روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
بعد الصلاة على الرحمة المهداة

أهلا وسهلا بك في روضتنا

يسرنا تسجيلك

روضة الشاعر عبد القادر الأسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة الشاعر عبد القادر الأسود

منتدى أدبي اجتماعي يعنى بشؤون الشعر والأدب والموضوعات الاجتماعي والقضايا اللإنسانية
 
مركز تحميل الروضةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
بسـم الله الرحمن الرحيم  :: الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضــالين ....  آميـــن

 

 فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 200

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد القادر الأسود

¤° صاحب الإمتياز °¤
¤° صاحب الإمتياز °¤
عبد القادر الأسود


عدد المساهمات : 3986
تاريخ التسجيل : 08/09/2011
العمر : 76
المزاج المزاج : رايق
الجنس : ذكر
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  200 Jb12915568671



فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  200 Empty
مُساهمةموضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 200   فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية:  200 I_icon_minitimeالجمعة أبريل 19, 2013 11:44 am

فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 200

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

قولُه ـ تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا
وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} امخاطَبُ هم المؤمنون، "اصبِروا" أيْ احْبِسوا
نُفوسَكم عَنِ الجَزَعِ ممَّا يَنالُها. يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى
المُسْلِمِينَ أنْ يَصْبِرُوا عَلَى دِينِهِمُ الذِي
ارْتَضَاهُ اللهُ لَهُمْ، وَهُوَ الإِسْلاَمُ، فَلاَ يَدَعُونَهُ
لِشِدَّةٍ وِلاَ لِرَخَاءٍ، حَتَّى يَمُوتُوا مُسْلِمِينَ. وَالمُرَابَطَةِ
هِيَ المَرَابَطَةِ فِي الثُّغُورِ لِلْغَزْوِ وَالجِهَادِ فِي سَبِيلِ
اللهِ. والظاهرُ أنَّ المُرادَ الأمرُ بما يَعُمُّ أقسامَ الصبرِ الثلاثةِ
المُتفاوتةِ في الدَرَجةِ الواردةِ في الخَبَرِ، وهو الصبرُ على المُصيبةِ
والصبرُ على الطاعةِ والصبرُ عن المَعصيةِ، "وَصَابِرُواْ" أي اصبِروا على
شدائدِ الحربِ معَ أعداءِ اللهِ صبراً أكثرَ مِن صبرِهم. وذَكَرَهُ بعدَ
الأمرِ بالصبرِ العامِّ لأنَّه أشدُّ فيكونُ أفضلَ، فالعطفُ كعطفِ جبريلَ
على المَلائكةِ والصلاةِ الوُسطى على الصلوات، وهذا وإن آل إلى الأمْرِ
بالجِهادِ إلَّا أنَّه أبلغُ منه. "وَرَابِطُواْ" أيْ أَقيموا في الثغورِ
رابطين خُيولَكم فيها حابسين لها مُترصِّدينَ للغَزوِ مُستعدِّينَ لَه
بالِغينَ في ذلك المَبلَغَ الأوْفى أكثرَ مِنْ أعدائكم، والمُرابَطةُ
أيْضاً نوعٌ مِنَ الصبرِ، فالعطفُ هنا كالعطفِ السابق. وقد أخرجَ الشيخانِ
عن سهلٍ بنِ سعدٍ أنَّ رسولَ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ قال: ((رباطُ
يومٍ في سبيلِ اللهِ خيرٌ مِن الدُنيا وما عليها))، وأخرجَ ابنُ ماجةَ
بِسنَدٍ صحيحٍ عن أبي هريرةَ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنه ـ عن رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ أنَّه قال: ((مَنْ ماتَ مُرابِطاً في سبيلِ الله ـ تعالى ـ
أجرى عليْه أجرَ عملِه الصالحِ الذي كان يَعمَلُه وأَجرى عليْه رِزْقَه
وأَمِن مِن الفَتَّان وبعثهُ اللهُ ـ تعالى ـ آمناً من الفزع))، وأخرج
الطبرانيُّ بسندٍ لا بأسَ بِه عن جابرٍ قال: سمعتُ رسولَ اللهِ ـ صلى اللهُ
عليه وسلَّمَ ـ يقول: ((مَن رابط يوماً في سبيلِ اللهِ تعالى جعلَ اللهُ
تعالى بينَه وبيْنَ النارِ سبعَ خَنادِقَ كلُّ خندقٍ كسبعِ سمواتٍ وسبعِ
أرضين))، وعن أنسٍ مرفوعاً: ((الصلاةُ بأرضِ الرِّباطِ بألفِ ألفَيْ
صَلاةٍ)). ورُويَ عن ابنِ عمرَ ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنَّ الرِّباطَ
أفضلُ مِنَ الجِهادِ لأنَّه حَقنُ دِماءِ المُسلمين والجِهادُ سفكُ دِماءِ
المُشركين.
وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ
أَسْلَمَ قَالَ: كتب أبو عبيدة ابن الْجَرَّاحِ إِلَى عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ يَذْكُرُ لَهُ جموعا الرُّومِ وَمَا يَتَخَوَّفُ مِنْهُمْ،
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ مَهْمَا يَنْزِلُ
بِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ مَنْزِلِ شِدَّةٍ يَجْعَلُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَهَا
فَرَجًا، وَإِنَّهُ لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ، وَإِنَّ اللَّهَ
تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا
وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي
انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوٌ يُرَابَطُ
فِيهِ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي صَحِيحِهِ. وَاحْتَجَّ
أَبُو سَلَمَةَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاةُ والسَّلَامُ: ((أَلَا
أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ
الدَّرَجَاتِ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ وَكَثْرَةُ الْخُطَا
إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ
الرِّبَاطُ)). ثَلَاثًا، رَوَاهُ مَالِكٌ. قَالَ ابن عطية: والقول الصحيح
هو أنّ الربط هُوَ الْمُلَازَمَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. أَصْلُهَا مِنْ
رَبْطِ الْخَيْلِ، ثُمَّ سُمِّيَ كُلُّ مُلَازِمٍ لِثَغْرٍ مِنْ ثُغُورِ
الْإِسْلَامِ مُرَابِطًا، فَارِسًا كَانَ أَوْ رَاجِلًا. وَاللَّفْظُ
مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّبْطِ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ((فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ)) إِنَّمَا هُوَ تَشْبِيهٌ بِالرِّبَاطِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَالرِّبَاطُ اللُّغَوِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهَذَا
كَقَوْلِهِ: ((لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ)) وَقَوْلِهِ ((لَيْسَ
الْمِسْكِينُ بِهَذَا الطَّوَّافِ)) إِلَى غير ذلك. لكنَّ القَوْلَ
"وَالرِّبَاطُ اللُّغَوِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ" لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ بِهِ،
فَإِنَّ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ أَحَدُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَثِقَاتُهَا
قَدْ قَالَ: الرِّبَاطُ مُلَازَمَةُ الثُّغُورِ، وَمُوَاظَبَةُ الصَّلَاةِ
أَيْضًا، فَقَدْ حَصَلَ أَنَّ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ رِبَاطٌ لُغَوِيٌّ
حَقِيقَةً، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَكْثَرُ
مِنْ هَذَا مَا قَالَهُ الشَّيْبَانِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: مَاءٌ
مُتَرَابِطٌ أَيْ دَائِمٌ لَا يُنْزَحُ، حَكَاهُ ابْنُ فَارِسٍ، وَهُوَ
يَقْتَضِي تَعْدِيَةَ الرِّبَاطِ لُغَةً إِلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
فَإِنَّ الْمُرَابَطَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ: الْعَقْدُ عَلَى الشَّيْءِ
حَتَّى لَا يَنْحَلَّ، فَيَعُودَ إِلَى مَا كَانَ صَبَرَ عَنْهُ،
فَيَحْبِسُ الْقَلْبَ عَلَى النِّيَّةِ الْحَسَنَةِ وَالْجِسْمَ عَلَى
فِعْلِ الطَّاعَةِ. وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَهَمِّهَا ارْتِبَاطُ الْخَيْلِ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّنْزِيلِ فِي قَوْلِهِ:
{وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ} الأنفال: 60. عَلَى مَا يَأْتِي. وَارْتِبَاطُ
النَّفْسِ عَلَى الصَّلَوَاتِ كَمَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَابِرٌ وَعَلِيٌّ وَلَا
عِطْرَ بَعْدَ عَرُوسٍ. والْمُرَابِطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِنْدَ
الْفُقَهَاءِ هُوَ الَّذِي يَشْخَصُ إِلَى ثَغْرٍ مِنَ الثُّغُورِ
لِيُرَابِطَ فِيهِ مُدَّةً مَا، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ
وَرَوَاهُ. وَأَمَّا سُكَّانُ الثُّغُورِ دَائِمًا بِأَهْلِيهِمُ الَّذِينَ
يَعْمُرُونَ وَيَكْتَسِبُونَ هُنَالِكَ، فهم وإن كانوا حُماةً فليسوا
بمرابطين. قال ابنُ عطيَّةَ. وقال ابنُ خويز منداد: وَلِلرِّبَاطِ
حَالَتَانِ: حَالَةٌ يَكُونُ الثَّغْرُ مَأْمُونًا مَنِيعًا يَجُوزُ
سُكْنَاهُ بِالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ جَازَ
أَنْ يُرَابِطَ فِيهِ بِنَفْسِهِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ،
وَلَا يَنْقُلُ إِلَيْهِ الْأَهْلَ وَالْوَلَدَ لِئَلَّا يَظْهَرَ
الْعَدُوُّ فَيَسْبِيَ وَيَسْتَرِقَّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي
الألحاَدِيثَ التي سَلفَ ذكرُها دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّبَاطَ أَفْضَلُ
الْأَعْمَالِ الَّتِي يَبْقَى ثَوَابُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ، كَمَا جَاءَ
فِي حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ
قَالَ: ((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ
ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ
أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ)) وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ انْفَرَدَ
بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، فَإِنَّ الصَّدَقَةَ الْجَارِيَةَ وَالْعِلْمَ
الْمُنْتَفَعَ بِهِ وَالْوَلَدَ الصَّالِحَ الذي يَدْعُو لِأَبَوَيْهِ
يَنْقَطِعُ ذَلِكَ بِنَفَادِ الصَّدَقَاتِ وَذَهَابِ الْعِلْمِ وَمَوْتِ
الْوَلَدِ. وَالرِّبَاطُ يُضَاعَفُ أَجْرُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ،
لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلنَّمَاءِ إِلَّا الْمُضَاعَفَةُ، وَهِيَ غَيْرُ
مَوْقُوفَةٍ عَلَى سَبَبٍ فَتَنْقَطِعُ بِانْقِطَاعِهِ، بَلْ هِيَ فَضْلٌ
دَائِمٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَهَذَا لِأَنَّ
أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا لَا يُتَمَكَّنُ مِنْهَا إِلَّا
بِالسَّلَامَةِ مِنَ الْعَدُوِّ وَالتَّحَرُّزِ مِنْهُ بِحِرَاسَةِ
بَيْضَةِ الدِّينِ وَإِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ. وَهَذَا الْعَمَلُ
الَّذِي يَجْرِي عَلَيْهِ ثَوَابُهُ هُوَ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مِنَ
الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، خَرَّجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُجْرِيَ
عَلَيْهِ أَجْرُ عَمَلِهِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ وَأُجْرِيَ
عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ مِنَ الْفَتَّانِ وَبَعَثَهُ اللَّهُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ آمِنًا مِنَ الْفَزَعِ)). وقد تقدم. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ
قَيْدٌ ثَانٍ وَهُوَ الْمَوْتُ حَالَةَ الرِّبَاطِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ
وَرَاءِ عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسِبًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ
أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ عِبَادَةِ مِائَةِ سَنَةٍ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا،
وَرِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَةِ
الْمُسْلِمِينَ مُحْتَسِبًا مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ
وأعظم أجراً.
وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ رِبَاطَ يَوْمٍ
فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يُحَصِّلُ لَهُ مِنَ الثَّوَابِ الدَّائِمِ وَإِنْ
لَمْ يَمُتْ مُرَابِطًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: ((حَرْسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ صِيَامِ
رَجُلٍ وَقِيَامِهِ فِي أَهْلِهِ أَلْفَ سَنَةٍ السَّنَةُ ثَلَاثُمِائَةِ
يَوْمٍ وَسِتُّونَ يَوْمًا وَالْيَوْمُ كَأَلْفِ سَنَةٍ)). وَجَاءَ فِي
انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَنَّهُ رِبَاطٌ، فَقَدْ يَحْصُلُ
لِمُنْتَظِرِ الصَّلَوَاتِ ذَلِكَ الْفَضْلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ
لَيْلَةٍ الْمَغْرِبَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ فَعَقَّبَ مَنْ عَقَّبَ وَرَجَعَ
مَنْ رَجَعَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَبْلَ أَنْ يَثُوبَ النَّاسُ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ، فَجَاءَ وَقَدْ
حَضَرَهُ النَّاسُ رَافِعًا أُصْبُعَهُ وَقَدْ عَقَدَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ
يُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ إِلَى السَّمَاءِ فَحَسَرَ ثَوْبَهُ عَنْ
رُكْبَتَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: ((أَبْشِرُوا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ هَذَا
رَبُّكُمْ قَدْ فَتَحَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِي بِكُمُ
الْمَلَائِكَةَ يَقُولُ يَا مَلَائِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي
هَؤُلَاءِ قَضَوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى)). وَرَوَاهُ
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عبد
الله: أن نوفال وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو اجْتَمَعَا فَحَدَّثَ نَوْفٌ
عَنِ التَّوْرَاةِ وَحَدَّثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو بِهَذَا
الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قولُه:
{وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أي لم تؤمروا بِالْجِهَادِ
مِنْ غَيْرِ تَقْوَى، واتّقوه في مخالفةِ أمرِه على الإطلاقِ فيندرج فيه
جميعُ ما مرَّ اندراجًا أوَّلياً . "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" لِتَكُونُوا
عَلَى رَجَاءٍ مِنَ الْفَلَاحِ. وَقِيلَ: لَعَلَّ بِمَعْنَى لِكَيْ.
وَالْفَلَاحُ الْبَقَاءُ، أي لكي تظفروا وتفوزوا بنيلِ المُنْيَةِ ودَركِ
البُغيةِ والوُصولِ إلى النُجْحِ في الطُلبَةِ وذلك حقيقةُ الفَلاح، وهذه
الآيةُ مشتملةٌ على ما يُرشِدُ المؤمنَ إلى ما فيه مصلحةُ الدينِ والدنيا
ويَرقى بِه إلى الذُروةِ العُليا، ذلك لأنَّ أَحوالَ الإنسانِ قِسْمان:
الأوَّلُ: ما يتعلق به وحدَه، والثاني: ما يَتعلَّقُ بِه مِن حيثُ
المُشارَكةُ معَ أهلِ المَنزِلِ والمدينةِ، وقد أَمَرَ ـ سبحانَه ـ نظراً
إلى الأوَّلِ بالصَبْرِ، ويَندرجُ فيه الصبرُ على مَشَقَّةِ النَظَرِ،
والاستِدلالِ في معرفةِ التوحيدِ والنُبوّةِ والمَعاد، والصبر على أداء
الواجبات والمندوبات والاحتراز عن المنهيات والصبر على شدائد الدنيا
وآفاتها ومخاوفها، وأمر نظراً إلى الثاني بالمصابرة ويدخل فيها تحمل
الأخلاق الرديَّة من الأقارب والأجانب وترك الانتقام منهم والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر والجهاد مع أعداء الدين باللسان والسنان، ثمَّ إنَّه لما
كان تكليفُ الإنسانِ بما ذكر لا بد له من إصلاح القوى النفسانيَّة الباعثة
على أضدادِ ذلك، أمره ـ سبحانه ـ بالمرابطة وهي أعمُّ من أن تكونَ مُرابطة
ثغرٍ أو نفسٍ، ثمَّ لما كانت ملاحظةُ الحقِّ جَلَّ وعَلا لا بُدَّ منها في
جميع الأعمال والأقوالِ حتّى يكون مُعتدّاً بها أمرَ ـ سبحانه ـ بالتقوى،
ثمَّ لمّا تَمَّتْ وظائفُ العُبوديَّةِ ختمَ الكلامَ بوظيفةِ الرُبوبيَّةِ
وهو رجاءُ الفلاحِ منْه، وإنَّه تعالى أمر بالصبر العامِّ أولاً لأنه كما
في الخبرِ بمنزلة الرأس من الجسد وهو مفتاح الفرج. وقال بعضهم: لِكلِّ شيءٍ
جوهرٌ وجوهرُ الإنسانِ العقلُ، وجوهرُ العقلِ الصبرُ، وجميعُ المَراتِبِ
العليَّةِ والمراقي السنيَّةِ الدينيَّةِ والدُنيَويَّةِ لا تُنالُ إلَّا
بالصبر، ومن هنا قال الشاعر:
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى ....... فما انقادتِ الآمالُ إلّا لِصابرِ
ثمَّ إنَّه ـ تعالى ـ أمرَ بنوعٍ خاصٍّ مِنَ الصبرِ وهي المُجاهدةُ التي
يَحصُلُ بها النفعُ العامُّ والعزُّ التامُّ، وقد جاءَ عن رسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم: ((إذا تركتم الجهادَ سلَّطَ اللهُ ـ تعالى ـ عليكم ذلاًّ
لا يَنزِعُه حتَّى ترجِعوا إلى دينِكم)) ثمَّ ترقى إلى نوعٍ آخرَ مِن ذلك
هو أعلى وأغلى وهو المرابطةُ التي هي الإقامةُ في ثغرٍ لِدفعِ سوءٍ
مُتَرَقَّبٍ ممن وراءَه، ثمَّ أَمرَ ـ سبحانه ـ آخِرَ الأمرِ بالتقوى
العامَّةِ إذ لولاها لأوشك أن يُخالَطَ تلك الأشياءَ شيءٌ من الرياءِ
والعُجْبِ، ورؤية غيرِ اللهِ ـ سبحانه ـ فيُفسدُها، وبهذا تمَّ المَعجونُ
الذي يُبرئ العِلَّةَ وراقَ الشرابُ الذي يَروي الغلة. ومن هنا عقب ذلك
بقوله عز شأنه: "لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" وهذا مبني على ما هو المشهور في
تفسير الآية، وقد روي في بعض الآثار غير ذلك، فقد أخرج ابن مردويه عن سلمة
بن عبد الرحمن قال: أقبل عليَّ أبو هريرة يوماً فقال: أتدري يا ابن أخي فيم
أنزلت هذه الآية: "يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اصبروا} الخ؟ قلت: لا قال:
أما إنَّه لم يكن في زمان النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ غزوٌ يُرابِطون
فيه ولكنَّها نَزَلت في قوم يعمرون المَساجدَ يُصلُّون الصلاة في مواقيتِها
ثمَّ يَذكرون الله تعالى فيها، ففيهم أنزلت، أي اصبِروا على الصلوات الخمس
وصابروا أنفسكم وهواكم ورابطوا في مساجدكم واتقوا الله فيما علمكم لعلكم
تفلحون، وأخرج مالك والشافعي وأحمد ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: ((ألا أخبركم بما يمحو الله تعالى به الخطايا ويرفع به
الدرجات؟ إسباغُ الوضوء على المَكاره وكثرةُ الخُطا إلى المساجد وانتظارُ
الصلاةِ بعدَ الصلاةِ فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط)).
ولعل
هذه الرواية عن أبي هريرة أصح من الرواية الأولى مع ما في الحكم فيها
بأنَّه لم يكن في زمان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ غزوٌ يُرابطون فيه من
البُعدِ بل لا يكاد يُسلَّمُ ذلك له؛ ثمَّ إنَّ هذه الرواية وإن كانت
صحيحةً لا تُنافي التفسيرَ المشهورَ لِجوازِ أنْ تكون اللامُ في الرِباطِ
فيها للعهد، ويُرادُ بِه الرباطُ في سبيل الله ـ تعالى ـ ويكون قولُه عليه
الصلاةُ والسلام: ((فذلكمُ الرباطُ)) من قَبيلِ "زَيْدٌ أَسَدٌ"، والمرادُ
تشبيهُ ذلك بالرباطِ على وجهِ المُبالَغَةِ. وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن
أسلم أن المراد اصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على دينكم، وعن
الحسن أنه قال: اصبروا على المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا في الجهاد
في سبيل الله تعالى، وعن قتادة أنَّه قال: اصبروا على طاعة الله تعالى
وصابروا أهل الضلالِ ورابطوا في سبيل الله، وهو قريب من الأول، والأوَّلُ
أوْلى. ومن باب الإشارة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض} أي العالم
العلوي والعالم السفلي {واختلاف اليل والنهار} الظلمة والنور {لاياتٌ
لأولِى الألباب} آل عمران: 190. وهم الناظرون إلى الخلق بعين الحقِّ {الذين
يَذْكُرُونَ الله قيامًا} في مقام الروح بالمشاهدة و{قعوداً} في محلِّ
القلبِ بالمُكاشَفة {وعلى جُنُوبِهِمْ} أي تقلباتِهم في مَكامِن النفسِ
بالمُجاهدة، وقال بعضُهم: (الذين يذكرون الله قياماً) أي قائمين باتِّباعِ
أوامرِه و(قعوداً) أي قاعدين عن زواجره ونواهيه (وعلى جنوبهم) أي ومجتنبين
مطالعات المخالفات بحال {وَيَتَفَكَّرُونَ} بألبابِهم الخالصةِ عن شوائب
الوهم {فِي خَلْقِ السمواتِ والأرض} وذلك التفكر على معنيين، الأول: طلبُ
غيبةِ القلوبِ في الغيوبِ التي هي كنوزُ أنوارِ الصفاتِ لإدراك أنوارِ
القدرةِ التي تُبلِغُ الشاهدَ إلى المشهود، والثاني: جَوَلانُ القلوبِ
بنعتِ التفكرِ في إبداعِ المُلْكِ طلباً لِمُشاهدةِ المَلِكِ في المُلْكِ
فإذا شاهدوا قالوا {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلًا} بل هو مرايا
لأسمائك ومظاهرُ لِصفاتِك، ويُفصِحُ بالمَقصودِ قولُ لبيدٍ:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل .................. وكل نعيم لا محالة زائل
{سبحانك} أي تنزيهاً لك من أن يكون في الوجودِ سواك {فَقِنَا عَذَابَ
النَّارِ} آل عمران: 191 ] وهي نارُ الاحتجابِ بالأكوانِ عن رُؤيةِ
المكوِّنِ {رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النار} وتحجُبُه عن الرؤية
{فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} وأذْللْتَه بالبُعد عنك {وَمَا للظالمين} الذين
أشركوا ما لا وجودَ له في العِيرِ ولا النَّفيرِ {مِنْ أَنصَارٍ} آل عمران:
192. لاستيلاءِ التجلّي القَهريِّ عليهم {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا}
بأسماعِ قلوبِنا {مُنَادِياً} مِن أسرارِنا التي هي شاطئُ وادي الروحِ
الأيمنِ {يُنَادِى للإيمان} العِيانيِّ {فَآمَنَّا} أي شاهدوا ربَّكم
فشاهدنا، أو (إننا سمعنا) في المقام الأوَّلِ (منادياً ينادي للإيمان)
والمُرادُ به هو الله تعالى حين خاطب الأرواحَ في عالَمِ الذَرِّ بقولِه ـ
سبحانه: {أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ} الأعراف: 172. فإنَّ ذلك دعاءٌ لهم إلى
الإيمان (فآمنا) يعنون قولَهم: {بلى} حين شاهدوه هناك ـ سبحانَه {رَبَّنَا
فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا} أي ذنوب صفاتِنا بصفاتِك {وَكَفّرْ عَنَّا} سيئاتِ
أفعالِنا برؤيةِ أفعالِك {وَتَوَفَّنَا} عن ذواتِنا بالموتِ الاختياريِّ
{مَعَ الأبرار} آل عمران: 193. وهم القائمون على حدِّ التفريدِ والتوحيدِ
{رَبَّنَا وَءاتِنَا مَا وَعَدتَّنَا على} ألسنةِ {رُسُلِكَ} بقولِك: {
للَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} يونس: 26 {وَلاَ تُخْزِنَا
يَوْمَ القيامة} بأن تحجُبنا بِنعمتِك عنكَ {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ
الميعادَ} آل عمران: 19. {فاستجاب لَهُمْ رَبُّهُمْ} لِكمالِ رحمتِه {أَنّى
لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ مّن ذَكَرٍ} القلبُ وعملُه مثل
الإخلاصِ واليقين {أَوْ أنثى} النفس وعملها إذا تركت المجاهدات والطاعات
القالبية {بَعْضُكُم مّن بَعْضٍ} إذ يجمعكم أصلٌ واحدٌ وهو الروح
الإنسانيَّة {فالذين هاجروا} من غيرِ اللهِ تعالى إلى اللهِ عزَّ وجلَّ
{وَأُخْرِجُواْ مِن ديارهم} وهي مألوفاتُ أنفسِهم {وَأُوذُواْ فِى
سَبِيلِى} بما قاسَوْا من المُنكرين.
وعن بعضِ العارفين أنَّ القومَ
إذا لم يذوقوا مرارةَ إيذاءِ المُنكِرين لم يَفوزوا بِحلاوةِ كأسِ القُربِ
مِن اللهِ ـ تعالى، ولهذا قالَ الجُنيدُ قُدِّسَ سِرُّهُ: جَزى اللهُ ـ
تعالى ـ إخوانَنا عنّا خيراً رَدونا بِجفائهم إلى الله ـ تعالى
{وَقَاتِلُواْ} أنفُسَهم فيَّ وهي أعدى أعدائهم {وَقُتّلُواْ} بسيف الفناء
{لاكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سيئاتهم} الصغائر والكبائر من بقايا صفاتهم وذواتهم
{وَلاَدْخِلَنَّهُمْ جنات} ثلاث وهي جنَّة الأفعال، وجنَّةُ الصفات،
وجنَّةُ الذات {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهارُ} أنهارُ العلومِ
والتَجلِّياتِ {ثَوَاباً من عِندِ الله} الجامع لجميع الصفاتِ {والله
عِندَهُ حُسْنُ الثواب} آل عمران: 195. فلا يكون بيدِ غيرِه ثوابٌ أصلاً
{لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ} أي حُجِبوا عن التوحيدِ {فِي
البلاد} آل عمران: 196. في المقامات الدنيويَّة والأحوال {متاع قَلِيلٌ}
لِسُرعةِ زوالِه وعدمِ نفعِه {ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ} الحرمانِ
{وَبِئْسَ المهاد} آل عمران: 197. الذي اختاروه بحسب استعدادِهم {لَكِنِ
الذين اتقوا رَبَّهُمْ} بأن تجرَّدوا كمالَ التجرُّدِ {لَهُمْ جنّاتٌ}
ثلاثٌ عِوَضَ ذلك {نُزُلاٍ مّنْ عِندِ الله} معدّاً لهم {وَمَا عِندَ الله}
من نِعَم المشاهدة ولطائف القربة وحلاوة الوصلة {خَيْرٌ لّلابْرَارِ} آل
عمران: 198 {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله} ويحقِّقُ
التوحيدَ الذاتي {وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ} من علمِ التوحيدِ والاستقامةِ
{وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ} من علمِ المَبدأِ والمعادِ ونَيْلِ الدرجات
{خاشعين للَّهِ} للتجلي الذاتي وما تجلى الله تعالى لشيءٍ إلّا خَضَعَ له
{لاَ يَشْتَرُونَ بئايات الله} ـ تعالى ـ وهي تجلياتُ صفاتِه {ثَمَناً
قَلِيلاً أُوْلئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ} وهي تلك الجنَّاتُ
{إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} آل عمران: 199. فيُوصلُ إليهم أجرَهم بلا
إبطاءٍ {يَأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ اصبروا} عن المعاصي {وَصَابِرُواْ} على
الطاعات {وَرَابِطُواْ} الأرواحَ بالمشاهدةِ {واتقوا الله} مِن مُشاهدةِ
الأغيار {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} آل عمران: 200. بالتجرُّدِ عن هُمومِكم
وخَطراتِكم، أو (اصبروا) في مقام النفس بالمجاهدة (وصابروا) في مقام القلب
مع التجليات (ورابطوا) في مقام الروح ذواتَكم حتّى لا تعتريكم فترةٌ أو
غفلةٌ واتَّقوا اللهَ عن المخالفةِ والإعراضِ والجَفاءِ (لعلَّكم) تفوزون
بالفلاح الحقيقيِّ. نسأل الله تعالى أن يجعل لنا الحظَّ الأوفى مِن
امتِثالِ هذه الأوامرِ وما يَترتَّبُ عليها بمنِّه وكرمِه. وهذه الآيات
العشرُ كان يقرؤها ـ صلى الله عليه وسلَّمَ ـ كلَّ ليلةٍ كما تقدّم. فقد
أخرج ذلك ابنُ السَنيِّ، وأبو نُعيْم، وابنُ عساكرَ عن أبي هريرةَ ـ رضيَ
الله تعالى عنه. وأخرج الدارِميُّ عن عثمانَ ـ رضيَ اللهُ عنه ـ قال: مَنْ
قرأَ آخرَ آل عمران في ليلةٍ كتَب الله تعالى له قيامَ ليلة، وأخرجَ
الطَبرانيُّ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ الله تعالى عنهما ـ مرفوعاً "من
قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله تعالى عليه
وملائكتُه حتَّى تُجَبَ الشمسُ"، وخبرُ مَن قرأ سورة آل عمران أُعطِيَ
بكلِّ آيةٍ أماناً على جِسْرِ جهنَّمَ موضوعٌ مُخْتَلَقٌ على رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم، وقد عابوا على مَن أَوردَه من المُفسِّرين، نسأل الله
تعالى أن يعصِمَنا عن الزلل ويحفظَنا مِن الخطأِ والخطلِ إنَّه جوادٌ كريمٌ
رؤوفٌ رحيمٌ.

تمت بحمد اللهِ على فضله، في غرَّةِ جمادى الآخرة عام 1434هـ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 200
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 59
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 75
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 90
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 109
» فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 124

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة الشاعر عبد القادر الأسود :: ...:: الروضة الروحانية ::... :: روضة الذكر الحكيم-
انتقل الى: