روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة هود الآية: 81

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة هود الآية: 81 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة هود الآية: 81 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة هود الآية: 81   فيض العليم ... سورة هود الآية: 81 I_icon_minitimeالجمعة ديسمبر 18, 2015 6:00 pm

قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ
(81)
قولُهُ ـ تعالى شأنُهُ: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} لَمَّا رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ الكرامُ أنَّ السَفَلةَ من قومِ لوطٍ قد أحاطوا به من كلَّ جانبٍ وأخذوا يتسوَّرون عليه بَيْتَهُ، وعاينتِ الملائكةُ حَالَةَ لوطٍ ـ عليه وعليهمُ السَّلامُ، وما هوَ فيهِ مِنْ شعورٍ بالضَعفِ والخوفِ والحُزْنِ والقلقٍ والإحباط، بَشَّرُوهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْبِشَارَاتِ: أَوَّلُهَا: أعلموه أَنَّهُمْ ملائكةٌ مُرْسَلُونِ إليه مِنْ رَبِّهِ ـ سبحانَهُ وتعالى. وَثَانِيهَا: طمأنوه بأَنَّ هؤلاءِ الْكُفَّارَ مِنْ قومِهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَى مَا هَمُّوا بِهِ مِنْ فاحشةِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ اللهَ تَعَالَى مُهْلِكُهُمْ جَميعًا عن قريبٍ. وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ سبحانَهُ سيُنَجِّيهِ مَعَ أَهْلِهِ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ رُكْنَهُ شَدِيدٌ وَأَنَّ نَاصِرَهُ هُوَ الله تَعَالَى. وَرُوِيَ أَنَّ جِبْرِيلَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لَهُ افْتَحِ الْبَابَ فإِنَّ قَوْمَكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ. فَلمَّا دَخَلُوا ضَرَبَ جِبْرِيلُ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِجَنَاحِهِ وُجُوهَهُمْ فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ فَأَعْمَاهُمْ فَصَارُوا لَا يَعْرِفُونَ الطَّرِيقَ وَلَا يَهْتَدُونَ إِلَى بُيُوتِهِمْ، وذلكَ مِصْداقُ قَولِهِ تَعَالَى في سورةِ القَمَرِ: {وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ} الْآية: 37. وَقِيلَ: إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا وَاقِفِينَ بِبَابِهِ، وَلُوطٌ يُدَافِعُهُمْ، وَيَرْدَعُهُمْ، وَيَنْهَاهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ، وَهُمْ لاَ يَقْبَلُونَ مِنْهُ، فَطَمَسَ اللهُ عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَرَجَعُوا لاَ يَهْتَدُونَ إِلى الطَّرِيقِ كَمَا جَاءَ فِي الآيَةٍ: 37. آنفةِ الذِكْر مِنْ سُورَةِ القَمَرِ. وَقِيلَ: أَخَذَ جِبْرِيلُ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَأَذْرَاهَا فِي وُجُوهِهِمْ، فَأَوْصَلَ اللهُ إِلَى عَيْنِ مَنْ بَعُدَ وَمَنْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ التُّرَابَ فَطَمَسَ أَعْيُنَهُمْ، فَلَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقًا، وَلَا اهْتَدَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ، وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: النَّجَاءَ النَّجَاءَ! فَإِنَّ فِي بَيْتِ لُوطٍ قَوْمًا هُمْ أَسْحَرُ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَقَدْ سَحَرُونَا فَأَعْمَوْا أَبْصَارَنَا. وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لُوطُ كَمَا أَنْتَ حَتَّى نُصْبِحَ فَسَتَرَى، يَتَوَعَّدُونَهُ. و "بِقِطْعٍ مِنَ الليْلِ" أيْ: بِطَائِفَةٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ آخِرِهِ. وَحِينَ أَعْلَمَهُ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ مَلاَئِكَةُ اللهِ وَرُسُلُهُ، وَأَنَّ قَوْمَهُ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ وَلا إِلى ضُيُوفِهِ بِسُوءٍ، اطمأنَّ ـ عليه السلامُ، إلى نَصْرِ اللهِ وتَأْييدِهِ، وهَدَأَ رَوْعُهُ.
قولُهُ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} ثُمَّ أَمَرُوهُ بِأَنْ يُسْرِي بِأَهْلِهِ بَعْدَ هَجْعَةٍ مِنَ الليْلِ، وَأَنْ يَسِيرَ هُوَ فِي المُؤَخِرَةِ، وَيَتْبَعُ أَدْبَارَ أَهْلِهِ. وَالسُّرَى السَّيْرُ فِي اللَّيْلِ. يُقَالُ: سَرَى يَسْرِي، إِذَا سَارَ بِاللَّيْلِ، وَأَسْرَى بِفُلَانٍ، إِذَا سِيرَ بِهِ بِاللَّيْلِ، وَالْقِطْعُ مِنَ اللَّيْلِ: بَعْضُهُ، وَهُوَ مِثْلُ الْقِطْعَةِ، يُرِيدُ اخْرُجُوا لَيْلًا لِتَسْبِقُوا نُزُولَ الْعَذَابِ الَّذِي مَوْعِدُهُ الصُّبْحُ. قَالَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ لِعَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ ـ رَضِيَ الله عَنْهُمَا: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله "بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ" قالَ: هوَ آخِرُ اللَّيلِ سَحَرًا. أَخْرَجَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِي فِي (الْوَقْفِ والابتداءِ). وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس ـ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: "بِقِطْعٍ" قَالَ سَوادٌ مِنَ اللَّيْل. وَأخرج عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة ـ رضي اللهُ عنه، فِي قَوْلِهِ: "بِقطع من اللَّيْل" قَالَ: بطَائفَةٍ مِنَ اللَّيْل. ورويَ عنه أيضًا أَنَّه قالَ: بَعْدَ مُضِيِّ صَدْرٍ مِنَ اللَّيْلِ. وقال الْأَخْفَشُ: بَعْدَ جُنْحٍ مِنَ اللَّيْلِ. وقال ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: بِسَاعَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: بِظُلْمَةٍ مِنَ اللَّيْلِ. وَقِيلَ: بَعْدَ هَدْءٍ مِنَ اللَّيْلِ. وقيلَ: هزيعٍ من الليلِ. وَقَالَ آخَرُونَ: القِطْعُ هُوَ نِصْفُ اللَّيْلِ. فَإِنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قُطِعَ بِنِصْفَيْنِ. وقَالَ مَالكُ بْنُ كِنَانَةَ:
ونائحةٍ تَقومُ بِقِطْعِ لَيْلٍ ...................... على رَجُلٍ أَماتَتْهُ شَعُوبُ
الشَعُوبُ هُنَا: الفُرْقَةُ. وَقِيلَ: "أَسْرى" (بهمزةِ القَطْعِ) إذا سَارَ مِنْ أَوَّلِ الليْلِ، وَ "سَرَى" إِذَا سَارَ مِنْ آخِرِهِ، وَلَا يُقَالُ فِي النَّهَارِ إِلَّا سَارَ.
وقَالَ لَبِيَدٌ:
إِذَا الْمَرْءُ أَسْرَى لَيْلَةً ظَنَّ أَنَّهُ ........ قَضَى عَمَلًا وَالْمَرْءُ مَا عَاشَ عَامِلُ
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ـ رضي اللهُ عنه:
عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى ....... وَتَنْجَلِي عَنْهُمْ غَيَابَاتُ الْكَرَى
ثُمَّ أَمَرُوهُ بِأَنْ لاَ يَلْتَفِتَ أَحَدٌ إِذَا سَمِعُوا صَوْتَ البَلاَءِ المُنْصَبِّ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ، وَلاَ يَهُولَنَّهُمْ ذلِكَ.
قولُهُ: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} قال مجاهد ـ رضي اللهُ عنه: أَيْ: لَا يَنْظُرُ وَرَاءَهُ مِنْكُمْ أَحَدٌ. وقال ابْنُ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما: لَا يَتَخَلَّفُ مِنْكُمْ أَحَدٌ. وقالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى رضي اللهُ عنه: لَا يَشْتَغِلُ مِنْكُمْ أَحَدٌ بِمَا يُخَلِّفُهُ مِنْ مَالٍ أَوْ مَتَاعٍ. الْمُرَادُ بهذا الأَمْرِ النَّهْيُ عَنِ التَّخَلُّفِ والتباطُؤِ، والظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ فِي الْبَلْدَةِ أَمْوَالٌ وَأَصْدِقَاءُ، فَأَمَرَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِأَنْ يَخْرُجُوا وَيَتْرُكُوا تِلْكَ الْأَشْيَاءَ، وَلَا يَلْتَفِتُوا إِلَيْهَا الْبَتَّةَ. فالِالْتِفَاتُ نَظَرُ الْإِنْسَانِ إِلَى مَا وَرَاءَهُ، وَكَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ قَطْعَ الْقَلْبِ عَنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ يُرَادُ مِنْهُ الِانْصِرَافُ أَيْضًا. كَقَوْلِهِ تَعَالَى في سُورةِ يُونُس ـ عليه السلامُ: {قالُوا: أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} الآية: 78. أَيْ لِتَصْرِفَنَا عنهُ.
قولُهُ: {إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} وَقَالُوا لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَهُ سَتَكُونُ مِنَ الهَالِكِينَ، لأَنَّهَا مِنْ قَوْمِهَا فِي فَسَادِهَا. فالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ هنا، والْتِفَاتُهَا مَعْصِيَةٌ، يُؤكِّدُ ذلك مَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّهُ قَالَ إِنَّهَا كَانَتْ مَعَ لُوطٍ حِينَ خَرَجَ مِنَ الْقَرْيَةِ، فَلَمَّا سَمِعَتْ هَذَا الْعَذَابَ الْتَفَتَتْ وَقَالَتْ: يَا قَوْمَاهُ! فَأَصَابَهَا حَجَرٌ فَأَهْلَكَهَا وذَلِكَ مِصْداقًا لِقَوْلِهِ تَعالى: "إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ" أَيْ: مِنَ العذابِ والهلاكِ.
قولُهُ: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ} الآية: 31. مِنْ سُورَةِ العنكبوت، قالَ نَبِيُّ اللهِ لُوطٌ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ: الآنَ، الْآن. مُسْتَعْجِلًا لهمُ الْعَذَابَ لِشدَّةِ غَيْظِهِ عَلَى قَوْمِهِ، فَقَالُوا: "إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" وفيهِ إِشارَةٌ إِلى أَنَّ لِكُلِّ أَمْرٍ عَنْدَ اللهِ تَعالى موعدُهُ ومِيقاتُهُ الذي لا يَتَقَدَّمُ عنه لَحْظَةً واحدةً ولا يَتَأَخَّرُ، فهو كَما قالَ ـ سُبْحانَهُ وتعالى في الآية: 34، مِنْ سُورَةِ الأَعْرافِ: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُون}. والصُبحُ هو الوقتُ ما بينَ الفَجْرِ وشَروقِ الشَّمْسِ، فَلمَّا قَالَ لَهُمْ: أَهْلِكُوهُمُ السَّاعَةَ، قَالُوا لَهُ: "أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ" فقَرَّبُوا لَهُ مَوْعِدَ الهَلاَكِ، وَقَالُوا لَهُ إِنَّهُ الصُّبْحُ. قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: فلَمَّا سَمِعَ لُوطٌ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هَذَا الْكَلَامَ، خَرَجَ بِأَهْلِهِ في عَتْمَةِ اللَّيلِ. فيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَعَلَ الصُّبْحَ مِيقَاتًا لِهَلَاكِهِمْ، لِأَنَّ النُّفُوسَ فِيهِ أَوْدَعُ، وَالنَّاسَ فِيهِ أَجْمَعُ، فخَرَجَ لوطٌ ـ عَلَيْهِ السَّلامُ بِابْنَتَيْهِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُمَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ كما قَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةَ: إِنَّ اللهَ قَدْ وَكَّلَ بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ مَلَائِكَةً مَعَهُمْ صَوْتُ رَعْدٍ، وَخَطْفُ بَرْقٍ، وَصَوَاعِقُ عَظِيمَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا لَهُمْ أَنَّ لُوطًا سَيَخْرُجُ فَلَا تُؤْذُوهُ، وَأَمَارَتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ، وَلَا تَلْتَفِتُ ابْنَتَاهُ فَلَا يَهُولَنَّكَ مَا تَرَى. فَخَرَجَ لُوطٌ وَطَوَى اللهُ لَهُ الْأَرْضَ فِي وَقْتِهِ حَتَّى نَجَا وَوَصَلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ. ثمَّ إنَّ جِبْرِيلَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَدْخَلَ جَنَاحَهُ تَحْتَ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ، وَهِيَ خَمْسٌ: سَدُومُ: وَهِيَ الْقَرْيَةُ الْعُظْمَى، وَعَامُورَا، وَدَادُومَا، وضَعْوَةُ، وَقَتَمُ، فَرَفَعَهَا مِنْ تُخُومِ الْأَرْضِ حَتَّى أَدْنَاهَا مِنَ السَّمَاءِ بِما فِيهَا، حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نَهِيقَ حُمُرِهِمْ وَصِيَاحَ دِيَكَتِهِمْ، فلَمْ تَنْكَفِئْ لَهُمْ جَرَّةٌ، وَلَمْ يَنْكَسِرْ لهم إِناءٌ، ثمَّ نُكِسُوا على رُؤوسِهم، وَأَتْبَعَهُمُ اللهُ بِالْحِجَارَةِ، فمن كانَ بعيدًا عن هذه القرى أصابه حجرٌ فقتلهُ، كما فُعِلَ بامرأةِ لوطٍ حين الْتَفَتَتْ.
قولُهُ تعالى: {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ} قَالُوا: فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الضمِّ لاتِّصالِهِ بواوِ الجماعةِ، وهو ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعِلِهِ، والجُملةُ مُسْتَأْنَفَةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ. و "يَا" أداةُ نداءٍ للمتوسِّطِ بُعْدُهُ، و "لوطُ" مُنَادى مُفْرَدُ العَلَمِ مبنيٌّ على الضَمِّ في محلِّ النَّصْبِ، وجُمْلةُ النَّداءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ. و "إِنَّا" إنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، و "نا" ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ نصبِ اسْمَهِ. و "رُسُلُ" خَبَرُ "إنَّ" مرفوعٌ وهو مضافٌ، و "رَبِّكَ" مٌضافُ إِلَيْهِ وهو مضافٌ أيضًا، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ جَرٍّ بالإضافةِ إليه، وجُمْلَةُ "إنَّ" في محلِّ النَّصْبِ بالقولِ عَلى كَونِها جَوابَ النِّداءِ. و "لَنْ" حرفٌ ناصِبٌ و "يَصِلُوا" فعلٌ مضارعٌ منصوبٌ ب "لَنْ" وعلامةُ نصبِهِ حذفُ النونِ مِنْ آخرهِ لأنَّه من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعةِ ضميرٌ متَّصلٌ به مبنيٌّ على السكونِ في محلِّ رفعِ فاعلِهِ، والألفُ الفارقةُ. و "إِلَيْكَ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وهذه الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ مُفَسِّرَةٌ للجُمْلَةِ التَي قَبْلَها وموضِّحةٌ على كَوْنِها منصوبةً بالقولَ، لأنَّهم إذا كانوا رُسُلَ اللهِ، لَنْ يَصِلوا إِلَيْهِ، ولن يَقْدِروا على ضَرَرِهِ.
فقولُهُ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} فَأَسْرِ: الفاءُ: عاطِفَةٌ لِرَبْطِ المُسَبّبِ بالسَّبَبِ. "أَسْرِ" فعلُ أَمْرٍ مَبْنِيٌّ عَلى حَذْفِ حَرْفِ العِلَّةِ من آخرِهِ، وهيَ الياءِ، والكَسْرَةُ قَبْلَها دَليلٌ عَلَيْها، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه وُجوبًا تقديرُهُ "أنت" يَعودُ على لُوطٍ ـ عليهِ السَّلامُ. و "بِأَهْلِكَ" جارٌّ ومَجْرورٌ متعلِّقٌ بحالٍ مِنِ فاعِلِ "أَسْرِ"؛ أيْ: مُصاحِبًا لهم. ويجوزُ أَنْ تَكونَ الباءُ للتَعْديةَ، وهذه الجُمْلَةُ الفعليَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقَوْلِ عطْفًا على الجُمْلَةِ التي قَبْلَها. و "بِقِطْعٍ" الباءُ: حَرْفُ جَرٍّ بِمَعْنَى "في". و "قِطْعٍ" مَجْرورٌ بِهِ، والجَارُّ والمَجْرورُ مُتَعَلِّقٌ ب "أَسْرِ". أو بحالٍ مِنْ "أهلك" أيْ: مُصاحِبينَ لِقِطْعٍ، عَلى أَنَّ المُرادَ بِهِ الظُلْمَةُ. و "مِنَ اللَّيْلِ" جارٌّ ومجرورٌ في مَحَلِّ صِفَةٍ لـِ "قِطْعٍ".
قولُهُ: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ} الوَاوُ: حرفُ عطفٍ، و "لَا" ناهيةٌ جازمةٌ، و "يَلْتَفِتْ" فعلٌ مضارعٌ مجزومٌ ب "لا" الناهيةِ. و "مِنْكُمْ" جارٌّ ومجرورٌ في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ مِنْ "أَحَدٌ". و "أَحَدٌ" فاعِلُهُ مَرفوعٌ بهِ، والجُمْلَةُ مَعْطوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "أَسْرِ". و "إِلَّا" أداةُ استثناءٍ "امْرَأَتَكَ" منصوبٌ على الاستثناءِ مِنَ الأهْلِ، أَوْ مِنْ "أَحَدٌ" وهو في الحالين استثناءٌ منقطعٌ، ويجوزُ أنْ يُرْفَعَ على البَدَلِيَّةِ مِنْ "أَحَدٌ" وهي قراءةٌ سنعرضُ لَها عند الحديث على القراءاتِ. وهو مضافٌ، وكافُ الخطابِ ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه. و "إِنَّهُ" حرفٌ ناصِبٌ ناسخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ بهِ في محلِّ نصبِ اسْمِهِ. و "مُصِيبُهَا" خَبَرُهُ مرفوعٌ بِهِ وهو مضافٌ، والهاءُ: ضميرٌ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليه، وجُمْلَةُ "إنَّ" مَسُوقَةٌ لِتَعْليلِ الاسْتِثْناءِ عَلى كَوْنِها مَقولَ القَوْلِ. و "مَا أَصَابَهُمْ" ما: مَوْصُولةٌ، أَوْ نَكِرَةٌ مَوْصوفَةٌ في مَحَلِّ الرَّفعِ، فاعلٌ لِاسْمِ الفاعلِ "مُصيبُ". و "أَصَابَهُمْ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ، وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ على "ما"، وضميرُ الغائبينَ "هم" متَّصلٌ به في محلِّ نَصْبِ مفعولِهِ، والجُمْلَةُ الفعليَّةُ هذه، صِلَةٌ لـِ "ما" أَوْ صِفَةٌ لَها. ويجوزُ الضميرُ في "إنَّه" ضَميرَ الشَأْنِ، و "مُصِيبُ" مُبْتَدَأٌ و "مَا" خَبَرُهُ.
قولُهُ: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ} إِنَّ: حرفٌ ناصِبٌ ناسِخٌ مشبَّهٌ بالفعلِ للتوكيدِ، و "مَوْعِدَ" اسْمُهُ منصوبٌ به وهو مُضافٌ، وضميرُ الغائبينَ "هم" متَّصلٌ بهِ في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ، و "الصبحُ" خَبَرُهُ مرفوعٌ، والجُملةُ هذِهِ في مَحَلَّ النَّصْبِ بالقَوْلِ. و "أَلَيْسَ" الهمزةُ: للاسْتِفهامِ التَقْريريِّ. و "ليس" فعلٌ ناقصٌ، و "الصبحُ" اسْمُهُ مرفوعٌ. و "بِقَرِيبٍ" الباءُ: حرْفُ جرٍّ زائدٍ، و "قريبٍ" مجرورٌ لفظًا بِحَرْفِ الجَرِّ الزائدِ، منصوبٌ مَحَلًّا على أَنَّهُ خبرُ "ليسَ" وهذه الجملةُ في مَحَلِّ النَّصبِ بالقولِ.
قرَأَ الجمهورُ: {فأَسْرِ بأهلِكَ} بِقَطْعِ الْأَلْفِ، وقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ "فَاسْرِ" بوصلِها، وَهُمَا لُغَتَانِ، يُقَالُ سَرَيْتُ بِاللَّيْلِ وَأَسْرَيْتُ، وَمنْ ذلك بيتُ حَسَّان بْنِ ثابِتٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
حَتَّى النَّضِيرَةِ رَبَّةِ الْخِدْرِ ................ أَسْرَتْ إِلَيْكَ وَلَمْ تَكُنْ تَسْرِي
بِفَتْحِ تَاءِ "تَسْرِي" فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ ومنه قولُ النابغةِ الذبيانيِّ:
أَسْرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَوْزَاءِ سَارِيَةٌ ... تُزْجِي الشَّمَالُ عَلَيْهَا جَامِدَ الْبَرَدِ
فَإِنَّهُ قَالَ: أَسْرَتْ، مِنَ الرُبَاعِيَّ، وَقَالَ: سَارِيَةٌ، اسْمُ فَاعِلِ "سَرَى" الثُّلَاثِيَّ.
فَمَنْ قَرَأَ بِقَطْعِ الْأَلِفِ فَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى في أوَّل آيةٍ من سورة الإسراءِ: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ ليلًا مِنَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى}، وَمَنْ وَصَلَ فَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ في سورة الفجرِ: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} الْآية: 4.
قرأ الجمهور: {إلَّا امرأتَكَ} بِالنَّصْبِ، وقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عُمَرَ "إِلَّا امْرَأَتُكَ" بِالرَّفْعِ. فمَنْ نَصَبَ فَقَدْ جَعَلَهَا مُسْتَثْنَاةً مِنَ الْأَهْلِ عَلَى مَعْنَى فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مسعودٍ: (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ) فَأَسْقَطَ قَوْلَهُ: "وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ" مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَأَمَّا الَّذِينَ رَفَعُوا فَالتَّقْدِيرُ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ. فمعنى "إِلَّا" هاهنا الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْقَطِعُ عَلَى مَعْنَى، لَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ، لَكِنِ امْرَأَتُكَ تَلْتَفِتُ فَيُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ.
قرَأَ الجمهورُ: {أليسَ الصُّبْحُ} بِتَسْكينِ الباءِ، وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ "أَلَيْسَ الصُّبُحُ" بِضَمِّها، وَهِيَ لُغَةٌ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة هود الآية: 81
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 32
» فيض العليم ... سورة هود الآية: 63
» فيض العليم ... سورة هود الآية: 84
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 100

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: