أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ
(20).
قولُهُ ـ تعالى شأنُه: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} أُولَئِكَ المُفْتَرونَ على اللهِ تعالى الذين يَصُدُّونَ الناسَ عَنْ سَبيلِهِ، المتَّصفونَ بِأَشْنَعِ الصِفاتِ التي تَقَدَّمَ وصْفُهم بها. ما هُم بالذينَ يُعْجِزون رَبَّهم هرباً، ولا يفوتونه طلباً إنْ أراد أَنْ يُعَجِّلَ عقوبَتَهم وعَذابَهم في الحياةِ الدنيا، فإنَّهم في قبضةِ اللهِ وملكِهِ حيثُما هربوا، إلى أيِّ مَكانٍ في الأرضِ، لا يَمْتَنِعون مِنْهُ ولا يفوتونَه. وهذا اسْتِئْنافٌ بَيَانِيٌّ نَاشِئٌ عَنِ الاقْتِصارِ في تَهديدِهم على وَصْفِ بَعْضِ عِقابِهم في الآخِرَةِ فإنَّ ذَلِكَ يُثيرُ في نَفْسِ السامِعِ أَنْ يَسْأَلَ: هَلْ هُمْ سالِمونَ مِنْ عَذابِ الدُنيا؟. فأُجيبَ بِأَنَّهم لم يَكونوا مُعْجِزينَ في الدُنيا، أيْ لا يَخْرُجونَ عَنْ مَقْدِرَةِ اللهِ عَلى تَعْذيبِهم في الحياةِ الدُنيا إذا اقْتَضَتْ حِكْمَتُهُ تَعْجيلَ عَذابِهم.
وإعادَةُ الإشارَةِ إِلَيهم بِقولِهِ: "أولئك" بَعْدَ أَنْ أَشارَ تعالى إلَيْهم في الآية: 18، السابقة بِقَوْلهِ: {أُولئِكَ يُعْرَضون عَلى رَبِّهم}، لِتَقْريرِ فائدةِ اسْمِ الإشارةِ السابِقِ. والمَعْنى: أَنَّهم يَصِيرونَ إلى حُكْمِ رَبِّهم في الآخِرَةِ ولمْ يَكونوا مُعْجِزيهِ في الدُنْيا أَنْ يُعَذِّبَهم مَتَى شاءَ ذلك ولكنَّهُ أَرادَ إِمْهالَهم.
والمُعْجِزُ هُنا هو الذي أَفْلَتَ مِمَّنْ يَرومُ إِضْرارَهُ. والمقصودُ بالأرضِ: الدُنيا. وفائدةُ ذِكْرِهِ أَنَّهم لا مَلْجَأَ لَهمْ مِنَ اللهِ لَوْ أَرادَ الانْتِقامَ مِنْهم فلا يَجِدونَ مَوْضِعاً مِنَ الأَرْضِ يَسْتَعْصِمونَ بِهِ. وهذا نَفْيٌ للمَلاجِئِ والمَعاقِلِ التي يَسْتَعْصِمُ فيها الهارِبُ. وقد جَرَتْ مُقارَنَةُ "في الأرضِ" بِ "معجزين" في القرآنِ الكريم مُجْرى المَثَلِ، فقد جاء في سورةِ الأَحقافِ قولِهِ تَعالى: {ومَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ في الأَرْضِ} الآية: 32. ولَعَلَّهُ مِمّا جَرى كَذلِكَ في كلامِ العَرَبِ كَما يُؤْذِنُ بِهِ قولُ إياسِ بْنِ قُبَيْصَةَ الطائيُّ مِنْ شُعراءِ الجاهِلِيَّةِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الأرْضَ رَحْبٌ فَسيحَةٌ ........ فَهَلْ تُعْجِزَنّي بُقْعَةٌ مِنْ بِقاعِها
قولُه: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} يَجوزُ أَنْ يَكونَ المُرادُ بالأَولِياءِ الأَنْصارُ، أَيْ ما لَهُمْ ناصِرٌ يَنْصُرُهم مِنْ دُونِ اللهِ، فَقد جَمَعَ لهم نَفْيَ سَبَبَيِ النَّجاةِ مِنْ عَذابِ القادِرِ العظيمِ، وهُما المَكانُ الذي لا يَصِلُ إِلَيْهِ القادِرُ أَوْ مُعارَضَةُ قادِرٍ آخَرَ إِيَّاهُ يَمْنَعُهُ مِنْ تَسْليطِ عِقابِهِ. لكنَّ أولياء أعم وأَشْمَل فالنُصرةُ بعضُ المتفرِّعاتِ عن الولايةُ. و "مِنْ دُونِ اللهِ" مُتُعَلِّقٌ بِ "أولياء" لِمَا في الوَلِيِّ هُنَا مِنْ مَعاني الحائلِ والمُباعِدِ، الذي قد يُتَوَهَّمُ فقد يكون مكاناً كما في قولِ ابنِ نوحٍ عليه السلامُ: {قال سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء} سورةُ هود، الآية: 43. وقد يكونُ مخلوقاً كما هو في قَوْلِهِ تعالى في سورة النساءِ: {ومَنْ يَتَّخِذِ الشَيْطانَ وَلِيَّاً مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً} الآية: 119. ويَجوزُ أَنْ يُرادَ بِالأَوْلِياءِ الأَصْنامُ التي تَولُوْها، أيْ أَخْلَصوا لَها المَحَبَّةَ والعِبادَةَ. ومَعنى نَفْيِ الأَوْلِياءِ عَنْهمْ بِهذا المَعْنى نَفْيُ أَثَرِ هَذا الوَصْفِ، أَيْ لَمْ تَنْفَعْهم أَصْنامُهم وآلِهَتُهم. و "مِنْ دُونِ اللهِ" عَلى هذا الوَجْهِ بِمَعْنى مِنْ غَيْرِ اللهِ، ف "دون" اِسْمٌ غَيْرُ ظَرْفٍ، و "مِنْ" الجارَّةِ ل "دون" زائدةً، تُزادُ في الظُروفِ غَيْرِ المُتَصَرِّفَةِ، و "من" الجارَّةِ لِ "أولياء" زَائدَةً لاسْتِغْراقِ الجِنْسِ المَنْفِيِّ، أيْ ما كانَ لَهم فَرْدٌ مِنْ أَفْرادِ جِنْسِ الأَوْلياء.
قولُه: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} بَيانٌ لِسَبَبِ تَأْخيرِ العَذَابِ لهم، فإنَّ التَأْخيرَ لِيَكونَ عَذابًا مُضاعَفًا، والعذابُ المُضاعَفُ هوَ عَذابُ الآخِرَةِ بِقَرينَةِ قولِهِ قبلُ: "لم يكونوا معجزين في الأرض" المُشْعِرِ بِتَأْخيرِ العذابِ عَنْهم في الدُنْيا لاَ عَنْ عَجْزٍ. فإنَّ مَنْ ينزلُ به عذابُ اللهِ في الحياةِ الدنيا يُقْضى عليْهِ فيَموتُ، فينتهي العذابُ، هكذا جَرَتْ عادةُ اللهِ في الأممِ السالفةِ أنْ يأخُذهم اللهُ تعالى بعذابٍ يهلكهم به، أمَّا عذابُ الآخرةِ فإنَّهُ مُتَجَدِّدٌ مُسْتَمرٌّ بحيثُ يطلبون من الملائكةِ خَزَنَةِ النارِ، أنْ يسألوا اللهَ لهمُ الموتَ ليرتاحوا من العذاب، قال تعالى في سورةِ الزخرف: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} الآية: 77. لأنهُ كلَّما احْتَرَقتْ جلودُهم بُدِّلوا غيرَها لِيَسْتَمِرَّ شُعورُهم بِأَلَمِ العَذَابِ، قال تعالى في سورةِ النساءِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} الآية: 56. ولذلكَ كانَ عذابُ الآخرةِ أضعافَ عذابِ الدنيا.
قولُه: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} نَفيُّ اسْتِطاعتِهِمُ السَمْعَ اسْتعارةٌ لِكَراهِيَّتِهم سَمَاعَ القُرآنِ العظيمِ، وأَقوالِ النَبِيِّ الكريمِ ـ صلى الله عليه وسلم، كما نُفِيَتِ الإطاقَةُ في قولِ الأَعْشى:
ودِّعْ هريرةَ إنَّ الركبَ مرتحِلُ ............. وهلْ تُطيقُ وداعاً أَيُّها الرَّجُلُ
فإنَّهُ أَرادَ بِنَفيِ إِطاقَةِ الوَداعِ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَحْزَنُ لذلكَ الحُزْنِ مِنَ الوَداعِ فأَشْبَهَ الشيءَ غيرَ المُطاقِ منْ حامٍ مُلْتَهِبٍ، أو باردٍ شديدِ البرودة، أو ما غير ذلك. وعبَّرَ هنَا بالاسْتِطاعةِ لأنَّ النبيَّ ـ صلى اللهُ عليه وسَلَّمَ، كان يَدْعوهم إلى اسْتِماعِ القرآنِ فيُعرضون لأنَّهم يَكرهون سَماعَهُ. قال تعالى في سورة الجاثيةِ: {ويلٌ لكلِّ أَفَّاكٍ أَثيمٍ يَسمعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كأَنْ لمْ يَسْمَعها} الآية: 8. وقال في سورةِ فُصِّلَتْ: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوا فيه لعلكم تَغْلِبون} فُصِّلَتْ: 26. لأنَّهم لو سَمِعوا ووَعَوْا لاهْتَدوا لأَنَّ الكلامَ المَسْموعَ مُشْتَمِلٌ على تَركيبِ الأَدِلَّةِ ونتائجِها، فسَماعُهُ كافٍ في حُصولِ الاهْتِداءِ.
قولُهُ: {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} المَنْفِيُّ عنهم هنا مِنَ الإبْصارِ هوَ النَظَرُ في المَصْنُوعاتِ الدَّالَّةِ عَلى وَحْدانِيَّةِ اللهِ تعالى، أَيْ ما كانوا يُوجِّهونَ أَنْظارَهم إلى الوُجودِ تَوجِيهَ تَأَمُّلٍ واعْتِبارٍ، بَلْ كانوا يَنْظُرونَ إِلَيْها نَظَرَ الغافِلِ عَمَّا فِيها مِنَ الدَقائقِ، ولِذلِكَ لَمْ يَقُلْ هُنا: وما كانوا يَسْتَطيعونَ أَنْ يُبْصِروا، لأنَّهم كانوا مبصرينَ، ولكنَّ مُجَرَّدَ الإبْصارِ غَيْرُ كافٍ في حُصولِ الاسْتِدْلالِ حَتَّى يُعْمَلَ الفِكْرُ، بِخِلافِ السَّمْعِ.
ويُحْتَمَلُ أنَّهُ ـ سبحانَهُ وتعالى، يَصِفُ هؤلاءِ الكُفَّارِ بِهَذِهِ الصفَةِ مِنْ عدَمِ اسِتِطاعَةِ السَّمْعِ وعَدَمِ الإبصارِ عَلى مَعْنى أَنَّ اللهَ قد خَتَمَ عَليها بذلك، فهم لا يَسْمَعونَ سَمَاعاً يَنْتَفِعونَ بِهِ، ولا يُبْصِرونَ كذلِكَ. أو أَنَّهُم لبُغْضِهِمُ النَبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، لا يَسْتَطيعونَ أَنْ يَحْمِلُوا أَنْفُسَهم على النِظَرِ إِلَيْهِ والسَمعِ مِنْهُ، ولذلك فقد سَدَّ الطُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أُذُنَيْهِ حتى لا يسمعَهُ، وكذلك فقد أَبَتْ قُرَيْشٌ وقتَ الحُدَيْبِيَةِ أَنْ تسمع ما نُقِلَ إليهم مِنْ كَلامِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.
قولُهُ تعالى: {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} أُولَئِكَ: اسمُ إشارةٍ مبتدأ، "لَمْ" حرفُ نفيٍ وجَزْمٍ، و "يَكونوا" فعلٌ مضارعٌ نَاقِصٌ مجزومٌ ب "لم" وعلامَةُ جَزْمِهِ حَذْفُ النُونِ مِنْ آخِرِهِ لأنَّه من الأفعالِ الخمسةِ وواوُ الجماعة: ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ اسْمِها، والألِفُ: الفارقةُ. و "مُعْجزينَ" خَبَرُها منصوبٌ وعلامةُ نصبِهِ الياءُ لأنَّهُ جمعٌ مذكَّرٌ سالمٌ، والنونُ عوضاً عن التنوينِ في الاسمِ المفردِ، و "فِي الْأَرْضِ" جارٌّ ومجرورٌ، متعلِّقٌ بالخبرِ "معجزين" وهذه الجملةُ في محلِّ رَفْعِ خَبَرِ المُبْتَدَأِ، وجُمْلَةُ "أولئك" الاسميَّةُ مُسْتَأْنَفَةٌ.
قولُه: {وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} الواوُ: حرفُ عطفٍ، و "ما" نافيَةٌ، و "كَانَ" فِعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ، و "لَهُمْ" جارٌّ ومَجْرورٌ في محلِّ رفعِ خبرِ "كَانَ" مُقَدَّمٌ عَلى اسْمِها، و "مِنْ دُونِ" جَارٌّ ومَجْرورٌ مضافٌ، في محلِّ نصبِ حالٍ مِنْ "أَوْلِيَاءَ" أوْ مُتَعَلِّقٌ بالاسْتِقْرارِ الذي تَعَلَّقَ بِهِ الخَبَرُ، و " اللهِ " لفظُ الجلالة في محلِّ جرِ مضافٍ إليه، و "مِن" حرفُ جرٍّ زائد، و "أَوْلِيَاءَ" اسْمُ "كاَنَ" مُؤَخَّرٌ؛ أيْ: وما كان أولياءَ كائِنينَ لهم مِنْ دونِ اللهِ، وجُمْلَةُ "كاَنَ" في مَحَلِّ الرَّفْعِ عَطْفاً على جُمْلَةِ "لَمْ يَكُونُوا".
قولُه: {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} يُضَاعَفُ: فِعْلٌ مُضارِعٌ مَبنيٌّ لمجهولِ، "لَهُمُ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، و "الْعَذَابُ" نائبُ فاعِلٍ، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ أوْ مَعْطوفةٌ بِعاطِفٍ مُقَدَّرٍ على جُمْلَةِ: "لَمْ يَكُونُوا".
قولُه: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} ما: نَافِيَةٌ، نَفَى عَنْهُم ذَلِكَ لمَّا لَمْ يَنْتَفِعوا بِهِ، وإنْ كانوا ذَوِي أَسْماعٍ وأَبْصارٍ، أَوْ يَكونُ مُتَعَلَّقُ السَّمْعِ والبَصَرِ شَيْئاً خاصّاً. ويجوزُ أَنْ تَكونَ "ما" مَصْدَرِيَّةً، وفيها حينئذٍ تأويلان، أَحَدُهُما: أنَّها قائمةٌ مَقامَ الظَرفِ، أيْ: مُدَّةَ اسْتِطاعَتِهم، وعليه فتَكونُ "ما" مَنْصوبةً بِ "يُضاعف"، أَيْ: يُضاعَفُ لهُمُ العذابُ مُدَّةَ اسْتِطاعَتِهُمُ السَّمْعَ والإبْصارَ. والتأويلُ الثاني: أَنَّها مَنْصوبةُ المَحَلِّ على إِسْقاطِ حَرْفِ الجَرِّ، كَما يُحذَفُ مِنْ أُخْتَيْها "أنْ" و "أنَّ"، وذلك الجارُّ متعلِّقٌ أَيضاً بِ "يُضاعَفُ"، أيْ: يُضاعَفُ لهم بِكوْنِهم كانوا يَسْمَعونَ ويُبْصرونَ ولا يَنْتَفِعون. وثمَّةَ وجهٌ ثالثٌ فيه بُعْدٌ وهو أَنْ تَكونَ "ما" بمَعنى الذي، وتَكونَ على حَذْفِ حَرْفِ الجَرِّ أَيْضاً، أَيْ: بالذي كانوا، لكنَّ حَذْفَ الحَرْفِ لا يَطَّرد.
و "كَانُوا" فعلٌ نَاقِصٌ واسْمُهُ واو الجماعة المتَّصلِ به، و "يَسْتَطِيعُونَ" فِعْلٌ مضارعٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعه ثبوتُ النونِ في آخره لأنَّه من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعَةِ المتَّصلةِ بِهِ في محلِّ رفع فاعِلِه، و "السَّمْعَ" مَفْعولٌ به، وهذه الجملةُ الفِعْلِيَّةُ في مَحَلِّ النَّصْبِ خَبَراً ل "كاَنَ"، والجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ مَسُوقَةٌ لِتَعْليلِ مُضَاعَفَةِ العَذَابِ لا محلَّ لها من الإعراب.
قولُهُ: {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} الواو: عاطِفَةٌ، و "ما" نافيَةٌ، و "كَانُوا" فِعْلٌ ناقصٌ، واسْمُهُ، و "يبصرون" معلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وعلامةُ رفعِهِ ثباتُ النونِ في آخره لأنّهُ من الأفعالِ الخمسةِ، وواوُ الجماعة في محلِّ رفعِ فاعله، وجملةُ "يُبْصِرُونَ" في محلِّ رفعِ خبرِ "كان"، وجُمْلَةُ "كان" مَعْطُوفةٌ على جُمْلَةِ "مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ".
قرأ العامَّةُ: {يُضاعَفُ} وَقَرَأَ ابْنُ كَثيرٍ، وابْنُ عامرٍ، ويَزيدُ، ويَعقوبُ: "يُضعَّف" بِلا أَلِفٍ مَعَ تَشْديدِ العَيْنِ.