عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 90 الثلاثاء فبراير 12, 2013 4:55 am | |
| إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ
الضَّالُّونَ (90) {إِنَّ الذين كَفَرُواْ بَعْدَ إيمانهم ثُمَّ ازدادوا كُفْرًا} قال عطاء وقتادة: نَزَلتْ في اليهودِ كفروا بعيسى عليه السلامُ والإنجيلِ بعد إيمانِهم بأنبيائهم وكتُبِهم، ثمَّ {ازدادوا كُفْراً} بمُحمَّدٍ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ والقرآن، وقيل: في أهلِ الكتابِ آمنوا برَسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ قبلَ مَبْعَثِه، ثمَّ كفروا به بعدَ مَبْعثِه، ثمَّ ازدادوا كفراً بالإصرارِ والعنادِ والصدِّ عن السبيلِ، ونُسِب ذلك إلى الحَسَنِ، وقيل: نزَلت في أصحاب الحرثِ بنِ سُوَيْدٍ فإنَّه لمَّا رَجَعَ قالوا: نُقيمُ بمَكَّةَ على الكُفْرِ ما بَدا لنا فمتى أَرَدْنا الرَّجْعَةَ رَجَعْنا فيَنْزِل فينا ما نَزَل في الحَرْثِ، وقيل: نزَلت في قومٍ مِنْ أصحابِه ممَّن كان يكفُرُ ثمَّ يُراجِعُ الإسلامَ، ورُويَ ذلك عن أبي صالحٍ مولى أمِّ هانئ. قولُه تعالى: {لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} قال الحسن وقتادة والجبائي: لأنَّهم لا يَتوبون إلَّا عندَ حضورِ الموتِ والمُعايَنَةِ، وعند ذلك لا تُقبَلُ توبةُ الكافرِ، وعنِ ابنِ عباسٍ ـ رضي الله تعالى عنهما ـ لأنَّها لم تكنْ عن قلبٍ، وإنَّما كانت نِفاقاً، أي لا توبة لهم حتى تُقبَلَ لأنَّهم لم يُوفَّقوا لها فهو من قبيلِ الكِنايةِ كما قال العلامةُ دون المَجازِ حيثُ أُريدَ بالكلامِ معناه لِيَنْتَقِلَ منه إلى الملزوم، وعلى كلِّ تقديرٍ لا يُنافي هذا ما دَلَّ عليه الاستثناءُ وتَقَرَّرَ في الشرع كما لا يخفى، وقيل: إن هذه التوبة لم تكنْ عن الكفرِ وإنَّما هي عن ذنوبٍ كانوا يفعلونَها معه فتابوا عنها مع إصرارِهم على الكفرِ فرُدَّتْ عليهم لذلك، ويؤيِّدُه ما أَخْرَجَه ابنُ جَريرٍ عن أبي العاليةِ قال: هؤلاءِ اليهودُ والنَصارى كفروا بعد إيمانهم ثمَّ ازدادوا كفراً بذُنوبٍ أذنبوها ثمَّ ذهبوا يَتوبون من تلك الذنوبِ في كفرِهم فلم تقبلْ توبتُهم ولو كانوا على الهُدى قُبِلتْ ولكنَّهم على ضلالة، وتَجيءُ على هذا مسألةُ تكليفِ الكافرِ بالفُروعِ وقد بَسطَ الكلامَ عليها في الأُصولِ.قولُه: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضالون }، الضالون: المُخطِؤون طريقَ الحَقِّ والنَّجاة، وقيل: الهالكون المعذَّبون والحصر باعتبارِ أنَّهم كاملون في الضلالِ غارقون فيه فلا يُنافي وجودَ الضلالِ في غيرِهم.قوله تعالى: {كُفْراً} تمييزٌ منقولٌ من الفاعلية، والأصلُ: ثمَّ ازداد كفرُهُم، والدالُ الأولى بدلٌ من تاءِ الافتعالِ لوقوعِها بعد الزاي، وقيل هو مفعول به ثانٍ لأنَّ الأصل: زِدْتُ زيداً خيراً فازداده، وكذلك أصلُ الآية الكريمة، زادهم الله كفراً فازدادوه.ولم يُؤْتَ هنا بالفاء داخلةً على "لن" وأتى بها في "لن" الثانيةِ. قيل: لأنَّ الفاءَ مُؤْذِنَةٌ بالاستحقاق بالوصفِ السابق، لأنَّه قد صَرَّح بقيدِ موتهم على الكفر بخلافِ "لن" الأولى فإنَّه لم يُصَرِّح معها به، فلذلك لم يُؤْتَ بالفاء.وقرأ عكرمة: "لن نقبل" بنونِ العظمة، "توبتَهم" بالنصب، فلذلك قرأ: "فلن نقبل مِنْ أحدِهم ملءَ بالنصب.قوله: {وأولئك هُمُ الضآلون} في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أن تكونَ في محلِّ رفعٍ عطفاً على خبر إنَّ، أي: إنَّ الذين كفروا لن تُقْبل توبتُهم وإنَّهم أولئك هم الضالون. الثاني: أن تُجْعَلَ معطوفة على الجملة المؤكدة بإن، وحينئذٍ فلا محلَّ لها من الإِعرابِ لعطفِها على ما لا محلَّ له. الثالث: وهو أغربُها أن تكونَ الواو للحال، فالجملة بعدها نصب على الحال، والمعنى : لن تُقْبَل توبتُهم من الذنوب والحالُ أنهم ضالون، فالتوبةُ والضلال متنافيان لا يَجْتمعان، قاله الراغب، وهو بعيد في التركيب، وإنْ كانَ قريبَ المعنى. قال الشيخ : ويَنْبو عن هذا المعنى هذا التركيبُ، إذ لو أُريد هذا المعنى لم يُؤْتَ باسم الإِشارة. | |
|