روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6   فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6 I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 30, 2013 10:24 am

أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْرارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ
(6)
قَوْلُهُ تَعَالَى جَدُّه: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} يَلْفِتُ اللهُ تَعَالَى أَنْظَارَ كُفَّار قُرَيْشَ محذِّرًا المُكَذِّبِينَ بِآيَاتِ اللهِ وَرُسُلِهِ، مذكّراً لهم بالأُمَمِ العَدِيدَةِ التِي كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ رُسُلَهَا من قبلِهم، فَأَهْلَكَهُمُ اللهُ تعالى، بعدما كانَ قَدْ مَكَّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ أَكْثَرَ مِمَّا مَكَّنَ لِهَؤُلاءِ الكَفَرَةِ والمشركين المُكَذِّبِين، كما كان قد أَمَدَّ تلك الأممِ السابقةِ  بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ، وَجَعَلَهُمْ أَ كثَرَ قُوَّةً وَعِمَارَةً فِي الأَرْضِ مِنْ هؤُلاءِ المغترينَ بأموالهم وأولادهم وقوَّتِهم، فقد كانت السَّمَاءُ تُمْطِرُهُمْ بِصُورَةٍ مُتَتَالِيةٍ، مَطَرًا غَزِيرًا، وَفَجَّرَ لَهُمْ مِنَ الأَرْضِ يَنَابِيعَ وَأَنْهَارًا، اسْتِدْرَاجًا لَهُمْ وَإِمْلاءً، ثُمَّ أَهْلَكَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ، وَجَعَلَهُمْ كَأَمْسِ الدَّابِرِ. وَجَعَلَ، مِنْ بَعْدِ هؤُلاءِ الهَالِكِينَ، أَجْيَالًا أُخْرَى لِيَخْتَبِرَهُمْ، فَعَمِلُوا مِثْلَ أَعْمَالِ مَنْ كَانُوا قَبْلَهُمْ، فأهلَكَهم كما أَهْلَكَ الذين مِنْ قَبْلِهم، فَاحذَرُوا أَيُّهَا المُكذبون أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُمَا أَصَابَهُمْ، فَمَا أَنْتُمْ بِأَعَزَّ عَلَى اللهِ مِنْهُمْ، بَلْ أَنْتُمْ أَوْلَى بِالعَذّابِ وَمُعَاجَلَةِ العُقُوبَةِ مِنْهُمْ، لَوْلا لُطْفُ اللهِ وَإِحْسَانُهُ. وَالْقَرْنُ الْأُمَّةُ مِنَ النَّاسِ. وَالْجَمْعُ الْقُرُونُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا ذَهَبَ الْقَرْنُ الَّذِي كُنْتَ فِيهِمْ .......... وَخُلِّفْتَ في قرن فأنت غريب
فالقَرنُ كلُّ عَالَمٌ فِي عَصْرِهِ، وهو مَأْخُوذٌ مِنِ الِاقْتِرَانِ أَيْ عَالَمٌ مُقْتَرِنٌ بِهِ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((خَيْرُ النَّاسِ (أو خيرُكم أو خيرُ القرون) قَرْنِي ـ يَعْنِي أَصْحَابِي ـ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)). خرَّجه البُخاري ومُسلِمٌ وأبو داوودَ والتِرمِذِيُّ والنَّسائيُّ. وهَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ فحُذِفَ كقولِه تعالى: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} يوسف: 82. فَالْقَرْنُ عَلَى هَذَا مُدَّةٌ مِنَ الزَّمَانِ، قِيلَ: سِتُّونَ عَامًا وَقِيلَ: سَبْعُونَ، وَقِيلَ: ثَمَانُونَ، وَقِيلَ: مِئَةٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةُ سَنَةٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ: ((تَعِيشُ قَرْنًا)) فَعَاشَ مِئَةَ سَنَةٍ، ذَكَرَهُ النَّحَّاسُ. وأصلُ القَرْنِ الشيءُ الطالِعُ كَقَرْنِ ما لَهُ قَرْنٌ مِنَ الْحَيَوَانِ.
قولُه: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ} خُرُوجٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الخِطابِ، وعَكْسُه قولُه تعالى في سورة يونس ـ عليه السلامُ: {حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ} الآية: 22. وَقَدَ أخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: "أَلَمْ يَرَوْا" وَفِيهِمْ مُحَمَّدٌ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ خَاطَبَهُم مَعَهُمْ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ مَا أَكْرَمَهُ: وَقُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ مَا أَكْرَمَكَ، وَلَوْ جَاءَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْغَيْبَةِ لَقَالَ: مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ. وَيَجُوزُ مَكِّنْهُ وَمَكِّنْ لَهُ، فَجَاءَ بِاللُّغَتَيْنِ جَمِيعًا، أَيْ أَعْطَيْنَاهُمْ مَا لَمْ نُعْطِكُمْ مِنَ الدُّنْيَا.
قولُهُ: {وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْرارًا} يُرِيدُ الْمَطَرَ الْكَثِيرَ، عَبَّرَ عَنْهُ بِالسَّمَاءِ لِأَنَّهُ مِنَ السَّمَاءِ يَنْزِلُ، وَمِنْهُ قَوْلُ معوِّدِ الحُكَماءِ، الشاعرُ مُعاويةُ بْنُ مالكٍ:
إذا سَقَطَ السماءُ بأرضِ قَوْمٍ .................... رَعَيْناهُ وإنْ كانوا غِضابا
وسُمِّيَ مُعَوِّدَ الحُكماءِ لِقولِه في هذه القصيدةِ:
أُعَوِّدُ مِثلَها الحُكماءَ بَعدي ................ إذا ما الحَقُّ في الحِدْثانِ نَابَا
و"مِدْرارًا" بِنَاءٌ دَالٌّ عَلَى التَّكْثِيرِ، كَما نَقولُ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي كَثُرَتْ وِلَادَتُهَا لِلذُّكُورِ "مِذْكَارٌ" وَمِئْنَاثٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي تَلِدُ الْإِنَاثُ، يُقَالُ: دَرَّ اللَّبَنَ يَدِرُّ إِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْحَالِبِ بِكَثْرَةٍ. وَجَعَلْنَا الْأَنْهارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ أَيْ مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُ فِرْعَوْنَ: {وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} الزخرف: 51. وَالْمَعْنَى: وَسَّعْنَا عَلَيْهِمُ النِّعَمَ فَكَفَرُوهَا.
قولُهُ: {فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} أَيْ بِكُفْرِهِمْ فَالذُّنُوبُ سَبَبُ الِانْتِقَامِ وَزَوَالِ النِّعَمِ.
قولُهُ: {وَأَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} أَيْ أَوْجَدْنَا، فلْيَحْذَرْ هؤلاءِ مِنَ الإهْلاكِ أَيضًا كما أُهلكَ من كان قبلَهم.
قوله تعالى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} يَرَوْا: الرُؤيةُ هنا عِلْميَّةٌ، ويَضْعُفُ أن تكونُ بَصَرِيَّةً، وعلى كِلا التَقْديرين فهي معلَّقَةٌ عَنِ العَمَلِ، لأنَّ البَصَريَّةَ تَجري مُجراها، فإنْ كانتْ عِلْميَّةً فـ "كم" وما في حيِّزِها سادَّةٌ مَسدَّ مَفْعوليْن، وإنْ كانتْ بَصَرِيَّةً فمًسًدَّ مفعولٍ واحدٍ. و"كم" استفهاميَّةٌ أو خبريَّةٌ، وهي مُعَلِّقةٌ ـ على كِلا التقديرين ـ للرؤيةِ عنِ العَمَلِ، لأنَّ "كم" الخَبَريَّةَ تَجْري مُجْرى الاسْتِفهامِيَّةِ في ذلك، ولذلك أُعْطِيت أَحكامَها مِنْ وُجوبِ أنْ تَكونَ لَها الصَدارةُ وغيرِه. ويجوزُ أن تكون "كم" عبارةً عَنِ الأشخاصِ فتكونَ معفولًا بها ناصبُها "أَهْلَكْنا". وعلى هذا فـ "مِنْ قَرْنٍ" تمييزٌ لها، أو أنْ تَكون عِبارةً عَنِ المَصدَرِ فَتَنْتَصِبَ انتصابَه بـ "أهْلَكْنا"، أيْ إهْلاكًا، وعليه فـ "مِنْ قرن" صفةٌ لمَفْعولِ "أَهْلَكْنا" أي أهلكنا قومًا أو فوجًا مِنَ القُرون؛ لأنَّ قَرْنًا يُرادُ بِه الجَمْعُ، و"مِنْ" تَبْعيضيَّةٌ، و"من" الأُولى لابْتِداءِ الغايةِ. وقال الحوفي: "من" الثانية بَدَلٌ مِنَ "مِنْ" الأُولى وهذا لا يُعْقلُ فهو وَهْمٌ بَيِّنٌ. ويَجوزُ أنْ تَكونَ "كم" عبارةً عنِ الزَّمانِ فتَنْتَصِبَ على الظَرْفِ. وتقديرُه: كمْ أَزْمِنَةٍ أَهْلَكْنا فيها. وجعلَ أبو البقاءِ على هذا الوجهِ "من قرن" هو المفعولُ بِهِ و"مِنْ" مَزيدةٌ فيهِ وجازَ ذلك لأنَّ الكَلامَ غيرُ مُوجِبٍ والمَجرورُ نَكِرَةٌ. إلَّا أَنَّ الشيخَ أبو حيّان التوحيديَّ مَنَع ذلك بأنَّه لا يَقَعُ إذْ ذاك المُفردُ مَوقِعَ الجَمْعِ لو قلت: "كم أَزْمانًا ضربتَ رَجُلاً؟"، أوْ "كم مَرَّةً ضربتَ رجُلاً؟" لم يَكُنْ مَدْلولُ "رَجُلًا" رِجالاً، لأنَّ السؤالَ إنَّما يَقَعُ عَنِ عددِ الأَزْمِنَةِ أوِ المَرَّاتِ التي ضربتَ فيها، وبأنَّ هذا ليس مَوضعَ زيادةِ "مِنْ" لأنَّها لا تُزاد في الاستفهام، إلَّا وَهُوَ اسْتِفهامٌ مَحْضٌ أوْ يَكونُ بمعنى النَفْيِ، والاسْتِفْهامُ هُنا ليس مَحْضًا ولا مُرادًا بِهِ النَفْيُ. والضميرُ في "يروا" قيلَ: هو عائدٌ على المُسْتَهْزِئين، والخِطابُ في "لكم" راجِعٌ إليهم أَيضًا فَيَكونُ على هذا الْتِفاتًا فائدتُه التَعريضُ بِقِلَّةِ تَمَكُّنِ هَؤلاءِ ونَقْصِ أَحوالِهم عَنْ حالِ أُولئك، ومَعَ تَمْكينِهم وكَثْرَتِهم فقدْ حَلَّ بِهِمُ العذابُ والهلاكُ فكيفَ وأَنْتُم أَقَلُّ مِنْهم عَدَدًا وتَمْكِينًا؟ وقال ابْنُ عطيَّةَ: والمخاطبة في "لكم" هي للمؤمنين ولِجميعِ المُعاصرين لهم ولِسائرِ الناسِ كافَّةً، كأنَّه قيلَ: ما لَمْ نُمَكِّنْ يا أهلَ هذا العصرِ لكم، ويُحتَمَلُ أنْ يُقَدَّرَ معنى القولِ لِهؤلاءِ الكَفَرَةِ، كأنَّه قالَ: يا مُحمَّدُ قلْ لَهم: "أَلَمْ يَرَوْا كم أَهْلَكْنا"، فإذا أَخْبَرْتَ أنَّكَ قُلْتَ ـ أوْ أَمَرْتَ أنْ يُقالَ ـ فَلَكَ في فَصيحِ كلامِ العَرَبِ أنْ تَحكي الألفاظَ المَقولَةَ بِعينِها فتَجيءَ بلفظِ المُخاطَبَةِ، ولك أَنْ تَجيءَ بالمَعنى في الألفاظِ بالغَيبةِ دُونَ الخِطابِ.
قولُهُ: {مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرضِ} في مَوضِعِ جَرٍّ صفَةً لـ "قَرْنٍ" وعاد الضميرُ عليْه جَمْعًا باعتبارِ مَعناهُ، قالَه أبو البقاء والحوفيُّ، وضَعَّفَهُ الشيخُ بأنَّ "مِنْ قرن" تمييزٌ لـ "كم" فـ "كم" هي المُحدّثُ عنها بالإِهلاك، لأنها هي المُحَدَّثُ عنها بالتمكينِ لا ما بَعدَها، إذْ "من قرن" يَجري مُجْرى التَبيينِ، ولمْ يُحَدَّثْ عنْه. وجَوَّزَ الشَيْخُ أنْ تَكونَ هذه الجُملةُ اسْتِنئافًا جوابًا لِسُؤالٍ مُقدَّرٍ، قالَ: كأنَّه قيلَ: ما كانَ مِنْ حالِهم؟ فقيلَ: مَكَّنَّاهم، وجعله هو الظاهرُ. وفيه نَظَرٌ، فإنَّ النَكِرَةَ مُفْتَقِرَةٌ للصِفَةِ فَجَعْلُها صِفَةً أَلْيَقُ. والفَرقُ بيْنَ قولِه: "مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرضِ" وقولِه: "ما لم نمكِّن لكم" أَنَّ "مَكَّنه في كذا": أَثْبَتَهُ فيه، ومنه: {وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَا إِنْ مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ} الأحقاف: 26. وأمَّا مكَّنَ لَهُ فمَعناهُ جَعَلَ لَهُ مَكانًا، ومنه: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرضِ} الكهف: 84. و{أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ} القصص: 57، ومثلُه: "أَرَضَ لَهُ" أيْ جَعَلَ لَهُ أَرْضًا، والظاهِرُ مِنْ كلامِ الشيخُ أنَّهُ يُسَاوي بينَهما فإنْ قال: وتَعَدِّي مَكَّن هُنا للذواتِ بِنَفْسِهِ وبحرْفِ الجَرِّ، والأكثرُ تعديتُه باللام كقولِه تعالى: {مَكَّنَّا لِيُوسُفَ} يوسف: 21. و{إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ} الكهف: 84. و{أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ} القصص: 57. وقال أبو عبيدة: مكَّنَّاهم ومكَّنَّاهم لهم: لُغَتان فَصيحتان نحوَ: نَصَحْتُه ونَصَحْتُ لَه. وبهذا قالَ الفارسيُّ أَبو عَلِيٍّ والجُرْجانِيُّ.
قولُه: {مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ} ما: إمّا موصولةٌ بمعنى الذي، وهي حينئذٍ صفة لموصوف محذوف، والتقديرُ: التَمكينَ الذي لَمْ نُمَكِّنْ لكم، والعائدُ مَحذوفٌ أيْ: الذي لَمْ نُمَكَّنْهُ لَكم. أو هي نَكِرَةٌ صِفةٌ لِمَصْدَرٍ مَحذوفٍ تقديرُه: تَمْكينًا ما لم نُمَكِّنْهُ لكم، ذكرَهُما الحُوفِيُ. ورَدَّ الشيخُ الأوَّلَ بأنَّ "ما" بمعنى الذي لا تَكونُ صِفَةً لِمَعْرِفَةٍ وإنْ كانَ "الذي" يَقعُ صِفَةً لَها، فلو قلتَ: ضربتُ الضَرْبَ ما ضَرَبَ زيدٌ، تريدُ الضَرْبَ الذي ضَرَبَهُ زيدٌ، لمْ يَجُزْ، فإنْ قلتَ: الضربَ الذي ضربَه زَيدٌ، جاز. ورَدَّ الثاني بأنَّ "ما" النَكَرَةَ التي تقعُ صفةً لا يَجوزُ حَذْفُ مَوْصوفِها، فلو قلتَ: قمتُ "ما" وضَرَبْتُ "ما" وأنتَ تعني: قمتُ قيامًا ما، وضربًا ما، لَمْ يَجُزْ. وذَكَرَ أَبُو البقاءِ بأنَّه يَجوزُ في "ما" أنْ تَكونَ مَفعولًا بها لـ "مَكَّن" على المعنى، لأنَّ مَعنى مكَّنَّاهم: أَعْطَيْناهم مَا لَمْ نُعْطِكُمْ، قالَ الشيخُ: "هذا تضمينٌ" والتَضْمينُ لا يَنْقاسُ. ويجوز في "ما" أَيضًا أنْ تَكون مصدريَّةً، والزَمان مَحذوفٌ، أي: مُدَّةَ ما لَمْ نُمَكِّنْ لكم، والمعنى: مُدَّةَ انْتِفاءِ التَمْكينِ لَكم. كما يجوزُ أنْ تَكونَ نَكِرةً مَوْصوفةً بالجُمْلَةِ المَنْفِيَّةِ بَعدَها والعائدُ مَحذوفٌ، أي: شيئًا لم نُمَكِّنْه لكم، ذكرهُما أَيْضًا أَبو البَقاءِ، وقال الشيخ أبو حيّان في الأخيرِ: "وهذا أَقربُ إلى الصوابِ" قلتُ: لو أنَّ أبو البَقاءِ قدَّرَهُ بِخاصٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ مِنْ تقديرِهِ بِلَفْظِ شيءٍ فكأنَه يَقول: مَكنَّاهم تَمكينًا لم نُمَكِنْهُ لَكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 15
» فيض العليم ... سورة الأنعام الآية: 31
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 49
» فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 64
» فيض العليم .... سورة الأنعام، الآية: 79

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: