إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ
(116)
قولُهُ ـ جلَّ جلالُهُ: {إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} بيانٌ
من الله تعالى بأنَّه سبحانه هو مالِكٌ كُلَّ مَوْجودٍ، ومُتَوَلي أَمرَهُ والغالِبُ عَلَيْهِ ولا يَتَأَتَّى لهم ولايَةٌ ولا نَصْرٌ إلاَّ مِنْهُ سُبحانَه لِيَتَوَجَّهوا إليْهِ ـ جَلَّ شأنُه، بكلِّيَّتهم مُتَبرئينَ عَمّا سِواهُ غيرَ قاصدين إلاَّ إيَّاهُ. وفي هَذَا تَحْرِيضٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى قِتَالِ الكَافِرِينَ، وَدَعْوَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لِيَتَّقُوا اللهَ، مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ.
قولُهُ: {يُحْيِي وَيُمِيتُ} فهوَ وَحْدَهُ سُبحانَه الحيُّ حقيقةً، والذي بِيَدِهِ الحياة، حياةُ مخلوقاته، يهبها لمن يشاءُ فيحيا بمدده، ويمسكها عمن يشاءُ فيعودُ مَيْتاً، ولِذلكَ فالمؤمِنُ لا يَرْهَبُ أَحَداً غَيْرَ الذِي يَهَبُ الحَيَاةَ بِقُدْرَتِهِ وَفْقَ سُنَنٍ فِي التَّكْوينِ، وَهُوَ الذِي يُمِيتُ حِينَمَا تَنْقَضِي آجَالُ النَّاسِ. وَحِينَ يَجِيءُ الأَجَلُ المُحَدَّدُ فَلاَ تَتَقَدَّمُ نَفْسٌ وَلاَ تَتَأَخَّرُ.
أخرج ابن أبى حاتم عن مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: "يُحْيِي وَيُمِيتُ" أَيْ "يُعَجِّلُ مَا يَشَاءُ وَيُؤَخِّرُ مَا يَشَاءُ، مِنْ ذَلِكَ بِآجَالِهِمْ بِقُدْرَتِهِ".
قولُهُ: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} وَهُوَ تَعَالَى وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ، وَنَصِيرُهُمْ، وَلاَ وَلِيَّ وَلاَ نَصِيرَ لَهُمْ غَيْرُهُ.
قولُهُ تعالى: {إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} إن: ناسخٌ مشبَّه بالفعل، و "اللهََ" اسمُها منصوبٌ بها و "لَهُ ملك" الجملةُ خبرُ إنَّ،
قولُهُ: {يحيي ويميت وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} جملةُ "يحيي" خَبَرٌ ثانٍ، وجملة "وما لكم من دون الله من ولي" معطوفةٌ على جملة "إن الله له ملك"، والجارّ "لكم" مُتَعَلِّقٌ بالخَبرِ، والجارُّ "من دون" مُتَعَلِّقٌ بحالٍ مِنْ "ولي"، و "ولي" مُبْتَدأٌ، و "مِنْ" زائدةٌ لِدُخولها على نَكِرَةٍ وسَبْقِها بِنَفْيٍ.