[size=26.6667]ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ.[/size]
[size=26.6667](154)[/size]
[size=26.6667]قول ـ تَعَالَى شأنُهُ: {ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} "ثُمَّ [/size]
[size=26.6667]آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ[/size][size=26.6667]" ثُمَّ: بِمَعْنَى الْوَاوِ، أي وآتينا موسى الكتابَ، فبعدَ أَنْ تَحَدَّث ربُّنا ـ سبحانَهُ وتَعَالَى ـ عَنِ القُرْآنِ الكريمِ وامْتَدَحَهُ بأَنَّهُ صِرَاطُهُ المُسْتَقِيمُ، وَأَمَرَنا بِالعملِ بما فيهِ واتِّبَاعِ رسولِه محمد ـ عليه الصلاةُ والسلامُ، عَطَفَ يَمْدَحُ التَّورَاةَ وَرَسُولَه مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ فَقَالَ: بأنَّهُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى كَامِلاً، جَامِعاً لِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ شَّرَائِعِ، وَذلك إِتْمَاماً لِنِعْمَتِه على نبيه موسى وتكْريماً لمَنْ أَحْسَنَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَاهْتَدَى بِهديه. وَالتَّوْرَاةُ دَلِيلٌ مِنْ دَلاَئِلِ الهِدَايَةِ إلى الحَقِّ، وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الرَّحْمَةِ لِمَنْ أَرَادَ الهِدَايَةَ، وَقَدْ تَضَمَّنَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيءٍ، لَعَلَّ قَوْمَ مُوسَى يُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَيَتَذَكَّرُونَ لِقَاءَ رَبِّهِمْ فَيُحْسِنُوا العَمَلَ، وَيَفُوزُوا فِي الآخِرَةِ بِحُسْنِ العَاقِبَةِ وَالمَآبِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي مَعْنَى قوله: "تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" كَانَ فِيهِمْ مُحْسِنٌ وَغَيْرُ مُحْسِنٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: "تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا". وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَعْطَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاةَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُحْسِنُهُ مُوسَى مِمَّا كَانَ عَلَّمَهُ اللهُ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ، أو على الذي أَحْسَنَ موسى ـ عليه السلامُ ـ تَبْليغَهُ. وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: فَالْمَعْنَى "تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" أَيْ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَى مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ مِنَ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: مَعْنَاهُ عَلَى إِحْسَانِ اللهِ تَعَالَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ ـ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ـ مِنَ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ مُوسَى مِنْ طَاعَتِهِ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وقولُه: "ثُمَّ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَقِصَّةُ مُوسَى ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِتْيَانُهُ الْكِتَابَ قَبْلَ هَذَا. وَقِيلَ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ ثُمَّ كُنَّا قَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ قَبْلَ إِنْزَالِنَا الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ أَتْلُ [/size]
[size=26.6667]مَا آتَيْنَا مُوسَى تَمَامًا. [/size]
[size=26.6667]قولُه: { وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وهدىً ورحمةً} أيْ: وبياناً مُفَصَّلاً لِكُلِّ ما يَحْتاجُ إليهِ قومُ موسى ـ عليه السلامُ ـ في أُمورِ دينِهم ودُنْياهم. والظاهرُ اشْتِمالُ الكِتابِ على التفصيلِ حَسْبَما أَخْبَرَ اللهُ تعالى إلى أَنْ حَرَفّهُ أهلُه. وأخرج ابنُ أبي حاتم عن مجاهد قال: لمّا أّلقى موسى ـ عليه السلامُ ـ الأَلْواحَ بقيَ الهُدى والرَّحْمَةُ وذَهَبَ التَفصيلُ.[/size]
[size=26.6667]قوله: {لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} قيل المُرادُ مِنَ اللِّقاءِ الجَزاءُ، وقيل: الرُّجوعُ إلى مُلْكِ الرَّبِّ ـ سبحانَهُ ـ وسُلْطانِهِ يَومَ لا يَمْلُكُ أَحَدٌ سِواهُ شيئاً. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ المَعنى كَيْ يُؤمِنوا بالبَعْثِ ويُصدِّقوا بالثوابِ والعقابِ. أي: وهذا الكِتابُ الكريمُ (التوراة) هو هِدايةٌ لَهم إلى طَريقِ الحَقِّ، ورَحمةٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ لعل قومَ مَوسى وسائرَ أَهلِ الكِتابِ يُصدِّقونَ بِيَوْمِ الجَزاءِ، ويُقدِّمون العملَ الصالحَ الذي يَنفَعُهم في ذلك اليومِ الشديدِ. [/size]
[size=26.6667]قولُهُ تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا} أَصْلُ "ثُمَّ" المُهْلُة في الزّمانِ، وقدْ تَأتي للمُهْلَةِ في الإخبارِ. قال الحافظ ابنُ كثير: "ثُمَّ" هُنا عاطفة على الصّراطِ المُستقيم، وما سَبَقَهُ مِنْ وَصايا، وفُهِمَ مِنَ التعبير بـ "ثم" هنا أنَّها لِمُجَرَّدِ العَطْفِ على التَراخي مِنْ غَيْر تَرتيبٍ؛ لأنَّ ما يَتَعلَّقُ بِموسى ـ عليه السلامُ ـ سابقٌ على شريعةِ محمد ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وقال إنَّه تَرَقٍّ في الخَبَرِ مِنَ الحاضِرِ إلى الماضي، واسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشاعر:[/size]
[size=26.6667]قلن لمن ساد ثم ساد أبوه ...................... ثم من قبل ذاك قد ساد جَدُّهْ[/size]
[size=26.6667]والصحيح أَنَّها هُنا للتَرتيبِ والتَراخي أَيْضاً؛ لأنَّ التَرتيبَ والتَراخي كما يَكونُ في المُسْتَقبَلِ يَكون في الماضي، فهو قد ذَكَرَ الأَبَ، ثمَّ ذَكَرَ الجَدَّ، وذلك تَراخٍ في الزَمَنِ الماضي. وليس ذَلك غريبًا في اسْتِعْمالِ "ثم"، فهو تَرَقٍّ في الذِكْرِ مِنَ الحاضرِ إلى الماضي، وفي الماضي ذلك التَراخي، وإنَّ ذلك يَتلاقى مَعَ قولِ أَبي السُعودِ: إنَّ "ثُمَّ" تَجيءُ للتَراخي في الإخْبارِ مَعَ التَرتيبِ، كأنْ تَقولَ: قابَلْتُكَ اليومَ، ثمَّ بالأمْسِ، ثمَّ قبلَ ذلك، فإنَّ استعمالَ "ثُمَّ" هُنا في موضعها. ويكونُ معنى قولِه تعالى: "ثم آتَيْنَا موسَى الْكِتَابَ" إنَّنا وَصَّيْنا بالصّراطِ المُسْتقيمِ الذي هُو صِراط ُاللهِ ـ تعالى، وهو القرآنُ الكريمُ، ثمَّ مِنْ قبلِ ذلكَ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ تَماماً على الذي أَحْسَنَ وتَفْصيلا. . . أيْ أنَّ هذِهِ الوَصايا العَشْرَ، قدْ آتَيْناها مِنْ قَبْلُ مُوسى، كما قالَ تعالى: {وَكتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاح مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْعِظَةً} سورة الأعراف، الآية: 145. وكما قال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} سورة الأنعام، الآية: 91. وقال الزجّاجُ: هو مَعطوفٌ على {أَتل} تقديرُه: أَتْلُ ما حَرَّمَ، ثُمَّ أَتْلُ آتَيْنا، وقيلَ: هو عطفٌ على {قُلْ} على إضمارِ قُلْ، أَيْ: ثُمَّ قُلْ آتَيْنا. وقيلَ: تقديرُه ثُمَّ أُخْبِرُكم آتَيْنا. وقال الزمخشري: عَطْفٌ على وَصَّاكمْ بِه. قال: فإن قلت: كيف صَحَّ عطفُه عليْه بـ "ثم"، والإِيتاءُ قبلَ التَوْصِيَةِ بِهِ بِدَهْرٍ طويل؟ قلتُ: هذه التَوْصِيَةُ قديمةٌ لَمْ يَزَلْ تَتَواصاها كلُّ أُمَّةٍ على لِسَانِ نَبِيِّها، فكأنَّهُ قيلَ: ذَلكُمْ وَصَّاكم بِهِ يا بَني آدَمَ قديماً وحَديثاً، ثمَّ أَعْظَمُ مِنْ ذلك أَنَّا آتَيْنا مَوسى الكتابَ. وقيلَ: هو مَعطوفٌ على ما تَقَدَّمَ قَبْلَ شَطْرِ السُّورةِ مِنْ قولِهِ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} سورة الأنْعام، الآية: 84. وقال ابْنُ عَطِيَّةَ: مُهْلَتُها في ترتيبِ القَوْلِ الذي أُمِرَ بِهِ مُحَمَّدٌ ـ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ ـ كأنَّه قال: ثمّ مِمَّا وصَّيناهُ أَنَّا آتَيْنا موسى الكتابَ ويَدْعو إلى ذَلِكَ أَنَّ مُوسى ـ عليه السلامُ ـ مُتَقَدِّمٌ بالزّمانِ على مُحَمَّدٍ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. وقيل: في الكلامِ مَحْذوفٌ تقديرُهُ: ثمَّ كُنَّا قدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ قَبْلَ إنْزالِنا القُرآنَ على مُحَمَّدٍ ـ عليْه الصلاةُ والسّلامُ. والذي يَنْبَغي أَنْ يُسْتَعْمَلَ للعَطْفِ كالواوِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبارِ مُهْلَةٍ، وبذلك قالَ بعضُ النَّحْويين. ولا يَلْزَمُ من انتفاء المُهْلَةِ انْتِفاءُ التَرْتيبِ فكانَ يَنْبغي أنْ يُقالَ مِنْ غيرِ اعْتِبارِ تَرتيبٍ ولا مُهْلَةٍ على أَنَّ الفَرْضَ في هذه الآية عدمُ التَرتيبِ في الزّمان.[/size]
[size=26.6667]قولُه: {تَمَاماً} مفعولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أيْ: لأَجْلِ تَمامِ نِعْمَتِنا. أو هو حالٌ مِنَ الكِتابِ، أي: حالَ كَوْنِهِ تَماماً. أو هو نَصْبٌ على المَصْدَرِ لأنَّه بِمَعنى: آتيناهُ إيتاءَ تَمامٍ لا نُقصانٍ. أو هو حالٌ مِنَ الفاعلِ، أيْ مُتِمِّين. أو هو مَصْدَرٌ مَنْصوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مِنْ لَفْظِهِ، ويَكونُ مَصْدَراً على حَذْفِ الزَوائدِ، والتقديرُ: أتْمَمْناهُ إتْماماً.[/size]
[size=26.6667]قولُهُ: {عَلَى الذي} مُتَعَلِّقٌ بـ "تماماً" أوْ بِمَحْذوفٍ على أَنَّهُ صِفَةٌ، هَذا إذا لَمْ يُجْعَلْ مَصْدَراً مُؤكِّداً فإنْ جُعِلَ تَعَيَّنَ جَعْلُهُ صِفَةً.[/size]
[size=26.6667]وقولُه: {أَحْسَنَ} فعلٌ ماضٍ واقعٌ صِلَةً للمَوْصولِ، وفاعلُهُ مُضْمَرٌ يَعودُ على مُوسى، أيْ: تَماماً على الذي أَحْسَنَ، فيَكونُ الذي عِبارةً عَنْ مُوسى. وقيلَ: كُلِّ مَنْ أَحْسَنَ. وقيلَ: "الذي" عبارة عنْ ما عَمِلَهُ مُوسى وأَتْقَنَهُ ـ وقد تقدَّم ذلك كلُّه ـ أَيْ: تَماماً على الذي أَحْسَنَهُ مُوسى. أو أَنَّ "أحسن" اسْمٌ على وَزْنِ أَفْعَلْ كَأَفْضَل وأَكْرَم، واسْتَغنى بِوَصْفِ المَوصولِ عَنْ صِلَتِهِ، وذلك أَنَّ المَوصولَ مَتى وُصِفَ بِمَعرِفَةٍ نَحْوَ: مَرَرْتُ بالذي أَخيكَ، أوْ بِما يقاربُ المعرفةَ نحو: "مَرَرْتُ بالذي خَيْرٍ مِنْكَ وبالذي أَحْسَن مِنكَ" جازَ ذلك واسْتَغْنى بِهِ عَنْ صِلَتِه، وهو مَذْهَبُ الفَرَّاءِ، وأَنْشَدَ:[/size]
[size=26.6667]الدُرَّ حتَّى إذا كانا هُما اللَّذيْنِ ..................... مثلَ الجَدِيْلَيْنِ المُحَمْلَجَيْنِ[/size]
[size=26.6667]بنصبِ مثلَ على أَنَّه صِلَةٌ لـ "اللذيْن" المَنصوبِ على خَبَرِ كان. ويَجوزُ أنْ [/size]
[size=26.6667]تَكونَ "الذي" مَصْدَرِيَّةً، و"أَحْسَنَ" فعلٌ ماضٍ صِلَتَها، والتقديرُ: تماماً على إحْسانِهِ، أَيْ إحْسانِ اللهِ إليْهِ، وإحْسانِ مُوسى إليهم، وهُوَ رَأْيُ يُونُسَ والفَرَاءِ كقولِ عبدِ اللهِ ابنِ رواحةَ ـ رضي اللهُ عنه: [/size]
[size=26.6667]فَثَبَّتَ اللهُ ما آتاك مِنْ حَسَنٍ .............. تثبيتَ عيسى ونصراً كالذي نُصِرُوا[/size]
[size=26.6667]وقدْ تقدَّمَ تحقيقه.[/size]
[size=26.6667]وقرأ عامَّةُ القرّاءِ: "أَحْسَنَ". وقرأَ يَحيى بْنُ يَعْمُرٍ وابْنُ أَبي إسْحاقَ بِرَفْعِها، على أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحذوفِ، أيْ: على الذي هُو أَحْسَنُ، فَحُذِفَ العائدُ، وإنْ لَم تَطُلِ الصَلَةُ فهي شاذَّة مِنْ جِهَةِ ذَلك، وقد تقدَّم ذلك بدلائلِهِ عندَ قولِه: {مَّا بَعُوضَةً فما فوقها} البقرة: 26. فيمن رَفَعَ "بعوضة". وقالَ التبريزي يَجوزُ أَنْ يَكونَ "الذي" واقعاً مَوْقِعَ الذين، وأَصْلُ "أَحْسنَ" أَحْسَنوا بِواوِ الضَميرِ حُذِفَتْ الواوُ اجْتِزاءً بِحَرَكةِ ما قَبلَها، وأَنْشَدَ: [/size]
[size=26.6667]فلو أنَّ الأَطِبَّا كانُ حولي .......................... وكان مع الأطباء الأُساةُ[/size]
[size=26.6667]وقولُ الآخَرِ: [/size]
[size=26.6667]إذا ما شاءُ ضرُّوا مَنْ أرادوا .......................... ولا يألوهُمُ أحدٌ ضِرارا[/size]
[size=26.6667]وقول الآخَر: [/size]
[size=26.6667]شَبُّوا على المجد وشابوا واكتهلْ [/size]
[size=26.6667]يُريدُ: اكْتَهَلوا فحَذَفَ الواوَ وسَكَّنَ الحَرْفَ قَبْلَها.[/size]
[size=26.6667]وقولُهُ: {وتَفصيلاً} وما عُطِف عليْهِ مَنْصوبٌ على ما ذُكِرَ في "تَماماً".[/size]
[size=26.6667]ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ.[/size]
[size=26.6667](154)[/size]
[size=26.6667]قول ـ تَعَالَى شأنُهُ: {ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} "ثُمَّ [/size]
[size=26.6667]آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ[/size][size=26.6667]" ثُمَّ: بِمَعْنَى الْوَاوِ، أي وآتينا موسى الكتابَ، فبعدَ أَنْ تَحَدَّث ربُّنا ـ سبحانَهُ وتَعَالَى ـ عَنِ القُرْآنِ الكريمِ وامْتَدَحَهُ بأَنَّهُ صِرَاطُهُ المُسْتَقِيمُ، وَأَمَرَنا بِالعملِ بما فيهِ واتِّبَاعِ رسولِه محمد ـ عليه الصلاةُ والسلامُ، عَطَفَ يَمْدَحُ التَّورَاةَ وَرَسُولَه مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ـ فَقَالَ: بأنَّهُ أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى كَامِلاً، جَامِعاً لِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنَ شَّرَائِعِ، وَذلك إِتْمَاماً لِنِعْمَتِه على نبيه موسى وتكْريماً لمَنْ أَحْسَنَ فِي اتِّبَاعِهِ، وَاهْتَدَى بِهديه. وَالتَّوْرَاةُ دَلِيلٌ مِنْ دَلاَئِلِ الهِدَايَةِ إلى الحَقِّ، وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الرَّحْمَةِ لِمَنْ أَرَادَ الهِدَايَةَ، وَقَدْ تَضَمَّنَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيءٍ، لَعَلَّ قَوْمَ مُوسَى يُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَيَتَذَكَّرُونَ لِقَاءَ رَبِّهِمْ فَيُحْسِنُوا العَمَلَ، وَيَفُوزُوا فِي الآخِرَةِ بِحُسْنِ العَاقِبَةِ وَالمَآبِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِ الْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي مَعْنَى قوله: "تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" كَانَ فِيهِمْ مُحْسِنٌ وَغَيْرُ مُحْسِنٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الْمُحْسِنِينَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَرَأَ: "تَمَامًا عَلَى الَّذِينَ أَحْسَنُوا". وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَعْطَيْنَا مُوسَى التَّوْرَاةَ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ يُحْسِنُهُ مُوسَى مِمَّا كَانَ عَلَّمَهُ اللهُ قَبْلَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ، أو على الذي أَحْسَنَ موسى ـ عليه السلامُ ـ تَبْليغَهُ. وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: فَالْمَعْنَى "تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ" أَيْ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَهُ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ إِلَى مُوسَى ـ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ مِنَ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: مَعْنَاهُ عَلَى إِحْسَانِ اللهِ تَعَالَى إِلَى أَنْبِيَائِهِ ـ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ـ مِنَ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: تَمَامًا عَلَى إِحْسَانِ مُوسَى مِنْ طَاعَتِهِ للهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ، وقولُه: "ثُمَّ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَقِصَّةُ مُوسَى ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَإِتْيَانُهُ الْكِتَابَ قَبْلَ هَذَا. وَقِيلَ: تَقْدِيرُ الْكَلَامِ ثُمَّ كُنَّا قَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ قَبْلَ إِنْزَالِنَا الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ أَتْلُ [/size]
[size=26.6667]مَا آتَيْنَا مُوسَى تَمَامًا. [/size]
[size=26.6667]قولُه: { وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ وهدىً ورحمةً} أيْ: وبياناً مُفَصَّلاً لِكُلِّ ما يَحْتاجُ إليهِ قومُ موسى ـ عليه السلامُ ـ في أُمورِ دينِهم ودُنْياهم. والظاهرُ اشْتِمالُ الكِتابِ على التفصيلِ حَسْبَما أَخْبَرَ اللهُ تعالى إلى أَنْ حَرَفّهُ أهلُه. وأخرج ابنُ أبي حاتم عن مجاهد قال: لمّا أّلقى موسى ـ عليه السلامُ ـ الأَلْواحَ بقيَ الهُدى والرَّحْمَةُ وذَهَبَ التَفصيلُ.[/size]
[size=26.6667]قوله: {لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ} قيل المُرادُ مِنَ اللِّقاءِ الجَزاءُ، وقيل: الرُّجوعُ إلى مُلْكِ الرَّبِّ ـ سبحانَهُ ـ وسُلْطانِهِ يَومَ لا يَمْلُكُ أَحَدٌ سِواهُ شيئاً. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ـ رضي اللهُ عنهما ـ المَعنى كَيْ يُؤمِنوا بالبَعْثِ ويُصدِّقوا بالثوابِ والعقابِ. أي: وهذا الكِتابُ الكريمُ (التوراة) هو هِدايةٌ لَهم إلى طَريقِ الحَقِّ، ورَحمةٌ لِمَنْ عَمِلَ بِهِ لعل قومَ مَوسى وسائرَ أَهلِ الكِتابِ يُصدِّقونَ بِيَوْمِ الجَزاءِ، ويُقدِّمون العملَ الصالحَ الذي يَنفَعُهم في ذلك اليومِ الشديدِ. [/size]
[size=26.6667]قولُهُ تعالى: {ثُمَّ آتَيْنَا} أَصْلُ "ثُمَّ" المُهْلُة في الزّمانِ، وقدْ تَأتي للمُهْلَةِ في الإخبارِ. قال الحافظ ابنُ كثير: "ثُمَّ" هُنا عاطفة على الصّراطِ المُستقيم، وما سَبَقَهُ مِنْ وَصايا، وفُهِمَ مِنَ التعبير بـ "ثم" هنا أنَّها لِمُجَرَّدِ العَطْفِ على التَراخي مِنْ غَيْر تَرتيبٍ؛ لأنَّ ما يَتَعلَّقُ بِموسى ـ عليه السلامُ ـ سابقٌ على شريعةِ محمد ـ صلى الله عليه وسلّم ـ وقال إنَّه تَرَقٍّ في الخَبَرِ مِنَ الحاضِرِ إلى الماضي، واسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشاعر:[/size]
[size=26.6667]قلن لمن ساد ثم ساد أبوه ...................... ثم من قبل ذاك قد ساد جَدُّهْ[/size]
[size=26.6667]والصحيح أَنَّها هُنا للتَرتيبِ والتَراخي أَيْضاً؛ لأنَّ التَرتيبَ والتَراخي كما يَكونُ في المُسْتَقبَلِ يَكون في الماضي، فهو قد ذَكَرَ الأَبَ، ثمَّ ذَكَرَ الجَدَّ، وذلك تَراخٍ في الزَمَنِ الماضي. وليس ذَلك غريبًا في اسْتِعْمالِ "ثم"، فهو تَرَقٍّ في الذِكْرِ مِنَ الحاضرِ إلى الماضي، وفي الماضي ذلك التَراخي، وإنَّ ذلك يَتلاقى مَعَ قولِ أَبي السُعودِ: إنَّ "ثُمَّ" تَجيءُ للتَراخي في الإخْبارِ مَعَ التَرتيبِ، كأنْ تَقولَ: قابَلْتُكَ اليومَ، ثمَّ بالأمْسِ، ثمَّ قبلَ ذلك، فإنَّ استعمالَ "ثُمَّ" هُنا في موضعها. ويكونُ معنى قولِه تعالى: "ثم آتَيْنَا موسَى الْكِتَابَ" إنَّنا وَصَّيْنا بالصّراطِ المُسْتقيمِ الذي هُو صِراط ُاللهِ ـ تعالى، وهو القرآنُ الكريمُ، ثمَّ مِنْ قبلِ ذلكَ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ تَماماً على الذي أَحْسَنَ وتَفْصيلا. . . أيْ أنَّ هذِهِ الوَصايا العَشْرَ، قدْ آتَيْناها مِنْ قَبْلُ مُوسى، كما قالَ تعالى: {وَكتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاح مِن كُلِّ شَىْءٍ مَّوْعِظَةً} سورة الأعراف، الآية: 145. وكما قال تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} سورة الأنعام، الآية: 91. وقال الزجّاجُ: هو مَعطوفٌ على {أَتل} تقديرُه: أَتْلُ ما حَرَّمَ، ثُمَّ أَتْلُ آتَيْنا، وقيلَ: هو عطفٌ على {قُلْ} على إضمارِ قُلْ، أَيْ: ثُمَّ قُلْ آتَيْنا. وقيلَ: تقديرُه ثُمَّ أُخْبِرُكم آتَيْنا. وقال الزمخشري: عَطْفٌ على وَصَّاكمْ بِه. قال: فإن قلت: كيف صَحَّ عطفُه عليْه بـ "ثم"، والإِيتاءُ قبلَ التَوْصِيَةِ بِهِ بِدَهْرٍ طويل؟ قلتُ: هذه التَوْصِيَةُ قديمةٌ لَمْ يَزَلْ تَتَواصاها كلُّ أُمَّةٍ على لِسَانِ نَبِيِّها، فكأنَّهُ قيلَ: ذَلكُمْ وَصَّاكم بِهِ يا بَني آدَمَ قديماً وحَديثاً، ثمَّ أَعْظَمُ مِنْ ذلك أَنَّا آتَيْنا مَوسى الكتابَ. وقيلَ: هو مَعطوفٌ على ما تَقَدَّمَ قَبْلَ شَطْرِ السُّورةِ مِنْ قولِهِ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ} سورة الأنْعام، الآية: 84. وقال ابْنُ عَطِيَّةَ: مُهْلَتُها في ترتيبِ القَوْلِ الذي أُمِرَ بِهِ مُحَمَّدٌ ـ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ ـ كأنَّه قال: ثمّ مِمَّا وصَّيناهُ أَنَّا آتَيْنا موسى الكتابَ ويَدْعو إلى ذَلِكَ أَنَّ مُوسى ـ عليه السلامُ ـ مُتَقَدِّمٌ بالزّمانِ على مُحَمَّدٍ ـ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ. وقيل: في الكلامِ مَحْذوفٌ تقديرُهُ: ثمَّ كُنَّا قدْ آتَيْنا مُوسى الكِتابَ قَبْلَ إنْزالِنا القُرآنَ على مُحَمَّدٍ ـ عليْه الصلاةُ والسّلامُ. والذي يَنْبَغي أَنْ يُسْتَعْمَلَ للعَطْفِ كالواوِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبارِ مُهْلَةٍ، وبذلك قالَ بعضُ النَّحْويين. ولا يَلْزَمُ من انتفاء المُهْلَةِ انْتِفاءُ التَرْتيبِ فكانَ يَنْبغي أنْ يُقالَ مِنْ غيرِ اعْتِبارِ تَرتيبٍ ولا مُهْلَةٍ على أَنَّ الفَرْضَ في هذه الآية عدمُ التَرتيبِ في الزّمان.[/size]
[size=26.6667]قولُه: {تَمَاماً} مفعولٌ مِنْ أَجْلِهِ، أيْ: لأَجْلِ تَمامِ نِعْمَتِنا. أو هو حالٌ مِنَ الكِتابِ، أي: حالَ كَوْنِهِ تَماماً. أو هو نَصْبٌ على المَصْدَرِ لأنَّه بِمَعنى: آتيناهُ إيتاءَ تَمامٍ لا نُقصانٍ. أو هو حالٌ مِنَ الفاعلِ، أيْ مُتِمِّين. أو هو مَصْدَرٌ مَنْصوبٌ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مِنْ لَفْظِهِ، ويَكونُ مَصْدَراً على حَذْفِ الزَوائدِ، والتقديرُ: أتْمَمْناهُ إتْماماً.[/size]
[size=26.6667]قولُهُ: {عَلَى الذي} مُتَعَلِّقٌ بـ "تماماً" أوْ بِمَحْذوفٍ على أَنَّهُ صِفَةٌ، هَذا إذا لَمْ يُجْعَلْ مَصْدَراً مُؤكِّداً فإنْ جُعِلَ تَعَيَّنَ جَعْلُهُ صِفَةً.[/size]
[size=26.6667]وقولُه: {أَحْسَنَ} فعلٌ ماضٍ واقعٌ صِلَةً للمَوْصولِ، وفاعلُهُ مُضْمَرٌ يَعودُ على مُوسى، أيْ: تَماماً على الذي أَحْسَنَ، فيَكونُ الذي عِبارةً عَنْ مُوسى. وقيلَ: كُلِّ مَنْ أَحْسَنَ. وقيلَ: "الذي" عبارة عنْ ما عَمِلَهُ مُوسى وأَتْقَنَهُ ـ وقد تقدَّم ذلك كلُّه ـ أَيْ: تَماماً على الذي أَحْسَنَهُ مُوسى. أو أَنَّ "أحسن" اسْمٌ على وَزْنِ أَفْعَلْ كَأَفْضَل وأَكْرَم، واسْتَغنى بِوَصْفِ المَوصولِ عَنْ صِلَتِهِ، وذلك أَنَّ المَوصولَ مَتى وُصِفَ بِمَعرِفَةٍ نَحْوَ: مَرَرْتُ بالذي أَخيكَ، أوْ بِما يقاربُ المعرفةَ نحو: "مَرَرْتُ بالذي خَيْرٍ مِنْكَ وبالذي أَحْسَن مِنكَ" جازَ ذلك واسْتَغْنى بِهِ عَنْ صِلَتِه، وهو مَذْهَبُ الفَرَّاءِ، وأَنْشَدَ:[/size]
[size=26.6667]الدُرَّ حتَّى إذا كانا هُما اللَّذيْنِ ..................... مثلَ الجَدِيْلَيْنِ المُحَمْلَجَيْنِ[/size]
[size=26.6667]بنصبِ مثلَ على أَنَّه صِلَةٌ لـ "اللذيْن" المَنصوبِ على خَبَرِ كان. ويَجوزُ أنْ [/size]
[size=26.6667]تَكونَ "الذي" مَصْدَرِيَّةً، و"أَحْسَنَ" فعلٌ ماضٍ صِلَتَها، والتقديرُ: تماماً على إحْسانِهِ، أَيْ إحْسانِ اللهِ إليْهِ، وإحْسانِ مُوسى إليهم، وهُوَ رَأْيُ يُونُسَ والفَرَاءِ كقولِ عبدِ اللهِ ابنِ رواحةَ ـ رضي اللهُ عنه: [/size]
[size=26.6667]فَثَبَّتَ اللهُ ما آتاك مِنْ حَسَنٍ .............. تثبيتَ عيسى ونصراً كالذي نُصِرُوا[/size]
[size=26.6667]وقدْ تقدَّمَ تحقيقه.[/size]
[size=26.6667]وقرأ عامَّةُ القرّاءِ: "أَحْسَنَ". وقرأَ يَحيى بْنُ يَعْمُرٍ وابْنُ أَبي إسْحاقَ بِرَفْعِها، على أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحذوفِ، أيْ: على الذي هُو أَحْسَنُ، فَحُذِفَ العائدُ، وإنْ لَم تَطُلِ الصَلَةُ فهي شاذَّة مِنْ جِهَةِ ذَلك، وقد تقدَّم ذلك بدلائلِهِ عندَ قولِه: {مَّا بَعُوضَةً فما فوقها} البقرة: 26. فيمن رَفَعَ "بعوضة". وقالَ التبريزي يَجوزُ أَنْ يَكونَ "الذي" واقعاً مَوْقِعَ الذين، وأَصْلُ "أَحْسنَ" أَحْسَنوا بِواوِ الضَميرِ حُذِفَتْ الواوُ اجْتِزاءً بِحَرَكةِ ما قَبلَها، وأَنْشَدَ: [/size]
[size=26.6667]فلو أنَّ الأَطِبَّا كانُ حولي .......................... وكان مع الأطباء الأُساةُ[/size]
[size=26.6667]وقولُ الآخَرِ: [/size]
[size=26.6667]إذا ما شاءُ ضرُّوا مَنْ أرادوا .......................... ولا يألوهُمُ أحدٌ ضِرارا[/size]
[size=26.6667]وقول الآخَر: [/size]
[size=26.6667]شَبُّوا على المجد وشابوا واكتهلْ [/size]
[size=26.6667]يُريدُ: اكْتَهَلوا فحَذَفَ الواوَ وسَكَّنَ الحَرْفَ قَبْلَها.[/size]
[size=26.6667]وقولُهُ: {وتَفصيلاً} وما عُطِف عليْهِ مَنْصوبٌ على ما ذُكِرَ في "تَماماً".[/size]