روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 166 ـ 170

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  166 ـ 170 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  166 ـ 170 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 166 ـ 170   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  166 ـ 170 I_icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 06, 2013 12:43 pm

لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللهِ شَهِيدًا. (166)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ} فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، كَأَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا: مَا نَشْهَدُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَا تَقُولُ فَمَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَنَزَلَ: "لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ". وهو استدراكٌ عن مفهومِ ما قبلَه، وكأنَّهم لمَّا سأَلوهُ ـ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ ـ إنزالَ كتابٍ مِنَ السماءِ وتَعَنَّتوا، وَرَدَّ عليهم بقولِه: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} النساء: 163 إلخ. قيلَ: إنَّهم لا يَشهدون لَكنِ اللهُ يَشْهَدُ. وحاصلُ ذلك إنْ لمْ تَلْزَمْهُمُ الحُجَّةُ ولم يَشهدوا لكَ فاللهُ يَشهدُ. وقيلَ: إنَّه ـ سبحانَه ـ لمَّا شبَّه الإيحاءَ إليْه ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ بالإيحاءِ إلى الأنبياءِ عليهِمُ الصلاةُ والسلامُ ـ أَوْهَمَ ذلكَ التَشبيهُ مَزِيَّةَ الإيحاءِ إليهم، فاسْتَدْرَكَ عنْه بأنَّ للإيحاءِ إليْكَ مَزِيَّةُ شهادةِ اللهِ ـ تعالى.
وقولُه: {بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ} أيْ بحقيقةِ الذي أنزلَه إليْكَ وهو القرآنُ، ويَجوزُ أنْ يكونَ المَشهودُ بِه هو النُّبوَّةُ، أيْ يَشهدُ بِنُبوَّتِك بِسبَبِ ما أَنزَلَ إليْكَ لدَلالتِهِ بإعجازِه على صدقِكَ ونُبوَّتَكَ، ولَعلَّ مآلَ المَعنى ومُؤدَّاهُ واحدٌ فإنَّ شهادتَه ـ سبحانَه ـ بحقيقةِ ما أَنزلَه مِنَ القُرآنِ بإظهارِ المُعجِزِ المَقصودِ منْه إثباتُ نُبوَّتِهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ.
أَخْرَج البَيْهَقِيُّ في "الدَلائلِ" وغيرُه عنِ ابْنِ عبّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تَعالى
عنهُما قال: (دخلَ جماعةٌ مِنَ اليَهودِ على رسولِ اللهِ ـ صلى اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ فقالَ لهم: إنِّي واللهِ أَعْلَمُ أنَّكمْ تَعلمونَ أنّي رَسولُ اللهِ، فقالوا: ما نَعْلَمُ ذلكَ، فنَزَلَتْ: "لكن الله يَشْهَدُ").
وفي روايةِ ابْنِ جَريرٍ عنْهُ: (أنَّهُ لمّا نَزَلَ قولُه ـ تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} النساء: 163. قالوا: ما نَشْهَدُ لَكَ فنَزَلَ: "لكن الله يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ".
وقولُه: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} أَيْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّكَ أَهْلٌ لِإِنْزَالِهِ عَلَيْكَ، فقد دَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِعِلْمٍ. وقد ذَكَرَ العلماء في هذه الآيةِ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ، الأوَّلُ: أنْ يَكونَ المَعنى أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ الخاصِّ بِه الذي لا يَعْلَمُه غيرُهُ، وهو تأليفُه على نَظْمٍ وأُسْلوبٍ يَعجَزُ عنْه كلُّ بَليغٍ وصاحبِ بَيانٍ، والثاني: أنْ يكونَ المَعنى أَنزَلَه وهو عالمٌ بأنَّكَ أهلٌ لإنْزالِه إليْك لِقِيامِكَ فيه بالحَقِّ ودُعائكَ النّاسَ إليْه. والثالث: أنْ يَكونَ المَعنى أَنْزَلَه بما عَلِمَ مِنْ مَصالِحِ العِبادِ مُشتَمِلًا عليه. والرابعُ: أنْ يَكونَ المَعنى أَنزَلَه وهو عالِمٌ بِه، رَقيبٌ عليه حافظٌ لَه مِنَ الشياطينِ بِرَصْدٍ مِنَ المَلائكةِ.
وقيل العِلْمُ على الوجهِ الأوَّلِ: هو بِمعنى المعلومِ، والمُرادُ بِهِ التَأليفُ والنَّظمُ المَخصوصُ. والباءُ في "بعلمِه" للمُلابَسَةِ ويَكونُ تأليفُهُ بيانًا لِتَلبُّسِهِ لا للعِلْمِ نفسِهِ لكنْ تَجوزُ فيه مِنْ جِهَةِ أنَّ التأليفَ ليسَ نفسَ التَلَبُّسِ بَلْ أَثَرُهُ، ويُحتَمَلُ على هذا أَنْ تَكونَ الباءُ للآليَّةِ كَما يُقالُ: فَعَلَه بِعِلْمِهِ إذا كان مُتْقَنًا وعلى ما يَنبَغي، فيَكونُ وصفًا للقرآنِ بِكمالِ الحُسْنِ والبَلاغَةِ، وأمَّا على الوجهِ الثاني والثالثِ فالعِلْم بمعناه، أو هو في الثالث بمعنى المعلوم، والظرفُ حالٌ مِنَ الفاعِلِ أوِ المَفعولِ، ومُتعلَّقُ العِلْمِ مُخْتَلِفٌ وهو أنَّكَ أهلٌ لإنْزالِهِ أو مَصالِحِ العباد، وجُوِّزَ أنْ يَكونَ مفعولًا مُطْلَقًا أيْ إنْزالًا مُتَلَبِّسًا بعِلْمِه، وأما على الوجهِ الرابعِ فقد ضُمِّنَ العلمُ معنى الرقيبِ والحافظ، ولم يَعتَبِرْ بعضُهم هذا الوجهَ لأنَّه لا مساسَ لَه بِهذا المَقامِ، وقيل: إنَّ فيه تَعظيمًا لأمْرِ القُرآنِ بحِفْظِهِ مِنْ شياطينِ الجِنِّ المُشعِرِ بحِفظِه أيضًا مِنْ شَياطينِ الإنْسِ.
قولُه: {وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ} ذَكَرَ شَهَادَةَ الْمَلَائِكَةِ لِيُقَابِلَ بِهَا نَفْيَ شَهَادَةِ اليهودِ. لأنَّ الملائكةَ هُم تَبَعٌ لَه ـ سبحانَه وتعالى ـ في الشهادة.
قولُه: {وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيدًا} أيْ كفى اللهُ شاهِدًا ومنْ أَعظَمُ مِنَ اللهِ وأَعلَمُ وأصدقُ، ومن يُساويهِ في عَظَمَتِه وعِلْمِهِ وصِدْقِهِ لِتُقارَنَ شهادتُه بِشهادةِ اللهِ جَلَّ وعَلا؟!.
قولُه تعالى: {لكنِ اللهُ يَشْهَدُ} هذه الجُملةُ الاسْتِداركيَّةُ لا يُبْتَدأُ بِها، فلا بُدَّ مِنْ جُملةٍ محذوفةٍ، وتكونُ هذه الجُملةُ مُسْتَدْرِكَةً عنها، والجُملةُ المحذوفةُ هي ما رُويَ في سببِ النُزولِ أنَّه لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} النساء: 163. قالوا: ما نَشْهَدُ لكَ بِهذا أبَدًا، فنَزَلَتْ: "لكن الله يَشْهَدُ"، بمعنى أنَّهم لا يَشهَدونَ لكنِ اللَّهُ يَشْهدُ.
وقرأ الجمهورُ بتَخفيفِ "لكن" ورفعِ لفظِ الجَلالَةِ. وقرأ السُّلَمِيُّ والجَرَّاحُ الحَكَمِيُّ بتَشديدِها ونصْبِ لفظِ الجَلالةِ، وهما كالقراءتيْن في
{ولكن الشياطين} وقد تقدَّم حُكْمُه.
والجمهورُ على "أَنْزلَهُ" مَبنِيًّا للفاعِلِ وهو اللهُ تعالى، وقرأ الحَسَنُ "أُنْزِلَ" مَبنِيًّا للمفعول، وقرأ السُلَمِيُّ "نَزَّله بعِلْمِه" مُشَدّدًا.
قولُه: "بعلمِه" الباءُ للمُصاحَبَةِ، أي: مُلْتَبِسًا بعِلْمِه، فالجارُّ والمَجرورُ في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ. وصاحبُها الهاءُ في "أنزله" أو الفاعلُ في "أنزله" أي: أنزلَه عالمًا بِه.
وقولُه: {الملائكةُ يشهدون} مبتدأٌ وخبرٌ، ويَجوزُ أنْ تَكونَ هذه الجملةُ حالًا مِنَ المَفعولِ في "أنزله" أي: والملائكةُ يَشهَدون بِصِدْقِهِ، كما يَجوزُ ألاَّ يَكونَ لَها مَحَلٌّ، وحُكمُه حينئذٍ كَحُكْمِ الجُملَةِ الاسْتِدْراكيَّةِ قبلَها.
وقولُه: {كفى باللهِ} تقدَّمَ الكلامُ على مثلِه في سورةِ النِساءِ، الآيةِ: 6.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا. (167)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} لقد عَظَّمَ اللهُ حقوقَ أَوْليائه كَتَعظيمِ حَقِّ نفسِه فجعَلَ صدَّهم عن اتِّباعِ الحَقِّ كالكُفْرِ بالله ـ سبحانَه وتعالى ـ فـ "الَّذِينَ كَفَرُوا: باللهِ وبِكُلِّ ما يَجِبُ الإيمانُ بِه، أو بِهذا الأمرِ الخاصِّ، أَيْ ظَلَمُوا بتَغطيتِهم حقيقةَ نُبوَّةِ سيدِنا محمَّدٍ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ المذكورة في التوراةِ عندَهم، وإنكارِها، وهُمْ ـ هُنا ـ الْيَهُودُ. والكُفْرُ بطبيعتِه انْصرافٌ عَنِ الحَقِّ وصُدودٌ عنِ طريقِهِ "وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" أَيْ رَدُّوا الناسَ عَنِ اتِّبَاعِ الرَّسُولِ  مُحَمَّدٍ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَوْلِهِمْ: مَا نَجِدُ صِفَتَهُ فِي كِتَابِنَا، وَإِنَّمَا النُّبُوَّةُ فِي وَلَدِ هَارُونَ وَدَاوُودَ، وَإِنَّ ما فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ شَرْعَ مُوسَى لَا يُنْسَخُ. ، وقد فُسِّرتْ كلمةُ "وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" بمعنى مَنعِ غيرِهم مِن سُلوكِ الأقومِ والهادي إلى الحقِّ الذي لَا ريبَ فيه، والذي يَصُدُّ غيرَه قد ابتدَأَ بِصَدِّ نفسِه.
قولُه: {قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا} لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا وَمَعَ ذَلِكَ مَنَعُوا النَّاسَ مِنَ الإسلامِ. فجَمَعوا بيْنَ الضَلالِ والإضْلالِ، ولأنَّ المُضِلَّ يَكونُ أَغْرَقَ في الضَلالِ وأَبعدَ، فالمُضِلُّ لِغيرِهِ هو في ذاتِ نَفْسِهِ ضالٌّ، فإنَّ الإضْلالَ مِنْ ثمرات الضَلالِ، ولا يُضِلُّ النّاسَ إلّا ضالٌّ، وقدْ ضَلَّ مرتيْن الأولى بإنْكارِهِ للحَقِّ، والثانيةُ بمُحاولتِه إضلالَ غيرِه. فالضلالُ البُعْدُ عنِ الطريقِ المُستقيمِ فمَنْ ضَلَّ فقد بَعُدَ عنِ الحَقِّ، ومَنْ أَضَلَّ غيرَه فقد بَعُدَ عن الحَقِّ بمقدارٍ أَوْسَعَ، وهَكذا كلَّما سارَ في التَضليلِ وفتنةِ المُهتدين، وإيذائهم وإثارةِ الشُبُهاتِ بينَهم فهو يَسيرُ مُوغِلًا في البُعدِ عن الطريقِ المُستَقيمِ، ولذا قال: "قد ضَلُّوا ضَلالًا بعيدًا". وفي قولِه تعالى: "قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيدًا" استعارةٌ تَمثيلِيَّةٌ؛ لأنَّ فيه تَشبيهُ حالِ الذين يُمْعِنونَ في الغَيِّ والفَسادِ وإنكارِ الحقائقِ عندما يُلْحِفون في الإنكارِ، وإثارةِ الشُبَهِ بِحالِ الذين يَسيرون في بَيْداءَ، وقد ضَلُّوا الطريقَ، وساروا على غيرِ هُدًى، فكلَّما ساروا أكثرَ بَعُدوا عن طريقِ النَجاةِ أَكْثرَ وأصبحوا إلى الهلاكِ أقربَ، فكان سيرُهم ضَلالًا بعيدًا لا يَهتدون مِن بعدِه، ولَا يَجدون مَنْ يَهديهم إلى سواءِ الصِّراطِ.
قولُهُ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ} وصدَّوا:  يُستَعمَلُ "صدَّ" مُتعدِّيًا، ومصدرُه "الصَدُّ"، وقد تُستَعمَلُ كلمةُ "صَدَّ" لازمًا، ويكون مصدرُها الصُدودُ، ومعنى الصدِّ والصُدودِ قد يكونان انْصَرافًا عن الشيءِ، وامتناعًا، نحو "يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا"، وقد يَكونُ صَدًّا ومَنْعًا نحو: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} النمل: 24، ونحو هذه الآية: "الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ"، وكما قال تعالى: {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ}القصص: 87.
وقولُه: {وصَدُّوا} الجمهورُ على بنائه للفاعِلِ، وقَرَأَ عِكْرِمَةُ وابْنُ هِرْمُز: "وصُدُّوا" مَبنيًّا للمَفعولِ، وهُما واضِحتان، وقد قُرِئ بِهما في المُتواتِرِ في قولِه: {وَصُدُّواْ} سورة الرعد، الآية: 33، {وَصُدَّ عَنِ السَبيلِ} سورة غافر، الآية: 37.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا. (168)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا} بما ذكر آنفًا مِنْ سَتْرِهم حقيقةَ رِسالةِ سَيِّدِنا مُحمَّدٍ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ وإنكارها ـ يَعْنِي الْيَهُودَ، و"ظلموا" مُحَمَّدًا بِكِتْمَانِ نَعْتِهِ الجَليلِ، وَأَنْفُسَهُمْ إِذْ كَفَرُوا، وَالنَّاسَ إِذْ كَتَمُوهُمْ الحقيقةَ. وصَدُّوهم عنِ الصِراطِ المُستقيمِ، فجَمَعوا بيْن الكُفْرِ والظلم. و"ظَلَمُوا" حيثُ جعلوا أنفسَهم لِغيرِ اللهِ، وجعلوا العبادةَ لِمَنْ دُونَه، وهو إنَّما خَلَقَهم لِيَجعَلوا عبادتَهم لَه ـ سبحانَه ـ فقدْ وَضَعوا أنفسَهم في غيرِ مَوْضِعِها؛ لذلك وَصَفَهم بالظُلمِ، لأنَّ الظلمَ: وضْعُ الشيءِ في غيرِ مَوضِعِهِ. وإن كانوا لا يَقصُدون ظلمَ أنفُسِهم؛ فإنَّ حاصلَ ذلك يَرْجِعُ إلى أنفُسِهم؛ فكأنَّهم ظَلَموها. فقد جَمَعَ اللهُ بين الكُفرِ الذي هو أعظمُ الظلمِ وبيْنَ ظُلمِ العِبادِ. وقيلَ: تقديرُه: إنَّ الذين كفروا وظلموا الذين ظلموا، نحو قولِ حسانَ بْنِ ثابتٍ ـ رضي الله عنه:
ومنْ يَهْجوا رَسُولَ الله منكم ..................... ويَمْدَحَه ويَنْصُره سَواءُ
أي ومن يمدحه بحذف (من).
قولُه: {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} هَذَا فِيمَنْ يَموتُ على كُفْرِه ولا يتوبُ.لاسْتِحالةِ تعلُّقِ المَغْفِرَةِ بالكَافِرِ، والآيةُ في اليهودِ على الصَحيحِ، وقيل: إنَّها في المُشركين وما قبلَها في اليَهودِ، وزعَمَ المعتزلةُ أنَّ المُرادَ مِنَ الظُلْمِ ما ليْسَ بِكُفْرٍ مِنْ سائرِ أَنواعِ الكَبائرِ، وحَمَلوا الآيةَ على معنى إنَّ الذين كان بعضُهم كافرين، وبعضُهم ظالمين أَصحابَ كبائرَ لَمْ يَكن .. إلخ، ولا يَخفى أنَّ ذلك عُدولٌ عنِ الظاهرِ لَمْ يَدْعُ إليْه إلَّا اعْتِقادُ أنَّ العُصاةَ مُخَلّدون في النّارِ تخليدَ الكُفَّارِ، والآيةُ تَنْبو عن هذا المُعتَقدِ، فإنَّهم قد جَعَلوا فيها الفِعلانِ كِلاهُما صِلةً للمَوصولِ فيَلزَمُ وُقوعُ الفِعلين جميعًا مِنْ كلِّ واحدٍ مِنْ آحادِهِ، كما لو قلتَ: الزيدون قاموا فقد أسندتَ القيامَ إلى كلِّ واحدٍ مِنْ آحادِ الجَمْعِ، فكذلكَ لو عَطَفْتَ عليْه فِعْلًا آخَرَ
لَزِمَ فيه ذلك ضَرورةً، وسياقُ الآيةِ أيضًا يأبى ذلك المعنى.
قولُه: {وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا} يعني طريقًا يُنَجِّيهم من غضبِ الله وعذابِه، وإنَّما كَنّى بِذِكْرِ "الطريقِ" عن الدينِ. ومعنى الكلامِ: لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيُوفِّقَهم لِلإسْلامِ، ولكنَّه يَخذُلُهم عنْه إلى "طريقِ جَهنَّمَ"، وهو الكُفرُ، حتّى يدخلوا جهنَّمَ.
قولُه تعالى: {لِيَغْفِرَ لَهُمْ} لـ: لامُ الجُحودِ، أيْ لامُ النَفْيِ المُطْلَقِ، أي النفيِ الذي يكون ناشئًا عن طبيعةٍ مَوضوعة.
إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا. (169)
قولُه تبارك وتعالى: {إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى: أنَّهُ لَنْ يَهْدِيَهُمْ إلى طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ التِي تُوصِلُهُمْ إلى جَهَنَّمَ، لِعدَمِ اسْتِعدادِهِم للهِدايةِ إلى الحَقِّ والأَعمالِ الصالحةِ التي هي طريقُ الجَنَّةِ، والمُرادُ مِنَ الهِدايةِ المَفهومةِ مِنَ الاسْتِثْناءِ بِطريقِ الإشارةِ خَلْقُهُ ـ سبحانَه ـ لأعمالِهِمُ السَيِّئةِ المُؤدِّيَةِ بهم إلى جَهَّنَّمَ حَسْبَ اسْتِعدادِهِم، أو سوقُهم إلى جَهنَّمَ يَومَ القيامةِ بِوِساطَةِ الملائكةِ. وذَكَرَ بعضُهم أنَّ التعبيرَ بالهِدايةِ تَهَكُّمٌ إنْ لمْ يُرَدْ بها مُطْلَقُ الدَّلالَةِ، والطَريقُ على عُمومِه، وإنما كنى بذكر"الطريق" عن الدين.
قولُه: {وَكَانَ ذلك عَلَى الله يَسِيرًا} وكَانَ ذلك: أيْ كان انتفاءُ غفرانِه وهدايتِه ـ سبحانَه وتعالى ـ لهم وطرحُهم في النَّار إلى الأبَدِ، "عَلَى الله يَسِيرًا" سهلًا لا صارفَ لَه عنْه، وهذا تحقيرٌ لأمرِهم وبيانٌ لأنَّه لا يَعبَأُ
بِهم ولا يُبالي. لاسْتِحالةِ أنْ يَتَعَذَّرَ عليْه شيءٌ مِنْ مُراداتِه ـ تعالى شأنُه.
واعلمْ أنَّ مَنْ كانَ فيه ذَرَّةٌ مِنَ النُّورِ المَرشوشِ على الأرواحِ يَومَ خَلَقَها، يَخرُجُ بِه مِن النَّارِ كما قالَ ـ عليه الصلاةُ والسلامُ: ((يَخرُجُ مِنَ النّارِ مَنْ كان في قلبِهِ ذَرَّةٌ مِنَ الإيمانِ)) ومَنْ لم يَكنْ فيه ذلك النُورُ يَخلُدُ فى النَّارِ لأنَّه وَقَعَ في ظُلمةٍ عَظيمةٍ لا يُمكِنُ الخروجُ منها، وقد ضَلَّ ضلالًا بعيدًا أي مِنْ يومِ رُشَّ النّورُ لا ضَلالًا قريبًا مِنْ هذا اليومِ لأنَّ ضَلالَ اليومِ مِنْ نتائجِ ضلالِ ذلك اليومِ ومثلُ هذا لا يَهتَدي إلى طريقِ الحَقِّ والقُرْبَةِ إلى اللهِ ـ تعالى ـ فيَحترِقُ فى عذابِ القطيعةِ أبَدًا ولا يَخرُجُ من نارِ الفُرْقَةِ سَرْمَدًا.
قولُه تعالى: {إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ} استثناءٌ مُتَّصِلٌ لأنَّ المُرادَ بالطَريقِ الأوَّلِ العُمومُ فالثاني مِن جِنسِه، وقيل هو منقطعٌ إنْ أُريدُ بالطَريقِ شيءٌ مخصوصٌ وهو العملُ الصالحُ الذي توصَّلوا بِه إلى الجَنَّة.
وقوله تعالى : {خالدين فيها أَبَدًا} خالدين: حالٌ مقدَّرةٌ مِنَ الضميرِ المَنصوبِ لأنَّ الخُلودَ يَكونُ بعدَ إيصالِهم إلى جَهَنَّمَ، ولو قُدِّرَ يُقيمون خالدينَ لم يَلتئمْ، وقيل: يُمكنُ أنْ يُستَغنى عن جعلِه حالًا مُقدَّرَةً بأنَّ هذا مِنَ الدَلالةِ المُوصِلةِ إلى جهنَّمَ، أو الدَلالةِ إلى طريقٍ يُوصِلُ إليْها فهو حالٌ عن المفعولِ باعتبارِ الإيْصالِ لا الدَلالةِ فتدبَّرْ. و"أَبَدًا" نَصْبٌ على الظَرْفِيَّةِ رافعٌ احتمالَ أنْ يُرادَ بالخُلودِ المُكْثُ الطويلُ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ
تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا. (170)
قَوْلُهُ تبارك وتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ} هَذَا خِطَابٌ عامٌّ يَدخُلُ فيه الجميعُ شامل لِكُلِّ الناسِ في كلِّ زمانٍ ومكانٍ منذُ البعثةِ وإلى قيامِ الساعة، بَعْدَ أَنْ أَقَامَ اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ الحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ، وَرَدَّ شُبُهَاتِهِمْ، وَاقْتِرَاحَاتِهِمُ التِي اقْتَرَحُوهَا تَعَنُّتًا وَعِنَادًا. وقيل: الخطابُ لأهلِ مَكَّةَ لأنَّ الخِطابَ بِـ "يا أيُّها الناسُ" أينَما وَقَعَ فهو خطابٌ لهم، ولا يَخفى أنَّ التَعميمَ أَوْلى. و"الرَّسُولُ" هو مُحَمَّدٌ ـ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. ونَعَتَه بالرسولِ لتَأَكيدِ وُجوبِ طاعته. و"جاءكم بِالْحَقِّ" أي بِالْقُرْآنِ المُعجزِ الذي شَهِدَ إعجازُه على حقيتِهِ. وَقِيلَ: بِالدِّينِ الْحَقِّ، وَقِيلَ: بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَقِيلَ: الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ، أَيْ جَاءَكُمْ وَمَعَهُ الْحَقُّ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ.
قولُه: {مِن رَّبّكُمْ} أيْ جاءكم بِه مِن عندِ اللهِ، والتَعَرُّضُ لِعُنوانِ الرُّبوبيَّةِ مَعَ الإضافةِ إلى ضميرِ المُخاطَبين للإيذانِ بأنَّ ذلك لِتربيتِهم وتَبليغِهم إلى كمالِهم اللائقِ بِهم تَرغيبًا لَهُم في الامْتِثالِ لِما بعدَه مِنَ الأمرِ كما أنَّ في ذِكرِ الجُملةِ تمهيدًا لِما يَعقُبُها مِنْ ذلك.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ} أيْ آمنوا بالرَّسولِ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ وبما جاءَ بِه مِنَ الحَقِّ، والفاءُ للدَّلالةِ على إيجابِ ما قبلَها لَما بعدَها، وعلى مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ، فإنَّ فِي الْكَلَامِ إِضْمَارًا، أَيْ وَأْتُوا خَيْرًا لَكُمْ، وَعَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ إِيمَانًا خَيْرًا لَكُمْ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي عُبيدَةَ يَكُنْ خيرًا لكم. وفيه تعريضٌ بأهلِ الكتابِ فإنَّ لهم إيمانًا ببعضِ ما يَجِبُ الإيمانُ بِه كاليومِ الآخِرِ مثلًا إلّا أنَّه ليس خيرًا حيثُ لم يَكنْ على الوجهِ المَرْضيِّ عنه.
قولُه: {وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للهِ مَا فِي السمواتِ والأرضِ} مِنَ المَوجودات سواءً كانتْ داخلةً في حقيقتِهما، وبذلك يُعلَمُ حالُ أَنْفُسِهِما على أَبلَغِ وَجْهٍ وآكَدِهِ، أوْ خارجةً عنهما مُستقِرَّةً فيهما مِنَ العُقلاءِ وغيرِهم، ويدخُلُ في ذلك المُخاطَبون دُخولًا أوَّليًّا، أيْ كلُّ ذلك لَه ـ تعالى شأنُه ـ خلقًا ومُلكًا وتَصرُّفًا، ولا يَخرُجُ مِن مَلكوتِه وقهرِه ذَرَّةٌ فما دونَها، والجُملةُ دليلٌ أُقيمَ الجوابُ مقامَه لأنَّ مضمونَها مُقرَّرٌ قبلَ كُفرِهِم فلا يَصلُحُ للجَوابِ، والتقديرُ وإنْ تَكفُروا فهو ـ سبحانَه ـ قادرٌ على تَعذيبِكم بِكفركم لأنَّ لَه ـ جَلَّ شأنُه ـ ما في السمواتِ والأرضِ، أو فهو غنيٌّ عنكم لا يَتضرَّرُ بكفرِكم كما لا يَنتَفِعُ بإيمانِكم. وقال بعضُهم: التقديرُ وإنْ تَكفُروا فقد كابرت عقولُكم فإنَّ للهِ ما لَه ممَّا يَدُلُّ على ما يُنافي حالَكم واعتقادَكم، فكيف يَتَأتّى الكُفرُ بِه مَعَ ذلك.
قولُه: {وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيمًا} عليمًا: بأحوالِ الجميعِ، فيَهدي مَنْ يَستَحِقُّ منكمُ الهِدايةَ، ويُغوي منكم مَنْ يَستَحِقُّ الغَوَاية، ويَدخُلُ في ذلك كفرُهم دُخولًا أوَّليًّا، "حَكِيمًا" في جميعِ أَفعالِه وأقوالِه وشرعِه وتدبيراتِه وقَدَرِه، ويَدخُلُ في ذلكَ كذلك تعذيبُ مَنْ كَفَرَ. و"حكيمًا" في أمرِه إيّاكم
بما أَمرَكم بِه، وفي نهيِهِ إيَّاكم عمَّا نهاكم عنه.
قولُه تعالى: {بالحقِّ مِنْ ربِّكم} متعلِّقٌ بمحذوفٍ، والباءُ للحالِ أيْ: جاءكم الرسولُ مُلْتَبِسًا بالحَقِّ أوْ مُتَكَلِّمًا به. أو متعلِّقٌ بـ "جاءكم" أي: جاءكم بسببِ إقامةِ الحق. و"من ربَّكم" متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ أيضًا مِنَ "الحقِّ" أو هو متلِّعقٌ بـ "جاء" أي: جاءَ مِنْ عندِ اللهِ أي: أنَّه مبعوثٌ لا مُتَقَوِّلٌ.
وقولُه: {خَيْراً لَّكُمْ} في نصبِه أربعةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُها أنَّه منصوبٌ بفعلٍ محذوفٍ واجبِ الإِضمار تقديرُه: وأتوا خيرًا لكم، لأنَه لَمَّا أَمرَهم بالإِيمان فهو يُريدُ إخراجَهم مِنْ أمرٍ وإدْخالَهم فيما هو خيرٌ منه، وهذا مذهب سيبويهِ والخليل. الثاني: أنَّه نعتٌ لمَصدرٍ محذوفٍ أيْ: فآمنوا إيمانًا خيرًا لكم. وهو مذهب الفرّاءِ وفيه نظرٌ، مِنْ حيثُ أنَّه يُفْهِم أنَّ الإِيمانَ مُنقَسِمٌ إلى خيرٍ وغيرِه، وإلاَّ لم يكنْ لِتقييدِه بالصِفَةِ فائدةٌ، وقد يُقال: إنَّه قد يكون لا يَقولُ بمفهومِ الصِفةِ، وأيضًا فإنَّ الصِفةَ قد تأتي للتأكيدِ وغيرِهِ. الثالث مذهبُ الكسائيِّ وأبي عبيد: وهو أنَّه منصوبٌ على خبرِ "كان" المضمرةِ تقديرُه: يكنِ الإِيمانُ خيرًا. وقد رَدَّ بعضُهم هذا المذهبَ بأنَّ "كان" لا تُحْذَف مَعَ اسْمِها دونَ خبرِها إلَّا فيما لا بُدَّ لَه مِنْه، ويَزيدُ ذلك ضعفًا أنَّ "يكن" المقدَّرةَ جوابُ شرطٍ محذوفٍ، فيَصيرُ المحذوفَ الشرطُ وجوابُه، يَعني أنَّ التقديرَ: إنْ تؤمنوا يكنِ الإِيمانُ خيرًا، فَحَذفَ الشرطَ وهو "إنْ تؤمنوا" وجوابَه، وهو "يكن الإِيمان"، وأبقى معمولَ الجوابِ وهو "خيرًا". وقد يُقالُ: إنَّه لا يُحتاج إلى إضمارِ شرطٍ صِناعي وإنْ كان المعنى عليه، لأنَّا نَدَّعي أنَّ الجَزْمَ في "يكن" المقدرةِ إنّما هو بنفسِ جُملةِ الأمرِ التي قبلَه وهو وقوله: "فَآمِنُواْ" مِنْ غيرِ تقديرِ حَرْفِ شَرْطٍ ولا فعلٍ له، وهو الصحيحُ في الأَجوِبَةِ الواقعةِ لأَحَدِ الأشياءِ السَبْعةِ، تقول: "قمْ أُكْرِمْك" فـ "أُكْرِمْكَ" جوابٌ مَجزومٌ بنفسِ "قُمْ" لِتضَمُّنِ هذا الطلبِ معنى الشرطِ مَنْ غيرِ تقديرِ شرطٍ صِناعي. الرابع: أنَّه منصوبٌ على الحالِ، وظاهرٌ فسادُه، نَقَلَهُ مَكِيّ عن بعضِ الكوفيين، قال: "وهو بعيد" ونَقله أبو البَقاءِ أيضًا ولم يَعْزُه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 166 ـ 170
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 39
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 4
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 19
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 34
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 67

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: