عبد القادر الأسود
¤° صاحب الإمتياز °¤
عدد المساهمات : 3986 تاريخ التسجيل : 08/09/2011 العمر : 76 المزاج : رايق الجنس :
| موضوع: فيض العليم ... سورة آل عمران، الآية: 174 الجمعة أبريل 05, 2013 3:41 pm | |
| فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ. (174) قولُ ـ سبحانَه وتعالى: {فانقلبوا بنِعمَةٍ مِنَ اللهِ} أي فرجَعوا مِن مَقصِدِهم بنعمةٍ عَظيمةٍ ـ وهو ما يُفيدُه تَنوينُ التعظيم ـ لا يقادَرُ قدرُها، منحةً مِن الله ـ تعالى ـ وهى العافيةُ من لقاءِ العدوِّ بعد أنْ خَرجوا اليهم ووافَوا المَوعدَ الذي كانوا تواعدوا عليه كما سبقَ ذكره في الآية السابقة {وفضلٍ} أي رِبْحٍ في التِجارةِ عظيمٍ وقد سبقَ بيانُه أيضاً {لم يمسسهم سوء} سالمين لم يُصِبْهم أذى ولا مَكروه. فقد رُوي أنَّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وافى بجيشِه بدرًا الصغرى وكانتْ مَوضِعَ سوقٍ لِبني كِنانةَ يَجتمعون فيها كلَّ عامٍ ثمانيةَ أيامٍ ولم يَلْقَ عليه الصلاةُ والسلامُ ـ وأصحابُه هناك أحدًا مِن المشركين وأتوُا السُوقَ وكانت معهم نفقاتٌ وتِجارات فباعوا واشْتَروا وربحوا وأصابوا بالدِرْهَمِ درهمين وانصَرفوا إلى المدينةِ سالمين غانمين ورَجَعَ أبو سُفيان إلى مكَّةَ فسَمَّى أهلُ مَكَّةَ جيشَه جيشَ السُويْق وقالوا إنّما خَرجتم لِتَشربوا. {واتبعوا} عطف على "انقلبوا" أيْ المؤمنون في كلِّ ما أتَوا مِن قوْلٍ وفِعلٍ {رضوان اللهِ} الذي هو مَناطُ الفوزِ بخيرِ الداريْن بِجُرأتِهم وخُروجِهم {واللهُ ذو فضلٍ عظيمٍ} حيثُ تفضَّلَ عليهم بالتَثبيتِ وزيادةِ الإيمانِ والتوفيقِ للمُبادَرَةِ إلى الجِهادِ والتَصَلُّبِ في الدين وإظهارِ الجُرأةِ على العَدوِّ وحَفِظَهم اللهُ مِن كلِّ ما يَسوؤهم معَ إصابةِ النفعِ الكثير. وفيه تحسيرٌ لِمَن تخلَّفَ عنهم وإظهارٌ لِخطأِ رأيِهم حيثُ حَرَموا أَنفًسَهم مما فازَ بِه هؤلاءِ. ورُوي أنَّهم قالوا هل يَكون هذا غزوًا فأعطاهم اللهُ ثوابَ الغَزْوِ ورَضي عنهم.قولُه تَعالى: {بِنِعْمَةٍ} متعلِّقٌ بنفسِ الفعلِ على أنَّها باءُ التَعديَةِ. ويُمكن أنْ تتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنَّها حالٌ من الضميرِ في "انقلبوا" وتكون الباءُ على هذا للمصاحبةِ كأنَّه قيلَ: فانقلبوا مُلْتَبِسينَ بِنِعْمةٍ ومُصاحِبينَ لَها.قولُه: {لَمْ يَمْسَسْهُمْ سوءٌ} هذه الجملةُ في محلِّ نَصْبٍ على الحالِ أيضاً، وفي ذي الحالِ وجهان: فإمَّا أنَّه فاعلُ "انقلبوا" أي: انْقلَبوا سالمين من السوء. أو أنَّه الضميرُ المُستَكِنُّ في "بنعمة" إذا كانتْ حالاً، والتقديرُ: فانقلبوا مُنَعَّمين بَريئين مِن السُوءِ، والعاملُ فيها العاملُ في "بنعمة" فهما حالان مُتَداخلتان، والحالُ إذا وقعتْ مُضارِعاً مَنْفِيّاً بـ "لم" وفيها ضميرُ ذي الحالِ جازَ دُخولُ الواوِ وعدمُه، فمِن الأوَّلِ قولُه ـ تعالى: {أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} الأنعام: 93. وقولُ كعبٍ بنِ زهير: لا تَأْخُذَنِّي بأقوالِ الوشاةِ ولم ............. أُذْنِبْ وإنْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُومن الثاني هذه الآيةُ، وقَولُه: {وَرَدَّ الله الذين كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً} الأحزاب: 25، وقولُ قيسٍ بنِ الأَسْلَتِ: وأضرِبُ القَوْنَسَ يوم الوغى .................. بالسيفِ لم يَقْصُرْ به باعِيوقد غَلِطَ مَنْ زَعَمَ أنَّ الواوَ لازمةٌ في مثلِ هذا، سواءً كان في الجملةِ ضميرٌ أمْ لم يَكن.قولُه: {واتبعوا} هذه الجُملةُ إمّا أن تكونَ عطفاً على "انقلبوا". أو تكون حالاً مِن فاعلِ "انقلبوا" أيْضاً، ويكونُ على إضمارِ "قد" أي: وقد اتبعوا. | |
|