روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105   فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105 I_icon_minitimeالإثنين أكتوبر 14, 2013 7:50 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

 (105)

قولُه ـ سبحانَه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} خطاب جديدٌ مِنَ اللهِ ـ  تعالى ـ لِعِبادِهِ المُؤمنين، ووَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا التَّحْذِيرُ مِمَّا يَجِبُ أَنْ يُحْذَرَ مِنْهُ، وَهُوَ حَالُ مَنْ تَقَدَّمَتْ صِفَتُهُ مِمَّنْ رَكَنَ فِي دِينِهِ إِلَى تَقْلِيدِ آبَائِهِ وَأَسْلَافِهِ. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ لَيْسَ الْقِيَامُ بِهِ بِوَاجِبٍ إِذَا اسْتَقَامَ الْإِنْسَانُ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ أَحَدٌ بِذَنْبِ غَيْرِهِ، لَوْلَا مَا وَرَدَ مِنْ تفسيرِها في السُنَّةِ وأَقوال الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بِحَوْلِ اللهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} مَعْنَاهُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الْمَعَاصِي، تَقُولُ عَلَيْكَ زَيْدًا بِمَعْنَى الْزَمْ زَيْدًا، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ زَيْدًا، بَلْ إِنَّمَا يَجْرِي هَذَا فِي الْمُخَاطَبَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ عَلَيْكَ زَيْدًا أَيْ خُذْ زَيْدًا، وَعِنْدَكَ عَمْرًا أَيْ حَضَرَكَ، وَدُونَكَ زَيْدًا أَيْ قَرِّبْ مِنْكَ، قال الراجز:

إنِّي رأيتُ الناسَ يَحْمَدونَكا  ................. يَا أَيُّهَا الْمَائِحُ دَلْوِي دونَكا

يُثْنونَ خيرًا ويُمَجِّدونَكا

المائح: هو الذي ينزِلُ إلى قرارِ البئرِ إذا قلَّ ماؤها فيَملأُ الدَّلْوَ. و"المَاتِح" الذي يَنْزِعُها.

رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ قَيْسٍ قَالَ: خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ فَقَالَ: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الْآيَةَ وَتَتَأَوَّلُونَهَا عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهَا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يقول: ((إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ)). حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ؟ فَقَالَ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ قُلْتُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" قَالَ أَمَا وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا خَبِيرًا، سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ: ((بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ)). وَفِي رِوَايَةٍ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: ((بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ)). حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلُهُ: ((بَلْ مِنْكُمْ)) هَذِهِ اللَّفْظَةُ قَدْ سَكَتَ عَنْهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ فَلَمْ يَذْكُرْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ: ((إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ مَنْ تَرَكَ مِنْكُمْ عُشْرَ مَا أُمِرَ بِهِ هَلَكَ ثُمَّ يَأْتِي زَمَانٌ مَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ بِعُشْرِ مَا أُمِرَ بِهِ نَجَا)) قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِزَمَانِ هَذِهِ الْآيَةِ، قُولُوا الْحَقَّ مَا قُبِلَ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ. وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِ الْفِتَنِ: لَوْ تَرَكْتَ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَلَمْ تَأْمُرْ وَلَمْ تَنْهَ؟ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قال لَنَا: لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَنَحْنُ شَهِدْنَا فَيَلْزَمُنَا أَنْ نُبَلِّغَكُمْ، وَسَيَأْتِي زَمَانٌ إِذَا قِيلَ فِيهِ الْحَقُّ لَمْ يُقْبَلْ. فِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ((لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ)) فَكُنَّا نَحْنُ الشُّهُودُ وَأَنْتُمُ الْغُيَّبُ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْآيَة لِأَقْوَامٍ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِنَا إِنْ قَالُوا، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَوْلُهُ تَعَالَى: "عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ" خِطَابٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، أَيْ عَلَيْكُمْ أهلَ دِينِكُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} فَكَأَنَّهُ قَالَ: لِيَأْمُرْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلْيَنْهَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَا يَضُرُّكُمْ ضَلَالُ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ يَجْرِي مَعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ الْعِصْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرُوِيَ مَعْنَى هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: مَعْنَى الْآيَةِ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: تَضَمَّنَتِ الْآيَةُ اشْتِغَالَ الْإِنْسَانِ بِخَاصَّةِ نَفْسِهِ، وتَرْكَهُ التَعَرُّضَ لِمَعايِبِ النَّاسِ، وَالْبَحْثَ عَنْ أَحْوَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْأَلُونَ عَنْ حَالِهِ فَلَا يَسْأَلُ عَنْ حَالِهِمْ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} المدثر: 38، {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} الأنعام: 164. وَقَوْلِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْ جَلِيسَ بَيْتِكَ وَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ. (وفي رواية: حِلْسَ بيتِكَ: وهو بِساطٌ في البيت، وفلانٌ حِلْسُ بيتِه إذا لم يَبْرَحْ مَكانَه) وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ الزَّمَانُ الَّذِي يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَيُنْكِرُ بِقَلْبِهِ، وَيَشْتَغِلُ بِإِصْلَاحِ نَفْسِهِ. وقَدْ جَاءَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ رَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ: قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ الْجُذَامِيُّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ رَأْسُ مِائَتَيْنِ فَلَا تَأْمُرْ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تَنْهَ عَنْ مُنْكَرٍ وَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ. قَالَ العُلَمَاءُ: إِنَّمَا قَالَ ـ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ ـ ذَلِكَ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ، وَفَسَادِ الْأَحْوَالِ، وَقِلَّةِ الْمُعِينِينَ. وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ: مَعْنَى الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْ أَبْنَاءِ أُولَئِكَ الَّذِينَ بَحَرُوا الْبَحِيرَةَ وَسَيَّبُوا السَّوَائِبَ، عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي الِاسْتِقَامَةِ عَلَى الدِّينِ، لَا يَضُرُّكُمْ ضَلَالُ الْأَسْلَافِ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسْلَمَ قَالَ لَهُ الْكُفَّارُ سَفَّهْتَ آبَاءَكَ وَضَلَّلْتَهُمْ وَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ الْآيَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ لَا يَنْفَعُهُمُ الْوَعْظُ، فَإِذَا عَلِمْتَ مِنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ، بَلْ يَسْتَخِفُّونَ وَيَظْهَرُونَ فَاسْكُتْ عَنْهُمْ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي الْأُسَارَى الَّذِينَ عَذَّبَهُمُ الْمُشْرِكُونَ حَتَّى ارْتَدَّ بَعْضُهُمْ، فَقِيلَ لِمَنْ بَقِيَ عَلَى الْإِسْلَامِ: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمُ ارْتِدَادُ أَصْحَابِكُمْ. وَقَالَ: سعيد بنُ جُبيْر: هي  فِي أَهْلِ الْكِتَابِ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمْ، يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَا يَضُرُّكُمْ كُفْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا أَدَّوُا الْجِزْيَةَ. وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، قَالَهُ الْمَهْدَوِيُّ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُعْلَمُ قَائِلُهُ. وقَدْ جَاءَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى آيَةٌ جَمَعَتِ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ غَيْرَ هَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ غَيْرُهُ: النَّاسِخُ مِنْهَا قَوْلُهُ: "إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" وَالْهُدَى هُنَا هُوَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

والْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ مُتَعَيَّنٌ مَتَى رُجِيَ الْقَبُولُ، أَوْ رُجِيَ رَدُّ الظَّالِمِ وَلَوْ بِعُنْفٍ، مَا لَمْ يَخَفِ الْآمِرُ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ فِي خَاصَّتِهِ، أَوْ فِتْنَةً يُدْخِلُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إِمَّا بِشَقِّ عَصًا، وَإِمَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا خِيفَ هَذَا فَـ "عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ" مُحْكَمٌ وَاجِبٌ أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ فِي النَّاهِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى هذا جماعةُ أهلِ العِلمِ.

قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} الجمهورُ على نصب "أنفسكم" وهو مَنْصوبٌ على الإِغراءِ بِـ "عليكم"؛ لأنَّ "عليكم" هنا اسْمُ فِعْلٍ إذِ التقديرُ: الْزَموا أَنفُسَكم أي: هدايتَها وحِفْظَها مِمَّا يُؤذيها، فـ "عليكم" هنا يَرفعُ فاعلًا تقديرُه: عليكم أنتم، ولذلك يَجوزُ أنْ يُعْطَفَ عليْه مَرْفوعٌ نحوَ: "عليكم أنتم وزيدٌ الخيرَ" كأنَّكَ قلتَ: الزَموا أَنتم وزيدٌ الخيرَ. واختلفَ النُّحاةُ في الضَميرِ المُتَّصلِ بها وبأخواتِها نحو: إليكَ ولَديْكَ ومكانَك، فالصحيحُ أنَّه في مَوْضِعِ جَرٍّ كما كان قَبلَ أنْ تُنْقَلَ الكلمةُ إلى الإِغْراءِ، وهذا مَذْهَبُ سِيبَويْهِ واستدلَّ له الأخفشُ بما حَكى عنِ العربِ "على عبدِ الله" بجرِّ "عبدِ الله" وهو نَصٌّ في المَسألةِ. وذهبَ الكسائيُّ إلى أنَّه منصوبُ المَحلِّ وفيه بُعْدٌ لِنَصْبِ ما بَعدَهُما، أَعني "على" وما بعدَها كهذه الآية. وذهبَ الفَرَّاءُ إلى أنَّه مرفوعُه. وقال أبو البقاءِ: ـ بعدَ أنْ جَعَلَ "كم" في مَوضِعِ جَرٍّ بـ "على" بخلافِ رُوَيدَكم فإنَّ الكافَ هناك للخِطابِ ولا مَوْضِعَ لها، فإنَّ "رويد" قد استُعْمَلِتْ للأَمْرِ المُوجَّهِ مِنْ غيرِ كافِ الخِطابِ، وكذا قولُه تعالى: {مَكَانَكُمْ} يونس: 28. "كم" في مَحَلِّ جرٍّ". وفي هذه المسألةِ كلامٌ طويلٌ، صحيحُه أنَّ "رويد" تارةً يكون ما بعدَها مجرورَ المَحلِّ وتارةً منصوبَه.

وقرأَ نافعٌ بْنُ أبي نعيم: "أنفسُكم" رفعًا فيما حَكاهُ عنْه صاحبُ "الكشَّافِ" وهي مُشْكَلِةٌ وتخريجُها على أحدِ وجهيْنِ: إمَّا الابتداءُ، و"عليكم" خبرهُ مقدَّمٌ عليه، والمعنى على الإِغراءِ أيضًا، فإنَّ الإِغراءَ قد جاء بالجملةِ الابتدائية، ومنْه قراءةُ بعضِهم {ناقةُ اللهِ وسُقْياها} الشمس: 13. وهذا تحذيرٌ وهو نظيرُ الإِغراءِ، والثاني من الوجهيْن: أنْ تكونَ توكيدًا للضمير المُستتِرِ في "عليكم" لأنَّه كما تقدَّم قائمةٌ مقامَ الفعلِ، إلَّا أنَّه شَذَّ توكيدُه بالنَّفسِ مِنْ غيرِ تأكيدٍ بضميرٍ مُنْفَصِلٍ، والمفعولُ على هذا محذوفٌ، تقديرُه: عليكم أَنتم أَنفسُكم صلاحَ حالكِم وهدايتَكم.

قولُه: {لاَ يَضُرُّكُمْ} قرأَ الجُمهورُ بِضَمِّ الراءِ مُشدَّدَةً. وقَرَأَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: "لا يَضُرْكم" بضَمِّ الضادِ وسكونِ الراءِ، وقرأ إبراهيم النُخعيُّ: "لا يَضِرْكم" بكسرِ الضادِ وسكونِ الراءِ، وقرأ أبو حَيَوةَ: "لا يَضْرُرُكم" بسكون الضادِ وضمِّ الراءِ الأولى والثانية. فأمَّا قراءةُ الجمهور فتَحتمِلُ وجْهيٍنِ، أحدُهُما: أنْ يَكونَ الفِعلُ فيها مَجزومًا على جَوابِ الأمرِ في "عليكم" وإنَّما ضُمَّتِ الرَّاءُ إتْباعًا لِضَمَّةِ الضادِ، وضَمَّةُ الضادِ هي حركةُ الرّاءِ الأُولى نُقِلَتْ للضادِ لأَجْلِ إدْغامِها في الراءِ بعدَها، والأصلُ: "لا يَضْرُرْكم"، ويَجوزُ أنْ يكونَ الجزمُ لا على وجهِ الجَوابِ للأمرِ، بلْ على وجهِ أنَّه نهيٌ مُسْتأنَفٌ، والعاملُ فيه ما تقدَّم، ويَنصرُ جوازَ الجَزمِ هنا على المعنيين المذكورَيْن من الجوابَ والنهيِ قراءةُ الحَسَنِ والنُخعيِّ فإنَّهما نَصٌّ في الجَزْمِ ولكنَّهما مُحتَمِلتان للجزمِ على الجوابِ أوِ النهيِ.

والوجهُ الثاني: أنْ يَكونَ الفعلُ مرفوعًا وليس جوابًا ولا نَهْيًا، بل هو مستأنفٌ سِيقَ للإِخبارِ بذلك، وينصرُه قراءةُ أبي حيوة المتقدمة.

وأمَّا قراءةُ الحسنِ فَمِنْ "ضارَه يَضُوره" كصانَه يصونُه. وأمّا قراءة النخعيِّ فمِنْ "ضاره يَضيرُه" كباعة يَبيعُه، والجزم فيهما على ما تقدَّمَ في قراءة العامَّةِ منَ الوجهين. وحَكَى أبو البقاءِ: "لا يَضُرَّكم" بفتحِ الراءِ، ووجهُها على الجزم، وأنَّ الفتحَ للتخفيفِ وهو واضحٌ، والجزمُ على ما تقدَّمَ أيضًا منَ الوجهين. وهذه كلُّها لغاتٌ قد تقدَّم التنبيهُ عليها في آل عمران.

وقولُه: {مَن ضَلَّ} فاعلٌ، و"إذا" ظرفٌ ناصبُه "يَضُرُّكم" أي: لا يَضُرَّكم الذي ضلَّ وقتَ اهتدائِكم، ويَجوزُ أَنْ تكونَ شرطيَّةً وجوابُها مَحذوفٌ لِدَلالةِ الكلامِ عليْه. وقال أبو البقاء: "ويَبْعُدُ أنْ تَكونَ ظَرْفًا لـ "ضَلَّ" لأنَّ المَعنى لا يَصِحُّ معَه". ذلك لأنَّ المَعنى يصيرُ على نفيِ الضَرَرِ الحاصلِ مِمَّنْ يَضِلُّ وقتَ اهتِدائهم، فقد يُتَوَهَّم أنَّه لا يَنفي عنهم ضرَرَ مَنْ ضَلَّ في غيرِ وقتِ اهتدائهم، ولكنَّ هذا لا يَنفي صِحَّةَ المعنى بالكليَّةِ.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 105
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 17
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 33
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 47
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 62
» فيض العليم ... سورة المائدة، الآية: 79

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: