روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8   فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8 I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 13, 2015 7:01 pm

وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (Cool


قولُهُ ـ تَعالى شَأْنُهُ: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ} أيْ: وإذا أَخَّرَ اللهُ ـ سُبْحانَهُ وتعالى، العذابَ عَنْ هَؤلاءِ المُشْركينِ كُفَّارَ مَكَّةَ وما حولَها، إلى يَومِ القِيامَةِ فَلَمْ يَسْتَأْصِلْهم، كما فَعَلَ بالذينَ كانوا قبلَهم مِنْ الأُمَمِ البائدةِ، ك "عادٍ" و "ثمودَ"، وقومِ نوحٍ وقومِ تُبَّع .. وغيرُهم كَثيرٌ، وذَلِكَ إِكْراماً لِنَبيِّهِ الأكرمِ، ورسولِهِ الخاتَمِ مُحمَّدٍ ـ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، الذي لَمْ يَرْضَ أَنْ يُطْبِقَ المَلاكُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ (الجبلينِ) فَيُهْلِكَهمْ جميعاً، يومَ سَلَّطوا عَلَيْهِ صِبْيانَهم وسُفَهاءَهم، فرَمَوْهُ بالحِجَارَةِ، حَتَّى سَالَ الدَمُ مِنْ كَعْبَيْهِ الشَريفَيْنِ، بَلْ قالَ: لا يا جِبْريلُ، لَعَلَّ اللهَ يُخْرِجُ مِنْ أَصْلابِهم مَنْ يَقولُ: لا إلهَ إلاَّ الله، اللهُمَّ اهْدِ قومي فإنَّهم لا يعلمون. وهُنا يَكْمُنُ السِرُّ، وتَظْهَرُ الحكمَةُ منْ تأخيرِ العذابِ، فإنَّه ـ صلّى اللهُ عليه وسلَّمِ النبيُّ الأعظم، والرَّسُولُ الخاتمُ، ورسالته الرسالةُ الأخيرةُ للبشريَّةِ، وأمَّتهُ هِيَ حامِلَةُ هذهِ الرِّسالةِ، وقدْ قَضى اللهُ تعالى هذا وقدَّرَ، فإذا أُهْلِكَتْ أمَّتُهُ واسْتُؤْصِلَتْ، فقدْ ماتتِ الرسالةُ وانقطعَ الخيرُ مِنَ الدُنيا إلى يومِ القيامَةِ، ولقد ظَهَرَتِ الحِكْمةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وتَحقَّقَتْ نُبوءتُهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ، فإنَّ أَبْنَاءَ هَؤلاءِ الكَفَرَةِ وأَحفادَهم، هُمُ الذين حَمَلوا رايةَ الإسلامِ بعد ذلك ونَشَروا الرسالةَ الإلهيَّة.
ولكنَّ هؤلاءِ الكَفَرَةَ، لا يَفقهونَ مِنْ ذَلكَ شَيْئاً ولا يَعْلَمونَ. ولم يدركوا أبعادَ الحكمة الإلهيَّةِ ومراميَها، لأنَّهمْ لَمْ يُؤمِنوا بِمُحَمَّدٍ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، نَبِيّاً، ولا بِرِسالَتِهِ أَنَّها مِنَ اللهِ تعالى، لذلكَ فَقَدْ هَزِؤوا مِنْهُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَمَ، ومِنْ وَعِيدِهِ لَهُمْ بِعذابٍ مِنَ اللهِ تَعالى، ففَهِموا تَأْخيرَ العَذابِ عَنْهم على غيرِ مُرادِهِ تعالى مَنْ ذَلِكَ، وعلَّلوهُ بِعَدَمِ صِدْقِيَّةِ رَسُولِ اللهِ فيما يَقولُ ويتوعَّدُ، فقالوا: "ما يحبسه"
قولُهُ: {إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} أي إلى انْقِضاءِ أُمَّةٍ وذَهابِها، ومَجيءِ أُخرَى غيرها. والأُمَّةُ في الأَصْلُ: الجماعَةُ، يَدُلُّ على ذَلِك قولُهُ تَعالى في سُورةِ يُوسُفَ ـ عَلَيْهِ السلامُ: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} الآية: 45. وكان يوسُفُ ـ عليه السلامُ، قد أَوْصاهُ أنْ يَذْكُرَهُ عند الملكِ مذكِّراً بِمَظْلومِيَّتِه، لَكِنَّهُ نَسِيَ، ثُمَّ تَذَكَّر بَعْدَ أَمَدٍ ذَهَبَتْ فيه أُمَّةٌ وأَتَتْ أمَّةٌ أُخْرى غَيرُها، حين رأى الملكُ رؤياهُ واحتاجَ إلى مُعبِّرٍ. ومِنْهُ أَيْضاً قولُهُ سُبْحانَهُ، في سُورَةِ القَصَصِ: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} الآية: 23. أيْ: لما وَصَلَ سَيِّدُنا مُوسى ـ عَلَيْه السَّلامُ، إلى مَدْيَنَ أَرادَ أَنْ يَشْرَبَ، فأَتى البِئْرَ فَوَجَدَ عَلَيْه جَماعةً مِنَ النَّاسِ يَسْقونَ مواشِيَهم، وللقصَّةُ مكانٌ غير هذا. وقيل: إنَّ اشْتِقاقَ الأُمَّةِ مِنَ الأَمِّ، أي: القَصْدُ، كَأَنَّهُ يَعْني الوَقْتَ المَقْصودَ بإيقاعِ المَوْعودِ فيه، والأجَلَ المحدودَ. وَأَخْرجَ ابْنُ جَريرٍ، وَابْنُ الْمُنْذر، إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ قَالَ: إِلَى أَجَلٍ مَعْدُودٍ. ومَعْدُودَةٍ مَعْنَاهُ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ مُؤَجَّلَةٌ. وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَدِيدَةً لِأَنَّهُ شَاعَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِطْلَاقُ الْعَدِّ وَالْحِسَابِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى التَّقْلِيلِ، لِأَنَّ الشَّيْءَ الْقَلِيلَ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالْعَدَدِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ فِي عَكْسِهِ: بِغَيْرِ حِسَابٍ، كقولِهِ تعالى في سورة البقرة: {وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ} الآية: 212.
قولُه: {ليقولُنَّ ما يَحْبِسُهُ} أيْ: أَيُّ شيْءٍ يَمْنَعُهُ مِنَ المَجيءِ، فكأنَّه يُريدُهُ، فيَمْنَعُهُ مانعٌ. وإنَّما كانوا يقولونَ ذلك تَكْذيباً وكفراً به واسْتِهْزاءً، ومُرادُهم إنكارُ المَجيءِ والحبْسِ، لا الاعْتِرافُ به والاسْتِفْسارُ عَنْ حابِسِهِ. وَأخرج ابْنُ أبي حَاتِم، وَأَبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتَادَة ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: في قولِه تعالى: "ليَقُولن مَا يحْبسهُ" قَالَ: للتَكْذيبِ بِهِ، وَأَنه لَيْسَ بِشَيْء. وَالْحَبْسُ: إِلْزَامُ الشَّيْءِ مَكَانًا لَا يَتَجَاوَزُهُ. وَلِذَلِكَ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْمَنْعِ كَمَا هُنَا، أَيْ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَصِلَ إِلَيْنَا وَيَحِلَّ بِنَا وَهُمْ يُرِيدُونَ التَّهَكُّمَ.
قوله: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} ليس مصروفاً: ليس محبوساً عنهم، والمَعْنَى أَنّهُ لا يَرْفَعُهُ عنهم رافعٌ أبداً إنْ أُريدَ بِهِ عَذابُ الآخرة، أَوْ لا يَدْفَعُهُ عَنْهم دافعٌ، بَلْ هُوَ واقعٌ بِهم، إنْ أُريدَ بِهِ عَذابُ الدُنْيا. وقالَ بَعْضُهم: لا يُصرفُ عَنْهمُ العذابُ إِذا أَخَذَتْهمْ سُيُوفُ رَسُولِ اللهِ ـ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، لَمْ تُغْمَدْ عَنْهم حَتّى يُبادَ أَهْلُ الكُفْرِ وتَعْلُوَ كَلِمَةُ التوحيد.
قوله: {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} قال أبو عبيدة: نَزَلَ بِهِمْ وأَصابَهم. وَأَخْرَجَ ابْنُ أبي حَاتِمٍ عَن السُّدِيِّ ـ رَضِي اللهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ: "وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزؤون" يَقُول: وَقع الْعَذَابُ الَّذِي استهزؤا بِهِ. وأخرج ابْن الْمُنْذرِ، وَابْنُ أَبي حَاتِمٍ عَنْ قَتَادَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ: لمَّا نَزَلَ قولُهُ تعالى في سورةِ الأنبياء: {اقْترب للنَّاسِ حِسابُهم} الْآيَة: 1. قَالَ نَاس: إِنَّ السَّاعَةَ قدِ اقْتَرَبَتْ فَتَناهُوا فَتَنَاهى الْقَوْمُ قَلِيلاً، ثمَّ عادوا إِلَى أَعْمَالِهم، أَعمالِ السُّوءِ، فَأنْزل اللهُ تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللهِ فَلَا تَسْتَعْجِلوه} سورةُ النَّحْل، الْآيَة: 1. فَقَالَ أنَاسُ أَهْلِ الضَّلَالَةِ: هَذَا أَمْرُ اللهِ قَدْ أَتَى فَتَناهى الْقَوْمُ، ثمَّ عَادوا إِلَى مَكْرهمْ مَكْرَ السُّوءِ، فَأنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةِ: "وَلَئِن أخرنا عَنْهُم الْعَذَاب إِلَى أمة مَعْدُودَة".
قولُهُ تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ} وَلَئِنْ: الواو: عاطفة، و "اللام" مُوَطِّئةٌ للقَسَمِ، و "إن" حَرْفُ شَرْطٍ جازمٍ، و "أَخَّرْنَا" فِعْلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على السكونِ لاتِّصالِهِ بضمير رفعٍ متحرِّكٍ في مَحَلِّ الجزمِ بِـ "إنْ" كَونَهُ فعلَ شَرْطٍ لَها، و "نا" ضميرُ رفعٍ متّصلٌ مبنيٌّ على السُكونِ في مَحَلِّ رَفْعِ فاعلٍ له. و "عَنْهُمُ" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِ "أخَّر" والميمُ علامةُ المذكَّر، و "الْعَذَابَ" مَفْعولُهُ، و "إِلَى أُمَّةٍ" مُتَعَلِّقٌ بـ أيضاً ب "أَخَّرَ"، و "مَعْدُودَةٍ" صِفَةٌ لِـ "أُمَّةٍ" مجرورةٌ مثلها.
قولُه: {لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} لَيَقُولُنَّ: اللامُ هي الموطِّئةُ للقَسَمِ، و "يقولنَّ" فعلٌ مُضارِعٌ مَرْفوعٌ لِتَجَرُّدِهِ عَنِ النّاصِبِ والجازِمِ، وعلامَةُ رَفْعِهِ ثَباتُ النونِ المَحْذوفَةِ لِتَوالي الأَمْثالِ؛ لأنَّ أَصْلَهُ "ليقولُونَنَّ" وواوُ الجماعةِ فاعلُهُ وقد حُذِفَتْ لالْتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، والنونُ الثقيلةُ للتَوْكيدِ، وقد حُذِفَتْ نونُ الرَّفْعِ لأنَّها لا تَدُلُّ مِنَ المَعْنى عَلى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ نُونُ التَوْكِيدِ، فالْتَقى ساكنانِ، واو الجماعةِ ونونُ التوكيدِ فحُذِفَتِ الواوُ لالتقائِهما. وإنَّما أُعْرِبَ الفعلُ معَ نونِ التَوكيدِ لانْفِصالِها بالواوِ في التقديرِ، وإنْ بَاشَرَتْه في اللفظِ، وشَرْطُ بِناءِ الفِعْلِ مَعَها مُباشَرَتُها فيهِما، وهذا بِخلافِ "لَيَقُولَنَّ" المُتَقدِّمِ فإنَّهُ مَبْنيٌّ لِمُباشَرَةِ النُونِ في اللَّفْظِ، وهذِهِ الجُمْلةُ الفِعْلِيَّةُ جَوابُ القَسَمِ، لا مَحَلَّ لَها مِنَ الإعْرابِ، وجَوابُ الشَرْطِ مَحْذوفٌ لِدَلالةِ جَوابِ القَسَمِ عَلَيْهِ، تَقديرُهُ: وإنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ العَذَابَ يَقولونَ .. مَا يَحْبِسُهُ، وجُملَةُ الشَرْطِ مَعِ جَوابِهِ، وكَذلِكَ جُمْلَةُ القَسَمِ، مَعْطوفَةٌ على الجُمْلَةِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ}. و " مَا يَحْبِسُهُ" مَا: استفهامِيَّةٌ في مَحَلِّ الرَّفعِ على الابتداءِ، و "يَحْبِسُهُ" فعلٌ مضارعٌ مرفوعٌ، وفاعلُه ضَميرٌ مستترٌ فيهِ يعودُ على "ما" الاستفهامية، ومفعولُه الضميرُ المتصِّلُ "الهاء" الذي يعودُ على "الْعَذَابَ"، وجملةُ "يَحْبِسُهُ" في محلِّ رفعِ خبرِ المبتدأِ "مَا" الاستفهامية، والجملةُ الاسمِيَّةُ هذه في محلَّ النصبِ بالقولِ.
قولُه: {أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} أَلَا" للاسْتِفْتاحِ والتنبيه، داخلةٌ على "لَيْسَ" في المعنى، "يَوْمَ" نصْبٌ على الظَرْفيَّةِ الزَمانِيَّةِ، مُتَعلِّقٌ بِـ "مَصْرُوفًا"، الذي هو خبرُ "ليس" فيكونُ منصوباً بِه مُقَدَّماً عليهِ، وقد استدلَّ البَصْريُّونَ بِهذه الآيَةِ على جوازِ تَقديمِهِ على "ليسَ" إذِ المعمولُ تابعٌ للعامِلِ فلا يَقَعُ إلاَّ حيثُ يَقَعُ متبوعُه، ورُدَّ عليهم بِأَنَّ الظَرْفَ يَجوزُ فيه ما لا يَجوزُ في غيرِهِ تَوَسُّعاً، وبِأَنَّهُ قَدْ يُقدَّمُ المعمولُ حيثُ لا مَجالَ لِتَقدُّمِ العاملِ، كما في قولِهِ تعالى في سورة الضحى: {فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمَّا السائلَ فَلاَ تَنْهَرْ} الآيتان: 9 و 10. فإنَّ اليتيمَ والسائلَ، مَعَ كونِهِما مَنْصوبيْن بالفعليْن المَجْزوميْن، قد تقدَّما على لا الناهيةِ مَعَ امتناعِ تَقدُّمِ الفعلينِ عليها، قالَ أَبو حيَّان: وقدْ تَتَبَّعتُ جملةً مِنْ دواوينِ العربِ فلم أَظفَرْ بِتَقْديمِ خَبَرِ "ليس" عليها ولا بِتَقديمِ معمولِهِ، إلاَّ ما دَلَّ عَليْه ظاهرُ هذِهِ الآيةِ الكريمةِ، وقولُ الشاعر:
فَيَأْبَى فما يَزْدَادُ إلاَّ لَجَاجَةً ........... وكنتُ أَبِيّاً في الخَنا لَسْتُ أُقْدِمُ
وهذا الخلافُ بَيْنَهم في تَقديمِ خَبَرِ (ليس) عليها لا عَلى اسْمِها فإنَّهُ جائزٌ بِلا خِلافٍ. و "يَأْتِيهِمْ" فِعْلٌ مضارعٌ وفاعلُهُ ضَميرٌ مستترٌ تقديرُهُ "هو" يعودُ على "الْعَذَابَ"، والهاءُ: ضميرٌ مُتَّصلٌ في محلِّ نصبِ مفعولِهِ، والميمُ علامة جمع المذكّر، والجُمْلَةُ في مَحَلِّ الجَرِّ، بإضافة "يَوْمَ" إليها. و "لَيْسَ" فعْلٌ ماضٍ ناقِصٌ، واسْمُها ضَميرٌ يَعودُ على "الْعَذَابَ"، و "مَصْرُوفًا" خَبَرُها، والتَقْديرُ: أَلا ليسَ هو (العَذابُ) مَصَروفاً عَنْهم يَومَ يَأْتيهِمُ العَذابُ، وجملةُ "لَيْسَ". مُسْتَأْنَفَةٌ. و "عَنْهُمْ" جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقٌ بـ "مصروفاً".
قولُهُ: {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} وَحَاقَ: الواوُ للعَطْفِ، أو للحال، و "حاقَ" فعلٌ ماضٍ مبنيٌّ على الفتحِ الظاهرِ، و "بِهِم" جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ والميمُ للجمع المذكّر، و "مَا" اسمٌ موصولٌ، أَوْ نكرةٌ موْصوفةٌ في مَحَلِّ رَفْعِ فاعِلِ "حاقَ"، وَالْإِتْيَانُ بِالْمَوْصُولِ فِي مَوْضِعِ الضَّمِيرِ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ اسْتِهْزَاءَهُمْ كَانَ مِنْ أسِبَابِ غَضَبِ اللهِ عَلَيْهِمْ. وَتَقْدِيرُهُ إِحَاطَةُ الْعَذَابِ بِهِمْ بِحَيْثُ لَا يَجِدُونَ مِنْهُ مخلصاً. والجُمْلَةُ "حاقَ" الفِعلْيَّةُ مَعْطوفَةٌ على جُمْلَةِ "لَيْسَ"، أو هي فِي مَوْضِعِ الْحَال، و "كَانُوا" فِعْلٌ ناقِصٌ، واسْمُهُ واو الجماعةِ والألِفُ فارقةٌ، و "بِهِ" جارٌّ ومجروره، مُتَعَلِّقٌ بـِ "يَسْتَهْزِئُونَ"، وَبَاءُ "بِهِ" سَبَبِيَّةٌ، أَيْ بِسَبَبِ ذِكْرِهِ فَإِنَّ ذِكْرَ الْعَذَابِ كَانَ سَبَباً لِاسْتِهْزَائِهِمْ حِينَ تَوَعَّدَهُمْ بِهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وجُمْلَةُ "يَسْتَهْزِئُونَ" في مَحَلِّ نَصْبِ خَبَرِ "كان" وجملَةُ "كان" صِلَةٌ لِـ "ما" إنْ هي أُعربتْ اسماً موصولاً، أوْ صِفَةٌ لَها، إنْ أعربتْ نكرةً موصوفةً ويكونُ عندَها العائدُ، أَوِ الرابطُ ضَميرُ "بِهِ". وَصِيغَةُ الْمُضِيِّ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي مَعْنَى التَّحَقُّقِ، وَهوَ عَذَابُ الْقَتْلِ يَوْمَ بدر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة هود، الآية: 8
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 20
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 52
» فيض العليم ... سورة هود الآية: 67
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 88
» فيض العليم ... سورة هود، الآية: 104

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: