روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42   فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42 I_icon_minitimeالسبت نوفمبر 07, 2015 4:39 pm

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ
(42) َ
قولُهُ ـ تعالى شأنُه: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} عَدَلَ عَنِ الْفِعْلِ الْمَاضِي هُنَا إِلَى الفعلِ الْمُضَارِعِ فقالِ "تجري" لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ، كما هوَ قولُهُ تَعَالَى في سورة فاطِر: {وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحابًا} الآية: 9. فقالَ أَرْسَلَ لأنَّ الماضيَ آكَدُ من المضارعِ، فلمَّا أراد استحضارَ الحالةِ أتى بالمضارعِ فقال: "فتُثيرُ"، فالسفينةُ إذًا تَجْرِي بِرَاكِبِيهَا عَلَى وَجْهِ المَاءِ فِي أَمْوَاجٍ كِالجِبَالِ بَعْدَ أَنْ غَطَّى المَاءَ الأَرْضَ، وَالْمَوْجُ: هو مَا يَرْتَفِعُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى سَطْحِهِ عِنْدَ اضْطِرَابِهِ، وَتَشْبِيهُهُ بِالْجِبَالِ للتَعْبِيرِ عن ضَخَامَتِهِ. ولِتِصويرِ هذه الحالِ المخيفة، وَذَلِكَ إِمَّا لِكَثْرَةِ الرِّيَاحِ الَّتِي تَعْلُو الْمَاءَ وَإِمَّا لِدَفْعِ دَفَقَاتِ الْمَاءِ الْوَارِدَةِ مِنَ السُّيُولِ السَّفِينَةَ، وَالْتِقَاءِ الْأَوْدِيَةِ الْمَاءَ السَّابِقَ لَهَا، فَإِنَّ حَادِثَ الطُّوفَانِ مَا كَانَ إِلَّا عَنْ مِثْلِ زَلَازِلَ تَفَجَّرَتْ بِهَا مِيَاهُ الْأَرْضِ وَأَمْطَارٌ جَمَّةٌ تَلْتَقِي سُيُولُهَا مَعَ مِيَاهِ الْعُيُونِ فَتَخْتَلِطُ وَتَجْتَمِعُ وَتَصُبُّ فِي الْمَاءِ الَّذِي كَانَ قَبْلَهَا حَتَّى عَمَّ الْمَاءُ جَمِيعَ الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ اللهُ إِغْرَاقَ أَهْلِهَا.
قولُهُ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ، وَكَانَ كَافِراً، وقد حُصِرَ في مَكَانٍ مُنْعَزِلٍ عَزَلَهُ المَاءُ. وَابْنُ نُوحٍ هَذَا هُوَ ابْنٌ رَابِعٌ فِي أَبْنَائِهِ مِنْ زَوْجٍ ثَانِيَةٍ لِنُوحٍ كَانَ اسْمُهَا (وَاعِلَةَ) غَرِقَتْ، وَأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ فِي آخِرِ سُورَةِ التَّحْرِيمِ. قِيلَ كَانَ اسْمُ ابْنِهِ (يَامَا) وَقِيلَ اسْمُهُ (كَنْعَانُ) وَهُوَ غَيْرُ كَنْعَانَ بْنِ حَامٍ جَدِّ الْكَنْعَانِيِّينَ. وَقَدْ أَهْمَلَتِ التَّوْرَاةُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ ذِكْرَ هَذَا الِابْنِ وَقَضِيَّةِ غَرَقِهِ وَهَلْ كَانَ ذَا زَوْجَةٍ أَوْ كَانَ عَزَبًا. وَأخرجَ ابْنُ جَريرٍ وَابْنُ الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَن أَبي جَعْفَر مُحَمَّدِ بْنِ عَليِّ بْنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُم، فِي قَوْلِهِ تعالى: "ونادى نوحٌ ابْنَهُ" قَالَ: هِيَ بِلُغَةِ طَيِّئٍ، لمْ يَكُنِ ابْنَهُ، وَكَانَ ابْنَ امْرَأَتِهِ.
ويؤَيِّدُ هذا قراءَةُ الإمامِ عليٍّ ـ رضي اللهُ عنه، فيما أَخْرَجَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي (الْمَصَاحِفِ)، وَأَبُو الشَّيْخ، عَنْهُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّه قَرَأَ "ونادى نوح ابْنهَا".
 وَالْمَعْزِلُ: مَكَانُ الْعُزْلَةِ أَيِ الِانْفِرَادِ، أَيْ فِي مَعْزِلٍ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِمَّا لِأَنَّهُ كَانَ لَمْ يُؤْمِنْ بِنُوحٍ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَمْ يُصَدِّقْ بِوُقُوعِ الطُّوفَانِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ ارْتَدَّ فَأَنْكَرَ وُقُوعَ الطُّوفَانِ فَكَفَرَ بِذَلِكَ لِتَكْذِيبِهِ الرَّسُولَ.
قولُهُ: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُؤْمِنَ وَيَرْكَبَ مَعَهُمْ فِي السَّفِينَةِ، لِكَيْلاَ يَغْرَقَ كَمَا سَيَغْرَقُ الآخَرُونَ مِنَ الكَفَرَةِ، وَكَانَ الابْنُ يَقِفُ فِي مَكَانٍ مُنْعَزِلٍ عَزَلَهُ المَاءُ وَأَحَاطَ بِهِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. و "بُنَيَّ" تَصْغِيرُ "ابْنٍ" مُضَافًا إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. وَتَصْغِيرُهُ هُنَا تَصْغِيرُ شَفَقَةٍ بِحَيْثُ يُجْعَلُ كَالصَّغِيرِ فِي كَوْنِهِ مَحَلَّ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ. وأَصْلُهُ بُنَيْو، لِأَنَّ أَصْلَ ابْنٍ بَنْو، فَلَمَّا حَذَفُوا مِنْهُ الْوَاوَ لِثِقَلِهَا فِي آخِرِ كَلِمَةٍ ثُلَاثِيَّةٍ نَقَصَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ فَعَوَّضُوهُ هَمْزَةَ وَصْلٍ فِي أَوَّلِهِ، وَمَهْمَا عَادَتْ لَهُ الْوَاوُ الْمَحْذُوفَةُ لِزَوَالِ دَاعِي الْحَذْفِ طُرِحَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ، ثُمَّ لَمَّا أُرِيدَ إِضَافَةُ الْمُصَغَّرِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ لَزِمَ كَسْرُ الْوَاوِ لِيَصِيرَ بُنَيْوِي، فَلَمَّا وَقَعَتِ الْوَاوُ بَيْنَ عَدُوَّتَيْهَا الْيَاءَيْنِ قُلِبَتْ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي يَاءِ التَّصْغِيرِ فَصَارَ بُنَيَّيَ بِيَاءَيْنِ فِي آخِرِهِ أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْمُنَادَى الْمُضَافُ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ يَجُوزُ حَذْفُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ وَإِبْقَاءُ الْكَسْرَةِ صَارَ بُنَيَّ ـ بِكَسْرِ الْيَاءِ مُشَدَّدَةً، فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ بُنَيَّ بِفَتْحِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُضَافِ إِلَيْهَا لِأَنَّهَا يَجُوزُ فَتْحُهَا فِي النِّدَاءِ، أَصله يَا بُنَيِّيَ بِيَاءَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ مُشَدَّدَةٌ وَهِيَ يَاءُ التَّصْغِيرِ مَعَ لَامِ الْكَلِمَةِ الَّتِي أَصْلُهَا الْوَاوُ ثُمَّ اتَّصَلَتْ بِهَا يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ وَحُذِفَتِ الْيَاءُ الْأَصْلِيَّةُ.
قولُهُ تَعَالَى: {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} الواوُ: واوُ الحالِ، و "هِيَ" ضميرٌ منفصلٌ للمفرد الغائبِ المؤنَّثِ في محلِّ رفعٍ بالابتداءِ، و "تَجْرِي" فعلٌ مُضارِعٌ لازمٌ، مرفوعٌ لتجرُّدهِ من الناصبِ والجازمِ، وعلامةُ رفعِهِ ضمَّةٌ مقدَّرةٌ على آخرِهِ منعَ من ظهورها ثِقَلُ لَفْظِها على الياءِ، والفاعِلُ ضميرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هي" يَعودُ على السَفينَةِ، وهذه الجُمْلَةُ الفِعْلِيَّةُ في مَحَلِّ رَفْعِ خَبَرِ المُبتَدَأِ، و "بِهِمْ} الباءُ حرفُ جَرٍّ مُتَعَلِّقٌ بالفعلِ "تجري"، و "هم" ضميرُ جماعةِ الغائبينَ مُتَّلٌ به في محلِّ الجَرٍّ بِهِ. و "فِي مَوْجٍ" جارًّ ومجرورٌ متَعَلِّقٌ أيضًا بِ "تجري"، و "كَالْجِبَالِ" جارٌّ ومَجرورٌ في محلِّ صفةٍ لـ "مَوْجٍ". والجُمْلةَ الاسْمِيّةُ من المبتدأِ وخبرِهِ في مَحَلِّ النَصْبِ على الحالِ مِنْ مَحْذوفٍ تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةٌ مَحْذوفَةٌ، دَلَّ عَلَيْها سياقُ الكَلامِ، والتقديرُ: فَرَكِبوا فَيها حالَ كونِها تَجْري بِهم، ويجوزُ أنْ تكونَ هذه الجملةُ الاسْمِيَّةُ جملَةً مُسْتَأْنَفَةً.
قولُهُ: {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} الوَاوُ: للاستئنافِ، و "نَادَى" فعلٌ ماضٍ مبنيٍّ على الفتحِ المقدَّرِ على آخرِهِ لتعذُرِ ظهورِهِ على الألِفِ، و "نُوحٌ" فاعلُهُ مرفوعٌ بهِ وعلامةُ رفعِهِ ظاهرةٌ على آخِرِهِ، و "ابْنَهُ" مَفْعولٌ بهِ منصوبٌ وهوَ مضافٌ، والهاءُ ضميرُ الغائبِ متَّصلٌ به في محلِّ الجرِّ بالإضافةِ إليهِ، والجُمُلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قولُهُ: {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} الواو: واوُ الحالِ، و "كَانَ" فعلٌ ماضٍ ناقِصٌ، مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ على آخرِهِ، واسُمُهُ ضَمِيرٌ مستترٌ فيه جوازًا تقديرُهُ "هو" يَعودُ عَلى ابْنِ نوحٍ، و "فِي مَعْزِلٍ" جارٌ ومجرورٌ في محلِّ نصبِ خَبَرِ "كانَ"، وهذه الجُمْلَةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ على الحالِ مِنِ "ابْنَهُ". والحالُ تَأْتي مِنَ المُنادى لأنَّهُ مَفْعولٌ. والمَعْزِل بِكَسْرِ الزَايِ اسْمُ مَكانِ العُزْلَةِ. وكذلك اسْمُ الزَمانِ أَيْضًا، وبالفَتْحِ هُوَ المَصْدَرُ. قالَ أَبو البَقاءِ: ولم أَعْلَمْ أَحَدًا قرَأَ بالفتح. قال السمينُ: لأَنَّ المَصْدَرَ لَيْسَ حاويًا لَهُ ولا ظَرْفَهُ، فكَيْفَ يُقْرَأُ بِهِ إلَّا بِمَجازٍ بَعيدٍ؟.
قولُهُ: {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} الياءُ: للنِدَاءِ، و "بُنَيَّ: مُنَادى مُضافٌ مَنصوبٌ، وعَلامَةُ نَصْبِهِ فَتْحَةٌ مُقَدَّرَةٌ عَلى ما قَبْلِ ياءِ المُتَكَلِّمِ المُنْقَلِبَةِ ألِفًا مَحْذُوفَةً اجْتِزاءً عنها بالفَتْحَةِ، وياءُ المُتَكَلِّمِ ضميرٌ متَّصلٌ في مَحَلِّ الجَرِّ بالإضافةِ إليه، وجُمْلَةُ النِداءِ في مَحَلِّ النَّصْبِ بالقولِ لِقَوْلٍ مَحْذوفٍ تَقديرُهُ: قائلًا: "يا بُنيَّ ارْكَبْ مَعَنا"، و "ارْكَبْ" فعلُ أَمْرٍ مبنيٌّ على السكونِ الظاهِرِ، وفاعِلُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيه وُجوباً يَعودُ عَلى الابْنِ، و "مَعَنَا" ظَرْفٌ مُتعلق بالفعلِ "اركب"، و "نا" هو ضميرُ جَماعَةِ المتكلِّمين، في مَحَلِّ جَرِّ بالإضافةِ إِلَيْهِ، والجملةُ الفعليِّةُ هذه جَوابُ النِداءِ فلا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعرابِ.
قولُهُ: {وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ} الوَاوُ: للعَطْفِ، و "لَا" ناهيةٌ جازمةٌ، و "تَكُنْ" فعلٌ مضارعٌ ناقصٌ مجزومٌ بها، واسُمُهُ ضَميرٌ مستترٌ فيهُ وُجوبًا تقديرُهُ "أنت" يَعودُ عَلى الابْنِ، و "مَعَ" ظرفٌ مبنيٌّ على الفتحِ في محلِّ نصبٍ على أنَّهُ خَبَرُ كانَ وهو مضافٌ و "الْكَافِرِينَ" مضافٌ إليهِ مجرورٌ، وعلامةُ جرِّهِ الياءُ لأنَّه جمعٌ مذكَّرٌ سالمٌ، والنونُ عِوَضًا عن التنوينِ في الاسمِ المفردِ، وهذه الجُمْلَةُ من "كان" مع اسمِها وخبرِها مَعْطُوفَةٌ عَلى جُمْلَةِ "ارْكَبْ".
قرأَ الجمهورُ: {نوحٌ ابْنَهُ} بكسرِ تَنْوينِ "نُوحٌ" فلفظوهُ: (نُوحُنِبْنَه) لالتقاءِ السَّاكِنَيْنِ. وقرَأَ وَكيعٌ بِضَمِّهِ فلفظَهُ: (نوحُنُبْنَهُ) اتْباعًا لِحَرَكَةِ الإِعراب. واسْتَرْذَلَ أَبو حاتِمٍ هذِهِ القِراءَةَ، وقالَ: هيَ لُغَةُ سُوءٍ لا تُعْرَفُ.
وقرأ الجمْهورُ: "ابْنَهُ" بِوَصْلِ هاءِ الكِنايَةِ بِواوٍ، فلفظوا: (ابْنَهُو) وهيَ اللُّغَةُ الفَصيحَةُ الفاشِيَةُ بين الناسِ. وقرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ "ابْنَهْ" بِسُكونِ الهاء. قال بَعْضَهم: هذا مخصوصٌ بالضرورة وأنشدوا عن قُطْرُبٍ:
وأَشْربُ الماءَ ما بيْ نحوَهُ عَطَشٌ ........... إلَّا لأَنَّ عُيونَهُ سَيْلُ واديها
وبعضُهم لا يَخُصُّه بها. وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: إنَّها لُغَةٌ لأَزْدِ السَّراةِ ومنه قولُ يَعْلى بْنِ الأَحَوَلِ:
فَظَلْتُ لدى البَيْتِ الحَرامِ أُخِيلُه .......... ومِطْوايَ مُشْتاقان لَهْ أَرِقانِ
وقال بعضُهم: هيَ لُغَةُ بني عُقَيلٍ وبَني كِلاب.
وقرأَ السُدِّيُّ: "ابناهْ" بأَلِفٍ وهاءِ السَّكْتِ. قالَ ابْنُ جِنِّي: وهو على النِّداءِ. وقالَ أَبو البَقاءِ: ابْنَاه: على التَرَثِّي وليس بِنُدْبَةٍ، لأنَّ النُّدْبَةَ لا تَكونُ بالهَمْزَةِ. وهو كلامٌ مُشْكِلٌ في نفسِهِ، وأَيْنِ الهَمْزَةُ هُنا؟ إنْ عَنَى هَمْزَةَ النِّداءِ فلا نُسَلِّم أَنَّ المُقدَّرَ مِنْ حُروفِ النِّداءِ هوَ الهَمْزَةُ، لأنَّ النُّحاةَ نَصُّوا عَلى أَنَّهُ لا يُضْمَرُ في حُروفِ النِداءِ إلا "يا" لأنَّها أُمُّ البابِ. وقولُهُ: "التَرَثّي" قريبٌ في المَعْنى مِنَ النُدْبَةِ. وقد نَصُّوا على أنه لا يجوز حَذْفُ النداء مِنَ المندوبِ وهذا شَبيهٌ بِهِ.
وقرَأَ أميرُ المؤمنينَ عَلِيٌّ ـ كرَّمَ اللهُ وجهَهُ: "ابنها" إضافَةً إلى امْرَأَتِهِ كأَنَّهُ اعْتَبَرَ قولَه: "إنَّهُ ليسَ مِنْ أَهْلِكَ". وقولُه: "ابني" و "من أهلي" لا يَدُلُّ لَهُ لاحْتِمالِ أَنْ يَكونَ ذَلِكَ لأَجْلِ الحُنُوِّ، وهوَ قولُ الحَسَنِ وجماعَةٌ.
وقرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وعُرْوَةُ والزُبَيْرُ ـ رضي اللهُ عنهم: "ابْنَهَ" بِهاءٍ مَفتوحَةٍ دُونَ أَلِفٍ، وهيَ كالقِراءَةِ التي قَبَلَها، إلَّا أنه حَذَفَ ألف "ها" مُجْتزئًا عنها بالفتحة، كما تُحذف الياءُ مُجْتَزَأً عَنْها بالكَسْرَةِ. قالَ ابْنُ عطيَّةَ: هي لُغَةٌ وأَنشد:
أمَا تقودُ بها شاةً فتأكلُها ............. أو أنْ تبيعَهَ في بعض الأراكيبِ
يريد: "تبيعَها" فاجْتَزَأَ بالفَتْحَةِ عَنِ الأَلِفِ، كَمَا اجْتَزَأَ الآخَرُ عَنْها في قولِهِ:
فلستُ براجعٍ ما فاتَ مني ................ بِلَهْفَ ولا بِلَيْتَ ولا لوَاني
يريد: يا لَهْفا، فحذف، وهذا يخصُّه بعضهم بالضرورة، ويمنع في السَّعة يا غلامَ في يا غلاما. وسيأتي في نحو: "يا أبتَ" بالفتح، وهل ثَمَّ ألفٌ محذوفة أم لا؟ وتقدم لنا خلاف في نحو: "يا بْنَ أُمَّ" و "يا بْنَ عَمَّ"، وهلْ ثَمَّ أَلفٌ محذوفة مجتزَأٌ عنها بالفتحة أم لا؟ فهذا أَيْضًا كذلك، ولكنَّ الظاهرَ عدمُ اقْتِياسِهِ. وقد خطَّأَ النَحَّاسُ أبا حاتِمٍ في حَذْفِ هذِهِ الأَلِفِ، وفيه نظرٌ.
وقرأ البَزِّيُّ، وقالون، وخلاَّد، بإظهارِ باءِ "اركب" قبلَ ميمِ "معنا" بخلافٍ عنهم، والباقون بالإِدغام، وقرأ عاصم هنا "يا بنيَّ" بِفَتْحِ الياءِ. وأَمَّا في غيرِ هذِهِ السُورَةِ فإنَّ حَفْصًا عَنْه فَعَلَ ذَلِكَ، والباقون بِكَسْرِ الباء في جِميع القَرآنِ إلَّا ابْنَ كَثيرٍ فإنَّه في الأَوَّلِ مِنْ لُقْمانَ وهو قولُهُ: {لاَ تُشْرِكْ بالله} سورة لُقمان، الآية: 13. فإنه سكَّنَهُ وَصْلاً وَوَقْفاً، وفي الثاني كَغيرِهِ أَعْنَي أَنَّهُ يَكْسرُ باءَهُ، وحفصٌ على أَصْلِهِ مِنْ فتْحِهِ. وفي الثالث وهوَ قولُهُ: {يا بنيَّ أَقِمِ الصلاة} سورة لقمان، الآية: 17. اختُلِفَ عَنْه، فرَوى عنْهُ البَزِّيُّ كَحَفْصٍ، ورَوَى عَنْه قُنْبُل السُّكونَ كالأَوَّلِ. هذا ضَبْطُ القراءةِ.
وأمَّا تخريجُها فَمَنْ فَتَحَ فَقيلَ: أَصْلُها: يا بُنَيَّا بالألِفِ فَحُذِفَتْ الأَلِفُ تَخْفيفًا، اجْتَزَأَ عَنْها بالفَتحَةِ، وقدْ تَقَدَّمَ مِنْ ذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثيرةٌ. وقيلَ بَلْ حُذِفَتْ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ؛ لأنَّها وَقَعَ بَعْدَها راءُ "اركبْ" وهذا تَعليلٌ فاسِدٌ جِدًّا، بِدَليلِ سُقوطِها في سُورَةِ لُقْمانَ في ثَلاثَةِ مَوَاضِعَ حَيْثُ لا ساكِنانِ. وكَأَنَّ هذا المُعَلِّلَ لَمْ يَعْلَمْ بِقِراءَةِ عاصِمٍ في غَيْرِ هَذِهِ السُّورَةِ، ولا بِقِراءَةِ البَزِّيِّ للأَخيرِ في سورة لُقْمانَ، وقدْ نَقَلَ ذلكَ أَبو البَقاءِ ولَمْ يُنْكِرْهُ.
وأَمَّا مَنْ كَسَرَ فحُذِفَتِ الياءُ أَيْضًا: إمَّا تَخْفيفاً وهوَ الصَحيحُ، وإمَّا لالتقاءِ الساكِنَيْنِ، وقد تَقَدَّمَ فَسَادُه. وأمَّا مَنْ سكَّن فلِما رأى مِنْ الثِّقَل معَ مُطْلَقِ الحَرَكَةِ، ولا شَكَّ أَنَّ السُكونَ أَخَفُّ مِنْ أَخَفِّ الحركاتِ، ولا يُقالُ: فلِمَ وافَقَ ابْنُ كَثير غَيْرَ حَفْصٍ في ثاني لُقمانَ، ووافَقَ حَفْصًا في الأَخيرَةِ في رِوايةِ البَزِّيِّ عَنْه، وسَكَّنَ الأَوَّلَ؟ لأَنَّ ذَلِكَ جَمَعَ بَيْنَ اللُّغاتِ، والمُفَرِّقِ آتٍ بِمُحالٍ.
وأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ بِثلاثِ ياءاتٍ: الأُولى للتَصْغيرِ، والثانيةُ لامُ الكَلِمَةِ، وهلْ هِيَ يَاءٌ بِطَريقِ الأَصالَةِ أَوْ مُبْدَلةٌ مِنْ واوٍ؟ خِلافٌ تَقَدَّمَ تَحْقيقُهُ أَوَّلَ هذا المَوضوعِ في لامِ "ابن" ما هيَ؟، والثالثةُ ياءُ المُتَكَلِّمِ مُضافٌ إِلَيْها، وهيَ الّتي طَرَأَ عَلَيْها القَلْبُ أَلِفًا ثمَّ الحَذْفُ، أَوْ الحَذْفُ وهي ياءٌ بِحالِها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 42
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 32
» فيض العليم ... سورة هود الآية: 63
» فيض العليم ... سورة هود الآية: 84
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 100

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: