[size=29.3333]وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ[/size]
[size=29.3333](36)[/size]
[size=29.3333]قَوْلُهُ ـ تَعَالَى شانُه: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها} أمَّا الّذين يُكَذِّبون أولئكَ الرُسُلَ، بما جاؤوا بِهِ مِن عندِ ربِّهم مِنْ آياتٍ وشَرائعَ، ويدعون العملَ بما أمرَ به اللهُ عتواً عن أمرِ اللهِ وتكبُّراً على خلق اللهِ كما هو حالُ أهل الكتابِ إذْ يصعُب على نفوسهم أن يكونوا تابعين بعد أن كانوا متبوعين، أو كما هو حالُ زعماء قريش وكبرائها الذين أبوا مجالسة ضعفائهم وفُقرائهم ومواليهم، وكما هو حالُ إبليس من قبلُ الذي أبى امْتِثالَ أمرِ اللهِ بالسجودِ لآدمَ ـ عليه السلامُ ـ استكباراً عليه وقد سَلَفَ ذكرُ أولئك جميعاً بالتفصيل فيما مضى من آيات مباركات. [/size]
[size=29.3333]قولُه: {أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ} فإنَّ مصيرَ أولئك جميعاً النارُ والعذابُ المقيمُ، لأنَّ عصيانَهم هذا إنما سَبَبُهُ التكبُرُ، وهم في حقيقةِ الأمرِ لا يَتِكَبَّرونَ على خلقِ اللهِ، إنَّما يَتَكَبَّرون على أَوامِرِ اللهِ الذي خَلَقَهم، وأَنْعم عليهم بِما هم فيه مِنْ سَعَةٍ في الرِزْقِ أو بسطةٍ في القوة أو وَفْرَةٍ في العَدَدِ والعُدَدِ أو غيرِ ذلك، ولأَنَّ التَكذيبَ للرُسُلِ والاسْتِكبارَ عنِ الانْقيادِ للهِ يُلحِقُ المُسْتَكْبِرين بِوَلِيِّهم إبْليسَ في النّارِ: حيثُ خاطَبَهُ رَبُّه: {لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} الأعراف: 18. فلِماذا يَكونُ مَصيرُ المَكَذِّبين بالآياتِ والمُسْتَكْبِرين عَنْها أَنْ يَكونوا أَصْحابَ النَّارِ ويَكونوا فيها خالدين؟ لأنَّهم وإنْ تَيَسَّرَتْ لهمْ أَسْبابُ الحياةِ لَمْ يَضَعوا في حِسابِهم أَنْ يَكونَ لَهم نَصيبٌ في الآخِرَةِ ولَمْ يَلْتَفِتُوا إلى الغايةِ، وغابَ عَنْهمُ الإِيمانُ بِقولِ الحَقِّ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن ْكَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرةِ مِنْ نَّصِيبٍ} سورةُ الشورى، الآية: 20. فالذي يَسْتَكْبِرُ عَنْ آياتِ اللهِ هُوَ مَنْ دَخَلَ في صَفْقَةٍ خاسِرَةٍ؛ لأنَّ مَنْ يُقارِنْ هذهِ الدُنيا بالحياةِ الآخِرَةِ سَيَجِدُ أَنَّ زَمَنَ الإِنْسانِ في الدُنيا قَليلٌ، وزَمَنَ الآخِرَةِ لا نِهايَةَ لَهُ. وعُمْرُ الإِنْسانِ في الدُنْيا مَظْنونٌ غيرُ مُتَيَقَّنٍ، والمتعةُ فيها على قَدْرِ أَسْبابِ الفَرْدِ وإمْكاناتِهِ، لكنَّ الآخِرَةَ مُتَيَقَّنَةٌ، ونَعيمُ المُؤمِنِ فيها على قَدْرِ طَلاقَةِ قُدْرَةِ اللهِ. وأَصْحابُ النّارِ. يَعني أَنْ يُصاحِبَ المُذنِبُ النارَ ويلازمها كما يُصاحِبُ الإِنسانُ مِنَّا صاحِبَهُ ويُلازِمَهُ.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ تَعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} الواو: عاطِفَةٌ، "الذين" اسْمٌ مَوْصولٌ مَبْنِيٌّ في مَحَلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ، "كذّبوا" فعلٌ ماضٍ مَبْنِيٌّ على الضَمِّ لاتصاله بواو الجماعة، وواوُ الجماعة ضميرٌ متَّصلٌ في محلِّ رفعِ فاعلٍ، "بآيات" جارٌّ ومَجْرورٌ مُتَعلِّقٌ بـ "كذّبوا"، و"نا" العظمةِ ضَميرٌ متَّصلٌ في محلِّ جرِّ مُضافٍ إليْهِ. والجملة صلةُ الموصولِ لا مَحلَّ لها من الإعراب، وجملة "الَّذِينَ" مَعطوفَةٌ على جملةِ "من اتقى".[/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {واستكبروا عنها} الواو: عاطفةٌ، "استكبروا" مِثل: "كذَّبوا" "عن" حرفُ جَرٍّ، و"ها" ضميرٌ متًّلٌ في محلِّ جَرٍّ بِحَرْفِ الجَرِّ، مُتَعَلِّقٌ بـ "استكبروا" بِتَضْمينِهِ مَعْنى ابْتَعِدوا، والجملةُ هذه معطوفةٌ على جملةِ "كذَبوا" فلا محلّ لها مِنَ الإعْرابِ.[/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {أولئك أصحابُ النار} أولاءِ: اسْمُ إشارةٍ مَبْنِيٌّ على [/size]
[size=29.3333]الكسرِ في مَحَلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأْ، و"الكافُ" للخِطابِ، "أصحابُ" خَبَرٌ مرفوعٌ وعلامةُ رفعِهِ الضمَّةُ الظاهرةُ على آخره، وهو مضافٌ، "النارِ" مُضافٌ إليْهِ مَجْرورٌ، وعلامةُ جرِّه الكسروُ الظاهرةُ على آخرِه. وهذه الجملةُ الاسميَّةُ في محلِّ رفعِ خبَر المبتدأِ الذين. [/size]
[size=29.3333]قولُهُ: {هم فيها خالدون} هم: ضميرٌ مُنْفَصِلٌ مَبْنِيٌّ على الضمِّ في مَحَلِّ رَفْعِ مُبْتَدَأٍ، "فيها" مثلُ "عنها" مُتَعلِّقٌ بـ "خالدون" و"خالدون" خَبَرُ "هم" مَرْفوعٌ. وهذه الجُمْلَةُ الاسْمِيَّةُ في مَحَلِّ نَصْبِ حالٍ. [/size]