وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
(28)
قولُهُ ـ تعالى وعزَّ: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا} الحَشْرُ: الجَمْعُ مِنْ أَمْكِنَةٍ كثيرةٍ مُتَفَرِّقَةٍ إلى مَكانٍ واحِدٍ، وهو بَيانٌ آخرُ لبَعْضٍ آخَرَ مِنْ أَحْوالهِمُ الفَظِيعةِ، وسيرتهمُ الشَنيعَةِ. وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ لِمَنْ أَحْسَنُوا فِي الدُّنْيا، وَلِمَنْ أَسَاؤُوا فِيهَا، أَهْوَالَ يَوْمِ القِيَامَةِ، يَوْمَ يَحْشُرُ اللهُ أَهْلَ الأَرْضِ جَمِيعاً، مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ، وَمِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، لِيُحاسَبَ كلٌّ على ما فعلَ ويجازى كلٌّ بما قدَّمَ. وقد ذَكَرَ "نحشُرُهم جميعاً" هُنا للتَنْبيهِ عَلى أَنَّ افتضاحَ حالِ المشركين إنّما يَكونُ بمَرْأَى من المؤمنين ومَسْمَعٍ، لتَكونَ السلامةُ مِنْ ذلكَ زيادةً في النِعْمَةِ على المؤمنين ولتكونَ النِكايَةُ للمُشرِكين أشدَّ.
قولُهُ: {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ} ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا: الزَمُوا أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ مَكَاناً مُعَيَّناً لاَ تَبْرَحُونَهُ حَتَّى تَنْظُرُوا مَا يُفْعَلُ بِكُمْ، وَيُفْصَلُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ شُرَكَائِكُمْ فِيمَا كَانَ سَبَبَ عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَالحُجَّة التِي يُدْلِي بِهَا كُلُّ فَرِيقٍ. وثمَّ تفيدُ الترتيبَ وهذا يعني أنَّ قبلَ قولِهِ هذا قولٌ آخرُ موجَّهٌ للذين آمنوا في مقابلِ قولِه: "للذين أشركوا" طالما أَنَّ الجميعَ محشورٌ ذلك اليومِ، لكنه سبحانَه يعجِّلُ حسابَ المؤمنين ومثوبتهم نظراً لصعوبةِ الموقفِ، ويؤخرُ حسابَ الذين أشركوا ليزدادوا خوفاً وعذاباً حتى أنهم يَتَمَنَّونَ الذهابَ إلى الجحيم لِيَتَخَلَّصوا مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ اليوْمِ وعَذابِهِ، كَما قِيلَ. وكفى به أنَّ العظيمَ سبحانهُ وتعالى وصَفَهُ بالعظيم في أوَّل سورة الحجِّ فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ}. واللهُ أَعْلمُ.
قولُهُ: {فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ} ثُمَّ يُفَرِّقُ اللهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَبَيْنَ مَنْ أَشْرَكُوهُمْ مَعَ اللهِ، وَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، لِتَقْطِيعِ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيا مِنْ صِلاَتٍ وَرَوَابِطَ، ف "زيّلْنا" أَيْ: فَرَّقْنا وميَّزْنا كَما قَالَ تَعالى في سُورَةِ الفَتْحِ: {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا} الآية: 25.
قولُه: {مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} أيْ: قَالَ الشُّرَكَاءُ لِمَنْ أَشْرَكُوا: مَا كُنْتُمْ تَخُصُّونَنَا بِالعِبَادَةِ، وَإِنَّمَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَهْوَاءَكُمْ وَشَيَاطِينَكُمْ. فقد أَخْرَجَ ابْنُ أَبي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أَبي حاتمٍ، وأَبو الشَيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَاعَةٌ يَرَى فِيهَا أَهْلُ الشِّرْكِ أَهْلَ التَّوْحِيدِ يُغْفَرُ لَهُمْ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدَهَا سَاعَةٌ فِيهَا شِدَّةٌ تُنْصَبُ لَهُمُ الآلِهَةُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ، فَيَقُولُ: هَؤُلاءِ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَؤُلاءِ الَّذِينَ كُنَّا نَعْبُدُ، فَتَقُولُ لَهُمُ الآلِهَةُ: وَاللهِ مَا كُنَّا نَسْمَعُ وَلا نُبْصِرُ وَلا نَعْقِلُ، ولا نعلم إِنَّكُمْ تَعْبُدُونَنَا، فَيَقُولُونَ: بَلَى وَاللهِ إِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُدُ، قَالَ: فَيَقُولُ لَهُمُ اللهُ تعالى: "فَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنَّ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ".
قولُهُ تَعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جميعاً} الواوُ: مستأنَفةٌ، و "يوم" مَنْصوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أي: خَوِّفْهم، أو ذكِّرْهم "يومَ". والضميرُ عائد على الفريقين، أي: الذين أحسنوا والذين كسبوا. ويجوزُ أن يُنْصَبَ عَلى الظَرْفِيَّةِ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْه قولُهُ: "ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ" والتقديرُ: ونَقولُ للذين أَشْرَكوا مَكانَكم يَوْمَ نَحْشُرُ النَّاسَ جميعاً. و "جميعاً" حال. ويجوزُ أَنْ تَكونَ تَأْكيداً عِندَ مَنْ عَدَّها مِنْ أَلْفاظِ التَأْكيدِ.
قوله: {مَكَانَكُمْ أنتم وشُرَكاؤكم} مكانَكم: اسْمُ فعلٍ، ففَسَّرَهُ النَّحْوِيّونَ ب "اثْبُتوا" فيَحْمِلُ ضَميراً، ولذلك أُكِّدَ بِقَوْلِهِ: "أنتم" وعُطِفَ عَلَيْهِ "شركاؤكم"، ومثلُهُ قوْلُ عَمْرو بْنِ الإطْنابَةَ الأَنْصارِيِّ:
وقَوْلِي كلما جَشَأَتْ وجاشَتْ .......... مكانَكِ تُحْمَدي أو تَسْتريحي
أيْ: اثْبِتي، ويَدُلُّ عَلى ذلك جَزْمُ جوابِه وهُو "تُحْمَدي". وفَسَّرَهُ الزمخشريُّ بِ "الْزَموا" فقال: "مكانكم" أي: الزَموا مَكانَكم، ولا تَبْرحوا حتى تَنْظُروا ما يُفْعلُ بِكم. قالَ أبو حيَّان: وتقديره له ب "الزموا" ليس بجيِّدٍ، إذْ لو كان كَذلِكَ لَتَعَدَّى كَما يَتَعَدَّى ما نابَ هذا عنْهُ، فإنَّ اسمَ الفعلِ يُعامَلُ مُعامَلَةَ مُسَمَّاهُ، ولِذلكَ لمَّا قدَّروا "عليك" بمعنى "الْزَمْ" عَدَّوْهُ تعديَتَهُ نحو: عَلَيْكَ زَيْداً. وعنْدَ الحُوفيِّ "مكانَكم" نُصِبَ بإضمارِ فِعْلٍ، أي: الْزَموا مَكانَكم، أَوِ اثْبُتُوا. قال السمينُ: فالزَمَخْشَرِيُّ قد سُبِقَ بهذا التَفْسيرِ. والعذرُ لمَنْ فَسَّرَهُ بِذلِكَ أَنَّه قَصَدَ تَفْسيرَ المعنى، وكذلِكَ فَسَّرَهُ أَبو البَقاءِ فقالَ: "مكانكم" ظَرْفٌ مَبْنيٌّ لِوقُوعِهِ مَوْقِعَ الأَمْرِ، أيْ: الزَموا. وكونُهُ مَبْنِيّاً فيهِ خِلافٌ للنحويين: فمِنْهم مَنْ ذَهَبَ إلى ما ذَكَر، ومِنْهم مَنْ ذَهَبَ إلى أَنَّها حَرَكَةُ إِعْرابٍ، وهذانِ الوجهانِ مَبْنيَّانِ على خلافٍ في أَسماءِ الأَفعالِ: هَلْ لها محلٌّ مِنَ الإِعْرابِ أَوْ لا؟، فإنْ قُلْنا لها محلٌّ كانَتْ حَرَكاتُ الظَرْفِ حَرَكاتِ إعْرابٍ، وإنْ قُلْنا: لا مَحَلَّ لها كانَتْ حَرَكاتِ بِناءٍ.
و "أَنتُمْ" تَأْكِيدٌ للضَميرِ المُسْتَتِرِ في الظَرْفِ لِقِيامِهِ مَقامَ الفاعِلِ كما تَقَدَّمَ. وأَجازَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكونَ مُبْتَدَأً محذوفَ الخبرِ، و "شركاؤكم" مَعْطوفٌ عليْهِ، وقدَّرَهُ: أَنْتُم وشُركاؤكم مُهانونَ أَوْ مُعَذَّبون، وعليه فإنَّه يُوقَفُ على قولِهِ: "مكانكم" ثمَّ يُبْتَدَأُ بِقَوْلِهِ: "أنتم"، وفي هذا تَفكيكٌ لأَفْصَحِ كلامٍ وبتْرٌ لِنَظْمِهِ مِنْ غَيرِ داعٍ إلى ذَلِكَ، يدلُّ على ضَعْفِ هذا القولِ قِراءَةُ مَنْ قَرَأَ "وشركاءَكم" نَصْباً، فلا يَنْبَغي أَنْ يُقالَ، إذْ لا تَكونُ إلاَّ مِنَ الوَجْهِ الأَوَّلِ، ولقولِه: "فزيَّلْنا بينهم"، فهذا يَدُلُّ على أَنَّهم أُمِروا بالثَبَاتِ في مَكانٍ واحدٍ هُمْ وشُركاؤهم حتى يَحْصلَ التَّزْيِِيْلُ بَيْنَهم.
وقالَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَيْضاً: ويجوزُ أَنْ يَكونَ "أنتم" تَأْكيداً للضَميرِ الذي في الفعلِ المُقَدَّرِ الذي هو "قِفُوا" ونحوِه. وقالَ الشيخُ أبو حيَّان: وهذا لَيْس بجيِّدٍ، إذْ لو كانَ تَأْكيداً لِذلِكَ الضَميرِ المُتَّصِلِ بالفِعْلِ لجَازَ تَقْديمُهُ عَلى الظَرْفِ، إذِ الظَرْفُ لم يَتَحَمَّلْ ضَميراً عَلى هَذا القَوْلِ فَيَلْزَمُ تَأْخيرُهُ عَنْهُ وهوَ غيرُ جائزٍ، لا تَقول: أَنْتَ مَكانَكَ. ولا يُحْفَظُ مِنْ كلامِهم. والأَصَحُّ أَنَّهُ لا يَجوزُ حَذْفُ المُؤكَّدِ في التَأْكِيدِ المَعْنَوِيِّ، فكَذلِكَ هَذا لأنَّ التَأْكِيدَ يُنافي الحَذْفَ، وليسَ مِنْ كَلامِهم: أَنْتَ زَيداً. لمَنْ رَأَيْتَهُ قد شَهَرَ سَيْفاً، وأَنْتَ تُريدُ: اضْرِبْ أَنْتَ زَيْداً. إنَّما كَلامُ العَرَبِ: زَيْداً، تُريدُ: اضْرِبْ زَيْداً. وقالَ السمينُ: لم يَعْنِ ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ "أنت" تَأْكيدٌ لِذلِكَ الضَميرِ في "قِفوا" منْ حيثُ إنَّ الفِعْلَ مُرادٌ غَيرُ مَنُوبٍ عَنْهُ، بَلْ لأنَّهُ نابَ عَنْهُ هذا الظَرْفُ، فهوَ تأكيدٌ لَهُ في الأَصْلِ قَبْلَ النِيابَةِ عَنْهُ بالظَرْفِ، وإنَّما قالَ: الذي هو "قفوا" تَفْسيراً للمَعْنى المُقَدَّرِ. وقرَأَ فرقةُ: "وشُرَكاءَكم" نَصْباً عَلى المَعِيَّةِ. والناصِبُ لَهُ اسْمُ الفِعْلِ.
قولُهُ: {فَزَيَّلْنَا}، وَزْنُهُ "فَعَّلَ" وقيل: "فَيْعَلَ" والأَوَّلُ أظْهَرُ، والتَضْعيفُ فِيهِ للتَكْثيرِ لا للتَعْدِيَةِ لأَنَّ ثُلاثِيَّهُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ. فقد حَكى الفَرَّاءُ: (زِلْتُ الضَّأْنَ مِنَ المَعِزِ فلَمْ تَزِلْ)، ويقالُ: زِلْتُ الشَيْءَ مِنْ مَكَانِهِ أَزيلُهُ، وعلى هذا فهو مِنْ ذَواتِ الياء. والثاني: أَنَّهُ "فَيْعَل" كَ "بَيْطَر" و "بَيْقَر" وهو مِنْ زالَ يَزُولُ، والأصلُ: زَيْوَلْنا، فاجْتَمَعَتِ الياءُ والواوُ وسَبَقَتْ إحداهما بالسُكونِ فأُعِلَّتِ الإِعلالَ المشْهورَ وَهُوَ قَلْبُ الواوِ ياءً وإدغامُ الياءِ فيها، ك "مَيِّتٍ" في: "مَيْوَِت"، و "سَيّدٍ"، في "سَيْودِ"، وعلى هذا فهوَ مِنْ مادَّةِ الواوِ. وإلى هذا ذَهَبَ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وتَبِعَهُ فيه أَبو البَقاءِ. وقالَ مَكِيٌّ: ولا يجوزُ أَنْ يَكونَ "فَعَّلْنا" مِنْ "زَالَ يَزولَ" لأنَّهُ يَلزَمُ فيهِ الواوُ فَيَكونُ "زَوَّلْنا". ورَدَّ أبو حيَّان الأندلُسيُّ كَوْنَهُ "فيْعَل" بِأَنَّ "فَعَّل" أَكْثَرُ مِنْ "فَيْعَل"، ولأَنَّ مَصْدَرَهُ "تَزْييل"، ولَوْ كانَ "فَيْعَل" لَكَانَ مَصْدَرُهُ "فَيْعَلة" ك "بَيْطَرة"؛ لأنَّ "فَيْعَل" مُلْحَقٌ ب "فَعْلَل"، ولِقَوْلِهم في مَعْناهُ "زايَل"، ولم يَقولوا "زاوَل" بمَعنى "فارَقَ"، إنَّما قالوهُ بمَعنى "حاوَلَ" و "خالَطَ". وحكى الفَرَّاءُ "فَزايَلْنا" وبها قَرَأَتْ فِرْقَةٌ. قالَ الزَمخشريُّ: مثل "صاعَرَ" خَدَّهُ و "صَعَّرَهُ"، و "كالمتُه" و "كلَّمْته"، يَعني أَنَّ "فاعَل" بمعنى "فَعَّل". و "زايَلَ" بمعنى فارَقَ. قال زهير ابْنُ أبي سُلمى:
وقال العذارى إنَّما أنت عَمُّنا .......... وكان الشبابُ كالخليطِ نُزايِلُهْ
وقال طَرَفَةُ بْنُ العَبْدِ:
لعَمْري لَمَوْتٌ لا عقوبةَ بعده ..... لِذي البَثِّ أَشْفَى مِنْ هوىً لا يُزايلُهْ
وقوله: "فَزَيَّلْنَا" و "قال" هذانِ الفِعْلانِ ماضِيانِ لَفْظاً مُسْتَقْبَلانِ مَعْنىً لِعَطْفِهِما على مُسْتَقْبَلٍ وهُوَ "ويومَ نحشرهم" وهما نَظيرُ قولِهِ تَعالى في سورة هود: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ} الآية: 98. و "إيَّانا" مَفْعولٌ مُقَدَّمٌ قُدِّمَ للاهْتِمامِ بِهِ والاخْتِصاصِ، وهو واجبُ التَقْديمِ عَلى ناصِبِهِ لأنَّهُ ضَميرٌ مُنْفَصِلٌ لَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَزِمَ اتِّصالُهُ.
قرأ العامَّةُ، نافع، وابْنُ كَثيرٍ، وأَبو عَمْرٍو، وعاصِم، والحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَنِ، وشَيْبَةُ وغيرُهم: {نحشرهم} بِنُونِ العَظَمَةِ، وقرَأَتْ فِرْقةٌ: "يحشرهم" بالياء.