عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 190 الأحد أبريل 14, 2013 4:16 pm | |
| إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألْبَابِ. (190) قولُه ـ تبارك وتعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} خَتَمَ تَعَالَى هَذِهِ السُّورَةَ بِالْأَمْرِ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي آيَاتِهِ، إِذْ لَا تصدر إلّا عن حيٍّ قيّومٍ قديرٍ قُدُّوسٍ سَلَامٍ غَنِيٍّ عَنِ الْعَالَمِينَ، حَتَّى يَكُونَ إِيمَانُهُمْ مُسْتَنِدًا إِلَى الْيَقِينِ لَا إِلَى التَّقْلِيدِ. أيْ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ، وَمَا فِيها مِنْ مَشَاهِدَ عَظِيمَةٍ، وَكَوَاكِبَ سَيَّارةٍ، وَإنَّ فِي خَلْقِ الأَرْضِ، وَمَا فِيها مِنْ بِحَارٍ، وَأَنْهَارٍ وَجِبَالٍ وَأَشْجِارٍ وَنَبَاتْ، وَفِي تَعَاقُبِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَتَبادلهِمَا الطُّولَ وَالقِصَرَ، هذا يطولُ تَارةً، وَذاك يَطُولُ أخْرَى، إنَّ في ذلك كلِّه لآيَاتٍ وَبَرَاهِينَ وَحُجَجاً وَدَلائِلَ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللهِ، وَعَظِيم قُدْرَتِهِ، لأهْلِ العُقُولِ وَالأَلْبَابِ الزّكِيَّةِ. وهو تأكيدٌ لِما قبلَه وإقامةُ دليلٍ عليْه، ولِذا لمْ يَعطِفْ، وأتى بـ "إنّ" اعْتِناءً بتحقُّقِ مضمونِ الجُملةِ أيْ: إنَّ في إيجادِهما وإنْشائهِما على ما هُما عليْه مِنَ العَجائبِ والبَدائِعِ وكأنَّ الحَقَّ يقولُ: إنْ لَم أَكُنْ أنَا الذي خَلَقْتُ فَمنِ الذي خَلَقَ إذن؟ و"واختلافُ الليلِ والنَّهارِ" أيْ تعاقُبِهِما ومَجيءِ كلٍّ منهما خَلفَ الآخَرِ بحسبِ طُلوعِ الشَّمْسِ وغُروبِها التابعيْنِ لِسِباحتِها في بحرِ قُدرَتِه ـ سبحانَه وتعالى ـ حَسَبَ إرادتِه، وكونُ ذلك تابعاً لِحركةِ السمواتِ والأرضِ كما ذهَبَ إليْه جُمهورُ أَهلِ السُنَّةِ مِن المُحْدَثين وغيرِهم، وحركةِ النُّجومِ بتقديرِ العليمِ ـ سبحانَه، وقد ذَكر الشيخُ الأكبرُ قُدِّسَ سِرُّهُ قال: إنَّ اللهَ ـ سبحانَه ـ جَعلَ هذِه السمواتِ سَاكِنَةً وخَلَقَ فيها نجوماً تَسبحُ بِها وجَعلَ لَها في سِباحتِها حَركاتٍ مُقدَّرةً لا تَزيدُ ولا تَنْقُصُ وجَعَلَها تَسيرُ في جُرمِ السَّماءِ الذي هو مِساحتُها فتَخرِقُ الهواءَ المُماسَّ لها فيَحدُثُ بِسيْرِها أَصْواتٌ ونَغَماتٌ مُطْرِبَةٍ لِكونِ سيرِها على وزنٍ معلومٌ فتِلكَ نَغماتُ الأفلاكِ الحادثةُ مِنْ قَطْعِ الكَواكِبِ المَسافاتِ السَماويَّة، وجعلَ أصحابُ علمِ الهيئةِ للأفلاكِ ترتيباً مُمكِناً في حُكمِ العقلِ وجَعلوا الكَواكِبَ في الأفْلاكِ كالشاماتِ على سَطحِ الجِسْمِ وكلُّ ما قالوه يُعطيه مِيزانَ حَركاتِها وإنَّ اللهَ ـ تعالى ـ لو فَعَلَ ذلك كَما ذَكروه لَكانَ السَيْرُّ السرَّ بِعينِه. عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ ـ رضيَ اللهُ عنهما أنَّه رَقَدَ عندَ رسولِ اللهِ ـ صلىَ اللهُ عليْه وسلَّمَ ـ فرآه استيقظَ فتَسَوَّكَ ثمَّ توضَّأَ وهو يَقولُ: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ" حتَّى ختَمَ السُورَةَ ثمَّ قام فصَلَّى رَكعتيْن فأَطالَ فيهِما القِيامَ والرُّكوعَ والسُجودَ، ثمَّ انْصرَفَ فنامَ حتَّى نَفَخَ ثمَّ فعلَ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ، سِتَّ رَكَعاتٍ كلُّ ذلكَ يَستاكُ ثمَّ يَتوضَّأُ ثمَّ يَقرأُ هؤلاءِ الآياتِ، ثمَّ أوْتَرَ بثلاثِ رَكعاتٍ ثمَّ أتَاه المُؤذِّنُ فخَرجَ إلى الصَلاةِ وهو يقول: ((اللهمَّ اجْعَلْ في بَصَري نُورًا وفي سَمعي نُورًا وفي لِساني نُورًا واجْعَلْ خَلفي نُورًا وأمامي نورًا واجعَلْ مِن فوقي نُورًا ومِن تَحتي نُورًا اللهمَّ أَعطِني نُورا)). أخرجه البخاري ومسلم واللفظُ له. | |
|