْتَهيهِ وتَنَازَعُ إِلَيْهِ. وذَكَرَ كَثيرٌ مِنَ المُفَسِّرينَ أَنَّ يوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ، حينَ قالَ: {لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالغَيْبِ} الآية: 52، السابقة، قالَ لَهُ جِبْريلُ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: ولا حِينَ هَمَمْتَ؟ فقالَ: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ... ". فقَدْ أَخْرَجَ الْفرْيَابِيُّ، وَابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الإِيمانِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا جَمَعَ المَلِكُ النِّسْوَةَ قَالَ لَهُنَّ: انْتُنَّ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ؟ {قُلْنَ حاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ، قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَإنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقينَ} قَالَ يُوسُفُ: {ذَلِك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} فَغَمَزَهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: وَلَا حِينَ هَمَمْتَ بِهَا؟ فَقَالَ "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ". وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ النيسابوريُّ فِي تَارِيخِهِ، وَابْنُ مِرْدُوَيْهِ، والدَّيْلَمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {ذَلِك ليعلم أَنِّي لمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قَالَ لَمَّا قَالَهَا يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا يُوسُفُ اذْكُرْ هَمَّكَ. قَالَ: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي". وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبي الْهُذيْلِ قَالَ: لَمَّا قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَام، {ذَلِك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَلَا يَوْمَ هَمَمْتَ بِمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ فَقَالَ: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ". وَأَخْرَجَ ابْنُ جَريرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا قَالَ يُوسُفُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قَالَ المَلِكُ ـ وَطَعَنَ فِي جَنْبِهِ ـ يَا يُوسُفُ وَلَا حِينَ هَمَمْتَ؟ قَالَ: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي". وَأَخْرَجَ سَعيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ فِي قَوْلِهِ: {ذَلِك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قَالَ: قَالَ لَهُ جِبْرِيل: وَلَا حِينَ حَلَلْتَ السَّرَاوِيلَ؟ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِك: "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ". والنَّفسُ الأَمَّارَةُ بالسُّوءِ هي التي إذا دَعَتْها شَهَواتُها مَالَتْ إليها، فإذا فعَلتها ثمَّ ندمتْ على ما ارتكبت وشرعت في لومِ صاحبها وتأنيبِه فهي اللوَّامةُ، فإذا أَوْصَلَها هذا الندمُ واللَّومُ إلى ترك المعاصي اطْمَأَنَّتْ إلى مَصِيرِها في الآخرَةِ وحُسْنِ مآبِها عِنْدَ لِقاءِ ربِّها أَصبحتِ المُطْمَئِنَّةَ، فإذا تَمَكَّنَتْ في هذِهِ الحَالِ واسْتَقَرَّتْ رَضِيَتْ بِأَحْكامِ رَبِّها وأفعالِهِ فصارتْ الراضيةَ، فإذا تحقَّقتْ بمقامِ الرِّضَى بِأَحْكامِ اللهِ مِنْ خيرِ القضاءِ والقدَرِ وشرِّهِ والعَطاءِ والمَنْعِ رَضِيَ عَنْها رَبُّها ومَولاها فأَصْبَحَتْ مَرْضِيَّةً، قالَ تَعالى في سُورَةِ الفَجْرِ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي} الآيات: (27 ـ 30). فإنَّ الذي عَلَيْهِ أَكْثرُ المُحَقِّقينَ أَنَّ النَّفسَ الإنْسانِيَّةَ واحِدَةٌ ولَها تِلْكَ الصِفاتُ التي سَبَقَتِ الإشارةُ إِلَيْها. قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عنْهُما: مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ عَصَمَ رَبّي.
قولُهُ: {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} أَيْ: إِلَّا النَّفْسَ التِي عَصَمَهَا اللهُ مِنْ ذَلِكَ. وَالِاسْتِثْنَاءُ هنا مِنْ عُمُومِ الْأَزْمَانِ، أَيْ أَزْمَانِ وُقُوعِ السُّوءِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّفْسِ بِهِ يَبْعَثُ عَلَى ارْتِكَابِهِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، إِلَّا وَقْتَ رَحْمَةِ اللهِ عَبْدَهُ، أَيْ رَحْمَتُهُ بِأَنْ يُقَيِّضَ لَهُ مَا يَصْرِفُهُ عَنْ فِعْلِ السُّوءِ، أَوْ يُقَيِّضُ حَائِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ فِعْلِ السُّوءِ، كَمَا جَعَلَ إِبَايَةَ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ إِجَابَتِهَا إِلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ حَائِلًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّوَرُّطِ فِي هَذَا الْإِثْمِ، وَذَلِكَ لُطْفٌ مِنَ اللهِ بِهِمَا. وَلِذَلِكَ ذَيَّلَتْهُ بِجُمْلَةِ "إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ". وقالَ الفَرَّاءُ في "مَعاني القرآنِ" له (2/48): وهذا اسْتِثْناءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لأَنَّ المَرْحومَ بالعِصْمَةِ اسْتُثْنِيَ مِنَ النَّفْسِ الأَمَّارَةِ، وقال ابْنُ الأَنْبارِيِّ: والترجمة عن معناها: أَنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ إِلَّا أَنَّ رَحْمَةَ رَبِّي عَلَيْها المُعْتَمَدُ وإلَيْها المُنْتَهى. و "ما" هنا بِمَعْنَى "مَنْ" كما هي في قَوْلِهِ تعالى في الآيةِ الثالثةِ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، يَعْنِي مَنْ طابَ لكم مِنَ النِساءِ. كما قد تَأْتي "مَنْ" بمعنى "ما" كما هي في قولِهِ تعالى في سورةِ النُّورِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ} الآية: 45، أَي: ومنهم ما يمشي على أرْبَعٍ.
قولُهُ: {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} ثَنَاءٌ عَلَى اللهِ تعالى، بِأَنَّهُ شَدِيدُ الْمَغْفِرَةِ لِمَنْ أَذْنَبَ، وَشَدِيدُ الرَّحْمَةِ لِعَبْدِهِ إِذَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنِ الذَّنْبِ. فقِيلَ: هو من كَلَامُ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ كما تقدَّمَ، وهو مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ: {ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ مَا بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ} الْآيَة: 50، السابقةِ. وَإنَّ قَوْلَهُ في الآيةِ: 51: {قالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ} الآية: 52، اعْتِرَاضٌ فِي خِلَالِ كَلَامِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَبِذَلِكَ فَسَّرَهَا مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَأَبُو صَالِحٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الطَّبَرِيُّ. قَالَ فِي (الْكَشَّافِ) له: وَكَفَى بِالْمَعْنَى دَلِيلًا قَائِدًا إِلَى أَنْ يُجْعَلَ مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تعالى في سُورَةِ الْأَعْرَاف: {قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} ثُمَّ قَالَ: {فَماذا تَأْمُرُونَ} الآيتان: 109 و 110، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ فِرْعَوْنَ يُخَاطِبُهُمْ وَيَسْتَشِيرُهُمْ. يُرِيدُ أَنَّ مَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ أَلْيَقُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ قَلْبٍ مَلِيءٍ بِالْمَعْرِفَةِ. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ضَمِيرُ الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: {لَمْ أَخُنْهُ} الآية: 52، عَائِدًا إِلَى مَعْلُومٍ مِنْ مَقَامِ الْقَضِيَّةِ وَهُوَ الْعَزِيزُ، أَيْ لَمْ أَخُنْ سَيِّدِي فِي حُرْمَتِهِ حَالَ مَغِيبِهِ. وَيَكُونُ مَعْنَى وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِلَخْ.. مِثْلَ مَا تَقَدَّمَ قَصَدَ بِهِ التَّوَاضُعَ، أَيْ لَسْتُ أَقُولُ هَذَا ادِّعَاءً بِأَنَّ نَفْسِي بَرِيئَةٌ مِنِ ارْتِكَابِ الذُّنُوبِ إِلَّا مُدَّةَ رَحْمَةِ اللهِ النَّفْسَ بِتَوْفِيقِهَا لِأَكُفَّ عَنِ السُّوءِ، أَيْ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ مَا اتُّهِمْتُ بِهِ وَأَنَا لَسْتُ بِمَعْصُومْ. أمَّا على تأويلِ من قالَ بأَنَّ الضَّميرَ هُنا يَرْجِعُ إلى زُليخةَ فإنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْمَهَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَيُحَرِّمُونَ الْحَرَامَ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ أَيْضًا، قَالَ تَعَالَى في سُورَة العنكبوت: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ} الآية: 61، وَكَانُوا يَعْرِفُونَ الْبِرَّ وَالذَّنْبَ، وقد تقدَّمَ. وَيكونُ فِي اعْتِرَافِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ بِحَضْرَةِ الْمَلِكِ عِبْرَةٌ بِفَضِيلَةِ الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ، وَتَبْرِئَةُ الْبَرِيءِ مِمَّا أُلْصِقَ بِهِ، وَمِنْ خَشْيَةِ عِقَابِ اللهِ الْخَائِنِينَ.
قولُهُ تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} الوَاوُ: حالية. و "ما" نافيَةٌ لا عملَ لها. و "أُبَرِّئُ" فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ لتجرُّدِهِ مِنَ الناصِبِ والجازِمِ، و "نَفْسِي" مَفْعُولٌ بهِ منصوبٌ وعلامةُ نَصْبِهِ الفتحةُ المُقَدَّرَةُ عَلَى مَا قَبْلِ الياءِ لاشتغالِ المَحَلِّ بالحَرَكَةِ المُنَاسِبَةِ للياءِ، وهو مُضافٌ، والياءُ: ضميرُ المتكلِّمِ متَّصلٌ بهِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، وفاعلُهُ ضَميرٌ مُستترٌ فيهِ وُجوبًا تقديرُه: "أنا" يَعودُ عَلَى زَلِيخَا كما هو الظاهرُ، أَوْ عَلَى يُوسُفَ ـ عليه السلامُ، والجملةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنْ فاعِلِ القولِ المَحْذوفِ والتقديرُ: قلتُ ذَلِكَ الاعْتِرافَ لِيَعْلَمَ يُوسُفُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغَيْبِ حالَةَ كوني غيرَ مُبَرِّئَةٍ نَفْسي مِنَ السُّوءِ.
قولُهُ: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}  إِنَّ: حَرْفُ نَصْبٍ ونَسخٍ مُشبَّهٌ بالفعلِ يُستعمَلُ للتأْكيدِ. و "النَّفْسَ" اسْمُ "إنَّ" منصوبٌ بها. و "لَأَمَّارَةٌ" اللامُ: المُزَحلَقَةُ للتوكيدِ، حَرْفُ ابْتِداءٍ. و "أَمَّارةٌ" خَبَرُ "إِنَّ" مرفوعٌ. و "بِالسُّوءِ" جارٌّ وجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وجُمْلَةُ "إِنَّ" هذه مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْليلِ النَّفْيِ المَذْكورِ قَبْلَها.
قولُهُ: {إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي}  إِلَّا: أَداةُ اسْتِثْناءٍ. و "مَا" اسْمٌ مَوْصُولٌ مبنيٌّ على السكونِ في مَحَلِّ النَّصْبِ عَلى الاسْتِثْناءِ. وفي هذا الاستثناءِ أَوْجُهٌ، أَحَدُها: أَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في "أَمَّارَةٌ" كَأَنَّهُ قيلَ: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ إِلَّا نَفْسًا رَحِمَهَا رَبِّي، فيَكونُ أَرادَ بِالنَّفْسِ الجِنْسَ، فلِذَلِكَ سَاغَ الاسْتِثْناءُ مِنْها كما في قولِهِ تعالى: {إِنَّ الإنسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الذين آمَنُواْ} الآيتان: (2 و 3) مِنْ سُورَةِ العَصْرْ، وإلى هذا نَحَا الزَمَخْشَرِيُّ فإنَّهُ قالَ: إِلَّا البَعْضَ الذي رَحِمَهُ رَبِّي بالعِصْمَةِ كالمَلائكةِ. وفي قولِهِ هذا نَظَرٌ مِنْ حَيْثُ إيقاعُ "ما" عَلى مَنْ يَعْقِلُ، والمَشْهورُ خِلافُهُ. والثاني: أَنَّ "ما" في مَعْنَى الزَّمانِ فَيَكونُ مُسْتَثْنًى مِنَ الزَّمَنِ العامِّ المُقَدَّرِ. والمعنى: إنَّ النفسَ لأَمَّارَةٌ بالسُّوءِ في كُلِّ وَقْتٍ وأَوانٍ إلَّا وَقْتَ رَحْمَةِ رَبي إِياهَا بالعِصْمَةِ. ونَظيرُ ذلك قولُهُ تَعالى في سورةِ النساءِ: {وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ} الآية: 92. وقد تقدَّمَ أَنَّ الجمهورَ لا يُجيزونَ أَنْ تَكونَ "ما" واقعةً موقعَ ظرفِ الزَمانِ. والثالث: أَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ مفعولِ "أمَّارة"، أيْ: لأمَّارةٌ صاحبَها بالسُّوءِ إِلَّا الذي رَحِمَهُ الله. وفي هذا الرأيِ إيقاعُ "ما" عَلَى العاقلِ. والرابعُ: أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ. قالَ ابْنُ عَطِيَّة: (وهو قولُ الجمهورِ). وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: ويجوز أنْ يكونَ اسْتِثناءً مُنْقَطِعًا، أَيْ: ولكنْ رَحْمَةُ رَبِّي هي التي تَصْرِفُ الإِساءَةَ كما في قولِهِ تعالى في سورة يس: {وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ إِلاَّ رَحْمَةً مِّنَّا} الآية: 23. و "رَحِمَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، و "رَبِّي" فاعلٌ مَرْفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ المُقدَّرةُ على آخرِهِ لانشغالِ المحلِّ بالحركةِ المُناسِبَةِ للياءِ، وهو مضافٌ، والياءُ: ضميرُ المتكلِّمِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ. والجُمْلَةُ صِلَةُ المَوْصولِ لا محلَّ لها مِنَ الإعْرابِ، والعائدُ مَحْذوفُ والتقديرُ: إِلَّا نَفْسًا رَحِمَها رَبّي بالعَصْمَةِ كنفسِ يوسفَ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ.
قولُهُ: {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} إِنَّ: حَرْفُ نَصْبٍ ونَسخٍ مُشبَّهٌ بالفعلِ يُستعمَلُ للتأْكيدِ. و "رَبِّي" اسمُها منْصوبٌ بها، وعلامةُ نَصْبِهِ الفتحةُ المُقدَّرةُ على آخرِهِ لانشغالِ المحلِّ بالحركةِ المُناسِبَةِ للياءِ، وهو مضافٌ، والياءُ: ضميرُ المتكلِّمِ مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ. و "غَفُورٌ" خبرُها الأوَّلُ و "رَحِيمٌ" خَبَرُها الثاني، وجُمْلَةُ "إِنَّ" مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها مِنَ الإعراب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 53
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 59
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 13
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 29
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 45
» فيض العليم ... سورة يوسف، الآية: 61

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: