روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 65

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  65 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  65 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 65   فيض العليم ... سورة النساء، الآية:  65 I_icon_minitimeالجمعة مايو 24, 2013 8:34 am











[center]فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ
ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا.


(65)
قولُه تبارك وتعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}
يُقْسِمُ اللهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ الكَرِيمَةِ المُقَدَّسَةِ عَلَى أنَّ
أولَئِكَ الذِينَ رَغِبُوا عَنِ التَّحَاكُمِ إلى الرَّسُولِ، وَمَنْ
مَاثَلَهُمْ مِنَ المُنَافِقِينَ، لاَ يُؤْمِنُونَ إيمَاناً حَقّاً (أَيْ
إيمَانَ إِذْعَانٍ وَانْقِيَادٍ) إلاّ إذَا كَمُلَتْ لَهُمْ ثَلاثُ
خِصَالٍ:

ـ أنْ يُحَكِّمُوا الرَّسُولَ فِي القَضَايَا التِي يَخْتَصِمُونَ فِيهَا، وَلاَ يَبِينُ لَهُمْ فِيهَا وَجْهُ الحَقِّ.
ـ ألاّ يَجِدُوا ضِيقاً
وَحَرَجاً مِمَّا يَحْكُمُ بِهِ، وَأنْ تُذْعِنَ نُفُوسُهُمْ لِقَضَائِهِ،
إذْعَاناً تَامَاً دُونَ امِتْعَاضٍ مِنْ قَبُولِهِ وَالعَمَلِ بِهِ،
لأَنَّهُ الحَقُّ وَفِيهِ الخَيْرُ.

ـ أنْ يَنْقَادُوا وَيُسَلِّمُوا لِذَلِكَ الحُكْمِ، مُوقِنِينَ بِصِدْقِ الرَّسُولِ فِي حُكْمِهِ، وَبِعِصْمَتِهِ عَنِ الخَطَأ.
قَالَ مُجَاهِدٌ
وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِمَّنْ
أَرَادَ التَّحَاكُمَ إِلَى الطَّاغُوتِ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ. وَقَالَ
الطَّبَرِيُّ: قَوْلُهُ "
فَلا"
رَدَّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، تَقْدِيرُهُ فَلَيْسَ الْأَمْرُ
كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ، ثُمَّ
اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ بِقَوْلِهِ: "
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ". وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّمَا قَدَّمَ "لَا"
عَلَى الْقَسَمِ اهْتِمَامًا بِالنَّفْيِ وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِ، ثُمَّ
كَرَّرَهُ بَعْدَ الْقَسَمِ تَأْكِيدًا لِلتَّهَمُّمِ بِالنَّفْيِ،
وَكَانَ يَصِحُّ إِسْقَاطُ "
لَا"
الثَّانِيةِ وَيَبْقَى أَكْثَرُ الِاهْتِمَامِ بِتَقْدِيمِ الْأُولَى،
وَكَانَ يَصِحُّ إِسْقَاطُ الْأُولَى وَيَبْقَى مَعْنَى النَّفْيِ
وَيَذْهَبُ مَعْنَى الِاهْتِمَامِ. وَ"
شَجَرَ"
مَعْنَاهُ اخْتَلَفَ وَاخْتَلَطَ، وَمِنْهُ الشَّجَرُ لِاخْتِلَافِ
أَغْصَانِهِ. وَيُقَالُ لِعِصِيِّ الْهَوْدَجِ: شِجَارٌ، لِتَدَاخُلِ
بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:

نَفْسِي فَدَاؤُكَ وَالرِّمَاحُ شَوَاجِرُ ................... وَالْقَوْمُ ضَنْكٌ لِلِّقَاءِ قِيَامُ
وَقَالَ طَرَفَةُ:
وَهُمُ الْحُكَّامُ أَرْبَابُ الْهُدَى ............... وَسُعَاةُ النَّاسِ فِي الْأَمْرِ الشَّجِرْ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ:
نَزَلَتْ فِي الزُّبَيْرِ مَعَ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَتِ الْخُصُومَةُ
فِي سَقْيِ بُسْتَانٍ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ لِلزُّبَيْرِ:
((اسْقِ أَرْضَكَ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى أَرْضِ جَارِكَ)).
فَقَالَ الْخَصْمُ: أَرَاكَ تُحَابِي ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ
رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَقَالَ
لِلزُّبَيْرِ: ((اسْقِ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَبْلُغَ
الْجَدْرَ)). وَنَزَلَ: "
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ".
والْحَدِيثُ ثَابِتٌ صَحِيحٌ رواه البخاري ومُسْلِمٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ
هَذَا الْقَوْلِ فِي الرَّجُلِ الْأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ
رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ. وَقَالَ مَكِّيٌّ
وَالنَّحَّاسُ وَالثَّعْلَبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ: هُوَ
حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ. وَقِيلَ: ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ. وَقِيلَ
غَيْرُهُ: وَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ
وَلَا مُسَمًّى، وَكَذَا فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ أَنَّهُ رَجُلٌ
مِنَ الْأَنْصَارِ. وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْآيَةِ
فِي الْمُنَافِقِ وَالْيَهُودِيِّ. كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ، ثُمَّ
تَتَنَاوَلُ بِعُمُومِهَا قِصَّةَ الزُّبَيْرِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ:
وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَكُلُّ مَنِ اتَّهَمَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ كَافِرٌ، لَكِنَّ
الْأَنْصَارِيَّ زَلَّ زَلَّةً فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَقَالَ عَثْرَتَهُ لِعِلْمِهِ بِصِحَّةِ
يَقِينِهِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةٌ وَلَيْسَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ
النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِذَا كَانَ سَبَبُ
نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْحَدِيثِ فَفِقْهُهَا
أَنَّهُ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ سَلَكَ مَعَ الزُّبَيْرِ وَخَصْمِهِ
مَسْلَكَ الصُّلْحِ فَقَالَ: ((اسْقِ يَا زُبَيْرُ)) لِقُرْبِهِ مِنَ
الْمَاءِ ((ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ)). أَيْ تَسَاهَلْ فِي
حَقِّكَ وَلَا تَسْتَوْفِهِ وَعَجِّلْ فِي إِرْسَالِ الْمَاءِ إِلَى
جَارِكَ. فَحَضَّهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالتَّيْسِيرِ، فَلَمَّا سَمِعَ
الْأَنْصَارِيُّ هَذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ وَغَضِبَ، لِأَنَّهُ كَانَ
يُريدُ أَلَّا يُمْسِكَ الْمَاءَ أَصْلًا، وَعِنْدَ ذَلِكَ نَطَقَ
بِالْكَلِمَةِ الْجَائِرَةِ الْمُهْلِكَةِ الْفَاقِرَةِ فَقَالَ: آنْ كَانَ
ابْنَ عَمَّتِكَ؟ بِمَدِّ هَمْزَةِ (أَنْ) الْمَفْتُوحَةِ عَلَى جِهَةِ
الْإِنْكَارِ، أَيْ أَتَحْكُمُ لَهُ عَلَيَّ لِأَجْلِ أَنَّهُ
قَرَابَتُكَ؟. فَعِنْدَ ذَلِكَ تَلَوَّنَ وَجْهُ النَّبِيِّ ـ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضَبًا عَلَيْهِ، وَحَكَمَ لِلزُّبَيْرِ
بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ مُسَامَحَةٍ لَهُ. وَعَلَيْهِ لَا
يُقَالُ: كَيْفَ حَكَمَ فِي حَالِ غَضَبِهِ وَقَدْ قَالَ: ((لَا يَقْضِي
الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ))؟ فَإِنَّا نَقُولُ: لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ
الْخَطَأِ فِي التَّبْلِيغِ وَالْأَحْكَامِ، بِدَلِيلِ الْعَقْلِ
الدَّالِّ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى
فَلَيْسَ مِثْلَ غَيْرِهِ مِنَ الْحُكَّامِ.

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
إِرْشَادُ الْحَاكِمِ إِلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْخُصُومِ وَإِنْ ظَهَرَ
الْحَقُّ. وَمَنَعَهُ مَالِكٌ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى الْجَوَازِ، فَإِنِ
اصْطَلَحُوا وَإِلَّا اسْتَوْفَى لِذِي الْحَقِّ حَقَّهُ وَثَبَتَ
الْحُكْمُ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ
مَالِكٍ فِي صِفَةِ إِرْسَالِ الْمَاءِ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ،
فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُدْخِلُ صَاحِبُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْمَاءِ فِي
حَائِطِهِ وَيَسْقِي بِهِ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ مِنْ قَاعَةِ
الْحَائِطِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْقَائِمِ فِيهِ أَغْلَقَ مَدْخَلَ
الْمَاءِ، وَصَرَفَ مَا زَادَ مِنَ الْمَاءِ عَلَى مِقْدَارِ الْكَعْبَيْنِ
إِلَى مَنْ يَلِيهِ، فَيَصْنَعُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغَ
السَّيْلُ إِلَى أَقْصَى الْحَوَائِطِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا
انْتَهَى الْمَاءُ فِي الْحَائِطِ إِلَى مِقْدَارِ الْكَعْبَيْنِ
أَرْسَلَهُ كُلَّهُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ وَلَا يَحْبِسُ مِنْهُ شَيْئًا فِي
حَائِطِهِ.

رَوَى مَالِكٌ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي سَيْلٍ مَهْزُورٍ
وَمُذَيْنِبٍ، وهما واديان بالمدينة يسيلان بماءِ المَطَر: ((يُمْسِكُ
حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ)).
قَالَ أَبُو عُمَرَ: (لَا أَعْلَمُ هَذَا الْحَدِيثَ يَتَّصِلُ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ مِنَ
الْوُجُوهِ، وَأَرْفَعُ أَسَانِيدِهِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ أَهْلُ مَهْزُورٍ
فَقَضَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَحْبِسِ
الْأَعْلَى. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
الْقُرْطُبِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَضَى فِي سَيْلٍ مَهْزُورٍ أَنْ يُحْبَسَ
عَلَى كُلِّ حَائِطٍ حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَيْنِ ثمّ يُرسَلُ. وغيرُه
مِنَ السُيولِ كذلك. وسئلَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ عَنْ حَدِيثِ هَذَا
الْبَابِ فَقَالَ: لَسْتُ أَحْفَظُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَثْبُتُ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: فِي هَذَا
الْمَعْنَى ـ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا اللَّفْظِ حَدِيثٌ ثَابِتٌ
مُجْتَمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ. رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ
سَعْدٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ جَمِيعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُرْوَةَ
بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ
حَدَّثَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ
قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ـ فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ كَانَا يَسْقِيَانِ بِهَا كِلَاهُمَا
النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّحِ الْمَاءَ، فَأَبَى عَلَيْهِ،
فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
(يُرْسِلُ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ (إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ
الْكَعْبَيْنِ لَمْ يَحْبِسِ الْأَعْلَى) يَشْهَدُ لِقَوْلِ ابْنِ
الْقَاسِمِ. وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الْأَعْلَى لَوْ لَمْ يُرْسِلْ
إِلَّا مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبَيْنِ لَا يَقْطَعُ ذَلِكَ الْمَاءَ فِي
أَقَلِّ مُدَّةٍ، وَلَمْ يَنْتَهِ حَيْثُ يَنْتَهِي إِذَا أَرْسَلَ
الْجَمِيعَ، وَفِي إِرْسَالِ الْجَمِيعِ بَعْدَ أَخْذِ الْأَعْلَى مِنْهُ
مَا بَلَغَ الْكَعْبَيْنِ أَعَمُّ فَائِدَةً وَأَكْثَرُ نَفْعًا فِيمَا
قَدْ جُعِلَ النَّاسُ فِيهِ شُرَكَاءَ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى
عَلَى كُلِّ حَالٍ. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ مِلْكًا لِلْأَسْفَلِ
مُخْتَصًّا بِهِ، فَإِنَّ مَا اسْتَحَقَّ بِعَمَلٍ أَوْ بِمِلْكٍ صَحِيحٍ
أَوِ اسْتِحْقَاقٍ قَدِيمٍ وَثُبُوتِ مِلْكٍ، فَكُلٌّ عَلَى حَقِّهِ عَلَى
حَسَبِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَعَلَى أَصْلِ مَسْأَلَتِهِ.
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}
أَيْ ضِيقًا وَشَكًّا، وَمِنْهُ قِيلَ لِلشَّجَرِ الْمُلْتَفِّ: حَرَجٌ
وَحَرَجَةٌ، وَجَمْعُهَا حِرَاجٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: أَيْ إِثْمًا
بِإِنْكَارِهِمْ مَا قَضَيْتَ. "
وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" أَيْ يَنْقَادُوا لِأَمْرِكَ في القضاء. وقال الزجاج: "تَسْلِيماً" مصدر مؤكدٌ، فَإِذَا قُلْتَ: ضَرَبْتُ ضَرْبًا فَكَأَنَّكَ قُلْتَ لَا أَشُكُّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ "وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً" أَيْ وَيُسَلِّمُوا لِحُكْمِكَ تَسْلِيمًا لَا يُدْخِلُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ شَكًّا.
قوله تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } فَلاَ وَرَبّكَ: أي فوربك و (لا) مزيدة لتأكيد معنى القسم لا لتأكيد النفي في جوابه، أعني قولَه تعالى: "لاَ يُؤْمِنُونَ"
لأنّها تُزاد في الإثبات أيضاً كقوله تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بمواقع
النجوم} الواقعة، وفي هذه المسألةِ أربعةُ أقوال، أحدُها: وهو قولُ ابنِ
جريرٍ أنَّ "
لا"
الأولى رَدٌّ لِكلامٍ تقدَّمها، تقديرُه: فلا تعقِلون، أو: ليس الأمرُ كما
يزعمون مِنْ أنَّهم آمنوا بما أُنزِل إليك، ثمَّ استأنفَ قَسَماً بعد ذلك،
فعلى هذا يكون الوقف على "
لا" تامًّا. الثاني: أنَّ "لا"
الأُولى قُدِّمَتْ على القَسَمِ اهتماماً بالنفي، ثمَّ كُرِّرت توكيداً،
وكان يَصِحُّ إسقاطُ الأولى ويبقى معنى النفيِ ولكن تفوتُ الدلالةُ على
الاهتمامِ المذكورِ، وكان يَصِحُّ إسقاطُ الثانيةِ ويبقى معنى الاهتمامِ،
ولكن تفوتُ الدلالةُ النفي، فجُمع بينهما لذلك. الثالث: أنَّ الثانيةَ
زائدةٌ، والقَسَمُ معترِضٌ بين حرفِ النفي والمنفي، وكأنَّ التقديرَ: فلا
يؤمنون وربِّك. الرابع: أنَّ الأُولى زائدةٌ، والثانيةَ غيرُ زائدةٍ،
وإنَّما هي لتأكيدِ معنى القَسَمِ كما زِيدتْ في {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ}
الحديد: 29. لتأكيدِ وجوبِ العلمِ، و"
لا يؤمنون" جوابُ القسم، فإنْ قلتَ: هَلاَّ زعمتَ أنَّها زِيدتْ لتُظاهِر "لا" في "لا يؤمنون"
قلتُ: يأبى ذلك استواءُ النفيِ والإثباتِ فيه، وذلك قولُه: {فَلاَ
أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ
رَسُولٍ كَرِيمٍ} الحاقة: 38. يَعني أنَّه قد جاءت "
لا"
قبلَ القَسَمِ حيثُ لم تكن "لا" موجودةً في الجوابِ، ف "لا" في قولِه
تعالى: {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُون} الحاقَّة: 38. زائدةٌ أيضاً
لتأكيدِ معنى القَسَمِ، وهو أحدُ القولين، والقولُ الآخرُ كقولِ
الطَبَرِيِّ المُتَقَدِّمِ، ومثلُ الآية في التخاريج المذكورة قولُ مُسلمٍ
بنِ مَعْبَدَ الوالِبي وهو من شعراءِ الدولةِ الأموية:

فلا واللَّهِ لا يُلْفَى لِما بي ........................ ولا لَلِما بهم أبداً دواءُ
والتفتَ في قولِه: "ربِّك" منَ الغَيْبة في قولِه {واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَسولُ} رجوعاً إلى قولِه {ثمَّ جاؤوك}.
قوله: {حتى يُحَكِّمُوكَ} حتى" غايةٌ متعلِّقةٌ بقولِه: "لا يؤمنون" أي: ينتفي عنهم الإيمانُ إلى هذه الغاية وهي تحكيمُك وعدمُ وجدانِهم الحَرَجَ وتسليمُهم لأمرِك.
وقرأ أبو السَّمَّال: "شَجْر" بسكون الجيم هرباً من توالي الحركات وهي ضعيفةٌ، لأنَّ الفتحَ أخو السُكونِ. و"بينهم" ظرفٌ منصوبٌ بـ "شَجر" هذا هو الصحيح، ويجوزُ فيه أنْ يكونَ حالاً، وفي صاحِبِ هذهِ الحالِ احْتِماليْن، أحدُهُما: أنْ يَكونَ حالاً من "ما" الموصولة، والثاني: أنَّه حالٌ من فاعلِ "شَجَرَ" وهو نفسُ المَوصولِ أيْضاً في المعنى، فعلى هذا يتعلَّقُ بِمحذوفٍ، و"ثمَّ لا يَجِدوا" عطفٌ على ما بعد "حتّى"، و"يَجِدُوا" يَحْتمِلُ أنْ تَكونَ المُتَعدِّيةَ لاثْنينِ، فيكونُ الأوَّلُ "حرجاً" والثاني الجارُّ قبلَه فيَتعلَّقُ بمحذوفٍ، وأنْ تكونَ المُتعدِّيَةَ لواحدٍ فيجوزُ في "في أنفسهم" وجهان، أحدُهما: أنَّه متعلِّقٌ بـ "يَجِدوا" تعلُّقَ الفَضَلات. والثاني: أنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنْ "حَرَجاً" لأنَّ صفةَ النَكِرَةِ لَمَّا قُدِّمَتْ عليها انتصبَتْ حالاً.
و{مِّمَّا قَضَيْتَ} متعلقٌ بـ "حَرَجًا"؛ لأنَّك تَقولُ: "حَرَجْتُ مِن كذا" أو متعلِّقٌ بمحذوفٍ، فهو في محلِّ نصبٍ لأنَّه صفةٌ لـ "حرجاً" و"ما"
يَجوزُ أنْ تكونَ مَصدرِيَّةً، وأنْ تكونَ بمعنى الذي، أي: حَرَجاً مِنْ
قضائك، أو من الذي قضيتَه، وأنْ تكونَ نَكِرةً مَوصوفةً، فالعائدُ على هذين
القوليْن مَحذوفٌ.










[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 65
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 45
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 10
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 24 (2)
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 57
» فيض العليم ... سورة النساء، الآية: 73

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: