روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11   فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11 I_icon_minitimeالثلاثاء مارس 11, 2014 11:51 am

[size=29.3333]وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ[/size]
[size=29.3333](11)[/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شأنُهُ: {وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ} تنَبيهٌ للنّاسِ مِنَ اللهِ ـ سبحانَهُ وتعالى ـ إلَى شَرَفِ أَبِيهِمْ آدَمَ ـ عليه السلامُ ـ وَبيانٌ لعَدَاوَةِ إِبْلِيسَ لَهُمْ، بعدَ أَنْ ذَكَرَ في الآيَةِ السابقةِ نِعْمَةَ تمكينِ الإنسانِ في الأَرْضِ بتَسخيرِها لَهُ وتَمْهيدِها، وتَهيِئَةِ جَميعِ أَسْبابِ الاسْتقرارِ والعيشِ فيها، فذَكَّرَهُ هُنا بابْتِدَاءِ خَلْقِهِ وتصويرِهِ. والمَعنى خَلَقْنا أَباكُمْ آدَمَ طِيناً غيرَ مُصوَّرٍ ثُمَّ صَوَّرْناهُ أَبْدَعَ تَصْويرٍ في أَحْسَنِ تَقويمٍ، وسارَ ذلك إليكم. أوْ أَنَّ المَعنى: لقد خَلَقْناكم يا بَني آدَمَ مُضَغاً غيرَ مُصَوَّرَةٍ، ثمَّ صَوَّرْناكم بِشَقِّ السَّمْعِ والبَصَرِ وسائرِ الأَعْضاءِ، أَوْ خَلَقْناكُم في أَصْلابِ الرِّجالِ، ثُمَّ صَوَّرْناكم في أَرْحامِ النِّساءِ. وَقال ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِمَا ـ رضي اللهُ عنهم: إنَّ مَعْنَى "خلقناكم" خَلَقْنَا آدَمَ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ فِي ظَهْرِهِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: "ثُمَّ" بِمَعْنَى الْوَاوِ. وَقِيلَ: مَعْنَى "وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ" يَعْنِي آدَمَ ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ، عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ. وَقِيلَ: "وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ" يَعْنِي آدَمَ، ذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِأَنَّهُ أَبُو الْبَشَرِ. "ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ" رَاجِعٌ إِلَيْهِ أَيْضًا. كَمَا يُقَالُ: نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ، أَيْ قَتَلْنَا سَيِّدَكُمْ. "ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ" وَعَلَى هَذَا لَا تَقْدِيمَ وَلَا تَأْخِيرَ، وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَقِيلَ: الْمَعْنَى وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ، يُرِيدُ آدَمَ وَحَوَّاءَ، فَآدَمُ مِنَ التُّرَابِ وَحَوَّاءُ مِنْ ضِلَعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ، ثُمَّ وَقَعَ التَّصْوِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَالْمَعْنَى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا أَبَوَيْكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاهُمَا، قَالَهُ الْحَسَنُ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى خَلَقْنَاكُمْ في ظهرِ آدَمِ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ حِينَ أَخَذْنَا عَلَيْكُمُ الْمِيثَاقَ. وهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ، رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَابْنُ أَبِي نَجِيحٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ. يَذْهَبُ مُجَاهِدٌ إِلَى أَنَّهُ خَلَقَهُمْ فِي ظَهْرِ آدَمَ، ثُمَّ صَوَّرَهُمْ حِينَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ، ثُمَّ كَانَ السُّجُودُ بَعْدُ. وَيُقَوِّي هَذَا قولُه ـ تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} سورة الأعراف، الآية: 172. وَالْحَدِيثُ الشريف: ((أَنَّهُ أَخْرَجَهُمْ أَمْثَالَ الذَّرِّ فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ)). وَقِيلَ: "ثُمَّ" لِلْإِخْبَارِ، أَيْ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ يَعْنِي فِي ظَهْرِ آدَمَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ أَيْ فِي الْأَرْحَامِ. قَالَ النَّحَّاسُ: هَذَا صَحِيحٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وكُلٌّ من هَذِهِ الْأَقْوَالِ مُحْتَمَلٌ، وَالصَّحِيحُ مِنْهَا مَا يُعَضِّدُهُ التَّنْزِيلُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} سورة المؤمنون، الآية: 12. يَعْنِي آدَمَ. وَقَالَ: {وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها} سورة النساء الآية: 1. ثُمَّ قَالَ: "جَعَلْناهُ" أَيْ جَعَلْنَا نَسْلَهُ وَذُرِّيَّتَهُ {نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ} سورة المؤمنون، الْآيَةَ: 12. فَآدَمُ خُلِقَ مِنْ طِينٍ ثمَّ صُوِّرَ وأُكْرمَ بِالسُّجُودِ، وَذُرِّيَّتُهُ صُوِّرُوا فِي أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ بَعْدَ أَنْ خُلِقُوا فِيهَا وَفِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ  أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مَخْلُوقٌ مِنْ نُطْفَةٍ وَتُرْبَةٍ، فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ هُنَا: "خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ" وَقَالَ فِي آخِرِ سورة الْحَشْرِ: {هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ}. فَذَكَرَ التَّصْوِيرَ بَعْدَ الْبَرْءِ. وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَقِيلَ: مَعْنَى "وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ" أَيْ خَلْقنَا الْأَرْوَاحَ أَوَّلًا ثُمَّ صَوَّرْنَا الْأَشْبَاحَ آخِرًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْخَلْقِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. ثمَّ إنَّ الخَلْقَ قدْ يَكونُ معناهُ: الإنْشاءُ. وقد يكون معنى التصويرِ: إعطاءُ الصورةِ والخَصائصِ. وهُما مَرْتَبَتانِ في النَّشأةِ وليستا مرحلتين فيها. فقد تكون "ثم" للتَرَقّي المَعْنويِّ وليست للترتيب الزمنيِّ. والتَصويرُ أَرْقى مَرْتَبَةً مِنْ مُجَرَّدِ الوُجودِ. فالوُجودُ يَكونُ للمادَّةِ الخام؛ أمَّا التصوير فهو بمعنى إعْطاءِ الصورةِ الإنسانيَّةِ والخَصائصِ، فهو درجةٌ أَرقى مِنْ دَرَجاتِ الوُجودِ. فكأنَّه ـ سبحانهُ ـ قال: إنَّنا لَمْ نَمْنَحْكُمْ مُجَرَّدَ الوُجودِ وإنّما جَعلْناهُ وُجوداً ذا خَصائصَ راقيةٍ كذلك. فإنَّه يفهم من مجموع النُصوصَ القُرآنِيَّةَ في خلْقِ آدمَ ـ عليه السلامُ ـ وفي نَشْأةِ الجِنْسِ البَشَرِيِّ، أَنَّ إعطاءَ هذا الكائنَ خصائصَهُ ووظائفَه الإنسانيَّةَ، كان مُصاحِباً لِخَلْقِهِ. وأَنَّ التَرَقّي في تاريخِ الإنسانِ كانَ تَرَقِّياً في بُروزِ هذه الخَصائصِ ونُمُوِّها وتدريبِها واكْتِسابِها الخُبْرَةَ العالِيَةَ. ولَمْ يَكُنْ تَرَقِّياً في "وُجودِ" الإنْسانِ ومراحلِ خَلْقِهِ واكتمالِ صورتِه. مِنْ تَطوُّرِ الأَنْواعِ حتّى انْتَهَتْ إلى الإنسانِ ـ كما جاء في نَظريَّةِ داروين التي تَبَناها الفِكْرُ الإلحاديُّ الشيوعيُّ ابتداءً من ماركس وانجلز، ومن بعدهما لينن، وجميعُ الملاحدةُ بعدَ ذَلِكْ، وقد تَراجَعَ دارونُ عنها لما سميَ بالحلقةِ المفقودة فيها، ونعني القفزةَ التي نقلت قِرْدَ الشمبازي امن آخر مراحلِ تَطوُّرِه، إلى إنسانٍ عاقلٍ ناطقٍ تامِّ البُنْيَةِ، لكنَّ المَلاحِدَةَ لم يتراجعوا عن إلحادهم وظلّوا متمسّكين بعنادهم وكفرهم وضلالهم، وحججهم الواهية التي لا تَسْتَنِدُ إلى علمٍ تجريبيٍّ وأساسٍ منطقيٍّ سليم. ووُجودُ أَطوارٍ مُتَرَقِّيَةٍ مِنَ الحَيَوانِ تَتْبَعُ تَرْتيباً زَمَنِيَّاً ـ بِدَلالَةِ الحَفْريَّاتِ التي تَعْتَمِدُ عَليها نَظَرِيَّةُ النُّشوءِ والارْتِقاءِ، وهي مُجَرَّدُ نَظَرِيَّةٍ (ظَنِّيَّةٍ) وليْسَتْ تجريبيةً يَقينِيَّةً، لأنَّ تقديرَ أَعْمارِ الصُّخورِ ذاتَه في طبقاتِ الأرْضِ لَيْسَ إلاَّ ظَنًّاً، وهو مُجَرَّدُ فَرَضٍ كَما هو الحالُ فيما يتعلَّقُ بتَقديرِ أعداد النجوم وأبعادها وأَعْمارِها مِنْ إشْعاعِها. وليسَ ما يَمْنَعُ مِنْ ظُهورِ فُروضٍ أُخرى تُعَدِّلُها أَوْ تَغَيِّرُها، خاصّةً وأنَّ علماء الفيزياءِ والفلك يعطوننا كلَّ يومٍ معلوماتٍ جديدةً، ويطلعون علينا بنظريّات تنقضُ سابقاتها، مما كان يُعَدُّ علماً تقف عنده عقولُ العلماء، وتطمئنُّ له نفوسهم. [/size]
[size=29.3333]وعلى فرَضِ العِلْمِ اليَقينيِّ بأعمارِ الصُخورِ، فليس هُناكَ ما يَمْنَعُ مِنْ وُجودِ أنواعٍ مِنَ الحَيَوانِ في أَزْمانٍ مًتوالِيَةٍ بعضُها أَرْقى مِنْ بعضٍ؛ بِفِعْلِ الظُروفِ السائدةِ في الأَرْضِ، ومَدى ما تَسْمَحُ بِهِ مِنْ وُجودِ أَنْواعٍ تُلائمُ حياتَها هَذِهِ الظُروفُ السائدةُ، ثمَّ انْقِراضُ بعضِها حينَ تَتَغَيَّرُ الظُروفُ السائدةُ بحيثُ لا تَسْمَحُ لَها باستمرارِ حياتها. ولا يُحَتِّمُ هذا أَنْ يَكون بعضُها أكثرَ تَطوِّراً من بعضٍ، كما أنَّ حفريَّاتِ (دارونَ) وغيرِهِ مِنْ عُلَماءِ الأَحْياءِ، وما جاء بَعدَ ذلك مِنْ حَفرِيّاتٍ لا تَسْتَطيعُ أَنْ تُثبتَ أَكْثَرَ مِنْ هذا، كما لا تَسْتَطيعُ أنْ تُثْبِتَ ـ في يقينٍ مقطوعٍ بِهِ ـ أَنَّ هذا النوعَ تَطَوَّرَ تَطَوُّراً عُضْويّاً أكثرَ مِنَ النَّوْعِ الذي قبلَهُ مِنَ الناحيةِ الزَمَنيَّةِ ـ وِفْقَ شَهادةِ الطَبَقَةِ الصَخْرِيَّةِ التي وُجِدَ فيها ـ ولكنَّها فقطْ تُثْبِتُ أَنَّ هُناكَ نوعاً أَرْقى مِنَ النَّوعِ الذي قبْلَهُ زَمَنياً، وهذا يُمكِنُ تعليلُهُ بأنَّ الظُروفَ السائدةَ في الأرضِ كانتْ تَسْمَحُ بِوُجودِ هَذا النَّوعِ ـ كما قلنا ـ فلَمَّا تَغَيَّرَتْ صارتْ صالِحَةً لِنَشْأَةِ نَوْعٍ آخَرَ، فَنَشَأَ. وساعدت على انقراضِ النوعِ الذي كانَ عائشاً مِنْ قَبْلُ في الظُروفِ الأَخْرى فانْقَرَضَ، وهذا كلُّه لا ينفي يُثْبِتُ أنَّ هذه التغيراتِ قد أحدثتها هذه الأشياءُ من في نفسها من تلقاء نفسها دون مقدِّرٍ ومحرّكٍ ومحدِثٍ لها، خاصَّة وأنها ليست واعيةً مقدِّرة لهذه الأحداثِ، فهي جمادٌ لا عقلَ فيها ولا وعي ولا تقديرَ ولا تدبيرٍ، وهم في ذلك كلِّه لا يستطيعون نفي أنَّ هذا كلّهُ إنما يجري بتقدير العليم الخبير. وعندئذٍ تَكونُ نَشْأةُ النَّوعِ الإنْسانيِّ نَشْأَةً مُسْتَقِلَّةً، في الزَمَنِ الذي قدَّرَ اللهُ أَنَّ ظُروفَ الأَرْضِ تَسْمَحُ بحياتِهِ ونُمُوِّهِ وتَرقيه، وهذا ما تُرَجِّحُهُ الآياتُ القُرآنِيَّةُ والأحاديثُ النبويَّةُ في نَشْأَةِ البَشَرِيَّةِ.[/size]
[size=29.3333]ثمَّ إنَّ تَفَرُّدَ الإنسان مِنَ ناحِيَةِ بُنيَتِةِ الجسميَّةِ والنفسيَّةِ والعقليَّةِ والرّوحيَّة، وعدَمِ تَداخُلِه مَعَ الأَنواع الأَخْرى في تَطَوُّرٍ عُضْوِيٍّ، اضطَّرَّ الداروينيّونَ المُحْدَثون ـ وفيهم المُلْحِدونَ باللهِ كُلياً ـ للاعْتِرافِ بِهِ. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {ثمَّ قُلْنا للمَلائكَةِ اسْجُدوا لآدَمَ} إعْلانٌ مِنَ اللهُ بذاتِهِ العَلِيَّةِ الجَليلَةِ مِيلادَ هذا الكائنِ الإنسانيِّ؛ في حَفْلٍ حافِلٍ مِنَ المَلأِ الأَعلى. أي نُخْبِرُكُمْ أَنَّنا قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ أي أمرنا الملائكةَ أن يسجدوا لآدمَ. والملائكةُ خَلْقٌ آخَرُ مِنْ خَلْقَ اللهِ لَهُمْ خَصائِصُهم ووَظائفُهم؛ لا نَعْلَمُ عنْهم إلاَّ ما أَنْبَأَنا اللهُ مِنْ أَمْرِهِمْ، ولا سبيلَ لنا لمعرفةِ شيءٍ آخرَ فهم، مخلوقاتٌ لا تستطيعُ حواسُّنا التَعَرُّفَ عليها، ولا سبيلَ لنا لمعرفةِ شيءٍ إلاَّ بخبرٍ منَ العليم الخبيرِ الذي خلقهم وخلقنا وخلق كلَّ شيءٍ وهو بكلِّ خلقٍ عليمٍ، وهو من المغيَّباتِ التي يجبُ على المؤمنِ باللهِ أن يؤمنَ بها، لأنَّ إنكارَ وجودهمْ تكذيبٌ للوحيِ الذي جاء به المرسلونَ من اللهِ، قال اللهُ في محكمِ كتابه العزيز: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ} سورة البقرة، الآية: 286. وجاء ذلك في الحديث الذي أخرجه الشخان وغيرهما مِنْ أَصحابِ الصِّحاحِ عن عمرَ ابنِ الخطاب ـ رضي اللهُ عنه ـ أنَّه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلاَمِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ: ((الإِسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ. قَالَ: ((أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ)). قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِحْسَانِ. قَالَ: ((أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)). قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَنِ السَّاعَةِ. قَالَ: ((مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ)). قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا. قَالَ: ((أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِى الْبُنْيَانِ)). قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا ثُمَّ قَالَ لِي: ((يَا عُمَرُ أَتَدْرِى مَنِ السَّائِلُ))؟. قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَّحِيحِه. فنحنُ نؤمنُ بذلك دون نُقصانٍ ولا زِيادَةٍ، إذ لا مَجالَ هُنا لتخيُّلٍ أو توهُّمٍ. [/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ: {فسجدوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. وَقِيلَ: مِنَ الْجِنْسِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَمْ لَا. كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ في البقرة.[/size]
[size=29.3333]قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا} ثمَّ: منهم مَنْ جعلها بمنزلة الواو ولم يَلتَزمْ فيها ترتيباً، فإنَّ خَلْقَنا وتصويرَنا بعدَ قولِهِ تعالى للملائكة "اسجدوا". ومنهم مَنْ قال: هي للتَرتيبِ لا في الزَمانِ بَلْ للتَرتيبِ في الإِخْبارِ. ومنهم من قال: هي للترتيب الزماني وهذا هو موضوعُها الأصلي. ومنهم مَنْ قال: "ثمَّ" الأُولى للتَرتيبِ الزَماني والثانية للتَرتيبِ الإِخباري. واختَلَفَتْ عِبارةُ القائلين بأنَّها للتَرتيبِ في الموضعين، فقالَ بعضُهم: إنَّ ذلك على حَذْفِ مُضافَيْنِ، والتقديرُ: ولقد خلقنا آباءكم ثُمَّ صَوَّرْنا آباءَكم ثُمَّ قُلنا، ويَعني بأبينا آدمَ ـ عليه السلام. والترتيب الزماني هُنا ظاهرٌ بهذا التقدير. وقالَ بعضُهم: الخطابُ في "خلقناكم وصوَّرناكم" لآدم ـ عليه السلامُ ـ وإنَّما خاطبه بصيغةِ الجَمْعِ وهو واحدٌ تعظيماً لَهُ ولأنَّه أَصْلُ الجَميعِ، والترتيبُ أَيْضاً واضحٌ. وقال بعضُهم: المخاطبُ هم بَنو آدمَ والمُرادُ بِهِ أَبوهُم، وهذا مِنْ بابِ الخِطابِ لِشَخْصٍ والمُرادُ بِهِ غيرُه كقولِهِ تعالى في سورة البقرة:  {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ} الآية: 49. إلى آخرِه، وإنَّما المُنَجَّى والذي كان يُسامُ سُوءَ العذابِ أَسْلافُهم. وهذا مستفيضٌ في العربيَّةِ. وأنشدوا عليه قولَ قولَ أبي تمّامٍ يمدحُ أبا دلف العجلي: [/size]
[size=29.3333]إذا افتخرَتْ يوماً تميمٌ بقوسِها ..... وزادَتْ على ما وطَّدَتْ مِنْ مَناقِبِ[/size]
[size=29.3333]فأنتم بِـذي قارٍ أَمالَتْ سُيوفُكمْ ... عروشَ الذين اسْتَرهنوا قوسَ حاجبِ[/size]
[size=29.3333]وهذه الوقعةُ إنَّما كانتْ في أَسْلافِهم.[/size]
[size=29.3333]والترتيبُ أَيْضاً واضحٌ على هذا. ومَنْ قال: إنَّ الأُولى للتَرتيبِ الزَّمانيِّ، والثانيةُ للتَرتيبِ الإِخْبارِيِّ اخْتَلَفتْ عِباراتُهم أَيْضاً. فقال بعضُهم: المُرادُ بالخِطابِ الأَوَّلِ آدمُ، وبالثاني ذُرِّيَّتُه، والترتيبُ الزماني واضحٌ، و"ثمَّ" الثانية للترتيب الإِخباري. [/size]
[size=29.3333]وقوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ لم يكن من الساجدين} لم يكن: جملةُ استئنافيةٌ لأنَّها جوابُ سؤالٍ مُقَدَّرٍ، وهذا كما تقدَّم في قولهِ في البَقَرَةِ "أبى". وتقدم أنَّ الوقْفَ على إبْليسَ. وقيل: فائدةُ هذِهِ الجُمْلةِ التَوكيدُ لِما أَخْرَجَهُ الاسْتِثْناء ُمِنْ نَفْيِ سُجودِ إبليسَ. وقالَ أَبو البَقاءِ: إنَّها في مَحَلِّ نَصْبٍ على الحالِ، أيْ: إلاَّ إبليسَ حالَ كونِهِ مُمْتَنِعاً مِنَ السُجودِ. وهذا كما تَقَدَّمَ في سورة البَقَرَةِ مِنْ أنَّ "أبى" في مَوْضِعِ نَصْبٍ على الحالِ.[/size]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 11
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 21
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 36
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 59
» فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 76

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: