روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71   فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71 I_icon_minitimeالسبت ديسمبر 14, 2013 11:13 am

قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ. (71)
قَوْلُهُ تعالى شأنُه: {قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا} أمرٌ جديدٌ من اللهِ سبحانه وتعالى لِسَيِّدِنا رسولِ اللهِ صلى الله وسلَّمَ عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّمَ، ولمن آمَنَ بِه وصَدَّقَ برِسالَتِه ودانَ بِدينِه، "قل أَنَدْعوا مِنْ دونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا ولا يَضُرُّنا؟!" أَيْ ما لا يَنْفَعُنا إنْ دَعَوْناه "وَلا يَضُرُّنا" إِنْ تَرَكْنَاهُ، يُرِيدُ الأَصْنَامَ. سبحان الله، كم هو غريبٌ عقلُ المُشْرِكِ وتفكيرُه! وأَيُّ عَقْلٍ لمنْ تَرَكَ الذي خَلَقَهُ ورَزَقَهُ وأَمَدَّهُ بالحَياةِ وأَسبابِها، وبِيَدِه إنْهاءُ هذه الحياةِ أَنّى شاءَ ومَتى شاء، وبيدِه أيضاً كلُّ ما يتعلقُ بهذا المخلوقِ من نفعٍ وضررٍ، ثمَّ يَتْرُكُه ويَتَعلَّقُ بآلهةٍ مِنْ حِجارةٍ أو سواها، صَنَعَها بِنَفْسِهِ وهو قادرٌ على تحطيمِها متى شاء!. قالَ أَبو جعفرَ: وهذا تنبيهٌ مِنَ اللهِ تعالى ذِكْرُهُ نَبيَّهُ، صلى الله عليه وسلَّمَ، إلى حُجَّتِهِ على مُشْركي قومِه مِنْ عَبَدَةِ الأوثانِ. يَقولُ لَهُ تعالى ذِكرُهُ: قُلْ، يا محمَّدُ، لهؤلاءِ العادِلين بِرَبِّهم الأوثانَ والأَنْدادَ، والآمِرينَ لك باتّباعِ دينِهم وعِبادةِ الأَصْنامِ معهم: أَنَدْعو مِنْ دونِ اللهِ حَجَرًا أَوْ خَشَبًا لا يَقْدِرُ على نَفْعِنا أَوْ ضَرِّنا، فنَخُصُّهُ بالعِبادَةِ دونَ اللهِ، ونَدَعُ عِبادَةَ الذي بِيَدِهِ الضَرُّ والنَفْعُ والحياةُ والموتُ، إنْ كنتمْ تَعقِلونَ فتُمَيِّزونَ بينَ الخيرِ والشَرِّ؟ فلا شَكَّ أَنَّكم تَعلَمونَ أَنَّ خِدْمَةَ ما يُرتجى نَفْعُه ويُرْهَبُ ضَرُّهُ، أَحَقُّ وأَوْلى مِنْ خِدْمَةِ مَنْ لا يُرجَى نَفْعُهُ ولا يُخْشى ضَرُّهُ!
وفي توجيهَ الأمرِ إليْه، صلى الله عليه وسلَّمَ، ما لا يخفى مِنْ تَعظيمِ شأنِ المؤمنين، أوْ أبي بَكْرٍ الصديقِ، رضي الله تعالى عنه، خاصّةً، أيْ أَنَعْبُدُ مُتَجاوِزين عِبادةَ اللهَ تَعالى الجامعِ لجميعِ صِفاتِ الأُلوهِيَّةِ التي مِنْ جملتِها القُدْرَةُ على النَّفعِ والضَرِّ ونعبُدُ ما لا يَقدرِ على نفعِنا إنْ عَبَدْناهُ ولا على ضَرِّنا إذا تَرَكْناهُ، وأَدْنى مَراتِبُ المَعْبُوديَّةِ القُدْرَةُ على ذلك؟!.
قولُه: {وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ} أَيْ نَرْجِعُ إِلَى الضَّلالَةِ بَعْدَ الْهُدَى. أي "بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ" إلى التوحيدِ والإسلامِ، أوْ إلى سائرِ ما يترتَّبُ عليه الفوزُ في الآخرَةِ على ما قيلَ. كأنَّه قيلَ: أَنُرَدُّ إلى ذلك باتِّباع إضْلالِ المُضِلِّ بعدَ إذْ هَدانا اللهُ الذي لا هاديَ سَواه؟. وقولُهُ: "وَنُرَدُّ على أَعْقابِنا" عامٌّ لِسَيِّدِ المُخاطَبينَ، صلى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ، ولِغيرِهِ وليسَ مخْصوصاً بالصِّدِّيقِ، رَضيَ اللهُُ تعالى عَنْه، بِناءً على أَنَّه سببُ النُزولِ. وفي الآيةِ تَغليبٌ إذْ لا يُتَصَوَّرُ الرَّدُّ على العَقِبِ المُرادِ بِهِ الرُّجوعُ إلى الشِرْكِ مِنْهُ، صَلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ. والمعنى أَيَليقُ بِنا مَعْشَرَ المسلمين ذلك. والأَعْقابُ جمعُ عَقِبٍ وهو مؤخَّرُ الرِّجْلِ يقالُ: رَجَعَ على عَقِبِهِ إذا انثنى راجعاً. ويُكَنّى بِهِ كما قيلَ عنِ الذَهابِ مِنْ غيرِ رُؤْيَةِ مَوْضِعِ القَدَمِ وهو ذَهابٌ بِلا عِلْمٍ بخلافِ الذَهابِ مَعَ الإقبالِ؛ وقيلَ: الرَدُّ على الأَعْقابِ بمعنى الرُّجوعِ إلى الضَلالِ والجَهْلِ، شِرْكاً أوْ غيرِهِ. والجُمهورُ على الأَوَّلِ. والتعبيرُ عَنِ الرُّجوعِ إلى الشِرْكِ بالرَدِّ على الأعْقابِ كما قالَ شيخُ الإسلام، الشيخ زكريّا الأنْصاري، لِزيادَةِ تَقبيحِهِ بِتَصويرِهِ بِصورةِ ما هوَ عَلَمٌ في القُبْحِ مَعَ ما فيهِ مِنَ الإشارةِ إلى كونِ الشِرْكِ حالةً قد تُرِكَتْ ونُبِذَتْ وراءَ الظَهْرِ. وإيثارُ "نُرَدُّ" على نَرْتَدُّ لِتَوجيهِ الإنْكارِ إلى الارْتِدادِ بِرَدِّ الغيرِ تَصريحاً بمخالَفَةِ المُضِلِّين، وقطعاً لأطماعِهم الفارغةِ، وإيذاناً بأَّن الارْتِدادَ مِنْ غيرِ رادٍّ ليسَ في حَيِّزِ الاحْتِمالِ لِيحتاجَ إلى نَفْيِهِ وإنكارِه. وَوَاحِدُ الأَعْقَابِ عَقِبٌ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ، وَتَصْغِيرُهُ عُقَيْبَةٌ. يُقَالُ: رَجَعَ فُلانٌ عَلَى عَقِبَيْهِ، إِذَا أَدْبَرَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ لِمَنْ رُدَّ عَنْ حَاجَتِهِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهَا: قَدْ رُدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: مَعْنَاهُ تُعُقِّبَ بِالشَّرِّ بَعْدَ الْخَيْرِ. وَأَصْلُهُ من العاقِبَةِ والعُقْبى وهما ما كان تَالِيًا لِلشَّيْءِ وَاجِبًا أَنْ يَتْبَعَهُ، وَمِنْهُ {وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} الأعراف: 128. وَمِنْهُ عَقِبُ الرَّجُلِ. وَمِنْهُ الْعُقُوبَةُ، لأَنَّهَا تَالِيَةٌ لِلذَّنْبِ، وَعَنْهُ تَكُونُ.
قَوْلُهُ: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرانَ} أَيِ اسْتَغْوَتْهُ وَزَيَّنَتْ لَهُ هَوَاهُ وَدَعَتْهُ إِلَيْهِ. يُقَالُ: هَوَى يَهْوِي إِلَى الشَّيْءِ إذا أَسْرَعَ إِلَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هُوَ مِنْ هَوَى يَهْوَى، أي مِنْ هَوَى النَّفْسِ، أَيْ زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ هَوَاهُ. وَلَمْ يَنْصَرِفْ "حيرانَ" لأَنَّ مؤنَّثَهُ حَيْرَى، كَسَكْرَانَ وَسَكْرَى وَغَضْبَانَ وَغَضْبَى. وَالْحَيْرَانُ هُوَ الَّذِي لا يَهْتَدِي لِجِهَةِ أَمْرِهِ. وَقَدْ حارَ يَحَارَ حَيْراً وَحَيْرُورَةً، أَيْ تَرَدَّدَ. وَبِهِ سُمِّيَ الْمَاءُ الْمُسْتَنْقَعُ الَّذِي لا مَنْفَذَ لَهُ حَائِرًا، وَالْجَمْعُ حُورَانُ. وَالْحَائِرُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَتَحَيَّرُ فِيهِ الْمَاءُ. قَالَ الشَّاعِرُ الجاهلي قيسُ بْنُ الخَطِيمِ:
تَخْطُو عَلَى بَرْدِيَّتَيْنِ غَذَاهُمَا .................. غَدِقٌ بِسَاحَةِ حَائِرٍ يَعْبُوبِ
اليعبوب: الطويل.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ مَثَلُ عَابِدِ الصَّنَمِ مَثَلُ مَنْ دَعَاهُ الْغُولُ فَيَتَّبِعُهُ فَيُصْبِحُ وَقَدْ أَلْقَتْهُ فِي مَضَلَّةٍ وَمَهْلَكَةٍ، فَهُوَ حَائِرٌ فِي تِلْكَ الْمَهَامِهِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما، يوم كان مُشْركاً وكَانَ يَدْعُو أَبَوَيْهُ إِلَى الكفرِ، وأَبواهُ يَدْعوانِه إلى الإسْلامِ والمسلمين، وهو مَعْنى قولِهِ: "لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى" فَيَأْبَى. قَالَ أَبُو عُمَرَ: أُمُّهُ أُمُّ رُومَانِ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ غُنْمٍ الْكِنَانِيَّةُ، فَهُوَ شَقِيقُ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها وعنهم أجمعين. وَشَهِدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بكرٍ بَِدْراً وأُحُداً مَعَ قومِهِ وهوَ كافرٌ، وَدَعَا إِلَى الْبِرَازِ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُوهُ، رضي اللهُ عنه، لِيُبَارِزَهُ فقَالَ لَهُ رَسُولَ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَتِّعْنِي بِنَفْسِكَ)). ثُمَّ أَسْلَمَ بعد ذلكَ وَحَسُنَ إِسْلامُهُ، وَصَحِبَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يومَ صُلِحِ الْحُدَيْبِيَةِ. كما قَالَ أَهْلُ السِيَرِ. وكَانَ اسْمُهُ عَبْدَ الْكَعْبَةِ فَغَيَّرَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اسْمَهُ فأصبحَ عَبْدَ الرحمن، وكان أَسَنَّ وَلَدِ أَبي بَكْرٍ. قيلَ: إِنَّهُ لَمْ يُدْرِكِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَعَةُ وِلاءٍ: أَبٌ وَبَنُوهُ إِلا أَبو قُحَافَةَ وَابْنُهُ أَبَو بَكْرٍ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَابْنُهُ أَبَو عَتِيقٍ مُحَمَّدَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ} أَيْ أُمِرْنَا كَيْ نُسْلِمَ أو أُمِرْنَا بِأَنْ نُسْلِمَ، لأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: أَمَرْتُكَ لِتَذْهَبَ، وَأمرتُكَ بِأَنْ تَذْهَبَ بِمَعْنًى. ومعنى الإسلامِ: الإخْلاصُ.
قول تعالى: {أَنَدْعُواْ} اسْتِفْهامُ توبيخٍ وإنْكارٍ، والجُملَة في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ، و"ما" مفعولةٌ ب "ندعو" وهي مَوْصولةٌ أوْ نَكِرَةٌ مَوْصوفةٌ، و"مِنْ دون الله" متعلِّقٌ ب "ندعو".
 قال أبو البقاء: ولا يجوزُ أنْ يَكونَ حالاً من الضميرِ في "يَنْفَعنا" ولا معمولاً ل "ينفعنا" لتقدُّمِه على "ما" فالصلةُ والصفةُ لا تعملُ فيما قبلَ المَوْصولِ والمَوْصوفِ، قوله "من الضمير في يَنْفعنا" يعني به المرفوعَ العائدَ على "ما". وقوله: لا تعمل فيما قبل الموصول والموصوف، يعني أنَّ "ما" لا تخرُجُ عن هذين القسمين، ولكنْ يجوزُ أنْ يَكونَ "من دون" حالاً من "ما" نفسِها على قولِه، إذ لم يجعلِ المانعَ من جَعْلِه حالاً مِنْ ضميرِه الذي في "ينفعنا" إلاَّ صِناعيّاً لا مَعْنَويّاً، ولا فَرْقَ بين الظاهِرِ وضَميرِهِ، بمعنى أنَّه إذا جازَ أنْ يَكونَ حالاً مِنْ ظاهِرٍ جازَ أنْ يَكونَ حالاً مِنْ ضميرِهِ، إلاَّ أنْ يمنَعَ مَانِعٌ.
قولُه: {وَنُرَدُّ} عطفُ نَسَقٍ على "ندعو" فهو داخلٌ في حيِّز الاستفهامِ المُتَسَلِّطِ عليْه القولُ. أو هو حالٌ على إضْمارِ مُبْتَدأٍ، أي: ونحن نُرَدُّ. قال الشيخ أبو حيَّانَ بعدَ نقلِهِ عَنْ أَبي البَقاء: "وهو ضعيفٌ لإِضمارِ المُبْتَدَأِ، ولأنَّها تَكونُ حالاً مُؤكّدَةً". وفي كونِها مؤكِّدةً نَظَرٌ، لأَنَّ المؤكِّدةَ، ما فُهِم مَعْناها مِنَ الأَوَّلِ وكأنَّه يَقولُ مِنْ لازِمِ الدُعاءِ "من دون الله" الارْتدادُ على العَقِبِ.
قولُه: {على أَعْقَابِنَا بعدَ إذْ} على أَعْقَابِنَا: جارٌّ ومجرورٌ مُتعلِّقان إمّا ب "نُرَدٌّ" أو بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ مَرْفوعِ "نُرَدُّ" أي: نُرَدُّ راجعين على أَعقابِنا أوْ مُنْقَلِبين أوْ مُتَأَخِّرين، كذا قُدِّرَ، وهو تفسيرُ معنى، إذِ المقدَّرُ في مثلِهِ كَوْنٌ مُطْلَقٌ، وهذا يَحتَمِلُ أنْ يُقالَ فيه إنَّه حالٌ مُؤَكَّدةٌ، و"بعد إذ" مُتَعَلِّقٌ ب "نُرَدٌّ".
قولُه: {كالذي اسْتَهْوَتْهُ} الكاف هذه إمّا نعتُ مَصْدَرٍ محذوفٍ، أيْ: نُرَدٌّ رَدَّاً مثلَ رَدِّ الذين. أو هي في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ مِنْ مَرْفوعِ "نُرَدُ" أي: نُرَدُّ مُشْبِهينَ الذي اسْتَهْوَتْهُ الشَياطينُ، فمَنْ جوَّزَ تعدُّدَ الحالِ جَعَلَها حالاً ثانيةً إنْ جَعَلَ "على أعقابنا" حالاً، ومَنْ لم يُجَوِّزْ ذلك جَعَلَ هذه الحالَ بَدَلاً مِنَ الحالِ الأُولى، أَلَمْ يَجْعَلْ "على أعقابنا" حالاً بَلْ مُتَعَلِّقاً ب "نُرَدٌّ"؟.
وقرأ الجمهورُ: "اسْتَهْوَتْهُ" بتاءِ التأنيثِ، وقرأ حمزةُ "استهواه" وهو على قاعدِتِهِ مِنَ الإِمالَةِ، والوجهان معروفان ممَّا تقدَّم في: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} الأنعام: 61. وقرأ أبو عبدِ الرحمنِ والأَعْمَشُ: "استهوَتْه الشيطان" بتأنيثِ الفِعْلِ، والشيطانُ مَفرَدٌ. قالَ الكِسائيُّ: "وهي كذلك في مُصْحَفِ ابْنِ مَسْعودٍ"، رضي اللهُ عنه، وتوجيهُ هذه القراءةِ أَنَّها تُؤَوِّلُ المُذَكَّرَ بمؤَنَّثٍ كقولِهم: "أَتَتْهُ كِتابي فاحْرَقَها" أي: أَتَتْهُ صَحيفتي فأحرقها، وقد تَقَدَّمَ لَهُ نَظائر.
وقرأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ، رضي اللهُ عنه: "الشياطون"، وجَعلوها لَحْناً ولا تَصِلُ إلى اللَّحْنِ، إلاَّ أَنَّها لُغَيَّةٌ رَديئَةٌ، فقد سُمِعَ: حَولَ بُسْتانِ فُلانٍ بَساتون، ولَهُ سَلاطون، ويُحكى أنَّه لمَّا حُكِيَتْ قراءةُ الحَسَنِ لحَّنَهُ بَعْضُهم، فقالَ الفَرَّاءُ: "أَيْ واللهِ يُلَحِّنونَ الشيخَ، ويَسْتَشْهدونَ بقولِ رُؤبةَ" ولَعَمْري لقد صَدَقَ الفَرَّاءُ في إنْكارِ ذَلك. والمُرادُ ب "الذي" الجنسُ، ويُحْتَمَلُ أَنْ يُرادَ بِهِ الواحِدُ الفَذُّ.
قولُه: {فِي الأرضِ} مُتَعَلِّقٌ بقولِه: "استهوته"، أو حالٌ مِنْ مَفعولِ "استهوته"، أو حالٌ مِنْ "حَيْران"، أو مِنَ الضَميرِ المستكنّ في "حيران" و"حَيْران" حال: إمَّا مِنْ هاءِ "اسْتَهْوَتْه" على أنَّها بَدَلٌ مِنَ الأُولى عِنْدَ مَنْ يُجيزُ تَعَدُّدَها، وإمَّا حالٌ منَ "الذي" وإمَّا مِنَ الضَميرِ المُسْتَكِنِّ في الظَرْفِ،
قولُهُ: {لَهُ أَصْحَابٌ} جملةٌ في محلِّ نَصْبٍ صَفةً ل "حيران"، ويجوزُ أنْ يكونَ حالاً مِنَ الضَميرِ في "حيران" وأنْ تَكونَ مُسْتَأنَفَةً.
وقولُه: {إلى الهدى} متعلِّقٌ ب "يَدْعُونه" وفي مصحفِ ابْنِ مَسعودٍ وقراءتِه: "أتينا" بصيغةِ الماضي، و"إلى الهدى" على هذِه القراءةِ، مُتعلِّقٌ بِهِ، وعلى قراءةِ الجُمهورِ: الجملةُ الأَمْريَّةُ في محلِّ نَصْبٍ بقولٍ مُضمَرٍ أيْ: يَقولونَ "ائْتِنا"، والقولُ المُضْمَرُ في محلِّ صِفَةٍ ل "أَصحاب" وكذلك قولُه:
"يدعونه".
قولُهُ: {لِنُسْلِمَ} هذه اللامَ بعدَ الإِرادةِ والأَمْرِ وشِبْهِهِما تكون مُتعلِّقةً بمحذوفٍ على أَنَّهُ خَبرٌ للمُبْتَدَأِ، وذلك المُبتَدأُ هو مَصْدَرٌ مِنْ ذلكَ الفِعلِ المُتَقَدِّمِ، فإذا قلتَ: أَرَدْتَ لِتَقومَ، وأَمَرْتَ زَيْداً لِيَذْهَبَ كان التقديرُ: الإِرادةُ للقيامِ والأمرُ للذَّهابِ، أو أنَّ مفعولَ الأمرِ والإِرادةِ محذوفٌ، وتقديرُه: وأُمِرْنا بالإِخْلاصٍ لنُسْلِمَ. أو هي تعليلٌ للأمرِ بمعنى: أُمِرْنا وقيلَ لَنا أَسْلِموا لأجلِ أَنْ نُسْلم. أو أنَّ اللامَ زائدةٌ، أيْ: أُمِرْنا أَنْ نُسِلمَ، أو أنها بمعنى الباء أي: بأَنْ نُسْلِمَ. أو أنَّ اللامَ وما بعدَها مَفعولُ الأمرِ واقعةٌ موقع "أن" أيْ أنهما يَتَعاقبان فتقول: أمرتُك لتقومَ وأنْ تقوم، وهذا مذهب الكوفيين. وقال ابنُ عطيَّة: ومذهبُ سيبويه أنَّ "لنُسْلِمَ" في مَوْضِعِ المَفعولِ وأَنَّ قولَك: "أُمِرْت لأقومَ وأَنْ أقومَ" يجريان سواءً، قال الشاعر أبو صخرٍ الهذلي:
أُريد لأَنْسى حبَّها فكأنَّما ...................... تَمثَّلُ لي ليلى بكل طريقِ
وهذا ليس مَذْهَبَ سيبويه، وقد تقدَّم تحقيق هذه المسألة قبلُ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 71
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: